283 و 284 و 285 عبق الياسمين شرح رياض الصالحين
سلطان الحمادي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
34 – باب الوصية بالنساء
283 – وعن أبي هريرةَ رضي اللَّه عنه، قَالَ: قالَ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “أَكْمَلُ المُؤْمنين إِيمَاناً أَحْسنُهُمْ خُلُقاً، وَخِياركُمْ خيارُكم لِنِسَائِهِم” رواه التِّرمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. (الصحيحة 284)
—————-
روى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ “.
وعند الترمذي وابن ماجه عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي،
وجاء في مسند الإمام أحمد والترمذي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا، أَحْسَنَهُمْ خُلُقًا، وَأَلْطَفَهُمْ بِأَهْلِهِ”
قوله: (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا) بضم اللام ويسكن لأن كمال الإيمان يوجب حسن الخلق والإحسان إلى كافة الإنسان. (تحفة الأحوذي) قال صاحب العون:” بضم الخاء وبضم اللام. قال ابن رسلان: وهو عبارة عن أوصاف الإنسان التي يعامل بها غيره، وهي منقسمة إلى محمودة ومذمومة، فالمحمودة منها صفات الأنبياء والأولياء والصالحين كالصبر عند المكاره والحمل عند الجفا وحمل الأذى والإحسان للناس والتودد إليهم والرحمة بهم والشفقة عليهم، واللين في القول ومجانبة المفاسد والشرور وغير ذلك. قال الحسن البصري: حقيقة حسن الخلق بذل المعروف، وكف الأذى وطلاقة الوجه. ” (عون المعبود)
قال ابن عثيمين:” الإيمان يتفاوت ويتفاضل كما قال الله تعالى: (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانا) [المدثر: 31]، وليس الناس في الإيمان سواء؛ من الناس من يؤمن بالغيب وكأنه يشاهد شهود عيان، يؤمن بيوم القيامة وكأنه الآن في تلك الساعات … ومن الناس من يعبد الله على حرف ـ نسأل الله العافية ـ كما قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ) [الحج: 11] يعني على طرف (فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ) يعني إن لم يواجه أحداً يشككه في الدين، ولم يواجه إلا صلحاء يعينونه (اطْمَأَنَّ بِه) أي ركن إليه.
(وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة) [الحج: 11]، إن أصابته فتنة في بدنه، أو ماله، أو أهله؛ انقلب على وجهه واعترض على القضاء والقدر، وتسخط وهلك والعياذ بالله (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ).” (شرح رياض الصالحين 3/ 133)
وقال أيضا:” فأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وفي هذا حث عظيم على حسن الخلق مع الله، وحسن الخلق مع الناس، أما حسن الخلق مع الله، فأن يرضى الإنسان بشريعته، وينقاد إليها راضياً، مطمئناً بها، مسروراً بها سواء كانت أمرا يؤمر به، أو نهياً ينهى عنه.
وأن يرضى الإنسان بقدر الله عز وجل، ويكون ما قدر الله عليه مما يسوءه كالذي قدر الله عليه مما يسره، فيقول: يا رب كل شيء من عندك، فأنا راض بك رباً إن أعطيتني ما يسرني شكرت، وإن أصابني ما يسوءني صبرت، فيرضى بالله قضاءً وقدراً، وأمراً وشرعاً؛ هذا حسن الخلق مع الله.
أما حسن الخلق مع الناس فظاهر، فكف الأذى وبذل الندى، والصبر عليهم وعلى أذاهم، هذا من حسن الخلق مع الناس؛ أن تعاملهم بهذه المعاملة تكف أذاك عنهم، وتبذل نداك. الندى يعني العطاء سواء كان مالاً أو جاهاً أو غير ذلك، وكذلك تصبر على البلاء منهم، فإذا كنت كذلك؛ كنت أكمل الناس إيماناً.” (شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 3/ 133 و 134)
قال ابن باز:” حسن الخلق من أهم المهمات ومن أفضل القربات فالمؤمن يعتني بحسن الخلق مع أهل بيته مع أقاربه مع جيرانه مع جلسائه، يقول صلى الله عليه وسلم:” البر حسن الخلق” هذا كلام عظيم، ويقول صلى الله عليه وسلم:”إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا” (شرح رياض الصالحين لاباز 1/ 547)
(وخياركم خياركم لنسائهم) لأنهن محل الرحمة لضعفهن. (تحفة الأحوذي)
قال الحطاب:” قال القاضي عياض في كتابه المسمى بغية الرائد فيما في حديث أم زرع من الفوائد:” فيه من الفقه حسن عشرة الرجل مع أهله وتأنيسهن واستحباب محادثتهن بما لا إثم فيه وقد وردت الآثار الصحاح بحسن عشرته – صلى الله عليه وسلم – لأهله ومباسطته إياهم وكذلك السلف الصالح وقد كان مالك – رضي الله عنه – يقول: في ذلك مرضاة لربك ومحبة في أهلك ومثراة في مالك ومنسأة في أجلك. قال: وقد بلغني ذلك عن بعض أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – وكان مالك من أحسن الناس خلقا مع أهله وولده وكان يحدث بقول يجب على الإنسان أن يتحبب إلى أهل داره حتى يكون أحب الناس إليهم.” (مواهب الجليل في شرج مختصر خليل 4/ 12)
قال ابن باز:” يعني: خياركم في المعروف خياركم لنسائهم، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والعشرة الطيبة وعدم الظلم وعدم التعدي” (شرح رياض الصالحين لاباز 1/ 547)
قال ابن عثيمين:” خير الناس. هو خيرهم لأهله؛ فإذا كان فيك خير؛ فاجعله عند أقرب الناس لك وليكن أول المستفيدين من هذا الخير.
وهذا عكس ما يفعله بعض الناس اليوم، تجده سيئ الخلق مع أهله، حسن الخلق مع غيرهم، وهذا خطأ عظيم؛ أهلك أحق بإحسان الخلق؛ أحسن الخلق معهم؛ لأنهم هم الذين معك ليلاً ونهاراً، سراً وعلانية، إن أصابك شيء أصيبوا معك، وإن سررت سُروا معك، وإن حزنت حزنوا معك، فلتكن معاملتك معهم خيراً من معاملتك مع الأجانب، فخير الناس خيرهم لأهله.” (شرح رياض الصالحين 3/ 134)
284 – وعن إِياس بنِ عبدِ اللَّه بنِ أَبي ذُباب رضي اللَّه عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “لاَ تَضْربُوا إِمَاءَ اللَّهِ” فَجاءَ عُمَرُ رضي اللَّه عنه إِلى رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَقَالَ: ذَئِرْنَ النِّساءُ عَلَى أَزْواجهنَّ، فَرَخَّصَ في ضَرْبهِنَّ فَأَطاف بِآلِ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم نِساءٌ كَثِيرٌ يَشْكونَ أَزْواجهُنَّ، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “لَقَدْ أَطَافَ بآلِ بَيْت مُحمَّدٍ نِساءٌ كَثيرِ يشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولِئك بخيارِكُمْ” رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.
قوله:”ذَئِرْنَ”هُوَ بذَال مُعْجَمَة مفْتوحَة ثُمَّ هَمْزة مَكْسُورَة ثُمَّ راءٍ سَاكِنَة ثُمَّ نُون, أي: اجْتَرَانَ، قوله:”أَطاف”أيْ: أحَاطَ.
قال صاحب العون:” قال المنذري: وأخرجه النسائي وابن ماجه. وقال أبو القاسم البغوي: لا أعلم روى إياس بن عبد الله غير هذا الحديث. وذكر البخاري هذا الحديث في تاريخه وقال لا يعرف لإياس به صحبة. وقال ابن أبي حاتم: إياس بن عبد الله بن أبي ذباب الدوسي مدني له صحبة سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك.” (عون المعبود)
قال الألباني في صحيح أبي داود (6/ 363):” قلت: إسناده صحيح، وإياس مختلف في صحبته لكن الراجح صحبته كما قال الحافظ”
جاء عند ابن حبان في صحيحه عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: “لا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ” قَالَ: فَذَئِرَ النِّسَاءُ، وَسَاءَتْ أَخْلَاقُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ذئر النساء وساء أخلاقهن على أزواجن مُنْذُ نَهَيْتَ عَنْ ضَرْبِهِنَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم: “فاضربوا” فضرب الناس نسائهم تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَأَتَى نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْتَكِينَ الضَّرْبَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أصبح: “لقد طاف لآل مُحَمَّدٍ اللَّيْلَةَ سَبْعُونَ امْرَأَةً كُلُّهُنَّ يَشْتَكِينَ الضَّرْبَ، وايم الله لا تجدون أولئك خياركم.
(لا تضربوا إماء الله): جمع أمة أي زوجاتكم فإنهن جواري الله كما أن الرجال عبيد له تعالى. (عون المعبود)
قال ابن عثيمين:” نهاهم عن ضرب النساء، فكفوا عن ذلك؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا من الطراز الأول والجيل الأول المفضل، الذين إذا دعوا إلى الله ورسوله قالوا: سمعنا وأطعنا، فكفوا عن ضرب النساء.” (شرح رياض الصالحين 3/ 136)
(فقال ذئرن النساء): قال الخطابي:” قوله: ذئرن معناه سوء الخلق والجرأة على الأزواج و الذائر المغتاظ على خصمه المستعد للشر، ويقال اذرأت الرجل بالشر إذا اغريته به فيكون معناه على هذا أنهن أغرين بأزواجهن واستخففن بحقوقهم.” (معالم السنن 3/ 220) قال عون المعبود:” من باب أكلوني البراغيث ومن وادي قوله تعالى {وأسروا النجوى} أي اجترأن ونشزن وغلبن.” (عون المعبود) فيه مراجعة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم في أمورهم وكان صلى الله عليه وسلم يطلع على كل شؤونهم.
(فَرَخَّصَ في ضَرْبهِنَّ) قال ابن علان:” من الرخصة، وهي تغيير الحكم من صعوبة إلى سهولة لعذر مع قيام سبب حكم الأصل، وسبب المنع الرفق بهن” (دليل الفالحين 1/ 484)
(فأطاف): هذا بالهمز يقال أطاف بالشيء ألم به وقارنه أي اجتمع ونزل (عون المعبود)
(بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم): أي بأزواجه الطاهرات ودل على أن الآل يشمل أمهات المؤمنين. (عون المعبود)
(يشكون أزواجهن): أي من ضربهم إياهن. (عون المعبود)
(ليس أولئك): أي الرجال الذين يضربون نساءهم ضربا مبرحا أي مطلقا (عون المعبود)
(بخياركم): بل خياركم من لا يضربهن ويتحمل عنهن أو يؤدبهن، ولا يضربهن ضربا شديدا يؤدي إلى شكايتهن.
في شرح السنة: فيه من الفقه أن ضرب النساء في منع حقوق النكاح مباح إلا أنه يضرب ضربا غير مبرح ووجه ترتب السنة على الكتاب في الضرب يحتمل أن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ضربهن قبل نزول الآية، ثم لما ذئرن النساء أذن في ضربهن ونزل القرآن موافقا له، ثم لما بالغوا في الضرب أخبر صلى الله عليه وسلم أن الضرب وإن كان مباحا على شكاسة أخلاقهن، فالتحمل والصبر على سوء أخلاقهن وترك الضرب أفضل وأجمل. ويحكى عن الشافعي هذا المعنى كذا في المرقاة. (عون المعبود)
قال ابن علان:” (بخياركم) وذلك لأنه يؤذن بحرج الصدر وضيق النفس، ذلك خلاف حسن الخلق الذي هو من أوصاف الخيار” (دليل الفالحين 1/ 484)
قال الخطابي:” وفي الحديث من الفقه أن ضرب النساء في منع حقوق النكاح مباح إلاّ أنه ضرب غير مبرح، وفيه بيان أن الصبر على سوء أخلاقهن والتجافي عما يكون منهن أفضل.” (معالم السنن 3/ 220)
قال ابن باز:” الواجب على الأزواج الرفق والصبر والتحمل وعدم العجلة بالضرب مهما أمكن علاج آخر من النصيحة و التوجيه و الإرشاد ونحو ما يحصل به المطلوب؛ لأن الله جعله آخر الطب فآخر الطب هو الضرب الخفيف الذي ليس مبرحا” (شرح رياض الصالحين 1/ 549)
قال ابن عثيمين:” دل هذا على أن الإنسان لا يُفرِط ولا يُفرِّط في ضرب أهله؛ إن وجد سبباً يقتضي الضرب فلا بأس، وقد بين الله عز وجل مراتب ذلك في كتابه فقال: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) [النساء: 34].المرتبة الثالثة: الضرب، وإذا ضربوهن فليضربوهن ضرباً غير مبرح.” (شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 3/ 136)
285 – وعن عبدِ اللَّه بنِ عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما أَن رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتاعهَا المَرْأَةُ الصَّالحةُ” رواه مسلم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:” قلب شاكر ولسان ذاكر وزوجة صالحة تعينك على أمر دنياك ودينك خير ما اكتنز الناس” (صحيح الجامع 4409) فهي خير كنز وخير متاع.
(الدنيا متاع) قال الأتيوبي:” أي تمتع قليل، ونفع زائل عن قريب، قال تعالى: {قل متاع الدنيا قليل} [النساء: 77]. وقال – صلى الله عليه وسلم -: “لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء”، قاله القاري.” (البحر المحيط الثجاج 25/ 823)
قال السندي: أي محل للاستمتاع، لا مطلوبة بالذات، فتؤخذ على قدر الحاجة.
قال الطيبي – رحمه الله -: قوله: “الدنيا متاع” هو من التمتع بالشيء، وهو الانتفاع به، وكل ما ينتفع به من عروض الدنيا قليلها وكثيرها فهو متاع، قال: والظاهر أنه – صلى الله عليه وسلم – أخبر أن الاستمتاعات الدنيوية كلها حقيرة، لا يعبأ بها، وكذلك أنه تعالى لما ذكر أصنافها، وأنواعها، وسائر ملاذها في قوله تعالى: {زين للناس حب الشهوات من النساء} إلى قوله: {والأنعام والحرث} [آل عمران: 14]، أتبعه بقوله: {ذلك متاع الحياة الدنيا}، ثم قال بعده: {والله عنده حسن المئاب}، فنبه على أنها تضاد ما عند الله تعالى من حسن الثواب، وخص منها المرأة، وقيدها بالصالحة؛ ليؤذن بأنها شر لو لم تكن على هذه الصفة، ومن ثم قدمها في الآية على سائرها، وورد في حديث أسامة – رضي الله عنه -، مرفوعا: “ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء” (“الكاشف عن حقائق السنن” 7/ 2259)
قال ابن علان:” أي شيء يتمتع به حيناً كما قال تعالى: {قل متاع الدنيا قليل} ” (دليل الفالحين 1/ 484)
قال ابن عثيمين:” يعني شيء يتمتع به، كما يتمتع المسافر بزاده ثم ينتهي ” (شرح رياض الصالحين 3/ 136)
الروايات جاءت بإظهار كلمة المتاع (وخير متاع الدنيا) قال ابن علان:” أتى بالاسم الظاهر موضع الضمير لزيادة الإيضاح” (دليل الفالحين 1/ 484)
قوله (وَخَيْرُ مَتاعهَا المَرْأَةُ الصَّالحةُ) قال القرطبي – رحمه الله -: هي الصالحة في دينها، ونفسها، والمصلحة لحال زوجها، وهذا كما قال في الحديث الآخر: “ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ “، قالوا: بلى، قال: “المرأة الصالحة، التي إذا نظر إليها سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته”
قال الأتيوبي في ذكره لفوائد الحديث:” فيه الحث على البحث عن المرأة الصالحة؛ إذ هي أفضل متاع الدنيا، فينبغي للعاقل البحث، والتنقيب عنها؛ لتتكامل له الحياة المرضية التي تتصل بالحياة الأبدية، والسعادة السرمدية.” (البحر المحيط الثجاج 25/ 823)
قال ابن عثيمين:” وخير متاعها المرأة الصالحة؛ إذا وفق الإنسان لامرأة صالحة في دينها وعقلها فهذا خير متاع الدنيا؛ لأنها تحفظه في سره وماله وولده.
وإذا كانت صالحة في العقل أيضاً، فإنها تدبر له التدبير الحسن في بيته وفي تربية أولادها، إن نظر إليها سرته، وإن غاب عنها حفظته، وإن وكل إليها أمره لم تخنه، فهذه المرأة هي خير متاع الدنيا.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ((تنكح المرأة لأربع: لمالها، وحسبها، وجمالها، ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك))، يعني عليك بها، فإنها خير من يتزوجه الإنسان؛ فذات الدين وإن كانت غير جميلة الصورة، لكن يجملها خلقها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك.” (شرح رياض الصالحين 3/ 137)