282 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——–‘——–‘———
مسند أحمد:
20447 – حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الشَّحَّامُ، حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ أَبِي بَكَرَةَ، أَنَّهُ مَرَّ بِوَالِدِهِ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ، وَالْفَقْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ»، قَالَ: فَأَخَذْتُهُنَّ عَنْهُ، وَكُنْتُ أَدْعُو [ص:98] بِهِنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ، قَالَ: فَمَرَّ بِي وَأَنَا أَدْعُو بِهِنَّ، فَقَالَ: «يَا بُنَيَّ، أَنَّى عَقَلْتَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ؟» قَالَ: يَا أَبَتَاهُ سَمِعْتُكَ تَدْعُو بِهِنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ، فَأَخَذْتُهُنَّ عَنْكَ، قَالَ: «فَالْزَمْهُنَّ يَا بُنَيَّ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ»
رجاله رجال مسلم
والحديث إسناده حسن رجاله ثقات وصدوقيين عدا عثمان بن ميمون العدوي وهو مقبول
ومسلم بن أبي بكرة الثقفي صدوق حسن الحديث لكن لم يوثقة معتبر
قلت سيف: على شرط الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
وورد بلفظ (من الهم والكسل) بدل (من الكفر والفقر) أخرجها الترمذي، وحكم عليها الألباني بالشذوذ كما في الإرواء 3/ 357، حيث انفرد بها ابوعاصم مخالفا للجماعة. وذكر متابع لرواية الجماعة من طريق جعفر بن ميمون حدثني عبدالرحمن بن أبي بكرة انه قال فذكره لكن جعله من أدعية المساء والصباح .. أخرجه النسائي في الكبرى 9766 لكن قال بعده جعفر بن ميمون ليس بالقوي في الحديث.
فيبقى عندنا أن هذا من أدعية دبر الصلوات.
——-
قوله (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِك)
أي ألوذ والتجيء قال بن الأثير عذت به عوذا ومعاذا أي لجأت إليه والمعاذ المصدر والمكان والزمان. تحفة الأحوذي (ج (1) / (37)).
قال المناوي: فلا يستعاذ من جميع المخاوف والشدائد إلا بك أنت. والقصد باستعاذته من الكفر مع استحالته من المعصوم أن يقتدي به في أصل الدعاء وقرن الفقر بالكفر لأنه قد يجر إليه. ” فيض القدير ” (ج (2) / (135)).
و قال أيضا: وقال سفيان الثوري: لأن أجمع عندي أربعين ألف دينار حتى أموت عنها أحب إلي من فقر يوم وذلي في سؤال الناس قال: ووالله ما أدري ماذا يقع مني لو ابتليت ببلية من فقر أو مرض فلعلي أكفر ولا أشعر فلذلك قال: كاد الفقر أن يكون كفرا لأنه يحمل المرء على ركوب كل صعب وذلول. فيض القدير (ج (4) / (542)).
قال العلامة الأتيوبي: الظاهر -والله أعلم- أراد الفقر المدقع الذي لا يصحبه خير، ولا ورع حتى يتورط بسببه فيما لا يليق بأهل الدين والمروءة، ولا يبالي بسبب فاقته على أي حرام وثب، ولا في أي حالة تورط. وقيل: المراد به فقر النفس الذي لا يرده ملك الدنيا بحذافيرها. انتهى كلامه.
مسألة: هل يجوز الدعاء بعد الصلاة؟
قال الحافظ في الفتح: وفهم كثير ممن لقيناه من الحنابلة أن مراد ابن القيم نفي الدعاء بعد الصلاة مطلقا، وليس كذلك، فإن حاصل كلامه أنه نفاه بقيد استمرار استقبال المصلي القبلة، وإيراده بعد السلام، وأما إذا انتقل بوجهه، أو قدم الأذكار المشرعة، فلا يمتنع عنده الإتيان بالدعاء حينئذ.
قال العلامة الأتيوبي:
وهو تحقيق نفيس جدا.
وقال: قد تلخص مما ذكر من الأدلة أن الدعاء عقب الصلاة ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قولا، وفعلا، فلا يسع أحدا إنكاره.
وأما تأويل قوله: “دبر كل صلاة” بأنه قبل السلام، لأن دبر الحيوان منه، فغير مسلم، لأنه -صلى الله عليه وسلم- علمهم تلك الأذكار والدعوات، وأمرهم أن يجعلوها دبر كل صلاة، فلا يصح حمل بعضها على ما قبل السلام، كالدعوات، وبعضها على بعده، كالتسبيح، وقراءة أية الكرسي، إذ لا دليل على التفريق، ولاسيما وبعضها فيه التصريح بأنه بعد السلام.
فقد أخرج ابن خزيمة في “صحيحه” -رقم (743) – عن علي -رضي الله عنه-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه كان إذا فرغ من صلاته، فسلم قال: “اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت”.
والحاصل أن الذكر والدعاء بعد السلام من الصلاة مشروع، كما هو مذهب البخاري، والنسائي، وقد تقدم في كلام الحافظ ابن رجب، أنه مذهب الإمام أحمد، بل نقل أن أصحاب أحمد، وأصحاب الشافعي استحبوا الدعاء عقب الصلوات، وذكره بعض الشافعية اتفاقا انتهى.
فإذا ثبتت الأحاديث بذلك، وعمل بها أهل العلم، أو بعضهم، فلا وجه للإنكار.
وأما ما اعتاده الناس الآن في كثير من البلدان، من الدعاء الجماعي بعد الصلاة بأن يدعو الإمام، أو غيره، ويؤمن القوم فلم، يصح له دليل، ولا هو منقول عن السلف، كما تقدم عن الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى، فالحذر كل الحذر من إحداث ما لم يكن في عهد السلف، فإن ذلك بلا ريب سبب التلف. اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا، وارزقنا اجتنابه برحمتك يا أرحم الراحمين. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. شرح المجتبى ((15) / (385)).
قال الحافظ في الفتح (ج (11) / (133)): فإن قيل المراد بدبر كل صلاة قرب آخرها وهو التشهد قلنا قد ورد الأمر بالذكر دبر كل صلاة والمراد به بعد السلام إجماعا.
قال العلامة ابن عثيمين: فكلمة دبر القاعدة فيها أنه إذا كان المذكور أذكارا فإنه يكون بعد السلام وإذا كان المذكور دعاء فإنه يكون قبل السلام لأن ما قبل السلام وبعد التشهد هو دبر الصلاة وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية دبر الشيء من الشيء كما يقال دبر الحيوان المؤخرة. شرح رياض الصالحين (ج (5) / (499)).
أيها الأخ الحبيب إهتم بالأذكار الشرعية، فهي حصن لك من كل شر فحافظ عليها و علم أولادك و أهلك و محبيك، عمل قليل و اجر كبير.