: 2800 – فتح ذي النعم بالبدر الأتم شرح صحيح مسلم
شارك أبو هزاع أحمد البلوشي، وعبدالله المشجري، وعبدالله كديم، وطارق أبي تيسير، وعبدالحميد البلوشي، محمد البلوشي.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
جاء في صحيح الإمام مسلم رحمه الله في ((53)) – (كِتابُ ذِكْرِ المُنافِقِينَ، والقِيامَةِ، والجَنَّة، والنّارِ، وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ)، (8) – بابُ انْشِقاقِ القَمَرِ
(43) – ((2800)) حَدَّثَنا عَمْرٌو النّاقِدُ، وزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قالا: حَدَّثَنا سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، عَنْ أبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قالَ: انْشَقَّ القَمَرُ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ? بِشِقَّتَيْنِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ?: «اشْهَدُوا».
(44) – ((2800)) حَدَّثَنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأبُو كُرَيْبٍ، وإسْحاقُ بْنُ إبْراهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ أبِي مُعاوِيَةَ، ح وحَدَّثَنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِياثٍ، حَدَّثَنا أبِي كِلاهُما، عَنِ الأعْمَشِ، ح وحَدَّثَنا مِنجابُ بْنُ الحارِثِ التَّمِيمِيُّ – واللَّفْظُ لَهُ – أخْبَرَنا ابْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ إبْراهِيمَ، عَنْ أبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قالَ: بَيْنَما نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ? بِمِنًى إذا انْفَلَقَ القَمَرُ فِلْقَتَيْنِ، فَكانَتْ فِلْقَةٌ وراءَ الجَبَلِ، وفِلْقَةٌ دُونَهُ، فَقالَ لَنا رَسُولُ اللهِ ?: «اشْهَدُوا».
(45) – ((2800)) حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعاذٍ العَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنا أبِي، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ إبْراهِيمَ، عَنْ أبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قالَ: انْشَقَّ القَمَرُ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ? فِلْقَتَيْنِ، فَسَتَرَ الجَبَلُ فِلْقَةً، وكانَتْ فِلْقَةٌ فَوْقَ الجَبَلِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ?: «اللهُمَّ اشْهَدْ»،
(45) – ((2801)) حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعاذٍ، حَدَّثَنا أبِي، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ مُجاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ? مِثْلَ ذَلِكَ،
(45) – وحَدَّثَنِيهِ بِشْرُ بْنُ خالِدٍ، أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ح وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشّارٍ، حَدَّثَنا ابْنُ أبِي عَدِيٍّ، كِلاهُما عَنْ شُعْبَةَ، بِإسْنادِ ابْنِ مُعاذٍ، عَنْ شُعْبَةَ، نَحْوَ حَدِيثِهِ، غَيْرَ أنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ أبِي عَدِيٍّ: فَقالَ «اشْهَدُوا، اشْهَدُوا».
(46) – ((2802)) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قالا: حَدَّثَنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنا شَيْبانُ، حَدَّثَنا قَتادَةُ، عَنْ أنَسٍ، أنَّ أهْلَ مَكَّةَ سَألُوا رَسُولَ اللهِ ? أنْ يُرِيَهُمْ آيَةً «فَأراهُمُ انْشِقاقَ القَمَرِ مَرَّتَيْنِ».
(46) – وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رافِعٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أنَسٍ، بِمَعْنى حَدِيثِ شَيْبانَ.
(47) – ((2802)) وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وأبُو داوُدَ، ح وحَدَّثَنا ابْنُ بَشّارٍ، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ سَعِيدٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وأبُو داوُدَ كُلُّهُمْ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أنَسٍ، قالَ:: «انْشَقَّ القَمَرُ فِرْقَتَيْنِ»، وفِي حَدِيثِ أبِي داوُدَ: «انْشَقَّ القَمَرُ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ?».
(48) – ((2803)) حَدَّثَنا مُوسى بْنُ قُرَيْشٍ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنا إسْحاقُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، حَدَّثَنِي أبِي، حَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عِراكِ بْنِ مالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: «إنَّ القَمَرَ انْشَقَّ عَلى زَمانِ رَسُولِ اللهِ ?».
==========
ذكر الذهبي في السير انشقاق القمر وقال:
انشقاق القمر:
قال الله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ، وإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ويَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ، وكَذَّبُوا واتَّبَعُوا أهْواءَهُمْ} [القمر (1) – (3)]، قال: شيبان، عن قتادة، عن أنس: إن أهل مكة سألوا نبي الله ? أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر مرتين. أخرجاه من حديث شيبان، لكن لم يقل البخاري مرتين.
وقال معمر، عن قتادة، عن أنس مثله، وزاد: «فانشق فرقتين». وللبخاري نحو منه، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة. وأخرجاه من حديث شعبة عن قتادة.
وقال ابن عيينة وغيره: عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود، قال: رأيت القمر منشقا شقتين بمكة، قبل مخرج النبي ? شقة على أبي قبيس، وشقة على السويداء، فقالوا: سحر القمر.
لفظ عبد الرزاق، عن ابن عيينة، وأراد «قبل مخرج النبي ?» يعني إلى المدينة.
أخرجاه من حديث ابن عيينة، ولفظه: انشق القمر على عهد رسول الله ? شقتين، فقال رسول الله ?: «اشهدوا».
وأخرجاه عن عمر بن حفص، عن أبيه، عن الأعمش، قال: حدثنا إبراهيم، عن أبي معمر، عن عبد الله، قال: انفلق القمر، ونحن مع رسول الله ?، فصارت فلقة من وراء الجبل، وفلقة دونه، فقال رسول الله ?: «اشهدوا». وأخرجاه من حديث شعبة، عن الأعمش.
وقال أبو داود الطيالسي في «مسنده»: حدثنا أبو عوانة، عن مغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، قال: انشق القمر على عهد رسول الله ?، فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة فقالوا: انظروا ما يأتيكم به السفار، فإن محمدا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فجاء السفار فقالوا: ذلك صحيح.
وقال هشيم، عن مغيرة، نحوه.
وقال بكر بن مضر، عن جعفر بن ربيعة، عن عراك بن مالك، عن عبيد الله بن عبد الله
ابن عتبة، عن ابن عباس أنه قال: إن القمر انشق على زمان رسول الله ?. متفق عليه من حديث بكر.
وقال شعبة، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر، في قوله: {اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ} [القمر (1)]، قال: قد كان ذلك على عهد رسول الله ? انشق فلقتين، فلقة من دون الجبل، وفلقة من خلف الجبل، فقال النبي ?: «اللهم اشهد». أخرجه مسلم
وقال ابراهيم بن طهمان، وهشيم، عن حصين، عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن جده، قال: انشق القمر، ونحن بمكة على عهد رسول الله ?. وكذا رواه أبو كدينة، والمفضل بن يونس،
عن حصين. ورواه محمد بن كثير، عن أخيه سليمان بن كثير، عن حصين، عن محمد بن جبير، عن أبيه. والأول أصح.
السير 1/ 170
وفي المستدرك:
(3757) – أخْبَرَنا أبُو زَكَرِيّا العَنْبَرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، ثنا إسْحاقُ، أنْبَأ عَبْدُ الرَّزّاقِ، أنْبَأ ابْنُ عُيَيْنَةَ، ومُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، عَنْ أبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قالَ: «رَأيْتُ القَمَرَ مُنْشَقًّا بِشِقَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ بِمَكَّةَ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ ?، شِقَّةٌ عَلى أبِي قُبَيْسٍ، وشِقَّةٌ عَلى السُّوَيْداءِ» فَقالُوا: سُحِرَ القَمَرُ، فَنَزَلَتْ {اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ، وانْشَقَّ القَمَرُ} [القمر (1)] يَقُولُ: «كَما رَأيْتُمْ مُنْشَقًّا، فَإنَّ الَّذِي أخْبَرْتُكُمْ عَنِ اقْتِرابِ السّاعَةِ حَقٌّ» هَذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ولَمْ يُخَرِّجاهُ بِهَذِهِ السِّياقَةِ «إنَّما اتَّفَقا عَلى حَدِيثِ أبِي مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مُخْتَصَرًا وهَذا حَدِيثٌ لا نَسْتَغْنِي فِيهِ عَنْ مُتابَعَةِ الصَّحابَةِ بَعْضٍ لِبَعْضٍ لِمُغايَظَةِ أهْلِ الإلْحادِ، فَإنَّهُ أوَّلُ آياتِ الشَّرِيعَةِ» فَنَظَرْتُ فَإذا فِي البابِ مِمّا لَمْ يُخَرِّجاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبّاسٍ وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ولَمْ يُخَرِّجاهُ مِنها إلّا حَدِيثُ أنَسٍ «فَأمّا حَدِيثُ ابْنِ عَبّاسٍ»
[التعليق – من تلخيص الذهبي]
(3757) – على شرط البخاري ومسلم
وكون ذكر ابن مسعود الآية القرآنية ثم ذكر انشقاق القمر أيضا ثابت في مسند أحمد
مسند أحمد 4270 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}، قَالَ: قَدِ انْشَقَّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ – أَوْ فِلْقَتَيْنِ، شُعْبَةُ الَّذِي يَشُكُّ – فَكَانَ فِلْقَةٌ مِنْ وَرَاءِ الْجَبَلِ، وَفِلْقَةٌ عَلَى الْجَبَلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” اللَّهُمَّ اشْهَدْ “.
حكم الحديث: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وبوب البخاري في كتاب التفسير
بابُ {وانْشَقَّ القَمَرُ وإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا} [القمر (2)] ثم أورد حديث ابن مسعود وأنس وابن عباس وليس في الروايات التي ذكرها ذكر الآية فلعله بالتبويب يشير إلى ما ورد في بعض الروايات للحديث التي فيها ذكر قوله تعالى (وانْشَقَّ القَمَرُ وإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا)
وذكر السيوطي في الدر المنثور سائر مخرِّجيها وألفاظهم وزيادتهم على الصحيحين فيها، وزاد ما أخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: خطبنا حذيفة بن اليمان بالمدائن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ القَمَرُ} (سورة القمر: 1) ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار وغدًا السباق.
التمهيد:
“القرآن يبقى معجزا في عصر العلم كما كان معجزا في عصر الفصاحة والبلاغة.
ومن الآيات الحسية التي أعطيها النبي ? زمن بعثته: انشقاق القمر:
قال تعالى: {اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ، وإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ويَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن أهل مكة سألوا رسول الله ? أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر» [أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب: باب سؤال المشركين أن يريهم النبي ? آية، فأراهم انشقاق القمر. انظر: فتح الباري ((6) / (631)) ح (3637)].
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «انشق القمر على عهد النبي ? شقين، فقال: ((اشهدوا))». [أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب: باب سؤال المشركين أن يريهم النبي ? آية، فأراهم انشقاق القمر. انظر: فتح الباري ((6) / (631)) ح (3636)] “.
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (8/ 558): “بابٌ أمّا دَلائِلُ النُّبُوَّةِ الحِسِّيَّةُ – أعْنِي المُشاهَدَةَ بِالأبْصارِ – فَسَماوِيَّةٌ وأرْضِيَّةٌ، ومِن أعْظَمِ ذَلِكَ كُلِّهِ انْشِقاقُ القَمَرِ المُنِيرِ فِرْقَتَيْنِ، قالَ اللَّهُ تَعالى: {اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ وإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ويَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ وكَذَّبُوا واتَّبَعُوا أهْواءَهُمْ وكُلُّ أمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ولَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الأنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ} [القمر (1)] [القَمَرِ (1) – (5)]، وقَدِ اتَّفَقَ العُلَمّاءُ مَعَ بَقِيَّةِ الأئِمَّةِ عَلى أنَّ انْشِقاقَ القَمَرِ كانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ?، وقَدْ ورَدَتِ الأحادِيثُ بِذَلِكَ مِن طُرُقٍ تُفِيدُ القَطْعَ عِنْدَ الأُمَّةِ.”. ثم ذكر جملة من النصوص في ذلك، ورد على بعض الأقاويل.
يقصد أن الانشقاق أعظم من كثير من الآيات حاشا القرآن
وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله بعد ما نقل جملة من النصوص – (4/ 298): “قالَ-أي: ابن عباس-: كَسَفَ القَمَرُ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ? فَقالُوا: سَحَرَ القَمَرَ فَنَزَلَتْ: «اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ، وإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ويَقُولُوا سحر مُسْتَمر».
وهَذا إسْنادٌ جَيِّدٌ، وفِيهِ أنَّهُ كَسَفَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَعَلَّهُ حَصَلَ لَهُ انْشِقاقٌ فِي لَيْلَةِ كُسُوفِهِ، ولِهَذا خَفِيَ أمْرُهُ عَلى كَثِيرٍ مِن أهل الأرْضِ، ومَعَ هَذا قَدْ شُوهِدَ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِن بِقاعِ الأرْضِ، ويُقالُ: إنَّهُ أُرِّخَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ بِلادِ الهِنْدِ، وبُنِيَ بِناءٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وأُرِّخَ بِلَيْلَةِ انْشِقاقِ القَمَرِ”. انتهى.
حديث (سحر القمر) ذكره صاحب كتاب الآيات الكونية دراسة عقلية مع الأحاديث الضعيفة:
الأحاديث الموضوعة والضعيفة الواردة في هذه الآية الكونية:
ورد في هذه الآية الكونية عدد من الأحاديث الموضوعة والضعيفة والمتعلقة بالعقيدة، ومنها:
(1) – سحر القمر:
عن ابن عباس – رضي الله عنه قال: «كُسِفَ القمر على عهد رسول الله -?- فقالوا: سُحِر القمر، فنزلت: {اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ ((1)) وإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ويَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} ((1))» المعجم الكبير للطبراني: (11) / (250) برقم ((11668)).
قلت سيف: لكن الحديث عند عبدالرزاق
(4941) – عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: أخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلى ابْنِ عَبّاسٍ به
وروي عن عكرمة مرسلا
جزء سعدان ((55)) حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عكرمة
فهنا صرح ابن جريج بالتحديث
ويشهد له ما ورد عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: “انشق القمر على عهد رسول الله -?-، فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة.
قال: فقالوا: انظروا ما يأتيكم به السّفّار، فإن محمدًا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم. قال: فجاء السّفّار فقالوا: ذلك»
مسند أبي داود الطيالسي،
والبيهقي في الدلائل من طريقه قال
أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا أبُو عَوانَةَ، عَنِ المُغِيرَةِ، عَنْ أبِي الضُّحى، عَنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ به
والبخاري تعليقًا، كتاب مناقب الأنصار، باب انشقاق القمر: (734) برقم ((3869))، وانظر: تفسير ابن كثير: (7) / (474)، وتغليق التعليق على صحيح البخاري
وبعضهم ضعفه بأن المغيرة مدلس لكنه في الشواهد. انتهى كلامي
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: من آيات الرسول عليه الصلاة والسلام: انشقاق البدر أي القمر، وقد انشق القمر فلقتين حقيقة لا برأي العين، فكان أحدهما على جبل الصفا والثاني على جبل المروة، يشاهده الناس من هنا ومن هنا، قال الله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ) (القمر: (1)) (وإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ويَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) (القمر: (2))، لما أراهم النبي عليه الصلاة والسلام هذه الآية وشاهدوها بأعينهم، قالوا: سحرنا محمد، ليس صحيحًا أن القمر ينشق.
والعجيب أن آخر هذه الأمة وافق المشركين في إنكار انشقاق القمر، قالوا: انشقاق القمر غير صحيح، ولا يمكن أن ينشق القمر، لكن قوله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ) أي ظهر نور الرسالة. وهذا تحريف فهو سبحانه يقول: (وإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا)، ثم ليس هناك مانع من أن ينشق القمر.
وأما من زعم أن الأفلاك لا يمكن أن تتغير فتبًا لعقله، والله تعالى يقول: (إذا السَّماءُ انْفَطَرَتْ) (الانفطار: (1)) (وإذا الكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) (الانفطار: (2))، وما هذا إلا تغير للأفلاك، وكذلك قال تعالى: (إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (التكوير: (1)) (وإذا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) (التكوير: (2))، وهذا تغير للأفلاك، فالذي جمع القمر حتى صار كتلة واحدة قادر على أن يفرقه ويجعله كتلًا.
ولهذا فإننا نأسف أن يقع مثل هذا من علماء أجلاء معاصرين؛ يقولون: إنه لا يمكن انشقاق القمر؛ لأن هذا تغير أفلاك، وهذا لا يمكن. بل الذي خلق الأفلاك قادر على أن يمزقها سبحانه وتعالى.
وقال آخرون منكرين انشقاق القمر بحجة باردة؛ قالوا: لو كان انشقاق القمر حقًا لعلم به الناس …
والجواب على ذلك أن يقال: لا يوجد تاريخ أصدق من كلام الله عز وجل: القرآن، ولا تاريخ أصدق مما جاء في الصحيحين البخاري ومسلم، حيث تلقتهما الأمة الإسلامية بالقبول.
فإذا قالوا: لماذا لم يذكره مؤرخو الهند مثلًا أو غيرهم؟
فالجواب أن يقال: ربما كان عندهم في تلك الليلة غيوم وأمطار حجبت رؤية القمر، أو نقول: إن انشقاق القمر لم يبق مدة طويلة حتى يتمكن الناس من رؤيته، إذ ربما تكون المدة يسيرة حين شاهده الناس ثم تلاءم، وربما أنضاف إلى ذلك أن الناس في ذلك الوقت في الهند مثلًا كانوا نياما؛ لأن الهند يسبق مكة في الزمن؛ فيقع هذا وهم نائمون ثم يلتئم قبل أن يستيقظوا …. حتى إن ابن كثير رحمه الله قال: ما من آية حصلت لنبي إلا وجد مثلها للرسول عليه الصلاة والسلام أو لأتباع الرسول، والآية لأتباع الرسول تعتبر آية للرسول؛ لأنها شهادة بصدق ما هو عليه هذا المتبع.
كان موسى عليه الصلاة والسلام يضرب الحجر – إما حجرًا معينًا أو أي حجر – فيتفجر انهارا وعيونا، لكن رسول الله جعل الماء يفور من بين أصابعه كالعيون،
فإحياء الموتى حصل؛ إما للرسول ? إن صحت الرواية؛ وإما لأتباعه، فهذا صلة بن أشيم من التابعين العباد، كان في سفر فماتت فرسه، فبقي ليس له مركوب، فدعا الله تعالى أن يحييها حتى توصله إلى بلده، فأحياها الله، وركب عليها، ولما وصل إلى البلد، قال لابنه: يا بني ألق السرج عن الفرس فإنه عارية، فتعجب الولد! فلما وضع السرج عنه سقط الفرس ميتًا؛ لأنه كان دعا الله أن يحييه حتى يوصله إلى أهله فحصل هذا، فهذا إحياء للموتى وهو إحياء مؤقت أيضًا كأنه عارية مؤقتة وهناك أشياء كثيرة في البداية والنهاية فلتراجع. [شرح العقيدة السفارينية لابن عثيمين (ت (1421)) (1/ 559وما بعدها)].
صلة بن أشيم، مات فرسه وهو فى الغزو فقال اللهم لا تجعل لمخلوق على منة، ودعا الله عز وجل فأحيا له فرسه.
كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 11، صفحة 280.
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته:
قال الحافظ النووي رحمه الله: (” [(11)]- (بابُ انْشِقاقِ القَمَرِ) “).
قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللهُ-: انشقاق القمر من أمهات معجزات نبينا ?، وقد رواها عدّة من الصحابة – رضي الله عنهم -، مع ظاهر الآية الكريمة، وسياقها، قال الزجاج: وقد أنكرها بعض المبتدعة المضاهين لمخالفي الملة، وذلك لمّا أعمى الله قلبه، ولا إنكار للعقل فيها؛ لأن القمر مخلوق لله تعالى، يفعل فيه ما يشاء، كما يفنيه، ويُكَوِّره في آخر أمره.
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7045)] ((2800)) – (حَدَّثَنا عَمْرٌ والنّاقِدُ، وزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قالا: حَدَّثَنا سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، عَنْ أبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قالَ: انْشَقَّ القَمَرُ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ? بِشِقَّتَيْنِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ?: «اشْهَدُوا»).
شرح الحديث:
(عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعود – رضي الله عنه -؛ أنه (قالَ: انْشَقَّ القَمَرُ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ? بِشِقَّتَيْنِ)، وفي الرواية الآتية: «بينما نحن مع رسول الله ? بمنى إذا انفلق القمر فلقتين»، ووقع في رواية أبي داود الطيالسيّ عن أبي عوانة، وأخرجه أبو نعيم في
«الدلائل» من طريق هشيم، كلاهما عن مغيرة، عن أبي الضحى بلفظ: «انشقّ القمر على عهد رسول الله ? فقالت كفار قريش: هذا سِحْرٌ لسَحَركم ابن أبي كبشة، فانظروا إلى السُّفّار، فإن أخبروكم أنهم رأوا مثل ما رأيتم، فقد صدق،
قال: فما قَدِم عليهم أحدٌ إلا أخبرهم بذلك»، لفظ هشيم، وعند أبي عوانة: «انشق القمر بمكة» نحوه- وفيه: – «فإن محمدًا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم».
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ- ما حاصله: لا تعارض بين قول ابن مسعود: «بمنى»، وبين قول أنس: «إن ذلك كان بمكة»؛ لأنه لم يصرّح بأن النبيّ ? كان ليلتئذ بمكة،
وعلى تقدير تصريحه، فهي من جملة مكة، فلا تعارض، وقد وقع عند الطبرانيّ من طريق زِرّ بن حُبيش، عن ابن مسعود، قال: «انشق القمر بمكة، فرأيته فرقتين»، قال: وهو محمول على ما ذكرته، وكذا وقع في غير هذه الرواية، وقد وقع عند ابن مردويه بيان المراد، فأخرج من وجه آخر عن ابن مسعود قال: «انشق القمر على عهد رسول الله ?، ونحن بمكة، قبل أن نصير إلى المدينة»، فوضح أن مراده بذكر مكة الإشارة إلى أن ذلك وقع قبل الهجرة، ويجوز أن ذلك وقع، وهم ليلتئذ بمنى. انتهى. [«الفتح» (8) / (598)، «كتاب مناقب الأنصار»].
وقال الحافظ أيضًا: والجمع بين قول ابن مسعود تارة: «بمنى» وتارة: «بمكة» إما باعتبار التعدد إن ثبت، وإما بالحمل على أنه كان بمنى، ومن قال: إنه كان بمكة لا ينافيه؛ لأن من كان بمنى كان بمكة، من غير عكس، ويؤيده أن الرواية التي فيها «بمنى» قال فيها: «ونحن بمنى»، والرواية التي فيها «بمكة» لم يقل فيها: ونحن، وإنما قال: «انشقّ القمر بمكة»؛ يعني: أن الانشقاق كان وهُمْ بمكة قبل أن يهاجروا إلى المدينة، وبهذا يندفع دعوى الداوديّ أن بين الخبرين تضادًّا، والله أعلم.
ووقع عند البيهقيّ في «الدلائل» عن ابن عيينة، ومحمد بن مسلم الطائفيّ جميعًا عن ابن أبي نجيح بلفظ: «رأيت القمر منشقًّا شقتين: شقة على أبي قبيس، وشقة على السُّويداء»، والسُّويداء بالمهملة، والتصغير ناحية خارج مكة، عندها جبل، وقول ابن مسعود: «على أبي قُبيس» يَحْتَمِل أن يكون رآه كذلك، وهو بمنى، كأن يكون على مكان مرتفع، بحيث رأى طرف جبل أبي قبيس، ويَحْتَمِل أن يكون القمر استمرّ منشقًّا، حتى رجع ابن مسعود من منى إلى مكة، فرآه كذلك، وفيه بُعْدٌ.
والذي يقتضيه غالب الروايات أن الانشقاق كان قرب غروبه، ويؤيد ذلك إسنادهم الرؤية إلى جهة الجبل، ويَحْتَمِل أن يكون الانشقاق وقع أول طلوعه، فإن في بعض الروايات أن ذلك كان ليلة البدر، أو التعبير بأبي قبيس من تغيير بعض الرواة، لأن الغرض ثبوت رؤيته منشقًّا إحدى الشقتين على جبل، والأخرى على جبل آخر، ولا يغاير ذلك قول الراوي الآخر: رأيت الجبل بينهما؛ أي: بين الفرقتين، لأنه إذا ذهبت فرقة عن يمين الجبل، وفرقة عن يساره مثلًا صدق أنه بينهما، وأي جبل آخر كان من جهة يمينه، أو يساره صدق أنها عليه أيضًا. انتهى [«الفتح» (8) / (599) – (600)].
(فَقالَ رَسُولُ اللهِ ?) للصحابة الحاضرين للواقعة: («اشْهَدُوا»)؛ أي: اضبطوا هذا القدر بالمشاهدة، وفي الرواية الثالثة: «فقال رسول الله ?: اللَّهُمَّ اشهد»، وفي حديث ابن عمر الآتي: «اشهدوا، اشهدوا» مرّتين، وعند ابن مردويه من رواية ابن جريج، عن مجاهد، بلفظ آخر، وهو قوله: «انشقّ القمر، قال الله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ ((1))} [القمر (1)]، يقول: كما شققت القمر كذلك أقيم الساعة»، والله تعالى أعلم.
وحديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة): في ذكر ما قاله أهل العلم في حادثة انشقاق القمر:
ومما هو مشاهد معتاد أن كسوف القمر وغيره من العجائب، والأنوار الطوالع، والشهب العظام، وغير ذلك مما يحدث في السماء في الليل، يقع ولا يتحدث بها إلا الآحاد، ولا علم عند غيرهم؛ لِما ذكرناه، وكان هذا الانشقاق آية حصلت في الليل لقوم سألوها، واقترحوا رؤيتها، فلم يتنبه غيرهم لها.
قالوا: وقد يكون القمر كان حينئذ في بعض المجاري والمنازل التي تظهر لبعض الآفاق دون بعض، كما يكون ظاهرًا لقوم غائبًا عن قوم، كما يجد الكسوف أهل بلد دون بلد، والله أعلم. انتهى. [«شرح النوويّ» (17) / (143) – (144)].
وقال في «الفتح»: وقد أنكر جمهور الفلاسفة انشقاق القمر؛ متمسكين بأن الآيات العلوية لا يتهيأ فيها الانخراق، والالتئام، وكذا قالوا في فتح أبواب السماء ليلة الإسراء، إلى غير ذلك من إنكارهم ما يكون يوم القيامة، من تكوير الشمس، وغير ذلك.
وجواب هؤلاء: إن كانوا كفّارًا أن يناظَروا أوّلًا على ثبوت دين الإسلام، تم يُشْرَكوا مع غيرهم ممن أنكر ذلك من المسلمين، ومتى سَلَّم المسلم بعض ذلك دون بعض أُلزم التناقض، وششلا سبيل إلى إنكار ما ثبت في القرآن، من الانخراق، والالتئام في القيامة، فيستلزم جواز وقوع ذلك معجزة لنبيّ الله ?.
وقد أجاب القدماء عن ذلك، فقال أبو إسحاق الزجاج في «معاني القران»: أنكر بعض المبتدعة الموافقين لمخالفي الملة انشقاق القمر، ولا إنكار للعقل فيه؛ لأن القمر مخلوق لله تعالى، يفعل فيه ما يشاء، كما يُكَوِّره يوم البعث، ويُفنيه.
وأما قول بعضهم: لو وقع لجاء متواترًا، واشترك أهل الأرض في معرفته، ولَما اختص بها أهل مكة.
فجوابه: أن ذلك وقع ليلًا، وأكثر الناس نيام، والأبواب مغلقة، وقلّ من يراصد السماء إلا النادر، وقد يقع بالمشاهدة في العادة أن ينكسف القمر، وتبدو الكواكب العظام، وغير ذلك في الليل، ولا يشاهدها إلا الآحاد، فكذلك الانشقاق كان آية وقعت في الليل لقوم سألوا، واقترحوا، فلم يتأهب غيرهم لها.
ويَحْتَمِل أن يكون القمر ليلتئذ كان في بعض المنازل التي تظهر لبعض أهل الآفاق دون بعض، كما يظهر الكسوف لقوم دون قوم.
وقال الخطابيّ: انشقاق القمر آية عظيمة، لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء، وذلك أنه ظهر في ملكوت السماء، خارجًا من جملة طباع ما في هذا العالم المركب من الطبائع، فليس مما يُطمع في الوصول إليه بحيلة، فلذلك صار البرهان به أظهر، وقد أنكر ذلك بعضهم، فقال: لو وقع ذلك لم يجز أن يخفى أمره على عوام الناس؛ لأنه أمر صدر عن حسّ ومشاهدة، فالناس فيه شركاء، والدواعي متوفرة على رؤية كل غريب، ونقل ما لم يُعْهَد، فلو كان لذلك أصل لَخُلّد في كتب أهل التسيير، والتنجيم؛ إذ لا يجوز إطباقهم على تركه، وإغفاله، مع جلالة شأنه، ووضوخ أمره.
والجواب عن ذلك أن هذه القصة خرجت عن بقية الأمور التي ذكروها؛ لأنه شيء طلبه خاصّ من الناس، فوقع ليلًا؛ لأن القمر لا سلطان له بالنهار، ومن شأن الليل أن يكون أكثر الناس فيه نيامًا، ومستكنين بالأبنية، والبارز بالصحراء منهم إذا كان يقظان يَحْتَمِل أنه كان في ذلك الوقت مشغولًا بما يلهيه من سَمَر وغيره، ومن المستبعد أن يقصدوا إلى مراصد مركز القمر، ناظرين إليه، لا يغفلون عنه، فقد يجوز أنه وقع، ولم يشعر به أكثر الناس، وإنما رآه من تصدى لرؤيته، ممن اقترح وقوعه، ولعل ذلك إنما كان في قدر اللحظة التي هي مدرك البصر.
ثم أبدى حكمة بالغة في كون المعجزات المحمدية لم يبلغ شيء منها مبلغ التواتر الذي لا نزاع فيه، إلا القرآن بما حاصله: إن معجزة كل نبيّ كانت إذا وقعت عامّة أعقبت هلاك من كذّب به من قومه؛ للاشتراك في إدراكها بالحسّ، والنبيّ ? بُعث رحمة، فكانت معجزته التي تحدى بها عقلية، فاختص بها القوم الذين بُعث منهم؛ لِما أوتوه من فضل العقول، وزيادة الأفهام، ولو كان إدراكها عامًّا لعوجل مَن كذّب به، كما عوجل من قبلهم.
وذكر أبو نعيم في «الدلائل» نحو ما ذكره الخطابيّ، وزاد: ولا سيما إذا وقعت الآية في بلدة كان عامة أهلها يومئذ الكفار الذين يعتقدون أنها سِحر، ويجتهدون في إطفاء نور الله تعالى.
قال الحافظ: وهو جيد بالنسبة إلى من سأل عن الحكمة في قلة من نَقل ذلك من الصحابة – رضي الله عنهم -، وأما من سأل عن السبب في كون أهل التنجيم لم يذكروه، فجوابه: أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه نفاه، وهذا كاف، فإن الحجة فيمن أثبت، لا فيمن يوجد عنه صريح النفي، حتى إن من وجد عنه صريح النفي يُقَدَّم عليه من وُجد منه صريح الإثبات.
وقال ابن عبد البرّ: قد روى هذا الحديث جماعة كثيرة من الصحابة، ورَوى ذلك عنهم أمثالهم من التابعين، ثم نقله عنهم الجمّ الغفير، إلى ان انتهى إلينا، ويؤيَّد ذلك بالآية الكريمة، فلم يبق لاستبعاد من استبعد وقوعه عذر.
ثم أجاب بنحو جواب الخطابيّ، وقال: وقد يَطْلُع على قوم قبل طلوعه على آخرين، وأيضًا فإن زمن الانشقاق لم يَطُل، ولم تتوفر الدواعي على الاعتناء بالنظر إليه، ومع ذلك فقد بَعَث أهل مكة إلى آفاق مكة، يسألون عن ذلك، فجاءت السفّار، وأخبروا بأنهم عاينوا ذلك، وذلك لأن المسافرين في الليل غالبًا يكونون سائرين في ضوء القمر، ولا يخفى عليهم ذلك.
وقال القرطبيّ: الموانع من مشاهدة ذلك إذا لم يحصل القصد إليه غير منحصرة، ويَحْتَمِل أن يكون الله صرف جميع أهل الأرض غير أهل مكة، وما حولها عن الالتفات إلى القمر في تلك الساعة؛ ليختص بمشاهدته أهل مكة، كما اختصوا بمشاهدة أكثر الآيات، ونقلوها إلى غيرهم. انتهى.
قال الحافظ: وفي كلامه نظر؛ لأن أحدًا لم يَنقل أن أحدًا من أهل الآفاق غير أهل مكة ذكروا أنهم رصدوا القمر في تلك الليلة المعينة، فلم يشاهدوا انشقاقه، فلو نُقل ذلك لكان الجواب الذي أبداه القرطبيّ جيّدًا، ولكن لم يُنقل عن أحد من أهل الأرض شيء من ذلك، فالاقتصار حينئذ على الجواب الذي ذكره الخطابيّ، ومن تبعه أوضح، والله اعلم.
وأما الآية فالمراد بها قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ ((1))}، لكن ذهب بعض أهل العلم من القدماء أن المراد بقوله: {وانْشَقَّ القَمَرُ}؛ أي: سينشق، كما قال تعالى: {أتى أمْرُ اللَّهِ} [النحل (1)]؛ أي: سيأتي، والنكتة في ذلك إرادة المبالغة في تحقق وقوع ذلك، فنزل منزلة الواقع، والذي ذهب إليه الجمهور أصحّ، كما جزم به ابن مسعود، وحذيفة، وغيرهما، ويؤيده قوله تعالى بعد ذلك: {وإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ويَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ((2))} [القمر (2)] فإن ذلك ظاهر في أن المراد بقوله: {وانْشَقَّ القَمَرُ} وقوع انشقاقه؛ لأن الكفار لا يقولون ذلك يوم القيامة، وإذا تبيَّن أن قولهم ذلك إنما هو في الدنيا تبيَّن وقوع الإنشقاق، وأنه المراد بالآية التي زعموا أنها سِحر، ووقع ذلك صريحًا في حديث ابن مسعود، كما بيّناه قبلُ.
ونقل البيهقيّ في أوائل البعث والنشور عن الحَلِيميّ أن من الناس من يقول: إن المراد بقوله تعالى: {وانْشَقَّ القَمَرُ}؛ أي: سينشق، قال الحليميّ: فإن كان كذلك فقد وقع في عصرنا، فشاهدت الهلال ببخارى في الليلة الثالثة منشقًّا نصفين، عرض كل واحد منهما كعرض القمر ليلة أربع، أو خمس، ثم اتصلا، فصار في شكل أترجة إلى أن غاب، قال: وأخبرني بعض من أثق به أنه شاهد ذلك في ليلة أخرى. انتهى.
قال الحافظ: ولقد عجبت من البيهقيّ كيف أقرّ هذا، مع إيراده حديث ابن مسعود المصرّح بأن المراد بقوله تعالى: {وانْشَقَّ القَمَرُ} أن ذلك وقع في زمن النبيّ ?، فإنه ساقه هكذا من طريق ابن مسعود في هذه الآية: {اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ ((1))}، قال: «لقد انشق على عهد رسول الله ?»، ثم ساق حديث ابن مسعود: «لقد مضت آية الدخان، والروم، والبطشة، وانشقاق القمر». انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-[«الفتح» (8) / (600) – (602)]، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، وبحث أنيسٌ، والله تعالى أعلم.
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7046)] ( … ) -.
وقوله: (وراءَ الجَبَلِ)؛ أي: جبل حراء، (وفِلْقَةٌ دُونَهُ)؛ أي: دون الجبل، والمراد أنهما تباينتا، فإحداهما إلى جهة العلو، والأخرى إلى السِّفل.
والحديث متّفقٌ عليه.
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7047)] ( … ) –
وقوله: (اللَّهُمَّ اشْهَدْ)؛ أي: على أني قد جئتهم بما طلبوا من المعجزة، حيث قالوا؛ إن كنت صادقًا فلينشقّ لك هذا القمر، فانشقّ لهم، فإن آمنوا، وإلا فخذهم أخذ عزيز مقتدر.
والحديث متّفقٌ عليه.
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7048)] ((2801)) – (حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعاذٍ، حَدَّثَنا أبِي، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ مُجاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ? مِثْلَ ذَلِكَ).
[تنبيه]: حديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ- ولم يسق متنه، بل أحاله على حديث ابن مسعود – رضي الله عنه – قبله، وقد ساقه اللالكائيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في «اعتقاد أهل السُّنَّة»، فقال:
((1465)) – وأخبرنا عليّ بن عمر بن إبراهيم، قال: ثنا إسماعيل بن محمد، قال: ثنا عباس بن محمد، قال: ثنا أبو العباس وهب بن جرير بن حازم، قال: ثنا شعبة، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر في قوله: {اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ ((1))} [القمر (1)]، قال: قد كان ذلك على عهد النبيّ ?، انشق فلقتين، من دون الجبل، وفلقة من خلف الجبل، فقال: «اللَّهُمَّ اشهد»، انتهى. [«اعتقاد أهل السُّنَّة» (4) / (795)].
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7050)] ((2852)) – (حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْن حَرْبٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قالا:
حَدَّثَنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنا شَيْبانُ، حَدَّثَنا قَتادَةُ، عَنْ أنَسٍ؛ أنَّ أهْلَ مَكَّةَ سَألُوا
رَسُولَ اللهِ ? أنْ يُرِيَهُمْ اصيةً، فَأراهُمُ انْشِقاقَ القَمَرِ مَرَّتَيْنِ).
شرح الحديث:
(عَنْ أنَس) بن مالك – رضي الله عنه -، وفي رواية للبخاريّ: «أنه حدّثهم»، فصرّح قتادة بالتحديث، فزالت عنه تهمة التدليس.
[تنبيه]: قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: قد ورد انشقاق القمر من حديث ابن مسعود، وأنس، وابن عباس، وعليّ، وحذيفة، وجبير بن مطعم، وابن عمر، وغيرهم،
فأما أنس، وابن عباس فلم يحضرا ذلك؛ لأنه كان بمكة قبل الهجرة بنحو خمس سنين، وكان ابن عباس إذ ذالك لم يولد، وأما أنس فكان ابن أربع، أو خمس بالمدينة، وأما غيرهما فيمكن أن يكون شاهد ذلك، وممن صرح برؤية ذلك ابن مسعود – رضي الله عنه -. انتهى. [» الفتح «(6) / (632)].
(أنَّ أهْلَ مَكَّةَ) المراد المشوكون منهم، قال الحافظ في «الفتح»: هذا من مراسيل الصحابة، لأن أنسًا لم يدرك هذه القصة، وقد جاءت هذه القصة من حديث ابن عباس، وهو أيضًا ممن لم يشاهدها، ومن حديث ابن مسعود، وجبير بن مُطعم، وحذيفة، وهؤلاء شاهدوها، ولم أر في شيء من طرقه أن ذلك كان عقب سؤال المشركين إلا في حديث أنس، فلعله سمعه من النبيّ ?، ثم وجدت في بعض طرق حديث ابن عباس بيان صورة السؤال، وهو وإن كان لم يدرك القصة، لكن في بعض طرقه ما يُشعر بأنه حمَل الحديث عن ابن مسعود، كما سأذكره، فأخرج أبو نعيم في «الدلائل» من وجه ضعيف، عن ابن عباس قال: «اجتمع المشركون إلى رسول الله ? منهم: الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، والنضر بن الحارث، ونظرائهم، فقالوا للنبيّ ?: إن كنت صادقًا، فشقّ لنا القمر فرقتين، فسأل ربه، فانشقّ». [» الفتح «(8) / (596)].
(سَألُوا رَسُولَ اللهِ ? أنْ يُرِيَهُمْ آيَةً)؛ أي: علامة على صدق نبوّته، وهذا منهم على سبيل التعنّت، والعناد، ولذا لمجط يستفيدوا من رؤيته، بل استمرّوا على غيّهم وطغيانهم، (فَأراهُمُ) النبيّ ? بعد أن دعا الله تعالى (انْشِقاقَ القَمَرِ مَرَّتَيْنِ) هكذا رواية مسلم بلفظ «مرّتين»، وفي رواية للبخاريّ: «شقّتين»، قال في «الفتح»: قوله: «شقتين» بكسر المعجمة؛ أي: نصفين، وتقدم من طريق سعيد وشيبان، عن قتادة، بدون هذه اللفظة، وأخرجه مسلم من الوجه الذي أخرجه منه البخاريّ، من حديث شيبان [وقع في نسخة» الفتح” سعيد بدل شيبان، وهو غلط، فتنبّه]، عن قتادة، بلفظ: «فأراهم انشقاق القمر مرتين»، وأخرجه من طريق معمر، عن قتادة قال بمعنى حديث شيبان، وهو في مصنف عبد الرزاق، عن معمر، بلفظ: «مرتين» أيضًا، وكذلك أخرجه الإمامان: أحمد، واسحاق في «مسنديهما» عن عبد الرزاق، وقد اتفق الشيخان عليه، من رواية شعبة، عن قتادة، بلفظ: «فرقتين»، قال البيهقيّ: قد حَفِظ ثلاثة من أصحاب قتادة عنه: «مرتين».
قال الحافظ: لكن اختُلف عن كل منهم في هذه اللفظة، ولم يُختلَف على شعبة، وهو أحفظهم، ولم يقع في شيء من طرق حديث ابن مسعود بلفظ: «مرتين»، إنما فيه «فرقتين»، أو «فلقتين»، بالراء، أو اللام، وكذا في حديث ابن عمر: «فلقتين»، وفي حديث جبير بن مُطعم: «فرقتين»، وفي لفظ عنه: «فانشقّ باثنتين»، وفي رواية عن ابن عباس، عند أبي نعيم في «الدلائل»: «فصار قمرين»، وفي لفظ: «شقتين»، وعند الطبراني من حديثه: «حتى رأوا شقيه»، ووقع في نظم السيرة لشيخنا الحافظ أبي الفضل -العراقيّ-: وانشق مرتين بالإجماع، قال الحافظ: ولا أعرف من جزم من علماء الحديث بتعدد الانشقاق في زمنه ?، ولم يتعرض لذلك أحد من شراح «الصحيحين».
وتكلم ابن القيِّم على هذه الرواية، فقال: المرات يراد بها الأفعال تارةً، والأعيان أخرى، والأولى أكثر، ومن الثاني: «انشق القمر مرتين»، وقد خفي على بعض الناس، فادعى أن انشقاق القمر وقع مرتين، وهذا مما يعلم أهل الحديث والسير أنه غلط، فإنه لم يقع إلا مرة واحدة.
وقد قال العماد ابن كثير: في الرواية التي فيها: «مرتين» نظرٌ، ولعل قائلها أراد: فرقتين.
قال الحافظ: وهذا الذي لا يتجه غيره؛ جمعًا بين الروايات، ثم راجعت نَظْم شيخنا، فوجدته يَحْتَمِل التأويل المذكور، ولفظه:
فَصارَ فِرْقَتَيْنِ فِرْقَة عَلَتْ … وفِرْقَةٌ لِلطَّوْدِ مِنهُ نَزَلَتْ
وذاكَ مَرَّتَيْنِ بِالإجْماعِ … والنَّصِّ والتَّواتُرِ السَّماعِ
فجمع بين قوله: «فرقتين»، وبين قوله: «مرتين»، فيمكن أن يتعلق قوله: «بالإجماع» بأصل الانشقاق، لا بالتعدد، مع أن في نقل الإجماع في نفس الانشقاق نظرًا. [«الفتح» (8) / (596) – (597) «كتاب مناقب الأنصار» رقم ((3868))] تقدّم بيانه، في شرح حديث ابن مسعود – رضي الله عنه -.
[تنبيه]: زاد في رواية البخاريّ في آخر الحديث قوله: «حتى رأوا حراء بينهما»، يعني: أن أهل مكة رأوا بين الفرقتين جبل حراء، وهو بكسر الحاء المهملة، بعدها راء، ممدودًا، منصرفًا، وغير منصرف: جبل على يسار الذاهب من مكة إلى منى، والله تعالى أعلم.
وحديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – هذا متّفقٌ عليه.
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7051)] ( … ) – (وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رافِعٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أنَسٍ، بِمَعْنى حَدِيثِ شَيْبانَ).
[تنبيه]: رواية معمر عن قتادة هذه ساقها الحاكم -رَحِمَهُ اللهُ- في «المستدرك»، فقال:
((3761)) – أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر الزاهد ببغداد، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرزاق، أنبأ معمر، عن قتادة، عن أنس – رضي الله عنه – قال: سأل أهل مكة رسول الله ? آيةً، فانشق القمر بمكة مرتين، قال الله -عَزَّ وجَلَّ-: {اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ ((1))} [القمر (1)]. انتهى. [» المستدرك على الصحيحين «(2) / (513)]. لم أجد من ساقها، فليُنظر، والله تعالى أعلم.