28 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
”””””””””””””””””
الذيل على الصحيح المسند
مسند أحمد
21649 حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ بَكْرٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَرَوْحٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ طَاوُسًا، أَخْبَرَهُ، أَنَّ حُجْرًا الْمَدَرِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الْعُمْرَى فِي الْمِيرَاثِ ”
قلت: سيف بن دورة الكعبي:
على شرط الذيل على الصحيح المسند. وقد ذكره الشوكاني في الدراري.
وقال محققو المسند: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حجر المدري فقد روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة. ابن بكر: هو محمد البرساني، وروح: هو ابن عبادة.
وهو عند عبد الرزاق (16873)، ومن طريقه أخرجه الطبراني (4941).
وأخرجه الطحاوي 4/ 91 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وانظر (21586).
وأخرجه أحمد:
21650 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا رَبَاحٌ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ حُجْرٍ الْمَدَرِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَا تُرْقِبُوا، فَمَنْ أَرْقَبَ، فَسَبِيلُ الْمِيرَاثِ ”
وقال محققو المسند: إسناده صحيح. رباح: هو ابن زيد الصنعاني.
وأخرجه الطبراني (4949) عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي 6/ 270 من طريق عبد الله بن المبارك، عن حنظلة بن أبي سفيان، عن طاووس، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهو معضل.
وانظر (21626).
وأخرجه أحمد:
21651 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ شِبْلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ حُجْرٍ الْمَدَرِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى، فَهِيَ لِمُعْمِرِهِ مَحْيَاهُ وَمَمَاتَهُ، لَا تُرْقِبُوا، فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا، فَهُوَ سَبِيلُ الْمِيرَاثِ ”
وأخرجه أبوداود 3559 و الطبراني 4988، والبيهقي 6/ 175، والنسائي 6/ 272 من طريق معقل بن عبيد الله عن عمرو بن دينار به ولم يذكر في إسناد النسائي طاووس. انتهى من تحقيق المسند
____________
العمري و الرقبي
خلاصة هذه الاحاديث: تبين أن من أعمر فهي لمعمره و تكون ملكا له و لعقبه و له حق التصرف، فالعمري هي منحة و هبة مقيدة و تكون بالألفاظ كمن يقول أعمرته هذا الدار عمري أي مدة حياته، و سيأتي بيان ذلك والفرق بين العمرى و الرقبى.
قال ابن الاثير: يقال: أعْمَرْتُه الدارَ عُمْرَى: أي جَعَلتها له يَسْكُنها مُدَّة عُمْرِه فإذا مات عادت إليَّ وكذا كانوا يَفعلون في الجاهلية فأبْطل ذلك وأعْلمهم أنَّ من أُعْمِر شَيئاً أو أُرْقِبَه في حياته فهو لورَثَتِه من بَعْده. وقد تَعاضَت الرواياتُ على ذلك. والفُقهاءُ فيها مخْتَلِفون فمنهم من يَعْمَل بظاهر الحديث ويَجْعلها تَملِيكا ومنهم من يجعلُها كالعارِيَّة ويَتَأوّل الحديث. النهاية في غريب الاثر (3/ 576).
قال ابن حجر:
والعمرى بضم المهملة وسكون الميم مع القصر وحكي ضم الميم مع ضم أوله وحكي فتح أوله مع السكون مأخوذ من العمر والرقبى بوزنها مأخوذة من المراقبة؛ لأنهم كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية فيعطى الرجل الدار ويقول له أعمرتك إياها أي أبحتها لك مدة عمرك فقيل لها عمرى لذلك وكذا قيل لها رقبى؛ لأن كلا منهما يرقب متى يموت الآخر لترجع إليه وكذا ورثته فيقومون مقامه في ذلك هذا أصلها لغة وأما شرعا فالجمهور على أن العمرى إذا وقعت كانت ملكا للآخذ ولا ترجع إلى الأول إلا أن صرح باشتراط ذلك وذهب الجمهور إلى صحة العمرى إلا ما حكاه أبو الطيب الطبري عن بعض الناس والماوردي عن داود وطائفة لكن ابن حزم قال بصحتها وهو شيخ الظاهرية ثم اختلفوا إلى ما يتوجه التمليك فالجمهور أنه يتوجه إلى الرقبة كسائر الهبات حتى لو كان المُعْمِر عبدا فأعتقه الموهوب له نفذ بخلاف الواهب وقيل يتوجه إلى المنفعة دون الرقبة وهو قول مالك والشافعي في القديم وهل يسلك به مسلك العارية أو الوقف روايتان عند المالكية وعن الحنفية التمليك في العمرى يتوجه إلى الرقبة وفي الرقبى إلى المنفعة وعنهم أنها باطلة وقول المصنف أعمرته الدار فهي عمرى جعلتها له أشار بذلك إلى أصلها وأطلق الجعل لأنه يرى أنها تصير ملك الموهوب له كقول الجمهور ولا يرى أنها عارية. فتح الباري (5/ 238 – 239).
قال النووي على شرح مسلم [11/ 70 – 71]: قال أصحابنا وغيرهم من العلماء العمرى قوله: أعمرتك هذه الدار مثلا أو جعلتها لك عمرك أو حياتك أو ما عشت أو حييت أو بقيت أو ما يفيد هذا المعنى.
وأما عقب الرجل فبكسر القاف ويجوز إسكانها مع فتح العين ومع كسرها كما في نظائره والعقب هم أولاد الإنسان ما تناسلوا.
قال العباد: والرقبى تتعلق بعمر واحد منهما إما الواهب أو الموهوب له؛ لأنه يقول: هذه لك إن مت قبلك فهي لك، وشأنها شأن أموالك، وإن مت قبلي فإنها ترجع إلي، وقيل لها: رقبى؛ لأن كل واحد منهما يرقب وينتظر موت الآخر حتى يحصل على ذلك الشيء الذي وقع بينهما الاتفاق عليه.
قال الشوكاني: وأما كون العمرى والرقبى يوجبان الملك إلى آخره فلحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ((العمرى ميراث لأهلها أو قال جائزة)) وفيهما من حديث جابر قال ((قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالعمرى لمن وهبت له)) وفي لفظ لمسلم ((فمن أعمر عمرى فهي للذي أعمر حيا وميتا ولعقبه)) وفي لفظ لأحمد ومسلم وأبي داود إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يقول هي لك ولعقبك فأما إذا قال هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها ولكن قد قيل إن ذلك من كلام أبي سلمة مدرج في حديث جابر فلا تقوم بهذه الرواية حجة ولا تصلح لتقييد الأحاديث المطلقة كالحدثين المتقدمين وحديث زيد بن ثابت عند أحمد وأبي داود وابن ماجه وابن حبان قال ((قال رسول الله من أعمر عمري فهي لمعمره حياته ومماته لاترقبوا من أرقب شئيا فهو سبيل الميراث)). الدراري المضية (350).
[والخلاف في تمليكها على ثلاثة اقوال]
قال أصحابنا العمرى ثلاثة أحوال أحدها أن يقول أعمرتك هذه الدار فإذا مت فهي لورثتك أو لعقبك فتصح بلا خلاف ويملك بهذا اللفظ رقبة الدار وهي هبة لكنها بعبارة طويلة فإذا مات فالدار لورثته فإن لم يكن له وارث فلبيت المال ولا تعود إلى الواهب بحال خلافا لمالك
الحال الثاني أن يقتصر على قوله جعلتها لك عمرك ولا يتعرض لما سواه ففي صحة هذا العقد قولان للشافعي أصحهما وهو الجديد صحته وله حكم الحال الأول والثاني وهو القديم أنه باطل وقال بعض أصحابنا إنما القول القديم أن الدار تكون للمعمر حياته فإذا مات عادت إلى الواهب أو ورثته لأنه خصه بها حياته فقط وقال بعضهم القديم أنها عارية يستردها الواهب متى شاء فإذا مات عادت إلى ورثته
الثالث أن يقول جعلتها لك عمرك فإذا مت عادت إلي أو إلى ورثتي إن كنت مت ففي صحته خلاف عند أصحابنا منهم من أبطله والأصح عندهم صحته ويكون له حكم الحال الأول واعتمدوا على الأحاديث الصحيحة المطلقة العمرى جائزة وعدلوا به عن قياس الشروط الفاسدة
والأصح الصحة في جميع الأحوال وأن الموهوب له يملكها ملكا تاما يتصرف فيها بالبيع وغيره من التصرفات هذا مذهبنا وقال أحمد تصح العمرى المطلقة دون المؤقتة وقال مالك في أشهر الروايات عنه العمرى في جميع الأحوال تمليك لمنافع الدار مثلا ولا يملك فيها رقبة الدار بحال وقال أبو حنيفة بالصحة كنحو مذهبنا وبه قال الثوري والحسن بن صالح وأبو عبيدة وحجة الشافعي وموافقيه هذه الأحاديث الصحيحة والله أعلم. النووي على مسلم.
و جاء في تسير العلام شرح عمدة الاحكام (545):
العمرى ثلاثة أنواع:
1 إما أن تؤبد كقوله: لك: لعقبك من بعدك.
2 أو تطلق كقوله: هي لك عمرك أو عمري.
وجمهور العلماء على صحة هذين النوعين وتأبيدهما وهو مذهب بعض الحنابلة
3 والنوع الثالث أن يشترط الواهب الرجوع فيها بعد موت أحدهما. فهل يصح الشرط أو يلغى وتكون مؤبدة أيضاً؟
ذهب إلى صحة الشرط، جماعة من العلماء، منهم الزهري، ومالك، وأبو ثور، وداود. وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام وغيره من الأصحاب، لحديث ” المسلمون على شروطهم “.
والمشهور من مذهب الإمام أحمد، إلغاء الشرط ولزوم الهبة وتأبيدها.
وشرط الرجوع فيها المختلف في صحته، غير هبتها مدة الحياة فهذه لها حكم العارية بإجماع العلماء.
قال ابن تيمية: وتصح العمرى ويكون للمعمر ولورثته إلا أن يشترط المعمر عودها إليه فيصح الشرط وهو بقول طائفة من العلماء ورواية عن أحمد. الفتاوى الكبرى (5/ 435).
[الجمع بين جواز الرقبى والنهي عنها]
قال الطيبي رحمه الله الضمير للمعمر له والفاء في فمن أرقب تسبب للنهي وتعليل له يعني لا ترقبوا ولا تعمروا ظنا منكم واغترارا أن كلا منهما ليس بتمليك للمعمر له فيرجع إليكم بعد موته وليس كذلك فإن من أرقب شيئا أو أعمر فهو لورثة المعمر له فعلى هذا يتحقق إصابة ما ذهب إليه الجمهور في أن العمرى للمعمر له وأنه يملكها ملكا تاما يتصرف فيها بالبيع وغيره من التصرفات وتكون لورثته بعده. عون المعبود (9/ 343). انتهى
قوله (لَا تُرْقِبُوا) من الأرقاب، وهو جعل الدار رقبى وليس المطلوب النهي عن الخير حتى يرد أنه بعث الخير فكيف ينهي عنه كيف وقد جاء الأمر بالإنفاق في القرآن على وجه الكثرة بحيث لا تحصر بل المراد التنبيه على ما يفعل عنه فيجعل الدار رقبى غفلة عنه فقيل لهم لا تجعلوا الدار رقبي اعتمادًا على رجوع الدار إليكم بعد الموت فإنه لا رجوع والله تعالى أعلم.
[حاشية السندي على مسند الامام احمد]
قوله: [(لا ترقبوا ولا تعمروا)] المقصود من هذا ما جاء ذكره في بعض الأحاديث: (أمسكوا أموالكم) ومعناه: أن الإنسان إذا أراد أن يعطي عطاءً فليكن مما ليس له علاقة بالعمر أو بالحياة، ويمسك
[1/ 6 5:28 ص] نورس الهاشمي: ماله ويجري فيه ما يجري في أمواله، ولا يأتي به على هذه الطريقة، والنهي عنه لا يدل على تحريمه بل إذا وجد فإنه يصح ويثبت، وأن الأولى هو عدم الإرقاب وعدم الإعمار. (فمن أرقب شيئاً أو أعمره فهو لورثته). شرح سنن ابي داود للعباد
السؤال: كيف الجمع بين قوله: (الرقبى جائزة لأهلها)، وقوله: (لا ترقبوا)؟
الجواب: قوله: (لا ترقبوا) نهي وإشارة إلى أن الإنسان يمسك ماله ولا يخرجه بهذه الطريقة، ولكنه إذا أرقب فإن الرقبى ثابتة. نفس المصدر السابق
قال العلامة الاثيوبي: لكن لا تعارض بين هذه الاختلافات، فلا تضرّ بصحة الحديث، إذ كلها ترجع إلى معنى واحد، وهو أن النهي بمعنى أنه لا ينبغي فعلهما، لكن إن فُعلتا، وقعتا جائزتين، لازمتين. واللَّه تعالى أعلم بالصواب. شرح المجتبى [30/ 245].