28 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–
——–‘——-‘——-
الصحيح المسند
28 – قال الامام ابوعبدالله بن ماجه رحمه الله {ج2ص897}: حدثنا أبو عمير عيسى بن محمد بن النحاس وعيسى بن يونس والحسين بن أبي السرى العسقلاني قالوا حدثنا ضمرة بن ربيعة عن ابن شوذب عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال
أتى رجل بقاتل وليه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اعف فأبى فقال خذ أرشك فأبى قال اذهب فاقتله فإنك مثله قال فلحق به فقيل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال اقتله فإنك مثله فخلى سبيله قال فرئي يجر نسعته ذاهبا إلى أهله قال كأنه قد كان أوثقه
قال أبو عمير في حديثه قال ابن شوذب عن عبد الرحمن بن القاسم فليس لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول اقتله فإنك مثله
هذا حديث صحيح
………………….
وقد جاء نحوه في الصحيح المسند برقم 1275 من حديث أبي هريرة قال
قتل رجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه إلى ولي المقتول فقال القاتل يا رسول الله والله ما أردت قتله قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للولي أما إنه إن كان صادقا ثم قتلته دخلت النار قال فخلى سبيله قال وكان مكتوفا بنسعة فخرج يجر نسعته فسمي ذا النسعة.
وعند مسلم 1680: عن علقمة بن وائل، حدثه أن أباه، حدثه، قال: إني لقاعد مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل يقود آخر بنسعة، فقال: يا رسول الله، هذا قتل أخي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقتلته؟» – فقال: إنه لو لم يعترف أقمت عليه البينة – قال: نعم قتلته، قال: «كيف قتلته؟» قال: كنت أنا وهو نختبط من شجرة، فسبني، فأغضبني، فضربته بالفأس على قرنه، فقتلته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل لك من شيء تؤديه عن نفسك؟» قال: ما لي مال إلا كسائي وفأسي، قال: «فترى قومك يشترونك؟» قال: أنا أهون على قومي من ذاك، فرمى إليه بنسعته، وقال: «دونك صاحبك»، فانطلق به الرجل، فلما ولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قتله فهو مثله»، فرجع، فقال: يا رسول الله، إنه بلغني أنك قلت: «إن قتله فهو مثله»، وأخذته بأمرك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما تريد أن يبوء بإثمك، وإثم صاحبك؟» قال: يا نبي الله – لعله قال – بلى، قال: «فإن ذاك كذاك»، قال: فرمى بنسعته وخلى سبيله.
قال السندي في حاشيته على ابن ماجه:
قوله (فإنك مثله)
أي في كون كل منهما قاتل نفس وإن كان أحدهما قتل بظلم والآخر قتل بحق إلا أنه أطلق للترغيب إلى العفو وإصلاح ذات البين والتعريض في مثله جائز أو المراد إنك مثله على تقدير صدقه في قوله ما قتلته عمدا. ا. هـ
قال الاثيوبي: (إِنْ كَانَ صَادِقًا) فِي دعواه أنه لم يتعمّد قتله، بل وقع منه خطأً (ثُمَّ قَتَلْتَهُ، دَخَلْتَ النَّارَ) قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: يفيد أن ما كَانَ ظاهره العمد لا يسع فيه كلام القاتل: إنه ليس بعمد فِي الحكم، نعم ينبغي لوليّ المقتول أن لا يقتله؛ خوفًا منْ لحوق الإثم به، عَلَى تقدير صدق دعوى القاتل. انتهى.
(فَخَلَّى سَبِيلَهُ) أي أطلق أسره (قَالَ: وَكَانَ مَكْتُوفًا بِنِسْعَةٍ) بكسر النون، وسكون السين المهملة-: سَيْرٌ مضْفُورٌ، يُجعل زمامًا للبعير وغيره، وَقَدْ تُنسَج عريضةً. وَقَالَ فِي “القاموس”: “النِّسْعُ”: بالكسر: سَيْرٌ يُنسَج عَرِيضًا عَلَى هيئة أَعِنَّة النَّعَال، تُشَدُّ به الرِّحال، والقطعة منه نِسْعَةٌ، وسُمّيَ نِسْعًا لطوله، جمعه نُسْعٌ بالضمّ، ونِسَعٌ، كعِنَبٍ، وأَنْسَاعٌ، ونُسُوعٌ. انتهى. (فَخَرَجَ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ، فَسُمِّيَ ذَا النِّسْعَةِ) أي صاحب النسعة.
قال النووي في شرح مسلم: فالصحيح في تأويله أنه مثله في أنه لا فضل ولا منة لأحدهما على الآخر لأنه استوفى حقه منه بخلاف ما لو عفى عنه فإنه كان له الفضل والمنة وجزيل ثواب الآخرة وجميل الثناء في الدنيا وقيل فهو مثله في أنه قاتل وإن اختلفا في التحريم والإباحة لكنهما استويا في طاعتهما الغضب ومتابعة الهوى لا سيما وقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم منه العفو وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال بهذا اللفظ الذي هو صادق فيه لا يهام لمقصود صحيح وهو أن الولي ربما خاف فعفا والعفو مصلحة للولي والمقتول في ديتهما لقوله صلى الله عليه وسلم يبوء بإثمك وإثم صاحبك وفيه مصلحة للجاني وهو إنقاذه من القتل فلما كان العفو مصلحة توصل إليه بالتعريض.
قال الشيخ عبد المحسن العباد: فما دام الأمر دائراً بين أن يكون عمداً وأن يكون خطأً، فهذه شبهة يدرأ بها الحكم، ولا يصار للحكم الأشد مع احتمال ذلك.
ودفع النبي صلى الله عليه وسلم القاتل لولي المقتول على اعتبار أنه اعترف بالقتل، ولكنه قال بعد ذلك: إني ما أردت قتله، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشد هذا الولي إلى أن يتركه، وذلك أولى من أن يقتله.
ولكن لو أراد أن يأخذ الدية فله ذلك، وإذا أراد أن يعفو عن هذا وهذا فهذا من الأمور المحمودة الطيبة.
و فيه دليل على أن الشخص الذي يخشى انفلاته فإنه يوثق ويمسك حتى لا يهرب. (شرح سنن أبي داود)
(بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ) قَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: يعني بذلك -والله تعالى أعلم- أن المقتول ظلمًا تُغفر ذنوبه عند قتل القاتل له، والوليّ يُغفر له عند عفوه عن القاتل، فصار ذهاب ذنوبهما بسبب القاتل، فلذلك قيل عنه: إنه باء بذنوب كلّ واحد منهما، هَذَا أحسن ما قيل فيه. والله تعالى أعلم. انتهى “المفهم” 5/ 58.