: 2796 – فتح ذي النعم بالبدر الأتم شرح صحيح مسلم
شارك محمد البلوشي وعبدالله المشجري … وعبدالله كديم وطارق أبي تيسير وعبدالحميد البلوشي وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
جاء في صحيح الإمام مسلم رحمه الله في كتاب صِفَةِ القِيامَةِ والجَنَّةِ والنّارِ، (5) – باب في قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} [الأنفال (33)] الآية:
(37) – ((2796)) حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن عبد الحميد الزيادي، أنه سمع أنس بن مالك، يقول: «قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، فأمطر علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم، فنزلت: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون، وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام} [الأنفال (34)] إلى آخر الآية».
==========
الحديث أخرجه
البخاري ج9 ص378 حدثني أحمد حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عبد الحميد صاحب الزيادي سمع أنس بن مالك رضي الله عنه به
الصحيح المسند من أسباب النزول (ص101)
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته:
قال الحافظ النووي رحمه الله: (” [(8)]- باب في قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} [الأنفال (33)] “).
قال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7038)] ((2796)) – شرح الحديث: رواه
(عن عبد الحميد الزيادي) هو عبد الحميد بن دينار تابعي صغير، ويقال له: ابن كرديد، بضم الكاف، وسكون الراء، وكسر الدال المهملة، ثم تحتانية ساكنة، ثم دال أخرى، والزيادي الذي نسب إليه من ولد زياد الذي يقال له: ابن أبي سفيان، قاله في «الفتح». [«الفتح» (8) / (309)، «كتاب التفسير» رقم ((4648))].
(أنه سمع أنس بن مالك) – رضي الله عنه -،
(يقول: قال أبو جهل) فرعون هذه الأمة،
قال في «الفتح»: قوله: «قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا … إلخ»، ظاهر في أنه القائل ذلك، وإن كان هذا القول نسب إلى جماعة، فلعله بدأ به، ورضي الباقون، فنسب إليهم.
وقد روى الطبراني من طريق ابن عباس أن القائل ذلك هو النضر بن الحارث، قال: فأنزل الله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع ((1))} [المعارج (1)]، وكذا قال مجاهد، وعطاء، والسدي، ولا ينافي ذلك ما في الصحيح؛ لاحتمال أن يكونا قالاه، ولكن نسبته إلى أبي جهل أولى.
وعن قتادة، قال: قالَ ذَلِكَ سَفَهَةُ هَذِهِ الأُمَّةِ وجَهَلَتُها.
وروى ابن جرير من طريق يزيد بن رومان أنهم قالوا ذلك، ثم لما أمسوا ندموا، فقالوا: غفرانك اللهم، فأنزل الله: {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}.
وروى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس أن معنى قوله: {وهم يستغفرون}؛ أي: من سبق له من الله أنه سيؤمن، وقيل: المراد: من كان بين أظهرهم حينئذ، من المؤمنين، قاله الضحاك، وأبو مالك، ويؤيده ما أخرجه الطبري من طريق بن أبْزى، قال: «كان رسول الله ? بمكة، فأنزل الله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم}، ثم خرج إلى المدينة، فأنزل الله: {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}، وكان من بقي من المسلمين بمكة يستغفرون، فلما خرجوا أنزل الله: {وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام} الآية، فأذن الله في فتح مكة»، فهو العذاب الذي وعدهم الله تعالى.
وروى الترمذي من حديث أبي موسى، رفعه: «قال: أنزل الله على أمتي أمانين»، فذكر هذه الآية، قال: «فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار»، وهو يقوي القول الأول، والحمل عليه أولى، وأن العذاب حل بهم لما تركوا الندم على ما وقع منهم، وبالغوا في معاندة المسلمين، ومحاربتهم، وصدهم عن المسجد الحرام، والله أعلم [«الفتح» (149) – (150)].
حديث: أنزل الله علي أمانين … ذكره الألباني في
السلسلة الضعيفة (1690) – «أنزل الله علي أمانين لأمتي» وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون «، إذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة».
قال الألباني: ضعيف.
رواه الترمذي ((2) / (181)) عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن عباد بن يوسف عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه مرفوعا، وضعفه بقوله: «هذا حديث غريب، وإسماعيل بن مهاجر يضعف في الحديث». قلت: وشيخه عباد بن يوسف مجهول كما في «التقريب». وبالأول أعله المناوي أيضا في «الفيض»، وجزم بضعف إسناده في «التيسير».
وقال صاحب أنيس الساري (تخريج أحاديث فتح الباري) (2) / (1093) ((761)): ضعيف ونقل تضعيف الترمذي السابق. وقال: وسفيان بن وكيع ضعيف، وعباد بن يوسف مجهول كما في «التقريب».
وأخرج الإمام أحمد في مسنده
(23953) – حَدَّثَنا مُعاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنا رِشْدِينُ، قالَ: حَدَّثَنِي مُعاوِيَةُ بْنُ سَعِيدٍ التُّجِيبِيُّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ فَضالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ? أنَّهُ قالَ: «العَبْدُ آمِنٌ مِن عَذابِ اللهِ، ما اسْتَغْفَرَ اللهَ»
قال محققو المسند: حسن بمجموع طريقيه وشاهده،
وفي الباب عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله ?: «أنزل الله عليَّ أمانين لأُمَّتي: … أخرجه الترمذي ((3082))، وإسناده ضعيف، وضعَّفه الترمذي.
وأخرج الإمام أحمد ((13493)) وغيره من حديث أنس بن مالك مرفوعًا: «والذي نفسي بيده، لو خَطِئتُم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله، لغَفَر لكم». وسنده حسن في المتابعات والشواهد.
وفي الروض البسام بترتيب وتخريج فوائد تمام (4) / (145) بين ضعف المرفوع وقال:
وجاء موقوفًا عن أبي هريرة وابن عبّاس:
أخرجه الحاكم ((1) / (542)) -وصححه على شرط مسلم، وسكت عليه الذهبي- وعنه البيهقي في «الشعب» ((1) / (442)) من طريق حماد بن سلمة
عن أبي جعفر الخَطْمي -واسمه: عمير بن يزيد- عن محمد بن كعب القُرَظي عن أبي هريرة، قال: كان فيكم أمانان: مضت إحداهما وبقيت الأخرى {وما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ … } الآية.
وإسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي حاتم -كما في» تفسير ابن كثير ((2) / (305)) – والبيهقي في «الشعب» ((2) / (182)) من طريق النَّضر بن عربي عن مجاهد عن ابن عباس، قال: كان في هذه الأمة أمانان: رسول الله – ? – والاستغفار، فذهب أمانٌ -يعني: رسول الله – ? – وبقي أمانٌ. يعني: الاستغفار.
وإسناده حسن.
وأخرجه الطبري ((9) / (154)) والبيهقي في «السُّنن» ((5) / (45) – (46)) من طريق أبي حذيفة عن عكرمة بن عمّار عن أبي زُمَيل عن ابن عباس مثله.
وهذا إسنادٌ لا بأس به في الشواهد: أبو حذيفة موسى بن مسعود فيه لينٌ.
قوله (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك) بنصب «الحق» على أنه خبر «كان»، والمعنى: إن كان القرآن الذي جاءنا به محمد ? هو الحق (فأمطر علينا حجارة من السماء) قالوا هذه المقالة مبالغة في الجحود، والإنكار، قال أبو عبيدة: يقال: أمطر في العذاب، ومطر في الرحمة، وقال في «الكشاف»: قد كثر الإمطار في معنى العذاب. [«فتح القدير» للشوكاني (3) / (175)].
قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت} يا محمد موجود {فيهم} فإنك ما دمت فيهم، فهم في مهلة من العذاب الذي هو الاستئصال، وقوله تعالى: ({فيهم}) أي أنت مقيم فيهم في مكة، وهذا إشارة إلى ما قبل الهجرة، فكان المانع من نزول العذاب على أهل مكة حينئذ وجود رسول الله ? فيهم.
وقوله: ({وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}) إشارة على ما بعد الهجرة قبل الفتح وكان المانع من نزول العذاب على أهل مكة إذ ذاك أنه كان يسكنها المؤمنون الذين كانوا يستغفرون الله فلما خرجوا من مكة جميعا أنزل الله تعالى قوله: {وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام} [الأنفال (34)] (إلى آخر الآية) فإذن الله تعالى في فتح مكة وهو العذاب الذي وعدهم الله تعالى والله سبحانه وتعالى أعلم. [الكوكب الوهاج (25/ 399)].
وقوله: (إلى آخر الآية)، أي: اقرأ إلى نهاية الآية، وهو قوله تعالى: {وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون} [الأنفال (34)]. {ولكن أكثرهم لا يعلمون} [الأنفال (34)] ذلك، والحكم على الأكثرين بالجهل يفيد أن الأقلين يعلمون، ولكنهم يعاندون، والله تعالى أعلم. [«فتح القدير» للشوكاني (3) / (176)].
وحديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – هذا متفق عليه.
* فقه الحديث وفوائده:
(1) – (منها): بيان سبب نزول الآية الكريمة.
(2) – (ومنها): بيان ما كان عليه المشركون من العناد والتمرد على الإسلام.
(3) – (ومنها): بيان كونه صلى الله عليه وسلم رحمة للأمة؛ حيث يدفع الله عنهم العذاب بوجوده مع استحقاقهم له، وهذا مصداق قوله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ((107))} [الأنبياء (107)]، فكان رحمة للكفار في تأخير عذاب الاستئصال عنهم، وأما كونه رحمة للمؤمنين ففي الدنيا والآخرة.
(4) – (ومنها): أن الاستغفار سبب في دفع عقوبة الدنيا حتى من الكفار، فقد أخر الله عن المشركين العذاب مع كفرهم، حيث استغفروه، فكيف بالمؤمنين، ففيه بيان عظم الاستغفار، والله تعالى أعلم. [البحر المحيط الثجاج، بتصرف يسير].
5 – (ومنها): إشارةٌ إلى عُتُوِّ أبي جهل وعناده وكبره، وتأصُّلِ الكفر في قلبه ورسوخه فيه؛ فإنه استنكف واستكبر أن يقول: اللهم إن كان هذا هو الحقَّ من عندك فاهدنا إليه، لكنه سبق إليه الشقاءُ، قال تعالى: {ومن يضلل الله فما له من هاد}.
6 – (ومنها): دليل على أن وجود النبي صلى الله عليه وسلم بين الناس أَمَنَةٌ من العذاب وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ)) [أخرجه مسلم ((2531))]. انتهى.
وقد سبق في صحيح مسلم شرح الحديث في (بابُ بَيانِ أنَّ بَقاءَ النَّبِيِّ ? أمانٌ لِأصْحابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ).
7 – (ومنها): “من خصوصياته صلى الله عليه وسلم في الدنيا أنه كان أمَنَة لأصحابه وأمته من العذاب، بخلاف الأمم السابقة، فقوم نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام عُذِّبُوا في حياة أنبيائهم وأهْلِكُوا”.
(توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم)
ثانيًا: ملحقات:
(المسألة الأولى):
” الاية الثانية قوله تعالى: {وما كانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وأنتَ فِيهِمْ وما كانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال (33)]، قال الحسن: قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} ثم نزلت بعدها آية نسختها، وهي قوله تعالى: {وما لَهُمْ ألّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ}.
قال القاضي محمد بن العربي رضي الله عنه:
هذا وهم في النقل عنه والقول منه؛ روى البخاري عن أنس بن مالك رحمه الله قال: قال أبو جهل لعنه الله: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فنزلت: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ومالهم ألا يعذبهم الله} الآية. فأخبر أنس أن الآيتين نزلتا معًا، وما نزل في فور واحد لا يصح النسخ من بعضه إلى بعض …
قال القاضي محمد بن العربي:
الذي أوجب هذا الاختلاف في التفسير عدم فهم الآية، ومعناها على التحقيق (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) (بتمنيهم العذاب) كما فعل (في سائر) الأمم قبلهم، مراعاة لك. فإنا أرسلناك رحمة للعالمين. فرفع العذاب عن كفار هذه الأمة في سؤالها إياه لحرمة محمد ?، ثم قال: وإذا راعيناهم في حرمتك، فإنا نراعيهم في استغفارهم. فإذا استغفروا لم يعذبهم، يريد به الاستغفار الصحيح الصادر عن الاعتقاد الصريح، فإنه الذي ينتفع به المستغفر … قد روى عن أبي موسى الأشعري نحو من هذا قال، قال رسول الله ?: أنزل الله علي أمانين لأمتي: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة. وهذا معنى صحيح في سند ضعيف، يحققه الحديث الصحيح: (لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) [الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم للقاضي أبي بكر بن العربي المعافري (ت (543))، (229/ 231)].
وقال ابن كثير رحمه الله:
“روى ابن جرير عَنْ عِكْرِمَةَ والحَسَنِ البَصْرِيِّ قالا فَنَسَخَتْها الآيَةُ الَّتِي تَلِيها: {وما لَهُمْ ألا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} إلى قَوْلِهِ: {فَذُوقُوا العَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} فقُوتلوا بِمَكَّةَ، فَأصابَهُمْ فِيها الجُوعُ والضُّرُّ.
وكَذا رَواهُ ابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن حَدِيثِ أبِي تُمَيْلة يَحْيى بْنِ واضِحٍ.
وروى ابْنُ أبِي حاتِمٍ:، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: {وما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} ثُمَّ اسْتَثْنى أهْلَ الشِّرْكِ فَقالَ [تَعالى] {وما لَهُمْ ألا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ} “. انتهى. [تفسير ابن كثير ابن كثير (ت (774))، (4/ 50 – 51)].
(المسألة الثانية):
وقد سبق في الدروس السابقة ذكر أسباب رفع البلاء:
(1)) تقوى الله تعالى وطاعته
والتقوى، هو: فعل أوامر الله واجتناب معاصيه الظاهرة والباطنة، ومراقبة الله في السر والعلن في كل عمل؛ قال سبحانه وتعالى: {ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} [الطلاق (2)].
(2)) أعمال البر، كالإحسان إلى الخلق بجميع صوره، والدعاء؛
قال الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} [الأنبياء: 83، 84].
ويدل على ذلك قصة الثلاثة الذين انسد عليهم الغار بصخرة، فقالوا: من ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم.
ففي صحيح البخاري، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أنه قال: قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ فَصَلُّوا، وادْعُوا اللَّهَ)).
وجاء في الدعاء من صحيح الجامع الصغير: (لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر)، وفيه أيضًا: (صدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد في العمر، وفعل المعروف يقي مصارع السوء)، وفيه أيضًا: (لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر).
قلت سيف: وراجع تحقيقي لنضرة النعيم وتحقيقي لكشف الأستار (3136) حيث ورد من حديث أنس وسلمان.
قالت خديجة رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لما جاءه جبريل في صورته الحقيقة لقد خشيت على نفسي: “كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدًا، إنك تصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق”.
(3)) الإكثار من الاستغفار، والذكر:
قال الله سبحانه وتعالى: {وما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال (33)]. انتهى بتصرف.
(المسألة الثالثة): “حياته صلى الله عليه وسلم أمَنَة وأمان لأصحابه وأمته:
من خصوصياته صلى الله عليه وسلم في الدنيا أنه كان أمَنَة لأصحابه وأمته من العذاب قال النووي: “وقوله صلى الله عليه وسلم: (وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون) أي: من الفتن والحروب وارتداد من ارتد من الأعراب، واختلاف القلوب ونحو ذلك مما أنذر به صريحاً، وقد وقع كل ذلك .. ، قوله صلى الله عليه وسلم: (وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون) معناه: من ظهور البدع والحوادث في الدين”.
قال ابن هبيرة: “وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} المعنى: إنما امتنع العذاب عنهم بمكة لكونك فيهم. وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي: لو استغفروا لما عُذِّبُوا”.
وقال ابن الجوزي: “وفي معنى {وَأَنْتَ فِيهِمْ} قولان:
أحدهما: وأنت مقيم بين أظهرهم، قال ابن عباس: لم تُعذب قرية حتى يخرج نبيها والمؤمنون معه. والثاني: وأنت حي”.
(المسألة الرابعة):
قال ابن تيمية (ت (728)) رحمه الله: ومن هؤلاء من يظن أن القبر إذا كان في مدينة أو قرية فإنهم ببركته يرزقون وينصرون، وأنه يندفع عنهم الأعداء والبلاء بسببه.
ويقولون عمن يعظمونه: إنه خفير البلد الفلاني، كما يقولون: السيدة نفيسة خفيرة مصر والقاهرة، وفلان وفلان خفراء دمشق أو غيرها، وفلان خفير حران أو غيرها، وفلان وفلان خفراء بغداد أو غيرها، ويظنون أن البلاء يندفع عن هذه المدائن والقرى بمن عندهم من قبور الصالحين أو الأنبياء، ثم قد يكون في البلد من قبور الصحابة والتابعين من هو أفضل من ذلك الذي جعلوه خفيرًا، كما أن فيهم من الصحابة والتابعين وغيرهم من هو أفضل من نفيسة بكثير.
وبدمشق من الصحابة والتابعين من هو أفضل من بعض من يجعلونه خفيرًا أو يقصدون الدعاء عند قبره كأربعة في باب الصغير وكرسلان التركماني وغيرهم.
وقد نزل عدو كافر بالبلد فتمثل له الشيطان بصورة ذلك الخفير، وأنه يضربه بعكازه أو غيره، ويقول ارحل من عندي فيرحل ذلك الملك الكافر لما رآه، فيظن أولئك أن نفس الشيخ الميت أو سره أتاه فدفع عنه!
وفي المدفونين بالبلد من هو أفضل من ذلك بكثير.
وهذا مما لم يكن معروفًا على عهد الصحابة والتابعين، ولكن حدث بعدهم.
ومن أقدم ما روي في ذلك ما ذكره أبو عبد الرحمن السلمي، قال: سمعت أبا بكر الرازي، يقول: سمعت عبد الله بن موسى الطلحي، يقول: سمعت أحمد بن العباس، يقول: خرجت من بغداد هربت منها، فاستقبلني رجل عليه أثر العبادة، فقال لي: من أين خرجت؟ فقلت: من بغداد، هربت منها لما رأيت فيها من الفساد، خفت أن يخسف بأهلها. فقال: ارجع ولا تخف؛ فإن فيها قبور أربعة / من أولياء الله هم حصن لها من جميع البلايا!
قلت: من هم؟ قال: الإمام أحمد بن حنبل، ومعروف الكرخي، وبشر بن الحارث الحافي، ومنصور بن عمار الواعظ. فرجعت ولم أخرج.
وهذا الشخص الذي قال هذا هو مجهول لا يعرف، وقد يكون جنيًّا وقد يكون إنسيًّا؛ فإن الجن كثيرًا ما يتصورون في صورة الإنس ويقول أحدهم لمن ينفرد به في البرية: أنا النبي فلان، أو الشيخ فلان، أو الخضر.
ومثل هذا كثير معروف تطول حكاية آحاده فإنها لا تحصى لكثرتها.
وهؤلاء قد يظنون أن وجود النبي ? مقبورًا بينهم مثل وجوده في حياته، والله تعالى يقول: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} [سورة الأنفال: ((33))] وهذا غلط عظيم.
فقد روى الترمذي حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا ابن نمير عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن عباد بن يوسف عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه قال: قال رسول الله ? (أنزل الله أمانين لأمتي: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} [سورة الأنفال: ((33))]، فإذا مضيت تركت فيكم الاستغفار).
فقد بين ? أن الأمان بوجوده هو في حياته، وأنه بعد موته لم يبق إلا الاستغفار، ليس في وجود القبر أمان.
وكذلك في صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري عن النبي ? أنه قال: (النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد. وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون. وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهبت أصحابي أتى أمتي ما يوعدون).
ومما يوضح الأمر في ذلك أنه من المعلوم أن بيت المقدس وما حوله من قبور الأنبياء ما هو أكثر من غيره، فإنه قد قيل: إن بني إسرائيل بعث فيهم ألف نبي، ومع هذا فقد قال الله تعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين -إلى قوله- عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا} [سورة الإسراء: ((4) – (8))]، فقد بين الله أنهم إذا غلوا وأفسدوا عاقبهم الله بذنوبهم وسلط عليهم العدو الذي جاس خلال الديار، ودخل / المسجد وقتل فيهم من لا يحصي عدده إلا الله، ولم يخفرهم أحد من قبور الأنبياء التي كانت هناك، وإنما الناس يجزون بأعمالهم، والله تعالى هو الذي يرزقهم وينصرهم، لا رازق غيره ولا ناصر إلا هو؛ قال تعالى: {أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن} الآيتين [سورة الملك: ((20) – (21))]، فليس للعباد من دون الله لا رازق ولا ناصر.
وقد قال تعالى: {وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة} الآية [سورة الإسراء: ((58))]، فأخبر أنه لا بد لكل قرية من هلاك، أو عذاب شديد بدون الهلاك، وذلك بذنوبهم بعد إرسال الرسل لهم. قال الله تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون * ذكرى وما كنا ظالمين} [سورة الشعراء: ((208) – (209))].
وكان أهل المدينة النبوية على عهد رسول الله ? وعهد خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان أحسن أهل المدائن حالًاً، ونعمة الله عليهم أعظم النعم؛ لكونهم كانوا مطيعين لله ورسوله، وكانت الخلفاء تسوسهم سياسة نبوية، فلما تغيروا وقتل بينهم عثمان رضي الله عنه تغير الأمر وحصل لهم من الخوف والذل، ثم أصابهم من السيف ما أصابهم، ورسول الله ? مدفون بالحجرة،
وهو قد بلغهم الرسالة وأدى الأمانة، ولم يضمن لهم أنه لوجود قبره أو قبر غيره من الأنبياء والصالحين يندفع البلاء، وإنما يندفع البلاء بطاعة الرسل لا بقبورهم، فمن أطاعهم كان سعيدًا في الدنيا والآخرة، ومن عصاهم استحق ما يستحقه أمثاله وإن كان عنده ما شاء الله من قبورهم.
وكانت حفصة أم المؤمنين تتأول فيهم قوله: {وضرب الله مثلًا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدًا من كل مكان} الآية [سورة النحل: ((112))]، كما رواه ابن أبي حاتم وغيره من حديث ابن وهب حدثنا ابن شريح عن عبد الكريم بن الحارث سمعه يحدث عن مشرح ابن عاهان عن سليم بن عفير، قال: صحبت حفصة زوج النبي ? وهي خارجة من مكة إلى المدينة، فأخبرت أن عثمان قد قتل، فرجعت حفصة، فقالت: ارجعوا بي عن المدينة، فو الذي نفسي بيده إنها للقرية التي قال الله: {وضرب الله / مثلًا قرية كانت آمنة مطمئنة} الآية [سورة النحل: ((112))]، ولم ترد حفصة [رضي الله عنها] أن الآية خصت المدينة بالذكر، [بل هذا مثل] ضربه الله لمن كان كذلك.
وكان أهل مكة لما كانوا كفارًا كذلك فأصابهم ما أصابهم، فلما قتل عثمان علمت حفصة أن سيصيب أهل المدينة من البلاء ما يناسب حالهم بعد ما كانوا فيه من الأمن والطمأنينة وإتيان رزقهم من كل مكان. فذكرت ذلك على سبيل التمثيل بالمدينة، لا على سبيل الحصر فيها.
وأهل بغداد أصابهم ما أصابهم من السيف العام، وعندهم قبور ألوف من أولياء الله زيادة على قبور الأربعة، فلم تغن عنهم من الله شيئًا.
وهؤلاء الذين يعتقدون أن القبور تنفعهم وتدفع البلاء عنهم قد اتخذوها أوثانًا من دون الله، وصاروا يظنون فيها ما يظنه أهل الأوثان في أوثانهم، فإنهم كانوا يرجونها ويخافونها ويظنون أنها تنفع وتضر؛ ولهذا قالوا لهود عليه السلام {إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء} فقال هود: {إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعًا -إلى قوله- إن ربي على صراط مستقيم} [سورة هود: ((54) – (56))]، وقد قال تعالى في قصة الخليل: {وحاجه قومه)
و لخاتم الرسل ? بعد أن خاطب المشركين فقال: {إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين -إلى قوله- فلا تنظرون} [سورة الأعراف: ((194) – (195))]، وقال: {أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه -إلى قوله- قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون} [سورة الزمر: ((36) – (38))].
وأول ما ظهر الشرك بمكة من عمرو بن لحي سيد خزاعة، وكانت خزاعة ولاة البيت بعد جرهم، وقيل: قريش، فجاء إلى البلقاء فرآهم يعبدون الأصنام، وزعموا أنها تنفعهم، فجلب أصنامًا إلى مكة ونصبها حول الكعبة، قال النبي ? (رأيت عمرو بن لحي وهو يجر قصبه في النار -أي أمعاءه- وهو أول من غير دين إبراهيم عليه السلام) “. [الإخنائية (أو الرد على الإخنائي) لابن تيمية (ت (728))، (189 – 196)].
المسألة الخامسة: تسمية أبي جهل فرعون هذه الأمة: في مسند أحمد
(4246) – حَدَّثَنا وكِيعٌ، حَدَّثَنا إسْرائِيلُ، عَنْ أبِي إسْحاقَ، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ، قالَ: قالَ عَبْدُ اللهِ: انْتَهَيْتُ إلى أبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ وقَدْ ضُرِبَتْ رِجْلُهُ، وهُوَ صَرِيعٌ، وهُوَ يَذُبُّ النّاسَ عَنْهُ بِسَيْفٍ لَهُ، فَقُلْتُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أخْزاكَ يا عَدُوَّ اللهِ فَقالَ: هَلْ هُوَ إلّا رَجُلٌ قَتَلَهُ قَوْمُهُ؟ قالَ: فَجَعَلْتُ أتَناوَلُهُ بِسَيْفٍ لِي غَيْرِ طائِلٍ، فَأصَبْتُ يَدَهُ، فَنَدَرَ سَيْفُهُ، فَأخَذْتُهُ فَضَرَبْتُهُ بِهِ، حَتّى قَتَلْتُهُ، قالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ حَتّى أتَيْتُ النَّبِيَّ ?، كَأنَّما أُقَلُّ مِنَ الأرْضِ، فَأخْبَرْتُهُ، فَقالَ:» آللَّهِ الَّذِي لا إلَهَ إلّا هُوَ؟ «، فَرَدَّدَها ثَلاثًا، قالَ: قُلْتُ: آللَّهِ الَّذِي لا إلَهَ إلّا هُوَ، قالَ: فَخَرَجَ يَمْشِي مَعِي، حَتّى قامَ عَلَيْهِ، فَقالَ:» الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أخْزاكَ يا عَدُوَّ اللهِ، هَذا كانَ فِرْعَوْنَ هَذِهِ الأُمَّةِ «قالَ: وزادَ فِيهِ أبِي، عَنْ أبِي إسْحاقَ، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ، قالَ: قالَ عَبْدُ اللهِ: «فَنَفَّلَنِي سَيْفَهُ»
قال محققو المسند: إسناده ضعيف لانقطاعه، أبو عبيدة – وهو ابن عبد الله بن مسعود – ثم يسمع من أبيه، وبقية رجاله ثقات من رجال الشيخين، إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق، وأبو إسحاق: هو السبيعي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (14) / (373) عن وكيع، بهذا الإسناد، بزيادة والد وكيع مع إسرائيل.
وأخرجه الشاشي ((932)) من طريق النضر بن شميل، عن إسرائيل، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (12) / (373)، وأبو داود ((3722))، وأبو يعلى ((5231))، من طريق وكيع، عن أبيه الجراح بن مليح، عن أبي إسحاق، به، بلفظ: نفلني رسول الله ? يوم بدر سيف أبي جهل. (ملاحظة: قد غيَّر محقق» مصنف «ابن أبي شيبة لفظ:» عن أبيه «الوارد في الأصل عنده في الإسناد إلى:» عن إسرائيل ” ظنًا منه أنه هو الصواب!).
وسلف برقم ((3824)).
قوله: وهو صريع، أي: مصروع.
هل هو الا رجل قتله قومه، أي: مثله لا يستعظم كما استعظمته.
فندر سيفُه، أي: سقط من يده.
أقَلُّ من الأرض: على بناء المفعول، أي: أرفع من الأرض من السرعة في المشي والفرحة بقتله. قاله السندي.
المسألة السادسة: طلب تعجيل العذاب:
قوله تعالى:
{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} الآية 19.
ابن جرير ج9 ص208 قال1 حدثنا يحيى بن آدم عن إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صغير قال: كان المستفتح يوم بدر أبا جهل قال اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لم نعرف فأحِنْهُ الغداة، فأنزل الله {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}.
الحديث أصله في المسند ج5 ص431 وليس فيه نزول الآية وأخرجه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأقره الذهبي وعزاه الحافظ ابن كثير في التفسير ج2 ص296 للنسائي في التفسير وأخرجه الواحدي في أسباب النزول.
وفي مسند أحمد ط الرسالة (39) / (66)
(23661) – حَدَّثَنا يَزِيدُ، أخْبَرَنا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ إسْحاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، أنَّ أبا جَهْلٍ قالَ: حِينَ التَقى القَوْمُ: «اللهُمَّ أقْطَعَنا الرَّحِمَ، وآتانا بِما لا يُعْرَفُ فَأحْنِهِ الغَداةَ فَكانَ المُسْتَفْتِحَ»
قال محققو المسند: صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل ابن إسحاق، وقد توبع. يزيد: هو ابن هارون.
وأخرجه ابن أبي شيبة (14) / (359) – (360)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» ((631))، والطبري في «تفسيره» (9) / (208)، والحاكم في «المستدرك» (2) / (328) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد – وزادوا فيه: فأنزل الله (إن تستفتِحُوا فقد جاءَكم الفَتْحُ … ) [الأنفال (19)].
والحديث في «سيرة ابن هشام» (2) / (280)، ومن طريق ابن إسحاق أخرجه الطبري (9) / (208) – (209)، والبيهقي في «الدلائل» (3) / (74).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» ((11201))، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» ((632))، والطبري (9) / (208)، والحاكم (2) / (328) من طريق صالح بن كيسان، والطبري (9) / (207) – (208) من طريق عقيل بن خالد، كلاهما عن الزهري، به.
وأخرجه الطبري (9) / (207) من طريق معمر، عن الزهري – لم يجاوز به.
قال السندي: قوله: «أقطعُنا» اسم تفضيل للقطع. «وآتانا» اسم تفضيل من الإتيان. «فأحِنْهُ» من أحانَه الله، أي: أهلَكَه ولم يوفِّقه للرشاد.
ومما ذكر في القرآن في طلب تعجيل العذاب:
قوله تعالى {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَة? لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ}
[سُورَةُ الرَّعْدِ: (6)]
وقوله تعالى {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَة? مِّمَّا تَعُدُّونَ}
[سُورَةُ الحَجِّ: (47)]
وقوله تعالى {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَل? مُّسَمّ?ى لَّجَا ءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَة? وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ((53)) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ((54))}
[سُورَةُ العَنكَبُوتِ: (53) – (54)]
قال السعدي:
لَّجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَاتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
يخبر تعالى عن جهل المكذبين للرسول وما جاء به، وأنهم يقولون -استعجالا للعذاب، وزيادة تكذيب- {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}؟
يقول تعالى: {وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى} مضروب لنزوله، ولم يأت بعد، {لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ} بسبب تعجيزهم لنا وتكذيبهم الحق، فلو آخذناهم بجهلهم، لكان كلامهم أسرع لبلائهم وعقوبتهم، ولكن -مع ذلك- فلا يستبطئون نزوله، فإنه سيأتيهم {بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}
فوقع كما أخبر اللّه تعالى، لما قدموا لـ “بدر” بطرين مفاخرين، ظانين
أنهم قادرون على مقصودهم، فأهانهم اللّه، وقتل كبارهم، واستوعب جملة أشرارهم، ولم يبق فيهم بيت إلا أصابته تلك المصيبة، فأتاهم العذاب من حيث لم يحتسبوا، ونزل بهم وهم لا يشعرون.
وإليك ما طلبت الأمم من رسلها في تعجيل العذاب:
فالعذاب أنواع، منه ما يكون في الدنيا، ومنه ما يكون عند الموت وخروج الروح، ومنه ما يكون في القبر، ومنه ما يكون في الآخرة، ومنه ما يكون فيها جميعًا، نسأل الله الكريم الرحيم لنا، ولعموم المسلمين السلامة من جميع أنواع العذاب.
والعذاب في الدنيا، قد يكون حسيًّا في البدن، وقد يكون معنويًّا في القلب والنفس، والعذاب الدنيوي له أسباب متعددة؛ منها: استعجال العذاب، فالمكذبون للرسل لجهلهم وظلمهم وعنادهم، يطلبون تعجيل العذاب لهم في الدنيا؛ قال الله عز وجل: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} [العنكبوت: 53]؛ قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: يستعجلون بالعذاب لا أنهم يريدون العذاب، بل يستعجلونه تحديًا.
فقوم نوح، دعاهم نبيهم نوح عليه الصلاة والسلام إلى عبادة الله وحده لا شريك، وخاف عليهم نزول العذاب؛ قال الله عز وجل: {لقَد أَرسَلنا نوحًا إِلى قَومِهِ فَقالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّهَ ما لَكُم مِن إِلهٍ غَيرُهُ إِنّي أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ عَظيمٍ} [الأعراف: 59]، وبعد دعوتهم بالترغيب والترهيب، طلبوا منه أن يأتيهم بما وعدهم به من العذاب؛ قال سبحانه وتعالى عنهم: {قالوا يا نوحُ قَد جادَلتَنا فَأَكثَرتَ جِدالَنا فَأتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقينَ} [هود: 32]، قالوا ذلك تعنتًا وتكبرًا، فجاءهم العذاب الذي أهلكهم وأغرقهم؛ قال الله سبحانه وتعالى: {فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [العنكبوت: 14]، وقال جل وعلا: {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر: 11 – 12]، قال العلامة السعدي رحمه الله: فجُعلت السماء ينزل منها الماء، شيء خارق للعادة، وتفجرت الأرض كلها، حتى التنور الذي لم تجر العادة بوجود الماء فيه، فضلًا عن كونه منبعًا للماء؛ لأنه موضع النار، {فَالْتَقَى الْمَاءُ}؛ أي: ماء السماء والأرض، {عَلَى أَمْرٍ} من الله له بذلك، {قَدْ قُدِرَ}؛ أي: كتبه الله في الأزل وقضاه عقوبةً لهؤلاء الظالمين الطاغين.
وقوم عاد أنذَرهم نبيُّهم هود عليه الصلاة السلام، بوقوع العذاب إن لم يستجيبوا له في عبادة الله وحده لا شريك له، فطلبوا منه أن يأتيهم به؛ كما قال الله عز وجل عنهم: {واذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَافِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَاتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الأحقاف: 21 – 22]، فأرسل الله الريح التي دمَّرتهم وأهلكتهم، فأصبحوا صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية، وهم الذين كانوا يقولون: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت: 15]، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: أهلكهم الله بالريح التي هي من ألطفِ الأشياء، فدل هذا على كمال قدرة الله سبحانه وتعالى، وأنه مهما بلغ الناس من القوة، فليست قوتهم بشيءٍ بالنسبة إلى قوة الله.
وقوم ثمود، دعاهم نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام إلى عبادة الله وحده لا شريك له، قال عز وجل: {وَإِلى ثَمودَ أَخاهُم صالِحًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّهَ ما لَكُم مِن إِلهٍ غَيرُهُ} [الأعراف: 73]، وقد أرسل الله لهم آية تدل على صدق نبيهم، كما طلبوا، وهي الناقة التي خرجت من الصخرة، وطلب منهم ألا يتعرضوا لها بسوء، فنحروها، وطلبوا من صالح أن يأتيهم بالعذاب إن كان من رسل الله حقًّا؛ قال الله عز وجل: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوا عَن أَمرِ رَبِّهِم وَقالوا يا صالِحُ ائتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ المُرسَلينَ} [الأعراف: 77]، فجاءهم العذاب، قال الله سبحانه وتعالى: {فَأَخَذَتهُمُ الرَّجفَةُ فَأَصبَحُوا في دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [الأعراف: 78]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: .. فلما أصبحوا من يوم الأحد وقد تحنَّطوا، وقعدوا ينتظرون نقمة الله وعذابه، عياذًا بالله من ذلك، لا يدرون ماذا يفعل بهم، ولا كيف يأتيهم العذاب، وأشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء، ورجفة شديدة من أسفل منهم، ففاضت الأرواح وزهقت النفوس في ساعة واحة، {فَأَصبَحوا في دارِهِم جاثِمين}؛ أي: صرعى لا أرواح فيهم، ولم يفلت منهم أحد، لا صغير ولا كبير، ولا ذكر ولا أنثى.
وقوم لوط، وعَظهم نبيُّهم لوط عليه السلام، وحذَّرهم من فاحشة اللواط، وبدل أن يستجيبوا له، ويتركوا هذه الفاحشة الشنعاء، طلبوا منه أن يأتيهم بالعذاب، قال الله عز وجل: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَاتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَاتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَاتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [العنكبوت: 28 – 29]، فقلَب الله جلَّت قدرته عليهم ديارَهم، فجعل عاليها سافلها، وأمطر عليهم من السماء حجارة من سجيل متتابعة، حتى أبادتهم وأهلكتهم.
وقوم شعيب، وعَظهم نبيُّهم شعيب عليه السلام، وأمرهم بإتمام الكيل عند بيعهم للناس، وعدم الإفساد في الأرض بالمعاصي، فطلبوا منه أن يسقط عليهم حجارة من السماء، قال الله عز وجل: {قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الشعراء: 185 – 187]، فلما قال هؤلاء الجهلة ما قالوا، وكذبوا رسولهم، جاءهم العذاب، قال الله عز وجل: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء: 189]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: الله سبحانه وتعالى جعل عقوبتهم أن أصابهم حرٌّ عظيم لمدة سبعة أيام لا يكنهم منه شيء، ثم أقبلت عليهم سحابة أظلتهم، فجعلوا ينطلقون إليها يستظلون بها من الحرِّ، فلما اجتمعوا كلهم تحتها أرسل الله تعالى عليهم منها شررًا من نار ولهبًا ووهجًا عظيمًا، ورجفت بهم الأرض، وجاءتهم صيحة عظيمة أزهقت أرواحهم، ولهذا قال تعالى: {إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.
وقوم قريش، طلبوا من رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، إن كان صادقًا أن تمطر السماء عليهم حجارة، قال عز وجل: {وَإِذ قالُوا اللَّهُمَّ إِن كانَ هذا هُوَ الحَقَّ مِن عِندِكَ فَأَمطِر عَلَينا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائتِنا بِعَذابٍ أَليمٍ} [الأنفال: 32]، قالوا ذلك مبالغة في الإنكار، وقد دفع الله عنهم العذاب لوجود الرسول عليه الصلاة والسلام بينهم، قال سبحانه وتعالى: {وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فيهِم وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغفِرونَ} [الأنفال: 33]، والله عز وجل عندما أخبرنا في القرآن الكريم بعذاب الأمم السابقة، وسبب عقوباتهم، كان الغرض أخذ العبرة والعظة، والبعض من الناس قد يستعجل نزول العذاب به، بلسان حاله، وليس بلسان مقاله، فالمعاصي والذنوب من أسباب العذاب والهلاك الذي يحل بالعباد والبلاد، قال الله سبحانه وتعالى: {فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَانَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} [الأنعام: 6]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: فاحذروا أيها المخاطبون أن يصيبكم مثل ما أصابهم.
فلنكن على حذر ووجلٍ، ولنتجنب كلَّ ما يستوجب نزول عذاب الله وعقابه، قال الحسن البصري رحمه الله: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن.
فينبغي عدم الأمن من عذاب الله جل جلاله وعقابه الذي قد يأتي فجأة؛ قال الله عز وجل: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَاتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [العنكبوت: 53]، وقال الله سبحانه وتعالى: {أَفَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا بَياتًا وَهُم نائِمونَ*أَوَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا ضُحًى وَهُم يَلعَبونَ * أَفَأَمِنوا مَكرَ اللَّهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الخاسِرونَ} [الأعراف 97 – 99]
انتهى من بحث لبعض المشايخ