2792، 2793 فتح ذي النعم بالبدر الأتم شرح صحيح مسلم
شارك محمد البلوشي وعبدالله المشجري … وعبدالله كديم وطارق أبي تيسير وعبدالحميد البلوشي وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
جاء في صحيح الإمام مسلم رحمه الله في كتاب صِفَةِ القِيامَةِ والجَنَّةِ والنّارِ، ((3) – باب: نزل أهل الجنة).
(30) – ((2792)) حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث، حدثني أبي، عن جدي، حدثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله ?، قال: «تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يكفؤها الجبار بيده، كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر، نزلا لأهل الجنة»، قال: فأتى رجل من اليهود، فقال: بارك الرحمن عليك، أبا القاسم ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: «بلى» قال: تكون الأرض خبزة واحدة – كما قال رسول الله ? قال: فنظر إلينا رسول الله ?، ثم ضحك حتى بدت نواجذه، قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال: «بلى» قال: إدامهم بالام ونون، قالوا: وما هذا؟ قال: «ثور ونون، يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا».
(31) – ((2793)) حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا قرة، حدثنا محمد، عن أبي هريرة، قال: قال النبي ?: «لو تابعني عشرة من اليهود، لم يبق على ظهرها يهودي إلا أسلم».
=============================
قال الحافظ النووي رحمه الله: ((3) – باب: نزل أهل الجنة).
يعني: ضيافةً، وهو ما يُعَدُّ للضيف عند نزوله، ومنه: قوله تعالى: {نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ}. [توفيق الرب المنعم].
شرح الحديث:
(يكفؤها) بفتح أوله وثالثه، وسكون ثانيه، يقال: كفأه، كمنعه: إذا صرفه، وكبه، وقلبه [راجع:» القاموس «ص (1137)]، والمناسب هنا القلب، ولفظ البخاري:» يتكفؤها «، بفتح المثناة، والكاف، وتشديد الفاء المفتوحة، بعدها همزة؛ أي: يميلها، من كفأت الإناء: إذا قلبته. [» الفتح” (15) / (14)].
(الجبار) -سبحانه وتعالى- (بيد) فيه: إثبات اليد لله تعالى على ما يليق بجلاله، [توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (8/ 123)].
وقوله: (كما يكفأ أحدكم خبزته)، قال النووي: خبزة المسافر: هي التي يجعلها في الملة [«الملة» بالفتح: قيل: الحفرة التي تحفر للخبز، وقيل: التراب الحار، والرماد. اهـ. «المصباح» (2) / (58)]، و”يتكفأها بيديه”، أي: يميلها من يد إلى يد، حتى تجتمع، وتستوي؛ لأنها ليست منبسطة؛ كالرقاقة، ونحوها، قال: ومعنى الحديث: أن الله تعالى يجعل الأرض كالطلمة [«الطلمة» بضم الطاء المهملة: الخبزة. اهـ. «ق»]، والرغيف العظيم، ويكون ذلك طعاما نزلا لأهل الجنة، والله على كل شيء قدير. انتهى [«شرح والنووي» (17) / (135)].
(في السفر) قال الخطابي: يعني: خبز الملة الذي يصنعه المسافر، تقلب، على الأيدي حتى تستوي، وهذا على أن السفر بفتح السين المهملة، والفاء، ورواه بعضهم بضم أوله، جمع سفرة، وهو الطعام الذي يتخذ للمسافر، ومنه سميت السفرة.
(نزلا لأهل الجنة») «النزل» بضم النون، وبالزاي، وقد تسكن: ما يقدم للضيف، قبل الطعام.
قال الداودي: المراد أنه يأكل منها من سيصير إلى الجنة، من أهل المحشر، لا أنهم لا يأكلونها حتى يدخلوا الجنة.
وتعقبه الحافظ: بأن ظاهر الخبر يخالفه، وكأنه بنى على ما أخرجه الطبري عن سعيد بن جبير، قال: تكون الأرض خبزة بيضاء، يأكل المؤمن من تحت قدميه، ومن طريق أبي معشر، عن محمد بن كعب، أو محمد بن قيس، نحوه، وللبيهقي – بسند ضعيف-، عن عكرمة: تبدل الأرض مثل الخبزة، يأكل منها أهل الإسلام، حتى يفرغوا من الحساب، وعن أبي جعفر الباقر نحوه.
[اشكال]
ونقل الطيبي عن البيضاوي أن هذا الحديث مشكل جدا، لا من جهة إنكار صنع الله، وقدرته على ما يشاء، بل لعدم التوقيف على قلب جرم الأرض من الطبع الذي عليه إلى طبع المطعوم، والمأكول، مع ما ثبت في الآثار أن هذه الأرض تصير يوم القيامة نارا، وتنضم إلى جهنم، فلعل الوجه فيه أن معنى قوله: «خبزة واحدة»؛ أي: كخبزة واحدة، من نعتها كذا وكذا، وهو نظير ما في حديث سهل؛ يعني: المذكور قبل حديث: «كقرصة النقي»، فضرب المثل بها؛ لاستدارتها، وبياضها، فضرب المثل في هذا الحديث بخبزة، تشبه الأرض في معنيين:
أحدهما: بيان الهيئة التي تكون الأرض عليها يومئذ،
والآخر بيان الخبزة التي يهيئها الله تعالى نزلا لأهل الجنة، وبيان عظم مقدارها ابتداعا، واختراعا.
قال الطيبي: وإنما دخل عليه الإشكال؛ لأنه رأى الحديثين في باب الحشر، فظن أنهما لشيء واحد، وليس كذلك، وإنما هذا الحديث من باب، وحديث سهل من باب، وأيضا فالتشبيه لا يستلزم المشاركة بين المشبه والمشبه به في جميع الأوصاف، بل يكفي حصوله في البعض، وتقريره أنه شبه أرض الحشر بالخبزة في الاستواء، والبياض، وشبه أرض الجنة في كونها نزلا لأهلها، ومهيأة لهم تكرمة بعجالة الراكب زاده يقنع به في سفره.
قال الحافظ: آخر كلامه يقرر ما قال القاضي أن كون أرض الدنيا تصير نارا محمول على حقيقته، وأن كونها تصير خبزة يأكل منها أهل الموقف محمول على المجاز، والآثار التي أوردتها عن سعيد بن جبير وغيره ترد عليه، والأولى الحمل على الحقيقة، مهما أمكن، وقدرة الله تعالى صالحة لذلك، بل اعتقاد كونه حقيقة أبلغ، وكون أهل الدنيا يوم القيامة إما أهل إسلام، وإما أهل كفر.
ويستفاد منه: أن المؤمنين لا يعاقبون بالجوع في طول زمان الموقف، بل يقلب الله لهم بقدرته طبع الأرض حتى يأكلوا منها من تحت أقدامهم ما شاء الله، بغير علاج، ولا كلفة، ويكون معنى قوله: «نزلا لأهل الجنة»؛ أي: الذين يصيرون إلى الجنة، أعم من كون ذلك يقع بعد الدخول إليها، أو قبله، والله أعلم. انتهى [«الفتح» (15) / (15)].
(قال) أبو سعيد – رضي الله عنه -: (فأتى رجل) وفي رواية: «فأتاه رجل»، (من اليهود) قال الحافظ: لم أقف على اسمه. (فنظر إلينا رسول الله ?، ثم ضحك) يريد أنه أعجبه إخبار اليهودي كون كتابهم بنظير ما أخبر به من جهة الوحي، وكان يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه، فكيف بموافقتهم فيما أنزل عليه.
(قال) الرجل أيضا: (ألا أخبرك) وفي لفظ: «ألا أخبركم» (بإدامهم؟) بكسر الهمزة؛ أي: ما يؤكل به الخبز، قال الفيومي: الإدام: ما يؤتدم به، مائعا كان، أو جامدا انتهى [«المصباح المنير» (1) / (9)].
قال الخطابي: هكذا رووه لنا، وتأملت النسخ المسموعة من البخاري من طريق حماد بن شاكر، وإبراهيم بن معقل، والفربري، فإذا كلها على نحو واحد.
قال الحافظ: وكذا عند مسلم، وكذا أخرجه الإسماعيلي وغيره، قال الخطابي: فأما نون فهو الحوت، على ما فسر في الحديث، وأما بالام، فدل التفسير من اليهودي على أنه اسم للثور، وهو لفظ مبهم، لم ينتظم، ولا يصح أن يكون على التفرقة اسما لشيء، فيشبه أن يكون اليهودي أراد أن يعمي الاسم، فقطع الهجاء، وقدم أحد الحرفين، وإنما هو في حق الهجاء لام ياء هجاء لأي بوزن لعي [اللأي؛ كاللعي: الثور الوحشي. اهـ. «ق»]، وهو الثور الوحشي، وجمعه الاء، بثلاث همزات، وزن أحبال، فصحفوه، فقالوا: با لام بالموحدة، وإنما هو بالياء، آخر الحروف، وكتبوه بالهجاء، فأشكل الأمر، هذا أقرب ما يقع لي فيه، إلا أن يكون إنما عبر عنه بلسانه، ويكون ذلك بلسانهم، وأكثر العبرانية فيما يقوله أهل المعرفة مقلوب على لسان العرب، بتقديم في الحروف، وتأخير، والله أعلم بصحته.
وقال عياض: أورد الحميدي في اختصاره -يعني: «الجمع بين الصحيحين» – هذا الحديث بلفظ باللأى، بكسر الموحدة، وألف وصل، ولام ثقيلة، بعدها همزة مفتوحة، خفيفة، بوزن الرحى، واللأى: الثور الوحشي،
قال: ولم أر أحدا رواه كذلك، فلعله من إصلاحه، وإذا كان هكذا بقيت الميم زائدة، إلا أن يدعى أنها حرفت عن الياء المقصورة، قال: وكل هذا غير مسلم؛ لما فيه من التكلف، والتعسف، قال: وأولى ما يقال في هذا أن تبقى الكلمة على ما وقع في الرواية، ويحمل على أنها عبرانية، ولذلك سأل الصحابة اليهودي عن تفسيرها، ولو كان اللأى لعرفوها؛ لأنها من لسانهم.
وجزم النووي بهذا، فقال: هي لفظة عبرانية، معناها ثور [«الفتح» (15) / (15) – (16)].
وقوله: ((بَالَامُ وَنُونٌ)): الـ ((بَالَامُ)) هو الثور باللغة العبرانية؛ ولهذا أشكل على الصحابة معناه، وقالوا: ((وماهذا؟)): فبيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم لهم بأنه الثور، والنون: هو الحوت. [توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (8/ 124)].
(يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا) قال عياض -رحمه الله-: زيادة الكبد، وزائدتها: هي القطعة المنفردة المتعلقة بها، وهي أطيبه، ولهذا خص بأكلها السبعون ألفا، ولعلهم الذين يدخلون الجنة بغير حساب، فضلوا بأطيب النزل، ويحتمل أن يكون عبر بالسبعين عن العدد الكثير، ولم يرد الحصر فيها.
وفي مسائل عبد الله بن سلام: «أن أول طعام يأكله أهل الجنة زيادة كبد الحوت»، وفي حديث ثوبان – رضي الله عنه – المتقدم لمسلم في «كتاب الحيض»: «تحفة أهل الجنة زيادة كبد النون»، وفيه: «غذاؤهم على أثرها أن ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها»، وفيه: «وشرابهم عليه من عين تسمى سلسبيلا».
وأخرج ابن المبارك في «الزهد» بسند حسن، عن كعب الأحبار: أن الله تعالى يقول لأهل الجنة، إذا دخلوها: «إن لكل ضيف جزورا، وإني أجزركم اليوم حوتا، وثورا، فيجزر لأهل الجنة»، وألله تعالى أعلم.
وحديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – هذا متفق عليه.
فقه وفوائد الحديث:
(1) – (منها): بيان عجيب صنع الله -سبحانه وتعالى-، حيث يجعل الأرض التي نشاهدها خبزة يأكل أهل الجنة منها.
(2) – (ومنها): بيان ما سيفعل الله -عز وجل- بالمؤمنين، حيث يعد لهم نزلا، كما يعد للضيوف، وهذا غاية الإكرام والتبجيل.
(3) – (ومنها): أن مما يقوله أهل الكتاب ما هو حق موافق لما في القرآن والسنة، فلذا قال النبي ?:» لا تصدقوا أهل الكتاب، ولا تكذبوهم، وقولوا: {آمنا بالله وما أنزل إلينا} [البقرة (136)]
(4) – (ومنها): أنه ينبغي للمسلم أن يأخذ الحق ممن قاله، ولا ينظر إلى أهلية قائله، إذا لم يظهر منه ما يرده، فإنه ? قبل ما قاله هذا اليهودي، ولم يعترض عليه؛ لكونه حقا موافقا لما أوحي إليه، ولما أخبروه بخلاف الحق حين سألهم، رد عليهم، وكذبهم، فقد أخرج البخاري في «صحيحه»، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: لما فتحت خيبر أهديت للنبي ? شاة فيها سم، فقال النبي ?: «اجمعوا إلي من كان ها هنا من يهود»، فجمعوا له، فقال: «إني سائلكم عن شيء، فهل أنتم صادقي عنه؟»، فقالوا: نعم، قال لهم النبي ?: «من أبوكم؟» قالوا: فلان، فقال: «كذبتم، بل أبوكم فلان»، قالوا: صدقت،
قال: «فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألت عنه؟»، فقالوا: نعم يا أبا القاسم،
وإن كذبنا عرفت كذبنا، كما عرفته في أبينا، فقال لهم: «من أهل النار؟»،
قالوا: نكون فيها يسيرا، ثم تخلفونا فيها، فقال النبي ?: «اخسؤوا فيها، والله لا نخلفكم فيها أبدا»، ثم قال: «هل أنتم صادقي عن شيء، إن سألتكم عنه؟» فقالوا: نعم يا أبا القاسم، قال: «هل جعلتم في هذه الشاة سما؟»
قالوا: نعم، قال: «ما حملكم على ذلك؟» قالوا: أردنا إن كنت كاذبا نستريح، وإن كنت نبيا لم يضرك، والله تعالى أعلم.
5 – (ومنها): إثبات اليد لله تعالى على ما يليق بجلاله.
وفي توفيق الرب المنعم:
6 – (ومنها): “إثباتُ اسم ((الْجَبَّارُ)): لله عز وجل؛ فهو من أسمائه تعالى، كما في قوله عز وجل: {الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ}، وفيه: إثبات اليد لله عز وجل، وأنها يد حقيقية”.
====
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(7032)] ((2793)) – (حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا قرة، حدثنا محمد، عن أبي هريرة، قال: قال النبي ?: «لو تابعني عشرة من اليهود، لم يبق على ظهرها يهودي إلا أسلم»).
شرح الحديث:
(عن أبي هريرة) – رضي الله عنه -؛ أنه (قال: قال النبي ?: «لو تابعني) ولفظ البخاري:» لو آمن بي «، (عشرة من اليهود) قال صاحب» التحرير «: عشرة من أحبارهم [«شرح النووي» (17) / (136)]. (لم يبق على ظهرها)؛ أي: على ظهر الأرض، ويحتمل أن يكون المراد: ظهر المدينة، لكنه بعيد، والأول هو الظاهر، والله تعالى أعلم.
(يهودي إلا أسلم») وفي رواية الإسماعيلي: «لم يبق يهودي إلا أسلم»، وكذا أخرجه أبو سعيد في «شرف المصطفى»، وزاد في آخره قال: «قال كعب: هم الذين سماهم الله في سورة المائدة»، فعلى هذا فالمراد عشرة مختصة، وإلا فقد آمن به ? أكثر من عشرة
قال الحافظ: والذي يظهر أنهم الذين كانوا حينئذ رؤساء في اليهود، ومن عداهم كان تبعا لهم، فلم يسلم منهم إلا القليل، كعبد الله بن سلام، وكان من المشهورين بالرياسة في اليهود، عند قدوم النبي ?، ومن بني النضير أبو ياسر بن أخطب، وأخوه حيي بن أخطب، وكعب بن الأشرف، ورافع بن أبي الحقيق، ومن بني قينقاع عبد الله بن حنيف، وفنحاص، ورفاعة بن زيد، ومن بني قريظة الزبير بن باطيا، وكعب بن أسد، وشمويل بن زيد، فهؤلاء لم يثبت إسلام أحد منهم، وكان كل منهم رئيسا في اليهود، ولو أسلم لا تبعة جماعة منهم، فيحتمل أن يكونوا المراد.
وقد روى أبو نعيم في «الدلائل» من وجه آخر الحديث بلفظ: «لو آمن بي الزبير بن باطيا، وذووه، من رؤساء يهود، لأسلموا كلهم».
وأغرب السهيلي، فقال: لم يسلم من أحبار اليهود إلا اثنان؛ يعني: عبد الله بن سلام، وعبد الله بن صوريا، كذا قال، قال الحافظ: ولم أر لعبد الله بن صوريا إسلاما من طريق صحيحة، وإنما نسبه السهيلي في موضع آخر لتفسير النقاش.
ووقع عند ابن حبان قصة إسلام جماعة من الأحبار، كزيد بن سعنة مطولا.
وروى البيهقي أن يهوديا سمع النبي ? يقرأ «سورة يوسف»، فجاء، ومعه نفر من اليهود، فأسلموا كلهم، لكن يحتمل أن لا يكونوا أحبارا.
وأخرج يحيى بن سلام في «تفسيره» من وجه آخر عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة هذا الحديث، فقال: قال كعب: إنما الحديث اثنا عشر؛ لقول الله تعالى: {وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا} [المائدة (12)]، فسكت أبو هريرة، قال ابن سيرين: أبو هريرة عندنا أولى من كعب، قال يحيى بن سلام: وكعب أيضا صدوق، لأن المعنى: عشرة بعد الاثنين، وهما عبد الله بن سلام، ومخيريق، كذا قاله، وهو معنوي. انتهى، والله تعالى أعلم.
وحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – هذا متفق عليه. [البحر المحيط الثجاج، بتصرف]
اشكال: قال ابن الجوزي رحمه الله: وفِي الحَدِيث الثّانِي والخمسين بعد المِائَتَيْنِ: «لَو آمن بِي عشرَة من اليَهُود لم يبْق على ظهرها يَهُودِيّ إلّا أسلم».
كَأنَّهُ عَلَيْهِ السَّلام أشارَ إلى أن القَوْم يقلدون أحْبارهم لا بِالدَّلِيلِ، كَقَوْلِه تَعالى: {ومِنهُم أُمِّيُّونَ لا يعلمُونَ الكتاب إلّا أماني} [البَقَرَة (78)]
فَإن قيل: فقد أسلم أكثر من عشرَة. فالجَواب: أن بعض العلماء يَقُول: ما أسلم مِنهُم عشرَة، بل أقل، فَإن كانَ كَذَلِك فَلا إشْكال، وإلّا فالحَدِيث على أمريْن: أحدهما: أن تكون الإشارَة إلى الرؤساء الكِبار. والثّانِي: إلى اجْتِماع عشرَة فِي الإسْلام فِي وقت واحِد. [كشف المشكل من حديث الصحيحين (3) / (486) — ابن الجوزي (ت (597))].
وفي هذا الحديث: دليلٌ على خبث اليهود وبغضهم للإسلام وأهله؛ ولهذا لا يُسلِم منهم إلا القلة، بخلاف النصارى، وهذا مشاهَد في مكاتب الجاليات، ومصداق هذا قوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}. [توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (8/ 124)].
ملحقات:
(المسألة الأولى): الرد على شبهة: “خذ الحق واترك الباطل من أقوال وكتب أهل البدع”.
«من أسباب النجاة من الفتن هو الابتعاد عن أهل الأهواء والحذر والتحذير منهم،
وهذا أصل سلفي عند أهل العلم دلّ عليه الكتاب ودلّت عليه السنة، ودلّ عليه أقوال السلف الصالح – وهذه قاعدة ضالة مبتدعة وهي يقولون -: “خذ الحق واترك الباطل.
لا شك أننا مأمورين بأخذ الحق وترك الباطل، لكننا لسنا مأمورين بالبحث عن الحق عند أهل البدع وعند أهل الاهواء
نأخذ الحق من المعين الصافي ونأخذه من المكان الذي ليس فيه شبهة ولا بدعة».
[مأخوذ من كلمة القاها فضيلة الشيخ خالد بن ضحوي الظفيري-حَفظه الله – ليلة الاحد 2 محرم 1433 هـ، بتصرف يسير].
ومن الأقوال الباطلة في الباب:
“وهي من إفراز قاعدة: “المعذرة والتعاون”، وتلكم المقولة: “لا عليك خذ العلم من كل أحد”، هذه القاعدة على إطلاقها فاسدة، بل الأصل أن المبتدئ والمتوسط يطلب العلم الشرعي عن أهل السنة، فإذا نضج واستوى واكتمل، وحصل من العلم ما يؤهله للتعليم ويحصنه من آفات البدع والأهواء، واضطر إلى علمٍ لا يمكن الوصول إليه إلا لدى صاحب هوى أخذه فقط، مع التفطن إلى ما يبثه من سموم فكره المنحرف الملطخ بالبدع والمحدثات. [قاله الشَّيخ رَبِيع بن هَادِي المِدْخَلِي، بتصرف يسير].
(المسألة الثانية): اليهود
المبحث الأول: تعريف اليهودية:
اليهودية: هي ديانة العبرانيين المنحدرين من إبراهيم عليه السلام والمعروفين بالأسباط من بني إسرائيل الذين أرسل الله إليهم موسى عليه السلام مؤيدا بالتوراة؛ ليكون لهم نبيا.
واليهودية ديانة يبدو أنها منسوبة إلى يهود الشعب، وهذه بدورها قد اختلف في أصلها، وقد تكون نسبة إلى يهوذا أحد أبناء يعقوب، وعممت على الشعب على سبيل التغليب. [الموسوعة الميسرة للندوة العالمية للشباب الإسلامي].
اليهودية: مصطلح حادث يطلق على الديانة الباطلة المحرفة عن الدين الحق الذي جاء به موسى عليه السلام.
ولعل هذا هو التعريف الصحيح لليهودية، ومن خلاله يتبين الخلل في بعض التعريفات التي تقول: إنها الدين الذي جاء به موسى – عليه السلام -.
أو: إنها دين موسى عليه السلام.
وهذا خطأ؛ إذ موسى عليه السلام لم يجئ باليهودية، وإنما جاء بالإسلام – بمفهومه العام- الذي يعني الاستسلام لله وحده؛ فهو دين جميع الأنبياء من لدن نوح إلى محمد عليهم السلام.
قال الله عز وجل عن إبراهيم عليه السلام: ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين [آل عمران (67)].
وقال – تبارك وتعالى – عن موسى عليه السلام: وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين [يونس: (84)].
وقال عن عيسى عليه السلام: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون [آل عمران (52)].
فهذا هو الإسلام العام الذي جاء به جميع الأنبياء. أما الإسلام الخاص فهو: شريعة القرآن التي جاء بها محمد [انظر «التدمرية» لابن تيمية ((196) – (175))].
وهذا الإسلام الخاص يشترك مع كافة الشرائع بالتوحيد والأصول، ويختلف في تفصيل بعض الشرائع.
ومن خلال ما مضى يتبين أن اليهودية ديانة باطلة محرفة عن الدين الحق الذي جاء به موسى عليه السلام. [رسائل في الأديان والفرق والمذاهب، لمحمد الحمد ص (62)، (63)].
المبحث الثاني: سبب التسمية:
سميت اليهودية بذلك نسبة إلى اليهود، وقد تعددت أسباب تسمية اليهود بهذا الاسم؛ فقيل في ذلك أقوال منها:
– (1) أنهم سموا يهودا نسبة إلى يهوذا بن يعقوب، الذي ينتمي إليه بنو إسرائيل الذين بعث فيهم موسى عليه السلام فقلبت العرب الذال دالا.
– (2) نسبة إلى الهود: وهو التوبة، والرجوع، وذلك نسبة إلى قول موسى عليه السلام لربه: إنا هدنا إليك [الأعراف (156)]. أي: تبنا ورجعنا إليك يا ربنا. قال ابن منظور: الهود: التوبة، هاد يهود هودا، وتهود: تاب ورجع إلى الحق؛ فهو هائد، وقوم هود مثل حائك وحوك، وبازل وبزل [)) «لسان العرب» ((3) / (439))].
– (3) نسبة إلى التقرب والعمل الصالح، قال زهير بن أبي سلمى:
سوى ربع لم يأت فيه مخافة … ولا رهقا من عابد متهود
فالمتهود: المتقرب، والتهود: العمل الصالح [) «لسان العرب» ((3) / (349))].
– (4) من الهوادة، وهي المودة، فكأنهم سموا بذلك؛ لمودة بعضهم بعضا. [رسائل في الأديان والفرق والمذاهب، لمحمد الحمد ص (63)، (64)].
المبحث الثالث: التوراة والكتب الملحقة بها:
1) تعريف التوراة:
التوراة: كلمة عبرانية تعني الشريعة أو الناموس، ويراد بها في اصطلاح اليهود: خمسة أسفار يعتقدون أن موسى عليه السلام كتبها بيده، ويسمونها (بنتاتوك) نسبة إلى (بنتا) وهي كلمة يونانية تعني خمسة، أي: الأسفار الخمسة، وهذه الأسفار هي:
(1) – سفر التكوين: ويتحدث عن خلق السموات والأرض، وآدم، والأنبياء بعده إلى موت يوسف عليه السلام
(2) – سفر الخروج: ويتحدث عن قصة بني إسرائيل من بعد موت يوسف عليه السلام إلى خروجهم من مصر، وما حدث لهم بعد الخروج مع موسى عليه السلام.
(3) – سفر اللاويين: وهو نسبة إلى لاوي بن يعقوب، الذي من نسله موسى وهارون عليهما السلام، وأولاد هارون هم الذين فيهم الكهانة، أي: القيام بالأمور الدينية، وهم المكلفون بالمحافظة على الشريعة وتعليمها الناس، ويتضمن هذا السفر أمورا تتعلق بهم وبعض الشعائر الدينية الأخرى.
(4) – سفر العدد: وهو معني بعد بني إسرائيل، ويتضمن توجيهات، وحوادث حدثت من بني إسرائيل بعد الخروج.
(5) – سفر التثنية: ويعني تكرير الشريعة، وإعادة الأوامر والنواهي عليهم مرة أخرى، وينتهي هذا السفر بذكر موت موسى عليه السلام وقبره، وقد يطلق النصارى اسم التوراة على جميع أسفار العهد القديم.
أما في اصطلاح المسلمين فهي: الكتاب الذي أنزله الله على موسى عليه السلام نورا وهدى لبني إسرائيل.
أما الكتب الملحقة بالتوراة فهي: أربعة وثلاثون سفرا، حسب النسخة البروتستانتية، فيكون مجموعها مع التوراة تسعة وثلاثين سفرا، وهي التي تسمى العهد القديم لدى النصارى، ويمكن تقسيمها إلى خمسة أقسام:
أولا: الأسفار الخمسة المنسوبة إلى موسى عليه السلام
ثانيا: الأسفار التاريخية، وهي ثلاثة عشر سفرا:
(1) – يشوع (2) – القضاة (3) – راعوث (4) – صموئيل الأول (5) – صموئيل الثاني (6) – الملوك الأول (7) – الملوك الثاني (8) – أخبار الأيام الأول (9) – أخبار الأيام الثاني (10) – عزرا (11) – نحميا (12) – إستير (13) – يونان (يونس عليه السلام).
وهذه الأسفار تحكي قصة بني إسرائيل من بعد موسى عليه السلام إلى ما بعد العودة من السبي البابلي إلى فلسطين، وإقامتهم للهيكل مرة أخرى بعد تدميره، ماعدا سفري أخبار الأيام الأول والثاني، فإنها تعيد قصة بني إسرائيل، وتبتدئ بذكر مواليد آدم على سبيل الاختصار إلى السنة الأولى لملك الفرس قورش، وكذلك سفر يونان (يونس عليه السلام) يحكي قصته مع أهل نينوى الذين أرسل إليهم.
ثالثا: أسفار الأنبياء وهي خمسة عشر سفرا:
(1) – أشعيا (2) – إرميا (3) – حزقيال (4) – دانيال (5) – هوشع (6) – يوثيل (7) – عاموس (8) – عوبديا (9) – ميخا (10) – ناحوم (11) – حبقوق (12) – صفنيا (13) – حجى (14) – زكريا (15) – ملاخى.
وهذه الأسفار يغلب عليها طابع الرؤى، والتنبؤات بما سيكون من حال بني إسرائيل، وحال الناس معهم، وفيها تهديدات لبني إسرائيل، ووعود بالعودة والنصر. والذين نسبت إليهم هذه الأسفار هم ممن كانوا زمن السبي إلى بابل وبعده.
رابعا: أسفار الحكمة والشعر (الأسفار الأدبية).
وهي خمسة أسفار:
(1) – أيوب (2) – الأمثال (3) – الجامعة (4) – نشيد الإنشاد (5) – مراثي إرميا.
خامسا: سفر الابتهالات والأدعية سفر واحد، وهو سفر المزامير المنسوب إلى داود عليه السلام.
هذه أسفار النسخة العبرانية المعتمدة لدى اليهود والبروتستانت من النصارى.
أما النصارى الكاثوليك، والأرثوذكس فيعتمدون النسخة اليونانية، وهي تزيد على العبرانية بسبعة أسفار هي: سفر طوبيا، ويهوديت، والحكمة، ويشوع بن سيراخ، وباروخ، والمكابيين الأول والمكابيين الثاني. [دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية لسعود بن عبد العزيز الخلف – ص (76)].
2) التلمود هو: تعليم ديانة وآداب اليهود، وهو يتكون من جزئين:
متن: ويسمى المشناة: بمعنى المعرفة أو الشريعة المكررة.
شرح: ويسمى جمارا: ومعناه الإكمال.
3) البروتوكولات لا تعتبر من المصادر الدينية لدى اليهود، وإنما هي نتاج التحريف الموجود في التوراة، والأكاذيب والضلالات الموجودة في التلمود، وهي تعتبر مخططا تطبيقيا لأهداف صهاينة اليهود.
المبحث الرابع: بداية انحراف اليهود:
كانت عقيدة اليهود قبل أن يحرفوها عقيدة التوحيد الخالص، والإيمان الصحيح المنزلة من الله على موسى عليه السلام قال تعالى: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت [النحل (36)].
وقال تعالى: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار [المائدة: (44)].
هذه هي عقيدتهم، ولكنهم حرفوها، وبدلوها، وابتدعوا فيها ما لم ينزله الله حتى صاروا فيما بعد- وإلى الآن- على الشرك والعداء لله ورسله.
أما بداية انحرافهم عن العقيدة الصحيحة فكانت في عهد موسى عليه السلام، وهو حي بين ظهرانيهم؛ حيث تعنتوا، وعاندوا، وآذوا موسى عليه السلام.
وفيما يلي أمثلة من ذلك:
(1) – اتخاذهم العجل معبودا من دون الله، [البقرة (51) – (54)].
(2) – قولهم لموسى: أرنا الله جهرة. قال الله عز وجل: [البقرة (55) – (57)].
(3) – قولهم: حنطة. بدلا من قول: حطة. [البقرة (58) – (59)].
(4) – قولهم لموسى: لن نصبر على طعام واحد. [البقرة (60) – (61)].
(5) – ما حصل من العناد والتعنت في قصة القتيل الذي اختصموا فيه وفيمن قتله [البقرة (72) – (74)].
(6) – قولهم لموسى: قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون [المائدة (24)]. [رسائل في الأديان والفرق والمذاهب لمحمد الحمد – ص (75) – (77)].
فصل:
[الأول]: الجذور الفكرية والعقائدية:
عبادة العجل مأخوذة عن قدماء المصريين حيث كانوا هناك قبل الخروج، والفكر المصري القديم يعد مصدرا رئيسيا للأسفار في العهد القديم.
أهم مصدر اعتمدت عليه أسفار العهد القديم هو تشريع حمورابي الذي يرجع إلى نحو سنة ((1900)) ق. م، وقد اكتشف هذا التشريع في سنة ((1902)) م محفورا على عمود أسود من الصخر، وهو أقدم تشريع سامي معروف حتى الآن.
– يقول التلمود بالتناسخ، وهي فكرة تسربت لبابل من الهند، فنقلها حاخامات بابل إلى الفكر اليهودي.
– تأثروا بالفكر النصراني، فتراهم يقولون: (تسبب يا أبانا في أن نعود إلى شريعتك، قربنا يا ملكنا إلى عبادتك، وعد بنا إلى التوبة النصوح في حضرتك).
– في بعض مراحلهم عبدوا آلهة البلعيم والعشتارت وآلهة آرام وآلهة صيدوم، وآلهة مؤاب وآلهة الفلسطينيين (سفر القضاء: (10) / (60)). [الموسوعة الميسرة للندوة العالمية للشباب الإسلامي].
[والثاني]: الإله عند اليهود:
اليهود كتابيون موحدون، وهذا الأصل.
ـ كانوا يتجهون إلى التعدد والتجسيم والنفعية، مما أدى إلى كثرة الأنبياء فيهم؛ لردهم إلى جادة التوحيد كلما أصابهم انحراف في مفهوم الألوهية.
ـ اتخذوا العجل معبودا لهم بعيد خروجهم من مصر، ويروي العهد القديم أن موسى قد عمل لهم حية من نحاس، وأن بني إسرائيل قد عبدوها بعد ذلك، كما أن الأفعى مقدس لديهم؛ لأنها تمثل الحكمة والدهاء.
ـ الإله لديهم سموه يهوه، وهو ليس إلها معصوما، بل يخطئ ويثور، ويقع في الندم، وهو يأمر بالسرقة، وهو قاس، متعصب، مدمر لشعبه، إنه إله بني إسرائيل فقط، وهو بهذا عدو للآخرين، ويزعمون أنه يسير أمام جماعة من بني إسرائيل في عمود من سحاب.
– عزرا هو الذي أوجد توراة موسى بعد أن ضاعت، فبسبب ذلك وبسبب إعادته بناء الهيكل سمي عزرا ابن الله، وهو الذي أشار إليه القرآن الكريم. [الموسوعة الميسرة للندوة العالمية للشباب الإسلامي].
مظاهر انحراف عقيدتهم:
(1) – الشرك بالله في العبادة، كاتخاذهم العجل … .
(2) – نسبتهم الابن إلى الله: وقالت اليهود عزير ابن الله [التوبة (30)].
(3) – جرأتهم على الله تعالى، كقولهم: إن الله فقير ونحن أغنياء. [آل عمران (181)] وقولهم: يد الله مغلولة [المائدة (64)].
(4) – القول على الله بغير علم: وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة [البقرة (80)]، وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين [البقرة (111)].
(5) – زعمهم أن الله تعالى تعب من خلق السموات والأرض، فرد الله عليهم
(6) – زعمهم أن الله ندم على خلق البشر، ومرض حتى عادته الملائكة، وأنه بكى حتى رمد من كثرة البكاء، لما رأى من معاصي البشر.
(7) – فساد اعتقادهم في وحي الله وكتبه، حيث اعتقدوا أن الله لم ينزل شيئا وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون [الأنعام (91)].
(8) – فساد اعتقادهم في النبوة والأنبياء، ومن ذلك أنهم يرون أن النبوة لا يستحقها إلا من كان منهم، ويرشحونه للنبوة، لذلك إذا جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون.
[والثالث]: اليوم الآخر لدى اليهود:
كانت عقيدة بني إسرائيل- وذلك حين كانت تستمد تشريعها من السماء- هي الإيمان باليوم الآخر، وأنه دار الجزاء، وقد أثبت الله ذلك عنهم في عدة آيات من القرآن الكريم، قال عز وجل في خطابه لموسى عليه السلام: إن الساعة ءاتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى [طه (15)]، وقال عز وجل على لسان موسى عليه السلام: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك [الأعراف (156)]، وقال عز وجل عن صالحي جنود طالوت: قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين [البقرة (249)]، إلا أن اليهود انحرفوا عن هذا الاعتقاد بانحرافهم عن دين الله عز وجل، وقد سجل الله عليهم هذه الانحرافات، وعابهم عليها، وكذبهم فيها، فقال عز من قائل: وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون [البقرة (80)] وزعموا أن الجنة لهم وحدهم، وكذبهم الله بذلك قال عز وجل: وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين [البقرة (111)] هذا ما حكاه الله عز وجل عن صالحيهم وفاسقيهم من ناحية الإيمان بالبعث والجنة والنار.
أما كتابهم التوراة: فقد خلا تماما من ذكر الجنة والنار، والبعث والنشور، وكذلك سائر الكتب الملحقة فيه إلا نزرا يسيرا.
فمن ذلك صورة غير واضحة وردت في (سفر دانيال) ((12) / (2)) وهو قولهم: (وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون هؤلاء إلى الحياة الأبدية، وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدي).
ويذكر الدكتور (علي وافي): أنه لا يوجد في فرقهم الشهيرة من يؤمن باليوم الآخر، ففرقة الصادوقيين تنكر قيام الأموات، وتعتقد أن عقاب العصاة وإثابة المتقين إنما يحصلان في حياتهم.
وفرقة الفريسيين تعتقد أن الصالحين من الأموات سينشرون في هذه الأرض؛ ليشتركوا في ملك المسيح الذي يأتي آخر الزمان، فهم ينكرون على هذا البعث يوم القيامة.
ومن نظر أدنى نظرة في كتاب اليهود التوراة والكتب الملحقة بها يجد أن الوعود الواردة فيه مقابل الأعمال الصالحة والإيمان بالله تدور حول المتعة الدنيوية من انتصار على الأعداء وكثرة الأولاد، ونماء الزرع، إلى غير ذلك، كذلك الوعيد الوارد على المعاصي والكفر، كله يدور حول انتصار الأعداء عليهم وسبي ذراريهم وموت زرعهم وماشيتهم إلى غير ذلك من العقوبات الدنيوية، مما يدل على عدم إيمانهم باليوم الآخر حسب التوراة والكتب الملحقة بها.
وهذا يختلف عما لديهم في التلمود، حيث صرحوا بالنعيم والجحيم، فقد ورد فيه: أن الجنة مأوى الأرواح الزكية لا يدخلها إلا اليهود، والجحيم مأوى الكفار، ولا نصيب لهم فيه سوى البكاء؛ لما فيه من الظلام والعفونة والطين، وأن الجحيم أوسع من النعيم ستين مرة.
كما ورد في نص الأصول الثلاثة عشر التي وضعها موسى بن ميمون، وجعلها أركان الإيمان اليهودي، قولهم في الركن الثالث عشر: (أنا أؤمن إيمانا كاملا بقيامة الموتى، في الوقت الذي تنبعث فيه بذلك إرادة الخالق- تبارك اسمه وتعالى ذكره- الآن وإلى أبد الآبدين). وهذا ليس فيه تصريح باليوم الآخر؛ لاحتمال أن يقصد بذلك بعثا دنيويا على نحو عقيدة الفريسيين السابقة، ولكن ذلك يدل على تغير في العقيدة لديهم عما كان عليه كثير من أسلافهم المتقدمين، ولعله من تأثرهم بعقيدة المسلمين؛ لاحتكاكهم بهم؛ لأن موسى بن ميمون كان طبيبا للأيوبيين في مصر. [دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية لسعود بن عبد العزيز الخلف – ص (119) – (121)].
[موسوعة الملل والأديان – الدرر السنية، بتصرف].