276 جامع الأجوبة الفقهية ص 318
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
113 – الحديث سبق
114 – الحديث سبق
________
مسألة: هل يجب الدلك على الأعضاء في الغسل؟
اختلف العلماء في حكم دلك أعضاء في الغسل على قولين:
الأول: ما ذهب إليه الجمهور أن الدلك مستحب في طهارة الحدث، وليس بواجب. وهذا قول الحسن والنخعي والشعبي وحماد والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق، وأصحاب الرأي
الثاني: الدلك واجب، وإلى هذا ذهب مالك، والمزني، أبو العالية، وهو مذهب عطاء رحمه الله.
* بل ادعى ابن بطال: الإجماع:
ففي موسوعة الإجماع:
[(54) – (163)] وجوب إمرار اليد على أعضاء الوضوء:
نقل ابن حجر عن ابن بطال حكايته للإجماع على وجوب إمرار اليد على أعضاء الوضوء عند غسلها.
حديث عائشة -رضي الله عنها -، حيث قال لها النبي – صلى الله عليه وسلم -: «وادلكي جسدك بيدك»
الخلاف في المسألة: قال ابن حجر: «وتعقب بأن جميع من لم يوجب الدلك أجازوا غمس اليد في الماء للمتوضئ من غير إمرار فبطل الإجماع» انتهى
*تنبيه: حديث وادلكي جسدك بيدك كثير من المحققين قالوا لم نجده إنما ذكره ابن يونس وتناقله المالكيه.
لكن ضعفه ابن حزم فقال:
وعَنْ الشَّعْبِيِّ والنَّخَعِيِّ والحَسَنِ فِي الجُنُبِ يَنْغَمِسُ فِي الماءِ إنّهُ يَجْزِيهِ مِن الغُسْلِ.
واحْتَجَّ مِن رَأى التَّدَلُّكَ فَرْضًا بِأنْ قالَ: قَدْ صَحَّ الإجْماعُ عَلى أنَّ الغُسْلَ إذا تَدَلَّكَ فِيهِ فَإنَّهُ قَدْ تَمَّ، واخْتُلِفَ فِيهِ إذا لَمْ يَتَدَلَّكْ، فالواجِبُ أنْ لا يُجْزِئَ زَوالُ الجَنابَةِ إلّا بِالإجْماعِ. وذَكَرُوا حَدِيثًا فِيهِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ «- صلى الله عليه وسلم – عَلَّمَ عائِشَةَ الغُسْلَ مِن الجَنابَةِ فَقالَ لَها – عَلَيْهِ السَّلامُ -: يا عائِشَةُ اغْسِلِي يَدَيْكِ ثُمَّ قالَ لَها تَمَضْمَضِي ثُمَّ اسْتَنْشِقِي وانْتَثِرِي ثُمَّ اغْسِلِي وجْهَكِ ثُمَّ قالَ: اغْسِلِي يَدَيْكِ إلى المِرْفَقَيْنِ ثُمَّ قالَ: أفْرِغِي عَلى رَاسَكِ ثُمَّ قالَ: أفْرِغِي عَلى جِلْدِكِ ثُمَّ أمَرَها تَدْلُكُ وتَتَّبِعُ بِيَدِها كُلَّ شَيْءٍ لَمْ يَمَسَّهُ الماءُ مِن جَسَدِها ثُمَّ قالَ: يا عائِشَةُ أفْرِغِي عَلى رَاسِكِ الَّذِي بَقِيَ ثُمَّ اُدْلُكِي جِلْدَكِ وتَتَّبِعِي».
وبِحَدِيثٍ آخَرَ فِيهِ أنَّهُ – عَلَيْهِ السَّلامُ – قالَ «إنّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنابَةً فاغْسِلُوا الشَّعْرَ وأنْقُوا البَشَرَ».
وأمّا خَبَرُ عائِشَةَ – رضي الله عنها – فَساقِطٌ لِأنَّهُ مِن طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمّارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أنَّ عائِشَةَ، وعِكْرِمَةُ ساقِطٌ، وقَدْ وجَدْنا عَنْهُ حَدِيثًا مَوْضُوعًا فِي نِكاحِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أُمَّ حَبِيبَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، ثُمَّ هُوَ مُرْسَلٌ؛ لِأنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ لَمْ يُدْرِكْ عائِشَةَ، وأبْعَدَ ذِكْرَهُ رِوايَةُ ابْنِ عُمَرَ أيّامَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَسَقَطَ هَذا الخَبَرُ.
المحلى بالآثار (278) / (1)
– دليل الجمهور:
الدليل الأول:
عن عمران بن حصين من حديث طويل، وفيه: صلى النبي – صلى الله عليه وسلم – بالناس فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم، قال: ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء. قال عليك بالصعيد فإنه يكفيك، ثم قال له بعد أن حضر الماء: اذهب فأفرغه عليك. الحديث. رواه البخاري (344).
وجه الاستدلال:
أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يطلب منه إلا إفراغ الماء على جسده، ولو كان الدلك شرطاً في الطهارة لأخبره النبي – صلى الله عليه وسلم -، خاصة أنه كان يجهل أن التيمم رافع للحدث، وتأخير البيان عن وقته لا يجوز.
الدليل الثاني:
عن أم سلمة، قالت: قلت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي فأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين. رواه مسلم (330).
فقوله: «إنما كان يكفيك» ساقه مساق الحصر، وقوله: «ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين» دليل أن الدلك ليس شرطاً في الطهارة وإلا لما طهرت بمجرد إفاضة الماء، وإذا لم يكن الدلك شرطاً في الطهارة الكبرى لم يكن شرطاً في الطهارة الصغرى من باب أولى.
الدليل الثالث:
من النظر، قال ابن قدامة: «ولأنه غسل واجب، فلم يجب فيه إمرار اليد كغسل النجاسة» اهـ.
ولأنه لا يقصد من غسل الجنابة النظافة، بدليل أنه لو اغتسل وتنظف بالمنظفات، ثم جامع وجب عليه الغسل، فالمراد به التعبد، فلا يكون الدلك شرطاً فيه.
– دليل المالكية على وجوب الدلك:
الدليل الأول:
قالوا: إن الله سبحانه وتعالى أمر بغسل أعضاء الوضوء، والدلك شرط في حصول مسمى الغسل، فلا يكون هناك غسل إلا إذا كان معه دلك، فليس المطلوب هو وصول الماء إلى هذه الأعضاء، بل المطلوب إيصال الماء إلى الجسد على وجه يسمى غسلاً، ولا يتحقق هذا إلا بالدلك.
الدليل الثاني:
القياس على طهارة التيمم، قال المزني: ولأن التيمم يشترط فيه إمرار اليد فكذلك هنا.
وأجيب:
قال ابن قدامة: وأما قياسه على التيمم فبعيد؛ لأن التيمم أمرنا فيه بالمسح، والمسح لا يكون إلا باليد، ويتعذر في الغالب إمرار التراب إلا باليد.
– جاء في المغني (1/ 290) قال عطاء في الجنب يفيض عليه الماء؟ قال: لا، بل يغتسل غسلاً؛ لأن الله تعالى قال: {حتى تغتسلوا} ولا يقال: اغتسل إلا لمن دلك نفسه.
– قال في مواهب الجليل (1/ 218): وقد اختلف في الدلك هل هو واجب أو لا على ثلاثة أقوال؟ المشهور الوجوب وهو قول مالك في المدونة بناء على أنه شرط في حصول مسمى الغسل، قال ابن يونس: لقوله عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها ” وادلكي جسدك بيدك ” والأمر على الوجوب, ولأن علته إيصال الماء إلى جسده على وجه يسمى غسلا , وقد فرق أهل اللغة بين الغسل والانغماس.
والثاني: نفي وجوبه لابن عبد الحكم، بناء على صدق اسم الغسل بدونه.
والثالث: أنه واجب لا لنفسه، بل لتحقق إيصال الماء، فمن تحقق إيصال الماء لطول مكث أجزأه، وعزاه اللخمي لأبي الفرج، وذكر ابن ناجي أن ابن رشد عزاه له، وعزا ابن عرفة القول الثاني لأبي الفرج وابن عبد الحكم، قال في التوضيح: ورأى بعضهم أن هذا راجع إلى القول بسقوط الدلك, والخلاف في الغسل كالخلاف في الوضوء، قال ابن عرفة: وظاهر كلام أبي عمر بن عبد البر أن الخلاف في الغسل فقط دون الوضوء أي: فيجب فيه بلا خلاف.
قال ابن ناجي: وحكى المسناوي قولا بأنه سنة، ولا أعرفه، فيتحصل في ذلك أربعة أقوال. (قلت): بل خمسة والخامس: التفرقة بين الوضوء والغسل.
– قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (1/ 290): ” ولا يجب عليه إمرار يده على جسده في الغسل والوضوء , إذا تيقن أو غلب على ظنه وصول الماء إلى جميع جسده. وهذا قول الحسن والنخعي والشعبي وحماد والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق , وأصحاب الرأي.
وقال مالك: إمرار يده إلى حيث تنال يده واجب. ونحوه قال أبو العالية. وقال عطاء , في الجنب يفيض عليه الماء , قال: لا , بل يغتسل غسلاً ; لأن الله تعالى قال: (حتى تغتسلوا) ولا يقال: اغتسل إلا لمن دلك نفسه ; ولأن الغسل طهارة عن حدث , فوجب إمرار اليد فيها, كالتيمم.
ولنا ما روت أم سلمة , قالت: قلت يا رسول الله , إني امرأة أشد ضفر رأسي , أفأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال: (لا , إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات , ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين). رواه مسلم. ولأنه غسل واجب , فلم يجب فيه إمرار اليد , كغسل النجاسة , وما ذكروه في الغسل غير مسلّم ; فإنه يقال: غسل الإناء وإن لم يمر يده , ويسمى السيل الكبير غاسولا , والتيمم أمرنا فيه بالمسح ; لأنه طهارة بالتراب , ويتعذر في الغالب إمرار التراب إلا باليد ” انتهى
– وقال النووي في المجموع (1/ 417): لا يجب إمرار اليد على الوجه ولا غيره من الأعضاء لا في الوضوء ولا في الغسل لكن يستحب , هذا مذهبنا ومذهب الجمهور. انتهى
– قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب (3/ 464):
” الواجب في الوضوء والغسل أن يمر الماء على جميع العضو المطلوب تطهيره، وأما دلكه فإنه ليس بواجب، لكن قد يتأكد الدلك إذا دعت الحاجة إليه، كما لو كان الماء باردا جدا، أو كان على العضو أثر زيت أو دهن أو ما أشبه ذلك، فحينئذ يتأكد الدلك، ليتيقن الإنسان وصول الماء إلى جميع العضو الذي يراد تطهيره … فالغسل هو الفرض، والتدلك ليس بفرض” انتهى
– وقال في الشرح الممتع على زاد المستقنع (1/ 361)
قوله: «ويدلكه»، أي: يمر يده عليه، وشرع الدلك ليتيقن وصول الماء إلى جميع البدن، لأنه لو صب بلا دلك ربما يتفرق في البدن من أجل ما فيه من الدهون، فسن الدلك.
راجع المسألة رقم 127 جامع الأجوبة الفقهية، حكم الدلك في الوضوء.
والله أعلم …