274 عون الصمد شرح الذيل والمتمم على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———”———-”———-
مسند أحمد
15297 – حدثنا علي بن بحر، حدثنا عيسى، حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” ما من مسلم، ولا مسلمة، ولا مؤمن، ولا مؤمنة، يصيبه مرض إلا حط الله عنه من خطاياه ” قال محققو المسند: إسناده قوي. وانظر (15146)
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند، كما سبق أن ذكرنا في 15146
———‘——–‘——-
تكلمنا عن المصائب
و نقلنا كلام العلماء
في عون الصمد رقم 215 في شرح حديث من:
مسند أحمد
قال الامام أحمد حدثنا أبو سعيد حدثنا سليمان عن عمرو بن أبي عمرو عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد … فذكر حديثا ثم قال
23623 وبهذا الإسناد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن الله عز وجل إذا أحب قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر، ومن جزع فله الجزع”.
(15) / (4) / (2018) (2): (15) م – سيف بن دورة الكعبي: تَفْسِيرُ سُورَةِ الْقَمَرِ تهذيب تفسير ابن كثير
قام به سيف بن محمد بن دورة الكعبي وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——–‘———”——–‘
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ قَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي وَاقِدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَقْرَأُ بِقَافٍ وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ، وَكَانَ يَقْرَأُ بِهِمَا فِي الْمَحَافِلِ الْكِبَارِ لإشمالهما عَلَى ذِكْرِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَبَدْءِ الْخَلْقِ وَإِعَادَتِهِ وَالتَّوْحِيدِ وَإِثْبَاتِ النُّبُوَّاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ العظيمة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة القمر (54): الآيات 1 الى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3) وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4)
حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (5)
————-
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ وَفَرَاغِ الدُّنْيَا وَانْقِضَائِهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ [النَّحْلِ: 1] وَقَالَ: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ [الْأَنْبِيَاءِ: 1] وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ بِذَلِكَ.
ذكر ابن كثير هنا حديث أنس لكن ذكره ابن عدي فيما أنكر على خلف
[حَدِيثٌ آخَرُ يُعَضِّدُ الَّذِي قَبْلَهُ وَيُفَسِّرُهُ] قَالَ روى الامام أَحْمَدُ: عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّمْسُ عَلَى قُعَيْقِعَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ: «مَا أَعْمَارُكُمْ فِي أَعْمَارِ مَنْ مَضَى إِلَّا كَمَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ فِيمَا مَضَى» (1)
وروىَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: «بعثت أنا والساعة هكذا» وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى وأخرجاه مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ. (2)
وَروى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنْ وَهْبٍ السِّوَائِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ إِنْ كَادَتْ لَتَسْبِقُهَا» وَجَمَعَ الْأَعْمَشُ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى.
وَروى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عن إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: قَدِمَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَسَأَلَهُ: مَاذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ بِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ: «أَنْتُمْ وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَشَاهِدُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الصَّحِيحِ فِي أَسْمَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيْهِ. (3)
وَروىَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنْ خَالِدِ بْنٍ عُمَيْرٍ قَالَ: خَطَبَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ، قَالَ بَهْزٌ، وَقَالَ قَبْلَ هَذِهِ الْمَرَّةِ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فحمد الله تعالى وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصَرْمٍ وَوَلَّتْ حَذَّاءَ، وَلَمْ يبق منها إلاصُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا، وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لَا زَوَالَ لَهَا، فَانْتَقِلُوا منها بِخَيْرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ فَيَهْوِي فِيهَا سَبْعِينَ عَامًا مَا يُدْرِكُ لَهَا قَعْرًا، والله لتملئونه أَفَعَجِبْتُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ عَامًا، وَلَيَاتِيَنَّ عليه يوم وهو كظيظ من الزِّحَامِ» وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ.
وروى أبو جعفر بن جرير: ِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: نَزَلْنَا الْمَدَائِنَ فَكُنَّا مِنْهَا عَلَى فَرْسَخٍ، فَجَاءَتِ الْجُمُعَةُ، فَحَضَرَ أَبِي وَحَضَرْتُ مَعَهُ فَخَطَبَنَا حُذَيْفَةُ فَقَالَ: أَلَا إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ أَلَا وَإِنَّ السَّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ، أَلَا وَإِنَّ الْقَمَرَ قَدِ انْشَقَّ، أَلَا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِفِرَاقٍ، أَلَا وَإِنَّ الْيَوْمَ الْمِضْمَارُ وَغَدًا السِّبَاقُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: أَيَسْتَبِقُ النَّاسُ غَدًا؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَجَاهِلٌ، إِنَّمَا هُوَ السِّبَاقُ بِالْأَعْمَالِ، ثُمَّ جَاءَتِ الْجُمُعَةُ الْأُخْرَى، فَحَضَرْنَا فَخَطَبَ حُذَيْفَةُ فَقَالَ: أَلَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ أَلَا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِفِرَاقٍ، أَلَا وَإِنَّ الْيَوْمَ الْمِضْمَارُ وَغَدًا السِّبَاقُ، أَلَا وَإِنَّ الْغَايَةَ النَّارُ، وَالسَّابِقُ مَنْ سَبَقَ إِلَى الْجَنَّةِ. (4)
وقوله تعالى: (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) قَدْ كَانَ هَذَا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا ورد ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَةِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ:
«خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ الرُّومُ وَالدُّخَانُ وَاللِّزَامُ وَالْبَطْشَةُ وَالْقَمَرُ» وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ العلماء أن انْشِقَاقُ الْقَمَرِ قَدْ وَقَعَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ كَانَ إِحْدَى الْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَاتِ.
ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ
[رِوَايَةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ]: روى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةً، فانشق القمر بمكة مرتين فقال:
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَروى الْبُخَارِيُّ:
عن أنس بن مَالِكٍ، أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ الْقَمَرَ شِقَّيْنِ حَتَّى رَأَوْا حِرَاءَ بَيْنَهُمَا. وَأَخْرَجَاهُ
[رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]
روى الْبُخَارِيُّ: عَنِ ابْنِ عباس قال: انشق القمر فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَاهُ وَمُسْلِمٌ
وَقال ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ مُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ قَالَ: قَدْ مَضَى ذَلِكَ، كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ انْشَقَّ الْقَمَرُ حَتَّى رَأَوْا شِقَّيْهِ،
وَرَوَى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَ هَذَا،
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقُطَعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُسِفَ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: سُحِرَ الْقَمَرُ، فَنَزَلَتْ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ- إِلَى قَوْلِهِ- مُسْتَمِرٌّ.) 5 (
[رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ] روى الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ قَالَ: وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْشَقَّ فِلْقَتَيْنِ، فِلْقَةٌ مِنْ دُونِ الْجَبَلِ وَفِلْقَةٌ مِنْ خَلْفِ الْجَبَلِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ»»
وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهِ، قَالَ مُسْلِمٌ كَرِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
[رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ] روى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم شقتين، حَتَّى نَظَرُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اشْهَدُوا» وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَمِّي يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنَى، فَانْشَقَّ الْقَمَرُ فَأَخَذَتْ فِرْقَةٌ خَلْفَ الْجَبَلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اشْهَدُوا اشْهَدُوا» (6) قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ أَبُو الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بِمَكَّة
َ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: هَذَا سِحْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ. قَالَ: فَقَالُوا انْظُرُوا مَا يَاتِيكُمْ بِهِ السُّفَّارُ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْحَرَ النَّاسَ كُلَّهُمْ، قَالَ: فَجَاءَ السُّفَّارُ فَقَالُوا ذَلِكَ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرْنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ حَتَّى صَارَ فِرْقَتَيْنِ، فَقَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ أَهْلُ مَكَّةَ: هَذَا سِحْرٌ سَحَرَكُمْ بِهِ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ انْظُرُوا السُّفَّارَ، فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صَدَقَ، وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَرَوْا مِثْلَ مَا رَأَيْتُمْ فَهُوَ سِحْرٌ سَحَرَكُمْ بِهِ. قَالَ: فَسُئِلَ السُّفَّارُ، قَالَ:
وَقَدِمُوا مِنْ كُلِّ وُجْهَةٍ فَقَالُوا: رأيناه، ورواه ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بِهِ، وَزَادَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «1»: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ هُوَ ابْنُ سِيرِينَ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ: لَقَدِ انْشَقَّ الْقَمَرُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِمَارَةَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ الْجَبَلَ مِنْ فَرْجِ الْقَمَرِ حِينَ انْشَقَّ، وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ مُؤَمَّلٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حَتَّى رَأَيْتُ الْجَبَلَ مِنْ بَيْنِ فُرْجَتَيِ الْقَمَرِ. (7)
وَقَوْلُهُ تعالى، (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً) أَيْ دَلِيلًا وَحُجَّةً وَبُرْهَانًا يُعْرِضُوا أَيْ لَا يَنْقَادُونَ لَهُ بَلْ يُعْرِضُونَ عَنْهُ وَيَتْرُكُونَهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ أَيْ وَيَقُولُونَ هَذَا الَّذِي شَاهَدْنَاهُ مِنَ الْحُجَجِ سِحْرٌ سُحِرْنَا بِهِ وَمَعْنَى مُسْتَمِرٌّ أَيْ ذَاهِبٌ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا: أَيْ بَاطِلٌ مُضْمَحِلٌّ لَا دَوَامَ لَهُ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ أَيْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ إِذْ جَاءَهُمْ، وَاتَّبَعُوا مَا أَمَرَتْهُمْ بِهِ آرَاؤُهُمْ وَأَهْوَاؤُهُمْ مِنْ جَهْلِهِمْ وَسَخَافَةِ عَقْلِهِمْ.
وَقَوْلُهُ: وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ قَالَ قَتَادَةُ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْخَيْرَ وَاقِعٌ بِأَهْلِ الْخَيْرِ، وَالشَّرَّ وَاقِعٌ بِأَهْلِ الشَّرِّ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مُسْتَقِرٌّ بِأَهْلِهِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: مُسْتَقِرٌّ أَيْ وَاقِعٌ، وَقَوْلُهُ تعالى: وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ أَيْ مِنَ الْأَخْبَارِ عَنْ قِصَصِ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبِينَ بِالرُّسُلِ وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْعِقَابِ وَالنَّكَالِ وَالْعَذَابِ مِمَّا يُتْلَى عليهم في الْقُرْآنِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ أَيْ مَا فِيهِ وَاعِظٌ لَهُمْ عَنِ الشِّرْكِ وَالتَّمَادِي عَلَى التَّكْذِيبِ. وقوله تعالى:
حِكْمَةٌ بالِغَةٌ أَيْ فِي هِدَايَتِهِ تَعَالَى لِمَنْ هَدَاهُ وَإِضْلَالِهِ لِمَنْ أَضَلَّهُ فَما تُغْنِ النُّذُرُ يَعْنِي أَيُّ شَيْءٍ تُغْنِي النُّذُرُ عَمَّنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّقَاوَةَ وَخَتَمَ عَلَى قَلْبِهِ فَمَنِ الَّذِي يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ؟
وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ [الْأَنْعَامِ: 149] وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ [يونس: 101].
——–
(1) فيه شريك القاضي لكن في الشواهد. أصله في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس. …
(2) قال ابن رجب: وذكر الأحاديث المتقدمة. ويشهد لذلك من الأحاديث الصحيحة بعثت أنا والساعة كهاتين خرجاه في الصحيحين من حديث أنس وخرجاه أيضا بمعناه من حديث أبي هريرة وسهل.
وذكر الشيخ الألباني في الصحيحة 1625 وعزاه للحاكم من طريق حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا إن الله جعل الدنيا كلها قليلا وما بقي منها إلا القليل من القليل ومثل ما بقي من الدنيا كالثغب يعني الغدير شرب صفوه وبقي كدره ثم ذكره موقوفا الشطر الأخير منه
(3) أخرجه البخاري 3532 ومسلم 2354 من حديث جبير بن مطعم.
(4) فيه عطاء اختلط ورواية ابن علية بعد الاختلاط. لكنه تابعه شعبة أخرجه الطبري 11/ 546. وكذلك تابعه الثوري كما عند ابن عساكر. وهما ممن روى عن عطاء قبل الاختلاط.
(5) أخرجه الطبراني في الكبير 11642 وقال محققو تفسير ابن كثير دار الفتح رجاله ثقات وفيه عنعنة ابن جريج وهو مدلس.
قلت سيف: نقل الشيخ مقبل في أسباب النزول أن ابن كثير قال في البداية والنهاية: إسناده جيد
ووجدت انه صرح بالتحديث عند عبدالرزاق
قال ابن كثير: فلعله حصل له انشقاق في ليلة كسوفه لهذا خفي أمره على كثير من أهل الأرض. ومرة قال: وهذا سياق غريب.
(6) الرجل الذي لم يسم هو أبو معمر عبدالله بن سخبره.
(7) مؤمل بن اسماعيل صدوق سيء الحفظ
لكن تابعه محمد بن سعيد بن سابق أخرجه الحاكم 2/ 471
تنبيه: وفي سنن أبي داود:4349:
عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ يُعْجِزَ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ»
* ذكره الشيخ مقبل في أحاديث معله 419 وذكر أن الليث بن سعد وقفه وخالف فيه ابن وهب، قال ابن حجر: رجح البخاري وقفه. انتهى
قال ابن رجب في الفتح 4/ 337: وروي موقوفا ووقفه أصح عند البخاري وغيره، وخرجه أبوداود بإسناد منقطع عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن صح هذا فإنما يدل على أنه رجا لأمته تأخير نصف يوم. انتهى
قلت: الإنقطاع في الإسناد التالي؛ هي أن شريح لم يدرك سعدا.
وتكلم ابن رجب في معنى الحديث 3/ 150 ونقل الأقوال وقال: وأخذ بقاء ما بقي من الدنيا على التحديد من هذه النصوص لا يصح؛ فإن الله استأثر بعلم الساعة … وإنما خرج هذا من النبي صلى الله عليه وسلم على وجه التقريب للساعة من غير تحديد لوقتها.
قلت: وكل النقولات التي نقلها لا يصح حمل الحديث عليها فإما قالوا القيامة في الخمسمائة ومن زاد قال إذا تممت الألف للهجرة، وكل هذا تجاوزته الأمة فنحن في سنة 1435 من الهجرة، ونقل صاحب العون عن بعضهم أن الخمسمائة بعد مرور سبعة آلاف سنه، ونحن الإن في الاربعمائة.
المهم كلام ابن رجب في أن ذلك خرج على وجه التقريب من أقوي الأقوال.
وسبق أن صاحب العون نقل عن الأئمة باب في قتال الترك: وما حصل منهم، وكأن المقصود بالحديث ما أحاق بالأمة من الهلاك، فرجى النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤخر أمته بعد الخمسمائة، وكانت فتنتهم في ذلك الوقت، فسلم الله هذه الأمة وتجاوزت تلك المحنة. فهي مؤخرة. انتهى بتصرف
قلت: وهي مؤخرة ليوم علمه عند الله
========
========
[سورة القمر (54): الآيات 6 الى 8]
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)
———-
يَقُولُ تَعَالَى: فَتَوَلَّ يَا مُحَمَّدُ عَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ إِذَا رَأَوْا آيَةً يَعْرِضُونَ وَيَقُولُونَ هَذَا سحر مستمر، أعرض عنهم وانتظرهم يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ أَيْ إِلَى شَيْءٍ مُنْكَرٍ فَظِيعٍ، وَهُوَ مَوْقِفُ الْحِسَابِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ بَلْ وَالزَّلَازِلِ وَالْأَهْوَالِ، خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ أَيْ ذَلِيلَةٌ أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ وَهِيَ الْقُبُورُ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ أَيْ كَأَنَّهُمْ فِي انْتِشَارِهِمْ وَسُرْعَةِ سَيْرِهِمْ إِلَى مَوْقِفِ الْحِسَابِ إِجَابَةً لِلدَّاعِي جَرادٌ مُنْتَشِرٌ فِي الْآفَاقِ، وَلِهَذَا قَالَ:
مُهْطِعِينَ أي مسرعين إِلَى الدَّاعِ لَا يُخَالِفُونَ وَلَا يَتَأَخَّرُونَ يَقُولُ الْكافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ أَيْ يَوْمٌ شَدِيدُ الْهَوْلِ عَبُوسٌ قَمْطَرِيرٌ فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [المدثر: 9 – 10].
=======
=======
[سورة القمر (54): الآيات 9 الى 17]
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (16) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)
———
يَقُولُ تَعَالَى: كَذَّبَتْ قَبْلَ قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا أَيْ صَرَّحُوا لَهُ بِالتَّكْذِيبِ وَاتَّهَمُوهُ بِالْجُنُونِ وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ قَالَ مُجَاهِدٌ: وَازْدُجِرَ. أَيْ اسْتُطِيرَ جُنُونًا، وَقِيلَ: وَازْدُجِرَ أي انتهروه وزجروه وتواعدوه لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ [الشُّعَرَاءِ: 116]، قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ حَسَنٌ فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ أَيْ إِنِّي ضَعِيفٌ عَنْ هَؤُلَاءِ وَعَنْ مُقَاوَمَتِهِمْ فَانْتَصِرْ أَنْتَ لِدِينِكَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ قال السدي: وهو الْكَثِيرُ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً أَيْ نَبَعَتْ جَمِيعُ أَرْجَاءِ الْأَرْضِ حَتَّى التَّنَانِيرُ الَّتِي هِيَ مَحَالُّ النِّيرَانِ نَبَعَتْ عُيُونًا، فَالْتَقَى الْماءُ أَيْ مِنَ السَّمَاءِ وَمِنَ الْأَرْضِ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ أَيْ أَمْرٌ مُقَدَّرٌ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ ابْنَ الْكُوَّاءِ سَأَلَ عَلِيًّا عَنِ الْمَجَرَّةِ فَقَالَ:
هِيَ شَرَجُ السَّمَاءِ، وَمِنْهَا فُتِحَتِ السَّمَاءُ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْقُرَظِيُّ وقَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: هِيَ الْمَسَامِيرُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جرير، قال:
وَوَاحِدُهَا دِسَارٌ. وَيُقَالُ: دَسِيرٌ كَمَا يُقَالُ حَبِيكٌ وَحِبَاكٌ وَالْجَمْعُ حُبُكٌ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الدُّسُرُ أَضْلَاعُ السَّفِينَةِ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالْحَسَنُ: هُوَ صَدْرُهَا الَّذِي يضرب به الموج. وقال الضحاك: طرفاها وَأَصْلُهَا، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ كلكلها أي صدرها.
وَقَوْلُهُ: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) أَيْ بِأَمْرِنَا بِمَرْأًى مِنَّا وَتَحْتَ حِفْظِنَا وَكَلَاءَتِنَا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ أَيْ جَزَاءً لَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَانْتِصَارًا لنوح عليه السلام.
وقوله تعالى: (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً) قَالَ قَتَادَةُ: أَبْقَى اللَّهُ سَفِينَةَ نُوحٍ حَتَّى أَدْرَكَهَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ جِنْسُ السُّفُنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ) [يس: 41 – 42] وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ أَيْ فَهَلْ مَنْ يَتَذَكَّرُ وَيَتَّعِظُ.
وروى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ. فقال رجل: يا أبا عبدالرحمن مدكر أو مذكر؟ قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مدكر).
وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَرَاتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ وقال النبي صلى الله عليه وسلم فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.
وَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إسحاق أنه سمع رجلا سأل الْأَسْوَدَ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ أَوْ مُذَّكِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقْرَأُ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ. دَالًا. وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ وأهل السنن إلا ابن ماجه من حديث أبي اسحاق.
وَقَوْلُهُ تعالى: (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُر) ِ أَيْ كَيْفَ كَانَ عَذَابِي لِمَنْ كَفَرَ بِي وَكَذَّبَ رُسُلِي، وَلَمْ يَتَّعِظْ بِمَا جَاءَتْ بِهِ نُذُرِي، وَكَيْفَ انْتَصَرْتُ لَهُمْ وَأَخَذْتُ لَهُمْ بِالثَّارِ.
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) أَيْ سَهَّلْنَا لَفْظَهُ وَيَسَّرْنَا مَعْنَاهُ لِمَنْ أَرَادَهُ لِيَتَذَكَّرَ النَّاسُ، كَمَا قَالَ: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ. وَقَالَ تَعَالَى: (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) [مَرْيَمَ: 97] قَالَ مُجَاهِدٌ: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ يَعْنِي هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: يَسَّرْنَا تِلَاوَتَهُ عَلَى الْأَلْسُنِ.
قُلْتُ: وَمِنْ تَيْسِيرِهِ تَعَالَى عَلَى النَّاسِ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ مَا تَقَدَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ» وَأَوْرَدْنَا الْحَدِيثَ بِطُرُقِهِ وَأَلْفَاظِهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَقَوْلُهُ: فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ أَيْ فَهَلْ مِنْ مُتَذَكِّرٍ بِهَذَا الْقُرْآنِ الَّذِي قَدْ يَسَّرَ اللَّهُ حِفْظَهُ وَمَعْنَاهُ؟ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: فَهَلْ مِنْ مُنْزَجَرٍ عَنِ الْمَعَاصِي؟.
وَروى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: عَنْ مَطَرٍ هُوَ الْوَرَّاقُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانُ عَلَيْهِ، وَكَذَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، ورواه ابن جرير، وروي عن قتادة مثله.
=====
======
======
[سورة القمر (54): الآيات 18 الى 22]
كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (18) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (21) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22)
————
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ عَادٍ قَوْمِ هُودٍ، إِنَّهُمْ كَذَّبُوا رَسُولَهُمْ أَيْضًا، كَمَا صَنَعَ قَوْمُ نُوحٍ وَأَنَّهُ تَعَالَى أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً وَهِيَ الْبَارِدَةُ الشَّدِيدَةُ الْبَرْدِ فِي يَوْمِ نَحْسٍ أَيْ عَلَيْهِمْ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ وقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ مُسْتَمِرٍّ عَلَيْهِمْ نَحْسُهُ وَدَمَارُهُ لِأَنَّهُ يَوْمٌ اتَّصَلَ فِيهِ عَذَابُهُمُ الدُّنْيَوِيُّ بِالْأُخْرَوِيِّ.
وقوله تعالى: (تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) وَذَلِكَ أَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ تَاتِي أَحَدَهُمْ فَتَرْفَعُهُ حَتَّى تَغَيِّبَهُ عَنِ الْأَبْصَارِ، ثُمَّ تُنَكِّسُهُ عَلَى أُمِّ رَاسِهِ فَيَسْقُطُ إِلَى الْأَرْضِ، فَتَثْلَغُ رَاسَهُ فَيَبْقَى جُثَّةً بِلَا رَاسٍ، وَلِهَذَا قَالَ: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ. فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ. وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.
======
======
======
[سورة القمر (54): الآيات 23 الى 32]
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (24) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26) إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (28) فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ (29) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (30) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (32)
———‘——–‘——
وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنْ ثَمُودَ أَنَّهُمْ كَذَّبُوا رَسُولَهُمْ صَالِحًا (فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُر) ٍ
يَقُولُونَ: لَقَدْ خِبْنَا وَخَسِرْنَا إِنْ سَلَّمْنَا كُلُّنَا قِيَادَنَا لِوَاحِدٍ مِنَّا. ثُمَّ تَعَجَّبُوا مِنْ إِلْقَاءِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ خَاصَّةً مِنْ دُونِهِمْ ثُمَّ رَمَوْهُ بِالْكَذِبِ فَقَالُوا: (بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ) أَيْ مُتَجَاوِزٌ فِي حَدِّ الْكَذِبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) وَهَذَا تَهْدِيدٌ لَهُمْ شَدِيدٌ وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: (إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ) أَيِ اخْتِبَارًا لَهُمْ، أَخْرَجَ اللَّهُ لَهُمْ نَاقَةً عَظِيمَةً عُشَرَاءَ، مِنْ صَخْرَةٍ صَمَّاءَ طِبْقَ مَا سَأَلُوا، لِتَكُونَ حُجَّةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي تَصْدِيقِ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا جاءهم به،
ثم قال تعالى آمِرًا لِعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ صَالِحٍ: (فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ) أَيِ انتظر ما يؤول إِلَيْهِ أَمْرُهُمْ، وَاصْبِرْ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ لَكَ، وَالنَّصْرَ لَكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) أَيْ يَوْمٌ لَهُمْ وَيَوْمٌ لِلنَّاقَةِ كَقَوْلِهِ: (قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) [الشعراء: 155].
وقوله تعالى: (كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ) قَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا غَابَتْ حَضَرُوا الْمَاءَ. وَإِذَا جَاءَتْ حَضَرُوا اللَّبَنَ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هُوَ عَاقِرُ النَّاقَةِ، وَاسْمُهُ قُدَارُ بْنُ سَالِفٍ، وَكَانَ أَشْقَى قَوْمِهِ. كَقَوْلِهِ: (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) [الشمس: 12] فَتَعاطى أي فحبسر (فَعَقَرَ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُر) ِ أَيْ فَعَاقَبْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِي لَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِي وَتَكْذِيبِهِمْ رَسُولِي (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) أَيْ فَبَادُوا عَنْ آخِرِهِمْ لَمْ تَبْقَ مِنْهُمْ بَاقِيَةٌ، وَخَمَدُوا وَهَمَدُوا كَمَا يهمد وييبس الزَّرْعِ وَالنَّبَاتِ، قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَالْمُحْتَظِرُ قَالَ السُّدِّيُّ هُوَ الْمَرْعَى بِالصَّحْرَاءِ حِينَ ييبس ويحترق وتنسفه الرِّيحُ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: كَانَتِ الْعَرَبُ يَجْعَلُونَ حِظَارًا عَلَى الْإِبِلِ وَالْمَوَاشِي مَنْ يَبِيسِ الشَّوْكِ فَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: (كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) وَقَالَ سعيد بن جبير: هشيم الْمُحْتَظِرِ هُوَ التُّرَابُ الْمُتَنَاثِرُ مِنَ الْحَائِطِ، وَهَذَا قول غريب، والأول أقوى والله أعلم.
=====
======
======
[سورة القمر (54): الآيات 33 الى 40]
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ (36) وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (37)
وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (38) فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (39) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (40)
——–‘———‘—-‘–
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ قَوْمِ لُوطٍ كَيْفَ كَذَّبُوا رَسُولَهُمْ وَخَالَفُوهُ، وَارْتَكَبُوا الْمَكْرُوهُ مِنْ إِتْيَانِ الذُّكُورِ وَهِيَ الْفَاحِشَةَ الَّتِي لَمْ يَسْبِقْهُمْ بِهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ، وَلِهَذَا أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ هَلَاكًا لَمْ يُهْلِكْهُ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَحَمَلَ مَدَائِنَهُمْ حَتَّى وَصَلَ بِهَا إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ، ثُمَّ قَلَبَهَا عَلَيْهِمْ وَأَرْسَلَهَا وَأُتْبِعَتْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ، وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً) وَهِيَ الْحِجَارَة (ُ إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَر) ٍ أَيْ خَرَجُوا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَنَجَوْا مِمَّا أَصَابَ قَوْمَهُمْ، وَلَمْ يُؤْمِنْ بِلُوطٍ مِنْ قَوْمِهِ أَحَدٌ وَلَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، حَتَّى وَلَا امْرَأَتُهُ أَصَابَهَا مَا أَصَابَ قَوْمَهَا، وَخَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ لُوطٌ وَبَنَاتٌ لَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ سَالِمًا لَمْ يَمْسَسْهُ سُوءٌ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: (كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا) أَيْ وَلَقَدْ كَانَ قَبْلَ حُلُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ قَدْ أَنْذَرَهُمْ بَاسَ اللَّهِ وَعَذَابَهُ فَمَا الْتَفَتُوا إِلَى ذَلِكَ وَلَا أَصْغَوْا إِلَيْهِ بَلْ شَكُّوا فِيهِ وَتَمَارَوْا بِهِ.
(وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ) وَذَلِكَ لَيْلَةَ وَرَدَ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ في صور شَبَابٍ مُرْدٍ حِسَانٍ مِحْنَةً مِنَ اللَّهِ بِهِمْ، فَأَضَافَهُمْ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَبَعَثَتِ امْرَأَتُهُ الْعَجُوزُ السُّوءُ إِلَى قَوْمِهَا فَأَعْلَمَتْهُمْ بِأَضْيَافِ لُوطٍ، فَأَقْبَلُوا يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَأَغْلَقَ لُوطٌ دُونَهُمُ الْبَابَ، فَجَعَلُوا يُحَاوِلُونَ كَسْرَ الْبَابِ، وَذَلِكَ عَشِيَّةً وَلُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُدَافِعُهُمْ وَيُمَانِعُهُمْ دُونَ أَضْيَافِهِ وَيَقُولُ لَهُمْ: (هؤُلاءِ بَناتِي) يَعْنِي نِسَاءَهُمْ (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ).الحجر 71 قالُوا (لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَق) [الحجر: 71 – 72] أَيْ لَيْسَ لَنَا فِيهِنَّ أَرَب (ٌ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ) فَلَمَّا اشْتَدَّ الْحَالُ وَأَبَوْا إِلَّا الدُّخُولَ، خَرَجَ عَلَيْهِمْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَضَرَبَ أَعْيُنَهُمْ بِطَرَفِ جَنَاحِهِ، فَانْطَمَسَتْ أَعْيُنُهُمْ، يُقَالُ إِنَّهَا غَارَتْ مِنْ وُجُوهِهِمْ، وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ تَبْقَ لَهُمْ عُيُونٌ بِالْكُلِّيَّةِ، فَرَجَعُوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ يَتَحَسَّسُونَ بِالْحِيطَانِ، وَيَتَوَعَّدُونَ لُوطًا عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الصَّبَاحِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
(وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ)،أَيْ لَا مَحِيدَ لَهُمْ عَنْهُ وَلَا انْفِكَاكَ لَهُمْ مِنْهُ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.
======
======
======
[سورة القمر (54): الآيات 41 الى 46]
وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41) كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (42) أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)
بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ (46)
——-‘——
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ: إِنَّهُمْ جَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ مُوسَى وَأَخُوهُ هَارُونُ بِالْبِشَارَةِ إِنْ آمَنُوا، وَالنِّذَارَةِ إِنْ كَفَرُوا، وَأَيَّدَهُمَا بِمُعْجِزَاتٍ عَظِيمَةٍ وَآيَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَكَذَّبُوا بِهَا كُلِّهَا، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ (أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ) أَيْ فَأَبَادَهُمُ الله ولم يبق منهم مخبر ولا عين ولا أثر، ثم قال تعالى: (أَكُفَّارُكُمْ) أَيْ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ (خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ) يَعْنِي مِنَ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ مِمَّنْ أُهْلِكُوا بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمُ الرُّسُلَ وَكُفْرِهِمْ بالكتب، أأنتم خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ؟ (أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ) أَيْ أَمْ مَعَكُمْ مِنَ اللَّهِ بَرَاءَةٌ أن لا ينالكم عذاب ولا نكال؟ ثم قال تعالى مُخْبِرًا عَنْهُمْ: (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) أي يعتقدون أنهم يتناصرون بعضهم بعضا، وأن جميعهم يُغْنِي عَنْهُمْ مَنْ أَرَادَهُمْ بِسُوءٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ) وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ أَيْ سَيَتَفَرَّقُ شَمْلُهُمْ وَيُغْلَبُونَ.
روى الْبُخَارِيُّ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ يَوْمَ بَدْرٍ: «أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تعبد بعد اليوم في الأرض أَبَدًا» فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِيَدِهِ وَقَالَ: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ فَخَرَجَ وَهُوَ يَثِبُ فِي الدِّرْعِ وَهُوَ يَقُولُ: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) وَكَذَا
وَروى الْبُخَارِيُّ: عن يُوسُفُ بْنَ مَاهَكَ قَالَ: إِنِّي عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ المؤمنين فقالت: نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ أَلْعَب (ُ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) هَكَذَا رَوَاهُ هَاهُنَا مُخْتَصَرًا، وَرَوَاهُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مُطَوَّلًا وَلَمْ يُخَرِّجْهُ مسلم.
======
======
======
[سورة القمر (54): الآيات 47 الى 55]
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (49) وَما أَمْرُنا إِلاَّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51)
وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)
——-‘——-‘——-
يُخْبِرُنَا تَعَالَى عَنِ الْمُجْرِمِينَ أَنَّهُمْ (فِي ضَلَالٍ) عَنِ الْحَق (ِّ وَسُعُرٍ) مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الشُّكُوكِ وَالِاضْطِرَابِ فِي الْآرَاءِ، وَهَذَا يَشْمَلُ كُلَّ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ مِنْ كَافِرٍ ومبتدع من سائر الفرق،
ثم قال تعالى: (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِم) ْ أَيْ كَمَا كَانُوا فِي سُعُرٍ وَشَكٍّ وَتَرَدُّدٍ أَوْرَثَهُمْ ذلك النار، وكما كانوا ضلالا يسحبون فِيهَا عَلَى وُجُوهِهِمْ لَا يَدْرُونَ أَيْنَ يَذْهَبُونَ، وَيُقَالُ لَهُمْ تَقْرِيعًا وَتَوْبِيخًا: (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ).
وقوله تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) كَقَوْلِهِ: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) [الفرقان: 2] وكقوله تَعَالَى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) [الْأَعْلَى: 1 – 3] أَيْ قَدَّرَ قَدَرًا وَهَدَى الْخَلَائِقَ إِلَيْهِ، وَلِهَذَا يَسْتَدِلُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ قَدَرِ اللَّهِ السَّابِقِ لِخَلْقِهِ، وَهُوَ عِلْمُهُ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ كَوْنِهَا وَكِتَابَتُهُ لَهَا قَبْلَ بُرْئِهَا، وَرَدُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَبِمَا شَاكَلَهَا مِنَ الْآيَاتِ وَمَا وَرَدَ فِي معناها من الأحاديث الثابتات على الفرقة الْقَدَرِيَّةِ، الَّذِينَ نَبَغُوا فِي أَوَاخِرِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى هَذَا الْمَقَامِ مُفَصَّلًا وَمَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَلْنَذْكُرْ هَاهُنَا الْأَحَادِيثَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ.
روى أَحْمَدُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَاصِمُونَهُ فِي الْقَدَرِ فَنَزَلَت (ْ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وقال ابن ابي حاتم: وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ الْجَزَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ يَنْزِعُ مِنْ زَمْزَمَ، وَقَدِ ابْتَلَّتْ أَسَافِلُ ثِيَابِهِ فَقُلْتُ له قد تكلم في القدر، فقال: أوقد فعلوها؟ قلت: نعم، قال: فو الله مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِلَّا فِيهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ أولئك شرار هذه لأمة، فَلَا تَعُودُوا مَرْضَاهُمْ وَلَا تُصَلُّوا عَلَى مَوْتَاهُمْ، إِنْ رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ فَقَاتُ عَيْنَيْهِ بِأُصْبُعَيَّ هَاتَيْنِ ……. (1)
وَروى الإمام أَحْمَدُ: عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ شَيْءٍ بَقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «اسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ فَإِنْ أَصَابَكَ أَمْرٌ فَقُلْ قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، وَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فعلت كذا لَكَانَ كَذَا فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ»
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ لَكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَضُرُّوكَ جَفَّتِ الْأَقْلَامُ وطويت الصحف»
وقال الإمام أَحْمَدُ حدثنا الحسن بن سوار حدثنا الليث عن معاوية عن أيوب ابن زياد حدثني: عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُبَادَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ أَتَخَايَلَ فِيهِ الْمَوْتَ فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ أَوْصِنِي وَاجْتَهِدْ لِي، فَقَالَ: أَجْلِسُونِي، فَلَمَّا أَجْلَسُوهُ قَالَ: يَا بني إنك لم تَطْعَمْ طَعْمَ الْإِيمَانِ وَلَمْ تَبْلُغْ حَقَّ حَقِيقَةِ الْعِلْمِ بِاللَّهِ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ. قُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ وَكَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ مَا خَيْرُ الْقَدَرِ وَشَرُّهُ؟ قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ ثُمَّ قَالَ لَهُ اكْتُبْ فَجَرَى فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» يَا بُنَيَّ إِنْ مُتَّ وَلَسْتَ عَلَى ذَلِكَ دَخَلْتَ النَّارَ».
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُوسَى الْبَلْخِيِّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِيهِ بِهِ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. (2)
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ، عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «لا يؤمن أحد حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ: يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، وَيُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَيُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ بِهِ، وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ فَذَكَرَهُ وَقَالَ: هَذَا عِنْدِي أَصَحُّ، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ بِهِ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هَانِئٍ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ مقادير الخلق قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ» زَادَ ابْنُ وَهْبٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ [هُودٍ: 7] وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وقال: حسن صحيح غريب.
وقوله تَعَالَى: (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) وهذا إِخْبَارٌ عَنْ نُفُوذِ مَشِيئَتِهِ فِي خَلْقِهِ، كَمَا أخبرنا بِنُفُوذِ قَدَرِهِ فِيهِمْ فَقَالَ: (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ) أَيْ إِنَّمَا نَامُرُ بِالشَّيْءِ مَرَّةً وَاحِدَةً لَا نَحْتَاجُ إِلَى تَاكِيدٍ بِثَانِيَةٍ، فَيَكُونُ ذَلِكَ الَّذِي نَامُرُ بِهِ حَاصِلًا مَوْجُودًا كَلَمْحِ الْبَصَرِ، لَا يَتَأَخَّرُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَمَا أَحْسَنَ مَا قال بعض الشعراء: [الطويل]
إِذَا مَا أَرَادَ اللَّهُ أَمْرًا فَإِنَّمَا … يَقُولُ له كن قولة فيكون
وقوله تعالى: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ) يَعْنِي أَمْثَالَكُمْ وَسَلَفَكُمْ مِنَ الأمم السالفة الْمُكَذِّبِينَ بِالرُّسُلِ (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أَيْ فَهَلْ مِنْ مُتَّعِظٍ بِمَا أَخْزَى اللَّهُ أُولَئِكَ وَقَدَّرَ لهم من العذاب، كما قال تعالى: (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ) [سبأ: 54] وقوله تعالى: (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) أَيْ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِمْ فِي الْكُتُبِ الَّتِي بِأَيْدِي الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ) أَيْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ (مُسْتَطَرٌ) أَيْ مَجْمُوعٌ عَلَيْهِمْ وَمُسَطَّرٌ فِي صَحَائِفِهِمْ، لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا.
وَقَدْ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ بَانَكَ، سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَائِشَةَ لِأُمِّهَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «يَا عَائِشَةُ إِيَّاكِ وَمُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّ لَهَا مِنَ اللَّهِ طَالِبًا» وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ بَانَكَ الْمَدَنِيِّ، (3) وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ هَذَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. ثُمَّ قَالَ سَعِيدٌ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَامِرَ بْنَ هِشَامٍ فَقَالَ لِي: وَيْحَكَ يَا سَعِيدُ بْنَ مُسْلِمٍ! لَقَدْ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ عَمِلَ ذَنْبًا فَاسْتَصْغَرَهُ فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ فقال له يا سليمان: [الطويل]
لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الذُّنُوبِ صَغِيرًا … إِنَّ الصَّغِيرَ غَدًا يَعُودُ كَبِيرَا
إِنَّ الصَّغِيرَ وَلَوْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ … عِنْدَ الْإِلَهِ مُسَطَّرٌ تَسْطِيرَا
فَازْجُرْ هَوَاكَ على الْبَطَالَةِ لَا تَكُنْ … صَعْبَ الْقِيَادِ وَشَمِّرَنْ تَشْمِيرَا
إِنَّ الْمُحِبَّ إِذَا أَحَبَّ إِلَهَهُ … طَارَ الْفُؤَادُ وَأُلْهِمَ التَّفْكِيرَا
فَاسْأَلْ هِدَايَتَكَ الْإِلَهَ بِنِيَّةٍ … فَكَفَى بربك هاديا ونصيرا
وقوله تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ) أَيْ بِعَكْسِ مَا الْأَشْقِيَاءُ فِيهِ مِنَ الضَّلَالِ وَالسُّعْرِ وَالسَّحْبِ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، مَعَ التَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ والتهديد.
وقوله تعالى: (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) أَيْ فِي دَارِ كَرَامَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ وَفَضْلِهِ وَامْتِنَانِهِ وَجُودِهِ وَإِحْسَانِه (ِ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) أَيْ عِنْدَ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ الْخَالِقِ لِلْأَشْيَاءِ كُلِّهَا وَمُقَدِّرِهَا. وَهُوَ مُقْتَدِرٌ عَلَى مَا يَشَاءُ مِمَّا يَطْلُبُونَ وَيُرِيدُونَ.
وَقَدْ روى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُقْسِطُونَ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حكمهم وأهليهم وما ولوا» انفرد بإخراجه مُسْلِمٌ
آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ اقْتَرَبَتْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ.
——–
(1) ذكر ابن كثير هنا حديثا مرفوعا (والذي نفسي بيده لينتهين بهم سوء رأيهم حتى يخرجوا الله من أن يكون قدَّر خيرا كما أخرجوه من أن يكون قدَّر شرا) وفيه ضعف
وكذلك أخرج أحاديث أن القدرية مجوس هذه الأمة
وكلها ضعيفة
قال العقيلي: الرواية في هذا الباب فيها لين
وراجع علل الخلال دار الراية ص 241، 244
(2) قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل على الصحيح
قال الترمذي مرة 2155 في رواية عبدالواحد بن سليم هذا حديث غريب من هذا الوجه.
وفي 3319 من حديث عبدالواحد كذلك قال حديث حسن غريب وفيه عن ابن عباس
وفي طبعة بشار وطبعة أحمد شاكر 3319 قال حسن صحيح غريب
والغرابة أقرب في رواية عبدالواحد. لأن البخاري في التاريخ الكبير 6/ 92 قال في رواية عبدالواحد بعد أن ذكر الروايات: عبدالواحد فيه نظر
ونقل ابن القطان أن ابن المديني حسن الحديث من طريق أيوب بن زياد كما في بيان الوهم. وإن كان هو يميل للجهالة. ولإمامة ابن المديني يصلح أن يكون على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
وأخرجه أبوداود من طريق أبي حفصة قال قال عبادة بن الصامت. ….
وصححه الشيخ مقبل بالمتابعات في الجامع في القدر ص 102 وراجع مجموع الفتاوى 2/ 275. وكذلك 18/ 27503
(3) على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
قال محققو المسند 24415: إسناده قوي
وعوف بن الحارث هو عوف بن الطفيل بن سخبره … روى له البخاري. وروى عنه جمع
ولا أدري لم قال ابن حجر: مقبول
ولم قال الذهبي: وثق
ونقل الذهبي في الفتح أن ابن حبان صححه. نقل كلام ابن حجر: الشيخ مقبل في مجموعة رسائل علمية