274 رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة.
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة.
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
وناصر الكعبي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
(16) باب من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده ولم يعد غسل مواضع الوضوء مرة أخرى.
274 – حدثنا يوسف بن عيسى؛ قال: أخبرنا الفضل بن موسى؛ قال: أخبرنا الأعمش عن سالم عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس عن ميمونة؛ قالت: وضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضوءا لجنابة، فأكفأ بيمينه على شماله مرتين أو ثلاثا ثم غسل فرجه ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثا ثم مضمض واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه ثم أفاض على رأسه الماء، ثم غسل جسده ثم تنحى فغسل رجليه. قالت: فأتيته بخرقة فلم يردها فجعل ينفض بيده.
فوائد الباب:
1 – قوله: (ولم يعد غسل مواضع الوضوء مرة أخرى). قال ابن حجر: قوله في الحديث: (ثم غسل جسده) يحمل على المجاز أي ما بقي بعد ما تقدما ذكره، ودَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (بَعْدُ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ) إذْ لَوْ كانَ قَوْلُهُ: (غَسَلَ جَسَدَهُ) مَحْمُولًا عَلى عُمُومِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ ثانِيًا؛ لِأنَّ غَسْلَهُما كانَ يَدْخُلُ فِي العُمُومِ، وهَذا أشْبَهُ بِتَصَرُّفاتِ البُخارِيِّ إذْ مِن شَانِهِ الاعتناء بالأخفى أكثر من الأجلى.
2 – حديث ميمونة -رضي الله عنها- سبق تخريجه وشرحه في الباب الأول: الوضوء قبل الغسل. وفي عدة أبواب بعده.
3 – قوله: (وضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضوءا لجنابة) ثم شرع في الوضوء قبل الغسل.
4 – قوله: (وضوء الجنابة) فاختيار لفظة الوضوء هنا تأكيد لفهم البخاري، وتأخير غسل الرجلين لما بعد الغسل في هذا الحديث، تأييد لفهم البخاري أيضا؛ كونه لم يعد الوضوء. كما سبق نقله عن ابن حجر
5 – قال ابن حجر: “واستنبط ابن بَطّالٍ مِن كَوْنِهِ لَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَواضِعِ الوُضُوءِ إجْزاءَ غُسْلِ الجُمْعَةِ عَنْ غُسْلِ الجَنابَةِ، وإجْزاءَ الصَّلاةِ بِالوُضُوءِ المُجَدَّدِ لِمَن تَبَيَّنَ أنَّهُ كانَ قَبْلَ التَّجْدِيدِ مُحْدِثًا، والِاسْتِنْباطُ المَذْكُورُ مَبْنِيٌّ عِنْدَهُ عَلى أنَّ الوُضُوءَ الواقِعَ فِي غُسْلِ الجَنابَةِ سُنَّةٌ وأجْزَأ مَعَ ذَلِكَ عَنْ غَسْلِ تِلْكَ الأعْضاءِ بَعْدَهُ. وهِيَ دَعْوى مَرْدُودَةٌ؛ لِأنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ النِّيَّةِ، فَمَن نَوى غَسْلَ الجَنابَةِ وقَدَّمَ أعْضاءَ الوُضُوءِ لِفَضِيلَتِهِ ثُمَّ غَسَلَهُ وإلّا فَلا يَصِحُّ البِناءُ المَذْكُورُ. واللَّهُ أعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (يَنْفُضُ الماءَ بِيَدِهِ) سَقَطَ الماءُ مِن غَيْرِ رِوايَةِ أبِي ذَرٍّ ولِلْأصِيلِيِّ (فَجَعَلَ يَنْفُضُ بِيَدِهِ) وباقِي مَباحِثِ المَتْنِ تَقَدَّمَ فِي أوائِلِ الغسْل. والله المُسْتَعان.
6 – قال ابن رجب: “ومقصوده بهذا الباب: أن الجنب إذا توضأ، فإنه يجب عليهِ غسل بقية بدنه، ولا يلزمه إعادة غسل ما غسله من أعضاء الوضوء.
والجنب حالتان:
إحداهما: أنه لا يلزمه سوى الغسل، وهو من أجنب من غير أن يوجد منه حدث أصغر -على قول من يقول: إن الجنابة المجردة لا توجب سوى الغسل، كما هوَ قول الشافعي وابن حامد من أصحابنا -، فهذا لا يلزمه أكثر من الغسل.
فإن بدأ بأعضاء الوضوء، فغسلهما، لم يلزمه سوى غسل بقية بدنه، بغير
تردد.
وينوي بوضوئه الغسل، لا رفع الحدث الأصغر: صرح به الشافعية، وهو ظاهر
الحالة الثانية: أن يجتمع عليهِ حدث أصغر وجنابة، إما بأن يحدث، ثم يجنب، أو على قول من يقول: إن الجنابة بمجردها تنقض الوضوء وتوجب الغسل، كما هوَ ظاهر مذهب أحمد وغيره.
فهذه المسألة قد سبقت الإشارة إليها والاختلاف فيها.
وأكثر العلماء على تداخل الوضوء والغسل في الجملة.
قالَ الحسن: إذا اغتمس في النهر، وهو جنب، أجزأه عن الجنابة والحدث.
فعلى هذا؛ إذا غسل أعضاء الوضوء مرة، لم يحتج إلى إعادة غسلها.
قالَ أحمد: العمل عندي في غسل الجنابة، أن يبدأ الرجل بمواضع الوضوء، ثم يغسل بعد ذَلِكَ سائر جسده.
ولكن على هذا التقدير، ينوي بوضوئه رفع الحدثين عن أعضاء الوضوء.
فإن نوى رفع الحدث الأصغر وحده، احتاج إلى إعادة غسل أعضاء الوضوء في الغسل.
ثم إن المشهور عن أحمد – عندَ أصحابه كالخرقي ومن تابعه -: أن الغسل والوضوء لا يتداخلان، إلا بأن ينويهما، كالحج والعمرة في القران، وهو وجه
الشافعية.
وعلى هذا؛ فينوي بالوضوء رفع الحدث الأصغر، صرح به ابن أبي موسى من أصحابنا.
ويلزم من ذَلِكَ وجوب إعادة غسل أعضاء الوضوء في الغسل مرة أخرى.
فإن نوى بالوضوء رفع الحدثين معاً، لم يلزمه إعادة غسلهما مرة أخرى.
والمنصوص عن الشافعي، أنهما يتداخلان بدون نية، نص على ذَلِكَ في الأم، وحكاه أبو حفص البرمكي رواية عن احمد، كما لو كانا من جنس واحد عندَ أكثر العلماء
فعلى هذا، يجزاء الوضوء بنية رفع الحدث الأكبر خاصة …
[فتح الباري لابن رجب (1/ 315)].