274 جامع الأجوبة الفقهية ص 316
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–
بلوغ المرام
حديث رقم:
113 – سبق
114 – سبق
———
مسألة: هل يجزئ الغسل عن الوضوء إذا نوى رفع الحدث الأكبر فقط؟
من كان متلبس بحدثين أصغر وأكبر فنوى رفع الحدث الأكبر فقط، ولم ينوي رفع الحدث الأصغر فهل يجزئه الغسل عن الوضوء؟
أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
الأول: أنه لا يجزء ذلك وهذا هو المشهور عند الحنابلة ووجه عند الشافعية واختاره الشيخ ابن باز رحمه الله.
الثاني: أنه يجزئه ذلك وهذا هو مذهب الحنفية والمالكية والأصح عند الشافعية وقال به بعض الحنابلة واختاره شيخ الاسلام ابن تيمية وعزاه إلى جمهور العلماء، وكذلك اختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه.
– دليل القول الأول من قال: إذا لم ينو رفع الحدث الأصغر بالغسل لم يرتفع.
عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه. متفق عليه البخاري (6689)، ومسلم (1907).
وجه الاستدلال:
لفظة: (إنما) للحصر، وليس المراد صورة العمل، فإنها توجد بلا نية، وإنما المراد أن حكم العمل لا يثبت إلا بالنية، ودليل آخر، وهو قوله – صلى الله عليه وسلم -: «وإنما لكل امرئ ما نوى» وهذا لم يتوضأ، ولم ينو رفع الحدث الأصغر، فلا يكون له. انظر: المجموع (1/ 356)
– دليل الجمهور الذين قالوا: أنه يجزئه الغسل عن الوضوء وإن لم ينوي رفع الحدث الأصغر
الدليل الأول:
من القرآن قوله تعالى {ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا} سورة النساء: 43.
وجه الاستدلال:
أن الله سبحانه وتعالى أباح الصلاة بالاغتسال من غير وضوء، فمن شرط في صحة الغسل وجود الوضوء، أو شرط نية رفع الحدث، فقد زاد في الآية ما ليس فيها، وذلك غير جائز.
الدليل الثاني:
عن أبي ذر أنه أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – وقد أجنب، فدعا النبي – صلى الله عليه وسلم – بماء، فاستتر واغتسل، ثم قال له النبي – صلى الله عليه وسلم -: إن الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك هو خير. رواه عبد الرزاق في مصنفه (913).
وجه الاستدلال:
لم يطلب النبي – صلى الله عليه وسلم – للمجنب إذا وجد الماء إلا أن يمسه بشرته، فلو كان الوضوء، أو نيته واجبة لذكره الرسول – صلى الله عليه وسلم -.
الدليل الثالث:
أن الطهارة الكبرى متضمنة للطهارة الصغرى، فالأكبر متضمن لغسل الأعضاء الأربعة، فيتداخلان، كما أن الوضوء إذا تعددت أسبابه، أو تكرر السبب الواحد تداخلا، ولم يجب لكل سبب وضوء، والغسل إذا اختلفت أسبابه، أو تكرر السبب الواحد كذلك، فالطهارة الصغرى تدخل في الطهارة الكبرى وتغني عنها.
– قال في موسوعة أحكام الطهارة (11/ 497):
يرى الحنفية أن الغسل يجزئ عن الحدثين الأصغر والأكبر، ولو لم ينو أحدهما، باعتبار أن النية في الوضوء والغسل ليست بشرط عندهم، بينما المالكية والشافعية وما اختاره ابن تيمية: يرى أنه إذا نوى الطهارة الكبرى أجزأه عن نية الطهارة الصغرى. انظر في مذهب الحنفية: البناية (1/ 173) تبيين الحقائق (1/ 5)، البحر الرائق (1/ 24).
وقال الجصاص في أحكام القرآن (2/ 515): ” قال تعالى: {ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا} فأباح الصلاة بالاغتسال من غير وضوء، فمن شرط في صحته مع وجود الغسل وضوءاً، فقد زاد في الآية ما ليس فيها، وذلك غير جائز “.
فهذا نص من الحنفية رحمهم الله تعالى على إباحة الصلاة بالاغتسال فقط، والصلاة لا تجوز إلا وقد ارتفع الحدث الأصغر. وانظر المبسوط (1/ 44).
– قال في الشرح الصغير (1/ 173): ” الغسل على الصفة المتقدمة أو على غيرها يجزئ عن الوضوء، ولو لم يستحضر نية رفع الحدث الأصغر؛ لأنه يلزم من رفع الأكبر رفع الأصغر “.
– وقال في حاشية الدسوقي (1/ 140): ” وكذا إذا أفاض الماء على جسده ابتداء، وذلك بنية رفع الحدث الأكبر، ولم يستحضر الأصغر، جاز له أن يصلي به “. وانظر: حاشية العدوي (1/ 270).
– قال النووي في المجموع (2/ 224 – 225): ” الحال الثاني: أن يحدث، ثم يجنب، كما هو الغالب، ففيه الأوجه الأربعة التي ذكرها المصنف، الصحيح عند الأصحاب، وهو المنصوص في الأم أنه يكفيه إفاضة الماء على البدن، ويصلي به بلا وضوء “.
– قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (21/ 396): ” والقرآن يدل على أنه لا يجب على الجنب إلا الاغتسال، وأنه إذا اغتسل جاز له أن يقرب الصلاة، والمغتسل من الجنابة ليس عليه نية رفع الحدث الأصغر، كما قال جمهور العلماء … “. وانظر شرح العمدة لابن تيمية رحمه الله (1/ 377).
– وقال في كشاف القناع (1/ 89): ” إن نوى الغسل للجنابة لم يرتفع حدثه الأصغر إلا إن نواه “. وقال ابن تيمية في شرح العمدة في تقريره للمذهب (1/ 376): وإذا نوى الأكبر فقط بقي عليه الأصغر “.
– قال في فتح العلام (1/ 316): وصح عن عمر بن الخطاب، أنه قال: وأي وضوء أتم من الغسل، إذا أجنب الفرج؟، أخرجها البيهقي ((1) / (178))، بإسناد صحيح، وبوب البيهقي في “سننه”: [باب الدليل على دخول الوضوء في الغسل، وسقوط فرض المضمضمة، والاستنشاق، ثم استدل بحديث جبير بن مطعم -وقد تقدم-وبحديث جابر، وهو في “صحيح مسلم” – رحمه الله -: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لقوم شكوا إليه أن أرضهم باردة: «إنما يكفي أحدكم أن يحفن على رأسه ثلاث حفنات»، وبحديث أم سلمة في”صحيح مسلم”: «إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حفنات، ثم تفيضين عليك الماء، فتطهرين»، وفي رواية: «فإذ أنت قد طهرت». انتهى
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة – 1 (5/ 355)
السؤال الثاني من الفتوى رقم 4213
س2: هل يكفي الغسل من الجنابة عن الوضوء للصلاة؟ علما أنه ناوي الصلاة بعد الغسل أو يجب أن يتوضأ وضوءا كاملا غير الغسل.
جـ2: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
نعم يكفي الغسل من الجنابة عن الغسل والوضوء للصلاة جميعا إن نواهما ويصلي به ما لم ينتقض الوضوء بأي ناقض من نواقضه. وإن نوى الغسل فقط لم يجزئه عن الوضوء على الصحيح من أقوال العلماء. لما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» لكن الأفضل أن يبدأ الجنب بغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يغتسل للجنابة فيفيض الماء على سائر جسده تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … نائب الرئيس … الرئيس
عبد الله بن قعود … عبد الرزاق عفيفي … عبد العزيز بن عبد الله بن باز
– قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (1/ 367):
واختار شيخ الإسلام: أنه يرتفع الحدثان جميعا، واستدل بقوله تعالى: {وإن كنتم جنبا فاطهروا} [المائدة: 6]، فإذا تطهر بنية الحدث الأكبر فإنه يجزئه، لأن الله لم يذكر شيئا سوى ذلك، وهذا هو الصحيح.
والله أعلم …
اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى هل يسن الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف أو الإسرار بها؟
جاء في “الموسوعة الفقهية” (27/ 257): “ولا يجهر في صلاة كسوف الشمس ; لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف، فلم نسمع له صوتا).
وإلى هذا ذهب أبو حنيفة والمالكية والشافعية.
وقال أحمد، وأبو يوسف: يجهر بها، وهو رواية عن مالك. وقالوا: قد روي ذلك عن علي رضي الله عنه وفعله عبد الله بن زيد وبحضرته البراء بن عازب، وزيد بن أرقم. وروت عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم: صلى صلاة الكسوف، وجهر فيها بالقراءة) ولأنها نافلة، شرعت لها الجماعة، فكان من سننها الجهر كصلاة الاستسقاء، والعيدين ” انتهى.
والصحيح من القولين: أن السنة الجهر بها، لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم.
وقد حمله بعض العلماء على أنه كان في خسوف القمر، أي: ليلاً، ولم يكن في كسوف الشمس.
وروايات الحديث ترد هذا، لأن فيها التصريح بأن ذلك كان في كسوف الشمس.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ؛ لِأَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيّ رَوَى هَذَا الْحَدِيث مِنْ وَجْه آخَر عَنْ الْوَلِيد بِلَفْظِ: (كَسَفَتْ الشَّمْس فِي عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَذَكَرَ الْحَدِيث، وَكَذَا رِوَايَة الْأَوْزَاعِيِّ الَّتِي بَعْده صَرِيحَة فِي الشَّمْس” انتهى من “فتح الباري” (2/ 549).
وقال العيني رحمه الله: ” … يرد بما رواه إسحاق بن راهويه عن الوليد بن مسلم بإسناده إلى عائشة أن النبي صلى بهم في كسوف الشمس وجهر بالقراءة رواه الخطابي في ” أعلام الجامع الصحيح ” انتهى من عمدة القارئ (9/ 87).
وقال الصنعاني رحمه الله: ” والمراد كسوف الشمس؛ لما أخرجه أحمد بلفظ: (خسفت الشمس) وقال: (ثم قرأ فجهر بالقراءة) وقد أخرج الجهر أيضاً الترمذي والطحاوي والدار قطني … ” انتهى من “سبل السلام” (1/ 442).
ورجح ابن المنذر رحمه الله حديث عائشة في الجهر على قول ابن عباس، لأن المثبت مقدم على النافي.
انظر: “الأوسط” (8/ 477).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “ويجهر بالقراءة في صلاة الكسوف ولو نهاراً وهو مذهب أحمد وغيره” انتهى من “الاختيارات” (1/ 442).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله: ” المتقرر أن صلاة الكسوف إنما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة وقد صح أنه جهر بها كما في البخاري ولم يثبت ما يعارضه ولو ثبت لكان مرجوحا ” انتهى من ” تمام المنة في التعليق على فقه السنة ” (263)
وهو ما اختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، انظر: “الشرح الممتع” (5/ 184).
والله أعلم