2734 فتح ذي النعم بالبدر الأتم شرح صحيح مسلم
شارك محمد البلوشي، وطارق أبو تيسير وعبدالملك وعبدالله المشجري وأحمد بن علي وعبدالحميد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام مسلم رحمه الله في صحيح مسلم، (48) – كتاب الذِّكْرِ والدُّعاءِ والتَّوْبَةِ والِاسْتِغْفارِ، (24) – بابُ اسْتِحْبابِ حَمْدِ اللهِ تَعالى بَعْدَ الأكْلِ والشُّرْبِ:
(89) – ((2734)) حَدَّثَنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ نُمَيْرٍ – واللَّفْظُ لِابْنِ نُمَيْرٍ – قالا: حَدَّثَنا أبُو أُسامَةَ، ومُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ زَكَرِيّاءَ بْنِ أبِي زائِدَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي بُرْدَةَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ لَيَرْضى عَنِ العَبْدِ أنْ يَاكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْها أوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْها»،
(89) – وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنا إسْحاقُ بْنُ يُوسُفَ الأزْرَقُ، حَدَّثَنا زَكَرِيّاءُ بِهَذا الإسْنادِ
==========
التمهيد:
قال الحافظ النووي عفا الله عنه في رياض الصالحين: كتاب أدب الطعام
100 – باب التَّسمية في أوله والحمد في آخره
1/ 728 – عن عُمَرَ بنِ أَبي سلَمَة رضي اللَّه عنهما قَالَ: قَالَ لي رسولُ اللَّه – صلى الله عليه وسلم -: سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بِيَمِينكَ، وكُلْ مِمَّا يَلِيكَ متفقٌ عَلَيهِ.
2/ 729 – وعن عَائشة رضي اللَّه عنها قالَتْ: قالَ رسولُ اللَّه – صلى الله عليه وسلم -: إِذَا أكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُر اسْمَ اللَّه تَعَالَى، فإنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّه تَعَالَى في أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّه أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ رواه أَبُو داود، والترمذي، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
3/ 730 – وعن جابِرٍ رضي الله عنه قال: سَمِعتُ رسولَ اللَّه – صلى الله عليه وسلم – يقولُ: إِذا دَخَلَ الرَّجُل بيْتَهُ، فَذَكَرَ اللَّهَ تعالى عِنْد دُخُولهِ وعِنْدَ طَعامِهِ؛ قَالَ الشَّيْطانُ لأَصحَابِهِ: لا مبيتَ لَكُمْ وَلا عشَاءَ، وَإِذَا دخَل فَلَم يَذكُر اللَّه تَعَالى عِنْد دخُولِهِ؛ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتمُ المَبِيتَ، وإِذا لَم يَذْكُرِ اللَّه تعَالى عِنْد طَعامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ المبيتَ وَالعَشاءَ رواه مسلم” انتهى.
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله معلقا:
“فهذه الأحاديث فيما يتعلق بآداب الطعام، شريعة كاملة جاءت بالآداب: في الصلاة، والصيام، والحج، والأكل، والشرب، والبيع، والشراء، والخروج إلى الأسواق، وغير ذلك، فآداب الشريعة عامَّة ومُنتشرة
السنة عند الأكل؛ أن يُسمِّي الله ويقول: بسم الله، وإن سمَّى وقال: بسم الله الرحمن الرحيم، وكمَّلها فهو أكمل، ويأكل مما يليه، ويأكل بيمينه، لا بيساره، لكن إذا كان الطعامُ أنواعًا فلا بأس أن يتناول النوع الثاني.
وفي حديث عائشة أن المشروع للمؤمن أن يُسمِّي الله في أوله؛ فإن نسيَ فليقل: بسم الله أوله وآخره.
وفي الحديث الثالث -حديث جابر- يدل على أن المشروع للمؤمن عند دخول بيته وعند أكله وشربه أن يُسمِّي الله؛ تأدُّبًا بالآداب الشرعية، وعملًا بالسنة، وابتعادًا من مخالطة الشياطين.
نسأل الله للجميع التَّوفيق والهداية”. انتهى.
قال القرطبي:
[سورة الفاتحة (1): آية 2]
الحمد لله رب العالمين (2)
الأولى قوله سبحانه وتعالى: (الحمد لله) روى أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال العبد الحمد لله قال صدق عبدي الحمد لي).
وقال الحسن: ما من نعمة إلا والحمد لله أفضل منها.
وروى ابن ماجه عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أنعم الله على عبد نعمة فقال الحمد لله إلا كان الذي أعطاه أفضل مما أخذ).
وفي (نوادر الأصول) قال أبو عبد الله: معناه عندنا أنه قد أعطي الدنيا، ثم أعطي على أثرها هذه الكلمة حتى نطق بها، فكانت هذه الكلمة أفضل من الدنيا كلها، لأن الدنيا فانية والكلمة باقية، هي من الباقيات الصالحات
روي عن مسلم عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض) وذكر الحديث.
الثانية اختلف العلماء أيما أفضل، قول العبد: الحمد لله رب العالمين، أو قول لا إله إلا الله؟ فقالت طائفة: قوله الحمد لله رب العالمين أفضل، لأن في ضمنه التوحيد الذي هو لا إله إلا الله، ففي قوله توحيد وحمد، وفي قوله لا إله إلا الله توحيد فقط.
وقالت طائفة: لا إله إلا الله أفضل، لأنها تدفع الكفر والإشراك، وعليها يقاتل الخلق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله). واختار هذا القول ابن عطية قال: والحاكم بذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له)
الثالثة أجمع المسلمون على أن الله محمود على سائر نعمه، وأن مما أنعم الله به الإيمان.
تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (1/ 131)
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته:
قال الحافظ النووي رحمه الله:
((24)) – (بابُ اسْتِحْبابِ حَمْدِ اللهِ تَعالى بَعْدَ الأكْلِ والشُّرْبِ)
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(6907)] ((2734)) – حديث أنس
شرح الحديث:
(عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ) -رضي الله عنه-؛ أنه (قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم:» إنَّ اللهَ لَيَرْضى عَنِ العَبْدِ) فيه إثبات صفة الرضا لله -سبحانه وتعالي- على ما يليق بجلاله، ولا يؤوّل، وفي رواية الضياء في «المختارة»: «إن الله لَيُدخل العبد الجنة بالأكلة، أو الشربة، يحمد الله -عز وجل- عليها»). ضعيف الجامع وضعفة في الصحيحة في تخريج (1650) حيث حكم بضعف موسى بن سهل الثوري الوشا راوي الحديث عن إسماعيل بن علية نا حميد الطويل عن أنس بينما الدارقطني في العلل (2452) اعتبره صحيح وكأنه اعتبر هذا اللفظ ولفظ حديث الباب إن الله تعالى ليرضى عن العبد ….. واحد من حيث المعنى
(أنْ يَاكُلَ الأكْلَةَ)؛ أي: بسبب أن يأكل، أو لأجل أن يأكل، أو مفعول به لـ «يرضى»؛ يعني: أنه يحب منه أن يأكل الأكلة، قال النوويّ: الأكلة هنا
بفتح الهمزة، وهي المرة الواحدة من الأكل، كالغداء، أو العَشاء. انتهى.
وقال القاري: بفتح الهمزة؛ أي: المرة من الأكل، حتى يشبع، وُيروى بضم الهمزة؛ أي: اللقمة، وهي أبلغ في بيان اهتمام أداء الحمد، لكن الأول أوفق مع قوله: «أو يشرب الشَّربة»، فإنها بالفتح لا غير، وكل منهما مفعول مطلق لفعله. انتهى [» تحفة الأحوذيّ «(5) / (437)].
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قد تقدَّم أن الأكلة بفتح الهمزة: المرة الواحدة من الأكل، وبالضم: اللقمة، ويصلح هذا اللفظ هنا للتقييدين، وبالفتح وجدته مقيَّدًا في كتاب شيخنا، والحمد هنا بمعنى الشكر، وقد قدمنا أن الحمد يوضع موضع الشكر، ولا يوضع الشكر موضع الحمد. انتهى [» المفهم” (7) / (60) – (61)].
“قوله (الأكلة) فسرها المؤلف –أي النووي رحمه الله- بأنها الغدوة أو العشوة، ليست الأكلة اللقمة، ليس كلما أكلت لقمة قلت: الحمد لله، أو كلما أكلت تمرة قلت: الحمد لله، السنة أن تقول إذا انتهيت نهائيًا.
وذكر أن الإمام أحمد – رحمه الله – كان يأكل ويحمد على كل لقمة، فقيل له في ذلك فقال: أكل وحمد خير من أكل وسكوت،
ولكن لا شك أن خير الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم -، وأن الإنسان إذا حمد الله في آخر أكله أو آخر شربه كفى، ولكن إن رأى مصلحة مثلًا في الحمد؛ يذكر غيره أو ما أشبه ذلك، فأرجو ألا يكون في هذا بأس، كما فعله الإمام أحمد رحمه الله. والله الموفق”. قاله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في [رياض الصالحين (2/ 204)].
المنقول عن الامام أحمد هو في مسائل بن هانيء ونقله ابن القيم في الفوائد
نقل عن خالد بن معدان أكل وحمد خير من أكل وصمت من كتاب تحفة العلماء بترتيب سير أعلام النبلاء
(فَيَحْمَدَهُ) بالنصب، وهو ظاهر، ويجوز الرفع؛ أي: فهو؛ أي: العبد يحمده (عَلَيْها)؛ أي: على الأكلة،
(يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ، فَيَحْمَدَهُ عَلَيْها)؛ أي: على الشربة، قال المناويّ -رحمه الله-: وفيه أن أصل سُنَّة الحمد تحصل بأيّ لفظ اشتقّ مادة (ح م د) بل بما يدل على الثناء على الله تعالى، والأولى ما كان النبيّ -صلي الله عليه وسلم- يحمد به، وسيأتي بإذن الله في موضعه.
قال: وهذا تنويه عظيم بمقام الشكر، حيث رتَّب هذا الجزاء العظيم الذي هو أكبر أنواع الجزاء، كما قال-سبحانه وتعالي-: {ورِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أكْبَرُ} [التوبة (72)] في مقابلة شُكره بالحمد، وعبَّر بالمرّة إشعارًا بأن الأكل والشرب يَستحقّ الحمد عليه، وإن قلّ جدًّا، وأنه يتعين علينا أن لا نحتقر من الله شيئًا، وإن قلّ. انتهى [«فيض القدير» (2) / (262)]، والله تعالى أعلم.
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(6908)] ( … ) – (وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنا إسْحاقُ بْنُ يُوسُفَ الأزرَقُ، حَدَّثنا زَكَرِيّاءُ، بِهَذا الإسْنادِ).
وقوله: (حَدَّثَنا زَكَرِيّاءُ، بِهَذا الإسْنادِ) ووقع في النسخة الهنديّة ما نصّه: «حدّثنا زكريّا بن أبي زائدة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم- بنحوه».
[تنبيه]: رواية إسحاق بن يوسف عن زكريّا هذه ساقها أبو يعلى -رحمه الله- في «مسنده»، فقال:
((4334)) – حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا إسحاق بن يوسف، حدّثنا زكريا، عن سعيد بن أبي بُردة، عن أنس بن مالك، قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: «إن الله ليرضى عن العبد، أن يأخذ الأكلة، فيحمد الله عليها، أو يشرب الشربة». انتهى [«مسند أبي يعلى» (7) / (300)].
فوائد الباب:
1 – (منها): بيان استحباب الحمد بعد الأكل والشرب.
2 – (ومنها): بيان أن الله -سبحانه وتعالي- يرضى لعباده بسبب حمده على الأكل والشرب.
3 – (ومنها): ما قاله ابن بطال: اتفقوا على استحباب الحمد بعد الطعام، ووردت في ذلك أنواع لا يتعيَّن شيء منها، وقال النوويّ: في الحديث استحباب حمد الله تعالى عَقِب الأكل والشرب، وقد جاء في البخاريّ صفة التحميد: «الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، غير مكفيّ، ولا مودَّع، ولا مستغنى عنه رَبَّنا»، وجاء غير ذلك، ولو اقتصر على «الحمد لله» حصل أصل السُّنَّة. انتهى [شرح النوويّ” (17) / (51)].
[الصيغ الواردة في الحمد بعد الأكل والشرب]
قال الإتيوبي عفا الله عنه: ومما ورَدَ: ما أخرجه البخاريّ عن أبي أمامة -رضي الله عنه-؛ أن النبيّ -صلي الله عليه وسلم- كان إذا رفع مائدته قال: «الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، غير مكفيّ، ولا مودَّع، ولا مستغنى عنه، رَبَّنا».
وفي رواية: «كان إذا فرغ من طعامه- وقال مرة: إذا رفع مائدته- قال:
الحمد لله الذي كفانا، وأروانا، غير مكفيّ، ولا مكفور، وقال مرة: الحمد لله ربنا، غير مكفيّ، ولا مودَّع، ولا يستغنى عنه ربنا».
وأخرج أبو داود من حديث أبي سعيد: «الحمد لله الذي أطعمنا، وسقانا، وجعلنا مسلمين».
ولأبي داود، والترمذيّ من حديث أبي أيوب: «الحمد لله الذي أطعم، وسقى، وسوّغه، وجعل له مخرجًا».
وأخرج النسائيّ، وصححه ابن حبان، والحاكم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-
ما في حديث أبي سعيد، وأبي أُمامة، وزيادة في حديث مطوّل.
وللنسائيّ من طريق عبد الرحمن بن جبير المصريّ، أنه حدثه رجل خَدَم النبيّ -صلي الله عليه وسلم- ثمان سنين؛ أنه كان يسمع النبيّ -صلي الله عليه وسلم- إذا قُرِّب إليه طعامه يقول: بسم الله، فإذا فرغ قال: «اللَّهُمَّ أطعمت، وسقيت، وأغنيت، وأقنيت، وهديت، وأحييت، فلك الحمد على ما أعطيت»، وسنده صحيح، قاله في «الفتح» [«الفتح» (12) / (388)].
وفي الصحيح المسند:1310:
– قال الإمام النسائي رحمه الله في عمل اليوم والليلة: أخبرني زكريا بن يحيى قال حدثنا عبد الأعلى قال حدثنا بشر بن منصور عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: دعا رجل من الأنصار من أهل قباء النبي صلى الله عليه و سلم فانطلقنا معه فلما طعم وغسل يده أو يديه قال الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم من علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء حسن أبلانا الحمد لله غير مودع ولا مكافا ولا مكفور ولا مستغني عنه الحمد لله الذي أطعم من الطعام وسقى من الشراب وكسا من العري وهدى من الضلالة وبصر من العمى وفضل على كثير من خلقه تفضيلا الحمد لله رب العالمين.
هذا حديث حسن على شرط مسلم.
– وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «من أكل طعاما ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنيه». رواه أبو داود ((4023))، والترمذي ((3458)).
4 – (ومنها): ما قاله القرطبيّ -رحمه الله-: فيه دلالة على أن شكر النعمة، وإن قلّت سببُ نَيْل رضا الله تعالى الذي هو أشرف أحوال أهل الجنة، والشكر هو سبب لذلك الإكرام العظيم؛ لأنّه يتضمّن معرفة المُنعِم، وانفراده بخلق تلك النعمة، وبإيصالها إلى المنعَم عليه، تفضلًا من المنعِم، وكرمًا، ومنة، وإن المنعَم عليه فقير، محتاج إلى تلك النِّعم، ولا غنى له عنها، فقد تضمّن ذلك معرفة حقّ الله تعالى وفضله، وحقّ العبد، وفاقته، وفقره، فجعل الله تعالى جزاء تلك المعرفة تلك الكرامة الشريفة. انتهى كلام القرطبي -رحمه الله-[«المفهم» (7) / (61)] وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم. [البحر المحيط الثجاج، بتصرف].
ومن هنا قال بعض السلف: “مَن كتم النعمة: فقد كفَرها، ومن أظهرها ونشرها: فقد شكرها”.
قال ابن القيم – تعليقًا على هذا -: وهذا مأخوذ من قوله: (إن الله إذا أنعم على عبد بنعمة: أحب أن يَرى أثر نعمته على عبده).» مدارج السالكين ” ((2) / (246)).
ويروى عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله قوله: تذاكروا النِّعَم، فإنّ ذِكرها شكرٌ.
5 – (ومنها): أن رضا الله – عز وجل – قد ينال بأدنى سبب، قد ينال بهذا السبب اليسير ولله الحمد.
يرضى الله عن الإنسان إذا انتهى من الأكل، قال: الحمد لله، وإذا انتهى من الشرب، قال: الحمد لله؛ وذلك أن للأكل والشرب آدابًا فعلية وآدابًا قولية. قاله ابن عثيمين رحمه الله في [شرح رياض الصالحين (2/ 204) -تراث].
6 – (ومنها): “وجوب التسمية عند إرادة الأكل.
7 – (ومنها): السنة في التسمية هو لفظ: بسم الله.
8 – (ومنها): الإنسان كثير النسيان، فمن وقع منه عدم التسمية نسيانا؛ فلا حرج عليه، ولكن السنة في حقه أن يوقع التسمية متى ذكرها قائلا: بسم الله أوله وآخره.
9 – (ومنها): يجوز لأهل العلم مراقبة من دونهم؛ لينفعوهم في أمور دينهم.
10 – (ومنها): جواز إخبار الناس عن إثم وقع واستدرك، إذا كان في ذلك فائدة ومصلحة، وليس فيه تشهير.
11 – (ومنها): الشيطان يشارك في طعام من لم يذكر اسم الله عليه.
12 – (ومنها): بالتسمية تحصل البركة، ويحرم الشيطان من المشاركة في الطعام.
13 – (ومنها): إن ذكر الله على الطعام ولو لم يبق منه إلا جزء يسير يحرم الشيطان من كل ما كان قد أكل قبل”.
ثانيًا: ملحقات:
(المسألة الأولى): من الآداب الفعلية والقولية للأكل والشرب
“للأكل آداب ينبغي الحرص عليها، وهي:
(1) – التسمية عند ابتداء الأكل: لحديث عمر بن أبي سلمة – رضي الله عنه – قال: كنت غلامًا فى حجر رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وكانت يدي تطيشُ في الصَّحْفَة، فقال لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (يا غلام سَم الله، وكُلْ بيمينك، وكل مما يليك) فما زالت تلك طِعمتي بعد [رواه البخاري ((6) / (196))، ومسلم برقم ((2022)). ومعنى تطيش: تتحرك في نواحي القصعة ولا تقتصر على موضع واحد].
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في رياض الصالحين (2/ 204): “فإن يسمي عند الأكل، يقول: باسم الله،
والصحيح أن التسمية عند الأكل أو الشرب واجبة، وأن الإنسان يأثم إذا لم يسم الله عند أكله أو شربه، لأنه إذا لم يفعل، إذا لم يسم عند الأكل والشرب، فإن الشيطان يأكل معه ويشرب معه”. انتهى.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
“السنة للمؤمن أن يبدأ بالتسمية، ويأكل بيمينه، يقول: باسم الله، أو بسم الله الرحمن الرحيم، … ، ويسمي الله في أوله … “. [ما يقال من الذكر قبل الطعام وبعده، نور على الدرب للإمام ابن باز رحمه الله].
(2) – الأكل باليمين: للحديث السابق.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في رياض الصالحين (2/ 204):
“فإن يأكل باليمين ويشرب باليمين، ولا يحل له أن يأكل بشماله أو يشرب بشماله، فإن هذا حرام على القول الراجح؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – نهى أن يأكل الرجل بشماله أو يشرب بشماله، وأخبر أن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله، وأكل رجل بشماله عنده فقال: (كل بيمينك) قال: لا أستطيع، فقال: (لا استطعت)، فما استطاع الرجل بعد ذلك أن يرفع يده اليمنى إلى فمه؛ عوقب والعياذ بالله”. انتهى.
(3) – الأكل مما يلي الشخص: للحديث السابق أيضًا، إلا إذا علم أن مُجالسه لا يتأذى، ولا يكره ذلك، فلا بأس أن يأكل حينئذ من نواحي القصعة؛ لحديث أنس – رضي الله عنه – في قصة الخياط الذي دعا النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى طعام، قال أنس: (فرأيته -يعني النبي – صلى الله عليه وسلم – يتتبع الدباء من حوالي القصعة) [أخرجه البخاري برقم ((5379))]. أو كان الشخص وحده ليس معه أحد، أو كان الطعام مشتملًا على ألوان متعددة، فيجوز له الأخذ مما ليس أمامه، ما لم يؤذ بذلك أحدًا.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
” .. ثم يأكل بيمينه مما يليه، إذا كان الطعام نوعًا واحدًا كالرز أو الجريش أو نحوه، وإن كان أنواع الخبز والأرز فله أن يأكل من هذا، ويأكل من هذا، ولو كان من غير جنبه، النوع الذي ما هو بحوله”. [ما يقال من الذكر قبل الطعام وبعده، نور على الدرب للإمام ابن باز رحمه الله].
(4) – الحمد في آخره: لحديث أبي أمامة – رضي الله عنه – قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا رُفعت المائدة من بين يديه، يقول: (الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه غير مُوَدَّعٍ، ولا مستغنىً عنه ربنا) [رواه البخاري برقم ((5459)). ومعنى (غير مودع): غير متروك الطاعة]، ولقوله – صلى الله عليه وسلم -: (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها) [أخرجه مسلم برقم ((2734))].
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
” .. ويحمد الله في آخره بالمحامد التي أخبر بها النبي – صلى الله عليه وسلم -، [ما يقال من الذكر قبل الطعام وبعده، نور على الدرب للإمام ابن باز رحمه الله].
(5) – الأكل على السُّفَر: لحديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: (ما أكل نبي الله – صلى الله عليه وسلم – على خِوان ولا في سُكُرُّجَة، ولا خُبزَ له مُرَقَّق، قال: فقلت لقتادة: فعلى ما كانوا يأكلون؟ قال: على هذه السُّفَرِ) [رواه البخاري برقم ((5386)). والخوان: ما يؤكل عليه، وهو المائدة، معرب. والسُّفرة: التي يؤكل عليها أيضًا، سميت كذلك لأنها تبسط إذا أكل عليها. والسكرجة: إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأدم، وهي فارسية. وربما كان تركه الأكل على الخوان لأنه من عادة العجم يكون على هيئة معينة، وربما يقال ذلك في السكرجة أيضًا].
(6) – كراهية الأكل متكئًا: لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا
رسول الله كُلْ -جعلني الله فداك- متكئًا، فإنه أهون عليك، فأصغى برأسه حتى كاد أن تصيب جبهته الأرض، قال: (لا، بل آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد) [أخرجه البغوي في شرح السنة ((11) / (286) – (287))، وأحمد في الزهد ص (5)، (6) وصححه الأرناؤوط بشاهد مرسل (حاشية شرح السنة)]، ولحديث أبي جحيفة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إني لا آكل متكئًا) [رواه البخاري برقم ((5398))].
(7) – عدم عيب الطعام الذي لا يريد أكله: لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: (ما عاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه) [رواه البخاري برقم ((5409))، ومسلم برقم ((2064))].
(8) – الأكل من جوانب القصعة وكراهية الأكل من وسط القصعة: لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه أتي بقصعة من ثريد فقال: (كلوا من جوانبها ولا تأكلوا من وسطها، فإن البركة تنزل في وسطها) [رواه أحمد ((1) / (270))، والترمذي برقم ((1805)) وقال: حسن صحيح، وأبو داود برقم ((3772))، وابن ماجه برقم ((3277))، وصححه الألباني (صحيح سنن ابن ماجه برقم (2650))].
(9) – الأكل بثلاثة أصابع، ولعقها بعد الأكل: لحديث كعب بن مالك – رضي الله عنه – قال: (كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يأكل بثلاثة أصابع، ولا يمسح يده حتى يَلْعَقَها) [رواه مسلم برقم ((2032))].
(10) – أكل ما سقط منه أثناء الطعام أو تناثر: لقوله – صلى الله عليه وسلم -: (إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى، وليأكلها، ولا يدعها للشيطان) [أخرجه مسلم برقم ((2305))].
(11) – مسح القصعة التي يأكل فيها ولعقها: لقول أنس – رضي الله عنه – في الحديث الماضي: (وأمرنا -يعني النبي – صلى الله عليه وسلم – أن نَسْلُتَ القصعة) يعني: نمسحها، ونتتبع ما بقي فيها من طعام. وفي رواية: (أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال: (إنكم لا تدرون في أيِّه البركة) [أخرجه مسلم برقم ((2033))]. [الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، نخبة من العلماء، بتصرف].
(12) – الكلام على الطعام
نص النووي – رحمه الله – على استحباب الكلام على الطعام واستدل بكلامه – صلى الله عليه وسلم – على الطعام كما في حديث جابر – رضي الله عنه -: ” نعم الأدم الخل … “.
وذكر أبو حامد الغزالي – رحمه الله – أن السكوت على الطعام من فعل الأعاجم.
ولازال الفقهاء – رحمهم الله – يذكرون من آداب الطعام الكلام عليه ومؤانسة الضيف بطيب الحديث وكراهة سيئه.
ووما يتفرع عن هذه المسألة ظن بعض العامة أن السلام على الآكل ممنوع ويقولون: ما على الطعام سلام.
وإنما نص العلماء على كراهة المصافحة دون السلام كما هو مقر ر في كتب الآداب. والله أعلم.
وكذلك نص ابن القيم رحمه الله على استحبابه مخالفة لليهود فأنهم يتعمدون السكوت ….
مما يستدل به على مشروعية الكلام بخير على الطعام ما رواه الإمام البخاري في صحيحه قال:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
” كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في دعوة فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة، وقال: أنا سيد القوم يوم القيامة هل تدرون بم يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي وتدنو منهم الشمس ….. ” الحديث ..
وهو مخرج أيضا في صحيح مسلم والترمذي وابن ماجه وغيرهم …
كل هذا اذا لم يكن ثمة ضرر على الآكل
والا حرم عليه الكلام لانه لاضرر ولاضرار
منع من لم يسم الله من الطعام:
(186) – وعن حذيفة رضي الله عنه قال: «كنا إذا حضرنا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – طعاما لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيضع يده، وإنا حضرنا معه مرة طعاما فجاءت جارية كأنها تدفع، فذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بيدها، ثم جاء أعرابي كأنما يدفع، فأخذ بيده، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها، فأخذت بيدها، فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به، فأخذت بيده، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يدها». رواه مسلم ((2017)).
قوله: كأنها تدفع، وفي رواية: «كأنها تطرد»، يعني: لشدة سرعتها.
(13) – الاجتماع على الطعام:
عن وحشي بن حرب بن وحشي، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه: «أن أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – قالوا: يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع؟ قال: فلعلكم تفترقون؟ قالوا: نعم. قال: فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه». رواه أبو داود ((3764))، وابن ماجه ((3286)).
(14) -ماذا يقول من أراد الطعام أو الشراب
” اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني “. وفيه حديث رواه مسلم (2055) عن المقداد
وفيه قول المقداد: والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك من أصابها من الناس.
(15) -دعاء الضيف لصاحب الطعام:
– “اللهم بارك لهم فيما رزقتهم , واغفر لهم وارحمهم”.
رواه مسلم (2042) عن عبدالله بن بسر قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي قال فقربنا إليه طعاما ووطبة فأكل منها ثم أتي بتمر فكان يأكله ويلقي النوى بين إصبعيه ويجمع السبابة والوسطى، ثم أتي بشراب فشربه ثم ناوله الذي عن يمينه قال فقال أبي وأخذ بلجام دابته ادع الله لنا فقال:” اللهم بارك لهم فيما رزقتهم , واغفر لهم وارحمهم “.
وكذلك يقول: ” أكل طعامكم الأبرار وأفطر عندكم الصائمون وصلت عليكم الملائكة “.
رواه الطحاوي مشكل الآثار (112) بسند صحيح عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار فإذا جاء إلى دور الأنصار جاء صبيان الأنصار يدورون حوله فيدعو لهم ويمسح رءوسهم ويسلم عليهم فأتى إلى باب سعد بن عبادة فسلم عليهم، فقال: ” السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ” فرد سعد فلم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد فوق ثلاث تسليمات، فإن أذن له وإلا انصرف فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فجاء سعد مبادرا، فقال: يا رسول الله ما سلمت تسليمة إلا قد سمعتها ورددتها ولكن أردت أن تكثر علينا من السلام والرحمة فادخل يا رسول الله، فدخل، فجلس فقرب إليه سعد طعاما فأصاب منه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينصرف قال: ” أكل طعامكم الأبرار وأفطر عندكم الصائمون وصلت عليكم الملائكة “.
– ” جعل الله عليكم صلاة قوم أبرار، يقومون الليل، ويصومون النهار، ليسوا بأثمة ولا فجار ” وهو في الصحيح المسند 92،وعزاه لعبد بن حميد في المنتخب وفي تعليقنا عليه ذكرنا أوجه الخلاف في رفعه ووقفه ولم نرجح.
قال باحث: رواه عبد بن حميد (3/ 483) عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد لأحد في الدعاء قال: ” جعل الله عليكم صلاة قوم أبرار، يقومون الليل، ويصومون النهار، ليسوا بأثمة ولا فجار “. ورجاله ثقات لكن الصواب أنه موقوف على أنس والوهم فيه من عبد بن حميد كما قال أبو الفضل الشهيد.
رواه البخاري في الأدب المفرد (631) باب دعاء الاخ بظهر الغيب وذكر أحاديث ثم ذكر باب بدون عنوان عن ثابت قال: كان أنس إذا دعا لأخيه يقول جعل الله عليه صلاة قوم أبرار ليسوا بظلمة ولا فجار يقومون الليل ويصومون النهار. وباقي من رواه من المحدثين رحمهم الله بلفظ كان يقول بعضهم لبعض ..
(16) – دعاء من دعي إلى وليمة وهو صائم
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا دعي أحدكم فليجب , فإن كان صائما فليصل وإن كان مفطرا فليطعم “. رواه مسلم (1431)
(17) – قال ابن تيمية:
فصل:
وأما الأكل واللباس: فخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وكان خلقه في الأكل أنه يأكل ما تيسر إذا اشتهاه ولا يرد موجودا ولا يتكلف مفقودا فكان إن حضر خبز ولحم أكله وإن حضر فاكهة وخبز ولحم أكله وإن حضر تمر وحده أو خبز وحده أكله وإن حضر حلو أو عسل طعمه أيضا وكان أحب الشراب إليه الحلو البارد وكان يأكل القثاء. بالرطب فلم يكن إذا حضر لونان من الطعام يقول: لا آكل لونين ولا يمتنع من طعام لما فيه من اللذة والحلاوة. وكان أحيانا يمضي الشهران والثلاثة لا يوقد في بيته نار ولا يأكلون إلا التمر والماء …. وذكر لباسه صلةدى الله عليه وسلم
ثم قال ابن تيمية: وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها} وفي الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر}.
فهذه الطريق التي كان عليها رسول صلى الله عليه وسلم هي أعدل الطرق وأقومها. والانحراف عنها إلى وجهين. قوم يسرفون في تناول الشهوات مع إعراضهم عن القيام بالواجبات وقد قال تعالى: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} وقال تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا}. وقوم يحرمون الطيبات ويبتدعون رهبانية لم يشرعها الله تعالى ولا رهبانية في الإسلام. وقد قال تعالى: {لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} ….. و خير الأعمال ما كان لله أطوع ولصاحبه أنفع وقد يكون ذلك أيسر العملين وقد يكون أشدهما فليس كل شديد فاضلا ولا كل يسير مفضولا.
بل الشرع إذا أمرنا بأمر شديد فإنما يأمر به لما فيه من المنفعة لا لمجرد تعذيب النفس. كالجهاد الذي قال فيه تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم}
مجموع الفتاوى (22/ 310)
(المسألة الثانية): صفة الرضى
“الرِّضى من صفات الله الثابتة له بالكتاب والسنة وإجماع السلف.
قال الله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ورَضُوا عَنْهُ} [المائدة (119)].
وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إنّ الله لَيَرضى عَنِ العَبْدِ أنْ يَأكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمِدَه عَلَيْها أو يَشْرَبَ الشَّرْبَة فَيَحْمِدَه عَلَيْها». رواه مسلم (18).
وأجمع السلف على إثبات الرِّضى لله تعالى فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
وهو رِضى حقيقي يليق بالله تعالى.
وقد فسره أهل التعطيل بالثواب ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة.
وقوله تعالى: {يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَه} [المائدة (54)] “. [تعليق مختصر على لمعة الاعتقاد للعثيمين، ص (53)].
(المسألة الثالثة): الفتاوى:
س: زيادة “الرحمن الرحيم”؟
ج: حسن؛ لأنها تمام التَّسمية.
س: إذا تمَّت قراءة سورة البقرة في البيت، ونسي الرجلُ أن يذكر اسمَ الله عند الدخول، هل يُقال أنَّ الشيطان قد .. ؟
ج: الله أعلم، فالشيطان إذا سمعها فرَّ ثم يرجع، فهو يفرُّ من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة.
س: لها مدة؟
ج: لا، ليس هناك تعيين، مثلما يفرّ من الأذان، وإذا انتهى الأذانُ رجع.
س: إذا انتهى من الطعام هل له أن يُسمِّي لو فاتته التَّسمية؟
ج: لا، إذا انتهى من الطعام يحمد الله ويُثني عليه.
س: وإذا نسى التَّسمية في وسط الطعام؟
ج: إذا نسي ولو في آخره يذكر الله ويقول: بسم الله أوله وآخره. [التعليق على رياض الصالحين للإمام ابن باز رحمه الله-، 247: (كتاب أدب الطعام)].
وانظر: 322 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند