272 جامع الأجوبة الفقهية ص 315
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام –
حديث (113) و (114)
——–
مسألة: حكم الوضوء قبل غسل الجنابة.
اختلف العلماء في حكم الوضوء قبل غسل الجنابة على قولين:
الأول: أنه سنة وليس بواجب وهذا مذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
الثاني: أنه شرط للغسل ان يسبقه وضوء، به قال أبي ثور وداود الظاهري.
– انظر: تبيين الحقائق (1/ 14) بدائع الصنائع (1/ 34)، مختصر خليل (ص: 15)، الكافي (ص: 24)، المجموع (2/ 215)، مغني المحتاج (1/ 73)، الإنصاف (1/ 252)، المغني (1/ 287)، الإمام داود الظاهري وأثره في الفقه الإسلامي (ص: 496).
– أدلة الجمهور على أن الوضوء في الغسل سنة.
الدليل الأول:
لم يذكر الوضوء في القرآن، بل قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}، المائدة، آية: 6، ولو كان الوضوء واجباً لذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه.
الدليل الثاني:
حديث قصة الرجل الذي أصابته جنابة ولا ماء، فقال له الرسول – صلى الله عليه وسلم -: خذ هذا فافرغه عليك. رواه البخاري في صحيحه (337)
وجه الدلالة:
ولو كان الوضوء واجباً لبينه النبي – صلى الله عليه وسلم – له، ولم يطلب منه الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلا مجرد إفراغه عليه.
الدليل الثالث:
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر
رأسي، فأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين. رواه مسلم في صحيحه (330).
وجه الدلالة:
عبر بـ “إنما” الدالة على الحصر، واكتفى بالإفاضة ولم يذكر الوضوء.
الدليل الرابع:
حكى بعضهم الإجماع على عدم وجوب الوضوء.
قال الحافظ في الفتح في شرحه لحديث (259): “قام الإجماع على أن الوضوء في غسل الجنابة غير واجب”.
الإمام النووي حيث يقول في المجموع (2/ 215): “الوضوء سنة في الغسل، وليس بشرط ولا واجب، هذا مذهبنا، وبه قال العلماء كافة إلا ما حُكي عن أبي ثور وداود أنهما شرطاه”و انتهى
ابن نجيم في البحر الرائق (1/ 50) حيث يقول: “واتفق العلماء على عدم وجوب الوضوء في الغسل إلا داود الظاهري، فقال بالوجوب في غسل الجنابة” انتهى
قال ابن عبد البر في التمهيد (22/ 93): “إلا أنهم مجمعون أيضًا على استحباب الوضوء قبل الغسل للجنب
– دليل من قال بأن الوضوء شرط في صحة الغسل.
لعلهم رأوا أن قوله تعالى في سورة المائدة، آية: 6: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}، فقوله سبحانه: {فَاطَّهَّرُوا} أمر، وهو مجمل، وبيانه يؤخذ من فعل الرسول – صلى الله عليه وسلم -، والرسول – صلى الله عليه وسلم – قد حافظ على الوضوء قبل الغسل، فإذا كان قوله: {فَاطَّهَّرُوا} أمر، والأصل فى الأمر الوجوب، كان الفعل الذي وقع بياناً لهذا المجمل له حكم المجمل، فيكون واجباً مثله.
واجيب عليهم بأنه هذا الاستدلال ممكن أن يسلم لو أنه لم يأت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ما يدل على صحة الغسل بلا وضوء، كحديث الأعرابي، وحديث أم سلمة المتقدمان.
– قال ابن الملقن رحمه الله في الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (2/ 27)
وادّعى أبو ثور وجوب الوضوء قبل الغسل ولا دليل له من هذا الحديث ولا من غيره؛ لأن فعله عليه السلام محمول على الاستحباب إلَّا أن يدل دليل على الوجوب.
– قال النووي في المجموع (2/ 215):
الوضوء سنة في الغسل وليس بشرط ولا واجب، هذا مذهبنا، وبه قال العلماء كافة إلا ما حكي عن أبي ثور وداود أنهما شرطاه، كذا حكاه أصحابنا عنهما. ونقل ابن جرير الإجماع على أنه لا يجب، ودليله أن الله تعالى أمر بالغسل ولم يذكر وضوءا. وقوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: “يكفيك أن تفيضي عليك الماء”. وحديث جبير بن مطعم السابق في الكتاب. وقوله صلى الله عليه وسلم للذي تأخر عن الصلاة معه في السفر في قضية المزادتين، واعتذر بأنه جنب فأعطاه إناء وقال: “اذهب فأفرغه عليك” وحديث أبي ذر: “فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك”. وكل هذه الأحاديث صحيحة معروفة، وغير ذلك من الأحاديث. وأما وضوء النبي صلى الله عليه وسلم في غسله فمحمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة، والله أعلم.
– جاء في موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي (1/ 86)
مسألة (88) جمهور العلماء بل عامتهم على أن الوضوء لمريد الاغتسال من الجنابة سنَّة مستحبة ولا يجب، وحكى ابن جرير الطبري وابن عبد البر الإجماع في هذه المسألة.
نقله عن الطبري النوويُّ، وعن ابن عبد البر ابن قدامة.
وقال أبو ثور وداود: هو واجب. انتهى
* – بوب البخاري:
1 – باب الوضوء قبل الغسل: وذكر حديثين:
248 – عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه، ثم يفيض الماء على جلده كله.
249 – حدثنا محمد بن يوسف؛ قال: حدثنا سفيان عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن كريب عن ابن عباس عن ميمونة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: توضأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضوءه للصلاة غير رجليه وغسل فرجه وما أصابه من الأذى، ثم أفاض عليه الماء ثم نحى رجليه فغسلهما. هذه غسله من الجنابة
قال ابن بطال: “العلماء مجمعون على استحباب الوضوء قبل الغسل تأسيا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك”. كما في شرحه لصحيح البخاري.
قال ابن حجر -بعد نقله عن ابن بطال ذكر الإجماع على أن الوضوء لا يجب مع الغسل؛ قال:
“وهو مردود، فقد ذهب جماعة منهم: أبوثور وداود وغيرهما إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث. انتهى
لكن الأدلة تدل على عدم وجوبه؛ منها: قوله -صلى الله عليه وسلم- لأم سلمة وقد سألته؛ إني امرأة أشد ظفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: لا، إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات ثم تفيضي عليك الماء فتطهرين. أخرجه مسلم.
وحديث جبير؛ وفيه قوله -صلى الله عليه وسلم- أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثا. أخرجه مسلم.
قالَ الشّافِعِيُّ -رحمه الله- فِي الأُمِّ:
فَرَضَ الله تَعالى الغُسْلَ مُطْلَقًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ شَيْءٍ، فَكَيْفَما جاءَ بِهِ المُغْتَسِلُ أجْزَأهُ إذا أتى بِغَسْلِ جَمِيعِ بَدَنِهِ، والِاخْتِيارُ فِي الغُسْلِ ما رَوَتْ عائِشَةُ ثُمَّ رَوى حَدِيثَ البابِ. [نقله ابن حجر في الفتح].
ورجح ابن تيمية والشوكاني وابن عثيمين -رحمهم الله: أن الغسل يجزئ عن الوضوء حيث لم يرد الأمر بالوضوء، وسبق ذكر حديث أم سلمة وحديث جبير، وليس فيهما ذكر للوضوء.
بل لو لم ينو إلا رفع الحدث الأكبر أجزأه وعليه بوب البيهقي، وقال ابن عمر: وأي وضوء أتم من الغسل إذا أجنب الفرج. وهو في مصنف عبدالرازق.
(1038) – أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ؛ قالَ: أخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سالِمٍ قالَ: كانَ أبِي يَغْتَسِلُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، فَأقُولُ: أما يُجْزِيكَ الغُسْلُ، وأيُّ وُضُوءٍ أتَمُّ مِنَ الغُسْلِ؟ قالَ: «وأيُّ وُضُوءٍ أتَمُّ مِنَ الغُسْلِ لِلْجُنُبِ، ولَكِنَّهُ يُخَيَّلُ إلَيَّ أنَّهُ يَخْرُجُ مِن ذَكَرِي الشَّيْءُ فَأمَسُّهُ فَأتَوَضَّأُ لِذَلِكَ».
أما كونه مرفوعا فلم يصح. [راجع الضعيفة ((4746))].
انتهى النقل من رياح المسك العطرة شرح صحيح البخاري
– جاء في جامع تراث العلامة الألباني في الفقه (1/ 217)
مداخلة: الحديث الصحيح أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان إذا اغتسل لم يتوضأ، فهل يكتفى بالنسبة للوضوء بالنية أم يجب الوضوء قبل الغسل، كما صح عنه – صلى الله عليه وسلم – في سنته العملية؟
الشيخ: لاشك أن الجمع بين الغُسْل والوضوء قبله هو السنة بلا شك ولا ريب، لكن الخلاف هل هذا الوضوء بين يَدِي الغسل واجب بحيث لو اغتسل ولم يتوضأ لا تصح له الصلاة، أم ليس بواجب، ولكنه سنة؟ هذا الذي نختاره، أن الوضوء بين يدي الغسل سنة، وليس بالأمر الواجب، للحديث الذي أشار إليه السائل.
(الهدى والنور /342/ 40: 42: 00)
والله أعلم …