27 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-”——”——-”
قال البخاري رحمه الله في كتاب الإيمان من صحيحه:
بَابُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلاَمُ عَلَى الحَقِيقَةِ، وَكَانَ عَلَى الِاسْتِسْلاَمِ أَوِ الخَوْفِ مِنَ القَتْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] فَإِذَا كَانَ عَلَى الحَقِيقَةِ، فَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ} [آل عمران: 19] [وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ]
27 – حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ: «أَوْ مُسْلِمًا» فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ: «أَوْ مُسْلِمًا». ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «يَا سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ» وَرَوَاهُ يُونُسُ، وَصَالِحٌ، وَمَعْمَرٌ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
———‘——–‘———‘
فوائد الباب:
1 – قوله (قوله تعالى {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا {) اسْتُفِيدَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْإِيمَانَ أَخَصُّ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصلاة والسلام حِينَ سَأَلَ عَنِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ عَنِ الْإِيمَانِ ثُمَّ عَنِ الْإِحْسَانِ، فَتَرَقَّى مِنَ الْأَعَمِّ إِلَى الأخص ثم للأخص منه. قاله الحافظ ابن كثير في تفسيره.
2 – “دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَعْرَابَ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَيْسُوا بِمُنَافِقِينَ وَإِنَّمَا هُمْ مُسْلِمُونَ لَمْ يَسْتَحْكِمِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِهِمْ، فَادَّعَوْا لِأَنْفُسِهِمْ مَقَامًا أَعْلَى مِمَّا وَصَلُوا إِلَيْهِ فَأُدِّبُوا فِي ذَلِكَ” قاله ابن كثير في تفسيره.
3 – قال الإمام ابن كثير “ذَهَبَ – البخاري- إِلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مُنَافِقِينَ يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ وَلَيْسُوا كَذَلِكَ.” ثم خالفه في ذلك.
قلت بل الأقرب إلى أن البخاري يقصد أن الإيمان درجات، وهؤلاء لم يتمكن الإيمان من قلوبهم، وقيل لهم “أَيْ لَمْ تَصِلُوا إِلَى حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ بَعْد”.
4 – قال الخطابي في أعلام الحديث 1/ 160:
ظاهر هذا الكلام يوجب الفرق بين الإيمان والإسلام، وهذه المسألة مما قد أكثر الناس الكلام فيها، وصنفوا لها صحفا طويلة، والمقدار الذي لا بد من ذكره هاهنا على وجه الإيجاز والاختصار: أن الإيمان والإسلام قد يجتمعان في مواضع، فيقال للمسلم: مؤمن وللمؤمن: مسلم، ويفترقان في مواضع، فلا يقال لكل مسلم مؤمن ويقال لكل مؤمن: مسلم فالموضع الذي يتفقان فيه هو أن يستوي الظاهر والباطن، والموضع الذي لا يتفقان فيه أن لا يستويا، ويقال له عند ذلك: مسلم، يعني أنه مسلم، وهو معنى ما جاء في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم: (أو مسلما)، وكذلك معنى الآية في قوله تعالى: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا}، أي استسلمنا اهـ
5 – قال الأثيوبي (شرح سنن النسائي)، في ذكر فوائد الحديث:
(ومنها)؛ ما قاله القاضي عياض رحمه الله تعالى: هَذَا الْحَدِيث أصحّ دليل عَلَى الفرق بين الإسلام والإيمان، وأن الإيمان باطنٌ، ومن عمل القلب، والإسلام ظاهر، ومن عمل الجوارح، لكن لا يكون مؤمن إلا مسلمًا، وَقَدْ يكون مسلم غير مؤمن، ولفظ هَذَا الْحَدِيث يدلّ عليه. انتهى
6 – قال ابن رجب في الفتح 1/ 125:
معنى هذا الكلام: أن الإسلام يطلق باعتبارين:
أحدهما: باعتبار الإسلام الحقيقي وهو دين الإسلام الذي قال الله فيه {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ} وقال {{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ}.
والثاني: باعتبار الاستسلام ظاهرا مع عدم إسلام الباطن إذا وقع خوفا كإسلام المنافقين، واستدل بقوله تعالى {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} وحمله عل الاستسلام خوفا وتقية.
وهذا مروي عن طائفة من السلف، منهم مجاهد، وابن زيد، ومقاتل بن حيان وغيرهم. وكذلك رجحه محمد بن نصر المروزي – كما رجحه البخاري -؛ لأنهما لا يفرقان بين الإسلام والإيمان، فإذا انتفى أحدهما انتفى الآخر. وهو اختيار ابن عبد البر، وحكاه عن أكثر أهل السنة من أصحاب مالك والشافعي وداود.
وأما من يفرق بين الإسلام والإيمان فإنه يستدل بهذه الآية على الفرق بينهما ويقول: نفي الإيمان عنهم لا يلزم منه نفي الإسلام كما نفي الإيمان عن الزاني والسارق والشارب وإن كان الإسلام عنهم غير منفي. وقد ورد هذا المعنى في الآية عن ابن عباس، وقتادة، والنخعي، وروي عن ابن زيد معناه – أيضا -، وهو قول الزهري، وحماد بن زيد، وأحمد، ورجحه ابن جرير وغيره …
وقد ذهب طائفة إلى أن الإسلام عام والإيمان خاص، فمن ارتكب الكبائر خرج من دائرة الإيمان الخاصة إلى دائرة الإسلام العامة …
وقالت طائفة: الفرق بين الإسلام والإيمان: أن الإيمان هو التصديق تصديق القلب فهو علم القلب وعمله، والإسلام: الخضوع والاستسلام والانقياد؛ فهو عمل القلب والجوارح …
وأما أصحابنا وغيرهم من أهل الحديث فعندهم أن الأعمال تدخل في الإيمان مع اختلافهم في دخولها الإسلام – كما سبق – فلهذا قال كثير من العلماء: إن الإسلام والإيمان تختلف دلالتهما بالإفراد والاقتران، فإن أفرد أحدهما دخل الآخر فيه، وإن قرن بينهما كانا شيئين حينئذ.
وبهذا يجمع بين حديث سؤال جبريل عن السلام والإيمان ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما وبين حديث وفد عبد القيس حيث فسر فيه النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان المنفرد بما فسر به الإيمان المقرون في حديث جبريل … وهو أقرب الأقوال في هذه المسألة وأشبهها بالنصوص والله أعلم. اهـ
7 – عن الزهري (قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا) قال: نُرى أن الإسلام: الكلمة، والإيمان: العمل. أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ومن طريقه الحميدي في مسنده 69 وعبد بن حميد في مسنده 140 ولم يذكرا الآية وابن حبان في صحيحه 163 ولم يذكروا الآية، وأخرجه أبو داود في سننه 4684 والطبري في تفسيره من طريق محمد بن ثور، وأخرجه الخلال في السنة 1091 من طريق سفيان هو ابن عيينة كلهم عن معمر به وإسناده صحيح وثبت أن الزهري ذكر ذلك عند روايته لحديث الباب.
8 – مقصود الزهري أن الكلمة تحقن دمه لا أنه يقبل الإسلام بدون عمل
قال ابن بطال في شرح البخاري 1/ 80:
قال أبو بكر بن العربى: وهذه الآية حجة على الكرامية ومن وافقهم من المرجئة فى قولهم: إن الإيمان إقرار باللسان دون عقد القلب، وقد رد الله قولهم فى موضع آخر من كتابه، فقال: (أولئك كتب فى قلوبهم الإيمان) [المجادلة: 22]، ولم يقل: كتب فى ألسنتهم.
ومن أقوى ما يرد عليهم إجماع الأمة على إكفار المنافقين، وإن كانوا قد أظهروا الشهادتين، قال تعالى: (ولا تصل على أحد منهم (إلى قوله: (وهم كافرون) [التوبة: 84]، فجعلهم كفارا، وقوله تعالى: (قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا (يدل على أن الإسلام يكون بمعنى الاستسلام فيحقن به الدم، ولا يكون بمعنى الإيمان لقوله تعالى: (ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم) [الحجرات: 14]، فكل إيمان إسلام، وليس كل إسلام إيمانا، إلا الإسلام الحقيقى، فهو إيمان. اهـ
9 – قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله (قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا) قال: لم يصدّقوا إيمانهم بأعمالهم، فردّ الله ذلك عليهم (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا)، وأخبرهم أن المؤمنين الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، أولئك هم الصادقون، صدّقوا إيمانهم بأعمالهم; فمن قال منهم: أنا مؤمن فقد صدق; قال: وأما من انتحل الإيمان بالكلام ولم يعمل فقد كذب، وليس بصادق. أخرجه ابن جرير الطبري بإسناد صحيح إلى ابن زيد.
10 – دَلَّ الْبَيَانُ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ الْمَنْفِيَّ عَنْ هَؤُلَاءِ الْأَعْرَابِ: هُوَ هَذَا الْإِيمَانُ الَّذِي نُفِيَ عَنْ فُسَّاقِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ الَّذِينَ لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ بَلْ قَدْ يَكُونُ مَعَ أَحَدِهِمْ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ وَنَفْيُ هَذَا الْإِيمَانِ لَا يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْكُفْرِ الَّذِي يُخَلِّدُ صَاحِبَهُ فِي النَّارِ “. قاله شيخ الإسلام كما في الإيمان الأوسط له.
11 – إذا نُفِيَ الإيمانُ عنْ أحدٍ، وأُثبتَ له الإسلامُ، كالأعرابِ الَّذين أَخبر اللَّهُ عنهُم، فإنَه ينتفِي عنهُم رسُوخُ الإيمانِ في القلبِ، وتثبُتُ لهم المشاركةُ في أعمالِ الإسلامِ الظاهرةِ مع نوع إيمان يُصحِّحُ لهم العملَ، إذْ لولا هذا القدرُ منَ الإيمانِ، لم يكونُوا مسلمينَ، وإنَّما نَفَى عنهُمُ الإيمانَ، لانتفاءِ ذوق حقائقه، ونقصِ بعضِ واجباتِهِ. قاله ابن رجب كما التفسير المجموع له.
12 – عن قتادة قوله:”إنّ الدين عندَ الله الإسلام”، والإسلام: شهادة أنّ لا إله إلا الله، والإقرار بما جاء به من عند الله، وهو دين الله الذي شرع لنفسه، وبعث به رسله، ودلّ عليه أولياءه، لا يقبل غيرَه ولا يجزى إلا به. أخرجه الطبري في تفسيره 6763 إسناده صحيح.
13 – عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ عكرمة مولى ابْن عباس، قَالَ ” لما نزلت {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قالت اليهود: نحن المسلمون، فَقَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحجهم، يقول: اخصمهم، فإِنَّ اللهَ فرض عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الحج، فَقَالَ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ إِلَى وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} قَالَ: فأبوا، وَقَالُوا: لَيْسَ عَلَيْنَا أخرجه الطبري 7356 و7357 و 7358و 7518 وابن المنذر وابن أبي حاتم 3788 وسعيد بن منصور 506 في تفاسيرهم من طرق عن ابن أبي نجيح به إسناده صحيح إلى عكرمة
14 – حديث سعد بن أبي وقاص أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
15 – وفي رواية عند مسلم من طريق سفيان بن عيينة ” قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمًا”،
16 – وفي رواية من طريق ابن أبي ذئب كما عند أحمد في مسنده ” أَنَّهُ أَتَاهُ رَهْطٌ فَسَأَلُوه”
17 – قوله (أعطى رهطا) “الرهط عدد يجمع من ثلاثة إلى عشرة، ويقال من سبعة إلى عشرة وما دون السبعة إلى الثلاثة نفر” قاله الفراهيدي في كتاب العين له.
18 – قوله (وسعد جالس) وعند البخاري من طريق صالح بن كيسان ” وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ”.
19 – قوله (هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ) أي في إيمانه، ولم يلتفت سعد إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعط سعدا.
20 – قوله (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ) وعند البخاري من طريق صالح بن كيسان ” فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَارَرْتُهُ” ففيه أن الإسرار بالنصيحة أولى من الإعلان، وقد يتعين إذا جر الإعلان إلى مفسدة.
21 – قول سعد رضي الله عنه (فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ: «أَوْ مُسْلِمًا») ومن طريق معتمر عن عبد الرزاق كما عند ابن الأعرابي في معجمه 208 وكذا سلام بن أبي مطيع عن معمر عند النسائي واللفظ له ” «لَا تَقُلْ مُؤْمِنٌ، وَقُلْ مُسْلِمٌ” وزاد قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا} [الحجرات: 14] وبه يعلم وجه ترجمة البخاري في الباب.
22 – أَجَابَ – رسول الله صلى الله عليه وسم – سَعْدًا بِجَوَابَيْنِ ” أَحَدُهُمَا “: أَنَّ هَذَا الَّذِي شَهِدت لَهُ بِالْإِيمَانِ قَدْ يَكُونُ مُسْلِمًا لَا مُؤْمِنًا. ” الثَّانِي “: إنْ كَانَ مُؤْمِنًا وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ أُولَئِكَ فَأَنَا قَدْ أُعْطِي مَنْ هُوَ أَضْعَفُ إيمَانًا؛ لِئَلَّا يَحْمِلَهُ الْحِرْمَانُ عَلَى الرِّدَّةِ فَيُكِبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ. وَهَذَا مِنْ إعْطَاء الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ. قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في الإيمان الأوسط له.
23 – فيه تَأَلُّف قَلْبِ مَنْ يخَافُ عَلَى إِيمَانِهِ لِضَعْفِهِ، وَالنَّهْي عَنِ الْقَطْعِ بِالْإِيمَانِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ قَاطِعٍ. قاله النووي في شرحه على صحيح مسلم، ونحوه ترجمة البخاري ” مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي المُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الخُمُسِ وَنَحْوِهِ” وذكر تحته حديث عمرو بن تغلب وسيأتي في الشرح قريبا.
24 – “الظاهرُ – واللَّهُ أعلمُ -: أن النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – زجرَ سعدًا عن الشهادةِ بالإيمانِ؛ لأن الإيمانَ باطن في القلبِ لا اطلاعَ للعبدِ عليه، فالشهادةُ به شهادة على ظنٍّ، فلا ينبغي الجزمُ بذلك” قاله ابن رجب كما في تفسيره. قلت يشبه قول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابية أم العلاء الأنصارية حين قالت رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدريك أن الله قد أكرمه؟. رواه البخاري
25 – قلت يزيده وضوحا حديث عمرو بن تغلب رضي الله عنه وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “وَاللَّهِ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَأَدَعُ الرَّجُلَ، وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي، وَلَكِنْ أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الجَزَعِ وَالهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الغِنَى وَالخَيْر” أخرجه البخاري 923.
26 – وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في يوم حنين عند البخاري 4331 ومسلم 1059 وفيه (فَإِنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهُم) وفي رواية للبخاري 4330 ولمسلم من حديث عبد الله بن زيد 1061 (فأعطى المؤلفة قلوبهم).
27 – في الحديث التشفع للصديق والولي عند الأمراء والأئمة فيما ينتفعون به. قاله ابن بطال في شرحه.
28 – وفيه مراجعة المسئول وتكرير السؤال فى المعنى الواحد قاله ابن بطال وهذا إذا لم يؤد إلى مفسدة أفاده النووي.
29 – وفيه رد العالم على المتعلم أن يستثبت ولا يقطع على ما لا يعلم، لأنه لا يعلم سرائر الناس ولا يطلع عليها، وهى من مغيبات الأمور التى لا يجوز القطع فى مثلها قاله ابن بطال.
30 – وفيه أن الإمام يصرف الأموال في مصالح المسلمين الأهم فالأهم.
31 – وفيه أن المشفوع إليه لا عيب عليه إذا رد الشفاعة إذا كانت خلاف المصلحة.
32 – وفيه أنه ينبغي أن يتعذر إلى الشافع ويبين له عذره في ردها.
33 – وفيه أن المفضول ينبه الفاضل على ما يراه من المصلحة لينظر فيه الفاضل.
34 – وفيه أنه لا يقطع لأحد على التعيين بالجنة إلا من ثبت فيه كالعشرة المبشرة. والخمسة الأخيرة أفادها الإمام النووي رحمه الله تعالى.
قال ابن حجر: ترك القطع بالإيمان الكامل، لمن لم يَنُصّ عليه الشارع، وأما منع القطع بالجنة، فلا يؤخذ منْ هَذَا صريحا، وإن تعرض له بعض الشارحين، نعم هو كذلك، فيمن لم يثبت فيه النص. “الفتح”.
35 – قال الأثيوبي في ذخيرة العقبى 37/ 237:
فوائده:
(ومنها): ما قيل: إنه يدلّ عَلَى جواز الحلف عَلَى الظنّ، وهي يمين اللغو، وهو قول مالك، والجمهور. قاله فِي “عمدة القاري” 1/ 223.
36 – قوله (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) تابعه صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ كما عند البخاري 1478 ومسلم 150 تابعه سفيان بن عيينة كما عند مسلم 150 تابعه ابن أخي الزهري كما عند مسلم 150 تابعه معمر كما عند مسلم 150وأبي داود 4683و4685 والنسائي في الصغرى 4992و 4993. تابعه يونس بن يزيد الأيلي كما عند رستة في كتاب الإيمان له أفاده الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق، تابعه ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ كما عند الإمام أحمد في مسنده 1579.
37 – تنبيه: متابعة سفيان بن عيينة التي في مسلم قال أبو مسعود الدمشقي كما نقله المزي في تحفة الأشراف:” كذا رواه ابن أبي عمر , عن ابن عيينة , عن الزهريِّ. ورواه الحميديُّ ومحمد بن الصبَّاح الجرجرائيُّ وسعيد بن عبد الرحمن , عن ابن عيينة , عن معمر , عن الزهريِّ , زادوا فيه معمراً” أي فلا يدخل سفيان فيمن تابع. قال الحافظ ابن حجر كما في تغليق التعليق له “وَمَا أَظن الْوَهم فِيهِ إِلَّا من مُسلم”.
38 – قوله (أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ) تابعه أخوه محمد بن سعد كما عند البخاري 1478 ومسلم 150
39 – فيه رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته
=====