265 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———‘———‘——–
مسند أحمد:
4366 – حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا حماد يعني بن زيد عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: لما قسم رسول الله صلى الله عليه و سلم غنائم حنين بالجعرانة ازدحموا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ان عبدا من عباد الله بعثه الله إلى قومه فضربوه وشجوه قال فجعل يمسح الدم عن جبهته ويقول رب اغفر لقومي انهم لا يعلمون قال عبد الله كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يمسح الدم عن جبهته يحكي الرجل ويقول رب اغفر لقومي انهم لا يعلمون.
قلت سيف: الحديث على شرط الذيل على الصحيح المسند
——‘——-‘——
هذا الحديث يُبين خلق عظيم عند الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وهو الصبر على من آذاهم و الحلم و الشفقة، و هذا خلق عظيم أن يتخلق بِه الداعية إلى الله و أن يصبر على من آذاه و أن يدعو لهم بما ينفعهم في الدنيا و الآخرة.
وعَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ مُجَاهِدٍ , قَالَ: كَانُوا يَضْرِبُونَ نُوحًا حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ , فَإِذَا أَفَاقَ قَالَ: «رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي , فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» انظر ” تفسير عبدالرزاق الصنعاني ”
قال ابن حجر في الفتح ((6) / (521)):
لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا النَّبِيِّ صَرِيحًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ فقد ذكر بن إِسْحَاق فِي الْمُبْتَدَأ وَأخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِ الشُّعَرَاءِ مِنْ طَرِيقِ بن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ قَوْمَ نُوحٍ كَانُوا يَبْطِشُونَ بِهِ فَيَخْنُقُونَهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَفَاقَ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ قُلْتُ وَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَكَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ ثُمَّ لَمَّا يَئِسَ مِنْهُمْ قَالَ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ ديارًا.
قال النووي: فِيهِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحِلْمِ وَالتَّصَبُّرِ وَالْعَفْوِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى قَوْمِهِمْ وَدُعَائِهِمْ لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ وَالْغُفْرَانِ وَعُذْرِهِمْ فِي جِنَايَتِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَهَذَا النَّبِيُّ الْمُشَارُ إِلَيْهِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَقَدْ جَرَى لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ هَذَا يَوْمَ أُحُدٍ قَوْلُهُ (وَهُوَ يَنْضِحُ الدَّمَ عَنْ جَبِينِهِ) هُوَ بِكَسْرِ الضَّادِ أَيْ يَغْسِلُهُ وَيُزِيلُهُ. ” شرح مسلم للنووي” ((12) / (150)).
قال ابن الملقن: وابن بطال وابن التين أدخلاه في الباب قبله، وقالا: حديث ابن مسعود في الذين أدموا نبيهم وضربوه كانوا كفارًا، والأنبياء – عليهم أفضل الصلاة والسلام – شأنهم الصبر على الأذى وكذلك أمروا، قال تعالى لنبيه: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35] فلا حجة للكوفيين فيه. ” التوضيح ”
قال القاضي عياض: فيه ما ابتلى به الأنبياء وأهل الفضل لينالوا جزيل الأجر، ويسهل على أممهم وغيرهم ما أصابهم، ويتأسوا بهم، وليعلم أنهم من البشر يصيبهم محن الدنيا، ويطرأ على أجسامهم ما يطرأ على أجسام البشر ليتحققوا أنهم مخلوقون مربون، ولا يدخل اللبس في المفعول بسبب ما ظهر على أيديهم من العجائب والآيات ما يشكك فى بشريتهم، ويلبس الشيطان من أمرهم ما لبس به على النصارى وأشباههم، حتى اعتقدوا فى عيسى – عليه السلام – أنه إله. والمجن: الترس. و ” يسكب “: يصب. ” وشج “: جرح.
وحمل الماء فى المجن يدل أن ترسهم أو ما كان منها مقعداً، وفيه استعمال السلاح فى مصالح المسلمين وإن كان فى غير ما وضعت له. وفيه المداواة وجواز ذلك.
وقوله: عن بعض الأنبياء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال – حين ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه -: ” اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون ” وفى الرواية الأخرى: ” ينضح ” بكسر الضاد، أى يغسل، وجاء فى غير مسلم: ” ينضح الدم عن جبينه ” ومعناه هنا: يفور ويسيل، يقال: نضحت العين: فارت. وقد يكون هنا بمعنى: يغسل الدم الذى على جبينه. وقد روى مثل هذا القول عن نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أحد.
فيه ما كانوا عليه صلوات الله عليهم من الحلم والصبر والشفقة على قومهم وأممهم، وأنهم مع فعلهم بهم وأذاهم لهم دعوا بالغفران، وعذروهم بالجهل وقلة العلم بما أتوه. ” إكمال المعلم ” ((6) / (164)).