265 رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة.
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة.
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
وناصر الكعبي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
(10) بابُ تَفْرِيقِ الغُسْلِ والوُضُوءِ
ويُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أنَّهُ غَسَلَ قَدَمَيْهِ بَعْدَ ما جَفَّ وضُوءُهُ»
(265) – حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ الواحِدِ، قالَ: حَدَّثَنا الأعْمَشُ، عَنْ سالِمِ بْنِ أبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلى ابْنِ عَبّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: قالَتْ مَيْمُونَةُ: «وضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم – ماءً يَغْتَسِلُ بِهِ، فَأفْرَغَ – عَلى يَدَيْهِ، فَغَسَلَهُما مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ أفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلى شِمالِهِ، فَغَسَلَ مَذاكِيرَهُ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالأرْضِ، ثُمَّ مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وجْهَهُ ويَدَيْهِ، وغَسَلَ رَاسَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ أفْرَغَ عَلى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحّى مِن مَقامِهِ، فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ»
——-
فوائد الباب:
1 – قوله: (تفريق الغسل والوضوء) أي جوازه. قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
2 – قوله: (ويُذكر عن ابن عمر أنه غسل قدميه بعد ما جف وضوءه). هذا تعليق بصفة التمريض، ولو قال: وذكر ابن عمر لكان بصيغة التصحيح، لأنه جزم بذلك. قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
3 – عن نافع: أن عبد الله بن عمر بال في السوق ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه ثم دعي لجنازة ليصلي عليها حين دخل المسجد فمسح على خفيه ثم صلى عليها. أخرجه الإمام مالك في الموطأ 73، وعنه الشافعي في الأم بنحوه. ومن طريق الشافعي أخرجه ابن المنذر في الأوسط، وقال: ثبت عن ابن عمر، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: الإسناد صحيح.
4 – حديث أم المؤمنين ميمونة سبق تخريجه وشرحه في باب الوضوء قبل الغسل وما بعده أيضا.
5 – قوله: (ثم تنحى من مقامه فغسل قدميه) أي أخرهما بعدما توضأ إلى ما بعد الغسل وهو موضع الشاهد.
6 – وجه الدلالة لما ذكره البخاري أنه -صلى الله عليه وسلم – تنحى عن مقامه فغسل قدميه. فدل على عدم وجوبه، وكذا فعل ابن عمر، واحتج غيره بأن الله تبارك وتعالى أمر المتوضئ بغسل الأعضاء، فمن أتى ما أمر به متفرقا، فقد أدى ما أمر به، وجفوف الوضوء ليس بحدث، فكذا جفوف أعضائه. قاله ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح.
7 – لكن الذي مضى عليه عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- الموالاة، وتواطأ على ذلك فعل السلف. قاله ابن بطال. أي إشارة إلى الاهتمام بذلك لا القول بالوجوب. والله أعلم.
8 – وقال ابن قدامة: وحيث لا يجب الترتيب في الغسل لا تجب الموالاة. [المغني 1/ 291].
9 – قال ابن عثيمين في التعليق على البخاري: الموالاة هل هي شرط في الغسل والوضوء أو ليست بشرط لا في الغسل ولا في الوضوء أو شرط في الوضوء دون الغسل؟ في هذا خلاف فمن العلماء من يقول: الموالاة ليست بشرط لأن الله أمر أن نغسل الوجوه والأيدي ونمسح بالرؤوس ونغسل الرجلين وأطلق فلا تشترط الموالاة، ومنهم من قال تشترط الموالاة؛ لأن الله تعالى قال: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) إلى آخره، والفاء في قوله (فاغسلوا) تفيد المبادرة؛ لأنها جواب شرط، فإذا اشترطت المبادرة في غسل الوجه فما بعده معطوف عليه، واستدلوا أيضا بأن النبي -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- رأى رجلا لم يتم وضوءه؛ فقال له: (ارجع فأعد وضوءك). واستدلوا بتعليل وهو أن الوضوء عبادة واحدة؛ فإذا فرق خرج عن كونه عبادة واحدة، الغسل كذلك اختلفوا فيه؛ منهم من قال: لا بد فيه من الموالاة بحيث تغسل البدن مرة واحدة جميعا.
ومنهم من قال: لا يشترط الموالاة. والغريب أن المشهور من مذهب الحنابلة اشتراط الموالاة في الوضوء دون الغسل مع أن الغسل عضو واحد، كل البدن عضو واحد، فإذا كنا لا نشترط الموالاة في الغسل فمن باب أولى الوضوء؛ لأن أعضاءه متفرقة، وان كنا نشترط الموالاة في الوضوء، فمن باب أولى الغسل؛ لأنه عضو واحد، والذي يظهر لي أن القول الراجح اشتراط الموالاة، وأنه لا بد من المولاة في أعضاء الوضوء وفي الغسل.
ولكن لو أن الإنسان نسي بعض الأعضاء … نقول: الاحتياط أن يعيد من الأول لتتحقق الموالاة، بقي علينا أن نسأل ما هي الموالاة؟ بأي شيء نقدرها؟ بعض العلماء يقول: تقدر بالعرف. فإذا قال الناس: الفصل طويل بين أول الطهارة وآخرها. قلنا: الآن انقطعت الموالاة.
وإذا قيل: أنه ليس بطويل. قلنا: لم تنقطع.
ومنهم من ضبط ذلك بضابط أقرب لإدراك الإنسان؛ وهو: أن الموالاة تنقطع إذا جف العضو الذي قبل العضو الذي تأخر غسله … وخلاصة الأمر: أنه إذا حصلت النشوفة لمصلحة الطهارة؛ فإن ذلك لا يقطع الموالاة، وإن كان الأمر خارج فإنه يقطع المولاة. والله أعلم.