264 جامع الأجوبة الفقهية ص 308
مشاركة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
مسألة: هل يجزئ غسل الجنابة عن غسل الجمعة إذا نواه؟
إذا اجتمع على الإنسان غسل جنابة وغسل الجمعة فهل يكفيه أن يغتسل لهما غسلاً واحداً، وينوي الاغتسال للجنابة والجمعة جميعاً؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
الأول: أنه يجزئه أن يجمع بينهما بغسل واحد مع النية، وهذا قول جمهور أهل العلم ورجحه الشيخ ابن باز وابن عثيمين رحمة الله على الجميع.
الثاني: أنه يجب عليه غسلان، غسل للجنابة وغسل للجمعة، وهذا مذهب الظاهرية واختاره الشيخ الالباني رحمه الله.
– جاء في موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي (1/ 226):
باب في غسل الجنابة هل يجزئ عن غسل الجمعة؟
مسألة (371) أكثر العلماء على أن من اغتسل من جنابة نهار الجمعة فإنه يجزئه عن غسل الجمعة وهو قول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ومجاهد ومكحول ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأبي ثور. وقال أحمد -رحمه الله-: أرجو أن يجزئه.
وقال أبو قتادة الصحابي رضي الله تعالى عنه: لا يجزئه، وهو قول بعض الظاهرية. انتهى
– قال النووي في “المجموع” (1/ 368):
” ولو نوى بغسله غسل الجنابة والجمعة حصلا جميعا هذا هو الصحيح ” انتهى.
– وقال النووي أيضا في المجموع: (قال ابن المنذر: أكثر العلماء يقولون: يجزئ غسل واحد عن الجنابة والجمعة، وهو قول ابن عمر ومجاهد ومكحول ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأبي ثور، وقال أحمد: أرجو أن يجزئه، وقال أبو قتادة الصحابي لمن اغتسل للجنابة أعد غسلًا للجمعة، وقال بعض الظاهرية: لا يجزئه). المجموع (4) / (408).
– وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني (3/ 228):
” إن اغتسل للجمعة والجنابة غسلا واحدا ونواهما , أجزأه , ولا نعلم فيه خلافا ” انتهى.
– جاء في نجاح القاري لصحيح البخاري (ص: 20):
وقال ابنُ دقيق العيد: إن فائدتها أن من نوى شيئاً يحصل له ثوابُ ما نوى، سواء عمله بشرائطهِ، أو حال دون عمله ما يعذر به شرعاً في عدم عمله، وكل ما لم ينوه لم يحصل له، والجملة الأولى لا تفيدها، ومراده بقوله: ما لم ينوه؛ ما لم ينوه لا خصوصاً ولا عموماً. أمَّا إذا لم ينو شيئاً مخصوصاً، لكن كانت هناك نية عامَّة تشمله، فهذا ممَّا اختلف فيه أنظار العلماء، ويتخرج عليه من المسائل ما لا يحصى، وقد يحصل غير المنوي لعمل منويٍّ أيضاً، كمن دخل المسجد فصلى الفرائض أو الرَّاتبة قبل أن يقعد، فإنه يحصل له تحية المسجد نواها أو لم ينوها؛ لأن القصد بالتحية شغل البقعة بالعبادة، وقد حصل، بخلاف من اغتسل يوم الجمعة عن الجنابة، فإنَّه لا يحصل له غسل الجمعة بلا نيةٍ على الرَّاجح؛ لأنَّ غسل الجمعة ينظرُ فيه إلى التَّعبد لا إلى محض التَّنظيف، فلا بدَّ فيه من القصد إليه، بخلاف تحية المسجد. انتهى
– جاء في شرح صحيح البخارى لابن بطال (2/ 484):
ذكر ابن المنذر عن بعض ولد أبى قتادة أنه قال: من اغتسل للجنابة يوم الجمعة اغتسل للجمعة. وقال ابن حبيب: لم يختلف قول مالك ومن علمت من أصحابنا، فيمن اغتسل للجنابة وهو ناس للجمعة أن ذلك لا يجزئه عن غسل الجمعة، غير محمد بن عبد الحكم، فإنه قال: غسل الجنابة يجزئ عن غسل الجمعة، ولا يجزئ غسل الجمعة عن غسل الجنابة، وقال الأبهرى: إنما لم يجزئ غسل الجمعة عن الجنابة؛ لأن غسل الجنابة فرض، وغسل الجمعة مندوب إليه ليس بفرض.انتهى
– قال ابن عبدالبر في الاستذكار (1/ 265):
قال عبد العزيز بن أبي سلمة والثوري والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه والليث بن سعد والطبري من اغتسل للجنابة يوم الجمعة أجزأه غسل الجنابة من غسل الجمعة والجنابة جميعا … وأجمعوا في الجنب ينوي بغسله الجنابة والجمعة أنه يجزئه عنهما إلا شيئا روي عن مالك قال به أهل الظاهر أنه لا يجزئ عن واحد منهما إذا خلط النية فيهما قياسا على من خلط الفرض بالنافلة في الصلاة.
وهذا لا يصح لأهل الظاهر لدفعهم القياس وقول من قال بهذا تعسف وشذوذ من القول ولا سلف لقائله ولا وجه له، وذكر أبو بكر الأثرم قال قلت لأحمد بن حنبل رجل اغتسل يوم الجمعة من جنابة ونوى مع ذلك غسل الجمعة فقال أرجو أن يجزئه منهما جميعا، قلت له يروى عن مالك أنه قال لا يجزئه عن واحد منهما فأنكره. انتهى
– قال ابن رجب في فتح الباري (8/ 91):
يستدل بالحديث على أن من عليه غسل الجنابة، فاغتسل للجنابة يوم الجمعة، فإنه يجزئه عن غسل الجمعة، وسواء نوى به الجمعة، أو لم ينو.
أما إن نواهما بالغسل، فإنه يحصل له رفع حدث الجنابة وسنة غسل الجمعة بغير خلاف بين العلماء، روي ذلك عن ابن عمر، وتبعه جمهور العلماء.
وللشافعية وجه ضعيف: لا يجزئه عنهما، وقاله بعض الظاهرية.
وحكي عن مالك، وقيل: إنه لا يصح عنه، إنما قاله بعض المتأخرين من
أصحابه، وقد ذكر ذلك للإمام أحمد عن مالك فأنكره.
– فتاوى اللجنة الدائمة – 2 (4/ 153):
السؤال الأول من الفتوى رقم (17775) س1: لو كان الشخص جنبا يوم الجمعة فاغتسل غسل الجنابة، فهل يغتسل غسل الجمعة؟ وهل لو اغتسلنا ننوي نية واحدة للغسلين، أم نية لكل غسل؟ وهل نفصل بين الغسلين، أي: أن ننشف أعضاءنا بعد الغسل الأول، ثم نقوم فنغتسل الغسل الثاني أم ماذا؟
ج 1: غسل الجنابة يكفي عن غسل الجمعة؛ لأن المقصود بغسل الجمعة: التنظف وإزالة الروائح الكريهة من الجسم، وهذا يحصل بالغسل من الجنابة. ولكن يشرع أن ينوي دخول غسل الجمعة في غسل الجنابة ليحصل له الأجر في ذلك.
– جاء في مجموع فتاوى ابن باز (12/ 406):
س: هل يكفي غسل الجنابة عن غسل الجمعة؟.
ج: إذا كان في النهار كفاه ذلك، والأفضل أن ينويهما جميعا وذلك بأن ينوي بغسله: الجمعة والجنابة، وبذلك يحصل له- إن شاء الله- فضل غسل الجمعة.
– قال الشيخ ابن عثيمين في دروس وفتاوى الحرم المدني (ص: 87):
[السؤال] ما حكم الجمع بين غسل الجنابة وغسل الجمعة؟
الجواب: لا بأس بذلك، يعني: مثلاً إذا كان الإنسان جنباً واغتسل ونوى بذلك رفع الجنابة والاغتسال للجمعة فلا حرج في هذا، كما لو أن الإنسان دخل المسجد وصلى ركعتين ينوي بهما الراتبة وتحية المسجد فلا بأس، وهنا نقول: المسألة لا تخلو من أقسامٍ ثلاثة: أن ينوي غسل الجنابة فقط. أن ينوي غسل الجنابة والجمعة. أن ينوي غسل الجمعة فقط. بقي قسم رابع لكن لا يمكن أن يرد وهو: ألا ينويهما، وهذا غير وارد. فإذا نوى غسل الجنابة أجزأ عن غسل الجمعة إذا كان بعد طلوع الشمس، وإذا نواهما جميعاً أجزءه ونال الأجر لهما جميعاً، وإذا نوى غسل الجمعة لم يكفه عن غسل الجنابة، لماذا؟ لأن غسل الجمعة واجبٌ عن غير حدث، وغسل الجنابة واجبٌ عن حدث، فلابد من نية ترفع هذا الحدث. وإن كان بعض العلماء قال بالغسل مرتين لكنه لا وجه له، لأن السنة أتت: (من غسل واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام ولم يلغ … ) فقول: (غسل واغتسل) بعض العلماء يقول: غسل الأذى ونظف بدنه، واغتسل اغتسال الجنابة المعروف، وبعضهم يقول: من غسل: أي من جامع زوجته؛ لأن جماعه إياها يستلزم أن تغتسل وهذا يدل على أن الغسل الواحد يكفي. انتهى
– وقال الشيخ ايضاً في فتح ذي الجلال والإكرام (1/ 332):
فإذا قال قائل: لو أنه نوى في غسل الجمعة من الجنابة وللجمعة أيجزئ أم لا؟
فالصواب: أنه يجزئ؛ لأنهما عبادتان من جنس واحد متفقتان في الهيئة والوصف فقامت إحداهما مقام الأخرى، ولكن لو أراد أن يفرد أحدهما بنية فهل ينوي الغسل من الجنابة ويجزء عن غسل الجمعة، أو بالعكس؟ الأول نقول: إذا كنت تريد أن تقتصر على نية واحدة فإنه غسل الجنابة؛ لأنك إذا نويت غسل الجنابة أديت ما يجب لأنه حصل المقصود بالاغتسال، لكن إذا نويت غسل الجمعة وأنت عليك جنابة فإنها لا تصلح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى”.
هناك قول آخر أشرنا إليه: وهو أنه لابد أن يغتسل للجنابة غسلا تاما، وللجمعة غسلا تاما، وهذا رأي ابن حزم رحمه الله، يقول: لأنهما طهارتان واجبتان اختلف سببهما فوجب أن يجعل لكل سبب طهارته، لكن الصحيح: الأول وهو أنه إذا نواهما جميعا حصلا، وإن نوى غسل الجنابة سقط به غسل الجمعة، وإن نوى غسل الجمعة لم ترتفع الجنابة؛ لأن هذا الغسل ليس عن حدث، وإنما هو واجب للجمعة لا لكونه عن حدث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى”.
لكن بعض العلماء يقول: إذا نسي الجنابة أو جهل واغتسل للجمعة ثم ذكر أو علم فإنه يجزئ؛ لأنه حينئذ معذور، لكن في نفسي من هذا شيء، والأولى أن يعيد الغسل، ويعيد الصلاة، والصلاة ستكون ظهرا. انتهى
– قال بعض الباحثين:
لا يُجزئ غُسلُ الجُمُعة عن غُسلُ الجَنابةِ إذا لم يَنوِه، وهو مذهبُ المالِكيَّة، والصَّحيحُ من مذهبِ الشافعيَّة، ووجهٌ عند الحَنابِلَةِ، وذلك للآتي: أولًا: أنَّ غُسلَ الجنابةِ لرفْعِ الحدثِ؛ فلا يُجزئ عنه غُسلُ الجُمُعة الذي المقصودُ منه التنظيفُ وقطعُ الرائحةِ، ثانيًا: أنَّ غُسلَ الجنابةِ واجبٌ، وغُسلَ الجُمُعةِ مُستحَبٌّ- على الرَّاجح-؛ فلا يُجزئ الغسلُ الأَدْنى عن الغُسلِ الأَعْلى، وثالثًا: أنَّ شَرْطَ غُسلِ الجُمُعةِ حصولُ غُسلِ الجنابةِ.
– قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود (13/ 148):
السؤال: هل غسل الجنابة يجزئ عن غسل الجمعة على القول بوجوب غسل الجمعة؟
الجواب: غسل الجنابة يجزئ عن غسل الجمعة، ولكن الذي فيه رفع الحدث هو الذي يجب أن يكون المقصود، وأن يكون هو المنوي، مثل طواف الإفاضة والوداع، إذا أخر طواف الإفاضة إلى حين السفر فهو يغني عن الوداع، وإذا اغتسل عن جنابة في يوم جمعة أجزأه عن غسل الجمعة. انتهى
والله أعلم …