256 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——-‘——-‘——–
مسند أحمد:
: 6201 – حَدَّثَنَا أَبُو الْجَوَّابِ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” يَغْفِرُ اللهُ لِلْمُؤَذِّن مَدَّ صَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ سَمِعَ صَوْتَهُ ”
ثم أخرجه أحمد مباشرة 6202 حدثنا معاوية حدثنا زائدة عن الأعمش عن رجل عن ابن عمر
فظننت أن أحمد يريد تعليل الرواية الأولى بالثانية خاصة أن زائدة مقدم في الأعمش ويحتمل أنه يريد الإشارة للاختلاف
ووجدت الدارقطني في العلل 13/ 219 قال: والصحيح: عن مجاهد عن ابن عمر
فإلى أن نعرف منهج أحمد في التعليل نضع الحديث في المتمم على الذيل خاصه أن عمار بن زريق تابعه عبدالله بن بشر، وإن كان الأخير مختلف فيه وذكر حديثه هذا ابن عدي في الكامل لكن تابعهما إبراهيم بن طهمان والحديث له شواهد حتى جعلوه في الاحاديث المتواترة مما يدل أن راوينا حفظ.
———‘——-‘——–
قال ابن الأثير: (مدى صوته) المدى: الأمدُ والغاية والمعنى: أنه يستوفي ويستكملُ مغفرة الله إذا استوفى وُسْعَه في رفع صوته، فيبلغُ الغايةَ من المغفرة، إذا بلغ الغايةَ من الصوت، وقيل: إنه تمثيل وتشبيه، يعني أن المكان الذي ينتهي إليه صوته لو قُدِّرَ أن يكون ما بين أوله وآخره ذنوب تملأُ تلك المسافة لغفر الله له. كتاب جامع الأصول (ج (10) / (384)).
(المؤذن يغفر له مدى صوته) يعني أن المؤذن يحصل له مغفرة ذنوبه على التمام والكمال بحصول نهاية صوته.
وقيل: إن في ذلك تشبيهاً، وإنه لو كانت الذنوب كثيرة وتصل إلى مكان الصوت لكثرتها فإنه يغفر له بسبب ذلك.
وعلى كل فإن رفع الصوت يحصل به إبلاغ الناس، وكل من بلغه صوت ذلك المؤذن واستفاد بسبب هذا الصوت وبهذا النداء فإن المؤذن يؤجر ويثاب ويغفر له بسبب ذلك.
قوله: [(ويشهد له كل رطب ويابس)] يعني: يشهد للمؤذن يوم القيامة كل رطب ويابس بلغه صوته. ” شرح سنن ابي دَاوُدَ “.
—-
قَالَ الشَّافِعِيُّ: ” وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ صَيِّتًا وَأَنْ يَكُونَ حَسَنَ الصَّوْتِ أَرَقَّ لِسَامِعِهِ “.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ صِيِّتًا لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ” يُغْفَرُ لِلْمُؤَذِّنِ مَدَى صَوْتِهِ ” وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ حَسَنَ الصَّوْتِ لِقَوْلِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: ” أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ “؛ وَلِأَنَّ حُسْنَ الصَّوْتِ أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ وَأَدْعَى لِسَامِعِهِ إِلَى الْحُضُورِ. ” كتاب الحاوي الكبير” (ج (2) / (57)).
و جاء عن أبي سعيد – رضي الله عنه – قال له: أراك تحب الغَنَم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك، فأذَّنْتَ بالصلاة، فارفع صوتَك بالنِّداء، فإنه لا يَسمعُ مَدى صوتِ المؤذِّن جِنّ ولا إنْس ولا شيء، إلا شَهِدَ له يوم القيامة، قال أبو سعيد: سمعتُه من رسول الله – صلى الله عليه وسلم-.
أخرجه البخاري و «الموطأ» والنسائي (1).
(البادية): البرِّيَّة والصحراء.
قال الصنعاني في التحبير: قال البيضاوي: غاية الصوت تكون أخفى من ابتدائه، فإذا شهد له من بعد عنه، ووصل إليه منتهى صوته، فلأن يشهد له من دنى منه وسمع مبادئ صوته أولى.
قال الحافظ: ظاهره أي: لفظ حديث البخاري: يشمل الحيوانات والجمادات، فقوله: “ولا شيء” من العام بعد الخاص، ويؤيده ما في رواية ابن خزيمة: “لا يسمع صوته شجر ولا حجر ولا مدر ولا جن ولا إنس”.
قال القرطبي: [405 ب] قوله: “ولا شيء” المراد به الملائكة، وتعقب بأنهم داخلون في قوله: “جن”؛ لأنهم يستجنون عن الأبصار.
وقال غيره: المراد كل ما يسمع المؤذن من الحيوان حتى ما لا يعقل دون الجمادات، ومنهم من حمله على ظاهره, وذلك غير ممتنع عقلاً ولا شرعاً. انتهى
قال النووي: أَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ كَانَ يُؤَذِّنُ لِجَمَاعَةٍ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ مَا أَمْكَنَهُ بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ فَإِنْ أسَرَّ به لَمْ يَصِحَّ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَصِحُّ كَمَا لَوْ أَسَرَّ بِالْقِرَاءَةِ فِي مَوْضِعِ الْجَهْرِ.
وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ لَا بَاسَ بِالْإِسْرَارِ بِبَعْضِهِ وَلَا يَجُوزُ الْإِسْرَارُ بِالْجَمِيعِ وَهَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لَكِنْ تَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَنْ لَمْ يُبَالِغْ فِي الْجَهْرِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى مَنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ لَا لِجَمَاعَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ وموضع الخلاف إذا أسمع نَفْسَهُ فَحَسْبُ فَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِأَذَانٍ وَلَا كَلَامٍ وَإِنْ أَسْمَعَ بَعْضَ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ حَصَلَ الْأَذَانُ قَطْعًا قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي لَوْ أَسْمَعَ وَاحِدًا مِنْ الْجَمَاعَةِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِهِمَا وَلَوْ اقْتَصَرَ فِي الْإِقَامَةِ عَلَى إسْمَاعِ نَفْسِهِ لَمْ تَصِحَّ إقَامَتُهُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ لِجَمَاعَةٍ أَمَّا مَنْ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ وَحْدَهُ فَقَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ يُشْتَرَطُ إسْمَاعُ مَنْ عِنْدَهُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَهَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ فِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي فَرْعٍ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ وَمَنْ يَقُولُ لَا يَرْفَعُ الْمُنْفَرِدُ يَحْمِلُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ فِي فَضْلِ رَفْعِ الصَّوْتِ عَلَى الاذان للجماعة والله اعلم). ” مجموع شرح المهذب ” (ج (4) / (112)).
قال ابن رجب: وقوله: ” كل رطب ويابس” يدل على أن الجمادات سواء كانت رطبة أو يابسة فإن لها سماعاً في الدنيا وشهادة في الآخرة.
فدل ذلك على صحة أشياء مختلف في بعضها:
منها: إدراك الجمادات ونطقها.
وقد أثبت ذلك جمهور السلف، سواء كانت رطبة أو يابسة، كما دل عليه قوله: {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ: 10]، وقوله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44]. ” فتح الباري ” (ج (6) / (226)).