255 و 256 عبق الياسمين شرح رياض الصالحين
سلطان الحمادي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
31 – باب الإصلاح بَيْنَ الناس
255 – وعن عائشة رضي اللَّه عنها قَالَتْ: سمِع رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم صَوْتَ خُصُومٍ بالْبَابِ عَالِيةٍ أَصْواتُهُمَا، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شيءٍ، وَهُوَ يَقُولُ: واللَّهِ لا أَفعَلُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَقَالَ: “أَيْنَ الْمُتَأَلِّي عَلَى اللَّه لاَ يَفْعَلُ المَعْرُوفَ؟ “فَقَالَ: أَنَا يَا رسولَ اللَّهِ، فَلهُ أَيُّ ذلِكَ أَحَبَّ. متفقٌ عليه.
معنى”يَسْتَوْضِعُهُ”: يَسْأَلهُ أَنْ يَضَعَ عَنْهُ بَعْضَ دينِهِ.”وَيَسْتَرفقُهُ”: يَسْأَلَهُ الرِّفْقَ”والْمُتأَلي”: الحَالِفُ.
قوله: (وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه) قال النووي:” أي يطلب منه أن يضع عنه بعض الدين، ويرفق به في الاستيفاء والمطالبة. وفي هذا الحديث دليل على أنه لا بأس بمثل هذا، ولكن بشرط أن لا ينتهي إلى الإلحاح وإهانة النفس أو الإيذاء ونحو ذلك إلا من ضرورة. والله أعلم “. (شرح النووي)
قال القرطبي:” فيه ما يدلُّ على أن سؤال الحطيطة والرفق جائز؛ إذ لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إذ سمعه” (المفهم 4/ 428)
وقوله: (في شيء) قال ابن حجر:” وقع بيانه في رواية ابن حبان فقال في أول الحديث ” دخلت امرأة على النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني ابتعت أنا وابني من فلان تمرا فأحصيناه. لا والذي أكرمك بالحق ما أحصينا منه إلا ما نأكله في بطوننا أو نطعمه مسكينا، وجئنا نستوضعه ما نقصنا ” الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم: (أين المتألي على الله لا يفعل المعروف؟ قال: أنا يا رسول الله، فله أي ذلك أحب)
قال النووي:” المتألي: الحالف، والألية: اليمين. وفي هذا كراهة الحلف على ترك الخير، وإنكار ذلك، وأنه يستحب لمن حلف لا يفعل خيرا أن يحنث فيكفر عن يمينه. وفيه الشفاعة إلى أصحاب الحقوق، وقبول الشفاعة في الخير”. (شرح النووي) قال ابن حجر:” قوله: (أين المتألي) بضم الميم وفتح المثناة والهمزة وتشديد اللام المكسورة أي الحالف المبالغ في اليمين، مأخوذ من الألية بفتح الهمزة وكسر اللام وتشديد التحتانية وهي اليمين، وفي رواية ابن حبان ” فقال: آلى أن لا يصنع خيرا ثلاث مرات فبلغ ذلك صاحب التمر “.” (فتح الباري)
قوله: (سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب عالية أصواتهم) في رواية ” أصواتهما “، وكأنه جمع باعتبار من حضر الخصومة وثنى باعتبار الخصمين، أو كأن التخاصم من الجانبين بين جماعة فجمع ثم ثنى باعتبار جنس الخصم، وليس فيه حجة لمن جوز صيغة الجمع بالاثنين كما زعم بعض الشراح (فتح الباري)
قال ابن عثيمين:” فالنبي صلى الله عليه وسلم لما سمع نزاع رجلين وقد علت أصواتهما، خرج إليهما صلى الله عليه وسلم لينظر ماذا عندهما، وفيه دليل على أنه لا حرج على الإنسان أن يتدخل في النزاع بين اثنين، إذا لم يكن ذلك سراً بينهما؛ لأن هذين الرجلين قد أعلنا ذلك، وكانا يتكلمان بصوت مرتفع، أما لو كان الأمر بين اثنين على وجه السر والإخفاء؛ فلا يجوز للإنسان أن يتدخل بينهما؛ لأن في ذلك إحراجاً لهما، فإن إخفاءهما للشيء يدل على أنهما لا يحبان أن يطلع عليه أحد من الناس، فإذا أقحمت نفسك في الدخول بينهما؛ أحرجتهما وضيقت عليهما، وربما تأخذهما العزة بالإثم فلا يصطلحان.” (شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 3/ 42)
قوله: (فله أي ذلك أحب) أي من الوضع أو الرفق، … وهو يشعر بأن المراد بالوضع الحط من رأس المال، وبالرفق الاقتصار عليه وترك الزيادة … وفي هذا الحديث الحض على الرفق بالغريم والإحسان إليه بالوضع عنه، والزجر عن الحلف على ترك فعل الخير.
قال الداودي: إنما كره ذلك لكونه حلف على ترك أمر عسى أن يكون قد قدر الله وقوعه، وعن المهلب نحوه، وتعقبه ابن التين بأنه لو كان كذلك لكره الحلف لمن حلف ليفعلن خيرا، وليس كذلك بل الذي يظهر أنه كره له قطع نفسه عن فعل الخير، قال: ويشكل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي قال: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص: ” أفلح إن صدق ” ولم ينكر عليه حلفه على ترك الزيادة وهي من فعل الخير، ويمكن الفرق بأنه في قصة الأعرابي كان في مقام الدعاء إلى الإسلام والاستمالة إلى الدخول فيه فكان يحرص على ترك تحريضهم على ما فيه نوع مشقة مهما أمكن، بخلاف من تمكن في الإسلام فيحضه على الازدياد من نوافل الخير.
وقال أيضا:” فيه سرعة فهم الصحابة لمراد الشارع، وطواعيتهم لما يشير به، وحرصهم على فعل الخير، وفيه الصفح عما يجري بين المتخاصمين من اللغط ورفع الصوت عند الحاكم” (فتح الباري)
قال ابن باز:” مقصوده عليه الصلاة والسلام الحث على فعل الخير، وأن يكون المؤمن لينا مع أخيه في الخصومة لينا حتى يتسامح مع أخيه ويستمع لأخيه وتزول الشحناء” (شرح رياض الصالحين لابن باز 1/ 506)
قال ابن عثيمين:” هذا الحديث ذكره المؤلف رحمه الله في بيان الصلح بين اثنين متنازعين فإذا رأى شخص رجلين يتنازعان في شيء وأصلح بينهما، فله أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد فعل خيراً كثيراً” (شرح رياض الصالحين 3/ 42)
——-
256 – وعن أَبي العباس سهلِ بنِ سعدٍ السَّاعِدِيِّ رضي اللَّهُ عنه، أَن رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بلَغهُ أَنَّ بَني عَمْرِو بن عوْفٍ كَانَ بيْنهُمْ شَرٌّ، فَخَرَجَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُصْلِحُ بَيْنَهمْ فِي أُنَاسٍ مَعَه، فَحُبِسَ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَحَانَتِ الصَّلاَةُ، فَجَاءَ بِلالٌ إِلَى أَبي بَكْرٍ رضي اللَّه عنهما فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَدْ حُبِسَ، وَحَانَتِ الصَّلاةُ، فَهَلْ لكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاس؟ قَالَ: نَعَمْ إِنْ شِئْتَ، فَأَقَامَ بِلالٌ الصَّلاةَ، وَتقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَبَّرَ وكبَّرَ النَّاسُ، وَجَاءَ رَسُول اللَّه يمْشِي في الصُّفوفِ حتَّى قامَ في الصَّفِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ فِي التَّصْفِيقِ، وكَانَ أَبُو بَكْر رضي اللَّه عنه لا يَلْتَفِتُ فِي صلاتِهِ، فَلَمَّا أَكَثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ الْتَفَتَ، فَإِذَا رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَأَشَار إِلَيْهِ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَرَفَعَ أَبْو بَكْر رضي اللَّه عنه يدَهُ فَحمِد اللَّه، وَرَجَعَ القَهْقَرَى وَراءَهُ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، فَتَقدَّمَ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَصَلَّى للنَّاسِ، فَلَمَّا فرغَ أَقْبلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: ” أَيُّهَا النَّاسُ مالَكُمْ حِين نَابَكُمْ شَيْءٌ في الصَّلاَةِ أَخذْتمْ فِي التَّصْفِيقِ؟، إِنَّما التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ. منْ نَابُهُ شيءٌ فِي صلاتِهِ فَلْيَقلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ؟ فَإِنَّهُ لاَ يَسْمعُهُ أَحدٌ حِينَ يَقُولُ: سُبْحانَ اللَّهِ، إِلاَّ الْتَفَتَ.
يَا أَبَا بَكْرٍ: مَا منعَك أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ حِينَ أَشرْتُ إِلَيْكَ؟ “فَقَالَ أَبُو بكْر: مَا كَانَ ينبَغِي لابْنِ أَبي قُحافَةَ أَنْ يُصلِّيَ بِالنَّاسِ بَيْنَ يَدَيْ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم. متفقٌ عَلَيهِ.
معنى”حُبِس”: أَمْسكُوهُ لِيُضيِّفُوه.
قوله (أَن رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بلَغهُ أَنَّ بَني عَمْرِو بن عوْفٍ كَانَ بيْنهُمْ شَرٌّ) بني عمرو بن عوف كانوا من أهل قباء، جاء في رواية عند البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا، حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ: ” اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ “.
قوله (وحانت الصلاة) فحانت الصلاة أي صلاة العصر كما جاء في الرواية الأخرى. (فتح الباري)
وصلاة أبي بكر كان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أخرج أحمد وأبو داود وابن حبان من رواية حماد المذكورة فبين الفاعل وأن ذلك كان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه ” فقال لبلال إن حضرت العصر ولم آتك فمر أبا بكر فليصل بالناس، فلما حضرت العصر أذن بلال ثم أقام ثم أمر أبا بكر فتقدم ” ونحوه للطبراني من رواية موسى بن محمد عن أبي حازم، وعرف بهذا أن المؤذن بلال. وأما قوله لأبي بكر ” أتصلي للناس ” فلا يخالف ما ذكر لأنه يحمل على أنه استفهمه هل يبادر أول الوقت أو ينتظر قليلا ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم؟ ورجح عند أبي بكر المبادرة لأنها فضيلة متحققة فلا تترك لفضيلة متوهمة. (انظر: فتح الباري) فيه مراعاة مصلحة الناس
قوله: (قال نعم إن شئت) قال ابن حجر:” وإنما فوض ذلك له لاحتمال أن يكون عنده زيادة علم من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ” (فتح الباري 7/ 208)
قال أيضا:” وبهذا يجاب عن الفرق بين المقامين حيث امتنع أبو بكر هنا أن يستمر إماما وحيث استمر في مرض موته صلى الله عليه وسلم حين صلى خلفه الركعة الثانية من الصبح كما صرح به موسى بن عقبة في المغازي، فكأنه لما أن مضى معظم الصلاة حسن الاستمرار ولما أن لم يمض منها إلا اليسير لم يستمر. وكذا وقع لعبد الرحمن بن عوف حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه الركعة الثانية من الصبح فإنه استمر في صلاته إماما لهذا المعنى، وقصة عبد الرحمن عند مسلم من حديث المغيرة بن شعبة. (فتح الباري)
قوله فيه: (فأخذ الناس في التصفيق). . وفي رواية البخاري ” في التصفيح”، قال سهل: أتدرون ما التصفيح؟ هو التصفيق “. انتهى. وهذا يدل على ترادفهما عنده فلا يلتفت إلى ما يخالف ذلك (فتح الباري)
قال القرطبي:” قوله عليه الصلاة والسلام إنما التصفيق للنساء، ويروى التصفيح، وهما بمعنى واحد. قاله أبو علي البغدادي، وهو أن يضرب بأصبعين من اليد اليمنى في باطن الكف اليسرى وهو صفحها، وصفح كل شيء جانبه. وصفحتا السيف: جانباه. وقيل: التصفيح الضرب بظاهر إحداهما على الأخرى. والتصفيق: الضرب بباطن إحداهما على باطن الأخرى. وقيل: التصفيح بأصبعين للتنبيه، وبالقاف: بالجميع للهو واللعب. واختلف في حكمه في الصلاة؛ فقيل: لا يجوز أن يفعله في الصلاة لا الرجال ولا النساء، وإنما هو التسبيح للجميع لقوله عليه الصلاة والسلام: من نابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه. وهذا مشهور مذهب مالك وأصحابه. وتأوّلوا أن قوله عليه الصلاة والسلام إنما التصفيق للنساء أن ذلك ذمّ للتصفيق، ومعناه أنه من شأن النساء لا الرجال. وقيل: هو جائز للنساء دون الرجال تمسُّكًا بظاهر الحديث، ولحديث أبي هريرة. وهو مذهب الشافعي والأوزاعي، وحُكي عن مالك أيضًا. وعللوا اختصاص النساء بالتصفيق لأن أصواتهن عورة، ولذلك منعن من الأذان ومن الجهر بالإقامة والقراءة، وهو معنى مناسب شهد الشرع له بالاعتبار. وهذا القول الثاني هو الصحيح نظرًا وخبرًا. (المفهم)
وبوب البخاري: بَابُ التَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ
فإنه صلى الله عليه وسلم وإن كان أنكره عليهم لكنه لم يأمرهم بإعادة الصلاة، وحركة اليد بالتصفيق كحركتها بالإشارة، وأخذه من جهة الالتفات والإصغاء إلى كلام الغير، لأنه في معنى الإشارة (فتح الباري)
قوله: (وكان أبو بكر لا يلتفت) قيل كان ذلك لعلمه بالنهي عن ذلك، وقد صح أنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة (فتح الباري) وروى أبوداود عن أبي ذَرٍّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَا يَزَالُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ “.
وقوله: (ورجع القهقرى) فيه أن من رجع في صلاته لشيء يكون رجوعه إلى وراء، ولا يستدبر القبلة، ولا يتحرفها. (شرح النووي)
قال النووي:”
1 – فيه فضل الإصلاح بين الناس ومشي الإمام وغيره في ذلك.
2 – وأن الإمام إذا تأخر عن الصلاة تقدم غيره إذا لم يخف فتنة وإنكارا من الإمام.
3 – وفيه أن المقدم نيابة عن الإمام يكون أفضل القوم وأصلحهم لذلك الأمر وأقومهم به،
4 – وفيه أن المؤذن وغيره يعرض التقدم على الفاضل، وأن الفاضل يوافقه
5 – وفي أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة؛ لقوله: ” صفق الناس ”
6 – وفيه جواز الالتفات في الصلاة للحاجة.
7 – استحباب حمد الله تعالى لمن تجددت له نعمة ورفع اليدين بالدعاء وفعل ذلك الحمد، والدعاء عقب النعمة وإن كان في صلاة.
8 – وفيه جواز مشي الخطوة والخطوتين في الصلاة، وفيه أن (هذا) القدر لا يكره إذا كان لحاجة.
9 – وفيه جواز استخلاف المصلي بالقوم من يتم الصلاة لهم، وهذا هو الصحيح في مذهبنا
10 – وفيه أن التابع إذا أمره المتبوع بشيء وفهم منه إكرامه بذلك الشيء لا تحتم الفعل فله أن يتركه ولا يكون هذا مخالفة للأمر، بل يكون أدبا وتواضعا وتحذقا في فهم المقاصد.
11 – وفيه ملازمة الأدب مع الكبار.
12 – وفيه أن السنة لمن نابه شيء في صلاته كإعلام من يستأذن عليه وتنبيه الإمام وغير ذلك أن يسبح إن كان رجلا فيقول: سبحان الله، وأن تصفق – وهو التصفيح – إن كانت امرأة فتضرب بطن كفها الأيمن على ظهر كفها الأيسر، ولا تضرب بطن كف على بطن كف على وجه اللعب واللهو، فإن فعلت هكذا على جهة اللعب بطلت صلاتها؛ لمنافاته الصلاة.
13 – وفيه فضائل كثيرة لأبي بكر رضي الله عنه، وتقديم الجماعة له، واتفاقهم على فضله عليهم ورجحانه.
14 – وفيه تقديم الصلاة في أول وقتها،
15 – وفيه أن الإقامة لا تصح إلا عند إرادة الدخول في الصلاة؛ لقوله: ” أتصلي فأقيم؟ “،
16 – وفيه أن المؤذن هو الذي يقيم الصلاة، فهذا هو السنة، ولو أقام غيره كان خلاف السنة، ولكن يعتد بإقامته عندنا وعند جمهور العلماء،
17 – وفي جواز خرق الإمام الصفوف ليصل إلى موضعه إذا احتاج إلى خرقها لخروجه لطهارة أو رعاف أو نحوهما ورجوعه، وكذا من احتاج إلى الخروج من المأمومين لعذر، وكذا له خرقها في الدخول إذا رأى قدامهم فرجة فإنهم مقصرون بتركها. واستدل به أصحابنا على جواز اقتداء المصلي بمن يحرم بالصلاة بعده؛ فإن الصديق رضي الله عنه أحرم بالصلاة أولا ثم اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم حين أحرم بعده، هذا هو الصحيح في مذهبنا. ” (شرح النووي)
ذكر ابن حجر الفوائد التي ذكرها النووي وزاد:”
18 – فيه توجه الإمام بنفسه إلى بعض رعيته لذلك، وتقديم مثل ذلك على مصلحة الإمامة بنفسه. واستنبط منه توجه الحاكم لسماع دعوى بعض الخصوم إذا رجح ذلك على استحضارهم.
19 – وفيه جواز الصلاة الواحدة بإمامين أحدهما بعد الآخر، وأن الإمام الراتب إذا غاب يستخلف غيره.
20 – وفيه جواز إحرام المأموم قبل الإمام، وأن المرء قد يكون في بعض صلاته إماما وفي بعضها مأموما، وأن من أحرم منفردا ثم أقيمت الصلاة جاز له الدخول مع الجماعة من غير قطع لصلاته … وهو مأخوذ من لازم جواز إحرام الإمام بعد المأموم.
21 – وفيه أن الإقامة واستدعاء الإمام من وظيفة المؤذن، وأنه لا يقيم إلا بإذن الإمام، وأن فعل الصلاة – لا سيما العصر – في أول الوقت مقدم على انتظار الإمام الأفضل.
22 – وفيه جواز الالتفات للحاجة في الصلاة وأن مخاطبة المصلي بالإشارة أولى من مخاطبته بالعبارة. وأنها تقوم مقام النطق لمعاتبة النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر على مخالفة إشارته.
23 – فيه الحمد والشكر على الوجاهة في الدين وأن من أكرم بكرامة يتخير بين القبول والترك إذا فهم أن ذلك الأمر على غير جهة اللزوم وكأن القرينة التي بينت لأبي بكر ذلك هي كونه صلى الله عليه وسلم شق الصفوف إلى أن انتهى إليه فكأنه فهم من ذلك أن مراده أن يؤم الناس، وأن أمره إياه بالاستمرار في الإمامة من باب الإكرام له والتنويه بقدره، فسلك هو طريق الأدب والتواضع. ورجح ذلك عنده احتمال نزول الوحي في حال الصلاة لتغيير حكم من أحكامها، وكأنه لأجل هذا لم يتعقب صلى الله عليه وسلم اعتذاره برد عليه.
24 – وفيه سؤال الرئيس عن سبب مخالفة أمره قبل الزجر عن ذلك.
25 – وفيه إكرام الكبير بمخاطبته بالكنية، واعتماد ذكر الرجل لنفسه بما يشعر بالتواضع من جهة استعمال أبي بكر خطاب الغيبة مكان الحضور. إذ كان حد الكلام أن يقول أبو بكر: ما كان لي، فعدل عنه إلى قوله: ما كان لابن أبي قحافة، لأنه أدل على التواضع من الأول،
26 – وفيه جواز العمل القليل في الصلاة لتأخر أبي بكر عن مقامه إلى الصف الذي يليه، وأن من احتاج إلى مثل ذلك يرجع القهقرى ولا يستدبر القبلة ولا ينحرف عنها. واستنبط ابن عبد البر منه جواز الفتح على الإمام، لأن التسبيح إذا جاز جازت التلاوة من باب الأولى، والله أعلم. (فتح الباري)
قال ابن باز:” فيه من الفوائد شرعية الإصلاح بين الناس وهذا هو المقصود، يشرع الإصلاح بين الناس، وأن يتولى هذا الكبار والرؤساء والأعيان؛ لأنهم هم الذين يؤثرون على الناس ويقبل الناس إصلاحهم ويتأثرون بهم ” (شرح رياض الصالحين 1/ 514)