255 جامع الأجوبة الفقهية ص 294
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
حديث رقم 104
_______
مسألة: هل يجب على الصبي أو الصبية إذا أولج أو أُولِج فيه الغسل؟
للفقهاء في هذه المسألة قولين:
الأول: لا يجب الغسل وهو مذهب الحنفية، والمالكية وقول في مذهب الحنابلة.
الثاني: أنه يجب الغسل وهذا مذهب الشافعية والحنابلة. إلا أن الحنابلة اشترطوا أن يكون مِثْلُه يجامع وإن لم يبلغ، وبعضهم يشترط كون الذكر ابن عشر سنين والأنثى بنت تسع سنين، وهذا تفسير للشرط.
– انظر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (1/ 16)، مواهب الجليل (1/ 309)، الإنصاف (1/ 234)، روضة الطالبين (1/ 81)، المغني (1/ 132)
– وحجة أصحاب القول الأول، من قال بعدم الوجوب:
أن الصغير غير مكلف، ولا تجب عليها الصلاة التي تجب الطهارة لها، وأن الأصل في وجوب الغسل هو الإنزال، وليس من أهله، وإنما أقيم التقاء الختانين مقام الإنزال؛ لأنه سبب فيه، ولأنه لا يطلق عليه جنب ما دام لم يبلغ السن الذي يستطيع فيه الإنزال.
– حجة أصحاب القول الثاني القائلين بالوجوب:
قالوا: وإذا قلنا بوجوب الغسل، فلا يعني ذلك: أنه يأثم بتركه، وإنما هو شرط لصحة الصلاة ونحوها مما تشترط لفعله الطهارة.
وللقياس على البول، فكما أن الصغير إذا بال لم تصح صلاته حتى يتوضأ، ولا يقال: يجب عليه الغسل، كما لا يقال: يجب عليه الوضوء، بل يقال: صار محدثاً، ويجب على الولي أن يأمره بالغسل إن كان مميزاً، كما يأمره بالوضوء.
واستدل الإمام أحمد بفعل عائشة، وقد تزوجت النبي – صلى الله عليه وسلم -، وهي بنت تسع سنين.
– قال الحطاب في مواهب الجليل (1/ 309): الصور العقلية أربع: الأولى: أن يكونا بالغين، فلا إشكال في وجوب الغسل.
الثاني: عكسه، أن يكونا غير بالغين، ولا فرق بين الصغير والمراهق على المشهور. قال ابن بشير: مقتضى المذهب أن لا غسل، وقد يؤمران فيه على وجه الندب.
الثالث: أن يكون الواطئ غير بالغ، فلا غسل إلا أن تنزل.
الرابع: أن تكون الموطوءة غير بالغة، وهي ممن تؤمر بالصلاة، قال ابن شاس: لا غسل عليها؛ لأنها إنما أمرت بالوضوء ليسره، بخلاف الغسل، كما أمرت بالصلاة دون الصوم. وقال أشهب: عليها الغسل. قال ابن الحاجب: تؤمر الصغيرة على الأصح. الخ كلامه رحمه الله.
– قال النووي في روضة الطالبين (1/ 81): ” ويصير الصبي والمجنون المولجان أو المولج فيهما جنبين بلا خلاف، فإن اغتسل الصبي وهو مميز صح غسله، ولا يجب إعادته إذا بلغ. الخ كلامه رحمه الله تعالى.
وانظر المجموع (2/ 132)
– قال ابن قدامة في المغني (1/ 151)
فإن كان الواطئ أو الموطوء صغيرا، فقال أحمد يجب عليهما الغسل. وقال: إذا أتى على الصبية تسع سنين، ومثلها يوطأ، وجب عليها الغسل. وسئل عن الغلام يجامع مثله ولم يبلغ، فجامع المرأة، يكون عليهما جميعا الغسل؟ قال: نعم. قيل له: أنزل أو لم ينزل؟ قال: نعم. وقال: ترى عائشة … – لم تكن تغتسل، ويروى عنها: ” إذا التقى الختانان وجب الغسل “.
وحمل القاضي كلام أحمد على الاستحباب. وهو قول أصحاب الرأي وأبي ثور؛ لأن الصغيرة لا يتعلق بها المأثم، ولا هي من أهل التكليف. ولا تجب عليها الصلاة التي تجب الطهارة لها، فأشبهت الحائض. ولا يصح حمل كلام أحمد على الاستحباب؛ لتصريحه بالوجوب، وذمه قول أصحاب الرأي وقوله: هو قول سوء. واحتج بفعل عائشة وروايتها للحديث العام في الصغير والكبير؛ ولأنها أجابت بفعلها وفعل النبي – صلى الله عليه وسلم – بقولها: فعلته أنا ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاغتسلنا.
فكيف تكون خارجة منه، وليس معنى وجوب الغسل في الصغير التأثيم بتركه، بل معناه أنه شرط لصحة الصلاة، والطواف، وإباحة قراءة القرآن، واللبث في المسجد، وإنما يأثم البالغ بتأخيره في موضع يتأخر الواجب بتركه، ولذلك لو أخره في غير وقت الصلاة، لم يأثم، والصبي لا صلاة عليه، فلم يأثم بالتأخير، وبقي في حقه شرطا، كما في حق الكبير، وإذا بلغ كان حكم الحدث في حقه باقيا، كالحدث الأصغر، ينقض الطهارة في حق الكبير والصغير. انتهى
– جاء في مسائل الإمام أحمد رواية عبد الله (1/ 1030) قال: سألت أبي عن رجل وطئ امرأته، وهي صغيرة، يجب عليها الغسل؟ قال: نعم، إذا وصل إليها وجب الغسل، وإذا التقى الختانان وجب الغسل، الصغيرة والكبيرة “. انتهى
والله أعلم …