254 جامع الأجوبة الفقهية ص 294
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
حديث رقم 104
مسألة: هل يجب الغسل إذا جامع في الدبر، أو الميتة، أو البهيمة، ولم ينزل؟
وهذه الأمور وإن كانت محرمة لكن يعرضها الفقهاء لمعرفة الحكم الشرعي
______
اختلف العلماء في من جامع في الدبر أو الميتة أو البهيمة ولم ينزل هل يجب عليه الغسل أم لا يجب، على قولين:
الأول: أنه يجب الغسل وهذا مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.
القول الثاني: انه لا يجب لمن أولج في البهيمة والميتة، وإلى هذا ذهب الحنفية
القول الثالث: لا يجب الغسل من الإيلاج في الدبر، وهذا اختيار ابن حزم.
– انظر: بدائع الصنائع (1/ 37)، البحر الرائق (1/ 61)، البناية (1/ 273)، الخرشي (1/ 164)، الفواكه الدواني (1/ 117)، المهذب (1/ 29)، المجموع (2/ 150)، الوسيط (1/ 339)، الإنصاف (1/ 235 – 236)، مطالب أولي النهى (1/ 164)، المحلى (1/ 274).
– دليل الجمهور على ايجاب الغسل:
استدلوا بأن النصوص التي توجب الغسل بالتقاء الختانين مطلقة، ولم تقيد ذلك بكون المرأة حية أو ميتة، فالأخذ بالمطلق والعام أسعد من تقييد النص المطلق، أو تخصيص العام بعلة مستنبطة، لا ندري هل هي العلة أم غيرها؟ وكون المحل لا يشتهى عادة فهذا ليس كافياً في تقييد النص، فانظر إلى المرأة العجوز المتناهية في القبح العمياء البرصاء المقطعة الأطراف لو جومعت، وهي لا تشتهى عادة، وجب الغسل بالتقاء الختانين، فانتقضت العلة.
قالوا: إن الإيلاج في الدبر سبب لنزول المني عادة، مثل الإيلاج في السبيل المعتاد، والسبب يقوم مقام المسبب خصوصاً في موضع الاحتياط.
– دليل من قال: لا يجب الغسل في فرج الميتة والبهيمة
قالوا بأن الميتة لا تشتهى عادة، وأن الإيلاج في حشفة الميتة لا لذة فيها، أو أن اللذة فيها ناقصة غير كاملة وبالتالي لا يجب الغسل.
وبالنسبة للبهيمة قالوا: لا يجب الغسل إلا بدليل شرعي، ولا يوجد دليل يوجب الغسل من الإيلاج في فرج البهيمة، ولا يصح القياس على فرج المرأة لوجود الفارق؛ وذلك لأن الشهوة في فرج البهيمة ليست كالشهوة في فرج المرأة، وهو ما يعبر عنه بعض الفقهاء بقصور الشهوة في البهيمة.
– قال الدسوقي في حاشيته (1/ 129) وفي قول شاذ لمالك، أن التغييب في الدبر لا يوجب غسلاً حيث لا إنزال “.
– وقال في مواهب الجليل (1/ 308): وحكى ابن رشد رواية عن مالك لا غسل في الوطء في الدبر. اهـ
– وقال النووي في المجموع (2/ 149): أما إيلاج الحشفة فيوجب الغسل بلا خلاف عندنا, والمراد بإيلاجها إدخالها بكمالها في فرج حيوان آدمي أو غيره, قبله أو دبره, ذكر أو أنثى, حي أو ميت, صغير أو كبير, فيجب الغسل في كل ذلك, والله أعلم.
وقال النووي أيضا: قد ذكرنا أن مذهبنا أن الإيلاج في فرج المرأة ودبرها ودبر الرجل ودبر البهيمة وفرجها يوجب الغسل، وإن لم ينزل، وبهذا قال جمهور العلماء من الصحابة والتابعين. انتهى شرح المهذب
وقال ابن قدامة في المغني: ويجب الغسل على كل واطاء وموطوء إذا كان من أهل الغسل، سواء كان الفرج قبلا أو دبرا من كل آدمي أو بهيمة، حيا أو ميتا، طائعا أو مكرها، نائما أو يقظان. انتهى.
– قال ابن حزم في المحلى ت: أحمد شاكر (2/ 27): [مَسْألَةٌ الغُسْلِ مِن مُوارَةِ الكافِرِ]
(187) – مَسْألَةٌ:
ولا يُوجِبُ الغُسْلَ شَيْءٌ غَيْرُ ما ذَكَرْنا أصْلًا لِأنَّهُ لَمْ يَاتِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ أثَرٌ يَصِحُّ ألْبَتَّةَ، وقَدْ جاءَ أثَرٌ فِي الغُسْلِ مِن مُوارَةِ الكافِرِ، فِيهِ ناجِيَةُ بْنُ كَعْبٍ وهُوَ مَجْهُولٌ، والشَّرائِعُ لا تُؤْخَذُ إلّا مِن كَلامِ اللَّهِ أوْ مِن كَلامِ رَسُولِهِ – ? -.
ومِمَّنْ لا يَرى الغُسْلَ مِن الإيلاجِ فِي حَياءِ البَهِيمَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ إنْزالُ أبِي حَنِيفَةَ والشّافِعِيِّ.
وقالَ مالِكٌ فِي الوَطْءِ فِي الدُّبُرِ: لا غُسْلَ فِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ إنْزالٌ، فَمَن قاسَ ذَلِكَ عَلى الوَطْءِ فِي الفَرْجِ قِيلَ لَهُ: بَلْ هُوَ مَعْصِيَةٌ، فَقِياسُها عَلى سائِرِ المَعاصِي مِن القَتْلِ وتَرْكِ الصَّلاةِ أوْلى، ولا غُسْلَ فِي شَيْءٍ مِن ذَلِكَ بِإجْماعٍ، فَكَيْفَ والقِياسُ كُلُّهُ باطِلٌ. انتهى
– جاء في موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي (1/ 81):
جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن الإيلاج في فرج المرأة ودبرها ودبر الرجل ودبر البهيمة وفرجها الحيَّة والميتة بالنسبة للمرأة سواء.
أقول: كل ذلك موجب للغسل وإن لم يصاحبه نزول منيٍ.
وقال داود: لا يجب الغسل بالإيلاج إلا إذا صاحبه نزول المنى. وحكى ذلك عن الأعمش. وبقول داود قال من الصحابة عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب وأبَي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهم، ثمَّ منهم من رجع عنه إلى قول الجمهور، ومنهم من لم يرجع.
وقال أبو حنيفة -رحمه الله- تعالى: لا يجب الغسل بالإيلاج في البهيمة ولا في المرأة الميتة. انتهى
– جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (31/ 199)
واختلف الفقهاء في تحديد الفرج الذي يجب الغسل بتغييب الحشفة فيه، فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه يجب الغسل بتغييب الحشفة في مطلق الفرج، سواء كان لإنسان أو حيوان، قبل أو دبر، ذكر أو أنثى، حي أو ميت.
لكن المالكية شرطوا إطاقة ذي الفرج سواء كان آدميا أو غيره، فإن لم يطق فلا غسل على ذي الحشفة المغيب ما لم ينزل.
ووافق الحنفية الجمهور في ذلك، إلا أنهم استثنوا فرج البهيمة والميتة، والصغيرة غير المشتهاة، والعذراء إن لم يزل عذرتها إذا لم يحصل إنزال، وذلك لقصور الشهوة في البهيمة والميتة والصغيرة غير المشتهاة التي أقيمت مقام الإنزال في وجوب الغسل عند الإيلاج. انتهى
– قال الشيخ ابن عثيمين في تعليقاته على الكافي لابن قدامة (1/ 175):
قرر بعض العلماء أنه لا غسل عليه في الإيلاج في بهيمة وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إذا جلس بين شعبها الأربع) والفاعل بالبهيمة لم يجلس بين شعبها الأربع ولأنه قال إذا التقى الختانان والبهيمة ليس لها ختان وكونه يتلذذ ككون الرجل يتلذذ إذا جامع بين فخذيه وهذا الذي يميل إليه شيخنا عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله وهو الصواب. انتهى
وفي الفتاوى الهندية (1) / (15):
(السَّبَبُ الثّانِي الإيلاجُ) الإيلاجُ فِي أحَدِ السَّبِيلَيْنِ إذا تَوارَتْ الحَشَفَةُ يُوجِبُ الغُسْلُ عَلى الفاعِلِ والمَفْعُولِ بِهِ أنْزَلَ أوْ لَمْ يُنْزِلْ وهَذا هُوَ المَذْهَبُ لِعُلَمائِنا. كَذا فِي المُحِيطِ وهُوَ الصَّحِيحُ. كَذا فِي فَتاوى قاضِي خانْ ولَوْ كانَ مَقْطُوعَ الحَشَفَةِ يَجِبُ الغُسْلُ بِإيلاجِ مِقْدارِها مِن الذَّكَرِ. كَذا فِي السِّراجِ الوَهّاجِ.
والإيلاجُ فِي البَهِيمَةِ والمَيْتَةِ والصَّغِيرَةِ الَّتِي لا يُجامَعُ مِثْلُها لا يُوجِبُ الغُسْلَ بِدُونِ الإنْزالِ. هَكَذا فِي المُحِيطِ والصَّحِيحُ أنَّهُ إذا أمْكَنَ الإيلاجُ فِي مَحِلِّ الجِماعِ مِن الصَّغِيرَةِ ولَمْ يَفُضَّها فَهِيَ مِمَّنْ يُجامَعُ. كَذا فِي السِّراجِ الوَهّاجِ.
(9) / (3) / (2022) (9): (38) م – سيف بن دورة الكعبي: 2729 فتح ذي النعم بالبدر الأتم شرح صحيح مسلم
شارك محمد البلوشي، وطارق أبو تيسير وعبدالملك وعبدالله المشجري وأحمد بن علي وعبدالحميد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
(20) – بابُ: اسْتِحْبابِ الدُّعاءِ عِنْدَ صِياحِ الدِّيكِ
(82) – ((2729)) حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا لَيْثٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبِيَّ ? قالَ: «إذا سَمِعْتُمْ صِياحَ الدِّيَكَةِ، فاسْألُوا اللهَ مِن فَضْلِهِ، فَإنَّها رَأتْ مَلَكًا، وإذا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الحِمارِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ، فَإنَّها رَأتْ شَيْطانًا».
==========
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته:
(عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ) – رضي الله عنه -، قال في «الفتح»: هذا الحديث مما اتّفق الأئمة الخمسة أصحاب الأصول على إخراجه عن شيخ واحد، وهو قتيبة بهذا الإسناد.
(أن النَّبي – ? – قالَ: «إذا سَمِعْتُمْ صِياحَ الديَكَةِ) – بكسر الدال المهملة، وفتح التحتانية-: جمع دِيكٍ، وهو ذَكَر الدَّجاج، انتهى [» عمدة القاري” (15) / (192)].
وقال في الفتح: وللديك خصيصة ليست لغيره، من معرفة الوقت الليليّ، فإنه يُقَسّط أصواته فيها تقسيطًا لا يكاد يتفاوت، ويوالي صياحه قبل الفجر وبعده، لا يكاد يخطئ، سواء أطال الليل أم قصر، ومن ثَمّ أفتى بعض الشافعية باعتماد الديك المجرَّب في الوقت، ويؤيّده الحديث الذي سيأتي عن زيد بن خالد – رضي الله عنه -[» الفتح «(7) / (588)،» كتاب بدء الخلق «رقم ((3303))].
(فاسْلُوا اللهَ مِن فَضْلِهِ، فَإنَّها رَأتْ مَلَكًا) – بفتح اللام، قال عياض: كأن السبب فيه رجاء تأمين الملائكة على دعائه، واستغفارهم له، وشهادتهم له بالإخلاص، ويؤخذ منه استحباب الدعاء عند حضور الصالحين تبركًا بهم، وأخرج أبو داود، وأحمد، وصححه ابن حبان، من حديث زيد بن خالد – رضي الله عنه – رفعه:» لا تسبّوا الديك، فإنه يدعو إلى الصلاة «، وعند البزار من هذا الوجه سبب قوله – ? – ذلك، وأن ديكًا صرخ، فلعنه رجل، فقال ذلك.
قال الحليميّ -رحمه الله-: معناه: أن العادة جرت بأنه يصرُخ عند طلوع الفجر، وعند الزَّوال فَطَرةً فطره الله عليها. انتهى [» الفتح” (7) / (588)].
حديث زيد بن خالد هو في الصحيح المسند 365 و هو أيضا في صحيح الترغيب
2797 (صحيح) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة قال المنذري:
رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال فإنه يدعو للصلاة ورواه النسائي مسندا ومرسلا. انتهى
رجح الدارقطني المرسل، بينما رجح أبوحاتم وأبونعيم وصله
ويشهد له حديث ابن مسعود وهو في صحيح الترغيب 2798 وحديث ابن عباس وهو في صحيح الترغيب 2799
(وإذا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الحِمارِ)؛ أي: صوته المنكَر، (فَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ، فَإنَّها رَأتْ شَيْطانًا»)؛ يعني: أنه إنما أمر بالتعوذ عنده؛ لحضور الشيطان، فيُخاف من شره فيتعوذ منه، وزاد النسائيّ، والحاكم، من حديث جابر – رضي الله عنه -: «ونُباح الكلاب».
وروى الطبرانيّ من حديث أبي رافع – رضي الله عنه – رفعه: «لا ينهق الحمار حتى يرى شيطانًا، أو يتمثل له شيطان، فإذا كان ذلك، فاذكروا الله، وصلّوا عليّ»،
قال عياض: وفائدة الأمر بالتعوذ لِما يُخشى من شرّ الشيطان، وشرّ وسوسته، فيلجأ إلى الله تعالى في دفع ذلك، والله تعالى أعلم.
وحديث أبي هريرة – رضي الله عنه -، هذا متّفقٌ عليه.
تنبيه: حديث جابر وفيه (ونباح الكلاب) هو في
الصحيحة 3184، ذكره صاحب الصحيح المسند من أذكار اليوم والليلة، وذكر أن له شاهد، وهو حديث أبي هريرة الذي في الصحيحة 3183.
وذكر الألباني أن محمد بن إسحاق صرح بالتحديث عند أحمد من طريق يزيد بن زريع.
والحديث فيه زياده (فإنهن يرين ما لا ترون)
ثانيًا: فوائد الحديث:
(1) – (منها): استحباب السؤال من فضل الله – سبحانه وتعالى- والرغبة إليه عند سماع صياح الديكة.
(2) – (ومنها): استحباب التعوذ من شرّ الشيطان عند سماع نهيق الحمار.
(3) – (ومنها): ما قال الداوديّ –رحمه الله-: يُتعلم من الديك خمس خصال.
حُسن الصوت، والقيام في السَّحر، والغَيرة، والسخاء، وكثرة الجماع. انتهى.
(4) – (ومنها): ما قاله الحَلِيميّ – رحمه الله -: يؤخذ من الحديث أن كل من
استفيد منه الخير لا ينبغي أن يُسَبّ، ولا أن يستهان به، بل يُكرم، ويُحسن
إليه.
(5) – (ومنها): ما قيل: إن للديك خاصية ليست لغيره، من معرفة الوقت
الليليّ، فإنه يُقَسّط أصواته فيها تقسيطًا لا يكاد يخطئ، ويوالي صياحه قبل
الفجر وبعده، سواء طال الليل أو قصر.
(6) – (ومنها): أن فيه أن الله -تعالى- خلق للديكة إدراكًا تُدرك به النفوس
القدسية، كما خلق للكلاب والحمير إدراكًا تدرك به النفوس الشريرة الخبيثة،
ونزول الرحمة عند حضور الصالحين، والغضب عند حضور أهل المعاصي.
وقال القرطبيّ – رحمه الله -: هذا الحديث يدلّ على أن الله تعالى خلق للديكة
إدراكًا تُدرك به الملائكة، كما خلق للحمير إدراكًا تُدرك به الشياطين، ويفيد أن
كل نوع من الملائكة، والشياطين موجودان، وهذا معلوم من الشرع قطعًا،
والمنكر لشيء منهما كافر، وكأنه إنما أمر النَّبيّ – ? – بالدعاء عند صراخ الديكة
لتؤمّن الملائكة على ذلك الدعاء، فتتوافق الدعوتان، فيستجاب للداعي، والله
أعلم، وإنما أمر بالتعوّذ من الشيطان عند نهيق الحمير؛ لأن الشيطان لمّا حضر
يُخاف من شرّه، فينبغي أن يُتعوّذ منه. انتهى [«المفهم» (7) / (57) – (58)].
(7) – (ومنها): إثبات وجود الملائكة، والشياطين، وأنهم يحضرون مجالس بني آدم كلٌّ بما تخصّص به من الرحمة، والغضب.
(8) – (ومنها): ما قاله الطيبيّ -رحمه الله-: لعل السرّ في الأمر بسؤال الفضل من الله تعالى عند صياح الديكة، والاستعاذة من شرّ الشيطان عند سماع نهيق الحمار أن الديك أقرب الحيوان صوتًا إلى الذاكرين الله؛ لأنها تحفظ غالبًا أوقات الصلوات، وأنكر الأصوات صوت الحمير، فهو أقربها صوتًا إلى من هو أبعد من رحمة الله -سبحانه وتعالى-؛ [«فيض القدير» (1) / (380)]، والله تعالى أعلم. [البحر المحيط الثجاج].
(9) – والحديث يدل على النهي عن التضجر من الأمور التي تُعِين المسلم على طاعة ربه، وإن كانت تمنع من لذة من أمور الدنيا (كالنوم)، وعلى هذا كل من استفيد منه خير، لا ينبغي أن يسب، ولا يستهان به، بل حقه أن يكرم ويشكر ويتلقى بالإحسان؛ (انظر مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: 7/ 726).
(10) – الحكم مقيد بالليل لورود رواية تقيدة
وذكر الألباني الحديث في الصحيحة 3183:
(إذا سمعتُم صياحَ الدِّيكة [بالليلِ]؛فاسألوا الله من فضلهِ، [وارغبُوا إِليه]؛ فإنّها رأت ملَكاً، وإذا سمعتُم نهيقَ الحمارِ [بالليلِ]؛ فتعوَّذُوا باللهِ من الشيطانِ؛ فإنهُ رأى شيطاناً).
أخرجه البخاري (3303) ومسلم (8/ 85) وأبو داود (5105) والترمذي (3455)،والنسائي في “السنن الكبرى” (6/ 427/11391) و”عمل اليوم والليلة ” (رقم 944)، وابن أبي شيبة (10/ 420/9854) كلهم من طريق قتيبة بن سعيد:
ثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن
النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: … فذكره. وقال الترمذي:
“حديث حسن صحيح “.
قلت: وتابع قتيبة: سعيدُ بن أبي مريم عند البغوي في “شرح السنة” ….
وبين أن لفظ (الليل) عند أحمد، وصححها محققو المسند
وجعلناه بالزيادات على شرط الذيل على الصحيح المسند.
قال الالباني رحمه الله تعالى
تفريغ شريط
مسألة: سؤال الله من فضله عند سماع الديك واستعاذ بالله من سماع نهيق الحمار هل يكون الدعاء عند كل سماع لهما.
أجيب نفسي بنفسي هذا ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)) وبعد أن صحح رواية (الليل) قال: الآن أخذت جوابه لأنه الحديث الروايات الأكثر هو التي رواها الثقات بزيادة بالليل
قال ابن باز رحمه الله تعالى
في اجابة عن سؤال
هل يستجاب الدعاء عند صياح الديك؟
اجاب رحمه الله
شرع لنا عند صياح الديك أن نسأل الله من فضله، قال النبي ?: إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكًا وعند نهيق الحمر ونباح الكلاب: يتعوذ الإنسان بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانًا، فهذا مأمور به.
وهذا الأمر يرجى أن تجاب فيه الدعوة، لكن ما أعلم فيه صريح أنها تجاب الدعوة، لكن أمر النبي ? بهذا يؤخذ منه أنه حري بالإجابة في هذا؛ لأنه امتثل أمر الرسول ?، فإذا قال: اللهم اغفر لي، أو اللهم أعطني من فضلك، أو اللهم أدخلني الجنة عند سماع صوت الديكة، فيرجى له خير؛ لأنه امتثل أمر الرسول ? لأن الرسول ? قال: إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمر -وفي اللفظ الآخر: ونباح الكلاب- فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانًا نعم.
(11) – قال النووي:
(فَصْلٌ)
يُسْتَحَبُّ إذا سمع صياح الديك أن يدعوا وإذا سَمِعَ نَهِيقَ الحِمارِ ونُباحَ الكَلْبِ أنْ يَسْتَعِيذَ بِاَللَّهِ مِن الشَّيْطانِ وإذا رَأى الحَرِيقَ أنْ يُكَبِّرَ وإذا أرادَ القِيامَ مِن المَجْلِسِ أنْ يَقُولَ قَبْلَ قِيامِهِ سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا أنْتَ أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إلَيْكَ وأنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ وجُلَسائِهِ ويُكْرَهُ مُفارَقَةُ المَجْلِسِ مِن غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعالى وإذا غَضِبَ اسْتَعاذَ مِن الشَّيْطانِ وتَوَضَّأ وإذا أحَبَّ رَجُلًا لِلَّهِ أعْلَمَهُ بِذَلِكَ وسَألَهُ عَنْ اسْمِهِ ونَسَبِهِ ولْيَقُلْ المَحْبُوبُ أحَبَّكَ الَّذِي أحْبَبْتنِي لَهُ …. المجموع للنووي 4/ 654 وذكر أشياء لم نذكرها لضعفها مثل ما يقول إذا طنت أذنه وغيرها من الضعاف
(12) – قال ابن تيمية:
وعِنْدَ المُتَفَلْسِفَةِ أنَّ جِبْرِيلَ إنّما هُوَ خَيالٌ فِي نَفْسِ النَّبِيِّ لَيْسَ هُوَ مَلَكًا يَاتِي مِن السَّماءِ والنَّبِيُّ عِنْدَهُمْ يَاخُذُ مِن هَذا الخَيالِ وأمّا خاتَمُ الأوْلِياءِ فِي زَعْمِهِمْ فَإنَّهُ يَاخُذُ مِن العَقْلِ المُجَرَّدِ الَّذِي يَاخُذُ مِنهُ الخَيالُ؛ فَهُوَ يَاخُذُ مِن المَعْدِنِ الَّذِي يَاخُذُ مِنهُ المَلَكُ الَّذِي يُوحِي بِهِ إلى الرَّسُولِ. وهُمْ يُعَظِّمُونَ فِرْعَوْنَ. ويَقُولُونَ ما قالَهُ صاحِبُ «الفُصُوصِ» قالَ: ولَمّا كانَ فِرْعَوْنُ فِي مَنصِبِ التَّحَكُّمِ صاحِبِ الوَقْتِ وأنَّهُ جارٍ فِي العُرْفِ الناموسي؛ لِذَلِكَ قالَ: {أنا رَبُّكُمُ الأعْلى} أيْ وإنْ كانَ الكُلُّ أرْبابًا بِنِسْبَةِ ما فَأنا الأعْلى مِنهُمْ بِما أُعْطِيته فِي الظّاهِرِ مِن الحُكْمِ فِيكُمْ قالَ: ولَمّا عَلِمَتْ السَّحَرَةُ صِدْقَ فِرْعَوْنَ فِيما قالَهُ لَمْ يُنْكِرُوهُ وأقَرُّوا لَهُ بِذَلِكَ. وقالُوا لَهُ: {فاقْضِ ما أنْتَ قاضٍ إنّما تَقْضِي هَذِهِ الحَياةَ الدُّنْيا} قالَ: فَصَحَّ قَوْلُ فِرْعَوْنَ {أنا رَبُّكُمُ الأعْلى} وإنْ كانَ فِرْعَوْنُ عَيْنَ الحَقِّ. وحَدَّثَنِي الثِّقَةُ الَّذِي كانَ مِنهُمْ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُمْ أنَّ أبْغَضَ النّاسِ إلَيْهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ?. قالَ: وإذا نَهَقَ الحِمارُ ونَبَحَ الكَلْبُ سَجَدُوا لَهُ وقالُوا هَذا هُوَ اللَّهُ فَإنَّهُ مَظْهَرٌ مِن المَظاهِرِ. قالَ: فَقُلْت لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أيْضًا مَظْهَرٌ مِن المَظاهِرِ فاجْعَلُوهُ كَسائِرِ المَظاهِرِ وأنْتُمْ تُعَظِّمُونَ المَظاهِرَ كُلَّها أوْ اُسْكُتُوا عَنْهُ قالَ فَقالُوا لِي: مُحَمَّدٌ نُبْغِضُهُ فَإنَّهُ أظْهَرَ الفَرْقَ ودَعا إلَيْهِ وعاقَبَ مَن لَمْ يَقُلْ بِهِ. مجموع الفتاوى 13/ 189