253 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———-‘———–‘———
مسند أحمد:
18510 – حدثنا عفان، حدثنا شعبة، أخبرني سليمان بن عبد الرحمن، قال: سمعت عبيد بن فيروز، مولى بني شيبان أنه سأل البراء عن الأضاحي، ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كره فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:، أو قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدي أقصر من يده فقال: ” أربع لا تجزئ: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والكسير التي لا تنقي “. قال: قلت: فإني أكره أن يكون في القرن نقص أو قال: في الأذن نقص، أو في السن نقص، قال: «ما كرهت، فدعه، ولا تحرمه على أحد»
قلت سيف:
اختلف فيه البخاري وابن المديني
هل سمع سليمان بن عبد الرحمن من عبيد بن فيروز أم بينهما القاسم بن عبدالرحمن
ذهب لعدم السماع ابن المديني وذهب البخاري إلى الاتصال والشيخ مقبل ذكر الحديث في أحاديث معلة ولم يرجح
فالحديث على شرط المتمم للذيل وليس على شرط الذيل لأن الذي وصله شعبه، وخالفه الليث.
وشعبه متابع راجع تحقيقنا لسنن أبي داود 2799 وعلل ابن أبي حاتم 1607و1604
———
[عيوب الأضحية]
وكان مِن هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اختيارُ الأُضحيةِ، واستحسانُها، وسلامُتها مِن العُيوب، والذي يتقرب الى الله عليه أن يختار من افضل اضحيته.
قوله: (العوراء) بالمد تأنيث الأعور البين عورها بفتحتين ذهاب بصر إحدى العينين، أي: العوراء يكون عورها ظاهرا بينا وفيه أن العور إذا كان خفيفا لا يظهر، وإنما يتوهمه فلا حاجة إلى أن تعرفه بجد وتكلف (ظلعها) المشهور على ألسنة أهل الحديث فتح الظاء واللام وضبط أهل اللغة بفتح الظاء وسكون اللام وهو العرج. قلت: كأن أهل الحديث راعوا مشاكلة العور والمرض قوله: (والكسيرة) فسر بالمنكسر، أي: الرجل التي لا تقدر على المشي فعيل بمعنى مفعول، وفي رواية الترمذي بدلها العجفاء وهي المهزولة وهذه الرواية أظهر معنى (لا تنقي) من أنقى إذا صار ذا نقي، أي: ذا مخ فالمعنى التي ما بقي لها مخ من غاية العجف. ” حاشية السندي على سنن ابن ماجه” (2/ 277).
قال الصنعاني: والحديث دليل على أن هذه الأربعة العيوب مانعة من صحة التضحية وسكت عن غيرها من العيوب، فذهب أهل الظاهر إلى أنه لا عيب غير هذه الأربعة، وذهب الجمهور إلى أنه يقاس عليها غيرها مما كان أشد منها أو مساويا لها كالعمياء ومقطوعة الساق. ” سبل السلام ” (2/ 535).
قوله: (ما كرهت فدعه ولا تحرمه على أحد) معناه: أنه إذا كان هناك نقص لا يصل إلى حد المنع، وأن الإنسان أراد أن يحصل الأكمل والأفضل ويترك هذا الذي فيه شيء من النقص، فليحصل الأفضل ولا يمنع غيره، وذلك مثل أن تكون عوراء ليس عورها بيناً، فإنها تكون مجزئة، فمن أراد تجنبها فليفعل ولا يحرمها على غيره. شرح سنن ابي داود للعلامة العباد.
قال ابن عبدالبر: وفي هذا الحديث دليل على أن المرض الخفيف يجوز في الضحايا والعرج الخفيف الذي تلحق به الشاة في الغنم لقوله صلى الله عليه وسلم ((البين مرضها والبين ظلعها)) وكذلك النقطة في العين إذا كانت يسيرة لقوله (العوراء البين عورها) وكذلك المهزولة التي ليست بغاية في الهزال لقوله (والعجفاء التي لا تنقي) يريد بذلك التي لا شيء فيها من الشحم والنقي الشحم. ” الإستذكار” (5/ 215).
(ومنها): أنه يدلّ قول البراء رضي الله تعالى عنه: “فما كرهت فدعه” إلى أنه لا ينبغي للشخص أن يتقرب فِي الأضاحي بما هو معيب عنده، وإن لم يرد النصّ بكونه عيبًا؛ لأن التقرّب لابدّ أن يكون بما يراه المتقرّب طيّبًا؛ لقوله تعالى: {ولا تيمّمُوا الخبِيث مِنْهُ تُنفِقُون ولستُم بِآخِذِيهِ إِلّا أن تُغمِضُوا فِيهِ} الآية [البقرة: 267]. (ومنها): أنه يدلّ قول البراء رضي الله تعالى عنه أيضًا: “ولا تُحرّمه عَلَى أحد” أنه لا يحرُم منْ أنواع الأضحيّة التي بها عيبٌ، إلا ما نصّ الشارع بالنهي عن التضحية به، فكلّ لم يصحّ به النهي لا يمنع منْ التضحية به، وإن كَانَ فيه عيبٌ، وان كَانَ الأولى أن لا يُضحّي به. ولا خلاف بين أهل العلم -قاله ابن قُدامة رحمه الله تعالى- فِي أن الأربعة المذكورة فِي حديث البراء رضي الله تعالى عنه تمنع الإجزاء منْ التضحية بها. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والماب.
“إن أريد إلا الإصلاح، ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب”. ” شرح المجتبى ” (33/ 294) للعلامة الأثيوبي.
الشروط المتعلقة بالأضحية
الأضحية في الأصل عن الرجل وأهل بيته سواءٌ صغاراً كانوا أم كباراً ذكوراً كانوا أم إناثاً، فينبغي لقيم البيت أن يضحي عنه وعن أهل بيته، ولكن لا تقبل الأضحية ولا تكون أضحية شرعية إلا بشروطٍ ثلاثة:
الشرط الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر والغنم، فلو ضحى بغيرها ولو كان أغلى منها فإنها لا تكون أضحية، لو ضحى الإنسان بفرس لم تقبل منه على أنها أضحية، لأنها ليست من بهيمة الأنعام، ولو ضحى بنعامة لم تقبل منه على أنها أضحية؛ لأن الأضحية لا بد أن تكون من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر والغنم.
ط
الشرط الثاني: أن تكون بالغةً للسن المحدد شرعاً وهي في الإبل: خمس سنوات، وفي البقر: سنتان، وفي الماعز: سنة، وفي الضأن: نصف سنة، ودليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة -أي: ثنية- إلا إن تعسَّر عليكم فتذبحوا جذعةً من الضأن).
الشرط الثالث: أن تكون سليمةً من العيوب المانعة من الإجزاء، لأن هناك عيوباً تمنع من إجزاء البهيمة ولو كانت من بهيمة الأنعام، وقد بينها النبي عليه الصلاة والسلام حيث قيل له: (يا رسول الله! ماذا يتقى من الضحايا؟ قال: أربعٌ لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء -أي: الهزيلة- التي لا تنقي) أي: التي لا مخ فيها هذه أربع لا تجزئ في الأضاحي.
قوله: المريضة: ليست كل مريضة لا تجزئ لا بد أن يكون مرضها بيناً، كأن يظهر عليها أعراض المرض من الحمى وعدم الأكل وما أشبه ذلك، ومن المرض: الجرب، فالجرباء لا تجزئ؛ لأن الجرب مفسدٌ للحم، فإذا كان في البهيمة مرض لكنه ليس ببين ولنفرض أنه بعد أن ذبحناها وجدنا فيها “طالوعاً” “والطالوع” عبارة عن غدة فاسدة تكون في داخل اللحم وقد تكون خارج اللحم، فالتي داخل اللحم لا يعلم عنها، فإذا ذبحها الإنسان على أنها أضحية فإنها تجزئ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المريضة البين مرضها).
العرجاء لا بد أن يكون ضلعها بيناً، فأما إذا كانت تهمز همزاً يسيراً ولكنها تمشي مع البهائم فإنها تجزئ.
والثالثة: العوراء البين عورها، والعوراء إذا لم يكن عورها بيناً فهي مجزئة كما لو كانت لا تبصر بعينها ولكن من رآها يظن أنها تبصر فهذه تجزئ، لكن إذا كان عورها بيناً بأن تكون عينها انخسفت أو نتأت وبرزت فإنها لا تجزئ.
والرابعة: الهزيلة التي ليس فيها مخ لا تجزئ، طيب إذا كانت أذنها مقطوعة وليس فيها مرض فهل تجزئ؟ نعم تجزئ، لأنها لا تدخل في الأربع.
إذا كان قرنها مكسوراً ولكن ليس فيها مرض فإنها تجزئ.
إذا كان ذيلها مقطوعاً ولكن ليس فيها مرض تجزئ إلا في الضأن فإن العلماء قالوا: إن الضأن التي قطعت إليتها لا تجزئ لأن الإلية كبيرة مقصودة بخلاف ذيل البقرة وذيل البعير وذيل المعز فإن ذلك لا يضر، لكن اعلموا أنه كلما كانت الأضحية أكمل فهي أفضل بلا شك، قال الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92].
أيضاً شرط رابع لا يتعلق بالأضحية نفسها: وهو أن تكون في الوقت المحدد شرعاً.
الشروط التي سبقت ثلاثة: أن تكون من بهيمة الأنعام.
الثاني: أن تبلغ السن المعتبر شرعاً.
الثالث: أن تكون سليمةً من العيوب المانعة من الإجزاء.
الرابع: أن تكون في الوقت، أي: في وقت الأضحية، فمن ذبح قبل وقت الأضحية فلا أضحية له، ومن ذبح بعد انتهاء المدة فلا أضحية له، وما هي المدة؟ المدة: من صلاة العيد إلى غروب شمس يوم الثالث عشر، أي: أربعة أيام، من ذبح قبل الصلاة فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (شاته شاة لحم) ومن ذبح بعد غروب شمس يوم الثالث عشر فشاته شاة لحم، إلا أن تهرب الأضحية وتضيع ثم يجدها بعد أن يفوت الوقت فهنا يذبحها قضاءً، إذا كان عينها قال: هذه الأضحية ثم هربت وضاعت، فبحث عنها ولم يجدها إلا في اليوم الرابع عشر نقول: اذبحها، لأن تأخيره هنا بعذر كما لو أخر الصلاة عن وقتها لعذر فإنه يقضيها، هذا الكلام على الأضحية.
فإن قال قائل: إذا كان الإنسان ليس عنده مال هل يسن أن يستقرض ليضحي؟ أو يشتري شاة بدين ليضحي؟ نقول: إذا كان واثقاً من نفسه أنه سوف يوفي بحيث يكون موظفاً وجاء وقت الأضحية وليس عنده مال، لكنه يعرف أنه في آخر الشهر سيستلم الراتب فهنا لا بأس أن يستقرض أو يشتري شاة بثمن مؤجل ويضحي، وأما إذا كان ليس كذلك فلا يستدين؛ لأنه إذا استدان شغل ذمته بما لم يكلفه الله به. ” اللقاء الشهري للعلامة ابن عثيمين “