252 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————–
مسند أحمد:
14029 – حدثنا عفان، حدثنا حماد، أخبرنا ثابت، عن أنس، ” أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فأعطاه غنما بين جبلين، فأتى قومه، فقال: أي قوم أسلموا، فوالله إن محمدا ليعطي عطاء ما يخاف الفاقة، وإن كان الرجل ليجيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يمسي حتى يكون دينه أحب إليه – أو أعز عليه – من الدنيا بما فيها ”
قلت سيف:
(فما يمسي) وفي مسلم 2312 (فما يسلم) لو اعتبرناها على الشرط جيد. لأنه توضح الرواية التي في مسلم فيصبح معناها ما يبقى طويلا في الإسلام حتى يصبح الإسلام أحب إليه من أهله وماله.
———–‘———-‘———-
كان النبي عليه الصلاة والسلام لا يرد سائلا، و كان يعطي عطاء لا يخشى الفقر، و قد ذكر الله في كتابه ممن تعطى لهم الزكاة [المؤلفة قلوبهم] وهذا يفيد أن هناك صنف من الناس تعطى لهم اموال لضعف في إيمانهم، و الله أعلم.
من فوائد الحديث:
[سخاء النبي عليه الصلاة والسلام]
قال النووي على شرح مسلم: (فأعطاه غنما بين جبلين) أي كثيرة كأنها تملأ ما بين جبلين وفي هذا مع ما بعده اعطاء المؤلفة ولا خلاف في إعطاء مؤلفة المسلمين لكن هل يعطون من الزكاة فيه خلاف الأصح عندنا أنهم يعطون من الزكاة ومن بيت المال.
والثاني: لا يعطون من الزكاة بل من بيت المال خاصة وأما مؤلفة الكفار فلا يعطون من الزكاة وفي إعطائهم من غيرها خلاف الأصح عندنا لا يعطون لأن الله تعالى قد أعز الإسلام عن التألف بخلاف أول الأمر ووقت قلة المسلمين.
قوله (فقال أنس إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها) هكذا هو في معظم النسخ فما يسلم وفي بعضها فما يمسي وكلاهما صحيح ومعنى الأول فما يلبث بعد إسلامه إلا يسيرا حتى يكون الإسلام أحب إليه.
قال القاضى: وذكر مسلم فى باب جود النبى صلى الله عليه وسلم وكرمه وتأليفه على الإسلام بالعطاء.
قال ابن هبيرة في الإفصاح (5/ 336):
وفي قوله: (لا يخشى الفاقة) وجهان:
أحدهما: لا يخشى الفاقة معطيه.
والثاني: لا يخشى الفاقة معطاه بعده، أي أنه يغني السائل إلى آخره عمره ويكون قوله: (يخشى)، عائدًا إلى العطاء في الوجهين، والمعنى أن (211/ ب) العطاء لكثرته لا يخشى الفاقة؛ فإن خشى معطاه فذلك لبخل نفسه وإلا فالعطاء فوق الكفاية.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ويؤخذ من هذا الحديث وأمثاله: أنه لا ينبغي لنا أن نبتعد عن أهل الكفر وعن أهل الفسوق، وأن ندعهم للشياطين تلعب بهم؛ بل نؤلفهم، ونجذبهم إلينا بالمال واللين وحسن الخلق حتى يألفوا الإسلام، فها هو الرسول صلى الله عليه الصلاة والسلام يعطي الكفار، يعطيهم حتى من الفيء.
بل إن الله جعل لهم حظاً من الزكاة، نعطيهم لنؤلفهم على الإسلام، حتى يدخلوا في دين الله، والإنسان قد يسلم للدنيا، ولكن إذا ذاق طعم الإسلام رغب فيه، فصار أحب شيء إليه.
قال بعض أهل العلم: طلبنا العلم لغير الله؛ فأبى أن يكون إلا لله، فالأعمال الصالحة لابد أن تربي صاحبها على الإخلاص لله عز وجل، والمتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام.
وإذا كان هذا دأب الإسلام فيمن يُعطى على الإسلام ويُولف؛ فإنه ينبغي لنا أن ننظر إلى هذا نظرة جدية، فنعطي من كان كافراً إذا وجدنا فيه قرباً من الإسلام، ونهاديه ونحسن له الخلق، فإذا اهتدى فلئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم.
وهكذا أيضاً الفساق هادهم، أنصحهم باللين، وبالتي هي أحسن، ولا تقل: أنا أبغضهم لله، ابغضهم لله وادعهم إلى الله، بغضك إياهم لله لا يمنعك أن تدعوهم إلى الله؛ بل ادعهم إلى الله عز وجل وإن كنت تكرههم فلعلهم يوماً من الأيام يكونون من أحبابك في الله. ” شرح رياض الصالحين” (3/ 406 – 407).