252 جامع الأجوبة الفقهية ص 291
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام حديث رقم 103
مسألة: إذا أتى الرجل امرأته في طرف فرجها، ولم يولج شيئاً من ذكره، فدب ماؤه إلى فرجها، فهل عليها الغسل؟
إذا جامع الزوج دون الفرج ثم دب ماؤه فدخل في فرج المرأة، ثم خرج منها فهل يوجب ذلك غسلاً، اختلف العلماء في هذا على عدة أقوال:
القول الأول: لا غسل عليه إلا أن يظهر عليها الحبل من هذا الماء، وهو مذهب الحنفية، واختاره بعض المالكية.
القول الثاني: لا غسل عليها مطلقاً، واختار هذا القول بعض المالكية، وهو مذهب الشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة، واختاره ابن حزم رحمه الله تعالى.
القول الثالث: عليها الغسل بشرط أن يحصل منها لذة بذلك، وهو قول في مذهب المالكية.
القول الرابع: عليها الغسل بشرط أن يخرج من الفرج بعد دخوله، وهو قول في مذهب الحنفية، وهو وجه في مذهب الشافعية، ووجه في مذهب الحنابلة، اختاره ابن عقيل، وهو مروي عن عطاء والزهري وقتادة.
– انظر: تبيين الحقائق (1/ 16)، منح الجليل (1/ 122)، الخرشي (1/ 165)، الفواكه الدواني (1/ 116)، المجموع (2/ 173)، الإنصاف (1/ 232)، المستوعب (1/ 225)، المحلى (1/ 254).
– حجة القول الاول:
أن الحبل منها دليل على أنها قد حصل منها إنزال؛ لأن الولد يخلق من مائهما.
ويجاب عن هذا:
بأن هذا الاعتقاد بأن الجنين يخلق من ماء المرأة والرجل، والطب قد حسم هذه المسألة، وثبت له أن الولد إنما يخلق من ماء الرجل وبويضة المرأة، وليس لماء المرأة أي دور في تخلق الجنين بإذن الله تعالى، فإذا صادف جماع الرجل نزول البويضة حبلت، سواء أنزلت أم لم تنزل، وإذا لم يصادف ذلك نزول البويضة لم تحبل، ولو أنزلت، وهذا الأمر أصبح من الحقائق الطبية.
– دليل القول الثاني: لا غسل عليها مطلقاً:
بأن الغسل إنما يجب بخروج مائها، أو بإيلاج الذكر، ولم يحصل منها إنزال ولم يحدث إيلاج، فلم يجب الغسل، وخروج هذا الماء الأجنبي منها شأنه شأن خروج ماء الاستنجاء ونحوه، وآخر ما يمكن أن يلحق به هو البول، لا غير.
– دليل القول الثالث: وجب الغسل باشتراط اللذة.
قالوا: إن اللذة قد يحصل منها إنزال في الغالب، وهي لا تدري، فأقيمت اللذة مقام تحقق نزول المني، لكون اللذة هي سبب الإنزال.
وهذا القول ضعيف، ولا يوجد دليل من السنة أن اللذة من موجبات الغسل، وقد تحصل اللذة ولا يحصل الإنزال، وقد علق الرسول صلى الله عليه وسلم وجوب الغسل برؤية الماء، فقال لأم سليم حين سألته هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت، فقال: نعم، إذا رأت الماء.
– دليل القول الرابع: بأنه يجب عليها الغسل بشرط أن يخرج من الفرج بعد دخوله.
لعله نظر إلى أن موجب الحدث هو خروج المني من فرج المرأة، والمقصود مطلق المني، سواء كان منها أو من غيرها.
وهذا التعليل أيضاً ضعيف جداً؛ لأن مرور الماء من المخرج ليس هو الموجب، للغسل، ولذلك لم يوجب الغسل خروج دم الاستحاضة، مع أنه دم خارج من المرأة نفسها، وإنما الموجب خروج الماء على صفة مخصوصة توجب فتور البدن وانكسار الشهوة، فلو خرج ماؤها على غير هذه الصفة لم يوجب الغسل كما بينا حتى يكون خروجه على وجه اللذة، فكيف بخروج ماء غيرها.
– قال القرافي في الذخيرة (1/ 293): ” إذا جامع دون الفرج، فأنزل، ووصل ماؤه إلى فرجها، فإن أنزلت يجب الغسل، وإن لم تنزل، ولم تلتذ لم يجب، وإن التذت، ولم يظهر منها إنزال فقولان: الوجوب؛ لأن التذاذها قد يحصل به الإنزال، وهو الغالب، وهو مقتضى قول مالك رحمة الله عليه في الكتاب لقوله: لا يجب عليها إلا أن تكون قد التذت، وعدم الوجوب رواية لابن القاسم عن مالك”. انتهى.
– وجاء في تهذيب المدونة (1/ 73): فإذا جامعها دون الفرج فوصل من مائه إلى داخل فرجها فلا غسل عليها إلا أن تنزل هي. انتهى
– قال النووي في المجموع (2/ 172): ” حكى القفال والمتولي والبغوي وغيرهم من الخرسانيين وجهاً شاذاً أنه يلزمها الغسل، وهو قول الشيخ أبي زيد المروزي “. ثم قال النووي: وهو غلط، وإن كثر قائلوه أو ناقلوه. الخ كلامه رحمه الله تعالى.
– قال ابن قدامة في المغني (1/ 149): إذا وطئ امرأته دون الفرج، فدب ماؤه إلى فرجها ثم خرج، أو وطئها في الفرج، فاغتسلت، ثم خرج ماء الرجل من فرجها، فلا غسل عليها. وبهذا قال قتادة والأوزاعي وإسحاق. وقال الحسن: تغتسل؛ لأنه مني خرج فأشبه ماءها. والأول أولى؛ لأنه ليس منيها، فأشبه غير المني. انتهى
– وقال صاحب الإنصاف (1/ 232): ولو وطئ دون الفرج ودب ماؤه فدخل الفرج ثم خرج. فلا غسل عليها أيضا على الصحيح من المذهب، وتقدم ذلك. وحكي عن ابن عقيل: أن عليها الغسل، وهو وجه حكاه في الرعايتين وغيره. وأطلقهما فيها وفيما إذا دخل فرجها من مني امرأة بسحاق، ثم قال: والنص عدمه في ذلك كله. قال الزركشي، وهو المنصوص المقطوع به وتقدم الوضوء من ذلك في أول الباب الذي قبله. انتهى
والله أعلم …