251 و 252 عبق الياسمين شرح رياض الصالحين
سلطان الحمادي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
30 – باب الشفاعة
قَالَ الله تَعَالَى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} [النساء: 85].
(شفع) الشين والفاء والعين أصل صحيح يدل على مقارنة الشيئين. من ذلك الشفع خلاف الوتر. تقول: كان فردا فشفعته. قال الله جل ثناؤه: {والشفع والوتر} [الفجر: 3] (مقاييس اللغة)
قال القرطبي:” فهي على التحقيق إظهار لمنزلة الشفيع عند المشفع وإيصال المنفعة إلى المشفوع له.” (تفسير القرطبي)
قال ابن القيم:” قال الله تعالى: {من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها} وكل من أعان غيره على أمر بقوله أو فعله فقد صار شفيعا له والشفاعة للمشفوع له هذا أصلها فإن الشافع يشفع صاحب الحاجة فيصير له شفعا في قضائها لعجزه عن الاستقلال بها فدخل في حكم هذه الآية كل متعاونين على خير أو شر بقول أو عمل ونظيرها قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} … وتأمل قوله تعالى في الشفاعة الحسنة {يكن له نصيب منها} وفي السيئة {يكن له كفل منها} فإن لفظ الكفل يشعر بالحمل والثقل ولفظ النصيب يشعر بالحظ الذي ينصب طالبه في تحصيله وإن كان كل منهما يستعمل في الأمرين عند الانفراد ولكن لما قرن بينهما حسن اختصاص حظ الخير بالنصيب وحظ الشر بالكفل” (روضة المحبين)
قال ابن حجر:” الأجر على الشفاعة ليس على العموم بل مخصوص بما تجوز فيه الشفاعة وهي الشفاعة الحسنة وضابطها ما أذن فيه الشرع دون ما لم يأذن فيه كما دلت عليه الآية” (فتح الباري)
قال ابن علان:” ({من يشفع شفاعة حسنة}) بأن يجلب بها لمسلم نفعاً أو دفع عنه سوءاً ابتغاء لوجه الله تعالى، ومن ذلك الدعاء للمؤمن بظهر الغيب، ومن ثم ورد عنه صلى الله عليه وسلم: «من دعا لأخيه بظهر الغيب استجيب له. وقال الملك: آمين، ولك مثل ذلك» (يكن له نصيب منها) هو ثواب الشفاعة والتسبب إلى الخير .. (دليل الفالحين)
قال السعدي:” المراد بالشفاعة هنا: المعاونة على أمر من الأمور، فمن شفع غيره وقام معه على أمر من أمور الخير -ومنه الشفاعة للمظلومين لمن ظلمهم- كان له نصيب من شفاعته بحسب سعيه وعمله ونفعه، ولا ينقص من أجر الأصيل والمباشر شيء، ومَنْ عاون غيره على أمر من الشر كان عليه كفل من الإثم بحسب ما قام به وعاون عليه. ففي هذا الحث العظيم على التعاون على البر والتقوى، والزجر العظيم عن التعاون على الإثم والعدوان” (تفسير السعدي)
قال فيصل آل مبارك:” الشفاعة الجائزة: هي السؤال بقضاء حاجة أو عفو عن زلة.” (تطريز رياض الصالحين)
قال ابن عثيمين:” قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ: باب الشفاعة، والشفاعة: هي التوسط للغير؛ لجلب منفعة أو دفع مضرة. مثال الأول: أن تتوسط لشخص عند آخر في أن يساعده في أمر من الأمور ومثال الثاني: أن تشفع لشخص عند آخر في أن يسامحه ويعفو عن مظلمته، حتى يندفع عنه الضرر.
ومثال ذلك في أيام الآخرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع في أهل الموقف ليُقضى بينهم، حين يصيبهم من الكرب والغم ما لا يطيقون، فهذه شفاعة في دفع مضرة.
ومثالها في جلب منفعة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة. والمراد بالشفاعة في كلام المؤلف: الشفاعة في الدنيا؛ وهي أن يشفع الإنسان لشخص عند آخر؛ يتوسط له بجلب المنفعة له أو دفع المضرة عنه.
والشفاعة أقسام:
القسم الأول: شفاعة محرمة لا تجوز، وهي أن يشفع لشخص وجب عليه الحدّ بعد أن يصل إلى الإمام، فإن هذه الشفاعة محرمة لا تجوز؛ مثال ذلك: رجل وجب عليه حدّ في قطع يده في السرقة، فلما وصلت إلى الإمام أو نائب الإمام؛ أراد إنسان أن يشفع لهذا السارق ألا تقطع يده، فهذا حرام أنكره النبي عليه الصلاة والسلام إنكاراً عظيماً.
وذلك حينما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تقطع يد المرأة المخزومية، امرأة من بني مخزوم من أشراف قبائل العرب، كانت تستعير الشيء ثم تجحده، أي تستعيره لتنتفع به ثم تنكر بعد ذلك أنها استعارت شيئاً، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها؛ فاهتمت لذلك قريش، قالوا: امرأة من بني مخزوم وتقطع يدها؟ هذا عار كبير، من يشفع لنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأوا أن أقرب الناس لذلك أسامة بن زيد بن الحارثة.
فذهب أسامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشفع لهذه المرأة ألا تقطع يدها، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ((أتشفع في حد من حدود الله؟)) قال ذلك إنكاراً عليه، ثم قام فخطب الناس وقال: ((أيها الناس؛ إنما أهلك من كان قبلكم؛ أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله ـ يعني أقسم بالله ـ لو أن فاطمة بنت محمد سرقت؛ لقطعت يدها)).
وهذه المرأة المخزومية دون فاطمة شرفاً ونسباً، ومع ذلك فإنه صلى الله عليه وسلم قال: (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت؛ لقطعت يدها)) لسدّ باب الشفاعة والوساطة في الحدود إذا بلغت الإمام.
وقال عليه الصلاة والسلام: ((من حالت شفاعته دون حد من حدود الله؛ فقد ضادِّ الله في أمره)).وقال صلى اله عليه وسلم: ((إذا بلغت الحدود السلطان؛ فلعن الله الشافع والمشفع)).
ولما سرق رداء صفوان بن أمية وكان قد توسده في المسجد، فجاء رجل فسرقه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يد السارق ـ انظر ماذا سرق؟ سرق رداء، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يده ـ فقال: يا رسول الله؛ أنا لا أريد ردائي، يعني أنه رحم هذا السارق وشفع فيه ألا تقطع يده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هلاّ كان ذلك قبل أن تأتيني به)). يعني لو عفوت عنه قبل أن تأتيني به، لكان ذلك لك، لكن إذا بلغت الحدود السلطان؛ فلابد من تنفيذها، وتحرم فيها الشفاعة.
القسم الثاني: أن يشفع في شيء محرم، مثل أن يشفع لإنسان معتدٍ على أخيه، أعرف مثلاً أن هذا الرجل يريد أن يخطب امرأة مخطوبة من قبل، والمرأة المخطوبة لا يحل لأحد خطبتها، فذهب رجل ثان إلى شخص وقال: يا فلان أحب أن تشفع لي عند والد هذه المرأة يزوجنيها، وهو يعلم أنها مخطوبة، فهنا لا يحل له أن يشفع؛ لأن هذه شفاعة في محرم. والشفاعة في المحرم تعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: 2].
القسم الثالث: الشفاعة في شيء مباح فهذه لا بأس بها، ويكون للإنسان فيها أجر، مثل أن يأتي شخص لآخر فيسوم منه بيتاً ويقول له هذا الثمن قليل، فيذهب السائم إلى شخص ثالث، ويقول: يا فلان اشفع لي عند صاحب البيت لعله يبيعه عليّ، فيذهب ويشفع له، فهذا جائز؛ بل هو مأجور على ذلك، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه صاحب حاجة يلتفت إلى أصحابه ويقول: ((اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء)) أو ((ما أحب)). فهنا يأمر عليه الصلاة والسلام أصحابه بأن يشفعوا لصاحب الحاجة.
ومثل ذلك أيضاً لو وجب لك حق على شخص، ورأيت أنك إذا تنازلت عنه هكذا ربما استخفّ بك في المستقبل وانتهك حرمتك، فهنا لا حرج أن تقول مثلاً لبعض الناس: اشفعوا له عندي؛ حتى تظهر أنت بمظهر القوي ولا تجبن أمامه ويحصل المقصود.
فالحاصل أن الشفاعة في غير أمر محرم من الإحسان إلى الغير كما قال تعالى (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا) [النساء: 85]. (شرح رياض الصالحين)
ولا يجوز أخذ الأجر على الشفاعة فعنْ أَبِي أمامَة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: “مَنْ شَفَع شفَاعَةً لأَحدٍ فأُهْديَ له هَديَّةٌ عليها فَقَبلَها؛ فقد أتى باباً عظيماً مِنْ أبوابِ الربا ” (صحيح الترغيب) قال في فتح الودود: وذلك لأن الشفاعة الحسنة مندوب إليها، وقد تكون واجبة، فأخذ الهدية عليها يضيع أجرها كما أن الربا يضيع الحلال والله تعالى أعلم. (عون المعبود)
——–
251 – وعن أَبي موسى الأَشعري رضي اللَّه عنه قَالَ: كَانَ النَّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذَا أَتَاهُ طالِبُ حاجةٍ أَقْبَلَ عَلَى جُلسائِهِ فَقَالَ: “اشْفَعُوا تُؤجَرُوا ويَقْضِي اللَّه عَلَى لِسان نَبِيِّهِ مَا أَحبَّ” مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وفي رواية:”مَا شَاءَ”.
(إِذَا أَتَاهُ طالِبُ حاجةٍ) دينية أو دنيوية (دليل الفالحين)
بوب عليه البخاري في الصحيح، باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضا.
قال ابن بطال: المعنى اشفعوا يحصل لكم الأجر مطلقا، سواء قضيت الحاجة أو لا. (فتح الباري)
قوله (ويَقْضِي اللَّه عَلَى لِسان نَبِيِّهِ مَا أَحبَّ) جاء في راوية ” وليقض ” ورواية أخرى: ” فليقض “، قال القرطبي: لا يصح أن تكون هذه اللام لام الأمر لأن الله لا يؤمر، ولا لام كي؛ لأنه ثبت في الرواية وليقض بغير ياء مد، ثم قال: يحتمل أن تكون بمعنى الدعاء؛ أي: اللهم اقض، أو الأمر هنا بمعنى الخبر. (انظر: فتح الباري)
قوله: ” ويقضي الله على لسان رسوله ما أحب ” أي يظهر الله على لسان رسوله بالوحي أو الإلهام ما قدره في علمه بأنه سيقع. (فتح الباري)
قال ابن باز:” العبد عليه الشفاعة والله هو الموفق سبحانه وتعالى، أما أنت تشفع أما كونه تقضى الحاجة أو ما تقضى هذا إلى الله سبحانه وتعالى، هو الذي يشرح الصدور هو الذي يعين على قضاء الحاجة إذا شاء وإنما أنت شافع” (شرح رياض الصالحين 1/ 501)
ففيه أن الشفاعة لا يلزم قبولها.
قال النووي:” في الأذكار: تستحب الشفاعة إلى ولاة الأمر، وغيرهم من ذي الحقوق، ما لم تكن في حد، أو في أمر لا يجوز تركه، كالشفاعة إلى ناظر طفل، أو مجنون، أو وقف في ترك بعض حق من في ولايته، فهذه شفاعة محرمة” الأذكار للنووي
قال أيضا:” فيه استحباب الشفاعة لأصحاب الحوائج المباحة، سواء كانت الشفاعة إلى سلطان ووال ونحوهما، أم إلى واحد من الناس، وسواء كانت الشفاعة إلى سلطان في كف ظلم، أو إسقاط تعزير، أو في تخليص عطاء المحتاج، أو نحو ذلك، وأما الشفاعة في الحدود فحرام، وكذا الشفاعة في تتميم باطل، أو إبطال حق، ونحو ذلك، فهي حرام” (شرح النووي)
قال ابن حجر:” وفي الحديث الحض على الخير بالفعل وبالتسبب إليه بكل وجه، والشفاعة إلى الكبير في كشف كربة ومعونة ضعيف، إذ ليس كل أحد يقدر على الوصول إلى الرئيس ولا التمكن منه ليلج عليه أو يوضح له مراده ليعرف حاله على وجهه، وإلا فقد كان صلى الله عليه وسلم لا يحتجب. قال عياض: ولا يستثنى من الوجوه التي تستحب الشفاعة فيها إلا الحدود، وإلا فما لأحد فيه تجوز الشفاعة فيه، ولا سيما ممن وقعت منه الهفوة، أو كان من أهل الستر والعفاف، قال: وأما المصرون على فسادهم، المشتهرون في باطلهم فلا يشفع فيهم ليزجروا عن ذلك. (فتح الباري)
فيه حث الإمام جلساءه على إعانته على الخير.
252 – وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما في قِصَّة برِيرَةَ وزَوْجِها. قَالَ: قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “لَوْ راجَعْتِهِ؟ “قَالتَ: يَا رَسُولَ اللَّه تامُرُنِي؟ قَالَ:”إِنَّما أَشفعُ” قَالَتْ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ. رواه البخاري.
قوله (قصة بريرة مع زوجها) أن بريرة كانت مملوكة عند جماعة من الأنصار باعوها مكاتبة، يعني: اشترت نفسها منهم بنقود مؤجلة أقساط، اشترت نفسها بثلاثمائة وستين درهما كل سنة أربعين تسع سنين أقساط، فأعتقتها عائشة، وبعد ما عتقت كان لها زوج مملوك اسمه مغيث، خيرها النبي صلى الله عليه وسلم بين البقاء وبين المفارقة، فاختارت أنها تفارقه وكان يحبها كثيرا وهي لا تحبه، فاحتج العلماء بهذا الحديث على أن المرأة المملوكة إذا عتقت تحت مملوك لها الخيار إن شاءت بقية معه وإن شاءت اختارت نفسها، فاختارت بريرة الفسخ لأنها صارت حرة لها التصرف وهو مملوك تحت تصرف غيره (انظر شرح رياض الصالحين لابن باز 1/ 501)
(لو راجعته) كذا في الأصول بمثناة واحدة ووقع في رواية ابن ماجه ” لو راجعتيه ” بإثبات تحتانية ساكنة بعد المثناة وهي لغة ضعيفة، وزاد ابن ماجه ” فإنه أبو ولدك ” وظاهره أنه كان له منها ولد. (فتح الباري) قال ابن علان:” لو للتمني أو للشرط والجواب محذوف أي لكان أحسن أو لك فيه ثواب. وفيه معنى الأمر فلذا (قالت يا رسول الله تأمرني؟) ” (شرح رياض الصالحين 1/ 433)
قوله: (تأمرني) زاد الإسماعيلي ” قال لا “، قال الخطابي: في قول بريرة أتأمرني بذلك يا رسول الله دليل على أن أصل أمره صلى الله عليه وسلم على الحتم والوجوب. (عون المعبود)
قوله: (قال: إنما أشفع) في رواية ابن ماجه: ” إنما أشفع ” أما في رواية البخاري ” إنما أنا أشفع” أي أقول ذلك على سبيل الشفاعة له لا على سبيل الحتم عليك. (فتح الباري)
قال ابن القيم:” هذه شفاعة من سيد الشفعاء لمحب إلى محبوبه وهي من أفضل الشفاعات وأعظمها أجرا عند الله فإنها تتضمن اجتماع محبوبين على ما يحبه الله ورسوله ولهذا كان أحب ما لإبليس وجنوده التفريق بين هذين المحبوبين” (روضة المحبين 377)
قال ابن باز:” هذا النبي صلى الله عليه وسلم شفع لامرأة عتيقة جارية ما قال: هذه امرأة لا قيمة لها ولا أشفع لها ما حقَّرها عليه الصلاة والسلام ولا حقّرها زوجها وهو يبكي عليها، فدل ذلك على أن الشفاعة مطلوبة من الكبير إلى الصغير ومن الصغير إلى الكبير وأنه ينبغي للمؤمن التواضع في قضاء حاجة إخوانه ” (شرح رياض الصالحين لابن باز 1/ 502)
فيه جواز الشفاعة قبل أن يسأل المشفوع له؛ لأنه لم يُنقل أن مغيثًا سأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن يشفع له، كذا قيل: لكن ورد فِي بعض طرق الْحَدِيث أن العبّاس -رضي الله عنه- هو الذي سأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي ذلك، فيحتمل أن يكون مغيث سأل العبّاس فِي ذلك، ويحتمل أن يكون العبّاس ابتدأ منْ قبل نفسه؛ شفقةً منه عَلَى مغيث. (ذخيرة العقبى)
قوله: (فلا حاجة لي فيه) أي فإذا لم تلزمني بذلك لا أختار العود إليه. (فتح الباري) قال الأتيوبي:” حسن أدب بريرة رضي الله تعالى عنها؛ حيث إنها لم تفصح بردّ الشفاعة، بل قالت: “لاحاجة لي فيه”. (ذخيرة العقبى)
فيه أنه لا لوم عَلَى الخصم فِي عدم قبوله الشفاعة، ولا غضب عليه، ولو عظم قدر الشافع. (ذخيرة العقبى)
قال فيصل آل مبارك:” في هذا الحديث: استحباب شفاعة الحاكم في الرفق بالخصم، وأنَّ الأَمَة إذا أُعتقت تحت عبد فلها الخيار، وأنَّ المرء إذا خُيِّر بين مباحين، فاختار ما ينفعه لم يُلَمْ، ولو أضرَّ ذلك برفيقه.” (التطريز)