250 جامع الأجوبة الفقهية ص 290
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام حديث رقم 103
مسألة: إذا اغتسل بعد خروج المني، وبعد اغتساله خرج مني آخر؟
من اغتسل بعد خروج المني، فخرج منه مني آخر بعد اغتساله، فالعلماء اختلفوا في الواجب عليه من غسل أو وضوء على أقوال:
الأول: يجب عليه غسل آخر، وهو مذهب الشافعي والليث وأحمد في رواية وابن حزم.
الثاني: يكفي الوضوء ولا يجب الغسل، وإلى هذا ذهب مالك والثوري وإسحاق وهو المشهور عن أحمد.
الثالث: القول بالتفصيل: يجب إذا خرج قبل البول أو النوم أو المشي الكثير، فإن خرج بعد البول أو النوم أو المشي الكثير لم يجب، وهو مذهب الحنفية.
– انظر: حاشية ابن عابدين (1/ 108)، وفتح القدير (1/ 43)، الخرشي على مختصر خليل (1/ 163)، وحاشية الدسوقي (1/ 127)، المجموع (2/ 139)، كشاف القناع (1/ 142).
– حجة القول الأول:
الدليل الأول:
عموم قوله – صلى الله عليه وسلم -: ” الماء من الماء ” فلم يفرق بين ماء وآخر.
وأجيب:
بأن مطلق قوله – صلى الله عليه وسلم – الماء من الماء غير مراد، بدليل أن الرجل لو أولج ذكره في قبل امرأة حتى التقى الختانان وجب عليهما الغسل، وإن لم يكن هناك ماء منهما، فالمراد من قوله – صلى الله عليه وسلم -: الماء من الماء، هو جواب على سؤال، وهو إذا احتلمت المرأة في المنام، فهل يجب عليها الغسل بمجرد الاحتلام، فقال – صلى الله عليه وسلم -: الماء من الماء. وكذلك قاله – صلى الله عليه وسلم – في أول الإسلام لمن جامع امرأته، ثم نزع قبل أن ينزل، وقد نسخ هذا الأمر بعد، وصار الغسل واجباً بالتقاء الختانين.
الدليل الثاني:
ولأن هذا ماء آدمي خرج من محله، فأوجب الغسل، كما لو خرج ابتداء.
ولأن ما أوجب الغسل في الأول أوجبه في الثانية بلا فرق.
وقد أجيب: بأن الغسل إنما يجب بخروجه دفقاً بلذة، كما سبق التدليل على ذلك، وهذا ما لم يوجد مع الماء الثاني.
– حجة القول الثاني:
منها: أن هذا مني واحد، يوجب غسلاً واحداً، كما لو خرج دفعة واحدة
ومنها: أنه خارج لغير شهوة، وإنما يجب الغسل بخروج المني لشهوة، وبه علل أحمد: قال: لأن الشهوة ماضية، وإنما هو حدث أرجو أن يجزيه الوضوء.
– حجة القول الثالث:
قالوا: إن خرج بعد البول، فإن هذا ماء جديد لا علاقة له بالماء الأول، وقد خرج بدون شهوة، فلا يجب به غسل، وإن خرج قبل البول فهو جزء من الماء السابق، وقد خرج مع الشهوة فيوجب غسلاً جديداً.
وقالوا يجب عليه الغسل إن خرج بعد البول: وذلك بعكس التعليل السابق، فقالوا: إن ما قبل البول هو من المني الأول، وكفاه الغسل الأول، وما بعد البول هو مني ثان، فلزمه غسل ثان.
– جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (31/ 197)
اختلف الفقهاء في إيجاب الغسل في حالة خروج المني بعد الاغتسال.
فذهب الحنفية إلى أنه إذا اغتسل ثم خرج المني، فإن كان خروجه بعد النوم أو البول أو المشي الكثير فلا غسل عليه اتفاقا، وإن خرج المني بلا شهوة قبل النوم أو البول أو المشي فإنه يعيد الغسل عند أبي حنيفة ومحمد خلافا لأبي يوسف.
وذهب المالكية إلى أنه إن كانت اللذة ناشئة عن غير جماع، بل بملاعبة، فيجب إعادة الغسل عند خروج المني ولو اغتسل قبل خروجه؛ لأن غسله لم يصادف محلا، وإن كانت اللذة ناشئة عن جماع، بأن غيب الحشفة ولم ينزل، ثم اغتسل ثم أمنى، فلا غسل عليه؛ لأن الجنابة لا يتكرر غسلها، ولكن يتوضأ.
وقال الشافعية: إذا أمنى واغتسل ثم خرج منه مني على القرب بعد غسله لزمه الغسل ثانيا، سواء كان ذلك قبل أن يبول بعد المني أو بعد بوله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الماء من الماء، ولم يفرق؛ ولأنه نوع حدث فنقض مطلقا، كالبول والجماع وسائر الأحداث.
وذهب الحنابلة إلى أنه إذا خرج المني بعد الغسل فلا يجب الغسل ثانيا، لما روى سعيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن الجنب يخرج منه الشيء بعد الغسل؟ قال: يتوضأ، وكذا ذكره أحمد عن علي رضي الله عنه؛ ولأنه مني واحد فأوجب غسلا واحدا كما لو خرج دفقة واحدة؛ ولأنه خارج لغير شهوة أشبه الخارج لبرد، وبه علل أحمد، قال لأن الشهوة ماضية، وإنما هو حدث أرجو أن يجزيه الوضوء. انتهى
– جاء في الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 11):
إذا اغتسل المجامع قبل أن يبول أو ينام ثم خرج باقي المني بعد الغسل وجب عليه إعادة الغسل عندهما وعنده لا يجب، وإن خرج بعد البول أو النوم لا يعيد إجماعا. انتهى
– قال صاحب النهر الفائق شرح كنز الدقائق (1/ 65):
لو احتلم أو نظر بشهوة فامسك ذكره حتى سكنت شهوته ثم أرسله فأنزل وجب عندهما لا عنده وكذا لو خرج منه بقية المني بعد الغسل قبل النوم أو البول أو المشي الكثير. انتهى
– قال في الفتح القدير (1/ 101):
اغتسل بعد الجماع قبل النوم أو البول أو المشي ثم خرج منه المني بلا شهوة يعيد عندهما لا عنده، وبعد أحدها يعيد بالاتفاق. انتهى
– قال القرافي في الذخيرة (1/ 219):
“المني يخرج بعد الغسل قال مالك رحمه الله ليس فيه إلا الوضوء”. انتهى
– وجاء في مواهب الجليل (1/ 307):
وأما الذي جامع ولم ينزل حتى اغتسل فليس عليه إلا الوضوء وقد قيل: إنه يعيد الغسل والأول أظهر، انتهى.
– وجاء في فقه العبادات على المذهب المالكي (ص: 82):
أما إذا أنزل بعد غسل الجماع فليس عليه إعادة الغسل، لأنه يكون أمنى بدون لذة. كذلك إن خرج المني بغير لذة معتادة، كحك جرب، أو ماء ساخن، أو هزة دابة، فليس عليه غسل وإنما عليه الوضوء فقط، إما لعدم وجود اللذة أو لكونها لذة غير معتادة. انتهى
– كفاية النبيه في شرح التنبيه (1/ 476)
أنه لو خرج بقية المني، بعد الغسل، وجب الغسل ثانيا، وهو بذلك مقيس على ما لو خرج بقية البول، بعد الوضوء. انتهى
– حاشية البجيرمي على شرح منهج الطلاب (1/ 394):
فلو تبين بعد الغسل أنه أنزل لم يجزه الغسل السابق على المعتمد. انتهى
– المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (1/ 87)
مسألة واختلفت في بقية المني يخرج بعد الغسل، وقبل البول.
فنقل أبو طالب وغيره فيه الوضوء. وهو اختيار أبي بكر، لأنه خرج على غير وجه الدفق والشهوة فهو كما لو خرج بعد البول. فإنه لا يختلف المذهب فيه.
ونقل مهن وحنبل ومحمد بن الحكم فيه الغسل، لأن انتقاله كان على وجه الشهوة. ويفارق هذا إذا كان بعد البول، لأنه مني مبتدأ وانتقاله كان على غير وجه الشهوة فلهذا لم يجب فيه الغسل. وهذه الرواية أصح. انتهى
– قال ابن تيمية في شرح العمدة (ص: 355):
وإذا قلنا: ” يجب الغسل ” فاغتسل ثم خرج منه فهو كما لو اغتسل لمني خرج بعضه ثم خرج باقيه، والمشهور عنه أنه لا يوجب غسلا ثانيا حتى أن من أصحابنا من يجعله رواية واحدة، لما روى سعيد عن ابن عباس أنه سئل عن الجنب يخرج منه المني بعد الغسل قال: ” يتوضأ ” وكذلك ذكره الإمام أحمد عن علي. ولأنه مني واحد فلا يوجب غسلين كما لو ظهر، ولأن الموجب هو المني المقترن بالشهوة، وهو واحد، ولأن الثاني خارج عن غير شهوة فأشبه ما لو خرج لإبردة أو مرض، وهذا تعليل الإمام أحمد، فقال: ” لا غسل فيه؛ لأن الشهوة ماضية، وإنما هو حدث ليس بجنابة أرجو أن يجزئه الوضوء ” لأنه خارج من السبيل، وعنه أنه يوجب الغسل ثانيا لأنه مني انتقل لشهوة. انتهى
تنببه: أثر ابن عباس صححه صاحب صحيح الآثار قال:
أخرجه ابن أبي شيبة ((1) / (138)) حدثنا هشيم عن منصور عن حبان الجوفي عن جابر بن زيد عن ابن عباس به.
وهشيم مدلس لكنه صرح بالتحديث عند ابن المنذر ((2) / (112)) فانتفت شبهة تدليسه، وحبان الجوفي وثقه ابن معين كما في الجرح ((3) / (247)) وقد تصحف عند ابن المنذر إلى: حبان الحرمي.
– جاء في الإنصاف (1/ 231):” قال الخلال: تواترت الروايات عن أبي عبد الله أنه ليس عليه إلا الوضوء، بال أو لم يبل، على هذا استقر قوله. قال المصنف والشارح وابن عبيدان: هذا المشهور عن أحمد”.
– جاء في الشرح الكبير) 1/ 201 – 202 (:
ذكر أبو يعلى الفراء أن المني يخرج بعد الغسل قبل البول فيه روايتان، الروايتين والوجهين 9/أ، وذكر صاحب الشرح الكبير بثلاث روايات من غير تقييد بالبول في الأولى والثانية، فذكر في الأولى عدم وجوب الغسل في كل حال، والثالثة وجوب الغسل إن خرج قبل البول، إلا أنه ذكر في نهاية المسألة: إن القاضي ذكر في هاتين المسألتين: أنه إن خرج بعد البول لم يجب الغسل رواية واحدة، وإن خرج قبله فعلى روايتين.
– جاء في اختلاف العلماء للمروزي (ص: 177):
قال سفيان: إذا اغتسل الرجل من الجنابة فخرج من ذكره ماء بعد الغسل فإنما عليه الوضوء بال أو لم يبل
قال الأوزاعي إن كان بال فعليه الوضوء وإن لم يكن بال أعاد الغسل
قال الشافعي إذا خرج منه المني أعاد الغسل بال أم لم يبل. انتهى
– قال ابن المنذر في الأوسط (2/ 112):
ذكر الجنب يخرج منه المني بعد الغسل واختلفوا في الجنب يخرج منه المني بعد الغسل فقالت طائفة: يتوضأ روي هذا القول عن علي وابن عباس وعطاء. انتهى
– قال ابن باز:
ليس عليه إعادة الغسل، وإنما عليه إعادة الاستنجاء والوضوء؛ لأن خروج المني بدون شهوة مصاحبة لخروجه لا يوجب الغسل، وإنما يوجب الاستنجاء والوضوء كالبول مجموع فتاوى ابن باز 10/ 188
– سُئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – عن هذا السائل الذي يخرج بعد الغسل من الجنابة فأجاب:
هذا السائل الذي يخرج بعد الغسل من الجنابة إذا لم يكن هناك شهوة جديدة أوجبت خروجه فإنه بقية ما كان من الجنابة الأولى، فلا يجب عليه الغسل منه، وإنما عليه أن يغسله ويغسل ما أصابه ويُعيد الوضوء فقط.
فتاوى ابن عثيمين (11) / (222).
وفي شرح عبارة زاد المستقنع: (فإن خرج بعده لم يُعِدهُ)
قال الشيخ ابن عثيمين: أي إذا اغتسل لهذا الذي انتقل (أي المني) ثم خرج مع الحركة فإنه لا يعيد الغسل، والدليل:
أن السبب واحد، فلا يوجب غُسلين.
أنه إذا خرج بعد ذلك خرج بلا لذّة، ولا يجب الغسل إلا إذا خرج بلذّة
انظر الشرح الممتع لابن عثيمين (1) / (281).
– قال الشيخ الراجحي في شرح سنن أبي داود (13/ 18):
وإذا خرج منه المني بعد الغسل فبعض العلماء يقولون: إنه لا غسل عليه، لكن ينبغي للإنسان ألا يعجل وألا يبادر بالاغتسال حتى يتأكد من خروج المني، ولو اغتسل بعد أن يقضي حاجته من البول فهذا يكون أولى. انتهى
– قال صاحب موسوعة أحكام الطهارة:
الراجح، والله أعلم أن الغسل يجب بخروج المني دفقًا بلذة، فإذا تخلف ذلك، فإن كان المانع من قبل الإنسان، بأن أمسك ذكره حتى لا يخرج المني على وجه الدفق، ثم خرج المني بعد ذلك، فإن الغسل يجب عليه، وإن كان المانع ليس من كسب الإنسان، فقد تخلف موجب الغسل، وهو خروجه دفقًا بلذة، والله أعلم
والله أعلم …