25 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح
جمع نورس الهاشمي؛؛
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والإستفادة والمدارسة
”””””””””””””””
مسند أحمد؛
13130 حدثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس قال: ” كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم متقاربة وصلاة أبي بكر، حتى بسط عمر في صلاة الغداة ”
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل. فحميد إما سمعه من أنس أو ثبته فيه ثابت.
________
تخفيف القراءة مع التمام و الكمال
الحديث يبين صلاة النبي صلى الله عليه وسلم متقاربة في تخفيف القراءة والقعود مع اتمام الركوع والسجود، و قد جاءت نصوص في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخمس وهي متفاوته، فكان يطيل أحيانا في الفجر ويقصر أحيانا وقد يكون التقصير لعارض؛ فلهذا يجب على الإمام أن يراعي مصلحة المأمومين لكن هذا لا يعني أن يحدث خللا في الصلاة، وقد تشاهد عند بعض أئمة المساجد ينقرون الصلاة كنقرة الديك، ويتبع أهواء الناس في تخفيف القراءة في الصلاة، فالتخفيف أمر نسبي يرجع فيه إلى السنة، وجاءت ألفاظ تدل على تخفيف القراءة مع طمأنينة الركوع والسجود.
وأخرجه مسلم أيضا وابن ماجه ولفظه: (يوجز الصلاة ويتم الصلاة)، وعند السراج: (يوجز في الصلاة)، وفي لفظ مسلم: (كان أتم الناس صلاة في إيجازه). وفي لفظ: (أخف الناس صلاة في تمام)، وفي لفظ: (من أخف)، وفي لفظ: (كانت صلاته متقاربة). وكانت صلاة أبي بكر متقاربة، فلما كان عمر مد في صلاة الفجر. وفي لفظ: (ما صليت بعد النبي صلى الله عليه وسلم صلاة أخف من صلاته في تمام ركوع وسجود)، وفي لفظ: (كان إذا قال: سمع الله لمن حمده، قام حتى نقول قد أوهم، وكان يقعد بين السجدتين حتى نقول قد أوهم). قوله: (يوجز الصلاة) من الإيجاز، وهو ضد الإطناب، والإكمال ضد النقص. عمدة القاري (5/ 245).
قال النووي:
فيه دليل على تخفيف القراءة والتشهد وإطالة الطمأنينة في الركوع والسجود وفي الاعتدال عن الركوع وعن السجود ونحو هذا قول أنس في الحديث الثاني بعده ما صليت خلف أحد أوجز صلاة من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام وقوله قريبا من السواء يدل على أن بعضها كان فيه طول يسير على بعض وذلك في القيام ولعله أيضا في التشهد واعلم أن هذا الحديث محمول على بعض الأحوال وإلا فقد ثبتت الأحاديث السابقة بتطويل القيام وأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصبح بالستين إلى المائة وفي الظهر بالم تنزيل السجدة وأنه كان تقام الصلاة فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يرجع فيتوضأ ثم يأتي المسجد فيدرك الركعة الأولى وأنه قرأ سورة المؤمنين حتى بلغ ذكر موسى وهارون صلى الله عليه وسلم وأنه قرأ في المغرب بالطور وبالمرسلات وفي البخاري بالأعراف وأشباه هذا وكله يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كانت له في إطالة القيام أحوال بحسب الأوقات وهذا الحديث الذي نحن فيه جرى في بعض الأوقات. انتهى النووي على مسلم (4/ 188).
قال ابن رجب: فهذا يدل على أن زيادة النبي صلى الله عليه وسلم (في قراءة صلاة الفجر على سائر الصلوات لم يكن كثيراً جداً، وأن صلواته كلها لم يكن بينها تفاوت كثير في القراءة، وأن هذا هوَ الغالب على صلاته، وقد يطيل أحياناً ويقصر أحياناً؛ لعارض يعرض لهُ، فيحمل حديث أبي برزة على أنه كانَ يقرأ في الفجر ما بين الستين إلى المائة، أحيانا، لا غالباً. فتح الباري (4/ 455).
• قال ابن حجر في الفتح 289/ 2:
قَوْلِهِ مَا خَلَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ وَإِذَا جُمِعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ ظَهَرَ مِنَ الْأَخْذِ بِالزِّيَادَةِ فِيهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَامِ الْمُسْتَثْنَى الْقِيَامُ لِلْقِرَاءَةِ وَكَذَا الْقُعُودُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقُعُودُ لِلتَّشَهُّدِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ ابن دَقِيقِ الْعِيدِ هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ طَوِيلٌ وَحَدِيثُ أَنَسٍ يَعْنِي الَّذِي قَبْلَهُ أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ هُوَ نَصٌّ فِيهِ فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ لِدَلِيلٍ ضَعِيفٍ وَهُوَ قَوْلُهُمْ لَمْ يُسَنَّ فِيهِ تَكْرِيرُ التَّسْبِيحَاتِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَوَجْهُ ضَعْفِهِ أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ وَهُوَ فَاسِدٌ وَأَيْضًا فَالذِّكْرُ الْمَشْرُوعُ فِي الِاعْتِدَالِ أَطْوَلُ مِنَ الذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ فِي الرُّكُوعِ فَتَكْرِيرُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلَاثًا يَجِيءُ قَدْرَ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ وَقَدْ شُرِعَ فِي الِاعْتِدَالِ ذِكْرٌ أَطْوَلُ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَ قَوْلِهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مِلْءَ السَّماوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْء بعد زَاد فِي حَدِيث ابن أَبِي أَوْفَى اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي بِالثَّلْجِ إِلَخْ وَزَادَ فِي حَدِيثٍ الْآخَرَيْنِ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ إِلَخْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ تَرْكُ إِنْكَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى من زَادَ فِي الِاعْتِدَالِ ذِكْرًا غَيْرَ مَاثُورٍ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ النَّوَوِيُّ جَوَازَ
تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ بِالذِّكْرِ خِلَافًا لِلْمُرَجَّحِ فِي الْمَذْهَبِ وَاسْتُدِلَّ لِذَلِكَ أَيْضًا بِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ بِالْبَقَرَةِ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَرَأَ ثُمَّ قَامَ بَعْدَ أَنْ قَالَ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ قِيَامًا طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ.
قَالَ النَّوَوِيُّ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ صَعْبٌ وَالْأَقْوَى جَوَازُ الْإِطَالَةِ بِالذِّكْرِ اه
وَقَدْ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ إِلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ فَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ كَيْفَ الْقِيَام مِنَ الرُّكُوعِ وَلَوْ أَطَالَ الْقِيَامَ بِذِكْرِ اللَّهِ أَوْ يَدْعُو أَوْ سَاهِيًا وَهُوَ لَا يَنْوِي بِهِ الْقُنُوتَ كَرِهْتُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا إِعَادَةَ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ فِي ذَلِكَ فَالْعَجَبُ مِمَّنْ ْيُصَحِّحُ مَعَ هَذَا بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِتَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ وَتَوْجِيهُهُمْ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أُطِيلَ انْتَفَتِ الْمُوَالَاةُ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ مَعْنَى الْمُوَالَاةِ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ فَصْلٌ طَوِيلٌ بَيْنَ الْأَرْكَانِ بِمَا لَيْسَ مِنْهَا وَمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ لَا يَصِحُّ نَفْيُ كَوْنِهِ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ لَيْسَ أَنَّهُ كَانَ يَرْكَعُ بِقَدْرِ قِيَامِهِ وَكَذَا السُّجُودُ وَالِاعْتِدَالُ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ صَلَاتَهُ كَانَتْ قَرِيبًا مُعْتَدِلَةً فَكَانَ إِذَا أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَطَالَ بَقِيَّةَ الْأَرْكَانِ وَإِذَا أَخَفَّهَا أَخَفَّ بَقِيَّةَ الْأَرْكَانِ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الصُّبْحِ بِالصَّافَّاتِ وَثَبَتَ فِي السُّنَنِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمْ حَزَرُوا فِي السُّجُودِ قدر عشر تسبيحات فَيحمل على أَنه إِذا قَرَأَ بِدُونِ الصَّافَّاتِ اقْتَصَرَ عَلَى دُونِ الْعَشْرِ وَأَقَلُّهُ كَمَا وَرَدَ فِي السُّنَنِ أَيْضًا ثَلَاثُ تسبيحات.
قال ابن تيمية: فبين أن التخفيف الذي كان يفعله صلى الله عليه و سلم هو تخفيف القراءة وإن كان يقتضي ركوعا وسجودا يناسب القراءة ولهذا قال كانت صلاته متقاربة أي يقرب بعضها من بعض. اقتضاء الصراط المستقيم (96).
قال المناوي: قال ابن تيمية: فالتخفيف الذي كان يفعله هو تخفيف القيام والقعود وإن كان يتم الركوع والسجود ويطيلهما فلذلك صارت صلاته قريبا من السواء وقال بعضهم: محمول على بعض الأحوال وإلا فقد ثبت عنه التطويل أيضا جدا أحيانا.
فيض القدير (5/ 86).
و قال ايضا: التخفيف من غير ترك شئ من الأبعاض والهيئات لكن لا بأس بالتطويل برضاهم إن انحصروا كما استفيد من حديث آخر.
قال ابن القيم: ولا شك أن قيام القراءة وقعود التشهد يزيدان في الطول على بقية الأركان ولما كان صلى الله عليه وسلم يوجز القيام ويستوفي بقية الأركان صارت صلاته قريبا من السواء فكل واحدة من الروايتين تصدق الأخرى
والبراء تارة قرب ولم يحدد فلم يذكر القيام والقعود وتارة استثنى وحدد فاحتاج إلى ذكر القيام والقعود. عون المعبود وحاشية ابن القيم (3/ 74 – 75).
قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام248:
وَأَمَّا التَّقْصِيرُ عَنْ الْإِتْمَامِ: فَبَخْسٌ لِحَقِّ الْعِبَادَةِ. وَلَا يُرَادُ بِالتَّقْصِيرِ هَاهُنَا: تَرْكُ الْوَاجِبَاتِ. فَإِنَّ ذَلِكَ مُفْسِدٌ مُوجِبٌ لِلنَّقْصِ الَّذِي يَرْفَعُ حَقِيقَةَ الصَّلَاةِ. وَإِنَّمَا الْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ التَّقْصِيرُ عَنْ الْمَسْنُونَاتِ، وَالتَّمَامُ بِفِعْلِهَا.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في شرح عمدة الأحكام207 206 205: قول أنس في هذا الحديث، يقول رضي الله عنه : «مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ أَحَدٍ أتَمَّ صَلَاةً، وَلا أَخَفَّ صَلاةً مِنَ النَّبيِّ عليه الصلاة والسلام »، يعني كانت صلاته تخفيفاً في تمام, فلم يكن يطول على الناس تطويلاً يشق عليهم, ولم يكن يعجِّل وينقر, ولكن صلاته متوسطة بين الطول المتعب وبين التقصير المخل، وهكذا ينبغي للأئمة أن يصلوا صلاة يتأسون فيها بالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام , فيطمئنوا ويركدوا في القراءة، والركوع، والسجود، والإعتدال بعد الركوع، والإعتدال بين السجدتين , هكذا كان عليه الصلاة والسلام إذا ركع اطمأن حتى يرجع كل فقار إلى مكانه, ويقول: «سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم»، يكرر ذلك, ويقول: «سبحانك اللَّهم ربنا وبحمدك , اللَّهم اغفر لي»، ويقول: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح». فالمؤمن يطمئن لا يعجل: ثلاث تسبيحات, أربع تسبيحات, خمس تسبيحات, سبع تسبيحات, حول هذا مع: «سبحانك اللَّهم ربنا وبحمدك, اللَّهم اغفر لي»، مع الطمأنينة والركود, ويجعل كفيه على ركبتيه, هذا السنة, ويفرج أصابعهما على ركبتيه، هذا السنة، ويصبر ويحني ظهره حتى يستوي مع رأسه, هذا الأفضل, هذا هو الكمال، والمجزئ تسبيحة واحدة مع أدنى الركوع كونه يطيل ويطمئن طمأنينة كافية, حتى يرجع كل فقار إلى مكانه, هذا هو الكمال, وإلا فالمجزئ أقل في الطمأنينة مع الركود, وهكذا إذا اعتدل بعد الركوع، اطمأن ولم يعجل, وقد تقدم قول عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتدل بعد الركوع يطيل حتى يقول القائل: قد نسي.
وهكذا بين السجدتين: لا يعجل يطمئن ويعتدل, يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، ويدعو، قال أنس رضي الله عنه : «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس بين السجدتين اطمأن , حتى يقول القائل: قد نسي»، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ».
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع 184/ 5: قوله: «ثم يركع طويلاً» أي: من غير تقدير، المهم أن يكون طويلاً.
وقال بعض العلماء: يكون بقدر نصف قراءته أي: الركوع يكون نصف القيام، ولكن الصحيح: أنه بدون تقدير، فيطيل بقدر الإمكان. فإن قال قائل: طول القيام فهمنا ما يفعل فيه وهو القراءة، لكن إذا أطال الركوع فماذا يصنع؟ فالجواب: يكرر التسبيح «سبحان ربي العظيم»، «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي»، «سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم»، «سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته»، لعموم قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب»، فكل ما حصل من تعظيم في الركوع فهذا هو المشروع. قوله: «ثم يرفع»، أي: ثم يرفع رأسه من الركوع.
قال العلامة العباد في شرح سنن أبي داود شرح حديث (أن رسول الله كان سجوده وركوعه وقعوده وما بين السجدتين قريباً من السواء) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن البراء رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سجوده وركوعه وقعوده وما بين السجدتين قريباً من السواء)].
قوله: [باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين] يعني أن هذين الموضعين من مواضع الصلاة لا يخففان، بل يطمأن فيهما ويطال فيهما القيام والجلوس؛ لأنه قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، وعلى هذا فما جاء عن بعض أهل العلم من تخفيفهما تخفيفاً شديداً ليس بصحيح، بل الثابت الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صحابته الكرام هو تطويلهما، وقد جاءت في ذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومنها حديث البراء أنه قال: (كان ركوع رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتداله من الركوع وسجوده وجلوسه بين السجدتين قريباً من السواء. ومعناه: أن ذلك وإن لم يكن متماثلاً تماماً إلا أن فيه شيئاً من التقارب، ومعنى هذا أنه لا يخفف ما بعد الركوع وما بين السجدتين، بل يطمأن ويستقر فيهما، فكون ركوعه واعتداله من الركوع وسجوده واعتداله من السجود قريباً من السواء يدل على أن هذين الموضعين لا يخففان، وإنما هما كغيرهما من بقية الأركان التي هي الركوع والسجود، وهي متقاربة وإن لم تكن متماثلة تماماً؛ لأن قوله: [(قريباً من السواء)] يشعر بأن بينهما شيئاً من الفرق، لكنه ليس فرقاً كبيراً، بل هي متقاربة، وعلى كل فالإطالة موجودة بين بعد الركوع وبين السجدتين.