2472 فتح ذي النعم بالبدر الأتم شرح صحيح مسلم
شارك محمد البلوشي، وطارق أبو تيسير وعبدالملك وعبدالله المشجري وأحمد بن علي وعبدالحميد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
(27) – بابُ: مِن فَضائِلِ جُلَيْبِيبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
(131) – ((2472)) حَدَّثَنا إسْحاقُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَلِيطٍ، حَدَّثَنا حَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثابِتٍ، عَنْ كِنانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ أبِي بَرْزَةَ، أنَّ النَّبِيَّ ?، كانَ فِي مَغْزًى لَهُ، فَأفاءَ اللهُ عَلَيْهِ، فَقالَ لِأصْحابِهِ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِن أحَدٍ؟» قالُوا: نَعَمْ، فُلانًا، وفُلانًا، وفُلانًا، ثُمَّ قالَ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِن أحَدٍ؟» قالُوا: نَعَمْ، فُلانًا، وفُلانًا، وفُلانًا، ثُمَّ قالَ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِن أحَدٍ؟» قالُوا: لا، قالَ: «لَكِنِّي أفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فاطْلُبُوهُ» فَطُلِبَ فِي القَتْلى، فَوَجَدُوهُ إلى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ، فَأتى النَّبِيُّ ? فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقالَ: «قَتَلَ سَبْعَةً، ثُمَّ قَتَلُوهُ هَذا مِنِّي وأنا مِنهُ، هَذا مِنِّي وأنا مِنهُ» قالَ: فَوَضَعَهُ عَلى ساعِدَيْهِ لَيْسَ لَهُ إلّا ساعِدا النَّبِيِّ ?، قالَ: فَحُفِرَ لَهُ ووُضِعَ فِي قَبْرِهِ، ولَمْ يَذْكُرْ غَسْلًا.
==========
التمهيد:
” رجل لا يؤبه له حضر أو غاب، لكنه عند الله عظيم وعند رسول الله ? عزيز؛ سأله رسول الله ? يوما: لم لم تتزوج يا جليبيب؟ فقال: إذن تجدني يا رسول الله كاسدا في سوق الرجال. فقال: إنك عند الله لست بكاسد وذكر له ابنة أنصاري، فلما علم الأنصاري وزوجته كأنهما كرها ذلك، فسمعت ابنتهما بما أراد رسول الله ? فقرأت قوله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب (36)]، ثم قالت: رضيت وسلمت لما يرضى لي به رسول الله ? فدعا لها رسول الله ?، وقال: اللهم اصبب عليها الخير صبا ولا تجعل عيشها كدا، وتزوجته، وجاهد في سبيل الله، فلما افتقده رسول الله ? في نهاية غزوة وفي تصفية مكاسبها وخسائرها سأل أصحابه، سؤال توجيه وتعليم: من فقدتم من الأبطال في هذه المعركة؟ قالوا: فقدنا فلانا وفلانا وفلانا، يذكرون من يؤبه لهم إذا حضروا ويسأل عنهم إذا غابوا، وأعاد الرسول ? السؤال، فذكروا فلانا وفلانا وفلانا، غير من ذكروا أولا، فكرر الرسول ? السؤال فلم يذكروا فيمن ذكروا جليبيبا، فقال: “أما أنا فأفتقد جليبيبا”، ابحثوا عنه وقام معهم يبحث عنه بين القتلى فوجده بين سبعة من المشركين قتلهم قبل أن يستشهد، فقال: هكذا تكون البطولة، ثم حمله رسول الله ? على ساعديه، أما زوجته فكانت بعده من أكثر النساء مالا ونفقة.
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته:
قال الحافظ النووي رحمه الله تعالى: ((27)) – (بابٌ مِن فَضائِلِ جُلَيْبِيبٍ رضي الله عنه) انتهى.
قال في «الإصابة»: جُليبيب غير منسوب، وهو تصغير جلباب وحكى ابن عبد البر في ترجمته أنه نزل في قصته: {وما كانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إذا قَضى اللَّهُ ورَسُولُهُ أمْرًا أنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أمْرِهِمْ} [الأحزاب (36)]، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: ولم أر ذلك في شيء من طرقه الموصولة من حديث أنس، ومن حديث أبي برزة. انتهى [«الإصابة في تمييز الصحابة» (1) / (495)].
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: جُليبيب – رضي الله عنه – كان رجلًا من ثعلبة، وكان حليفًا في
الأنصار، قال ابن سعد: سمعت من يذكر ذلك. انتهى [«المفهم» (6) / (388) – (389)].
قال ابن الجوزي -رَحِمَهُ اللهُ- في (صفة الصفوة): “قال ابن سعد وسمعت من يذكر أن جليبيبا كان رجلا في بني ثعلبة حليفا في الأنصار والمرأة التي زوجها النبي ? إياه من بني الحارث بن الخزرج رضي الله عنه.”. انتهى.
قال الإمام مسلم رحمه الله:
[(6338)] ((2472)) – (حَدَّثنا إسْحاقُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَلِيطٍ، حَدَّثنا حَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ،
عَن ثابِتٍ، عَنْ كِنانَةَ بْنِ نُعَيْمِ، عَنْ أبِي بَرْزَةَ؛ أنَّ النَّبِيَّ ? كانَ فِي مَغْزًى لَهُ، فَأفاءَ اللهُ عَلَيْهِ، فَقالَ لأصْحابِهِ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِن أحَدٍ؟»، قالُو ا: نَعَمْ فُلانًا، وفُلانًا، وفُلانًا، ثُمَّ قالَ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِن أحَدٍ؟»، قالُو ا: نَعَمْ فُلانًا، وفُلانًا، وفُلانًا، ثُمَّ قالَ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِن أحَدٍ؟»، قالُوا: لا. قالَ: «لَكِنِّي أفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فاطْلُبُوهُ»، فَطُلِبَ فِي القَتْلى، فَوَجَدُوهُ إلى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ، فَأتى النَّبِيُّ ?، فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقالَ: «قَتَلَ سَبْعَةً، ثُمَّ قَتَلُوهُ، هَذا مِنِّي، وأنا مِنهُ، هَذا مِنِّي، وأنا مِنهُ»، قالَ: فَوَضَعَهُ عَلى ساعِدَيْهِ، لَيْسَ لَهُ إلّا ساعِدا النَّبِيِّ ?، قالَ: فَحُفِرَ لَهُ، ووُضِعَ فِي قَبْرِهِ، ولَمْ يَذْكُرْ غَسْلًا).
(أبُو بَرْزَةَ) نَضْلَة بن عُبيد الأسلميّ الصحابي مشهور بكنيته، أسلم قبل الفتح، وغزا سبع غزوات، ثم نزل البصرة، وغزا خُراسان، ومات بها بعد سنة خمس وستين، على الصحيح (ع).
شرح الحديث:
(عَنْ أبِي بَرْزَةَ) بفتح الموحّدة، وسكون الراء، نَضْلة بفتح النون، وسكون الضاد المعجمة، ابن عُبيد الأسلميّ – رضي الله عنه -؛ (أنَّ النَّبِيَّ ? كانَ فِي مَغْزًى لَهُ) لم تُسمَّ هذه الغزوة، (فَأفاءَ اللهُ عَلَيْهِ)؛ أي: نَصَره الله تعالى على أعدائه، وردّ الله أموالهم إليه فيئًا، والفيء: الغنيمة، قال في «التاج»: وقد تكرَّر في الحديث ذِكْرُ الفَيءِ على اختلافِ تَصَرُّفِه، وهو ما حصلَ للمُسْلِمين من أموالِ الكُفّارِ من غير حرب، ولا جِهادٍ، وقال أيضًا: وسُمِّي هذا المال فَيْئًا؛ لأنّه رَجَع إلى المُسْلَمين من أموال الكفّار عَفْوًا، بلا قِتالٍ. انتهى [» تاج العروس «(1) / (181)].
(فَقالَ) ? (لأصْحابِهِ) – رضي الله عنهم -: («هَلْ تَفْقِدُونَ) بكسر القاف، يقال: فقدته فقْدا، من باب ضرب، وفِقْدانًا: عَدِمته، فهو مفقود، وفَقِيدٌ، وافتقدته مثله [» المصباح المنير” (2) / (478)].
(مِن أحَدٍ؟) هذا الاستفهام ليس
مقصوده استعلامَ كونهم فقدوا أحدًا ممن يعزّ عليهم فَقْده؛ إذ ذاك كان معلومًا له بالمشاهدة،
وإنما مقصوده التَّنويه والتَّفخيم بمن لم يَحْتفلوا به، ولا التفتوا إليه؛ لكونه كان غامضًا في الناس، ولكون كل واحدٍ منهم أصيب بقريبه، أو حبيبه، فكان مشغولًا بمُصابِه، لم يتفرَّغ منه إلى غيره،
ولَمّا أطلع الله تعالى نبيَّه ? على ما كان من جليبيب – رضي الله عنه – من قَتْله السَّبعة الذين وُجدوا إلى جنبه، نوَّه باسمه، وعرَّف بقَدْره، فقال: «لكني أفقدُ جُليبيبًا»، أي: فقدُهُ أعظم من فَقْد كل من فُقِد، والمصاب به أشدّ، ثم إنه أقبل بإكرامه عليه، ووسَّده ساعديه مبالغة في كرامته، ولتناله بركة ملامسته ?. انتهى [«المفهم» (6) / (389) – (390)].
[(مني) أي من أهل طريقتي وسنتي في معاداة أعداء الله تعالى (وأنا) أي وعملي (منه) أي من جنس عمله في معاداة أعداء الله وقتلهم وكرره بقوله (هذا مني وأنا منه) تأكيدًا للكلام وما أعظم هذه الفضيلة التي حازها هذا الصحابي مع كونه غير مشهور عندهم. قاله الهرري [الكوكب الوهاج (24/ 9)].
قال النووي رحمه الله في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((هَذا مِنِّي وأنا مِنهُ))، مَعْناهُ: المُبالَغَةُ فِي اتِّحادِ طَرِيقَتِهِما واتِّفاقِهِما فِي طاعَةِ اللَّهِ تَعالى”. انتهى.
وقال صلى الله عليه وسلم في علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: «إن عليا مني، وأنا منه»، أي: بيننا قرابة كالجزئيّة، قاله السنديّ رحمه الله، وقال القاري رحمه الله: أي في النسب، والمصاهرة، والمسابقة، والمحبّة، وغير ذلك من المزايا، لا في محض القرابة، وإلا فجعفر شريكه فيها. انتهى. [(مرقاة المفاتيح) ((11) / (246))]. وكذا في (فتح الباري).
قال ابن تيمية رحمه الله في (منهاج السنة النبوية): “فَتَبَيَّنَ أنَّ قَوْلَهُ لِعَلِيٍّ: «أنْتَ مِنِّي وأنا مِنكَ». لَيْسَ مِن خَصائِصِهِ، بَلْ قالَ ذَلِكَ لِلْأشْعَرِيِّينَ، وقالَهُ لِجُلَيْبِيبٍ.
وإذا لَمْ يَكُنْ مِن خَصائِصِهِ، بَلْ قَدْ شارَكَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ مَن هُوَ دُونَ الخُلَفاءِ الثَّلاثَةِ فِي الفَضِيلَةِ، لَمْ يَكُنْ دالًّا عَلى الأفْضَلِيَّةِ ولا عَلى الإمامَةِ.”. انتهى.
قال محقق كتاب فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه لابن تيمية:
ملخص البحث
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، أما بعد
فقد تحدث شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في هذه الرسالة عن فضل أبي بكر الصديق وفضل علي رضي الله عنهما، وملخصها كما يلي:
– إن هناك فرقا بين “الخصائص” التي لم يشارك فيها أحدهما الآخر، كثبوت الخلة لأبي بكر – رضي الله عنه – لو كان للنبي – صلى الله عليه وسلم – خليل، وكذلك أمره – صلى الله عليه وسلم – لأبي بكر – رضي الله عنه – أن يصلي بالناس مدة مرضه، من خصائصه التي لم يشركه فيها أحد.
وكذلك تأميره له من المدينة على الحج إقامة للسنة ومحوا لأثر الجاهلية هو بين المناقب والفضائل التي هي مشتركة بينه وبين غيره
وكقوله – صلى الله عليه وسلم – في علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – ((أنت مني وأنا منك))، وهذه العبارة قد قالها – صلى الله عليه وسلم – أيضا لجليبيب – رضي الله عنه – الذي قتل عدة من الكفار: ((هذا مني وأنه منه))، وكذلك قال – صلى الله عليه وسلم – للأشعريين: ((هم مني وأنا منهم)).
– لم يرد في حديث صحيح خصيصة لعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه – امتاز بها على أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – وكل ما ورد فيه إما صحيح غير صريح أو صريح غير صحيح.
– وردت أحاديث صحيحة في مناقب علي – رضي الله عنه – ومنها:-
1 – ((أنت مني وأنا منك)).
2 – ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى)).
3 – ((لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله)).
فهذه الأحاديث صحيحة صريحة في فضله – رضي الله عنه – لكنها لا تدل على أنه أفضل الخلق؛ فإنه ثبتت مثل هذه العبارة والفضائل لغيره من الصحابة سواه – رضي الله عنهم أجمعين.
وقد وردت أحاديث كثيرة في فضائل أبي بكر – رضي الله عنه – ومنها ما امتاز بها على غيره وهي كثيرة، مما يدل على أنه أفضل هذه الأمة بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
هذا – وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه (13/ 1219)
(لَيْسَ لَهُ إلّا ساعِدا النَّبِيِّ ?) وفي بعض النُّسخ: «ليس له سرير إلا ساعدا النبيّ ?». (قالَ) أبو برزة: (فَحُفِرَ لَهُ) بالبناء للمفعول؛ أي: حفر الصحابة الحاضرون في ذلك المكان حُفرة؛ ليدفنوه فيها، (ووُضِعَ) بالبناء للمفعول أيضًا، (فِي قَبْرِهِ)، وقوله: (ولَمْ يَذْكُرْ غَسْلًا)؛ أي: لم يذكر الراوي، وهو أبو برزة – رضي الله عنه – في جملة ما ذكره من قصّة جُليبيب غسله؛ لأنه لم يُغسل؛ حيث كان شهيد المعركة، وشهداء المعركة لا يغسلون، لقوله ? في شهداء أُحد: «زمّلوهم بدمائهم»، وفي رواية: «زمّلوهم بكلومهم، ودمائهم»، والله تعالى أعلم.
حديث أبي برزة الأسلميّ – رضي الله عنه – هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-. [البحر المحيط، بتصرف يسير].
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [(4) / (421)] والنسائي في الكبرى [(8246)]، ولكن انفرد به عن أصحاب الأمهات الخمس. [الكوكب الوهاج].
فصل:
في سياق قصة جليبيب رضي الله عنه
أن قصّة جليبيب – رضي الله عنه – أوردها المصنّف مختصرة، وقد ساقها أحمد في «مسنده»، وابن حبّان في «صحيحه»، وغيرهما، ولفظ أحمد:
((19799)) – حدّثنا عفّان، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن كنانة بن نعيم العدويّ، عن أبي برزة الأسلميّ؛ أن جُليبيبًا كان امرءًا يدخل على النساء،
يمرّ بهنّ، ويلاعبهنّ، فقلت لامرأتي: لا يدخلنّ عليكم جليبيب، فإنه إن دخل
عليكم لأفعلنّ، ولأفعلنّ، قال: وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيِّم، لم
يزوّجها حتى يَعْلَمَ هل للنبي ? فيها حاجة أم لا؟ فقال رسول الله ? لرجل
من الأنصار: «زوّجني ابنتك»، فقال: نعم، وكرامة يا رسول الله، ونِعْم عَيْني،
فقال: «إني لست أريدها لنفسي»، قال: فلمن يا رسول الله؟ قال: لجليبيب،
قال: فقال: يا رسول الله أشاور أمها، فأتى أمها، فقال: رسول الله ?
يخطب ابنتك، فقالت: نعم ونعمة عيني، فقال: إنه ليس يخطبها لنفسه، إنما
يخطبها لجليبيب، فقالت: أجليبيب إنيه أجليبيب إنيه، أجليبيب إنيه، لا،
لَعَمْر الله، لا تزوجه، فلما أراد أن يقوم ليأتي رسول الله ? ليخبره بما قالت
أمها، قالت الجارية: من خطبني إليكم؟ فأخبرتها أمها، فقالت: أتردّون على
رسول الله ? أمره؟ ادفعوني، فإنه لم يضيّعني، فانطلق أبوها إلى رسول الله ?،
فأخبره، قال: شأنك بها، فزوَّجها جليبيبًا، قال: فخرج رسول الله ? في غزوة له، قال: فلما أفاء الله عليه، قال لأصحابه: «هل تفقدون من أحد؟»
قالوا: نفقد فلانًا، ونفقد فلانًا، قال: «انظروا هل تفقدون من أحد؟» قالوا:
لا، قال: «لكني أفقد جليبيبًا، قال: فاطلبوه في القتلى»، قال: فطلبوه،
فوجدوه إلى جنب سبعة قد قَتَلهم، ثم قتلوه، فقالوا: يا رسول الله ها هو ذا إلى جنب سبعة، قد قَتَلهم، ثم قتلوه، فأتاه النبيّ ?، فقام عليه، فقال: «قتل
سبعة، وقتلوه، هذا مني، وأنا منه، هذا مني، وأنا منه»، مرتين، أو ثلاثًا، ثم
وضعه رسول الله ? على ساعديه، وحَفَر له، ما له سرير إلا ساعدا رسول الله ?، ثم وضعه في قبره، ولم يذكر أنه غَسّله.
قال ثابت: فما كان في الأنصار أيِّم أنفق منها.
وحدّث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثابتًا، قال: هل تعلم ما دعا لها رسول الله ?؟ قال: «اللَّهُمَّ صُبّ عليها الخير صبًّا، ولا تجعل عيشها كَدًّا كَدًّا»، قال: فما كان في الأنصار أيّم أنفق منها.
قال أبو عبد الرحمن: ما حدّث به في الدنيا أحد إلا حماد بن سلمة، ما
أحسنه من حديث. انتهى [«مسند الإمام أحمد بن حنبل» (4) / (422)].
قال ابن كثير:
هكذا أورده الإمام أحمد بطوله، وأخرج منه مسلم والنسائي في الفضائل قصة قتله. وذكر الحافظ أبو عمر بن عبد البر في “الاستيعاب” أن الجارية لما قالت في خدرها: أتردون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟ تلت هذه الآية: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}
تفسير ابن كثير – ت السلامة (6/ 423)
قال محققو المسند:
إسناده صحيح على شرط مسلم. ثابت: هو ابن أسلم البناني
وقال محققو المسند:
وأخرج أبو يعلى (3343) من طريق ديلم بن غزوان، عن ثابت، عن أنس قال: كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: جليبيب، في وجهه دمامة، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم التزويج، فقال: إذا تجدني كاسدا. فقال: “غير أنك عند الله ليس بكاسد”. وإسناده صحيح
مسند أحمد (19/ 386 ط الرسالة)
بوب عليه ابن حبان:
ذكر إباحة الإمام أن يخطب إلى من أحب على من أحب من رعيته
صحيح ابن حبان (9/ 365)
بوب ابن بلبان:
ذكر ما يستحب للمرء عند التزويج أن يطلب الدين دون المال في العقد على ولده أو على نفسه
التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (6/ 173)
[وقولها: ((إنيه)) كما قال ابن الأثير: معناها: أنها لفظةٌ تستعملها العرب في الإنكار، يقول القائل: جاء زيد، فتقول أنت: أزيدُنيه، وأزَيدٌ إنيه، كأنك استبعدت مجيئَه؛ [“النهاية في غريب الحديث والأثر” باب الهمزة مع النون، (أَنَا) (1/ 78 – 79)].
قال العكبري، أبو البقاء رحمه الله في (إتحاف الحثيث بإعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث): وفي حديث أبي برزة نضلة بن عبيد:
((366) – (1))» أنّهُ قالَ فِي حَدِيثِ جُلَيْبِيبٍ فَقالَت: «أُجُلَيْبِيبُ انِيهْ»:
جماعة من الحدثين يخلطون في هذا اللّفظ، والصواب فيه وجهان:
أحدهما: «أجليبيبُ نِيه»، وحقيقته أنّه تنوين كسر، وأشبعت كسرته، فنشأت منها الياء، ثمّ زيدت الهاء ليقع الوقف عليها.
والثّاني: أجليبيب إنيه، فـ «إنيه» كلمة منفصلة ممّا قبلها؛ قال الشاعر: [الخفيف]
((36)) بَيْنَما نَحْنُ واقِفُونَ بِفَلْجٍ … قالت الدُّلَّحُ الرِّواء إنيهِ
والغرض من ذلك كله الاستفهام على طريقة الإنكار، وقد ذكر [ذلك] سيبويه في كتابه، وسمعت هذا كله في الحديث من شيخنا أبي محمّد [بن] الخشاب، وقت سماعنا عليه «مسند أحمد» رحمه اللَّه!.”. انتهى.
قال ابن الأثير، أبو السعادات رحمه الله في (النهاية في غريب الحديث والأثر): “قَدِ اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ اخْتِلافًا كَثِيرًا، فَرُوِيَتْ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ والنُّونِ وسُكُونِ الياءِ وبَعْدَها هاءٌ، ومَعْناها أنَّها لَفْظَةٌ تَسْتَعْمِلُها العَرَبُ فِي الإنْكارِ، يَقُولُ القائِلُ جاءَ زَيْدٌ، فَتَقُولُ أنت: أزيد نيه، وأ زيد إنِيه كَأنَّكَ اسْتَبْعَدت مَجِيئَهُ. وحَكى سِيبَوَيْهِ أنَّهُ قِيلَ لِأعْرابِيٍّ سكَنَ البَلَدَ: أتَخْرُجُ إذا أخصَبَت البادِيَةُ؟
فَقالَ: أأنا إنِيه؟ يَعْنِي أتَقُولُونَ لِي هَذا القَوْلَ وأنا مَعْرُوفٌ بِهَذا الفِعْلِ، كَأنَّهُ أنْكَرَ اسْتِفْهامَهُمْ إيّاهُ.
ورُوِيَتْ أيْضًا بِكَسْرِ الهَمْزَةِ وبَعْدَها باءٌ ساكِنَةٌ ثُمَّ نُونٌ مَفْتُوحَةٌ، وتَقْدِيرُها ألِجُلَيْبيب ابْنَتي؟ فَأسْقَطَتِ الياءَ ووَقَفَتْ عَلَيْها بِالهاءِ. قالَ أبُو مُوسى: وهُوَ فِي مُسْنَدِ أحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِخَطِّ أبِي الحَسَنِ بْنِ الفُراتِ، وخطُّه حُجَّةٌ، وهُوَ هَكَذا مُعْجَمٌ مُقَيَّدٌ فِي مَواضِعَ. ويَجُوزُ أنْ لا يَكُونَ قَدْ حَذَفَ الياءَ وإنَّما هِيَ ابْنَةٌ نَكِرَةٌ، أيْ أتُزَوِّجُ جُلَيْبيبا ببنْت؟ تَعْنِي أنَّهُ لا يَصْلُحُ أنْ يُزَوَّجَ بِبِنْتٍ، إنَّما يُزَوّج مثلُه بأمَة اسْتِنقاصًا لَهُ. وقَدْ رُويت مثلُ هَذِهِ الرِّوايَةِ الثّالِثَةِ بِزِيادَةِ ألِفٍ ولامٍ لِلتَّعْرِيفِ: أيْ ألِجُلَيْبيب الابنةُ. ورُوِيَتْ ألِجُلَيْبيب الأمَةُ؟ تُرِيدُ الجارِيَةَ، كِنايَةً عَنْ بنْتها. ورَواهُ بَعْضُهُمْ أُمَيَّةُ، أوْ آمِنَةُ عَلى أنَّهُ اسْمُ البِنْتِ.”. انتهى].
قال الأتيوبي عفا الله عنه: لم يتبيّن لي من هو أبو عبد الرحمن، وقوله:
«ما حدّث به … إلخ» فيه نظر، إلا أن يريد الأصحيّة، ققد ذكروا ممن رواه
عن ثابت، معمرًا، وله متاج أيضًا، قال الحافظ في «المطالب العالية» بعد
إيراده من رواية أبي يعلى في «مسنده» مطوّلًا ما نصّه: قلت: رواه معمر، عن ثابت، عن أنس – رضي الله عنه -، وتابعه ديلم بن غزوان، عن ثابت، عن أنس – رضي الله عنه -، ورواية حماد بن سلمة أصحّ. انتهى. [البحر المحيط الثجاج، بتصرف يسير].
لكن سيأتي أنه رواية معمر معله
فقه الحديث وفوائده:
1 – (منها): بيان فضل هذا الصحابيّ الجليل جُليبيب – رضي الله عنه -، فقد بجّله النبيّ ?، وأعلى قَدْره، وأشهَرَ ذِكره، بقوله: «هذا منّي، وأنا منه»، مرّتين، فما أعظم هذه الفضيلة، والمنزلة الرفيعة التي حازها هذا الصحابيّ – رضي الله عنه – مع كونه غير مشهور فيما بين الناس، ولكنه مشهور عند الله -عَزَّ وجَلَّ-، وعند رسوله ?.
2 – (ومنها): بيان فضل الشهادة في سبيل الله -عَزَّ وجَلَّ-.
3 – (ومنها): ما كان عليه النبيّ ? من التواضع، وكريم الأخلاق، حيث كان يجعل مثل هذا الصحابيّ على ساعديه، حتى يُرفع، ويوضع في لَحْده، فما أصدف قوله -عَزَّ وجَلَّ-: {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِن أنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ماعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ((128))} [التوبة (128)]. [البحر المحيط الثجاج]
4 – ” (ومنها): أن الله سبحانه هو الذي يفيءُ على الإنسان.
5 – (ومنها): أنعم الله على نبيه بالغنائم في هذه الغزوة، مع فقدِه لبَعضِ أصحابه رضي الله عنهم.
6 – (ومنها): النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن أصحابه، ويهتمُّ بهم، ويتفقَّدهم.
7 – (منها): النبي صلى الله عليه وسلم حينما سأل أصحابه كان يُريد بسؤاله إجابة معيَّنة.
8 – (منها): فضيلة، ومنقبَة، وتكريم لهذا الصحابي، بأمور:
أ – اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم به.
ب – سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وتأكيد ذلك لكي يَذكره الصحابة.
ج – التصريح باسمه من النبي صلى الله عليه وسلم.
د – طلبُه صلى الله عليه وسلم من الصحابة أن يبحثوا عنه بين القتلى.
هـ – وقوف النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
و- التأكيد على شجاعته بقتل السبعة.
ز – تصريح النبي صلى الله عليه وسلم وتكريره بقوله: ((هذا مني وأنا منه)).
ح – وضع النبي صلى الله عليه وسلم له على ساعديه الشريفين.
ط – حضوره صلى الله عليه وسلم حفر القبر والدفن، وأنَّه لم يأمُر بتغسيله.
9 – (منها): شهيد المعركة لا يُغسَّل ولا يُصلَّى عليه.
قال القاضي عياض:
وقوله فى حديث جليبيب هذا: ” فوضع فى قبره ولم يذكر غسلا “: حجة أنه لا يغسل الشهيد؛ ولذلك لم يذكر فيه صلاة أيضا
إكمال المعلم بفوائد مسلم (7/ 502)
10 – (منها): التأكيد من النبي صلى الله عليه وسلم على أنَّ هذا الصحابي ((منِّي وأنا منه)).
11 – (منها): كانت وقائع هذه القصَّة تدور في غزوة من غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم.
12 – (منها): تفاوت الهمم عند الناس، فمِن الناس من همَّته في الثريا، ومنهم من همَّته في الثَّرى.
13 – (منها): وجوب طاعة أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
14 – (منها): قوَّة هذا الصحابي وشجاعته، وكيف أنَّه وحده قتل سبعة، حتى أثخنوه بالجراح، ومات بعدها في ساحة المعركة.
15 – (منها): حبُّ النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وحبُّه لجليبيب خاصة.
16 – (منها): تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الصحابي، بقتله وحده ذلك العدد الكبير، فهذه مفخرةٌ ورفعة.
17 – مثل أعلى في تكريم الأعمال قبل تكريم الهيئات، والأجسام، وطوبى لعبد يجاهد في سبيل الله، لا يهتم بتقدير الناس إن كان في المقدمة أو كان في الساقة هو يتعامل لله ومع الله ولدين الله. رضي الله عنه وأرضاه. “. . وفي الحديث: (( .. طوبى لعبدٍ أخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مُغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يُؤذن له، وإن شفع لم يُشفع)).
18 – (منها): القبر هو نهاية المطاف الدُّنيوي، ولا بدَّ من الإيمان بما فيه من نعيم أو جحيم.
19 – (منها): تأثُّر النبي صلى الله عليه وسلم بمقتل جُليبيب رضي الله عنه.
20 – (منها): كان صلى الله عليه وسلم غالبًا ما يكرر الكلام ثلاثًا، فهنا كرر السؤال: ((هل تفقدون من أحد؟)) ثلاث مرات. [فوائد من قصة جليبيب رضي الله عنه].
21 – (منها): “رسالة وفائدة تغفل عنها الفتيات وهي تقديم طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على رغبات النفس والحرص على صلاح الزوج وتقواه فهذه الأشياء كانت منهج تلك الصحابية في زواجها”.
22 – (منها): “الميزان الصحيح الذي يوزن به الرجال هو الدين والتقوى”.
23 – (منها): “الحث على السعي في التوسط في تزويج الشباب”.
24 – قتال الواحد لعدد كثير وأن هذا ليس من إلقاء النفس إلى التهلكة. وهذا له أمثلة في السيرة والتاربخ
25 – وقصة تزويجه، هل من باب الأمر أم الشفاعة.
يتفرع منه إن كان من باب الشفاعة، شفاعته -صلى الله عليه وسلم- العامة، وشفاعته الخاصة في أمور التزويج، والإصلاح كما في قصة بريرة إنما أنا شافع
ثانيًا: ملحقات:
(المسألة الأولى):
قال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي في [أحاديث معلة ظاهرها الصحة (55 – 56)]:
(42) -قال الإمام أحمد رحمه الله (ج (3) ص (136)): حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ حَدَّثَنا مَعْمَرٌ عَنْ ثابِتٍ البُنانِيِّ عَنْ أنَسٍ قالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وسَلَّمَ عَلى جُلَيْبِيبٍ امْرَأةً مِن الأنْصارِ إلى أبِيها فَقالَ حَتّى أسْتَامِرَ أُمَّها فَقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وسَلَّمَ فَنَعَمْ إذًا قالَ فانْطَلَقَ الرَّجُلُ إلى امْرَأتِهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَها فَقالَتْ لاها اللَّهُ إذًا ما وجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وسَلَّمَ إلّا جُلَيْبِيبًا وقَدْ مَنَعْناها مِن فُلانٍ وفُلانٍ قالَ والجارِيَةُ فِي سِتْرِها تَسْتَمِعُ قالَ فانْطَلَقَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أنْ يُخْبِرَ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقالَتْ الجارِيَةُ أتُرِيدُونَ أنْ تَرُدُّوا عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وسَلَّمَ أمْرَهُ إنْ كانَ قَدْ رَضِيَهُ لَكُمْ فَأنْكِحُوهُ فَكَأنَّها جَلَّتْ عَنْ أبَوَيْها وقالا صَدَقْتِ فَذَهَبَ أبُوها إلى النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وسَلَّمَ فَقالَ إنْ كُنْتَ قَدْ رَضِيتَهُ فَقَدْ رَضِيناهُ قالَ فَإنِّي قَدْ رَضِيتُهُ فَزَوَّجَها ثُمَّ فُزِّعَ أهْلُ المَدِينَةِ فَرَكِبَ جُلَيْبِيبٌ فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ وحَوْلَهُ ناسٌ مِن المُشْرِكِينَ قَدْ قَتَلَهُمْ. قالَ أنَسٌ: فَلَقَدْ رَأيْتُها وإنَّها لَمِن أنْفَقِ بَيْتٍ فِي المَدِينَةِ.
قال ابن أبي حاتم في «العلل» (ج (1) ص (341)): سئل أبو زرعة عن حديث اختلف على ثابت البناني فروى معمر عن ثابت عن أنس قال وقع فزع بالمدينة فركب جليبيب فوجده قد قتل وحوله ناس من المشركين قد قتلهم.
وروى حماد بن سلمة عن ثابت عن كنانة بن نعيم عن أبي برزة عن النبي صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وسَلَّمَ بهذا المتن وبزيادة أنهم وجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه فأتى النبي صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وسَلَّمَ فأخبره فجاء حتى قام عليه فقال: (هذا مني وأنا منه قتل سبعة ثم قتلوه هذا مني وأنا منه) ثم حمله النبي صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وسَلَّمَ على ساعده ماله سرير غير ساعدي النبي صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وسَلَّمَ حتى حفر له ودفن ولم يذكر غسلًا.
فقال أبو زرعة: عن أبي برزة أصح من حديث ثابت عن أنس”. انتهى.
قال الدارقطني رحمه الله في (العلل الواردة في الأحاديث النبوية):
” (2383) – وسئل عن حديث ثابت، عن أنس، قال: عرض رسول الله ? التزويج على جليبيب وكان في وجهه دمامة، فقال: إذا تجدني كاسدا، قال: غير أنك عند الله لست بكاسد.
فقال: يرويه ديلم بن غزوان، عن ثابت، عن أنس.
وكذلك روي، عن مؤمل، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس.
والصحيح: عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن كنانة بن نعيم، عن أبي برزة.”. انتهى.
وفي ذخيرة الحفاظ:
(3924) – حَدِيث: كانَ رجل من صحابة النَّبِي – ? – يُقال لَهُ: جليبيب، وكانَ فِي وجهه دمامة، فَعرض رَسُول الله – ? – التَّزْوِيج فَقالَ: تجدني يارسول الله! كاسدًا، قالَ: «لكنك لست عِنْد الله بكاسد». رَواهُ دَيْلَم بن غَزوان أبوغالب: عَن ثابت، عَن أنس. قالَ إبْراهِيم بن عرْعرة: ولا أحْسبهُ حفظه.