247 و 248 عبق الياسمين شرح رياض الصالحين
سلطان الحمادي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
28 – باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة
247 – وعنه عن النَّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “إِذَا زَنَتِ الأَمةُ فَتبينَ زِناهَا فَليجلدْها الحدَّ، وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّانية فَلْيجلدْها الحدَّ وَلا يُثرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنتِ الثَّالثةَ فَلْيبعَها ولوْ بِحبْلٍ مِنْ شعرٍ” مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
“التَّثْرِيبُ”: التَّوْبيخُ.
قال ابن عثيمين:” الأمة: هي المملوكة التي تباع وتشترى، فإذا زنت يقول عليه الصلاة والسلام: فليجلدها الحد، وحد الأمة نصف حد الحرة، كما قال تعالى: (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) [النساء: 25].
والحرة إذا كانت بكراً وزنت تجلد مائة جلدة وتغرب سنة، والأمة نصف ذلك يعني خمسين جلدة، وأما تغريبها؛ ففي ذلك قولان للعلماء:
منهم من: قال تغرب نصف سنة.
ومنهم من قال: إنها لا تغرب؛ لأنه قد تعلق بها حق السيد. (شرح رياض الصالحين)
قوله (يثرب) قال النووي:” التثريب: التوبيخ واللوم على الذنب، ومعنى تبين زناها: تحققه إما بالبينة وإما برؤية أو علم عند من يجوز القضاء بالعلم في الحدود. (شرح النووي) قال ابن علان:” (ولا يثرب عليها) أي يوبخها ويقرعها بالذنب نحو يا زانية يا فاجرة لما فيه من الفحش” (دليل الفالحين) قال ابن باز:” يقيم الحد ولا يفضحها عند الناس … لا يشيع الفاحشة يقيم عليها الحد، ويجاهدها وينصحها ويُوبخها ويتكلم عليها بما ينفعها، فإن تابت وإلا يبيعها” (شرح رياض الصالحين لاباز 1/ 491)
قال النووي:” وفي هذا الحديث دليل على وجوب حد الزنا على الإماء والعبيد. وفيه: أن السيد يقيم الحد على عبده وأمته، وهذا مذهبنا ومذهب مالك وأحمد وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه في طائفة: ليس له ذلك، وهذا الحديث صريح في الدلالة للجمهور، وفيه دليل على أن العبد والأمة لا يرجمان، سواء كانا مزوجين أم لا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ” فليجلدها الحد ” ولم يفرق بين مزوجة وغيرها، وفيه أنه لا يوبخ الزاني، بل يقام عليه الحد فقط.” (شرح النووي)
قال النووي:” قوله صلى الله عليه وسلم: (إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر) فيه أن الزاني إذا حد ثم زنى ثانيا يلزمه حد آخر، فإن زنى ثالثة لزمه حد آخر، فإن حد ثم زنى لزمه حد آخر، وهكذا أبدا، فأما إذا زنى مرات ولم يحد لواحدة منهن فيكفيه حد واحد للجميع. وفيه ترك مخالطة الفساق وأهل المعاصي وفراقهم، وهذا البيع المأمور به مستحب ليس بواجب عندنا وعند الجمهور، وقال داود وأهل الظاهر: هو واجب. (شرح النووي)
قال ابن حجر” وقال ابن بطال: حمل الفقهاء الأمر بالبيع على الحض على مساعدة من تكرر منه الزنا لئلا يظن بالسيد الرضا بذلك ولما في ذلك من الوسيلة إلى تكثير أولاد الزنا، قال: وحمله بعضهم على الوجوب ولا سلف له من الأمة فلا يستقل به، وقد ثبت النهي عن إضاعة المال فكيف يجب بيع الأمة ذات القيمة بحبل من شعر لا قيمة له: فدل على أن المراد الزجر عن معاشرة من تكرر منه ذلك، وتعقب بأنه لا دلالة فيه على بيع الثمين بالحقير وإن كان بعضهم قد استدل به على جواز بيع المطلق التصرف ماله بدون قيمته ولو كان بما يتغابن بمثله إلا أن قوله: ” ولو بحبل من شعر ” لا يراد به ظاهره وإنما ذكر للمبالغة كما وقع في حديث: ” من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة ” على أحد الأجوبة؛ لأن قدر المفحص لا يسع أن يكون مسجدا حقيقة، فلو وقع ذلك في عين مملوكة لمحجور فلا يبيعها وليه إلا بالقيمة، ويحتمل أن يطرد؛ لأن عيب الزنا تنقص به القيمة عند كل أحد، فيكون بيعها بالنقصان بيعا بثمن المثل؛ نبه عليه القاضي عياض ومن تبعه.” (فتح الباري)
وقال النووي: ” وفيه جواز بيع الشيء النفيس بثمن حقير، وهذا مجمع عليه إذا كان البائع عالما به، فإن كان جاهلا فكذلك عندنا وعند الجمهور، ولأصحاب مالك فيه خلاف. والله أعلم. وهذا البيع المأمور به يلزم صاحبه أن يبين حالها للمشتري؛ لأنه عيب، والإخبار بالعيب واجب، فإن قيل: كيف يكره شيئا ويرتضيه لأخيه المسلم؟ فالجواب: لعلها تستعف عند المشتري بأن يعفها بنفسه أو يصونها بهيبته أو بالإحسان إليها والتوسعة عليها أو يزوجها أو غير ذلك. والله أعلم. (شرح النووي)
قال ابن حجر:” ” فليبعها ولو بحبل من شعر “. فإنه يدل على جواز بيع الزاني، ويشعر بأن الزنا عيب في المبيع لقوله: ” ولو بحبل من شعر، قال ابن بطال: فائدة الأمر ببيع الأمة الزانية المبالغة في تقبيح فعلها، والإعلام بأن الأمة الزانية لا جزاء لها إلا البيع أبدا، وأنها لا تبقى عند سيد زجرا لها عن معاودة الزنا، ولعل ذلك يكون سببا لإعفافها إما أن يزوجها المشتري أو يعفها بنفسه أو يصونها بهيبته. (فتح الباري)
قال ابن باز:” فليبعها ولو بحبل كم شعر لأن ظهر لها سجية لها الفاحشة فليبعها ولو بشيء من قليل، يعني: يبين عيبها لمشتري يطأها، أنا بعت لأجل هذا ومعلوم إذا بين عيبها ما تشترى إلا بالشيء اليسير ولعلها إذا انتقلت من سيد إلى سيد لعلها تتوب لعل السيد الثاني يكون أقوى عليها إلى غير هذا من الأسباب” شرح رياض الصالحين لابن باز 1/ 490
قال ابن عثيمين:” إن زنت المرة الثانية؛ فليجلدها الحد ولا يثرب، ثم إن زنت يعني في الثالثة أو الرابعة؛ فليبعها ولو بحبل من شعر، يعني ولا يبقيها؛ لأنه لا خير فيها. ففي هذا دليل على أن السيد يقيم الحد على مملوكه، وأما غير السيد؛ فلا يقيم الحد. وإنما يتولى إقامة الحد الإمام، أو نائب الإمام حتى الأب لا يملك إقامة الحد على ابنه؛ لأن هذا موكول للإمام أو نائبه” (شرح رياض الصالحين 3/ 18)
248 – وعنه قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِرجلٍ قَدْ شرِب خَمْراً قَالَ: “اضْربُوهُ” قَالَ أَبُو هُرَيْرةَ: فمِنَّا الضَّارِبُ بِيدهِ والضَارِبُ بِنَعْله، والضَّارِبُ بِثوبِهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال بعْضُ الْقَومِ: أَخْزاكَ اللَّه، قَالَ: لا تقُولُوا هَكَذا لا تُعِينُوا عليه الشَّيْطان” رواه البخاري.
قوله: (أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب) يحتمل أن يفسر بعبد الله الذي كان يلقب حمارا … ويحتمل أن يفسر بابن النعيمان، والأول أقرب … ويحتمل أن يكون ثالثا ” ثم ساق الروايات في ذلك
قوله: (قال اضربوه) هذا يفسر الرواية الآتية بلفظ: “فأمر بضربه ” ولكن لم يذكر فيهما عددا. (فتح الباري) قال صاحب عون المعبود:” لأنه لم يكن موقتا حينئذ.”
(الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه) قوله (والضارب بثوبه) أي: بعد فتله للإيلام. (عون المعبود) قال ابن علان:” ومنه كأحاديث أخر في معناه يؤخذ حصول حد الخمر بالجلد باليد وأطراف الثوب وقد نقل المصنف إجماع العلماء على ذلك وما في معناه كالجلد بالجريد والنعال” (دليل الفالحين)
قوله: (قال بعض القوم) في الرواية الآتية: ” فقال رجل ” وهذا الرجل هو عمر بن الخطاب إن كانت هذه القصة متحدة مع حديث عمر في قصة حمار (فتح الباري)
(أخزاك الله) أي: أذلك الله. (عون المعبود)
قوله: (لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان) قال ابن حجر:” ووجه عونهم الشيطان بذلك أن الشيطان يريد بتزيينه له المعصية أن يحصل له الخزي فإذا دعوا عليه بالخزي فكأنهم قد حصلوا مقصود الشيطان. ” (فتح الباري)
وقال البيضاوي: لا تدعوا عليه بهذا الدعاء فإن الله إذا أخزاه استحوذ عليه الشيطان، أو لأنه إذا سمع منكم انهمك في المعاصي وحمله اللجاج والغضب على الإصرار فيصير الدعاء وصلة ومعونة في إغوائه وتسويله قاله القسطلاني. (عون المعبود)
و عند أبي داود … نحوه وزاد في آخره ولكن قولوا:” اللهم اغفر له اللهم ارحمه ” زاد فيه أيضا بعد الضرب ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ” بكتوه ” وهو أمر بالتبكيت وهو مواجهته بقبيح فعله، وقد فسره في الخبر بقوله: ” فأقبلوا عليه يقولون له ما اتقيت الله عز وجل ما خشيت الله جل ثناؤه، ما استحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أرسلوه “. (فتح الباري)
قال ابن حجر:” ويستفاد من ذلك منع الدعاء على العاصي بالإبعاد عن رحمة الله كاللعن (فتح الباري)