247 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله المشجري وعبدالملك وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
قال الشيخ مقبل:
247 – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 3 ص 383): حدثنا روح حدثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول «خيار الناس في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا».
* وقال رحمه الله (ج 3 ص 367): حدثنا أبو أحمد حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر: عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «الناس معادن فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا».
هذا حديث حسنٌ على شرط مسلم.
——
بوب عليه في الجامع:
– فضل الفقه في الدين
25 – فضل حسن الخلق
112 – الفضل بالتقوى
338 – قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (1)
الحديث في البخاري من رواية أبي هريرة:
3374 – حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ الْمُعْتَمِرَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ «قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أَكْرَمُهُمْ أَتْقَاهُمْ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللهِ لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللهِ ابْنُ نَبِيِّ اللهِ ابْنِ نَبِيِّ اللهِ ابْنِ خَلِيلِ اللهِ قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَخِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا.»
وكذلك أخرجه مسلم (2378)
قال ابن حجر:
فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا يحتمل أن يريد بقوله خياركم جمع خير ويحتمل أن يريد أفعل التفضيل تقول في الواحد خير وأخير ثم القسمة رباعية فإن الأفضل من جمع بين الشرف في الجاهلية والشرف في الإسلام وكان شرفهم في الجاهلية بالخصال المحمودة من جهة ملائمة الطبع ومنافرته خصوصا بالانتساب إلى الآباء المتصفين بذلك ثم الشرف في الإسلام بالخصال المحمودة شرعا ثم أرفعهم مرتبة من أضاف إلى ذلك التفقه في الدين ومقابل ذلك من كان مشروفا في الجاهلية واستمر مشروفا في الإسلام فهذا أدنى المراتب والقسم الثالث من شرف في الإسلام وفقه ولم يكن شريفا في الجاهلية ودونه من كان كذلك لكن لم يتفقه والقسم الرابع من كان شريفا في الجاهلية ثم صار مشروفا في الإسلام فهذا دون الذي قبله فإن تفقه فهو أعلى رتبة من الشريف الجاهل
فتح الباري لابن حجر (6/ 415)
قال الطيبي:
قوله: ((أي الناس أكرم؟))، يحتمل أن يراد به أكرم عند الله تعالى مطلقا من غير نظر إلى النسب، ولو كان عبدا حبشيا، وأن يراد الحسب مع النسب، وأن يراد به الحسب فحسب، وكان سؤالهم عن هذا لقوله صلى الله عليه وسلم: ((فعن معادن العرب)) أي عن أصولهم التي ينسبون إليها، وكان جوابهم نعم، فسلك صلى الله عليه وسلم الأسلوب الحكيم على ألطف وجه حيث جمع بين الحسب والنسب. وقال: ((إذا فقهوا)).قوله: ((قالوا: ليس عن هذا نسألك)) تقديره: ليس سؤالنا عن هذا على منوال قوله: فقالوا: ما تشاء؟ فقلت: الهوى.
((حس)):يريد أن من كانت له مأثرة وشرف إذا أسلم وفقه فقد حاز إلى ذلك ما استفاده بحق الدين. ومن لم يسلم فقد هدم شرفه وضيع نسبه .. ((مح)):قالوا: لما سئل صلى الله عليه وسلم: أي الناس أكرم؟ أجاب بأكملهم وأعمهم. وقال: أتقاهم لله)):؛ لأن أصل الكرم كثرة الخير، ومن كان متقيا كان كثير الخير وكثير الفائدة في الدنيا، وصاحب الدرجات العلى في الأخرى. ولما قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: يوسف الذي جمع خيرات الدنيا والآخرة وشرفها؛ حيث جمع مكارم الأخلاق مع شرف النبوة والنسب، وضم مع ذلك شرف علم الرؤيا والرئاسة وتمكنه فيها، وسياسة الرعية بالسيرة الحميدة والصورة الجميلة
شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (10/ 3144)
قال ابن الملقن:
ذكر فيه حديث أبي هريرة قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم -: مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ .. الحديث سلف قريبًا ويأتي في التفسير، ويريد أكرم الناس أصلاً؛ لأنهم أربعة أنبياء.
وهو رسول وإبراهيم رسول وهما صديقان وإبراهيم خليل، وكان يوسف وإخوته اثني عشر نبيًّا، وإبراهيم نبي، وجدهم وأخو جدهم نبيان، وأبو جدهم نبي رسول صديق خليل، وحزن يعقوب على يوسف حزن ثكلى في غير حرج ولا شكوى إلى العباد
وقوله: (“فعن معادن العرب تسألوني؟ “) يخبر أن أصحابه أطيب أصلاً في الجاهلية.
وقوله (“إذا فقهوا”) يقول: من كان على فقه فاعلموا أن له أصلاً في الجاهلية.
التوضيح لشرح الجامع الصحيح (19/ 417)
قال المناوي:
(خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام) أي من كان مختارا منكم بمكارم الأخلاق في الجاهلية فهو مختار في الإسلام (إذا فقهوا) قال في الرياض: بضم القاف على المشهور وحكى كسرها أي عملوا بأحكام الشرع أو صاروا فقهاء بأن مارسوا الفقه وتعاطوه حتى صار لهم به ملكة ونعم ما قال الأحنف كل عز لم يوطأ بعلم فإلى ذل ما يصير وقال الشاعر:
إن السري إذا سرى فبنفسه. . . وابن السري إذا ما سرى أسراهما
فأرشد إلى أنه لا خيار إلا بالفضل والتقوى فمن اتفق له ذلك مع أصل حميد شريف الأعراق كملت فضيلته وسما على غيره …
قال الطيبي: فإن قيل: ما فائدة التقييد بقوله إذا فقهوا لأن من أسلم وكان شريفا في الجاهلية خير ممن ليس له شرف فيها سواء فقه أو لا؟ قلنا: ليس كذلك فإن الإيمان يرفع التفاوت المعتبر في الجاهلية فإذا علا الرجل بالعلم والحكمة استجلب النسب الأصلي فيجمع شرف النسب مع شرف الحسب وفهم منه أن الوضيع المسلم المتحلي بالعلم أرفع منزلة من المسلم الشريف العاطل فمعناه أن من اجتمع له خصال شرف زمن الجاهلية من شرف الآباء ومكارم الأخلاق وصنائع المعروف مع شرف الإسلام والتفقه فيه فهو الأحق بهذا الاسم ذكره القرطبي.
فيض القدير (3/ 465)
قال ابن عثيمين:
النسب لا ينفع صاحبه إذا أخره عن صالح الأعمال لقوله: “مَن بطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ” يعني أخَّره “لَم يُسرِع بِهِ نَسَبُهُُ”.
فإن لم يبطاء به العمل وسارع إلى الخير وسبق إليه، فهل يسرع به النسب؟
فالجواب: لا شك أن النسب له تأثير وله ميزة، ولهذا نقول: جنس العرب خير من غيرهم من الأجناس، وبنو هاشم أفضل من غيرهم من قريش، كما جاء في الحديث “إن الله اصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم” (2) وقال ” خياركم في الإسلام خياركم في الجاهلية إذا فقهوا” (3).
فالنسب له تأثير، لذلك تجد طبائع العرب غير طبائع غيرهم، فهم خير في الفهم، وخير في الجلادة وخير في الشجاعة وخير في العلم، لكن إذا أبطأ بهم العمل صاروا شراً من غيرهم.
انظر إلى أبي لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم ماذا كانت أحواله؟
كانت أحواله أن الله تعالى أنزل فيه سورة كاملة (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ* مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ* سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ* فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ)
شرح الأربعين النووية للعثيمين (ص366)
قال البسام:
وليس فضل العرب ثم قريش ثم بني هاشم بمجرَّد كون النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم، بل هم في أنفسهم أفضل.
قال الكرماني: هذا مذهب أئمة أهل العلم، وأصحاب الأثر، وأهل السنة المعروفين بها، فمن خالف هذا المذهب، أو عابه، فهو مبتدعٌ، خارجٌ عن الجماعة، زائلٌ عن منهج السنة وسبيل الحق، الذي عليه أحمد، وإسحاق، والحميدي، وسعيد بن منصور، وغيرهم، فتعرف للعرب مقامها، وفضلها، وسابقتها، وحسْبهم حديث: “حب العرب إيمان، وبغضهم نفاق” وهو حديثٌ ضعيف؛ لكنه في الفضائل.
وسبب هذا الفضل -والله أعلم- هو ما اختصوا به في عقولهم وألسنتهم وأخلاقهم وأعمالهم، وذلك أنَّ الفضل إما بالعلم النافع، وإمَّا بالعمل الصالح، والعرب أفهم من غيرهم، وأحفظ، وأقدر على البيان والعبارة، ولسانهم أتم لسانٍ، بيانًا وتمييزًا للمعاني.
وأمَّا العمل: فإنَّهم جُبِلوا على الأخلاق الكريمة، وهي الغرائز المخلوقة في النفس، وغرائزهم أطوع للخير من غيرهم، فهم أقرب إلى السخاء، والحلم والشجاعة، والوفاء، وغير ذلك من الأخلاق المحمودة، لكن كانوا قبل الإِسلام قابلين للخير، معطَّلين عن فعله، ليس عندهم علمٌ منزَّل من السماء، ولا شريعةٌ موروثةٌ عن نبي، ولا هم أيضًا مشتغلون ببعض العلوم العقلية المحضة، فلما بعث الله محمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- بالهدى، وتلقَّوه عنه، زال ذلك الرَّين عن قلوبهم، واستنارت بهداية الكتاب الذي أنزله على عبده ورسوله، فأخذوا هذا الهدي العظيم بتلك الفطرة الجديدة، فاجتمع لهم الكمال بالقوة المخلوقة فيهم، والكمال الذي أنزل الله إليهم، فصار السابقون الأوَّلون من المهاجرين والأنصار أفضل خلق الله بعد الأنبياء، وصار أفضل الناس بعدهم مَن تبعهم بإحسان إلى يوم القيامه، ومن تشبه بهم.
والله تعالى خص العرب بأحكامٍ تميَّزوا بها، ثم خصَّ قريشًا على سائر العرب بما جعل فيهم من خلافة النُّبوَّة، وغير ذلك من الخصائص، ثم خصَّ بني هاشم بتحريم الصدقة، واستحقاق قسط من الفيء، إلى غير ذلك من الخصائص، فأعطى سبحانه وتعالى كلاًّ درجة من الفضل بحسبه، والله أعلم.
وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44]، وقال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: “اختار الله من بني آدم العرب، واختار من العرب مضرًا، واختار من مضر قريشًا، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا خيارٌ من خيار، فمن أحبَّ العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم”، وقال -صلى الله عليه وسلم-: “أحبُّوا العرب لثلاث: لأنِّي عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة عربي” حديث حسن، أي حسن: متنه على الاصطلاح العام، لا حسن إسناده على طريقة المحدثين؛ فإنَّ في الحديث ضعفًا.
قال سلمان: “نفضلكم يا معشر العرب؛ لتفضيل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إيَّاكم، لا ننكِحُ نساءكم، ولا نؤمكم في الصَّلاة”.
ولما وضع عمر ديوان العطاء، كتب النَّاس على قدر أنسابهم، فبدأ بأقربهم نسبًا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلمَّا انقضت العرب ذكر العجم.
هكذا كان الديوان على عهد الخلفاء الراشدين وسائر الخلفاء إلى أن تغير الأمر. اهـ من كلام شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-.
وقد جاء في الحدث الصحيح أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: “خياركم في الجاهلية خياركم في الإِسلام إذا فَقُهُوا”
والتفاوت بين مخلوقات الله تعالى جَوْدَةً ورداءةً موجود، فهذا هو سنته في خلقه في كل شيءٍ من جمادٍ ونباتٍ وحيوانٍ وإنسانٍ، بحسب ما أودع فيه من خصائص، فالله جلَّ وعلا يفضل بعض الأشياء على بعض.
أما من حيث الواجبات، فالمسلمون أمامها سواء، لا فضل لأحد على أحد.
وكذلك هم أمام الحقوق سواء، فلا تفضيل لبعضهم على بعض، وهم أمام الله تعالى على حسب تقواهم، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، وإِذنْ فليس هنا تفاوت بين النصوص، وإنما كل منها في ناحية. والله أعلم.
توضيح الأحكام من بلوغ المرام (5/ 308)
وراجع شرحنا على صحيح مسلم في فقد نقلنا نقولات مطوله عن ابن تيمية في فضل العرب