2454-2453 صحيح مسلم
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم. ونوح وعبدالخالق واخوه محمد وموسى الصوماليين
ومجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
——–”——-”———
18 – باب من فضائل أم أيمن رضي الله عنها
102 – (2453) حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا أبو أسامة، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، قال: «انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى أم أيمن، فانطلقت معه، فناولته إناء فيه شراب» قال: فلا أدري أصادفته صائما أو لم يرده، فجعلت تصخب عليه وتذمر عليه
103 – (2454) حدثنا زهير بن حرب، أخبرني عمرو بن عاصم الكلابي، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، قال: قال أبو بكر رضي الله عنه، بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: ” انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما انتهينا إليها بكت، فقالا لها: ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء، فهيجتهما على البكاء. فجعلا يبكيان معها ”
———————–
ذكر النووي فوائد: الحديث الأول: فيه أن للضيف الإمتناع من الطعام والشراب الذي يحضره المضيف إذا كان له عذر من صوم أو غيره.
الحديث الثاني: فيه زيارة الصالحين وفضلها، وزيارة الصالحين لمن هو دونه، وزيارة الإنسان لمن كان صديقه يزوره، ولأهل ود صديقه، وزيارة جماعة من الرجال للمرأة الصالحة وسماع كلامها. واستصحاب العالم والكبير صاحبا له في الزيارة والعيادة ونحوهما. والبكاء حزنا على فراق الصالحين، والأصحاب. وإن كانوا قد انتقلوا إلى أفضل مما كانوا عليه.
(فوائد) غير ما ذكره النووي
* فيه تواضع الصديق وهو الخليفة، وأيضا تواضع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
* توقير أبو بكر وعمر رضي الله عنهما لأم أيمن لما بذلته للنبي صلى الله عليه وسلم.
* حبهما للنبي صلى الله عليه وسلم جعلهما يفعلان ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.
* زيارة من يرجى أن تكون الزيارة فيها فائدة.
* سعت علم أم أيمن رضي الله عنها، وهي تعتبر أمة وأعتقت، وهي مع هذا تذكرت عظم خبر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، والخير الذي سيفقدونه من انقطاع الوحي، وغيره.
* قوة إيمانها، وثباتها مع بكائها لمفارقة النبي صلى الله عليه وسلم.
مسألة زيارة المرأة الأجنبية:
قال الإمام البخاري: ” باب عيادة النساء الرجال , وعادت أم الدرداء رجلاً من أهل المسجد من الأنصار “. ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها أنها عادت أبا بكر وبلالاً رضي الله عنهما لما مرضا في أول مقدمهم المدينة.
قال الحافظ ابن حجر:” أَيْ وَلَوْ كَانُوا أَجَانِبَ بِالشَّرْطِ الْمُعْتَبَرِ “.
وقال أيضاً: “ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا الْحَدِيثَ. وَقَدِ اعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ الْحِجَابِ قَطْعًا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَذَلِكَ قَبْلَ الْحِجَابِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ مِنْ عِيَادَةِ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِشَرْطِ التَّسَتُّرِ وَالَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ مَا قَبْلَ الْحِجَابِ وَمَا بَعْدَهُ الْأَمْنُ مِنَ الْفِتْنَةِ”. انتهى.
والشروط التي ذكرت يجب توفرها: التستر، وأمن الفتنة، وعدم الخلوة.
قال ابن الجوزي: ” وَالأَوْلَى حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لا يُخَافُ مِنْهَا فِتْنَةٌ كَالْعَجُوزِ ” انتهى.
وحديث الباب يحمل على الزيارة من غير مصافحة؛ لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يبايع النساء من غير مصافحة، وهكذا الظن بخلفائه الراشدين -وهم القدوة والأسوة-، وأيضاً في الحديث ليس فيه مصافحة.
مما ورد في ترجمة أم أيمن رضي الله عنها
اسمها ونسبها:
– أم أيمن: مولاة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وحاضنته. قال أَبُو عُمَر بْن عَبد الْبَرِّ في ذكر اسمها: ” بركة بنت ثعلبة، بن عَمْرو بن حصن بن مالك بْن سَلَمَةَ بْن عَمْرو بْن النعمان.
وهي أم أيمن غلبت عليها كنيتها، كنيت بابنها أيمن بن عُبَيد، وهي بعد أم أسامة ابن زيد، تزوجها زيد بن حارثة بعد عُبَيد الحبشي فولدت له أسامة، يُقَال لها: مولاة رسول الله، وخادم رسول الله، وتعرف بأم الظباء.
هاجرت الهجرتين إلى أرض الحبشة وإلى المدينة جميعا”. [الاستيعاب: (4/ 1793)، والإصابة في تمييز الصحابة]
فرع: مسألة: لمن كانت مملوكة؟
في المسألة ثلاثة أقوال:
الأول: كانت لعَبد الله بن عبد المطلب، ثم صارت للنبي صلى الله عليه وسلم ميراثا. ذكره المفضل بن غسان، عن الواقدي، كما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب. وذكره ابن سعد في [الطبقات الكبرى، (8/ 223)].
الثاني: كانت لأُم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فورثها من أمه. قاله أَحْمَد بْن أَبي خيثمة، عن سُلَيْمان بْن أَبي شيخ، كما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب.
بهذين القولين يمكن أن يقال: لا يبعد أن تكون مملوكة لعبد الله بن عبد المطلب، ثم بعد ذلك لما توفي ورثتها منه امرأته آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم، وحين ماتت والدته صارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالإرث، فأعتقها النبي صلى الله عليه وسلم، حين تزوج خديجة بنت خويلد، وقيل: اعتقها عبد الله بن عبد المطلب كما جاء في [معرفة الصحابة، لأبي نعيم الأصبهاني، (6/ 3466)].
الثالث: قيل: إنها كانت لأُخت خديجة، فوهبتها لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. [معرفة الصحابة، لأبي نعيم الأصبهاني، (6/ 3466)].
* تنبيه: وهناك أم أيمن واسمها بركة أيضاً غير هذه، وهي مولاة أم حبيبة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها-، جاءت بها معها من الحبشة.
زواجها، وأولادها:
* ” تزوجها عبيد الحبشي، فولدت له أيمن المعروف بابن أم أيمن، ثم خلف عليها زيد بْن حارثة، فولدت له أسامة “، و”أيمن له صحبة واستشهد بحنين، وهو أسن من أسامة”.
* كان زيد بن حارثة بن شَرَاحِيل الكَلْبِي مولى خديجة بنت خويلد فوهبته لرسول الله فأعتقه، وتزوّجها زيد بن حارثة بعد النبوّة فولدت له أُسامة بن زيد، وبه كان يكنى.
[انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، للقرطبي (4/ 1925)].
إسلامها وهجرتها:
((أسلمت قديمًا أول الإسلام، وهاجرت إلى الحبشة وإلى المدينة، وبايعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم”،
و”هاجرت الهِجْرَتين إلى أرض الحبشة وإلى المدينة جميعًا”، فهي مِنْ كِبَارِ الْمُهَاجِرَاتِ.
[انظر: تاريخ الإسلام للذهبي، (2/ 33)، أسد الغابة لابن الأثير (7/ 325)، والاستيعاب في معرفة الأصحاب]
فضائلها، ومناقبها:
قال يحيى بن أبي بكر رحمة الله في (الرياض المستطابة في جملة من روى في الصحيحين من الصحابة) في نهاية حديثه عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: ” والأخبار في تولي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسامة وأبيه وأُمه، ومحبته لهم كثيرة منتشرة، وبسبب ذلك كان لهم ولبنيهم جاهٌ ووجهٌ عند الناس بعد رسول الله.
[ولقد] جاهد أسامة رضي الله عنه حين كان الجهاد محضاً لا شُبهة فيه، فلما جرت الفتنُ بين الصحابة اعتزلها جملةً. وعذَرَه عليّ رضي الله عنه وقال فيه وفيمن مشى طريقته: إن كان حسباً فإنه لعظيم وإن كان دنيا إنه لحقير.
وأم أسامة رضي الله عنهما أم أيمن، (بركة)، مولاة عبدالمطلب، حضنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد موت أُمه، ثم أدركت الإسلام فأسلمت وهاجرت. وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يزورها إلى بيتها (وكذلك فعل أصحابه من بعده)
وكان لها عليه دلال زائد، وتوفيت بعده صلى الله عليه وسلم، بخمسة أشهر وقيل ستة.
لا يصح لأم أيمن، ولا لزوجها زيد، ولا لابنها أيمن بن عبيد في الصحيحين روايةٌ، لتقدم وفاتهم.
وأما أسامة رضي الله عنه فروى فيهما تسعة عشر حديثاً، اتفقا على خمسة عشر، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بحديثين. وخرّج عنه الأربعة.
روى عنه: أبو طيبة، وكريب، وعروة، وخلْق.
وتوفي بالمدينة، وقيل بوادي القرى، وقيل بالجرْف. وحُمل إلى المدينة سنة أربع وخمسين، وقيل سنة أربعين بعهد علي.
وقال ابن عمر عند موته: عَجِّلوا بحِبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل أن تطلع الشمس.
وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وله عشرون سنة … وقيل دون ذلك، والله أعلم.”. انتهى.
وإن مما ورد في فضائلها رضي الله عنها:
1 – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزورها، وتكرمه؛ ما ذكر في حديث الباب: ((انْطَلَقَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ فَنَاوَلَتْهُ إِنَاءً فِيهِ شَرَابٌ فَلَا أَدْرِي أَصَادَفَتْهُ صَائِمًا أَوْ لَمْ يُرِدْهُ فَجَعَلَتْ تَصْخَبُ عَلَيْهِ وَتَذْمُرُ عَلَيْهِ)).
الصخب: الضجة، واضطراب الأصوات للخصام. [انظر: النهاية (باب: الصاد مع الخاء) (3/ 14)، والديباج للسيوطي (5/ 420)].
تَذَمّر: ويروى: (تَذْمُر) أي: تعاتبه، وتلومه، وترفع صوتها، وتجرؤ عليه. [انظر: المجموع المغيث (ومن باب: الذال مع الميم) (708/ 1 – 709)، والنهاية (باب: الذال مع الميم) (2/ 167)، شرح مسلم للنووي (9/ 16)].
2 – زيارة الصحابة أبو بكر وعمر لها في منزلها؛ كما جاء في حديث الباب: ((قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا)).
3 – ذكر بعض أهل العلم أن إحدى الإمرأتين أم أيمن أو سمية، عن عَمَّارًا بن ياسر رضي الله عنه، يَقُولُ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا مَعَهُ، إِلَّا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ، وَامْرَأَتَانِ، وَأَبُو بَكْرٍ). [رواه البخاري، كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا خليلا»، حديث رقم (3493)].
قال في (إرشاد الساري): ” (يقول: رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما معه) ممن أسلم معه (إلا خمسة أعبُد) بلال وزيد بن حارثة وعامر بن فهيرة وأبو فكيهة مولى صفوان بن أمية بن خلف وعبيد بن زيد الحبشي، وذكر بعضهم عمار بن ياسر بدل أبي فكيهة (وامرأتان) خديجة أم المؤمنين، وأم أيمن أو سمية (وأبو بكر) الصديق وكان أول من أسلم من الأحرار البالغين -رضي الله عنه-.”. انتهى.
4 – تبكي رضي الله عنها لبكاءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهي من المواقف الرائعة التي حدثت بين أم أيمن والرسول صلى الله عليه وسلم أنه لما حضرت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم صغيرة، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فضمها إلى صدره ثم وضع يده عليها فقضت، وهي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكت أم أيمن فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أم أيمن، أتبكين ورسول الله صلى الله عليه وسلم عندك؟)) فقالت: ما لي لا أبكي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي. فقال رسول الله: ((إني لست أبكي ولكنها رحمة))، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن بخير على كل حال تنزع نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله عَزَّ وَجَلَّ)). [سنن النسائي، باب في البكاء على الميت (1843)، 4/ 12. قال الألباني: صحيح].
قلت سيف بن دورة: أخرجه أحمد 2475 وهو على شرط الذيل على الصحيح المسند. وورد في الصحيح المسند 1268 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((إن الله عز وجل يقول: إن عبدي المؤمنَ عندي بمنزلة كل خير، يحمدُني وأنا أنزِعُ نفسَهُ من بين جَنْبَيْه)).
5 – معاملتها مع النبي صلى الله عليه وسلم معاملة الأم لولدها، والنبي صلى الله عليه وسلم يبادلها الشعور، وكرم النبي صَلَّى الله عليه وسلم معها:
كما روى البخاري في الصحيح، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخَلَاتِ حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ وَإِنَّ أَهْلِي أَمَرُونِي أَنْ آتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْأَلَهُ الَّذِي كَانُوا أَعْطَوْهُ أَوْ بَعْضَهُ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتْ الثَّوْبَ فِي عُنُقِي تَقُولُ كَلَّا وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا يُعْطِيكَهُمْ وَقَدْ أَعْطَانِيهَا أَوْ كَمَا قَالَتْ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكِ كَذَا وَتَقُولُ كَلَّا وَاللَّهِ حَتَّى أَعْطَاهَا حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ عَشَرَةَ أَمْثَالِهِ أَوْ كَمَا قَالَ.
قال الحافظ ابن حجر: ” وحاصله أن الأنصار كانوا واسوا المهاجرين بنخيلهم لينتفعوا بثمرها، فلما فتح الله النضير ثم قريظة قسم في المهاجرين من غنائمهم فأكثر، وأمرهم برد ما كان للأنصار لاستغنائهم عنه، ولأنهم لم يكونوا ملكوهم رقاب ذلك، وامتنعت أم أيمن من رد ذلك ظنا أنها ملكت الرقبة، فلاطفها النبي صلى الله عليه وسلم لما كان لها عليه من حق الحضانة حتى عوضها عن الذي كان بيدها بما أرضاها.
قوله: (وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطاه أم أيمن، فجاءت أم أيمن) في هذا السياق حذف يوضحه رواية مسلم من هذا الوجه بلفظ ” أعطاه أم أيمن فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطانيه “.
قوله: (والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لك كذا) أي يقول لأم أيمن لك كذا، في رواية مسلم ” والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا أم أيمن اتركيه ولك كذا ” وقوله: ولك كذا كناية عن القدر الذي ذكره لها النبي صلى الله عليه وسلم، قال النووي: ظنت أم أيمن أن تلك المنحة مؤبدة فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليها هذا الظن تطييبا لقلبها؛ لكونها حاضنته، وزادها من عنده حتى طاب قلبها.
قوله: (حتى أعطاها، حسبت أنه قال عشرة أمثاله أو كما قال) في رواية مسلم ” حتى أعطاها عشرة أمثاله أو قريبا من عشرة أمثاله ” وعرف بهذا أن معنى قوله: ” ولك كذا ” أي مثل الذي لك مرة، ثم شرع يزيدها مرتين أو ثلاثا إلى أن بلغها عشرة.
وفي الحديث:
– فرط جود النبي صلى الله عليه وسلم وكثرة حلمه وبره،
– ومنزلة أم أيمن عند النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها وهي والدة أسامة بن زيد، وابنها أيمن أيضا له صحبة واستشهد بحنين، وهو أسن من أسامة، وعاشت أم أيمن بعد النبي صلى الله عليه وسلم قليلا رضي الله عنهم “. انتهى.
6 – أُمُّ أَيْمَنَ أُمِّي بَعْدَ أُمِّي: وقال ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ؛ قال: أم أيمن اسمها بركة، وكانت لأمّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: ((أُمُّ أَيْمَنَ أُمِّي بَعْدَ أُمِّي)) “. [الإصابة في تمييز الصحابة].
جاء في (فتاوى اللجنة الدائمة): ” والحديث الذي استدللت به في هذا وهو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأم أيمن الحبشية رضي الله عنها: ((أنت أمي بعد أمي))، لا يصح عنه صلى الله عليه وسلم؛ لضعف سنده”. انتهى.
7 – عن أم أيمن -رضي الله عنها-: قام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل إلى فخارة من جانب البيت فبال فيها، فقمت من الليل وأنا عطشانة، فشربت ما فيها، وأنا لا أشعر، فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يا أم أيمن، قومي فاهريقي ما في تلك الفخارة)). قلت: قد شربت ما فيها. قالك: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: ((أما إنك لا تتعجبين بطنك أبدًا)).
قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تتعجبين)): على مثال: (لا تشتكين)، قال اللغويون: هو اسم لجميع المرض كله. قاله الملقن في البدر المنير (2/ 231)].
قال الشيخ سعود بن عيد الصاعدي رحمه الله في [(الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة) (ج11/ ص338 – 340)]: هذا الحديث جاء من طريقي نبيح بن عبد الله العتري، والوليد بن عبد الرحمن، كلاهما عن أم أيمن.
قال عن طريق نبيح الذي فيه أبو مالك النخعي: وأبو مالك قدمت أنه متروك الحديث؛ فإسناد حديثه واه، لا شيء.
وبضعفه أعل حديثه هذا: ابن الملقن، وابن حجر، وغيرهما، ثم أعلاه – أيضاً – بأن نبيحاً لم يلحق أم أيمن، إلا أن ابن الملقن لم يجزم بذلك.
وقال عن طريق الوليد بن عبد الرحمن، الذي فيه: ((إنك لا تشتكي بطنك بعد يومك هذا … ))، بعد أن ذكر أن في الإسناد أبو مالك النخعي عبد الملك بن حسين المتروك، قال رحمه الله: فعاد الحديث إليه، ساقه أولاً عن الأسود بن قيس، وثانياً عن نافع بن عطاء، فأوهم أن له فيه إسنادين، ولضعفه واضطرابه فيه ضعف حديثه الدار قطني في العلل (5/ 262ب).
إلى أن قال: خلاصة القول: أن حديث بذكر أم أيمن واه الإسناد، تفرد به أبو مالك النخعي.
وتقدم قصة البول لبركة الحبشية بإسناد آخر، ولفظ آخر، وعرفت أنها قصة لم تثبت = أيضاً -، والله الهادي برحمته. انتهى المقصود.
مما ورد في كتب التراجم والسير:
-[تلطفها مع النبي صلى الله عليه وسلم، وتبشير النبي صلى الله عليه وسلم لها]
أخبرنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا فُضَيْل بن مرزوق، عن سفيان بن عُقْبة قال: كانت أمّ أيمن تلطِّف النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وتقوم عليه، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: “من سرّه أن يتزوّج امرأة من أهل الجنّة فليتزوج أمّ أيمن” فتزوّجها زيد بن حارثة فولدت له أُسامة بن زيد. (وقد مر ذكره في الحديث عن زواجها رضي الله عنها)
قلت سيف بن دورة: ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة. وكذلك محقق سير أعلام النبلاء وراجع تاريخ دمشق 4/ 303
-[حب النبي صلى الله عليه وسلم لها، ولذريتها]
عن الزُّهْرِي قال: حدّثني حَرْمَلَةُ مولى أُسامة بن زيد: أنّه بينا هو جالس مع عبد الله بن عمر، دخل الحجّاج بن أيمن، فصلّى صلاة لم يتمّ ركوعه ولا سجوده، فدعاه ابن عمر حين سلّم فقال: أي أخي أتحسِب أنّك قد صلّيتَ؟ إنّك لم تصلّ فَعُد لصلاتك. قال: فلمّا ولي الحجّاج. قال لي عبد الله بن عمر: من هذا؟ قلت: الحجّاج بن أيمن بن أمّ أيمن. فقال ابن عمر: لو رأى هذا رسول الله لأحبّه. فذكر حبّه ما ولدت أمّ أيمن، وكانت حاضنة النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم.
أخرجه البخاري
-[واقعت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لها، ووفاة عمر رضي الله عنهما]:
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي، حدّثنا سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: لمّا قُبض النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، بكت أمّ أيمن فقيل لها: ما ُيبْكيك؟ فقالت: أبكي على خبر السماء.
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي وقبيصة بن عقبة قالا: حدّثنا سفيان، عن قيس ابن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: لما قُتل عُمَرُ بكت أمّ أيمن قالت: اليوم وَهَى الإسلامُ. قال قبيصة في حديثه: وبكت أمّ أيمن حين قُبض النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقيل لها فقالت: إنّما أبكي على خبر السماء. قال قبيصة: كان سفيان إذا جاء بحديث جعفر ذكر هذا فيه وإذا جاء بحديث طارق ذكر هذا فيه فكنّا نقول: سفيان لا يحفظ هذا في أيّ حديث هو.)) [الطبقات الكبير].
– عن أم أيمن -رضي الله عنهما- قالت: “ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شكا صغيرًا ولا كبيرًا جوعًا ولا عطشًا، كان يغدو فيشرب من ماء زمزم، فأعرض عليه الغداء فيقول: ((لا أريده أنا شبع)).
– وقالت أم أيمن يوم قتل عمر: اليوم وهي الإسلام. [الهيثمي: مجمع الزوائد 9/ 418]
عزاه محقق التوضيح لابن الملقن إلى طبقات ابن سعد. 1/ 168 قلت سيف بن دورة: (عن شيوخ)
أولاً: ما ورد عنها من الأحاديث:
تهذيب الكمال: ” روت عَن: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ (ق).
روى عنها: أنس بن مالك (ق)، وحنش بن عَبد اللَّهِ الصنعاني (ق)، وأبو يزيد المديني”.
روى لها ابن ماجه حديثين:
الأول: حديث ثابت عن أنس في زيارة أبي بكر وعمر إياها، وفيه قصة.
والثاني: حديث حنش بن عبد الله الصنعاني عنها أنها غَرْبَلت دقيقاً فصنعت للنبي صلى الله عليه وسلم رغيفاً فقال: «ما هذا؟» فقالت: طعام نصعنه بأرضنا فأحببت أن أصنَعَ لك منه رغيفاً، فقال: «رُدِّيه فيه ثُمَّ اعجنيه». [انظر: التَّكْميل في الجَرْح والتَّعْدِيل ومَعْرِفة الثِّقَات والضُّعفاء والمجَاهِيل، لابن كثير، (4/ 324 – 325) دراسة وتحقيق].
قلت سيف بن دورة: أخرجه ابن ماجه 3336
وهو على شرط الذيل على الصحيح المسند
وحسنه شعيب في تحقيق ابن ماجه.
وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة 2483 وقال المراد رديه أي ردي ما غربلتيه من النخالة إلى الدقيق ثم اعجنيه من جديد وهذا من زهده صلى الله عليه وسلم في طعامه.
وأيضاً:
3856 – أم أيمن، روى عنها مكحول.
• قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: وممن روى عنه صلى الله عليه وسلم من أهل الشام، وذكر منهن: أم أيمن، روى عنها مكحول، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تتركن الصلاة متعمدًا. «العلل» (5784). [موسوعة أقوال الإمام أحمد بن حنبل في رجال الحديث وعلله، (4/ 269)]
وسبق في بداية قول قال يحيى بن أبي بكر رحمة الله في (الرياض المستطابة في جملة من روى في الصحيحين من الصحابة): … لا يصح لأم أيمن، ولا لزوجها زيد، ولا لابنها أيمن بن عبيد في الصحيحين روايةٌ، لتقدم وفاتهم.
وأما أسامة رضي الله عنه فروى فيهما تسعة عشر حديثاً، اتفقا على خمسة عشر، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بحديثين. وخرّج عنه الأربعة.
روى عنه: أبو طيبة، وكريب، وعروة، وخلْق … انتهى المراد.
ثانياً: ما ورد عنها من الأبيات:
وقالت أم أيمن كلمات ترثي النبي صلى الله عليه وسلم:
عين جودي فإن بذلك للدمع *** شفاء فأكثري م البكاء
حين قالوا الرسول أمسى فقيدا *** ميتا كان ذاك كل البلاء
وابكيا خير من رزئناه في الدنيا *** ومن خصه بوحي السماء
بدموع غزيرة منك حتى *** يقضي الله فيك خير القضاء
فلقد كان ما علمت وصولا *** ولقد جاء رحمة بالضياء
ولقد كان بعد ذلك نورا *** وسراجا يضيء في الظلماء
طيب العود والضريبة والمعدن *** والخيم خاتم الأنبياء
[ابن سعد: الطبقات الكبرى 2/ 332]
قال القاضى عياض فى شرح مسلم: أم أيمن اسمها بركة، وهى أم أسامة، كان أسامة أسود وأبوه زيد أبيض، ولم أر لأحد أن أم أيمن كانت سوداء إلا أحمد بن سعيد الصدفى، فذكر فى تاريخه عن عبد الرزاق، عن ابن سيرين أنها كانت سوداء، فعلى هذا خرج لون أسامة كلونها. قال: وقد نسبها الناس، فقالوا: هى أم أيمن بركة بنت محصن ابن ثعلبة بن عمرو بن حفص بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان.
قال القاضى عياض: وقد ذكر مسلم فى كتاب الجهاد، عن ابن شهاب، أن أم أيمن كانت من الحبشة، وكذا ذكر الواقدى. قال: وذكر بعض المؤرخين أن أم أيمن هذه كانت من سبى جيش أبرهة صاحب الفيل لما انهزم أبرهة عن مكة، أخذها عبد المطلب من فل عسكره، وهذا يؤكد ما ذكره ابن سيرين، هذا آخر كلام القاضى عياض”. انتهى. [ذكره النووي في (تهذيب الأسماء واللغات)].
وفاتها:
اختلفوا في سنة وفاتها على ما ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة (8/ 173)، حيث قال: ((قال الواقديّ: ماتت أم أيمن في خلافة عثمان، وأخرج ابن السّكن بسند صحيح عن الزّهري أنها توفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بخمسة أشهر؛ وهذا مرسل؛ ويعارضه حديث طارق أنها قالت بعد قَتْل عمر ما قالت، وهو موصول؛ فهو أقوى، واعتمده ابن منده وغيره.
وزاد ابن منده: بأنها ماتت بعد عمر بعشرين يومًا.
وجمع ابن السَّكن بين القولين: بأن التي ذكرها الزّهري هي مولاةُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن التي ذكرها طارق بن شهاب هي مولاة أم حبيبة بَرَكة، وأن كلًّا منهما كان اسمها بركة، وتُكْنَى أم أيمن، وهو محتمل على بُعْد)).
وحديث طارق بن شهاب الذي ذكره ابن حجر وهو ما رواه ابن سعد في الطبقات (3/ 369): أخبرنا وكيع بن الجراح، والفضل بن دكين، ومحمد بن عبد الله الأسدي، قالوا: أخبرنا سفيان عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: قالت أم أيمن يوم أصيب عمر: “اليوم وهى الإسلام”.
وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، فهو أقوى من قول الزهري الذي اعتمده الذهبي – رحمه الله-” [انظر: حاشية تلخيص المستدرك].
يقصد قول الذهبي في الحديث الذي فيه ((أمه – أي أسامة – ماتت زمن الصديق)) أعله بالإرسال.
وهذه بعض الأقوال الواردة:
قال ابن كثير: “توفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر، وقيل: ستة أشهر، وقيل: إنها بقيت بعد قتل عمر بن الخطاب”.
وجاء في مستدرك الحاكم: “توفيت أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته في أول خلافة عثمان بن عفان “. [الحاكم: المستدرك 4/ 71]
ذكر النووي في (تهذيب الأسماء واللغات): “توفيت بعد رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بخمسة أشهر، وقيل: بستة أشهر، هذا كلام ابن الأثير.
وقال محمد بن سعد كاتب الواقدى فى طبقاته: أم أيمن اسمها بركة. قال محمد بن عمر، يعنى الواقدى: شهدت أُحُدًا، وخيبر، وتوفيت فى خلافة عثمان بن عفان. قلت: هذا الذى قاله الواقدى من وفاتها شاذ منكر مردود، وإنما نذكر مثله ليعلم أنا قد اطلعنا عليه ونعتقد بطلانه مخافة من اغترار واقف عليه”. انتهى.