2451 – 2452 الفوائد المنتقاة على صحيح مسلم
مجموعة طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم. وموسى ونوح الصوماليين.
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات حاكم الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم)
=========”=======
صحيح مسلم
باب فضائل أم سلمة رضي الله عنها
100 – (2451) حدثني عبد الأعلى بن حماد، ومحمد بن عبد الأعلى القيسي، كلاهما عن المعتمر، قال: ابن حماد، حدثنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي، حدثنا أبو عثمان، عن سلمان، قال: لا تكونن إن استطعت، أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فإنها معركة الشيطان، وبها ينصب رايته. قال: وأنبئت أن جبريل عليه السلام، أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم، وعنده أم سلمة، قال: فجعل يتحدث، ثم قام فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: «من هذا؟» أو كما قال: قالت: هذا دحية، قال: فقالت أم سلمة: ايم الله ما حسبته إلا إياه، حتى سمعت خطبة نبي الله صلى الله عليه وسلم – يخبر خبرنا أو كما قال: قال: فقلت لأبي عثمان: ممن سمعت هذا؟ قال: من أسامة بن زيد.
——————
قال النووي: (قوله إن أم سلمة رأت جبريل في صورة دحية: هو – بفتح الدال وكسرها – وفيه منقبة لأم سلمة رضي الله عنها. وفيه جواز رؤية البشر الملائكة ووقوع ذلك ويرونهم على صورة الآدميين لأنهم لا يقدرون على رؤيتهم على صورهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرى جبريل على صورة دحية غالباً، ورآه مرتين على صورته الأصلية).
وقال ابن القيم: (ومن خصائصها أن جبريل دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهي عنده فرأته صورة دحية الكلبي). فرضي الله عنها وأرضاها. “.
من الفوائد الزائدة على ما ذكره النووي رحمه الله:
* ورد الحديث في البخاري مختصراً بدون قول سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم 3435 كتاب المناقب باب علامات النبوة في الإسلام ورقم 4695 كتاب فضائل القرآن باب كيف نزل الوحي وأول ما نزل.
* قال ابن حجر في فتح الباري (9/ 5): ووقع عند مسلم في أوله زيادة حذفها البخاري عمدا لكونها موقوفة ولعدم تعلقها بالباب وهي عن أبي عثمان عن سلمان قال لا تكونن أن استطعت أول من يدخل السوق الحديث موقوف وقد أورده البرقاني في مستخرجه من طريق عاصم عن أبي عثمان عن سلمان مرفوعا.
* ذكر صاحب كتاب ” فتح المنعم شرح صحيح مسلم ” (9/ 420):
أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة القرشية المخزومية أم المؤمنين واسمها على المشهور هند ويلقب أبوها بزاد الراكب لأنه كان أحد الأجواد فكان إذا سافر لا يترك أحدا يرافقه ومعه زاد بل يكفي رفقته من الزاد وكانت أم سلمة زوجا لابن عمها أبي سلمة بن عبد الأسد وكانت ممن أسلم قديما هي وزوجها وهاجرا إلى الحبشة فولدت له سلمة ثم قدما مكة وهاجرا إلى المدينة ولهجرتها قصة مشهورة فولدت له بالمدينة عمر ودرة وزينب.
مات عنها زوجها فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة أربع من الهجرة وكانت موصوفة بالجمال البارع والعقل البالغ، والرأي الصائب ولها مشورة مشهورة في غزوة الحديبية تدل على وفور عقلها وصواب رأيها، أنقذت الأمة الإسلامية من الخلاف والضلال.
ماتت في شوال سنة تسع وخمسين على المشهور وقيل سنة ستين وكانت آخر أمهات المؤمنين موتا رضي الله عنها وأرضاها …
(هذا دحية) بفتح الدال وكسرها وهو ابن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس ابن الخزرج صحابي مشهور، أول مشاهده الخندق ولم يشهد بدرا ولا أحدا وكان يضرب به المثل في حسن الصورة شهد اليرموك ونزل دمشق وسكن المزة وعاش إلى خلافة معاوية.
والظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم سكت عند قول أم سلمة: هذا دحية ولم يخبرها بحقيقته حتى سمعته صلى الله عليه وسلم يخطب الناس ويعلمهم أن جبريل عليه السلام يأتيه أحيانا في صورة دحية.
* من فضائل أم سلمة رضي الله عنها غير ما ذكر في هذا الباب:
– أخرج الترمذي في السنن برقم 3022 عن أم سلمة أنها قالت يغزو الرجال ولا تغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله تبارك وتعالى (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) قال مجاهد وأنزل فيها (إن المسلمين والمسلمات) وكانت أم سلمة أول ظعينة قدمت المدينة مهاجرة قال أبو عيسى هذا حديث مرسل ورواه بعضهم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرسل أن أم سلمة قالت كذا وكذا.
قلت سيف: أخرج أحمد 26604 في نزول آية الأحزاب 35
وهو على شرط الذيل على الصحيح المسند
– أخرج الترمذي في سننه 2562 عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه و سلم قال لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه و سلم إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا في بيت أم سلمة فدعا فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فجلله بكساء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قالت أم سلمة وأنا معهم يا نبي الله قال أنت على مكانك وأنت على خير.
قال الألباني: صحيح.
قلت سيف: قال الحاكم صحيح الإسناد على شرط الشيخين إن كان مجاهد سمع من أم سلمة
وحديث الكساء من غير قصة أم سلمة سبق الكلام عليه.
موقف أم سلمة يوم الحديبية:
قال المسور بن مخرمة و مروان بن الحكم:
((لما فَرَغَ مِن قضيةِ الكتابِ، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأصحابِه:
قوموا فانحَرُوا ثم احْلِقُوا. قال: فواللهِ، ما قام منهم رجلٌ حتى قال ذلك ثلاثَ مراتٍ،
فلما لم يَقُمْ منهم أحدٌ دخَلَ على أمِّ سَلَمَةَ، فذَكَرَ لها ما لَقِيَ مِن الناسِ، فقالت أمُّ سَلَمَةَ:
يانبيَّ اللهِ، أَتَحُبُّ ذلك، اخرُجْ لا تُكَلِّمْ أحدًا منهم كلمةً، حتى تَنْحَرَ بُدْنَك، وتَدْعُوَ حالقَك فيَحْلِقَكَ. فخَرَجَ فلم يُكَلِّمْ أحدًا منهم حتى فعَلَ ذلك، نحَرَ بُدْنَه، ودعا حالقَه فحَلَقَه،
فلما رأَوْا ذلك قاموا فنَحَرُوا وجعَلَ بعضُهم يَحْلِقُ بعضًا، حتى كاد بعضُهم يُقْتَلُ غمًّا)) رواه البخاري.
قال ابن حجر: وإشارتها على النبي يوم الحديبية تدلُّ على وفور عقلها وصواب رأيها
– ورد في مسند أحمد (31/ 220) وفيه: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ” يا أيها الناس، انحروا واحلقوا ” قال: فما قام أحد، قال: ثم عاد بمثلها، فما قام رجل، حتى عاد بمثلها، فما قام رجل، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على أم سلمة، فقال: ” يا أم سلمة، ما شأن الناس؟ ” قالت: يا رسول الله، قد دخلهم ما قد رأيت، فلا تكلمن منهم إنسانا، واعمد إلى هديك حيث كان فانحره واحلق، فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكلم أحدا حتى أتى هديه فنحره، ثم جلس، فحلق، فقام الناس ينحرون ويحلقون.
قال محققو المسند: إسناده حسن، محمد بن إسحاق، وإن كان مدلسا وقد عنعن إلا أنه قد صرح بالتحديث في بعض فقرات هذا الحديث، فانتفت شبهة تدليسه، ثم إنه قد توبع كما سيأتي برقم (18928) (18929). وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين.
دعاؤها:
– أخرج مسلم برقم 919: عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا حضرتم المريض، أو الميت، فقولوا خيرا، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون»، قالت: فلما مات أبو سلمة أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله إن أبا سلمة قد مات، قال: ” قولي: اللهم اغفر لي وله، وأعقبني منه عقبى حسنة “، قالت: فقلت، فأعقبني الله من هو خير لي منه محمدا صلى الله عليه وسلم.
—
في إتحاف الخيرة
3268 – وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ يُخْبِرُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، أَخْبَرْتُهُ: أَنَّهَا لَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ أَخْبَرَتْهُمْ، أَنَّهَا ابْنَةُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَكَذَّبُوهَا، وَقَالُوا: مَا أَكْذَبَ الْغَرَائِبَ حَتَّى أَنْشَأَ نَاسٌ مِنْهُمْ فِي الْحَجِّ، فَقَالُوا: تَكْتُبِينَ إِلَى أَهْلِكِ؟ فَكَتَبْتُ مَعَهُمْ، فَرَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَصَدَّقُوهَا، وَازْادَتْ عَلَيْهِمْ كَرَامَةً، قَالَتْ: فَلَمَّا وَضَعْتُ زَيْنَبَ جَاءَنِي النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَخَطَبَنِي، فَقُلْتُ: مَا مِثْلِي يُنْكَحُ، أَمَّا أَنَا فَلاَ وَلَدٌ فِيَّ، وَأَنَا غَيُورٌ، وَذَاتُ عِيَالٍ، قَالَ: أَنَا أَكْبَرُ مِنْكَ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ، فَيُذْهِبُهَا الله تَعَالَي عَنْكَ، وَأَمَّا الْعِيَالُ فَإِلَى الله وَرَسُولِهِ، فَتَزَوَّجَهَا، فَجَعَلَ يَاتِيهَا، فَيَقُولُ: أَيْنَ زُنَابُ؟ حَتَّى جَاءَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فاحتملها وَقَالَ: هَذِهِ تَمْنَعُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَكَانَتْ تُرْضِعُهَا، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: أَيْنَ زُنَابٌ؟ فَقَالَتْ: قَرِيبَةٌ، فَوَافَقْتُهَا، فَوَضَعْتُ تفالى وَأَخْرَجْتُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ كَانَتْ فِي جُرُنٍ، وَأَخَذْتُ شَحْمًا، فَعَصَّدْتُهُ بِهِ، فَبَاتَ،
ثُمَّ أَصْبَحَ، فَقَالَ حِينَ أَصْبَحَ: إِنَّ لَكِ عَلَى أَهْلِكِ كَرَامَةً، فَإِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَإِنْ أُسَبِّعْ لَكِ أُسَبِّعْ لِنِسَائِي.
قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ إِلَى … آخِرِهِ.
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
ذكره الدارقطني في العلل … وصحح ثلاثة أسانيد للحديث هذا الإسناد منها
فقال حديث ابن جريج عن حبيب بن أبي ثابت من رواية عبدالرزاق ومن تابعه صحيح. العلل 15/ 217
وممن تابع عبدالرزاق ابوفروة وروح بن عبادة
ورواية عبدالرزاق عند الحاكم ولفظها عن أبي بكر أن أم سلمة أخبرته أنها لما قدمت المدينة أخبرتهم أنها ابنة أبي أمية بن المغيرة فكذبوها وقالوا: ما أكذب الغرائب حتى أنشأ ناس إلى الحج. فقيل لها: تكتبين إلى أهلك، فكتبت معهم فرجعوا إلى المدينة فصدقوها وازدادوا لها كرامة، قالت: … أم سلمة: فلما وضعت زينب تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لكن ذكر محققو المسند قالوا: بعضه صحيح وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبدالحميد بن عبد الله بن أبي عمرو والقاسم … تفرد بالرواية عنهما حبيب بن أبي ثابت
وذكر الدارقطني طريق عبدالواحد بن أيمن عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم سلمة متصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقال: وحديث عبدالواحد بن أيمن صحيح
وروايته مختصرة وهي عند مسلم 1460 (ان شئت أن أسبع لك واسبع لنسائي).
وحديث الثوري عن محمد بن أبي بكر صحيح.
وهي مختصرة بنحو رواية عبدالواحد وهي كذلك في مسلم 1460
وجعلناه على شرط المتمم لتصحيح الدارقطني. مع احتمال أنه يقصد صحة اتصال السند دون ثقة رجاله
ثم البخاري قال ابن حجر علق البخاري … طرفا من المتن من غير ذكر لأحد من رجاله فقال في كتاب النكاح ودفع النبي صلى الله عليه وسلم. ربيبة له إلى من يكفلها … وأوضحته في تغليق التعليق. (تهذيب التهذيب)
وورد من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن ابن عمر بن أبي سلمة عندي أبيه عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم في زواجها واسترجاعها مطوله
ورجح هذا الاسناد ابوحاتم وغيره
راجع علل ابن أبي حاتم 1209 وحاشيته
وبهذا الإسناد أخرج القصة أحمد 44/ 268 … وغيره وفيه زيادات انفرد بها ابن عمر بن أبي سلمة وهو مجهول.
وإلا تزوج أم سلمة واسترجاعها في مسلم 918
– بيتها بيت طاعة وبر -:
روى مسلم عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت: لما مات أبو سلمة قلت:
غريب بأرض غربة لأبكينّه بكاء يتحدث عنه. فكنت قد تهيأت للبكاء عليه إذ أقبلت امرأة من الصعيد تريد أن تسعدني فاستقبلها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقال: «أتريدين أن تدخلي الشيطان بيتا أخرجه الله منه» مرتين. فكففت عن البكاء فلم أبك.
وروى الشيخان عنها- رضي الله تعالى عنها- قالت: قلت: يا رسول الله، هل لي أجر في بني أبي سلمة، أنفق عليهم ولست بتاركتهم هكذا وهكذا، إنما هم بنيّ، فقال- صلى الله عليه وسلم-:
نعم، لك أجر ما أنفقت عليهم
=====
=====
=====
باب فضائل زينب أم المؤمنين رضي الله عنها
101 – (2452) حدثنا محمود بن غيلان أبو أحمد، حدثنا الفضل بن موسى السيناني، أخبرنا طلحة بن يحيى بن طلحة، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا» قالت: فكن يتطاولن أيتهن أطول يدا، قالت: فكانت أطولنا يدا زينب، لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق.
——————-
قال النووي: (معنى الحديث أنهن ظنن أن المراد بطول اليد طول اليد الحقيقية وهي الجارحة فكن يذرعن أيديهن بقصبة فكانت سودة أطولهن جارحة وكانت زينب أطولهن يداً في الصدقة وفعل الخير فماتت زينب أولهن فعلمن أن المراد طول اليد في الصدقة والجود … وفيه معجزة باهرة لرسوله صلى الله عليه وسلم ومنقبة ظاهرة لزينب.
ووقع الحديث في كتاب الزكاة من البخاري بلفظ: متعقد يوهم أن أسرعهن لحاقاً سودة وهذا الوهم باطل بالإجماع).
* ذكر بعض الباحثين ما يلي:
الخلاف في ترجيح اللّفظ الصّحيح بين زينب وسودة رضي الله عنهن:
1 – رواية البخاري ذكرت سودة في طول اليد من غير تعيين في سرعة اللّحوق، وعيّنه البخاري في “التّاريخ”، وكذا ورد التّعيين في رواية البيهقي و ابن حِبّان.
وممّا يعضد رواية البخاري مجيء بعض الآثار في وفاة سَوْدة في خلافة عمر رضي الله عنه، وهو ما ذكره البخاري والذّهبي وابن سيّد النّاس.
2 – ابن سعد والواقدي على أنّ الحديث في زينب لتقدّم وفاتها على سودة؛ وهو ترجيح ابن بطّال والصّدفي وابن الجوزي ومغلطاي وابن رشيد.
وابن حجر يرجّح رواية مسلم على أنّ المذكور زينب، وذِكْرُ: “سودة” وهمٌ من أبي عوانة، ويعضد ترجيح ابن حجر رواية مسلم ورواية الحاكم المُفَسَّرة.
قال ابن بطال رحمه الله:
هذا الحديث سقط منه ذكر زينب، لأنه لا خلاف بين أهل الأثر والسير أن زينب أول من مات من أزواج النبى، (صلى الله عليه وسلم).
وروى ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن الشعبى، عن عبد الرحمن بن أبزى، قال: صليت مع عمر بن الخطاب على أم المؤمنين زينب بنت جحش، وكانت أول نساء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) توفيت بعده.
وروى ابن أبى خيثمة، قال: حدثنا معاوية بن عمرو، قال: حدثنا المسعودى، قال: حدثنا القاسم بن معن، قال: كانت زينب بنت جحش أول نساء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لحوقًا به ……..
وفي السلسلة الضعيفة قال الألباني:
3581 – (خيركن أطولكن يداً).
موضوع
أخرجه أبو يعلى (13/ 7430)، والخطيب في “التاريخ” (5/ 6) عن أم الأسود، عن منية، من حديث أبي برزة قال:
[كان] للنبي – صلى الله عليه وسلم – تسع نسوة، فقال يوماً: … فذكره، فقامت كل واحدة تضع يدها على الجدار! قال:
“لست أعني هذا، ولكن أصنعكن يدين”.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة منية هذه؛ قال الذهبي:
“تفردت عنها أم الأسود”. ولهذا قال الحافظ:
“لا يعرف حالها”.
قلت: فما نقله المناوي عن الهيثمي أنه قال: “إسناده حسن”. ليس بحسن، لا سيما والمحفوظ في هذه القصة أنه قال لهن: “أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً”.
أخرجه البخاري (1/ 359)، ومسلم (7/ 144)، والنسائي (1/ 352)، وأحمد (6/ 121) من طرق عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً.
وفي رواية مسلم أنها زينب بنت جحش، وهو الصواب. (8/ 75السلسلة الضعيفة
3 – الجمع بين الرّوايات؛ على أنّ رواية البخاري في نساء النبيّ الحاضرات؛ وهذا القول مشهورٌ عن الطّيبي. ويُشْكِلُ عليه رواية ابن حِبّان.
* جاء في البخاري عنها أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قلن للنبي صلى الله عليه وسلم أينا أسرع بك لحوقا قال أطولكن يدا فأخذوا قصبة يذرعونها فكانت سودة أطولهن يدا فعلمنا بعد أنما كانت طول يدها الصدقة وكانت أسرعنا لحوقا به وكانت تحب الصدقة (كتاب الزّكاة، باب، الرقم:1420)
ولم يعلق الشيخ الألباني رحمه الله على الحديث في مختصر البخاري.
* في الحديث:
1 – فضل الصّدقة والمداومة.
2 – فضل صدقة الصّحيح القادر.
3 – فيه عَلَم من أعلام النّبوّة.
4 – فيه حسن الإفتاء.
ترجمة لزينب:
وهي زينب بنت جحش بن رباب بن يعمر الأسدي حليف بني عبد شمس وأمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم عمة النبي صلى الله عليه وسلم وكانت من المهاجرات الأول، تزوجها صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث، وقيل سنة خمس، وكانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة وفيها نزلت فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا [الأحزاب: 27] وكان زيد يدعي ابن محمد فلما نزلت ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ [الأحزاب: 5]، وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم امرأته انتفى ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من أن الذي يتبنى غيره يصير ابنه بحيث يتوارثان إلى غير ذلك، وكانت زينب رضي الله عنها من سادات النساء ديناً وورعاً وجوداً ومعروفاً وهي أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم لحوقا به حيث كانت وفاتها سنة عشرين فرضي الله عنها وأرضاها.
انظر:
سير أعلام النبلاء 2/ 211 – 218.
الإصابة 4/ 307 – 308
ومن فضائل زينب بنت جحش:
– قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ لِزَيْنَبَ: ” مَاذَا عَلِمْتِ؟ “، أَوْ ” رَأَيْتِ؟ ” فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ. أخرجه البخاري 4141 ومسلم 2770.
ففي ما تقدم من كلام عائشة رضي الله عنها فضيلة ظاهرة ومنقبة عالية لأم المؤمنين زينب رضي الله عنها وأرضاها.
وفي ذلك يقول الإمام الذهبي: ويروى عن عائشة أنها قالت: يرحم الله زينب لقد نالت في الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف، إن الله زوجها، ونطق به القرآن، وإن رسول الله قال لنا: ((أسرعكن بي لحوقاً أطولكن باعاً)) فبشرها بسرعة لحوقها به، وهي زوجته في الجنة.
ومناقبها التي وردت بها الأحاديث والآثار كثيرة وحسبنا هنا ما تقدم”.
افتخار زينب بأن الله زوجها:
– عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” اتَّقِ اللَّهَ، وَ {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} “. قَالَ أَنَسٌ: لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ. قَالَ: فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ.
أخرجه البخاري في صحيحه برقم 7420،
ما أولم على أحد من نسائه ما أولم على زينب:
– سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَأَطْعَمَ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ خُبْزًا وَلَحْمًا، وَكَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أَنْكَحَنِي فِي السَّمَاءِ.
أخرجه البخاري 7421.
اعتراف عائشة بفضل زينب:
– عن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَاذَنَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مَعِي فِي مِرْطِي، فَأَذِنَ لَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ. وَأَنَا سَاكِتَةٌ، قَالَتْ: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَيْ بُنَيَّةُ، أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ ” فَقَالَتْ: بَلَى. قَالَ: ” فَأَحِبِّي هَذِهِ “. قَالَتْ: فَقَامَتْ فَاطِمَةُ حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَجَعَتْ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَتْهُنَّ بِالَّذِي قَالَتْ وَبِالَّذِي قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَ لَهَا: مَا نُرَاكِ أَغْنَيْتِ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ، فَارْجِعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُولِي لَهُ: إِنَّ أَزْوَاجَكَ يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ فِيهَا أَبَدًا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، *وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْهُنَّ فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ، وَأَتْقَى لِلَّهِ، وَأَصْدَقَ حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ، وَأَعْظَمَ صَدَقَةً، وَأَشَدَّ ابْتِذَالًا لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَصَدَّقُ بِهِ وَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهَا تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ*، قَالَتْ: فَاسْتَاذَنَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَائِشَةَ فِي مِرْطِهَا عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ بِهَا، فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ، يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ. قَالَتْ: ثُمَّ وَقَعَتْ بِي، فَاسْتَطَالَتْ عَلَيَّ، وَأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَرْقُبُ طَرْفَهُ، هَلْ يَاذَنُ لِي فِيهَا، قَالَتْ: فَلَمْ تَبْرَحْ زَيْنَبُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ، قَالَتْ: فَلَمَّا وَقَعْتُ بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا حَتَّى أَنْحَيْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبَسَّمَ: ” إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ “.
أخرجه مسلم في صحيحه برقم 2442 وانظر البخاري 2581
نزول الحجاب في شأنها:
– أخرج أحمد في مسنده 12023 عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: دَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ بَنَى بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَأَشْبَعَ الْمُسْلِمِينَ خُبْزًا وَلَحْمًا، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ، فَأَتَى حُجَرَ نِسَائِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ، فَدَعَوْنَ لَهُ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ، وَأَنَا مَعَهُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْبَيْتِ، فَإِذَا رَجُلَانِ قَدْ جَرَى بَيْنَهُمَا الْحَدِيثُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا بَصُرَ بِهِمَا وَلَّى رَاجِعًا، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلَانِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ وَلَّى عَنْ بَيْتِهِ قَامَا مُسْرِعَيْنِ، فَلَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ بِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ.
قال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
=============================-
فضل زينب بنت جحش رضي الله عنها في (القرآن الكريم) وسبق بعضها لكن كررناها من أجل جمع ما ذكر من فضلها في القرآن:
أوجه دلالات قوله تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة .. على فضل زينب رضي الله عنها
هذه الآيات الكريمات دلت على عدد من فضائل زينب رضي الله عنها وهي كالتالي:
الفضيلة الأولى: دلالة الآية على إيمانها:
بحسب ما ذكره جمهور المفسرين في سبب نزول الآية الأولى فإنها تدل بكل وضوح على عمق إيمانها رضي الله عنها فرغم أنها من بيت شريف نسيب، والشأن عند العرب أنه لا ينكحها إلا مثلها إلا أنها استجابت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضيت بزيد زوجاً فكان عاقبة هذا الرضى والتسليم لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أن صار زوجها بعد ذلك هو سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم.
الفضيلة الثانية: أن الله تبارك وتعالى هو الذي تولى تزويجها:
وهذا ثابت في قوله تعالى: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا [الأحزاب: 37]، فهذه الآية الكريمة تدل على أن الذي زوج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب هو الله تعالى.
وترتب على هذا الفضيلة الثالثة: أنه لم يحصل في زواج زينب شيء مما هو معتبر في النكاح من ولي وصداق وشهود.
قال ابن القيم: (ومن خصائص زينب أن الله سبحانه كان هو وليها الذي زوجها لرسوله صلى الله عليه وسلم من فوق سماواته).
قال الشوكاني: (دخل النبي صلى الله عليه وسلم على زينب بغير إذن ولا عقد ولا تقدير صداق ولا شيء مما هو معتبر في حق النكاح في حق أمته). وعلى دلالة الآية على هذا ذهب غير واحد من المفسرين، وقد تأيد هذا المعنى بروايات في السنة المطهرة، فعن أنس رضي الله عنه: (أن زيداً لما خطب زينب للنبي صلى الله عليه وسلم قالت: ما أنا بصانعة شيئاً حتى أوامر ربي فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن وجاء رسول الله ودخل عليها بغير إذن) …
ولهذه الفضيلة كانت رضي الله عنها تفتخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: (زوجكن أهليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سموات).
وفي رواية: (إن الله أنكحني في السماء).
، ولعل لأجل هذه الفضيلة أولم عليها رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يولم على امرأة من نسائه.
الفضيلة الرابعة: نزول الحجاب في زواجها:
حيث ثبت أن آية الحجاب وهي قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ [الأحزاب: 53]، نزلت في قصة زواجها، وقد ثبت ذلك من حديث أنس رضي الله عنه، وقد عد ذلك أهل العلم من فضائلها، ولعل مرد ذلك ما يوحي به نزول الآية في وقت زواجها من مزيد العناية بها رضي الله عنها، ولعل هذا من توابع تزويج الله لها فكأنه سبحانه وتعالى زوجها، وجعل من تبعات ذلك ضرب الحجاب عليها وعلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم والأمة.
– في وصفه– صلى الله عليه وسلم- زينب بأنها أوّاهة وزهدها، وورعها- رضي الله تعالى عنها
قلت سيف: لا يصح فيه حديث
وروى ابن الجوزي عن عبد الله بن رافع عن برزة بنت رافع قالت: لمّا جاءنا العطاء بعث عمر إلى زينب بنت جحش بالذي لها، فلمّا دخل عليها قالت: غفر الله لعمر، لغيري من أخواتي كان أقوى على قسم هذا؟ قالوا: هذا كله لك، قالت: سبحان الله، واستترت منه بثوب، وقالت: صبّوه وأطرحوا عليه ثوبا، ثم قالت لي: أدخلي يدك واقبضي منه قبضة، فاذهبي بها إلى بني فلان وبني فلان من ذوي رحمها وأيتامها ففرقته حتّى ما بقي منه بقيّة تحت الثّوب فقالت لها برزة بنت رافع: غفر الله لك يا أم المؤمنين! والله، لقد كان لنا في هذا حظ، قالت:
فلكم ما تحت الثّوب، فوجدنا تحته خمسة وثمانين درهما، ثم رفعت يديها إلى السّماء، وقالت:
اللهم، لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا فماتت.
قلت سيف: وأخرجه اللالكائي في كرامات الأولياء وإسناده جيد