245 جامع الأجوبة الفقهية ص 286
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
مسألة: ارتياد موضع للبول.
إذا أراد الإنسان البول، فإنه يستحب له أن يختار مكانا ليِّنًا، لكي لا يرتد إليه البول. وهذا مذهب الأئمة الأربعة.
انظر: الفتاوى النهدية (1/ 50)، مواهب الجليل (1/ 268) الإقناع للشربيني (1/ 58)، المغني (1/ 108)
– واستدلوا على مشروعية ذلك بأدلة منها:
الدليل الأول: الإجماع
– قال النووي في المجموع (2/ 98): معلقًا على قول الماتن: “ويرتاد موضعًا للبول، فإن كانت الأرض الأصلية دقها بعود أو حجر؛ حتى لا يترشش عليه البول” حيث يقول: “وهذا الأدب متفق على استحبابه”. انتهى
– قال ابن قاسم في حاشية الروض (1/ 125) حيث يقول شارحًا لكلام البهوتي: “ويستحب. . . وارتياده لبوله مكانًا رخوًا”، قال: “بالاتفاق”، أي: على استحبابه.
وراجع موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي [(20) – (72)] حيث نقلوا عدم وجود مخالف
– جاء في بذل المجهود في حل سنن أبي داود (1/ 174):
قال ابن رسلان: وهذا أدب مجمع على استحبابه، ويؤخذ منه أن الرشاش لا يعفى في الجسد والثوب، وهو مذهب الشافعي، وصحح النووي العفو للحرج، وفي “الدر المختار” (1/ 580 – 581): يعفى عندنا وإن كثر بإصابة الماء إلَّا في الماء، فإن طهارته أوكد. انتهى
الدليل الثاني:
أن طلب المكان الرخو مشروع حتى يأمن التلوث بالبول، حتى لا يرتد عليه رشاش من بوله.
عن ابن عباس قال: مر النبي – صلى الله عليه وسلم – بحائط من حيطان المدينة أو مكة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: يعذبان، وما
يعذبان في كبير، ثم قال: بلى، كان أحدهما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة. الحديث متفق عليه: صحيح البخاري (216)، ومسلم (292).
قال الشوكاني في السيل الجرار (1/ 66): إن كان البول في الصلب مما يتأثر عنه عود شيء منه إلى البائل، فتجنب ذلك واجب؛ لأن التلوث به حرام، وما يتسبب عن الحرام حرام. انتهى
الدليل الثالث:
عن أبي موسى، قال: مال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى دمث إلى جنب حائط، فبال قال: شعبة فقلت لأبى التياح جالساً قال لا أدري قال فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إن بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم البول قرضوه بالمقاريض، فإذا بال أحدكم فليرتد لبوله. رواه أحمد في المسند (4/ 399).
إسناده ضعيف لإبهام شيخ أبي التياح.
والحديث أخرجه الطيالسي (519)، ومن طريقه الحاكم في المستدرك (5964). وأخرجه البيهقي (1/ 93،94) من طريق وهب بن جرير. وأخرجه أحمد (4/ 396) حدثنا محمد بن جعفر. وأخرجه أبو داود ومن طريقه البيهقي (1/ 93،94) من طريق حماد بن سلمة. وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (1/ 329) من طريق المقرئ، كلهم عن شعبة به. والحديث صححه الحاكم، وضعفه ابن المنذر في الأوسط (1/ 329).
– قال الخطابي معالم السنن (1/ 10):
الدمث المكان السهل الذي يُخد فيه البول فلا يرتد على البائل. يُقال للرجل إذا وُصف باللين والسهولة أنه لدمث الخلق وفيه دماثة. وقوله فليرتد أي ليطلب وليتحر …
وفيه دليل على أن المستحب للبائل إذا كانت الأرض التي يريد القعود عليها صلبة أن يأخذ حجراً أو عوداً فيعالجها به ويثير ترابها ليصير دمثاً سهلاً فلا يرتد بوله عليه.
قلت: ويشبه أن يكون الجدار الذي قعد إليه النبي صلى الله عليه وسلم جداراً عادياً غير مملوك لأحد من الناس فإن البول يضر بأصل البناء ويوهي أساسه وهو عليه السلام لا يفعل ذلك في ملك أحد إلاّ بإذنه، أو يكون قعوده متراخياً عن جذمه!!! فلا يصيبه البول فيضر به. انتهى باختصار
– قال الشيخ الراجحي في شرح سنن أبي داود (1/ 8):
هذا الحديث ضعيف فيه مبهم، وهو الشيخ الذي يروي عن ابن عباس، لكن معناه صحيح.
والإنسان يرتاد لبوله مكاناً دمثاً، يعني: لا يبول على شيء صلب؛ لأنه إذا بال على شيء صلب جاءه شيء من رشاش البول، وكذلك أيضاً إذا بال في مكان مرتفع ارتد إليه البول، وإنما يرتاد مكاناً منخفضاً أو أرضاً مستوية ليست صلبة، والحديث رجاله كلهم ثقات ما عدا الشيخ المبهم، فـ موسى بن إسماعيل ثقة، وحماد: هو ابن سلمة، وأبو التياح: روى له البخاري. انتهى
“الدَّمِثُ”: الموضع اللين الذي فيه رمل. انظر: “القاموس المحيط” (ص:217)، “المصباح المنير” (ص 76).
“وَالِارْتيَادُ”: التطلب، واختيار الموضع. قاله ابن الأثير في “غريب الجامع” (7/ 115).
الدليل الرابع:
عن أبي هريرة، قال: كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يتبوأ لبوله كما يتبوأ لمنزله.
قال الهيثمي في المجمع (1/ 204): رواه الطبراني في الأوسط، وهو من رواية يحيى بن عبيد بن دجي، عن أبيه، ولم أر من ذكرهما، وبقية رجاله موثقون. وضعفه السيوطي في الجامع الصغير (495).
قال السيوطي: يتبوأ بالهمز لبوله كما يتبوأ لمنزله: أي يطلب موضعاً يصلح كما يطلب موضعاً يصلح للسكنى، يقال: تبوأ منزلاً: أي اتخذه، فالمراد: اتخاذ محل يصلح للبول فيه. قال الحافظ العراقي: واستعمال هذه اللفظة على جهة التأكيد، والمراد: أنه يبالغ في طلب ما يصلح لذلك، ولو قصر زمنه، كما يبالغ في استصلاح المنزل الذي يراد للدوام، وفيه أنه يندب لقاضي الحاجة أن يتحرى أرضاً لينة من نحو تراب أو رمل، لئلا يعود عليه الرشاش.
– قال ابن قدامة في المغني (1/ 3):
ويستحب أن يرتاد لبوله موضعا رخوا؛ لئلا يترشش عليه، «قال أبو موسى كنت مع النبي – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم، فأراد أن يتبول، فأتى دمثا في أصل حائط، فبال ثم قال إذا أراد أحدكم أن يتبول فليرتد لبوله» رواه الإمام أحمد. انتهى
-* قال ابن القيم: وكانَ إذا أرادَ أنْ يَبُولَ فِي عَزازٍ مِنَ الأرْضِ – وهُوَ المَوْضِعُ الصُّلْبُ – أخَذَ عُودًا مِنَ الأرْضِ فَنَكَّتَ بِهِ حَتّى يُثَرّى ثُمَّ يَبُولُ
وكانَ يَرْتادُ لِبَوْلِهِ المَوْضِعَ الدَّمِثَ – وهُوَ اللَّيِّنُ الرَّخْوُ مِنَ الأرْضِ – وأكْثَرُ ما كانَ يَبُولُ وهُوَ قاعِدٌ زاد المعاد 1/ 43
– قال الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 102)
والحديث يدل على أنه ينبغي لمن أراد قضاء الحاجة أن يعمد إلى مكان لين لا صلابة فيه ليأمن من رشاش البول ونحوه وهو وإن كان ضعيفا فأحاديث الأمر بالتنزه عن البول تفيد ذلك
– جاء في المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (1/ 28)
ينبغى لمن أراد قضاء الحاجة أن يعمد إلى مكان لين لا صلابة فيه ليأمن من رشاش البول وإذا كانت الأرض صلبة يستحب أن يعالجها بنحو عود لينثر ترابها ليصير المكان دمثا
– قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود (1/ 61):
“وفي هذه الترجمة المقصود: أن ينظر المكان المناسب الذي يبول فيه؛ لأن المكان قد يكون صلباً وإذا وقع عليه البول تطاير على البائل؛ وأما إذا كان رخواً فإن الأرض تشربه ولا يرتد عليه، فيختار الإنسان مكاناً مناسباً ليبول فيه بأن يكون دمثاً، والدمث: هو الأرض السهلة الرخوة الترابية التي إذا وقع عليها البول راح وغاص فيها. أما إذا كانت الأرض صلبة فإن وقوعه على الأرض يكون معه التطاير، وأيضاً ما لم تشربه الأرض فقد يسيل ويرجع على البائل إذا كان في مكان أعلى منه، وعلى هذا فالذي ينبغي على الإنسان أنه إذا جلس في الأرض ليقضي الحاجة أن يختار أرضاً رخوة، وأن يكون أعلى من المكان الذي يبول فيه”. انتهى
والله أعلم …