2420 – 2419 الفوائد المنتقاة على صحيح مسلم
مجموعة محمد البلوشي
وأبي عيسى البلوشي
وعبدالحميد البلوشي
وإبراهيم البلوشي
وعبدالملك
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——-‘——-‘—–
(7 باب فضائل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه)
2419 عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم * إن لكل أمة أمينا وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح
2419 وعنه رضي الله عنه أن أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا * ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام قال فأخذ بيد أبي عبيدة فقال هذا أمين هذه الأمة
2420 عن حذيفة قال جاء أهل نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا * يا رسول الله ابعث إلينا رجلا أمينا فقال لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين حق أمين قال فاستشرف لها الناس قال فبعث أبا عبيدة بن الجراح
———–
في هذا الشرح تم حذف الأحاديث الضعيفة والمراسيل إلا ما لزم ذكره وبيانه:
فضل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه
هو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب ويقال: وهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر القرشي الفهري أبو عبيدة بن الجراح مشهور بكنيته وبالنسبة إلى جده، وأمه أميمة بنت غنم بن جابر بن عبد العزى بن عامر بن عميرة … . وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام (وكان إسلامه هو وعثمان بن مظعون وعبيدة بن الحارث بن المطلب وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد في ساعة واحدة قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم).
قلت سيف: أخرجه الحاكم وفيه الواقدي كذب. وهو عن يزيد بن رومان مرسل كذلك.
ونسب ذلك ابن حجر إلى ابن سعد من رواية يزيد بن رومان وأنكر الواقدي ذلك. (الإصابة) وهو في الطبقات من طريق الواقدي فقد يكون يرويه وينكره.
وورد كذلك في حديث خيثمة بن سليمان وفيه شيخ خيثمة عبيدالله بن محمد بن عبدالعزيز بن عبدالله القاضي أبوبكر العمري قال النسائي كذاب
المهم أن الذهبي في السير ترجمة سعيد بن زيد يذكرهم من السابقين مع أسماء بنت الصديق وخباب وعمير بن أبي وقاص وابن مسعود وغيرهم
ونقله في تاريخ الإسلام عن ابن إسحاق وهو في السيرة له بلاغا من ابن إسحاق وان أبا بكر أحضرهم.
وراجع البداية والنهاية.
وقصة نزع حلقتي المغفر أخرجها أبوداود الطيالسي وفيها إسحاق بن يحيى بن طلحة ضعيف
وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وهاجر الهجرتين وشهد بدراً وما بعدها وهو الذي انتزع حلقتي المغفر من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت ثنيتاه بسبب ذلك وثبت يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انهزم الناس
– وقد أخرج الحديث البخاري في صحيحه مطولاً في كتاب المغازي، باب قصة أهل نجران، برقم (4142)، قال: حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: جَاءَ العَاقِبُ وَالسَّيِّدُ، صَاحِبَا نَجْرَانَ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدَانِ أَنْ يُلاَعِنَاهُ، قَالَ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لاَ تَفْعَلْ، فَوَ اللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلاَعَنَّا لاَ نُفْلِحُ نَحْنُ، وَلاَ عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا، قَالاَ: إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا، وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا، وَلاَ تَبْعَثْ مَعَنَا إِلَّا أَمِينًا. فَقَالَ ((لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ))، فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ)) فَلَمَّا قَامَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ)).
– (نَجْرَانَ):بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، بَلَدٌ كَبِيرٌ عَلَى سَبْعِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى جِهَةِ الْيَمَنِ، يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَسبعين قَرْيَة، مسيرَة يَوْم للراكب السَّرِيعِ. كَذَا فِي زِيَادَاتِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ بِإِسْنَاد لَهُ فِي الْمَغَازِي، وَذكر بن إِسْحَاق: أَنهم وفدوا على رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، وَهُمْ حِينَئِذٍ عِشْرُونَ رَجُلًا، لَكِنْ أَعَادَ ذِكْرَهُمْ فِي الْوُفُود بِالْمَدِينَةِ، فكأنهم قدمُوا مرَّتَيْنِ.
وَقَالَ بن سَعْدٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَفْدُهُمْ فِي أَرْبَعَةَ عشر رجلا من اشرافهم. وَعند بن إِسْحَاقَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ: أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ رَجُلًا، وَسَرَدَ أَسْمَاءَهُمْ. قاله الحافظ في (الفتح).
وقال العيني في عمدة القاري: ” .. وَكَانَ نَجْرَان منزلا لِلنَّصَارَى، وَكَانَ أَهله أهل كتاب”.انتهى.
– ((أن أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم)) في رواية: ((جاء أهل نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
قال الحافظ ابن حجر: أهل نجران هم أهل بلد قريب من اليمن وهم العاقب واسمه عبد المسيح والسيد، ومن معهما. ذكر ابن سعد: أنهم وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم في سنة تسع.
وفي الرواية الثانية: ((إن أهل اليمن قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا)).
قال الحافظ: “فإن كان الراوي تجوز عن أهل نجران، بقوله أهل اليمن لقرب نجران من اليمن فذاك، وإلا فهما واقعتان، والأول أرجح”.
– قال النووي في شرح صحيح مسلم: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَنَا، أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ، أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ)) قَالَ الْقَاضِي: هُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى النِّدَاءِ.
قَالَ: وَالْإِعْرَابُ الْأَفْصَحُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الِاخْتِصَاصِ.
حَكَى سِيبَوَيْهِ: اللَّهُمَّ اغْفَرْ لَنَا أَيَّتُهَا الْعِصَابَةَ ..
وَأَمَّا الْأَمِينُ فَهُوَ الثِّقَةُ الْمَرَضِيُّ.
قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَالْأَمَانَةُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، لَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصَّ بَعْضَهُمْ بِصِفَاتٍ غَلَبَتْ عَلَيْهِمْ، وَكَانُوا بِهَا أَخَصَّ”. انتهى.
-[مختلف الحديث] قال العيني في عمدة القاري: ” فَإِن قلت: ذكر ابْن إِسْحَاق أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عليا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِلَى أهل نَجْرَان ليَاتِيه بِصَدَقَاتِهِمْ وجزيتهم.
قلت: قصَّة علي غير قصَّة أبي عُبَيْدَة، فَإِن أَبَا عُبَيْدَة توجه مَعَهم فَقبض مَال الصُّلْح وَرجع، وَعلي أرْسلهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك فَقبض مِنْهُم مَا اسْتحق عَلَيْهِم من الْجِزْيَة، وَأخذ مِمَّن أسلم مِنْهُم مَا اسْتحق عَلَيْهِ من الصَّدَقَة”.
ومناقبه -رضي الله عنه- تضمنتها أحاديث صحيحة مشهورة منها:
– ما رواه الشيخان من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لكل أمة أميناً وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح)).رواه البخاري (3744)، ومسلم (2419
هذا الحديث تضمن منقبة عظيمة لأبي عبيدة -رضي الله عنه- (والأمين هو الثقة المرضي وهذه الصفة وإن كانت مشتركة بينه وبين غيره لكن السياق يشعر بأن له مزيداً في ذلك).
إنها لمنقبة عظيمة خص بها أبو عبيدة -رضي الله عنه- حق لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتطلعوا لها (وكان تطلعهم رضي الله عنهم إلى الولاية ورغبتهم فيها حرصاً منهم على أن يكون أحدهم هو الأمين الموعود في الحديث لا حرصاً على الولاية من حيث هي).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: قوله لأهل نجران هم أهل بلد قريب من اليمن وهم العاقب واسمه عبد المسيح والسيد ومن معهما، ذكر ابن سعد أنهم وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم في سنة تسع وسماهم … ووقع في حديث أنس عند مسلم: (أن أهل اليمن قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام فأخذ بيد أبي عبيدة وقال: ((هذا أمين هذه الأمة)) فإن كان الراوي تجوز عن أهل نجران بقوله: (أهل اليمن) لقرب نجران من اليمن وإلا فهما واقعتان والأول أرجح) ا. هـ.
– ومن مناقبه العالية -رضي الله عنه- أنه كان أحد من يصلح للخلافة، وأحد الناس الذين كانوا أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم
روى الإمام مسلم بإسناده إلى ابن أبي مليكة قال: سمعت عائشة وسئلت: من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفاً لو استخلفه؟ قالت: أبو بكر فقيل لها: ثم من بعد أبي بكر؟ قالت: عمر ثم قيل لها: من بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح ثم انتهت إلى هذا. رواه مسلم (2385
وهذا الأثر عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تضمن منقبة عظيمة لأبي عبيدة وهي اعتقادها رضي الله عنها أنه صالح للخلافة وأنه أهل لها رضي الله عنه وأرضاه.
وروى الترمذي وابن ماجة بإسناديهما إلى عبد الله بن شقيق قال: قلت لعائشة: أي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان أحب إليه؟ قالت: أبو بكر قلت: ثم من؟ قالت: ثم عمر، قلت: ثم من؟ قالت ثم أبو عبيدة بن الجراح قلت: ثم من؟ فسكتت وهو في الصحيح المسند 1618.
وفي هذا بيان فضيلة لأبي عبيدة وهي أنه كان أحد الذين هم أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
– ومن مناقبه -رضي الله عنه- أن الفاروق -رضي الله عنه- كان يكره مخالفته فيما يراه وأنه كان جليل القدر عنده. فقد روى الشيخان في (صحيحيهما) عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن عمر لما خرج إلى الشام وأخبر أن الوباء قد وقع به فجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشارهم فاختلفوا فرأى عمر رأي من رأى الرجوع فرجع فقال له أبو عبيدة: أفراراً من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة وكان عمر يكره خلافه، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله .. إلخ) الحديث. رواه البخاري (5729)، ومسلم (2219
قال الحافظ رحمه الله تعالى: (وذلك دال على جلالة أبي عبيدة عند عمر).
– ومن مناقبه -رضي الله عنه- أنه عليه الصلاة والسلام قرنه في المدح بالشيخين.
روى الترمذي بسنده إلى أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح)) ثم قال: هذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث سهيل.
وهو في الصحيح المسند 1293
في هذا الحديث فضيلة ظاهرة لأبي عبيدة حيث قرنه عليه الصلاة والسلام في المدح والثناء عليه مع أبي بكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله عنهم جميعاً.
– ومن مناقبه -رضي الله عنه- أن وفاته كانت شهادة في سبيل الله فقد مات في الطاعون
(وقد اتفق العلماء على أن أبا عبيدة مات في طاعون عمواس بالشام سنة ثماني عشرة).
—-
مختارات من الشذا الفياح ترجمة أبي عبيدة بن الجراح مع حذف المكرر الذي سبق ذكره:
وآخَى النَبيُّ صلى الله عليه وسلم بينَهُ وبَينَ أبِي طَلحَةَ
أخرجه مسلم (2528) عن أنس
– سَرِيةُ الخَبَطِ أو سِّيفُ البَحْرِ في رَجَبٍ مِنَ السَنَةِ الثَامِنَةِ للهِجْرَةِ وكان عليها أبو عبيدة وفيها قصة اكلهم الحوت.
أخرجه مسلم 1835، والبخاري 2351
*من فوائده:*
– تأمير النبي -صلى الله عليه وسلم- له لقيادة السرية.
– الكرامة التي أكرمه الله بها ومن معه من الصحابة -رضي الله عنهم- بأن ساق لهم الحوت.
– ورعه وفقهه -رضي الله عنه- الذي ظهر في اجتهاده وإقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه.
– وفيه فطنته وحرصه على مصلحة السرية.
– جواز نهي الإمام وأمير الجيش للغزاة عن نحر ظهورهم وإن احتاجوا إليه خشية أن يحتاجوا إلى ظهرهم عند لقاء عدوهم، ويجب عليهم الطاعة إذا نهاهم (قاله ابن القيم في زاد المعاد).
– وفي سقيفة بني ساعدة قدمه أبوبكر رضي الله عنه ليكون خليفة للمسلمين:
قَالَ أبو بَكرٍ: ” لا، وَلَكِنَّا الأمَرَاءُ، وأنتُمُ الوُزَرَاءُ، هُم أوسَطُ العَرَبِ دَارَاً، وأعرَبُهُم أحسَاباً، فبَايِعُوا عُمَرَ أو أبا عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ”، فقال عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ أنتَ، فأنتَ سَيِّدُنَا وَخَيّرُنَا وَأحَبُّنَا إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم، فأخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ
البخاري (1184،3467 4187)
في خلافة أبي بكر:
وَفي خِلَافَةِ الصِّدِيّقِ والفَارُوقِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا؛ كَانَ أبُو عُبَيدَةَ مِنْ كِبَارِ الصَحَابَةِ وَرُؤوسِهِم، وَمِنَ المَعلُومِ مَا لأبِي عُبَيدَةَ مِن أهميَّةٍ في فَتحِ الشامِ.
ومما ذكر:
وفي السَنَةِ السَابِعَةِ عَشرَةَ للهِجرَةِ: حَصَرَ الرُومُ أبا عُبيدَةَ في حِمص، وَكَتَبَ إلى عُمَرَ بِذَلِكَ؛ [فَكَتَبَ إليه عُمَرُ: “سَلامٌ، أمَّا بَعدُ: فإنَّهُ مَا نَزل بِعَبدٍ مُؤمِنٍ شِدَةً إلا جَعَلَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى بَعدَهَا فَرَجَاً، ولَن يَغلِبَ عُسرٌ يُسرَينِ: يَا أيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفلِحُونَ [آل عمران: 200] فَكَتَبَ إليهِ أبُو عُبَيدَةَ: “سَلامٌ، أمَّا بَعدُ: فَإنَّ اللهَ عَزَ وَجَلَّ يَقُولُ في كِتَابِهِ: اعلَمُوا أنَّمَا
الحَيَاةُ الدُنيَا لَعِبٌ وَلَهوٌ .. إلى: مَتَاعُ الغُرُورِ [الحديد:20] “. فَخَرَجَ عُمَرُ بِكِتَابِهِ مَكَانَهُ فَقَعَدَ عَلَى المِنبَرِ فَقَرَأهُ عَلَى أهلِ المَدِينةِ فَقَالَ: يَا أهلَ المَدِينةِ! إنَّمَا يُعَرِّضُ بِكُم أبُو عُبَيدَةَ أو بِيْ! ارغَبُوا في الجِهَادِ”].
من رواية زيد ابن أسلم عن أبيه، رواه عنه ابن المبارك في «الجهاد» (217) والحاكم (3176) وابن عساكر (25/ 478) وقال الذهبي في التلخيص: ” على شرط مسلم “.
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند
وَعَن عَبدِ اللهِ بنِ شَقِيقٍ أنَّ عَمرو بنَ العَاصِ قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أيُّ النَّاسِ أحَبُ إليكَ؟ قال:”عَائِشَةُ” قَالَ: مِنَ الرِجَالِ؟ قال: “أبُوهَا”. قاَلَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ” أَبُو عُبَيْدَةَ بْن الْجَرَّاحِ “.
أخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (1281) وابن حبان (6998) وذكر ابن حبان عمر قبل أبي عبيدة، وأخرجه البخاري (3462، 4100) ومسلم (2384) وغيرهما من طريق خالد الحذاء عن أبي عثمان عن عمرو بن العاص دون ذكر أبي عبيدة.
قلت سيف: الحديث رواه حماد بن سلمة عن الجريري وهو ممن لم تتميز روايتهم
واعتبر الألباني ذكر أبي عبيدة وعمر شاذة في تعليقه على ابن حبان ثناء
لكنه ثابت من حديث عائشة
ثناء الصحابة عليه:
عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ: قَالَ يَوماً لِمَن حَولَهُ: “تَمَنَّوْا”، فَقَالَ: بَعضُهُمْ: أتَمَنَّى لَو أنَّ هَذِهِ الدَارَ مَملُوءةٌ ذَهَبَاً فَأُنفِقَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ. ثُمَّ قَالَ: “تَمَنَّوْا”، فَقَالَ رَجُلٌ: أتَمَنَّى لَو أنَّهَا مَملُوءةٌ لُؤلُؤاً أو زَبَرجَدَاً أو جَوهَرَاً، فَأُنفِقَهُ في سَبِيلِ اللهِ وأتَصَدَّقُ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: “تَمَنَّوْا”، فَقَالُوا: مَا نَدري يَا أميرَ المُؤمِنينَ! قَالَ عُمَرُ: أتَمَنَّى لَو أنَّهَا مَملُوءةٌ رِجَالاً مِثلَ أبي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاح ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان ِ”.
أخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (1280) و البخاري في «تاريخه الصغير» (201) وأبو نعيم (1/ 102) بسند حسن.
وقال عمر رضي الله عنه: “إنْ أدرَكَنيْ أَجَليْ وأبُو عُبَيدَةَ حَيٌّ استَخلَفتُهُ، فَإنْ سَألَنِي اللهُ: لِمَ استَخلَفتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وسلم؟ قُلتُ: إنِّي
سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: يقول: “لِكُلِ نَبيٍّ أمِينٌ، وأمِينِيْ َأبو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ
أخرجه أحمد (108) وابن عساكر (25/ 460) والذهبي في «السير» (1/ 9) من طريق رشيد بن عبيد وراشد بن سعد لكنهما لم يدركا عمر، وحسنه الأرنؤوط لغيره في تعليقه على «المسند».
قلت سيف: سبق الكلام على هذا الحديث تحت الاجوبة المفيدة في مسائل العقيدة: مسألة الأئمة من قريش. وذكرناه في مختلف الحديث لأن فيه ذكر خالد بن الوليد ومعاذ بن جبل وذكر معاذ مشكل لأنه ليس قرشيا ونقلنا أن الأثر منقطع مع أن ابن كثير قال مشهور لكن لا ينفك عن الانقطاع فلعله اشتهر بعد ذلك أو نوجهه بما ذكر ابن حجر يعني لعل الإجماع في أن الأئمة من قريش انعقد بعد عمر أو تغير اجتهاد عمر رضي الله عنه
وعِندَمَا مَاتَ أبو عُبَيْدَةَ خَطَبَ مُعَاذٌ في الناسِ فَقَالَ: ” إنَّكُم أيها النَّاسُ قَد فُجِعتُم بِرَجُلٍ واللهِ مَا أزعُمُ أنِّي رأيتُ مِن عِبَادِ اللهِ عَبدَاً قَطُ أقَلَ غَمزَاً، و لا أبرَ صَدراً، و لا أبعَدَ غَائِلةً، و لا أشدَ حُبّاً للعاقِبَةِ، ولا أنصَحَ للعامَّةِ مِنهُ، فَتَرَحَمُوا عَليهِ رَحِمَهُ اللهُ، ثُمَّ أصحِرُوا للصَلَاةِ عَلَيهِ، فَوَاللهِ لا يَليْ عَلَيكُمْ مِثلَهُ أبَدَاً “.
أخرجه الحاكم (5148) وسكت عنه الذهبي.
قلت سيف: مرسل لأبي سعيد المقبري
ذِكرُ بَعضِ أقوَالِهِ:
عَن ثَابِتٍ قال: كَانَ أبو عُبَيْدَةَ أمِيراً عَلَى الشَامِ، فَخَطَبَ النَاسَ فَقَالَ: “يَا أيُهَا النَّاسُ، إنِّي امرُؤٌ مِنْ قُرَيشٍ، وَوَاللهِ مَا مِنكُمْ أحمَرُ ولا أسوَدُ يَفضُلُنِي بِتُقَىً إلا وَدَدتُ أنِّي فِي مِسْلاخِه”
أخرجه أحمد في «الزهد» ص184 وابن أبي الدنيا في «المتمنين» (38) وابن سعد في «الطبقات» (3/ 412 – 413) وجوَّد الحافظ إسناده في «الإصابة» (2/ 244) وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (1/ 101) عن قتادة.
قلت سيف: فهو من مراسيل قتادة
وَقَد حَاوَلَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ أنْ يَثنِيَ أبَا عُبَيدَةَ عَن رَأيِهِ، وَلَكِنَّهُ أصَرَّ عَلَى البَقَاءِ مَعَ جُندِهِ، فَعَن طَارِقِ بنِ شِهَابِ قَالَ: أتَانَا كِتَابُ عُمَرَ لَمَّا وَقَعَ الوَبَاءُ بِالشَامِ، فَكَتَبَ عُمَرُ إلى أَبِي عُبَيدَةَ:”أنَّهُ قَد عَرَضَت لِي إليكَ حَاجَةٌ لا غِنَى لِي بِكَ عَنهَا فَإذَا أتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَإنِّي أعَزِمُ عَلَيكَ إنْ أتَاكَ لَيلاً أنْ لا تُصبِحَ حَتَّى تَركَبَ، وَإذِا أتَاكَ نَهَارَاً أن لا تُمسِي حَتَى تَركَبَ إليَّ”، فَلمَّا قَرَأ الكِتَابَ قَالَ: “يَرحَمُ اللهُ أمِيرَ المُؤمِنينَ! يُرِيدُ بَقَاءَ قَومٍ لَيسُوا بِبَاقِينَ! ”
قَالَ: ثُمَّ كَتَبَ إليهِ أبُو عُبَيدَةَ: “إنِّي في جَيشٍ مِن جُيُوشِ المُسلِمِينَ، لَستُ أرغَبُ بِنَفسِي عَن الذِي أصَابَهُم”. فَلَمَّا قَرَأ الكِتَابَ استَرجَعَ- وفي رِوَايَةٍ: بَكَى- فَقَالَ النَّاسُ: مَاتَ أبُو عُبَيدَةَ؟ قَالَ: “لا، وكأنْ قَد! “.
ثُمَّ كَانَ كَتَبَ إليهِ بِالعَزِيمَةِ:”فَاظهَرَ مِن أرضِ الأردُنِّ فإنَّهَا عَمِيقَةٌ وَبِيئةٌ، إلى أرضِ الجَابِيَةِ فإنَّهَا نَزهَةٌ نَدِيَةٌ”، فَلَمَّا أتَاهُ الكِتَابُ بِالعَزِيمَةِ، أمَرَ مُنَادِيَهُ فأذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَحِيلِ، فَلَمَّا قَدِمَ إليه- أي: إلى رَحلِهِ- لِيَركَبَهُ؛ وَضَعَ رِجلَهُ فِي الغَرْزِ () ثَنَىَ رِجلَهُ فَقَالَ: “مَا أرَى دَاءَكُم إلَّا قَد أصَابَنِي”.
قَالَ طَارقُ بنُ شِهَابٍ: وَمَاتَ أبُو عُبَيدَةَ وَرَجَعَ الوَبَاءُ عَنِ النَّاسِ ().
وصححه محقق مختصر تلخيص الذهبي على المستدرك وذكر أن طارق بن شهاب صحابي وفي بعض الروايات يرويه عن أبي موسى بنحوه وراجع له بذل الطاعون
وَكَانَت وَفَاتُهُ فِي آخِر السَنَةِ الثَامِنَةِِ عَشرَةَ للهِجرَةِ، وَعَاشَ ثَمَانِيَاً وَخَمسِينَ سَنَةً رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَأرضَاهُ.
وقَبرُهُ اليوُمَ فِي غَورِ البَلاونَةِ عَلى الطَرِيقِ العَامِّ الذي يَقطَعُ الغَورَ مِنَ الشَمَالِ إلى الجَنُوبِ، وَعَلَى بُعدِ أربَعِينَ كِيلَاً مِن مَدِينَةِ السَلطِ، شَرقَ نَهرِ الأُردُنْ.
أخرجه الحاكم (5146) والطبري في «تاريخه» (2/ 487 – 488) وابن عساكر (25/ 484 – 485) وقال الحاكم:”رواة هذا الحديث كلهم ثقات، و هو عجيب بمرة”، وقال الذهبي في التلخيص: “على شرط الشيخين “.
____
و عن عمرو بن عوف وهو حليف بني عامر بن لؤي وكان شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي ….. قال للانصار: أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين قالوا أجل يا رسول الله قال أبشروا وأملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم.
قال الألباني: صحيح، الإرواء (5/ 89 – 90)
وعزاه للبخاري ومسلم
____
*وفي صحيح ابن حبان:*
4746 – أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال: حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد قال: حدثنا شعبة عن سماك بن حرب عن عياض الأشعري قال:
شهدت اليرموك ـ وعليها خمسة أمراء ـ: أبو عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وخالد بن الوليد وعياض – وليس عياض صاحب الحديث الذي يحدث سماك عنه – قال عمر رضوان الله عليه ـ: إذا كان قتال فعليكم أبو عبيدة قال: فكتبنا إليه أن قد جاش إلينا الموت واستمددناه فكتب إلينا أنه قد جاءني كتابكم تستمدوني وإني أدلكم على ما هو أعز نصرًا وأحصن جندًا الله فاستنصروه فإن محمد صلى الله عليه وسلم قد نصر بأقل من عددكم فإذا أتاكم كتابي فقاتلوهم ولا تراجعوني قال: فقاتلناهم فهزمناهم وقتلناهم أربع فراسخ وأصبنا أموالًا فتشاوروا فأشار عليهم عياض عن كل رأس عشرة وقال أبو عبيدة: من يراهنني فقال شاب: أنا ـ إن لم تغضب ـ قال: فسبقه فرأيت عقيصتي أبي عبيدة تنقزان ـ وهو خلفه ـ على فرس عربي
[تعليق الشيخ الألباني]
صحيح الإسناد.
قلت سيف: وسبق أن عمر بن الخطاب خرج إليهم لما قرأ رسالة أبي عبيدة ولا منافاة.
______
*قال ابن تيمية -رحمه الله- في كلام له عن أمراض القلوب:*
وكذلك كان في الصحابة أبو عبيدة بن الجراح ونحوه كانوا سالمين من جميع هذه الأمور فكانوا أرفع درجة ممن عنده منافسة وغبطة وإن كان ذلك مباحا ولهذا استحق أبو عبيدة رضي الله عنه أن يكون أمين هذه الأمة فإن المؤتمن إذا لم يكن في نفسه مزاحمة على شيء مما ائتمن عليه كان أحق بالأمانة ممن يخاف مزاحمته ولهذا يؤتمن على النساء والصبيان الخصيان ويؤتمن على الولاية الصغرى
من يعرف أنه لا يزاحم على الكبرى ويؤتمن على المال من يعرف أنه ليس له غرض في أخذ شيء منه وإذا ائتمن من في نفسه خيانة شبه بالذئب المؤتمن على الغنم فلا يقدر أن يؤدي الأمانة في ذلك لما في نفسه من الطلب لما ائمتن عليه.
–