242 جامع الأجوبة الفقهية ص 285
مشاركة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
مسألة: التبول أو التغوط في المياه الراكدة أو الجارية.
– جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 13):
قضاء الحاجة في الماء:
ذهب الحنفية والمالكية إلى كراهة قضاء الحاجة في الماء، بولا أو غائطا، وذهب الحنفية إلى أن الكراهة تحريمية وإن كان الماء راكدا لحديث جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الماء الراكد، ولحديث أبي هريرة: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه أخرجه البخاري (فتح الباري 1/ 346)، ومسلم (1/ 235)،
وتكون الكراهة تنزيهية إن كان الماء جاريا، لحديث: نهى الرسول أن يبال في الماء الجاري. أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 204)، وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.
قال ابن عابدين في رد المحتار (1/ 228): والمعنى فيه أنه يقذره، وربما أدى إلى تنجيسه، وأما الراكد القليل فيحرم البول فيه، لأنه ينجسه ويتلف ماليته ويغر غيره باستعماله، والتغوط في الماء أقبح من البول، وكذا إذا بال في إناء ثم صبه في الماء، أو بال بقرب النهر فجرى إليه، فكله قبيح مذموم منهي عنه.
قال القاضي عياض من المالكية: النهي الوارد في الحديث هو نهي كراهة وإرشاد، وهو في القليل أشد، لأنه يفسده، وقيل: النهي للتحريم، لأن الماء يفسد لتكرر البائلين ويظن المار أنه تغير من قراره، ويلحق بالبول التغوط وصب النجاسة. ا. هـ.، وقال ابن ناجي في شرح المدونة: الجاري على أصل المذهب أن الكراهة على التحريم في القليل. انظر: حاشية العدوي على الخرشي (1/ 144).
وقال الشافعية والحنابلة: يكره البول في الماء الراكد قليلا كان أو كثيرا للحديث.
وأما الجاري فقال جماعة من الشافعية: إن كان قليلا كره وإن كان كثيرا لم يكره، قال النووي: وفيه نظر، وينبغي أن يحرم البول في القليل مطلقا، لأنه ينجسه ويتلفه على نفسه وعلى غيره، وأما الكثير الجاري فلا يحرم، لكن الأولى اجتنابه، ولعلهم لم يحرموا البول في الراكد كما هو ظاهر الحديث، لأن الماء غير متمول عادة، أو لأنه يمكن تطهيره بالإضافة. انظر: المجموع (2/ 93)، وكشاف القناع (1/ 62).
وقيد بعضهم الماء الكثير الذي يكره التخلي فيه بما لم يستبحر، فإن استبحر بحيث لا تعافه النفس فلا كراهة. انظر: حاشية ابن قاسم على شرح البهجة (1/ 120)، وكشاف القناع (1/ 63).
وفرق الحنابلة بين التبول في الماء والتغوط فيه فرأوا كراهة الأول وتحريم الثاني، ففي كشاف القناع: يكره بوله في ماء راكد أو قليل جار، ويحرم تغوطه في ماء قليل أو كثير راكد أو جار لأنه يقذره ويمنع الناس الانتفاع به. انظر: كشاف القناع (1/ 63). انتهى
– قال صاحب إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 105):
ونهيه صلى الله عليه وسلم عن بول الرجل فى الماء الراكد [أو الدائم الذى لا يجرى، ثم يغتسل منه، وهو تفسير الراكد] هذا تفسير منه صلى الله عليه وسلم على طريق التنزيه والإرشاد إلى مكارم الأخلاق والاحتياط على دين الأمة، وهو فى الماء القليل آكد منه فى الكثير لإفساده له، بل ذكر بعضهم أنه على الوجوب فيه، إذ قد يتغير منه ويفسد فيظن من مر به أن فساده لقراره أو مكثه، وكذلك يكثر تكرار البائلين فى الكثير حتى يعتريه ذلك، فحمى صلى الله عليه وسلم هذا العارض فى الماء الذى أصله الطهارة بالنهى عن ذلك، وذكر البول فيه دليل على ما يشابهه من الغائط وغيره، فإن فعل ذلك فى ماء كثير لم يضره، فإن كان فى قليل وغيره أنجسه وإن لم يغيره فعلى اختلافهم فى الماء القليل تحله النجاسة القليلة، ولم يأخذ أحد بظاهر الحديث إلا داود فقصره على البول فيه دون غيره من صبه فيه، أو التغوط فيه، أو جريه إليه، كان كثيرا أو قليلا، والتزم فى ذلك تناقضا عظيما لظاهر الحديث.
وقوله: ” والذى لا يجرى ” دليل أن الجارى بخلافه؛ لأن البول لا يستقر فيه، ولأن جريه يدفع النجاسة وتخلفه على التوالى الطهارة، ولأن الجارى فى حكم الكثير الغالب ما لم يكن ضعيفا يغلبه البول ويغيره، ولأن أكثر المياه الموجودة ليست كثيرة مستبحرة والناس يتناوبون المياه عند حاجتهم ويقربون منها للتنظيف بها، فلو أطلق لهم البول فيها لفسد أكثرها وقطع الانتفاع بها، لا سيما فيما يقرب من العمران ويدخل الوساوس فيما يوجد منها. انتهى
– قال الامام النووي في شرحه على مسلم (3/ 187):
أما الدائم فهو الراكد وقوله صلى الله عليه وسلم الذي لا يجري تفسير للدائم وإيضاح لمعناه ويحتمل أنه احترز به عن راكد لا يجري بعضه كالبرك ونحوها وهذا النهي في بعض المياه للتحريم وفي بعضها للكراهة ويؤخذ ذلك من حكم المسألة فإن كان الماء كثيرا جاريا لم يحرم البول فيه لمفهوم الحديث ولكن الأولى اجتنابه وإن كان قليلا جاريا فقد قال جماعة من أصحابنا يكره والمختار أنه يحرم لأنه يقذره وينجسه على المشهور من مذهب الشافعي وغيره ويغر غيره فيستعمله مع أنه نجس وإن كان الماء كثيرا راكدا فقال أصحابنا يكره ولا يحرم ولو قيل يحرم لم يكن بعيدا فإن النهي يقتضي التحريم على المختار عند المحقيقين والأكثرين من أهل الأصول وفيه من المعنى أنه يقذره وربما أدى إلى تنجيسه بالإجماع لتغيره أو إلى تنجيسه عند أبي حنيفة ومن وافقه في أن الغدير الذي يتحرك بتحرك طرفه الآخر ينجس بوقوع نجس فيه وأما الراكد القليل فقد أطلق جماعة من أصحابنا أنه مكروه والصواب المختار أنه يحرم البول فيه لأنه ينجسه ويتلف ماليته ويغر غيره باستعماله والله أعلم قال أصحابنا وغيرهم من العلماء والتغوط في الماء كالبول فيه وأقبح وكذلك إذا بال في إناء ثم صبه في الماء وكذا إذا بال بقرب النهر بحيث يجري إليه البول فكله مذموم قبيح منهي عنه على التفصيل المذكور ولم يخالف في هذا أحد من العلماء إلا ما حكي عن داود بن علي الظاهري أن النهي مختص ببول الإنسان بنفسه وأن الغائط ليس كالبول وكذا إذا بال في إناء ثم صبه في الماء أو بال بقرب الماء وهذا الذي ذهب إليه خلاف إجماع العلماء وهو أقبح ما نقل عنه في الجمود على الظاهر والله أعلم. انتهى
– قال العيني في شرح أبي داود (1/ 208):
ويستفاد من هذا الحديث فوائد:
الأولى: حرمة البول في الماء الواقف مطلقاً.
الثانية: جواز البول في الماء الجاري، ولكن الأولى اجتنابه، ومنهم من فصله فقال: إن كان جارياً كثيراً جاز البول فيه، وإن كان قليلاً لا يجوز.
الثالثة: فيه دلالة على تنجيس البول.
الرابعة: يفهم منه أن التغوط فيه أيضاً حرام؛ لأنه كالبول، بل هو أقبح، وكذلك يحرم أن يبول في إناء، ثم صبه فيه، وكذا إذا بال بقرب الماء ثم جرى إليه، فاختلط به.
الخامسة: فيه دليل على أنه إذا بال فيه ثم اغتسل [منه] لا يجوز، وكذا قال الشافعي، حتى صرح بقوله: وسواء قليل الراكد وكثيره لإطلاق الحديث. ومن الشافعية من يقول: إنما ينجس الماء بالبول فيه إذا كان دون
القلتين، وكذا قال الخطابي.
قلت: هذا تحكم بلا دليل، وترك لإطلاق الحديث، وكيف يعارض به حديث القلتين مع الكلام فيه كما ذكرناه؟. انتهى
– قال الامام الصنعاني في سبل السلام (1/ 27):
قلت: بل الأولى خلافه، إذ الحديث في النهي عن البول فيما لا يجري، فلا يشمل الجاري، قليلا كان أم كثيرا. نعم لو قيل بالكراهة لكان قريبا، وإن كان كثيرا راكدا، فقيل: يكره مطلقا.
وقيل: إن كان قاصدا إلا إذا عرض وهو فيه فلا كراهة. انتهى
– وقال صاحب توضيح الأحكام (1/ 128):
النهي عن البول أو الاغتسال في الماء الراكد ليس على إطلاقه اتفاقا؛ فإن الماء المستبحر الكثير لا يتناوله النهي اتفاقا؛ فهو مخصص بالإجماع. انتهى
– قال الشيخ عبدالمحسن العباد في شرح سنن أبي داود (16/ 6):
ثم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم) التقييد بالماء الدائم له مفهوم، وهو: أن المنع فيما إذا كان دائماً؛ لأن الماء الدائم هو الراكد الساكن غير الجاري؛ لأن هذا تؤثر فيه النجاسة، بخلاف الماء الجاري فإنه يأتي بعده من الماء ما يغطيه ويغلبه بمرور الماء عليه ومكاثرة الماء عليه، والابتعاد عن البول في المياه هذا أمر مطلوب سواء كانت جارية أو ساكنة، ولكن الفرق بين الساكنة والجارية أن الساكنة تؤثر فيها النجاسة، والجارية لا تؤثر فيها النجاسة. انتهى
راجع كذلك مسائل سبقت:
مسألة: الماء القليل إذا خالطته النجاسة، ولم يتغير.؟
و مسألة: حكم التبول في الماء الدائم؟
ومسألة: حكم التغوط في الماء الدائم؟
ومسألة: حكم التبول في الماء الجاري؟
ومسألة: هل يستدل بحديث (لا يبولن أحدكم … ) على أن الماء إذا بلغ قلتين وأكثر ينجس إذا خالطه بول آدمي، وعذرته، وإن لم يغيره؟