: 241 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
—————
مسند أحمد
12912 حدثنا عبدالرحمن حدثنا سفيان عن منصور عن ربعي عن أبي الأبيض عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس بيضاء محلقة فأرجع إلى أهلي وعشيرتي من ناحية المدينة فأقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى فقوموا فصلوا.
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
ابوالابيض إنما وثقه العجلي لكن نضيف له توثيق الذهبي وابن حجر
وأخرجه أحمد 12331
————-‘———-
“مُحلِّقة” بتشديد “اللام” المكسورة من حَلَّق الطائر: ارتفع في طيرانه، وقيل: بفتح “اللام”، وقال ابن الأثير: محلقة: أي مرتفعة، والتحليق: الارتفاع،
ظاهر الحديث يفيد بجواز تأخير العصر مالم يدخل الى الإصفرار، و يفيد بجواز الصلاة ذات الأسباب في وقت النهي و حكى ابن عبدالبر الاتفاق على ذلك، و إليك كلام أهل العلم في المسألة.
قال ابن رجب: وممن رخص في الصلاة بعد العصر والشمس مرتفعة: علي بن أبي طالب، والزبير، وتميم الداري، وأبو أيوب، وأبو موسى، وزيد بن خالد الجهني، وابن الزبير، والنعمان بن بشير، وأم سلمة – رضي الله عنهم.
ومن التابعين: الأسود، ومسروق، وشريح، وعمرو بن ميمون، وعبد الرحمن بن الأسود، وعبيدة، والأحنف بن قيس، وطاوس.
وحكاه ابن عبد البر، عن عطاء، وابن جريج، وعمرو بن دينار.
قال: وروي عن ابن مسعود نحوه.
ولم يعلم عن أحد منهم الرخصة بعد صلاة الصبح.
وهو قول داود، فيما حكاه ابن عبد البر.
وحكي رواية عن أحمد:
قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد: هل ترى بأساً أن يصلي الرجل تطوعاً بعد العصر والشمس بيضاء مرتفعة؟ قال: لا نفعله، ولا نعيب فاعله.
قال: وبه قال أبو حنيفة.
وهذا لا يدل على أن أحمد رأى جوازه، بل رأى أن من فعله متأولاً، أو مقلداً لمن تأوله لا ينكر عليه، ولا يعاب قوله؛ لأن ذلك من موارد الاجتهاد السائغ.
ومما استدل به من ذهب إلى ذلك: ما رواه هلال بن يساف، عن وهب بن الأجدع، عن علي، عن النبي (، قال: (لا تصلوا بعد العصر، إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة).
خرجه الإمام أحمد وأبو داود.
والنسائي، وعنده: (إلا أن تكون الشمس بيضاء نقية مرتفعة).
وابن خزيمة وابن حبان في (صحيحهما). ” فتح الباري” (3/ 278 – 279).
قال ابن عبدالبر: وأجمع العلماء أن من صلى العصر والشمس بيضاء نقية لم تدخلها صفرة فقد صلاها في وقتها المختار. ” الإستذكار (1/ 26).
من صفات المنافقين الصلاة في وقت الإصفرار، فلا يجوز تأخير الصلاة في هذا الوقت ويتشبه بهم.
وصح في صلاة المنافق أنه ينتظر حتى إذا اصفرت الشمس قام فنقرها أربعا وغير ذلك من الأحاديث.
قال الشوكاني في النيل: واعلم أن الأحاديث القاضية بكراهة الصلاة بعد صلاة العصر والفجر عامة، فما كان أخص منها مطلقا كحديث يزيد بن الأسود وابن عباس في الباب الذي بعد هذا وحديث علي المتقدم، وقضاء سنة الظهر بعد العصر وسنة الفجر بعده للأحاديث المتقدمة في ذلك، فلا شك أنها مخصصة لهذا العموم، وما كان بينه وبين أحاديث الباب عموم وخصوص من وجه كأحاديث تحية المسجد وأحاديث قضاء الفوائت.
و حديث يزيد بن الاسود هو:
(عن يزيد بن الأسود قال: «شهدت مع النبي – صلى الله عليه وسلم – حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته انحرف، فإذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا، فقال: علي بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا: يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة») رواه الخمسة إلا ابن ماجه.
قال الجامع عفا الله عنه: الراجح عندي قول من قال: إن آخر وقت العصر غروب الشمس، فمن أدرك ركعة من العصر فقد أدرك العصر، وإنما كان هذا أرجح، لأن به تجتمع الأدلة، فيحمل حديث جبريل “الوقت ما بين الوقتين”، وحديث “ووقت العصر ما لم تصفر الشمس” على بيان وقت الاختيار، لا لاستيعاب وقت الاضطرار والجواز، وحديث” من أدرك ركعة من العصر فقد أدرك العصر” على بيان وقت الاضطرار والجواز، وهذا الجمع هو الأولى من قول من قال: إن حديث جبريل منسوخ، لأن النسخ لا يصار إليه مع إمكان الجمع، وكذا لا يصار إلى الترجيح، مع إمكانه، ويؤيد هذا الجمع، حديث “تلك صلاة المنافق” الماضي (511)، فمن كان معذورًا كان الوقت في حقه ممتدًا إلى الغروب، ومن كان غير معذور كان الوقت له إلى المثلين، وما دامت الشمس بيضاء نقية، فإن أخرها إلى الاصفرار، وما بعده كانت صلاته صلاة المنافق المذكورة في الحديث. أفاده في “نيل” جـ 2 ص 34، 35.
والحاصل أن وقت العصر الاختياري ينتهي باصفرار الشمس، ووقت الجواز يمتد إلى آخر النهار، لكن إن كان بلا عذر كان الجواز مع الكراهة. والله أعلم.
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب. ” شرح المجتبى” (6/ 681). للعلامة الاثيوبي.
قال العلامة الألباني: وبهذه المناسبة ينبغي أيضا أن نتذكر حقيقة أخرى طالما غفل عنها كثيرون أيضا وهي أن الأحاديث التي تصرح بأنه (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)، المقصود بهذا النهي هو وقت الاصفرار وليس بعد صلاة العصر مباشرة فقد سمعتم آنفا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما دخل بيت عائشة بعد العصر إلا وصلى عندها ركعتين، وبالإضافة إلى ما سمعتم فاسمعوا قوله عليه السلام (لا صلاة بعد العصر إلا أن تكون الشمس مرتفعة نقية) لا صلاة بعد العصر إلا أن تكون الشمس مرتفعة نقية؛ فحينئذ يشرع الصلاة إذا كانت الشمس بيضاء مرتفعة لم تمل بعد إلى الغروب؛ فالوقت المنهي عن الصلاة بعد العصر ليس هو الوقت الذي يمتد بعد ما يصلي الإنسان فريضة العصر إلى غروب الشمس لا، وإنما هو القسم الأخير منه وهو الوقت الذي تبدأ الشمس بضعف حرارتها وباصفرار لونها وتهيئها للسقوط في الأفق أي للغروب؛ فهذا الحديث (لا صلاة بعد العصر إلا أن تكون الشمس مرتفعة نقية)، تقيد الأحاديث المعروفة بالاطلاق (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)، ومن هذا القبيل المقيد لهذا الحديث العام أي من قبيل الحديث الأول (لا صلاة بعد العصر إلا أن تكون الشمس مرتفعة نقية)، مثله تماما قوله عليه السلام (لا تتحروا الصلاة قبل غروب الشمس)، لا تتحروا أي لا تتقصدوا الصلاة عند غروب الشمس أي اصفرارها؛ ومفهوم هذا الحديث أنه قبل ذلك يجوز أن يتحرى الإنسان، وهكذا تلتقي الأحاديث الصحيحة بعضها مع بعض ويجتمع عندنا أخيرا أن للإنسان أن يصلي ركعتين بعد صلاة العصر كما يصلي قبلها ركعتين أو أربعا لقوله عليه السلام: (بين
كل أذانين صلاة لمن شاء)، قال في الثالثة لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة؛ ولقوله عليه السلام: (رحم الله امرءا صلى قبل العصر أربعا)، كما أنه أيضا باختصار للمصلي أن يصلي قبل العصر أربع ركعات أو على الأقل ركعتين؛ فكذلك له أن يصلي بعد العصر ركعتين أو أكثر إلى أن تبدأ الشمس بالاصفرار حينذاك تحرم الصلاة؛ هذا ما ينبغي التنبه له. ” سلسلة الهدى و النور”
قال ابن عثيمين: القول الراجح في مسألة الصلاة في أوقات النهي أن كل صلاة لها سبب كدخول المسجد وسنة الوضوء والاستخارة فيما يفوت قبل خروج وقت النهي وغير ذلك كل صلاة لها سبب فإنه ليس عنها وقت نهي وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ومذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد. ” فتاوى نور على الدرب”