241 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله المشجري وعبدالملك وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل:
241 – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 3 ص 351): حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد عن حميد عن أبي المتوكل عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه مروا بامرأة فذبحت لهم شاة واتخذت لهم طعامًا فلما رجع قالت يا رسول الله إنا اتخذنا لكم طعامًا فادخلوا فكلوا فدخل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه وكانوا لا يبدءون حتى يبتدئ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأخذ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لقمة فلم يستطع أن يسيغها فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم «هذه شاة ذبحت بغير إذن أهلها» فقالت المرأة يا نبي الله إنا لا نحتشم من آل سعد بن معاذ ولا يحتشمون منا نأخذ منهم ويأخذون منا.
هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم. وحماد هو ابن سلمة، وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث.
———
قال محققو المسند 14785: إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد- وهو ابن سلمة- فمن رجال مسلم. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وأبو المتوكل: هو علي بن داود الناجي
بوب عليه الشيخ مقبل في الجامع:
11 – إخباره – صلى الله عليه وسلم – عن أمور مُغيَّبة فوقعت كما أخبر
9 – ما لا تسكن إليه النفس من الأطمعة يبتعد عنه
54 – ذكاة المرأة
وورد ما يشهد له ففي الصحيح المسند
1483 – قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا محمد بن العلاء أخبرنا ابن إدريس أخبرنا عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر أوسع من قبل رجليه أوسع من قبل رأسه فلما رجع استقبله داعي امرأة فجاء وجيء بالطعام فوضع يده ثم وضع القوم فأكلوا فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في فمه ثم قال أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها فأرسلت المرأة قالت يا رسول الله إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة فلم أجد فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل إلي بها بثمنها فلم يوجد فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعميه الأسارى.
صححه الالباني في الصحيحة 754 والارواء 3/ 196
اختلف على عاصم بن كليب وصحح الدارقطني هذه الرواية. راجع تخريج السنن 3332
بوب أبو داود على هذا الحديث: باب اجتناب الشبهات، وبوب البيهقي: باب كراهية مبايعة من أكثر ماله من الربا
ونقلنا كلام العباد أن معرفته صلى الله عليه وسلم ذلك إنما بطريق الوحي وهو صلى الله عليه وسلم لا يعلم من الغيب إلا ما أعلمه ربه.
والشبهه في عدم أكله أنها ذبحت بغير إذن صاحبها وهو ما يسمى بيع الفضولي المتوقف على إجازة صاحب المال. والأسارى هنا من الكفار فيتخلص من المال الذي فيه شبهه أو الفوائد الربوية في أمور ممتهنة مثل شق الطرقات و …..
قال ضياء الدين المقدسي (ت (643) هـ):
96 – باب الحكم في لحم شاة ذُبحت بغير إِذن أهلها
5112 – فذكر حديث جابر
ثم ذكر حديث الرجل من الأنصار
5113 – عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل من الأنصار قال: “خرجنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في جنازة مثل رواية أبي داود
ولفظ الإمام أحمد: “خرجنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في جنازة، فلما رجعنا لقينا داعي امرأة من قريش، فقال: يا رسول الله، إن فلانة تدعوك ومن معك إلى الطعام، (فانصرف) فانصرفنا معه فجلسنا مجالس الغلمان من آبائهم بين أيديهم، ثم جيء بالطعام، فوضع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يده، ووضع القوم أيديهم، ففطن له القوم وهو يلوك لقمته لا يجيزها، فرفعوا أيديهم وغفلوا عنا، ثم ذكروا فأخذوا بأيدينا، فجعل الرجل يضرب اللقمة بيده حتى تسقط، ثم أمسكوا بأيدينا ينظرون ما يصنع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلفظها فألقاها، فقال: أجد لحم شاة أُخذت بغير إذن أهلها. فقامت المرأة، فقالت: يا رسول الله، إنه كان في نفسي أن أجمعك ومن معك على طعام، فأرسلت إلى البقيع فلم أجد شاة تباع، وكان عامر بن أبي وقاص ابتاع شاة أمس من البقيع، فأرسلت إليه أن ابتغي لي شاة في البقيع فلم تُوجد، فذُكر لي أنك اشتريت شاة فأرسل بها إليَّ. فلم يجده الرسول، ووجد أهله، فدفعوها إلى رسولي. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: أطعموها الأُسارى”.
وفي لفظ ابن ماجه قال: ” (إني) لأجد لحم شاة ذبحت بغير إذن أهلها. فقالت: يا رسول الله، أخي وأنا من أعز الناس عليه، ولو كان خيرًا منها لم يغبر عليَّ، وعليَّ أن أرضيه بأفضل منها. فأبى أن يأكل منها، وأمر بالطعام للأسارى”
السنن والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام (4/ 516)
قال ابن بزيزة (ت (673) هـ) في ذبح بهيمة الأنعام:
قوله: «وليس من شرطه الذكورية ولا البلوغ»: تنبيهًا على مذهب المخالف، وقد اختلف العلماء في جواز تذكية الصبي، والمرأة إذا أطاق الذبح، والجمهور على جوازها، ومنهم من أجازها في موضع الضرورة، ومنعها في غير الضرورة، وقال أبو مصعب عن مالك: لا أحب ذبحها لا في حال الضرورة، ولا في غيرها، ومذهب مالك أن يؤكل ما ذبحت المرأة من غير ضرورة، وهي أولى من النصراني في الذبح، وذكر ذلك محمد في حال السعة، فإن ذبحها أكلت الذبيحة. وفي الصحيح: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن ذبيحة المرأة فقال: لا بأس). وكذلك اختلف الناس في تذكية السارق والغاصب آلات المذبوح بها، أو الشيء المذبوح، والجمهور على الجواز، وسئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (عن شاة ذبحت بغير إذن ربها فقال: أطعموها للأسارى) الحديث
روضة المستبين في شرح كتاب التلقين (1/ 701)
قال زين الدين المُنَجَّى التنوخي الحنبلي ((631) – (695) هـ):
فصل [إذا رد المغصوب]
قال المصنف رحمه الله: (وإن زاد لزمه ردّه بزيادته. سواء كانت متصلة؛ كالسمنِ، وتعلم صَنعة، أو منفصلة؛ كالولد، والكسب. ولو غصب جارحاً فصاد به، أو شبكة، أو شِرْكاً فأمسك شيئاً، أو فرساً فصاد عليه، أو غنم: فهو لمالكه).
أما كون الغاصب يلزمه ردّ المغصوب؛ فلما تقدم.
وأما كونه يلزمه ردّ زيادته؛ فلأنها نماء ملك المالك. فلزم ردها؛ كالأصل.
وأما كون الزيادة المتصلة والمنفصلة سواء في لزوم الرد؛ فلاشتراكهما في كونهما نماء ملك المغصوب منه.
وأما كون الصيد والغنيمة في المسائل المذكورة لمالك الجارح والشبكة والشِّرْك والفرس؛ فلأن ذلك كله حصل بسبب ملكه. فكان له؛ كما لو غصب دابة فحمل عليها مال غيره. فإن الأجرة مستحقة للمالك دونه.
قال: (وإن غصب ثوباً فقَصَرَه، أو غزلاً فنسجه، أو فضة أو حديداً فضربه، أو خشباً فنجره، أو شاة فذبحها وشواها: ردّ ذلك بزيادته، وأرش نقصه، ولا شيء له. وعنه: يكون شريكاً بالزيادة. وقال أبو بكر: يملكه وعليه قيمته).
أما كون الغاصب يلزمه ردّ ذلك كله بزيادته على المذهب؛ فلأن ذلك عين المال المغصوب منه. فلزمه ردّه إليه؛ كما لو ذبح الشاة ولم يشوها
ولأن كل ما فعله الإنسان بماله لا يزيل ملكه عنه، إذا فعله بملك غيره لا يزيل ملكه عنه؛ لأن الفعل المذكور إذا لم يكن صالحاً للإزالة. فلأن لا يكون صالحاً للإزالة في ملك غيره بطريق الأولى.
وأما كونه يردّ أرش النقص إن نقص المغصوب بذلك؛ فلأنه حصل بفعله.
وأما كون الغاصب لا شيء له بعمله المؤدي إلى الزيادة على المذهب؛ فلأنه تبرع في ملك غيره.
وأما كونه شريكاً بالزيادة على رواية؛ فلأن الزيادة حصلت بمنافعه، والمنافع تجري مجرى الأعيان. أشبه ما لو غصب ثوباً فصبغه. وفرّق المصنف بينهما بأن الصبغ عين مال لا يزول ملك مالكه عنه بجعله مع ملك غيره. بخلاف ما ذُكر. وذكر أبو الخطاب: أنه يكون شريكاً على الصحيح.
وأما كونه يملك ذلك وعليه قيمته على قول أبي بكر؛ فلأنه يروى «أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قوماً من الأنصار في دارهم. فقدموا إليه شاةً مشوية. فجعل يَلُوكُها ولا يسيغها. فقال: إن هذه الشاة لتخبرني أنها أُخذت بغير حق. فقالوا: نعم يا رسول الله! طلبنا شاة في السوق فلم نجد. فأخذنا شاة لبعض جيراننا ونحن نرضيهم من ثمنها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أطعموها الأسرى» (1).
وجه الدلالة: أنه لو لم ينقطع ملك المالك لأمر بردها إليه.
وذكر المصنف في المغني: أن كلام أحمد يدل على أن الغاصب ملكها بالقيمة. ثم قال: إلا أن المذهب ما قلناه. يعني: أن الملك باقٍ على ملك مالكه، ووجهه ما تقدم. ثم قال: والحديث غير معروف كما روي.
الممتع في شرح المقنع – ت ابن دهيش ط (3) (3/ 27)
قال أحمد بن فَرح (بسكون الراء)، شهاب الدين الشافعي (ت (699) هـ):
إِذا غصب شَيْئا فَغَيره، أَو طَعَاما فَأَكله لم يملكهُ، وَعَلِيهِ رد مَا بقى مِنْهُ نَاقِصا، وَيغرم قيمَة النُّقْصَان. وَقَالَ أَبُو حنيفَة – رَحمَه الله -: ” (يملكهُ) – على تَفْصِيل يذكرهُ فِي مذْهبه – وَيغرم قِيمَته ”
رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس – رَضِي الله عَنْهُمَا – أَن رَسُول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – خطب النَّاس فِي حجَّة الْوَدَاع، وَذكر الحَدِيث، وَفِيه: ” وَلَا يحل لامرئ من مَال أَخِيه إِلَّا مَا أعطَاهُ عَن طيب نفس، وَلَا تظالموا، وَلَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض “.
وروينا فِي حَدِيث عَمْرو بن يثربي – رَضِي الله عَنهُ – أَنه قَالَ: ” شهِدت خطْبَة النَّبِي
– صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – بمنى، وَكَانَ فِيمَا خطب بِهِ أَن قَالَ: وَلَا يحل لأحد من مَال أَخِيه إِلَّا مَا طابت بِهِ نَفسه “، وَذكر الحَدِيث.
وَذكر حَدِيثا عَن رجل من مزينة قَالَ: ” صنعت امْرَأَة لرَسُول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – طَعَاما، فدعته وَأَصْحَابه …. وَأمر بِالطَّعَامِ للأسارى “.
فَهَذِهِ
الْمَرْأَة ذبحتها، وشوت لَحمهَا، فَلَو كَانَت ملكتها بِالذبْحِ والشي لم يمْتَنع رَسُول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – من أكل مَا قَدمته إِلَيْهِ بعد مَا ملكته، وَإِنَّمَا أَمر بِهِ للأسارى لغيبة صَاحبه، وَخَوف الْفساد عَلَيْهِ بالإمساك على صَاحبه، ثمَّ يغرمه لَهُ، كَمَا يغرم أَمْثَال ذَلِك لأربابه. وَالله أعلم.
وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح عِنْد البُخَارِيّ عَن عَائِشَة – رَضِي الله عَنْهَا – قَالَت: ” كَانَ لأبي غُلَام يخرج لَهُ الْخراج، وَكَانَ أَبُو بكر – رَضِي الله عَنهُ – يَاكُل من خراجه، فجَاء يَوْمًا بِشَيْء فَأكل مِنْهُ أَبُو بكر – رَضِي الله عَنهُ – فَقَالَ لَهُ الْغُلَام: تَدْرِي مَا هَذَا؟ قَالَ أَبُو بكر – رَضِي الله عَنهُ -: مَا هُوَ؟ قَالَ كنت تكهنت لإِنْسَان فِي الْجَاهِلِيَّة – وَمَا أحسن الكهانة إِلَّا أَنِّي خدعته – فَلَقِيت فَأَعْطَانِي بذلك، فَهَذَا الَّذِي أكلت مِنْهُ، فَأدْخل أَبُو بكر – رَضِي الله عَنهُ – يَده فقاء كل شَيْء فِي بَطْنه ”
مختصر خلافيات البيهقي (3/ 425)
قال الشوكاني:
[بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا وَشَوَاهَا أَوْ طَبَخَهَا]
الْحَدِيثُ فِي إسْنَادِهِ عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ إذَا انْفَرَدَ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا بَاسَ بِهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: صَالِحٌ وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَأَمَّا جَهَالَةُ الرَّجُلِ الصَّحَابِيِّ فَغَيْرُ قَادِحَةٍ لِمَا قَرَّرْنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ مِنْ أَنَّ مَجْهُولَ الصَّحَابَةِ مَقْبُولٌ؛ لِأَنَّ عُمُومَ الْأَدِلَّةِ الْقَاضِيَةِ بِأَنَّهُمْ خَيْرُ الْخَلِيقَةِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ أَقَلُّ أَحْوَالِهَا أَنْ تَثْبُتَ لَهُمْ بِهَا هَذِهِ الْمَزِيَّةُ، أَعْنِي قَبُولَ مَجَاهِيلِهِمْ لِانْدِرَاجِهِمْ تَحْتَ عُمُومِهَا وَمَنْ تَوَلَّى اللَّهُ وَرَسُولُهُ تَعْدِيلَهُ فَالْوَاجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْعَدَالَةِ حَتَّى يَنْكَشِفَ خِلَافُهَا وَلَا انْكِشَافَ فِي الْمَجْهُولِ
وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ إجَابَةِ الدَّاعِي وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً وَالْمَدْعُوُّ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا إذَا لَمْ يُعَارِضْ ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ مُسَاوِيَةٌ أَوْ رَاجِحَةٌ، وَفِيهِ مُعْجِزَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ظَاهِرَةٌ لِعَدَمِ إسَاغَتِهِ لِذَلِكَ اللَّحْمِ وَإِخْبَارِهِ بِمَا هُوَ الْوَاقِعُ مِنْ أَخْذِهَا بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهَا
وَفِيهِ تَجَنُّبُ مَا كَانَ مِنْ الْمَاكُولَاتِ حَرَامًا أَوْ مُشْتَبِهًا، وَعَدَمُ الِاتِّكَالِ عَلَى تَجْوِيزِ إذْنِ مَالِكِهِ بَعْدَ أَكْلِهِ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ يَجُوزُ صَرْفُ مَا كَانَ كَذَلِكَ إلَى مَنْ يَاكُلُهُ كَالْأُسَارَى وَمَنْ كَانَ عَلَى صِفَتِهِمْ وَقَدْ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى حُكْمِ مَنْ غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا وَشَوَاهَا أَوْ طَبَخَهَا كَمَا وَقَعَ فِي التَّرْجَمَةِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، فَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَاسِمِيَّةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَالِكَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ طَلَبِ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْعَيْنِ كَمَا هِيَ وَعَدَمِ لُزُومِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمْ يَسْتَهْلِكْ مَا يَنْفَرِدُ بِالتَّقْوِيمِ وَحُكِيَ عَنْ الْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ وَالنَّاصِرِ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ أَنَّهُ يَاخُذُ الْعَيْنَ مَعَ الْأَرْشِ كَمَا لَوْ قَطَعَ الْأُذُنَ وَنَحْوَهَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْقِيمَةِ أَوْ الْعَيْنِ مَعَ الْأَرْشِ.
نيل الأوطار (5/ 384)
جاء في الدرر السنية في الأجوبة النجدية:
وسئل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف: عمن ذبح شاة أو سرقها، فذبحها بغير إذن أهلها، أو أغار قوم على غنم أهل بلد فذبحوا منها شيئاً وذهبوا به، ثم لحقهم الطلب فاستنقذوه من أيديهم، هل يحل أكل ذلك المذبوح، أو لا؟
فأجاب: الحمد لله، ينبغي أولاً: أن يعلم أن العلة في المذبوح، تفويت المالية على المالك، لا إزهاق الروح; إذا ثبت هذا، فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية، قدس الله روحه، عمن غصب شاة فذبحها، ثم تراضى هو ومالكها، هل يجوز أكلها؟ فأجاب، رحمه الله: إذا تراضى هو وصاحبها، جاز أكلها. انتهى.
قلت: ويشهد لهذا: ما رواه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما: أنه صلى الله عليه وسلم قال: ” لا يحل لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس منه “، وفي لفظ: ” لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه “، رواه أحمد والبيهقي والدارقطني، لمفهوم هذا الحديث: أنه إذا طابت نفسه حل ذلك له، وجاز له أكل ما أباحه، وأذن له في أكله، وأخذه، وإذا لم تطب نفسه به فهو حرام، لا يحل له أخذه، ولا أكله.
قال ابن القيم، رحمه الله تعالى – بعد كلام له -: ويمكن أن يقال في جواب هذا: أن قتل الآدمي حرام لحق الله وحق الآدمي، وهذا لا يستباح بالإباحة، بخلاف ذبح المغصوب، فإنه حرام لمحض حق الآدمي، وهذا لو أباحه حل؛ فالمحرم هناك: إنما هو تفويت المالية على المالك، لا إزهاق الروح; فتأمل ما ذكره ابن القيم، رحمه الله: أن ما كان لحق الله ولحق آدمي، أنه لا يستباح بالإباحة، بخلاف ذبح المغصوب، فإنه حرام لمحض حق الآدمي، فإذا أباحه له حل ولم يحرم عليه؛ وأن العلة في ذلك هي تفويت المالية على المالك.
ثم قال: وقد اختلف العلماء في ذبح المغصوب، وقد نص أحمد على أنه ذكي، وفيه حديث رافع بن خديج، في ذبح الغنم المنهوبة، والحديث الآخر في المرأة التي أضافت النبي صلى الله عليه وسلم فذبحت له شاة أختها بدون إذن أهلها، فقال: ” أطعموها الأسارى ” 1، وفي هذا دليل على أن المذبوح بدون إذن أهله يمنع من أكله المذبوح له، دون غيره، كالصيد إذا ذبحه الحلال لحرام، حرم على الحرام دون الحلال. وقد نقل صالح عن أبيه، فيمن سرق شاة فذبحها، لا يحل أكلها يعني له، قلت لأبي: فإن ردها على صاحبها فلا تؤكل، فهذه الرواية قد يؤخذ منها: أنها حرام على الذابح مطلقاً، لأن أحمد لو قصد التحريم من جهة أن المالك لم يأذن في الأكل، لم يخص الذابح بالتحريم. ثم قال ابن القيم، رحمه الله: هذا كلام شيخنا، يعني شيخ الإسلام ابن تيمية. قلت: فتبين من هذه الرواية، أن استدلال أحمد بحديث المرأة ظاهر في حلها لغير من ذبحت له، وشبهها بالصيد إذا ذبحه الحلال لحرام، حرم على الحرام دون الحلال; وتبين من الرواية الثانية في ذبيحة السارق: أنها لا تحرم إلا على الذابح السارق لا غيره. وأما ما يستدل به المخالف، من أن البخاري، رحمه الله، استدل على أن من ذبح غنماً، أو إبلاً بغير أمر أصحابها لا تؤكل، بما رواه في صحيحه عن رافع بن خديج، قال: ” كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة، فأصبنا إبلاً وغنماً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس، فعجلوا فنصبوا القدور، فدفع النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فأمر بالقدور فأكفئت ” 1 الحديث. ويستدلون بما رواه أبو داود، من طريق عاصم بن كليب، عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: “أصاب الناس مجاعة شديدة، فأصابوا غنماً فانتهبوها، فإن قدورنا لتغلي بها، إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرسه، فأكفأ قدورنا بقوسه، ثم جعل يرمل اللحم بالتراب، ثم قال: إن النهبة ليست بأحل من الميتة ” 2. انتهى.
فيقال: إن العصمة والحجة فيما رواه البخاري، لا فيما رآه واستنبطه، فإن الرأي والاستنباط يخطئ ويصيب، وليس ما رآه واستنبطه حجة على من لم يره؛ بل كل يؤخذ من قوله ويترك، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ والذي رواه البخاري، رحمه الله، إنما هو في الغنائم المشتركة بين الناس، وهي إذ ذاك لم تقسم، وهم لم يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بقية الغانمين في ذبحها وأكلها، فأمر بإكفاء القدور زجراً لهم عن معاودة مثله، والإمام له تأديب رعيته وأيضاً، فإنه لم يجئ في الحديث إتلاف اللحم، قال النووي، رحمه الله: والمأمور به من إراقة القدور، إنما هو إتلاف المرق عقوبة لهم، وأما اللحم فلم يلقوه، بل يحمل على أنه جمع ورد إلى المغنم، ولا يظن أنه أمر بإتلافه، مع أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال، وهذا من مال الغانمين. وأيضاً، فالجناية بطبخه لم تقع من جميع مستحقي الغنيمة، فإن منهم من لم يطبخ، ومنهم المستحقون للخمس; فإن قيل: لم ينقل أنهم حملوا اللحم إلى المغنم، قلنا: ولم ينقل أنهم أحرقوه، أو أتلفوه; فيجب تأويله على وفق القواعد. انتهى.
اعلم وفقني الله وإياك، أن البخاري، رحمه الله، استدل على أن ما ذبح بغير إذن المالك، أو كان المال المشاع مشتركاً، لا يؤكل، بحديث رافع بن خديج المتقدم، واستدل أحمد بن حنبل على جواز أكله، بحديث رافع بن خديج، وبحديث المرأة؛ فكل من الإمامين استدل على الجواز والمنع، بحسب ما فهمه من الحديث، ومجرد مفهوم أحد الإمامين، لا يكون حجة يجب المصير إليه، ولا يقول بهذا إلا مقلد متعصب.
والواجب على من له معرفة ونظر: أن يطلب دليلاً من خارج، وقد اجتهدنا حسب الإمكان والطاقة، فوجدنا ما رواه البخاري في صحيحه، الحديث المتقدم ذكره في قصة جارية كعب بن مالك، والحديث الذي رواه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما؛ فالأخذ بظاهر ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أولى من الأخذ بمفهوم عالم فاضل، يجوز عليه الخطأ. بقي أن يقال في هذه المسألة: ما حال الذابح مع الظلم والعدوان؟ فالجواب أن الحكم على الظاهر: فإذا وقع في بلاد الإسلام، كان الظاهر أنه مسلم، إلا أن يعلم كفر الذابح بعينه، فلا تحل ذبيحته.
الدرر السنية في الأجوبة النجدية (7/ 491)