240 جامع الأجوبة الفقهية ص 281
مشاركة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
101 – وعن عيسى بن يزداد، عن أبيه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إذا بال أحدكم فلينثر ذكره ثلاث مرات» رواه ابن ماجه بسند ضعيف.
————
مسألة: حكم نتر الذكر
– تخريج الحديث:
الحديث رواه ابن أبي شيبة (1/ 149)، وأحمد (4/ 347) (19053) وابن ماجه (326)، وأبو داود في المراسيل (4) من طريق زمعة بن صالح.
وأخرجه أحمد (4/ 347)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 381،382)، والبيهقي (1/ 113) من طريق زكريا بن إسحاق، كلاهما عن عيسى بن يزداد به.
وضعفه الشيخ الالباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (4/ 124).
* قال الأتيوبي: والسندان حكمهما: الضعف؛ لأن فيهما راويين مجهولين؛ وهما عيسى بن يزداد، وأبوه يزداد. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه
* وقال ابن أبي حاتم في «العلل» ((89)): سمعت أبي يقول في حديث رواه زمعة عن عيسى بن يزداد عن أبيه قال: قال رسول الله – ? -: «إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات» قال أبي: هو عيسى بن يزداد بن فساءة وليس لأبيه صحبة ومن الناس من يدخله في المسند على المجاز وهو وأبوه مجهولان. اهـ.
وقال العقيلي في «الضعفاء» (1) / (381): حدثني آدم بن موسى قال: سمعت البخاري قال: عيسى بن يزداد اليماني عن أبيه روى عنه زمعة بن صالح ولا يصح. اهـ.
وقال ابن القطان في كتابه «بيان الوهم والإيهام» (3) / (307): علته أن عيسى وأباه لا يعرفان، ولا يعلم لهما غير هذا.
*ونقل ابن كثير في «إرشاد الفقيه» ((1) / (54)) قول أبي حاتم: «عيسى وأبوه مجهولان».
* والخبر أورده الذهبي في الميزان في مناكير عيسى بن يزداد اليماني رواه عنه زكريا بن إسحاق وزمعة. قال أبو حاتم: لا يصح حديثه، وليس لأبيه صحبة الميزان (3) / (327).
* وقال الذهبي في المهذب على السنن الكبرى للبيهقي: (489) – زكريا بن إسحاق وزمعة، قالا: ثنا عيسى بن يزداد، عن أبيه «أن النبي — كان إذا بال نتر ذكره ثلاث نترات». مرسل ولا يصح، قاله البخاري.
* قال ابن الملقن وذكر الحديث وقال: قالَ البُخارِيّ: عِيسى بن يزْداد، عَن أبِيه، رَوى عَنهُ زَمعَة، ولا يَصح. ثمَّ ذكر العقيلِيّ هَذا الحَدِيث، وقالَ ابْن حبان فِي «ثقاته»: [يزْداد] بن فساءة يُقال أن لَهُ صُحْبَة، إلّا أنِّي لست أحتج بِخَبَر زَمعَة بن صالح.
* قالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح المُهَذّب»: هَذا الحَدِيث رَواهُ أحْمد، وأبُو داوُد [فِي المَراسِيل] وابْن ماجَه والبَيْهَقِيّ، واتَّفَقُوا عَلى أنه ضَعِيف (وقالَ) الأكْثَرُونَ: هُوَ مُرْسل ولا صُحْبَة لِيَزْدادَ. قالَ: ومِمَّنْ نَص عَلى أنه لا صُحْبَة لَهُ: البُخارِيّ فِي «تارِيخه» وأبُو حاتِم الرّازِيّ
* قال محققو المسند 19053:
إسناده ضعيف لضعف زمعة: وهو ابن صالح الجَنَدي، وعيسى بن يزداد وأبوه مجهولان، قال ابن معين: لا يعرف من عيسى ولا أبوه، وقال أبو حاتم: هو وأبوه مجهولان، وقال البخاري: عيسى بن يزداد عن أبيه لا يصح.
قالوا: وفي الباب حديثُ ابنِ عباس السالف برقم ((1980)) في قصة صاحب القبرين اللذين يعذبان فذكر فيه أحدهما: أنه كان لا يستنزه من البول وفي رواية: لا يستبرئ، وسلف أيضًا من حديث أبي هريرة برقم ((8331)) ولفظه «أكثر عذاب القبر في البول» ورواه الدارقطني (1) / (218) عن أبي هريرة رفعه
بلفظ «استنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه». وراجع رياح المسك العطرة شرح صحيح البخاري
– تعريف النتر لغة واصطلاحاً:
قال في المصباح المنير (ص: 593): نترته نتراً من باب: قَتَلَ: جذبته في شدة، والنترة المرة، والجمع نترات، مثل سجدة وسجدات. انتهى
وفي اللسان (5/ 190): النَّتْر: الجذب بجفاء، واستنتر الرجل بوله: اجتذبه واستخرج بقيته من الذكر عند الاستنجاء. انتهى
في النهاية (5/ 12): والنتر: جذب فيه قوة وجفوة. انتهى
وفي الفائق في غريب الحديث (3/ 406): ومنه نترني فلان بكلامه: إذا شدده لك وغلظه، واستنتر: طلب النتر، وحرص عليه، واهتم به. انتهى
قال العيني في “شرح سنن أبي داود” (1/ 83): نَتْر الذكر هو إمرار أصابع اليد من ظاهره على مجرى البول. انتهى
– حكم نتر الذكر:
– اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
الأول: الوجوب وهو مذهب الحنفية والمالكية.
الثاني: الاستحباب وإليه ذهب الشافعية والحنابلة.
الثالث: عدم المشروعية واختاره ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وكذلك اختاره الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين.
– قال صاحب موسوعة أحكام الطهارة (2/ 119):
وحكم النتر يرجع إلى حكم الاستبراء من البول، فالقائلون بوجوب الاستبراء كالحنفية والمالكية يرون أن على البائل أن يستبرئ من بوله، سواء كان عن طريق النتر أو النحنحة أو المشي خطوات، أو عن طريق مسح الذكر، فلو توقف الاستبراء على النتر كان واجباً عندهم.
– دليل من قال إن النتر واجب:
الدليل الأول:
وجوب الاستبراء من البول، ويدل عليه حديث ابن عباس قال: مر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بحائط من حيطان مكة أو المدينة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: يعذبان، وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى كان أحدهما لا يستبرئ من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة. الحديث. اخرجه النسائي (2068)
وجه الاستدلال:
قالوا: الاستبراء: طلب البراءة من البول، وذلك باستفراغ ما في المخرج منه، كما يقال: براءة الرحم: خلوه من الحمل. فالبراءة من البول: خلو الذكر منه، وذلك بسلته ونتره.
* قال الصنعاني في سبل السلام وذكر الحديث وضعفه:
إلّا أنَّ مَعْناهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي رِوايَةِ ابْنِ عَساكِرَ
كانَ لا يَسْتَبْرِئُ مِن بَوْلِهِ] بِمُوَحَّدَةٍ ساكِنَةٍ: أيْ لا يَسْتَفْرِغُ البَوْلَ جَهْدَهُ بَعْدَ فَراغِهِ مِنهُ، فَيَخْرُجُ بَعْدَ وُضُوئِهِ.
والحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ حُصُولُ الظَّنِّ بِأنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي المَخْرَجِ ما يَخافُ مِن خُرُوجِهِ، وقَدْ أوْجَبَ بَعْضُهُمْ الِاسْتِبْراءَ لِحَدِيثِ أحَدِ صاحِبَيْ القَبْرَيْنِ هَذا، وهُوَ شاهِدٌ لِحَدِيثِ البابِ.
وأجيب:
بأن رواية الأكثر: لا يستتر. وفي رواية لمسلم: لا يستنزه، وهي بمعنى: لا يستتر
* قال النووي (لا يستتر من بوله) روي بثلاث روايات: (يستتر)، و (يستنزه)، و (يستبرئ) بالباء والهمزة وكلها صحيحة ومعناها: لا يتجنبه ويتحرز منه. شرح مسلم باختصار
* وقال الحافظ ابن حجر:
قوله: (لا يستتر) كذا في أكثر الروايات , وفي رواية ابن عساكر: (يستبرئ)، ولمسلم وأبي داود في حديث الأعمش: (يستنزه).
فعلى رواية الأكثر معنى ” الاستتار ” أنه لا يجعل بينه وبين بوله سترة يعني: لا يتحفظ منه , فتوافق رواية لا يستنزه؛ لأنها من التنزه وهو الإبعاد , وقد وقع عند أبي نعيم في المستخرج من طريق وكيع عن الأعمش: (كان لا يتوقى) وهي مفسرة للمراد، وأجراه بعضهم على ظاهره فقال: معناه لا يستر عورته. . .
وأما رواية ” الاستبراء ” فهي أبلغ في التوقي فتح الباري” (1/ 318).
وقالوا أيضاً: بأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان من أكمل الناس طهارة واستتاراً من البول، فإن كان هذا الاستبراء الذي يذكرونه من النتر والنحنحة، والمشي، والقيام والقعود الخ إن كان فعله – صلى الله عليه وسلم – فأين الدليل، وإن لم يفعله لم يكن هذا بياناً للاستتار من البول المذكور في حديث صاحب القبرين المعذبين، وفيه: “كان أحدهما لا يستتر من بوله”. فلم يرشد الشرع إلا بالاستنجاء إما بماء أو بأحجار، هذا هو حقيقة الاستبراء.
الدليل الثاني:
قالوا: إن التوقي من البول والاحتراز منه واجب إجماعاً، وفي النتر تحقيق لذلك.
واجيب عنه: أن الذي أوجب الاحتراز من البول والتوقي منه لم يفعله، ولو كان خيراً لفعله، ولو فعله لنقل إلينا.
الدليل الثالث:
استدلوا بحديث الباب عن عيسى بن يزداد، عن أبيه فساءة، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات. رواه أحمد في المسند (4/ 347).
واجيب: بأنه الحديث ضيف لا يصح وبالتالي لا يصح الاستدلال به
– دليل من قال بالاستحباب:
عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، وإذا بال أحدكم فلا يمسح ذكره بيمينه، وإذا تمسح أحدكم فلا يتمسح بيمينه، وأخرجه مسلم بنحوه. البخاري (5630)، ومسلم (267).
فقوله: لا يسمح ذكره بيمينه، مفهومه أنه يمسح ذكره بشماله، ولا يقصد فيه الاستنجاء؛ لأنه قال بعده: ولا يتمسح بيمينه.
– دليل من قال لا يشرع النتر:
أولاً: أنه لم يرد عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، ولا أرشد إليه، {وما كان ربك نسياً}. سورة مريم، الأية: 64.
ثانياً: لأنه مضر بالصحة، يورث السلس، وما كان كذلك يحرم فعله.
ثالثاً: ولأن ذلك قد ينتهي به إلى الوسواس والعياذ بالله، والوسواس غلو في الطهارة وتعد وظلم، مع ما يحمل الإنسان من تفويت للواجبات، وأحياناً في الوقوع في المحرمات.
رابعاً: قالوا أنه من البدع، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (21/ 106): ” التنحنح بعد البول والمشي، والطفر إلى فوق، والصعود في السلم، والتعلق في الحبل، وتفتيش الذكر بإسالته وغير ذلك كل ذلك بدعة، ليس بواجب ولا مستحب عند أئمة المسلمين، بل وكذلك نتر الذكر بدعة على الصحيح، لم يشرع ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وكذلك سلت البول بدعة، لم يشرع ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والحديث المروي في ذلك ضعيف لا أصل له، والبول يخرج بطبعه، وإذا فرغ انقطع بطبعه، وهو كما قيل: كالضرع، إن تركته قر، وإن حلبته در، وكلما فتح الإنسان ذكره فقد يخرج منه، ولو تركه لم يخرج منه، وقد يخيل إليه أنه خرج منه شيء، ولم يخرج، والبول يكون واقفاً في رأس الإحليل لا يقطر، فإذا عصر الذكر أو الفرج أو الثقب بحجر أو أصبع أو غيره خرجت الرطوبة، فهذا أيضاً بدعة، وذلك أن البول الواقف لا يحتاج إلى إخراج باتفاق العلماء، لا بحجر ولا أصبع، ولا غير ذلك، بل كلما أخرجه جاء غيره؛ فإنه يرشح دائماً. انتهى
– قال ابن القيم في زاد المعاد (1/ 173): ولم يكن -صلى اللَّه عليه وسلم- يصنع شيئًا مما يصنعه المبتلون بالوسواس من نتر الذكر، والنحنحة، والقفز، ومسك الحبل، وطلوع الدرج. . . ونحو ذلك من بدع أهل الوسواس. وقد روي عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان إذا بال نتر ذكره ثلاثًا. وروي أنه أمر به. ولكن لا يصح من فعله ولا أمره. قاله أبو جعفر العقيلي. انتهى
– قال الشيخ ابن باز في مجموع فتاوى (26/ 293)
“ومما يدل على ضعفه أن هذا العمل يسبب الوسوسة والإصابة بالسلس، فالواجب ترك ذلك”. انتهى
– وأجابة اللجنة الدائمة للأفتاء – 1 (5/ 108)
السؤال الثاني من الفتوى رقم 6382
س 2: إذا وقع شخص بما يسمى بنتر الذكر فكيف يترك هذه العادة؟
جـ 2: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
إذا علم الشخص ضرر عادة ما، وتصور الآثار المترتبة على تعاطيها كالنتر للذكر الذي يتسبب عنه سلس البول وعدم استمساكه وتعرض بدنه وثيابه للنجاسة فإنه يترك العادة السيئة ويعرض عنها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
– قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (1/ 111)
“قوله: «ونتره ثلاثا»، النتر معناه: أن يحرك الإنسان ذكره من الداخل لا بيده لحديث: «إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثا»، قالوا: ولأجل أن يخرج بقية البول إن كان فيه شيء من البول، لكن الحديث ضعيف لا يعتمد عليه، والنتر من باب التنطع المنهي عنه … وكل هذا من الوساوس التي لا أصل لها، والدين ـ ولله الحمد ـ يسر”. انتهى
– قال الشيخ البسام في توضيح الأحكام (1/ 362):
استحباب النتر والسلت هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، والذي مشى عليه أصحابه في مصنفاتهم. قال في الإنصاف: نص على ذلك، وقال به الأصحاب.
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: الصحيح أنه لا يستحب المسح والنتر؛ لعدم ثبوت ذلك، ولأنه يحدث الوسواس.
قال النووي: ينبغي أن لا يتابع الأوهام؛ فإنه يؤدي إلى تمكين الوسوسة في القلب. انتهى
– الموسوعة الفقهية الكويتية (40/ 64)
ينبني على الاختلاف السابق في حكم النتر على القول الثاني وهو ندب النتر واستحبابه أن من ترك نتر ذكره واستنجى عقيب انقطاع البول ثم توضأ فاستنجاؤه صحيح ووضوؤه كامل، لأن الأصل عدم خروج شيء آخر، قالوا: والاستنجاء يقطع البول فلا يبطل استنجاؤه ووضوؤه إلا أن يتيقن خروج شيء.
وأما على القول الأول – وهو وجوب النتر – فإن استنجاءه يكون فاسدا ووضوءه باطلا وكذلك صلاته.
والله أعلم …