24 فتح المنان في شرح أصول الإيمان
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا).
——-‘——‘——-‘
——-‘——‘——-‘
الفصل الثالث: الإيمان بالرسل ويحتوي على أحد عشر مبحثًا:
المبحث الأول حكم الإيمان بالرسل وأدلته
المبحث الثاني: تعريف النبي والرسول والفرق بينهما.
المبحث الثالث: كيفية الإيمان بالرسل.
المبحث الرابع: ما يجب علينا نحو الرسل.
المبحث الخامس: أولو العزم من الرسل.
المبحث السادس:
أ. خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
ب. حقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته
ج. بيان أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حق.
المبحث السابع: ختم الرسالة وبيان أنه لا نبي بعده.
المبحث الثامن:
الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم حقيقته وأدلته.
المعراج وحقيقته
المبحث التاسع: القول الحق في حياة الأنبياء عليهم السلام.
المبحث العاشر: معجزات الأنبياء والفرق بينها وبين كرامات الأولياء.
التعريف بالمعجزة
أمثلة لبعض معجزات الأنبياء
التعريف بالكرامة
الفرق بين المعجزة والكرامة
المبحث الحادي عشر: الولي والولاية في الإسلام.
تعريف الولي والولاية
تفاضل الأولياء
أقسام أولياء الله
لا يختص أولياء الله بلباس ولا هيئة
بطلان ما قد يعتقد فيهم من الغلو
——–‘——‘——-‘
سنأخذ ستة مباحث. والباقي نرجيه إلى أن ييسر الله.
المبحث الأول:حكم الإيمان بالرسل و أدلته
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
” والمسلمون آمنوا بالأنبياء كلهم، ولم يفرقوا بين أحد منهم، فإن الإيمان بجميع النبيين فرض واجب، ومن كفر بواحد منهم فقد كفر بهم كلهم، ومن سب نبياً من الأنبياء فهو كافر يجب قتله باتفاق العلماء “.
” الصفدية ” (2/ 311).
أدلته كثيرة من الكتاب والسنة، منها قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ}، قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}.
وقوله تعالى: {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}.وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «آمنت بالله ورسله».
رواه البخاري (1354، 6173)، ومسلم (الفتن95).
وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في التهجد عند قيام الليل أنه كان يقول: (اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض. …. أنت الحق ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق والساعة حق …. ) أخرجه مسلم
قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (12/ 12): ” الإيمان بالرسل ” يجب أن يكون جامعا عاما مؤتلفا لا تفريق فيه ولا تبعيض ولا اختلاف؛ بأن يؤمن بجميع الرسل وبجميع ما أنزل إليهم. فمن آمن ببعض الرسل وكفر ببعض أو آمن ببعض ما أنزل الله وكفر ببعض فهو كافر وهذا حال من بدل وكفر من اليهود والنصارى والصابئين؛ فإن هؤلاء في أصلهم قد يؤمنون بالله واليوم الآخر ويعملون صالحا؛ فأولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. كما قال تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} ونحوه في المائدة.
قال الشيخ صالح ال الشيخ: (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) خلافاً لكل أهل الملل والديانات.
ويجوز أن نقول ديانات؛ لأنَّ لكل أمَّةٍ دين، لكن ما نضيفها إلى السماء؛ يعني ما نقول ديانات سماوية، الديانات اليهودية والنصرانية إلى آخره باعتبار ما هي عليه.
هذه جميعا فَرَّقَتْ بين الرسل.
ولهذا في الحقيقة من فَرَّقَ بين الرسل فليس له حَظٌ في الإيمان بالرسل، حتى إنَّ رسولهم الذي أُرْسِلَ إليهم ما دام أنهم فرَّقُوا فليس لهم حظ في الإيمان به.
فإذاً نقول: حقيقةً النصارى لم يؤمنوا بعيسى، حقيقةً اليهود -بعد تحريف الدين- لم يؤمنوا بموسى عليه السلام، وإنما أحبّوا وآمنوا بشيء وضعوه في أذهانهم سَمَّوهُ عيسى وسموه موسى وسموه داوود وسموه سليمان، وإلا فالرسل مُتَبَرِّئون ممن عبدهم أو ممن لم يؤمن بكل رسول. ” شرح الطحاوية” (435).
—
المبحث الثاني: تعريف النبي والرسول والفرق بينهما.
في تعريف النبي.
النَّبِيُّ في القرآن جاء فيه قراءتان {النّبي} والقراءة الأخرى {النبيء} بالهمز {يا أيها النبيّ}، والقراءة الثانية {يا أيها النبيء} كما هي قراءة نافع وغيره.
وفرق ما بين النبي والنبيء.
فالنبيء: هو مَنْ نُبِّئَ.
والنبي: من صار في نَبْوَةٍ؛ يعني في ارتفاع عن غيره.
فإذاً نقول: (النبي) و (النبيء) هو من اختصه الله – عز وجل – بالإنباء والوحي، فصار مرتفعاً عن غيره في المقام لأجل ما أوحى الله – عز وجل – إليه.
هذا ليس تعريف -يعني حد- ليس حداً ولكن هذا تقريب.
أما الرُّسُلْ، الرسول، فظاهرٌ من اللفظ أنَّهُ أُرْسِلْ.
فلفظ نبيء ونبي من جهة اللغة واللفظ الذي جاء في القرآن هذا فيه الإنباء وفيه الرفعة، والرسول فيه الإرسال. شرح الطحاوية لصالح ال الشيخ
الفرق بين النبي والرسول
سؤال: هل هناك فرق بين الرسول والنبي، وما هو؟
الجواب: الله تعالى يقول: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: 52]، فذكر الرسول والنبي، والعطف يقتضي المغايرة، وأنهما نوعان، وقد عرف العلماء الرسول بأنه: من أوحي إليه بشريعة وأمر بتبليغها، وإلزام الناس بما فيها والجهاد عليها، هذا الرسول.
وأما النبي فهو: من أوحي إليه بشرع، ولم يؤمر بتبليغه، مثل أنبياء بني إسرائيل من بعد موسى عليه السلام. ” مجموع فتاوى فضيلة الشيخ الفوزان حفظه الله ” (1/ 50 – 51).
***
قال الشيخ صالح آل الشيخ: وقالت طائفة أخرى، وهو قولٌ أيضا مشهور عند عدد من المحققين وهو الذي اختاره ابن تيمية رحمه الله في أول كتاب النبوات أنَّ الرسول والنبي يشتركان في وقوع الإرسال عليهما.
الرسول مُرْسَلْ والنبي مُرْسَلْ لظاهر قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ}، فالرسول مُرْسَلْ والنبي أيضا مُرْسَلْ لكن جهة الإرسال مختلفة، قال:
الرسول: يُرْسَلْ إلى قوم يخالفونه في أصل الدين فيأمرهم بالتوحيد وينهاهم عن الشرك.
وأما النبي: فإنه يُرْسَلْ إلى قوم موافقين يُجَدِّدُ بإرساله شِرْعَةَ الرسول الذي أُمروا باتباعه.
مثل أنبياء بني إسرائيل كلما مات نبي خلفه نبي وكُلُّهُم تَبَعْ لموسى عليه السلام.
وهذا التعريف أو هذا التقريب لتعريف الرسول والنبي هذا أقرب للدليل وأوضح في فهم الأدلة الشرعية.” شرح الطحاوية” (311 – 312).
فالراجح أن النبي هو من نبأه الله بأمره ونهيه ليخاطب المؤمنين ويأمرهم بذلك ولا يخاطب الكفار ولا يرسل إليهم وأما الرسول فهو من أرسل إلى الكفار والمؤمنين ليبلغهم رسالة الله ويدعوهم إلى عبادته.
وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة فقد كان يوسف على ملة إبراهيم، وداود وسليمان كانا على شريعة التوراة وكلهم رسل. (أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة)
قال ابن تيمية:
فقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ}: دليلٌ على أن النبيّ مرسل، ولا يسمى رسولاً عند الإطلاق؛ لأنّه لم يرسل إلى قوم بما لا يعرفونه، بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفونه أنّه حقّ؛ كالعالِم، ولهذا قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: “العلماء ورثة الأنبياء”.
ليس من شروط الرسول أن يأتي بشرع جديد
وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة؛ فإنّ يوسف كان على ملة إبراهيم، وداود وسليمان كانا رسولين، وكانا على شريعة التوراة. انتهى (من كتاب النبوات)
——
المبحث الثالث: كيفية الإيمان بالرسل.
جـ: هو التصديق الجازم بأن الله تعالى بعث في كل أمة رسولا منهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده والكفر بما يعبد من دونه، وأن جميعهم صادقون مصدقون بارون راشدون كرام بررة أتقياء أمناء هداة مهتدون، وبالبراهين الظاهرة والآيات الباهرة من ربهم مؤيدون، وأنهم بلغوا جميع ما أرسلهم الله به، لم يكتموا، ولم يغيروا، ولم يزيدوا فيه من عند أنفسهم حرفا ولم ينقصوه، {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}، وأنهم كلهم على الحق المبين، وأن الله تعالى اتخذ إبراهيم خليلا، واتخذ محمدا صلى الله عليه وسلم خليلا وكلم موسى تكليما، ورفع إدريس مكانا عليا، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الله فضل بعضهم على بعض ورفع بعضهم درجات. ” إعلام السنة المنشورة” ص 112.
فمن عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان بالله ورسوله: أن نؤمن بهؤلاء الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنهم أدوا الرسالة وبلغوها، وأدوا أمانة الله وصبروا، فمنهم من قتل، ومنهم من سلم، وهم متفاوتون، فمنهم من تبعه جمع غفير، ومنهم من لم يتبعه إلا قليل، حتى قال صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس: (منهم من لم يتبعه إلا الرهيط -الثلاثة والأربعة والخمسة- ومنهم من لم يتبعه إلا الرجل والرجلان، ومن الرسل من لم يتبعه أحد) خالفه قومه كلهم والعياذ بالله!. دروس للشيخ ابن باز رحمه الله من الشاملة.
—–‘
المبحث الرابع: ما يجب علينا نحو الرسل.
والإيمان بالرسل يتضمن أمور:
الأول: الإيمان بأن رسالتهم حق من الله تعالى، فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع. كما قال الله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [سورة الشعراء، الآية: 105] فجعلهم الله مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يكن رسول غيره حين كذبوه، وعلى هذا فالنصارى الذين كذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم ولم يتبعوه هم مكذبون للمسيح بن مريم غير متبعين له أيضاً، لا سيما وأنه قد بشرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ولا معنى لبشارتهم به إلا أنه رسول إليهم ينقذهم الله به من الضلالة، ويهديهم إلى صراط مستقيم.
الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه مثل: محمد وإبراهيم، وموسى، وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام، وهؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل، وقد ذكرهم الله تعالى في موضعين من القرآن في سورة الأحزاب في قوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [سورة الأحزاب، الآية: 7]. وفي سورة الشورى في قوله {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [سورة الشورى، الآية: 13].
وأما من لم نعلم أسمه منهم فنؤمن به إجمالاً قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [سورة غافر، الآية: 78].
الثالث: تصديق ما صح عنهم من أخبارهم.
الرابع: العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم، وهو خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم المرسل إلى جميع الناس قال الله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [سورة النساء، الآية: 65]. شرح ثلاثة الأصول للعلامة ابن عثيمين
الخامس: الإيمان بأن أصل دعوتهم التوحيد وأما شرائعهم فمختلفة.
السادس: الإيمان بأن الرسل بشر ليس لهم من خصائص الربوبية شيء. إنما هم عباد اكرمهم الله بالرسالة.
السابع: أنهم منصورون مؤيدون من الله
الثامن:
أنهم بلغوا ما أرسلوا به. وأن خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.
[ما يجب علينا نحو الرسل]
موالاتهم والحذر من بغضهم
وأعتقاد فضلهم على غيرهم من الناس قال تعالى (وكلا فضلنا على العالمين)
– اعتقاد تفاضلهم فيما بينهم قال تعالى: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات)
– الصلاة والسلام عليهم؛ لأنه الذي أبقاه الله.
—-
المبحث الخامس: أولو العزم من الرسل.
قال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [سورة الشورى آية: 13]، وهؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل، ثم قال: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} الآيات [سورة الشورى آية: 15].
قال العلامة الشنقيطي “اختلف العلماء في المراد بأولي العزم من الرسل في هذه الآية الكريمة اختلافاً كثيراً، وأشهر الأقوال في ذلك أنهم خمسة، وهم الذين قدمنا ذكرهم في الأحزاب، والشورى؛ وهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلاة والسلام. وعلى هذا القول فالرسل الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصبر كما صبروا أربعة، فصار هو صلى الله عليه وسلم خامسهم. واعلم أن القول بأن المراد بأولي العزم جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأن لفظة “من” في قوله: {مِنَ الرُّسُلِ} بيانية يظهر أنه خلاف التحقيق، كما دل على ذلك بعض الآيات القرآنية: كقوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} الآية4، فأمر الله جل وعلا نبيه في آية القلم هذه بالصبر، ونهاه عن أن يكون مثل يونس؛ لأنه هو صاحب الحوت. وكقوله: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} 1. فآية القلم، وآية طه المذكورتان، كلتاهما تدل على أن أولي العزم من الرسل الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يصبر كصبرهم ليسوا جميع الرسل، والعلم عند الله تعالى”. أضواء البيان 7/ 408.
قال [العلامة السعدي] رحمه الله “أفضل أنبياء الله المرسلون منهم، وأفضل المرسلين أولوا العزم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المتقين وسيد ولد آدم”. الشيخ عبدالرحمن السعدي و جهوده في العقيدة (204).
—-
المبحث السادس:
أ. خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
ب. حقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته
ج. بيان أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حق.
خصائص النبي عليه السلام
قال السفاريني في العقيدة السفارينية:
فصل فِي بعض خَصَائِص النَّبِي الْكَرِيم نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
137 – (وَخَصه بِذَاكَ كالمقام … وَبَعثه لسَائِر الْأَنَام)
138 – (ومعجز الْقُرْآن ك الْمِعْرَاج … حَقًا بِلَا مين وَلَا اعوجاج)
139 – (فكم حباه ربه وفضله … وَخَصه سُبْحَانَهُ وخوله)
[من خصائصه أن الحجر يسلم عليه]:
عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن. قال العلامة الالباني في ” تحقيق بداية الرسول” [صحيح].
[تحنين الجذع الى النبي فأتاه فحضنه]
عن أنس بن مالك وابن عباس رضي الله عنهما معا أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يخطب على جذع. فلما اتخذ المنبر ذهب إلى المنبر. فحن الجذع فأتاه فاحتضنه فسكن. فقال: لو لم أحتضنه لحن إلى يوم القيامة.
قال العلامة الالباني في ” تحقيق بداية الرسول” [صحيح].
[نبع الماء من تحت اصابعه]
عن أنس بن مالك أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم وحانت صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه فأتي رسول الله صلى الله عليه و سلم بوضوء فوضع رسول الله صلى الله عليه و سلم في ذلك الإناء يده وأمر الناس أن يتوضؤوا منه قال: فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه فتوضأ الناس حتى توضؤوا من عند أخرهم
قال العلامة الالباني في ” تحقيق بداية الرسول” [صحيح].
[ذكر العز ابن عبد السلام في “بداية السول” من خصائص النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -:
“أن الله تعالى أرسل كل نبي إلى قومه خاصة، وأرسل نبينا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – إلى الجن والإنس، ولكل نبي من الأنبياء ثواب تبليغه إلى أمته، ولنبينا – صلى الله عليه وآله وسلم – ثواب التبليغ إلى كل من أرسل إليه، ولذلك تمنن عليه بقوله تعالى: {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا} ووجه التمنن: أنه لو بعث في كل قرية نذيرا لما حصل لرسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – إلا أجر إنذاره لأهل قريته”.
[فقال الإمام الألباني معلقًا:]
قلت: وفي هذا الكلام تنبيه لطيف إلى أنه لا منافاة بين الآية المذكورة وبين وقوله تعالى: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}؛ لأن المراد بالأولى زمانه – صلى الله عليه وآله وسلم -، وبالأخرى ما قبله.
“تحقيق بداية السول” (ص 47).
[ذكر العز ابن عبد السلام في “بداية السول” من خصائص النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -:
«الكوثر الذي أعطيه في الجنة، والحوض الذي أعطيه في الموقف»
فقال الإمام معلقًا]:
إن قول المصنف: «في الموقف»، فيه أنه يرى أن الحوض قبل الصراط، وهو الظاهر من بعض الأحاديث، وهو الذي رجحه الحافظ.
“بداية السول” (ص 57).
البيعة على الإسلام كانت من خصائص النبي.
قال ابن رجب في الفتح (1/ 79):
وقد ذكر طائفة من العلماء – منهم القاضي أبو يعلي في كتاب ” أحكام القرآن ” من أصحابنا – أن البيعة على الإسلام كانت من خصائص النبي (صلى الله عليه وسلم) واستدلوا بأن الأمر بالبيعة في القرآن يخص الرسول بالخطاب بها وحده كما قال تعالى ” (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا ([الممتحنة: 12]. ولما كان الامتحان وجه الخطاب إلى المؤمنين عموما فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ([الممتحنة: 10]
فدل على أنه يعم المؤمنين، وكذلك قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ([الفتح: 10]، وهذا أمر يخص به الرسول (صلى الله عليه وسلم) لا يشركه فيه غيره.
[رؤية النبي صلى الله عليه وسلم الناس من وراء ظهره]
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري رواه البخاري بلفظه ومسلم.
قال ابن عثيمين رحمه الله: وأخبر أنه يراهم من وراء ظهره وهذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أنه في هذه الحالة المعينة يرى الناس من وراء ظهره أما فيما سوى ذلك فإنه لا يرى من وراء ظهره شيئا. ” شرح رياض الصالحين” (5/ 113).
[غرس الجريد و الغصن من النخل على القبر]
عن ابن عباس قال: (مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير: أما هذا فكان لا يستنزه من البول، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة.
ثم دعا بعسيب رطب فشقه باثنين، ثم غرس على هذا واحداً وعلى هذا واحداً وقال: لعله يخفف عنها ما لم ييبسا). رواه أبو داود.
قال العباد حفظه الله: إذاً: هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وليس لأحد أن يأتي ويغرز أو يضع شيئاً على المقابر، أو ما إلى ذلك من الأشياء التي تفعل في بعض الجهات وفي بعض البلاد؛ فإن هذا من الأمور المنكرة.
ذكر الشيخ عبدالرزاق عفيفي رحمه الله بعض الخصوصيات:
– اختصاصه – صلى الله عليه وسلم – بأنه خاتم النبيين.
– اختصاصه – صلى الله عليه وسلم – بأن الشيطان لا يتمثل عليه.
– اختصاصه – صلى الله عليه وسلم – بشفاعته لعمه أبي طالب.
– – اختصاصه – صلى الله عليه وسلم – بتعدد أسمائه.
تنبيه: تجد تفاصيل ما ذكره الشيخ من التخصيص في كتابه (منهج الشيخ عبدالرزاق عفيفي وجهوده في تقرير العقيدة والرد على المخالفين) بشكل مفصل أكثر فارجع اليه.
—
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام تكون على الحقيقة جاء عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي». رواه مسلم
قال النووي في شرح مسلم (15/ 25): بل الصحيح أنه يراه حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها.
قال البغوي: ورؤية النبي (صلى الله عليه وسلم) في المنام حق ولا يتمثل الشيطان به، وكذلك جميع الأنبياء والملائكة عليهم السلام، وكذلك الشمس والقمر والنجوم المضيئة والسحاب الذي فيه الغيث لا يتمثل الشيطان بشيء منها.
ومن رأى نزول الملائكة بمكان، فهو نصرة لأهل ذلك المكان، وفرج إن كانوا في كرب، وخصب إن كانوا في ضيق وقحط، وكذلك رؤية الأنبياء صلوات الله عليهم. ومن رأى ملكا يكلمه ببر أو بعظة أو بصلة، أو يبشره، فهو شرف في الدنيا، وشهادة في العاقبة. ” شرح السنة” (12/ 228).
سئل العلامة الالباني ما نصه:
رؤية الرسول عليه الصلاة والسلام في المنام هل تحدث حقيقة؟ وما الدليل على ذلك؟
الجواب
إن كان الرائي رأى الرسول عليه السلام حقيقة فهي رؤية حقيقة، أي: إن رأى الرسول عليه السلام بأوصافه الثابتة في كتب السنة فقد رآه حقاً؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (من رآني في المنام فقد رآني حقاً، فإن الشيطان لا يتمثل بي).
أما إن رأى صورة وقيل له: إن هذا رسول الله، كأن رآه مثلاً شيخاً فانياً، لحيته بيضاء كالقطن، فهذه ليست صفة الرسول عليه السلام، ونحو ذلك من الصفات، فمن رأى الرسول بأوصافه المطابقة للشمائل النبوية؛ فقد رآه حقاً وإلا فلا. ” دروس للشيخ الالباني” (4/ 6).
ليس كل من قال أني رأيت رسول الله صلى الله في المنام نصدقه حتى يذكر أوصافه؛ فإن ذكر أوصفه كما جاء ذكرها في الشمائل المحمدية وكان الوصف مطابقاً يصدق عليه أنه رآه على الحقيقة.
قال كان محمد يعني بن سيرين إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم قال صف لي الذي رأيته فان وصف له صفة لا يعرفها قال لم تره وسنده صحيح. ” فتح الباري” (12/ 384).
قال الصنعاني في ” التنوير” (10/ 228): قال جماعة من العلماء: هذا إذا رآه على صورته التي كان عليها في الدنيا لا لو رآه على غير صورته الموصوفة، وقال النووي: بل ولو رآه على غيرها، وقال القرطبي بعد كلام: والصحيح أن رؤيته – صلى الله عليه وسلم – على أي حال كان غير باطلة ولا من الأضغاث بل حق في نفسها وتصوير تلك الصورة وتمثيل ذلك المقال ليس من الشيطان بل جعل الله ذلك للرائي بشرى، فينشط للخير أو إنذارًا فينزجر عن الشر أو تنبيه على خير يحصل.
قال ابن باز رحمه الله: إذا رآه في صورته التي هي معروفة عند أهل العلم وهو عليه الصلاة والسلام ربعة من الرجال حسن الصورة أبيض مشرب بحمرة كث اللحية سوداء وفي آخر حياته حصل فيها شعرات قليلة من الشيب عليه الصلاة والسلام، فمن رآه على صورته الحقيقية فقد رآه فإن الشيطان لا يتمثل به عليه الصلاة والسلام. ” مجموع الفتاوى (4/ 445).
وقال ابن عثيمين رحمه الله: أن من رآه في المنام على صفته التي هو عليها فقد رآه حقاً. ” لقاء الباب المفتوح” (100/ 21).
و قال العلامة الفوزان حفظه الله: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قد تحصل، والحديث الوارد فيها صحيح. لكن هذا في حق من يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم ويعرف صفاته صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّ الشيطان لا يتشبَّه به في صفاته وشخصه عليه الصلاة والسلام، فمن كان يعرفُهُ حقَّ المعرفة، ويُميِّزُهُ حقَّ التَّمييز عن غيره؛ فهذا قد يراه في المنام، أما الذي لا يعرف صفات الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يُميِّزُ شخصيَّته الكريمة عليه الصَّلاة والسلام؛ فهذا قد يأتيه الشيطان، ويدَّعي أنه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ يُضَلِّلُهُ في دينه؛ فليس الأمر على إطلاقه.
” المنتقى من فتاوى الفوزان” (7/ 1).
كلام مهم للشيخ صالح ال الشيخ حيث قال فيه: ومعلوم أن رؤية النبي – صلى الله عليه وسلم – في المنام على صورته التي كان عليها رؤية لروحه؛ لأن بدنه مدفون عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، رؤية النبي – صلى الله عليه وسلم – للأنبياء في السماء رأى موسى ورأى آدم ورأى عيسى، رأى إيش؟ رأى أرواحهم، لهذا صورة الإنسان الجثمانية في البدنية، وغير لجثمانية في الروح، الروح منتشرة لها أيضا موقع أصل مثل ما يكون القلب هو الأصل بالنسبة للبدن؛ يعني من حيث ضخ الدم وحركة البدن، كذلك من جهة الادراكات ومن جهة تعلقات الأشياء بالروح فموقعها في هذا الأصل. شرح كشف الشبهات.
قوله: (فقد رأى الحق) أي رأى الحق الذي قصد إعلام الرائي به فان كانت على ظاهرها والا سعى في تأويلها ولا يهمل أمرها لأنها إما بشرى بخير أو انذار من شر إما ليخيف الرائي وإما لينزجر عنه وإما لينبه على حكم يقع له في دينه أو دنياه. ” فتح الباري” (12/ 384 – 385).
أما قوله: (لا يتمثل بي) فمعناه لا يتشبه بي وأما قوله (في صورتي) فمعناه لا يصير كائنا في مثل صورتي وأما قوله (لا يتراءى بي) فرجح بعض الشراح رواية الزاي عليها أي لا يظهر في زيي وليست الرواية الأخرى ببعيدة من هذا المعنى وأما قوله (لا يتكونني) أي لا يتكون كوني فحذف المضاف ووصل المضاف إليه بالفعل والمعنى لا بتكون في صورتي فالجميع راجع إلى معنى واحد. فتح الباري (12/ 386).
مسألة: وما ذكره الشيخ – رحمه الله – من أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يرى في اليقظة هو القول الراجح؛ أما من قال بجواز رؤيته – صلى الله عليه وسلم – يقظة بعد وفاته فيرد عليهم من وجوه:
1 – أن القول بذلك معارض بالأدلة النقلية والعقلية والحسية الدالة على وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم -، ولا يرد على ذلك حياته في قبره إذ حياته فيه حياة برزخية.
2 – أن رؤيته – صلى الله عليه وسلم – يقظة بعد وفاته لو كانت، ممكنة، لكان أولى الناس بها أصحابه – صلى الله عليه وسلم -، ولا سيما مع قيام المقتضي لهذه الرؤية، فإنه قد جرى بين الصحابة من النزاع في كثير من المسائل ما يستدعي ظهوره لهم وفصله بينهم.
3 – أن القول بذلك يلزم منه لوازم باطلة، منها: القول باستمرار التشريع، وأن يخلو القبر من جسده – صلى الله عليه وسلم – فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب، وأن يكون من رآه صحابياً وغيرها.
4 – أن القائلين بذلك اضطربوا في رؤيته – صلى الله عليه وسلم – هل هي رؤية لذاته على الحقيقة أو رؤية مثال لها، وهل تكون بالقلب أو بالبصر، وهذا محسوس والاختلاف فيها على هذا الوجه يدل على عدم تحققها.
5 – أن القائلين بذلك لم يذكروا على قولهم هذا دليلاً يُعتمد عليه، وما ذكروه أمران:
• حديث: (من رآني في المنام، فسيراني في اليقظة):
والحديث أخرجه البخاري من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن محمد بن شهاب الزهري، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – به.
والجواب عنه من وجهين:
أ – أن أهل العلم اختلفوا في المراد بالحديث على أقوال، أصحها أن المراد به التشبيه والتمثيل، ويدل لذلك روايات الحديث الأخرى فقد رواه بقية أصحاب الزهري بلفظ: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة، لا يتمثل الشيطان بي).
ب- أن حمل الحديث على رؤيته – صلى الله عليه وسلم – يقظة بعد وفاته وإن كان أحد الأقوال في المراد بالحديث إلا أنه قول ضعيف؛ إذ إن جماعة رأوه في المنام ولم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة، ومعلوم أن خبر الصادق لا يتخلف.
• وأما الحكايات التي يذكرها المصنفون في الكرامات أو يتناقلها العامة من رؤية النبي – صلى الله عليه وسلم – يقظة بعد وفاته:
فهذه الحكايات ليست حجة شرعية يجب المصير إليها؛ إذ هي كذب مختلق، أو تزوير شيطان مرق؛ ولهذا لم يقع مثل هذا لأحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
منهج الشيخ عبدالرزاق عفيفي و جهوده في تقرير العقيدة و الرد على المخالفين (430 – 432).