: 24 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——-‘——-‘
قال البخاري رحمه الله وتعالى كما في كتاب الإيمان من صحيحه:
بَابٌ: الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ
24 – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ،: «دَعْهُ فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ»
فوائد الباب:
1 – قوله (باب الحياء من الإيمان) سبق في باب أمور الإيمان حديث شعب الإيمان وفيه ” والحياء شعبة من الإيمان” أي شعبة من شعبه وأجزائه، وهنا أفرده لأهميته، وربما لعد بعض شعبه. وترجم عليه ابن حبان فقال “ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحَيَاءَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْإِيمَانِ إِذِ الْإِيمَانُ شُعَبٌ لِأَجْزَاءٍ”، وترجم عليه أبو عوانة في مستخرجه فقال ” بَيَانُ أَنَّ أعمالَ الخَيْرَاتِ كُلُها من الإيمان، وَالدليل على أن الإيمانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ”
2 – حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أخرجه الستة – ابن ماجة في المقدمة-.
3 – قوله (مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ) وعند مسلم من طريق معمر ” مَرَّ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ”
4 – قوله (وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ) وعند البخاري من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة ” وَهُوَ يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، يَقُولُ: إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِي، حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ أَضَرَّ بِكَ”
5 – قوله صلى الله عليه وسلم (دعه) قال ابن حبان: ” دَعْهُ لَفْظَةُ زَجْرٍ يُرَادُ بها ابتداء أمر مستأنف”.
6 – قال ابن الأثير كما في جامع الأصول:” الإيمان بمجموعه ينقسم إلى ائتمار بما أمر الله به، وانتهاءٍ عما نهى الله عنه، فإذا حصل الانتهاء بالحياء كان بعضه. الشُّعبة: الطائفة من كل شيء، والقِطْعَةُ منه”.
7 – ” وهذا الحديث يقتضى الحضّ على الامتناع من مقابح الأمور ورذائلها، وكل ما يحتاج إلى الاستحياء من فعله والاعتذار منه.”. نقله ابن بطال في شرحه.
8 – فيه أنّ أعمال القلوب من الإيمان، إذ الحياء عمل من أعمال القلب ويظهر أثره على الجوارح.
9 – قوله (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُف) تابعه عبد الله بن مسلمة القعنبي كما عند أبي داود 4795 تابعه معن بن عيسى وعبد الرحمن بن القاسم كما عند النسائي 5033 تابعه عبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن وهب كما في مستخرج أبي عوانة 40
10 – قوله (أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَس) تابعه عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ كما عند البخاري 6118 تابعه سفيان بن عيينة كما عند مسلم 36 والترمذي 2615وابن ماجة 58 تابعه معمر عند مسلم 36
11 – قوله (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) وعند البخاري من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون (حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ)، هو الزهري.
12 – قوله (فإن الحياء من الإيمان) وعند ابن ماجة من طريق ابن عيينة ” “إِنَّ الْحَيَاءَ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ”.
13 – أخرج الترمذي من حديث أبي هريرة مرفوعا ” الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ، وَالإِيمَانُ فِي الجَنَّةِ” وقال الترمذي حديث حسن صحيح في إسناد الترمذي محمد بن عمرو عن أبي سلمة، تابعه سعيد بن أبي هلال عن أبي سلمة به أخرجه ابن حبان في صحيحه 609 وصححه الألباني كما في السلسلة الصحيحة 495.
بيان أهل العلم أن الحياء من الإيمان:
14 – قال الخطابي في معالم السنن 4/ 312:
ومعنى قوله الحياء شعبة من الإيمان أن الحياء يقطع صاحبه عن المعاصي ويحجزه عنها فصار بذلك من الإيمان إذ الإيمان بمجموعه ينقسم إلى ائتمار لما أمر الله به وانتهاء عما نهى عنه.
15 – قال ابن رجب في الفتح 1/ 102:
الحياء نوعان:
أحدهما: غريزي، وهو خلق يمنحه الله العبد ويجبله عليه فيكفه عن ارتكاب القبائح والرذائل، ويحثه على فعل الجميل وهو من أعلى مواهب الله للعبد، فهذا من الإيمان باعتبار أنه يؤثر ما يؤثره الإيمان من فعل الجميل والكف عن القبيح، وربما ارتقى صاحبه بعده إلى درجة الإيمان ‘ فهو وسيلة إليه كما قال عمر: من استحيى اختفى، ومن اختفى اتقى ومن اتقى وقي.
وقال بعض التابعين تركت الذنوب حياء أربعين سنة، ثم أدركني الورع.
وقال ابن سمعون: رأيت المعاصي نذالة؛ فتركتها مروءة فاستحالت ديانة.
والنوع الثاني: أن يكون مكتسبا، إما من مقام الإيمان كحياء العبد من مقامه بين يدي الله يوم القيامة فيوجب له ذلك الاستعداد للقائه، أو من مقام الإحسان، كحياء العبد من اطلاع الله عليه وقربه منه، فهذا من أعلى خصال الإيمان.
وفي حديث مرسل: ” استحيي من الله كما تستحيي من رجلين من صالحي عشيرتك لا يفارقانك “، وروى موصولا …
وكان الصديق يقول: استحيوا من الله؛ فإني أذهب إلى الغائط فأظل متقنعا بثوبي حياء من ربي عز وجل.
وكان أبو موسى إذا اغتسل في بيت مظلم لا يقيم صلبه حياء من الله عز وجل.
قال بعض السلف: خف الله على قدر قدرته عليك، واستحيي منه على قدر قربه منك. وقد يتولد الحياء من الله من مطالعة النعم فيستحيي العبد من الله أن يستعين بنعمته على معاصيه، فهذا كله من أعلى خصال الإيمان. اهـ
16 – قال ابن القيّم في الجواب الكافي 68:
فصل
المعاصي تذهب الحياء
ومن عقوباتها: ذهاب الحياء الذي هو مادة حياة القلب، وهو أصل كل خير، وذهابه ذهاب الخير أجمعه.
وفي الصحيح عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «الحياء خير كله» …
والمقصود أن الذنوب تضعف الحياء من العبد، حتى ربما انسلخ منه بالكلية، حتى إنه ربما لا يتأثر بعلم الناس بسوء حاله ولا باطلاعهم عليه، بل كثير منهم يخبر عن حاله وقبح ما يفعل، والحامل له على ذلك انسلاخه من الحياء، وإذا وصل العبد إلى هذه الحالة لم يبق في صلاحه مطمع
وإذا رأى إبليس طلعة وجهه … حيا وقال: فديت من لا يفلح اهـ
17 – وقال في مفتاح دار السعادة (277):
وخلق الحياء من أفضل الأخلاق وأجلّها وأعظمها قدرا وأكثرها نفعا، بل هو خاصّة الإنسانيّة، فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانيّة إلّا اللّحم والدّم وصورتهما الظّاهرة، كما أنّه ليس معه من الخير شيء، ولولا هذا الخلق لم يقر الضّيف، ولم يوف بالوعد، ولم تؤدّ أمانة، ولم تقض لأحد حاجة، ولا تحرّى الرّجل الجميل فآثره، والقبيح فتجنّبه، ولا ستر له عورة، ولا امتنع من فاحشة. وكثير من النّاس لولا الحياء الّذي فيه لم يؤدّ شيئا من الأمور المفترضة عليه، ولم يرع لمخلوق حقّا، ولم يصل له رحما، ولا برّ له والدا؛ فإنّ الباعث على هذه الأفعال إمّا دينيّ، وهو رجاء عاقبتها الحميدة، وإمّا دنيويّ علويّ، وهو حياء فاعلها من الخلق. فقد تبيّن أنّه لولا الحياء إمّا من الخالق أو من الخلائق لم يفعلها صاحبها. اهـ
18 – قال العثيمين في شرح رياض الصالحين 4/ 24:
فالأدب هو عبارة عن أخلاق يتخلق بها الإنسان يمدح عليها ومنها الحياء والحياء صفة في النفس تحمل الإنسان على فعل ما يجمل ويزين، وترك ما يدنس ويشين، فتجده إذا فعل شيئا يخالف المروءة استحيا من الناس، وإذا فعل شيئا محرما استحيا من الله عز وجل وإذا ترك واجبا استحيا من الله وإذا ترك ما ينبغي فعله استحيا من الناس فالحياء من الإيمان ….
19 – قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود:
والحياء خصلة كريمة تدفع إلى البعد عن الرذائل وإلى فعل الخصال الحميدة، وهذا هو الحياء المحمود.
أما الحياء الذي هو خجل وضعف، فهو غير محمود، مثل الحياء الذي يمنع الإنسان من طلب العلم، فهذا ضعف وليس حياء، وهو غير محمود، وإنما المحمود هو الذي يدفع إلى ترك الأشياء المنكرة والمستكرهة حياء من الله عز وجل، وهو الذي يعد من الإيمان. اهـ
– أحاديث في الحياء تدل على أن الحياء من الإيمان:
20 – (عن سعيد بن زيد الأنصاريّ- رضي الله عنه- قال: إنّ رجلا قال يا رسول الله: أوصني.
قال: «أوصيك أن تستحيي من الله عزّ وجلّ- كما تستحيي رجلا من صالحي قومك»)
قلت سيف: صححه الألباني في الصحيحة. ونقلنا ترجيح الدارقُطني لبعض اسانيده وهو إسناد صحيح.
21 – (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنّة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النّار»)
قلت سيف: صححه الألباني.
22 – (عن عمران بن حصين- رضي الله عنهما- قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «الحياء لا يأتي إلّا بخير».
فقال بشير بن كعب: مكتوب في الحكمة: إنّ من الحياء وقارا وإنّ من الحياء سكينة. فقال له عمران: أحدّثك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتحدّثني عن صحيفتك»).
أخرجه مسلم
23 – (عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه- رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: «إحفظ عورتك إلّا من زوجتك أو ما ملكت يمينك». فقال: الرّجل يكون مع الرّجل؟ قال: «إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل» قلت. والرّجل يكون خاليا. قال: «فالله أحقّ أن يستحيا منه»)
قلت (سيف بن دورة):أخرجه البخاري تعليقا بصيغة الجزم (راجع تحقيقنا لسنن أبي داود 4019)
24 – (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أشدّ حياء من العذراء في خدرها) البخاري- الفتح 10 (6119) واللفظ له. ومسلم (2320).
25 – سيأتي التوسع إن شاء الله في خلق الحياء في كتاب الآداب.