24 – بَابُ اسْتِحْبَابِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى مَوْضِعِ الْأَلَمِ مَعَ الدُّعَاءِ
67 – (2202) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ، أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ بِاسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ»
الفوائد:
– فيه توحيد رب العزة بإرجاع الأمور إليه سبحانه ومنها شفاء الأمراض.
– اللجوء لله والتوكل عليه والثقة به سبحانه؛ فإنه هو وحده الشافي للأمراض الظاهرة والباطنة.
-الدعاء من الأسباب التي أمرنا الله عزوجل بتحصيلها؛ بل هو أعظم الأسباب.
– تكرار الدعاء ومنه حديث أبي هريرة مرفوعا (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول، قد دعوت، فلم يستجب لي)، أخرجه البخاري، كما أن المريض يكرر الدواء؛ بل الدعاء أولى؛ لأنه في أجر وعلى خير.
-نعمة الصحة وسؤال الله عز وجل المعافاة. – نصيحة العليل باللجوء لله والاستعاذة من الشيطان.
-ورد عند الإمام مالك في الموطأ بسند صحيح زيادة (ففعلت ذلك فأذهب الله ما كان بي فلم أزل آمر بها أهلي وغيرهم) ففيه وصية الأهل والغير بالخير.
-الدعاء بدفع الضر؛ وهو سنة الأنبياء؛ ومنه قول أيوب عليه الصلاة والسلام (وأيوب إذ نادى ربه إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)، والدعاء بحفظ الأبناء ودفع البلاء ومنه قول يعقوب عليه الصلاة والسلام (فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين).
– وورد كذلك بأن؛ توضع اليمين على مكان الشكوى، ويمسح بها سبع مرات مع قول:
” أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد ” في كل مسحة.
أخرجه أبوداود 3885 وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع.
– فضيلة البسملة.
– هذا الذكر من السنن المهجورة.
– إثبات أسماء وصفات لله عزوجل.
– مسألة: دعاء الصفة؛
الأحوال ثلاثة: 1_دعاء الصفة: لا يجوز لأن الدعاء عبادة والعبادة لا تصرف إلا لله سبحانه. 2_التوسل إلى الله بصفاته أو بصفة منها: مشروع كما وردت به السنة وأدعية السلف. 3_الحلف بها: جائزة؛ لأنه من باب التعظيم لله – سبحانه –
ويجب معرفة الفرق بين باب الدعاء وباب الحلف فإن باب الدعاء مبناه على الافتقار والمذلة التي تقوم بالداعي وأنه لا يدعو إلا من يقدر على الإجابة الذي يملك الضر والنفع وهذا لا يملكه إلا الله تعالى فلا يفتقر إلا إليه ولا يملك النفع والضر إلا هو سبحانه وتعالى فمن هذا الباب لم يجز الدعاء إلا لله تعالى. وأما باب الحلف فمبناه على التعظيم فلا تحلف إلا بمعظم والله وصفاته كلها عظيمة فمن هذا الباب جاز الحلف بالصفة والله سبحانه وتعالى عظيم في ذاته عظيم في صفاته عظيم في أفعاله هذا الجواب الأول. ويقال ثانيًا: أنه قد ثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف ببعض الصفات كقوله:” والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل ولا المقتول في أي شيء قتل” والأحاديث في ذلك كثيرة لكن لم يرد قط انه دعا صفة من الصفات وباب العبادة باب مبناه على الحظر.
وذَكَرَ سماحةُ الشيخِ ابنُ بازٍ: ” أنّ دعاءَ الصّفةِ لا يجوز قولاً واحدًا لأهل ِالسُّنَّةِ»،
أما كيف نجمع بين هذا الكلامِ وحديثِ النّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآلِه وسَلَّم: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أسْتَغِيثُ”.
فيُوجَد فرقٌ بين دعاءِ الصّفةِ والدّعاءِ بالصّفةِ: والمرادُ مِن دعاءِ الصّفةِ أن تكونَ الصّفةُ المدعوُّ بها تقتضي شيئًا منفصِلاً ومستقِلاًّ عنِ الذّاتِ الإلهيّةِ تسمع الدّعاءَ وتجيب ُمِثْلَ أن يقولَ: «يا رحمةَ اللهِ ارحميني»، «يا عزّةَ اللهِ أَعِزّيني»، «يا قوّةَ اللهِ قَوّيني” ونحوِ ذلك ممّا لم يَرِدْ قطُّ في الأدعيةِ المأثورةِ، فمَنِ اعتقد أنّ الصّفةَ المنفصِلةَ عنِ الموصوفِ تغفر وترحم وتُغْني وتُقَوِّي. فقد جعل الصّفةَ إلهًا معبودًا، وهذا كفرٌ باتّفاقِ العلماءِ، ذلك لأنّ صفاتِ اللهِ تعالى ملازِمةٌ لذاتِه لا تنفكّ عنه، فهو سبحانه إلهٌ واحدٌ بجميعِ صفاتِه، وأسماؤُه وصفاتُه داخلةٌ في اسمه «الله»، ولا يجوز أن يُطْلَقَ على الصّفةِ بأنّها إلهٌ أو خالقٌ أو رزّاقٌ ونحوُ ذلك، وقد نقل ابنُ تيميّةَ -رحمه الله- اتّفاقَ العلماءِ على أنّ دعاءَ صفاتِه وكلماتِه كفرٌ حيث قال: «وأمّا دعاءُ صفاتِه وكلماتِه فكفرٌ باتّفاقِ المسلمين، فهل يقول مسلمٌ: يا كلامَ اللهِ اغفِرْ لي وارحمْني وأَغِثْني أو أَعِنِّي، أو يا عِلْمَ اللهِ أو يا قدرةَ اللهِ أو يا عزّةَ اللهِ، أو يا عظمةَ اللهِ ونحوَ ذلك؟».
وهذا الذي عناه الشّيخُ ابنُ بازٍ -رحمه اللهُ- بتقريرِ الإجماعِ على عدمِ مشروعيّةِ دعاءِ الصّفةِ. وأمّا الدّعاءُ بالصّفةِ أو مسألةُ اللهِ بأسمائِه وصفاتِه فمشروعٌ، وهو مِنْ قَبِيلِ التّوسّلِ المشروعِ، وقد ثبت مِن مأثورِ الأدعيةِ ما يدلّ على جوازِ التّوسّلِ إلى اللهِ تعالى بصفةِ الرّحمةِ، كما ذُكِرَ في السّؤالِ حديثُ: «بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ ومعناه: «أسألك يا اللهُ برحمتِك»، وكذلك الاستعاذةُ بالصّفةِ مِثْلَ: قولِه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: «أَعُوذُ ُبِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» أو قولِه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: «أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ وَقُدْرَتِه ِمِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ» أو قولِه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: «أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِكَ مِنْكَ» أو الاستخارةُ بالصّفةِ مِثْلَ: قولِه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ». فإذا تقرّر الفرقُ بين الدّعاءَيْنِ فلا تَعارُضَ بين القولَيْنِ لإمكانِ حملِ كلِّ واحدٍ منهما على معناه الصّحيحِ الموافقِ له. والعلمُ عند الله تعالى،
هذا ما قرره شيخ الإسلام وابن باز وابن عثيمين وصالح آل الشيخ وغيرهم
قال شيخ الإسلام:” والاستغاثة برحمته استغاثة به في الحقيقة كما أن الاستعاذة بصفاته استعاذة به في الحقيقة وكما أن القسم بصفاته قسم به في الحقيقة، ففي الحديث أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق، وفيه أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، ولهذا استدل الأئمة فيما استدلوا على أن كلام الله غير مخلوق بقوله: أعوذ بكلمات الله التامة، قالوا: والاستعاذة لا تصلح بالمخلوق، وكذلك القسم قد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت، وفى لفظ من حلف بغير الله فقد أشرك رواه الترمذي وصححه، ثم قد ثبت في الصحيح الحلف بعزة الله و لعمر الله ونحو ذلك مما اتفق المسلمون على أنه ليس من الحلف بغير الله الذي نهى عنه” [مجموع الفتاوى 1/ 111 – 112].