238 جامع الأجوبة الفقهية ص 279
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
98 – وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – – استنزهوا من البول, فإن عامة عذاب القبر منه – رواه الدارقطني
99 – وللحاكم: – أكثر عذاب القبر من البول – وهو صحيح الإسناد.
مسألة: حكم الاستنجاء لما خرج من السبيلين؟
– تخريج الحديث:
صححه الألباني في الإرواء (280) من حديث أبي هريرة
وحديث أبي هريرة صححه البخاري بينما قال أبو حاتم باطل فإن كان اطلع على علة فالقول قوله.
ومن ناحية المتن ليس فيه نكارة خاصة إذا قلنا أن الكفار مع كفرهم يعذبون بالمعاصي كما بين رب العزة في تحذير الأنبياء للكفار من المعاصي التي يفعلونها. وأكثر الكفار لا يتنزهون من البول
وورد من حديث أنس هو من طريق حماد بن سلمة عن ثمامة بن أنس عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر من البول.
قال أبو حاتم: حدثنا أبو سلمة به عن حماد عن ثمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل؛ وهذا أشبه عندي.
وقال أبو زرعة: المحفوظ: عن حماد عن ثمامة عن أنس وقصَّر أبو سلمة.
و الدارقُطني ورواه في السنن 1/ 127 من طريق أبي جعفر عن قتادة عن أنس به. قال الدارقطني: المحفوظ المرسل.
– قوله: استنزهوا من البول: يقال: نزه ينزه نزها: باعد نفسه ونحاها عن القبيح، فالمعنى: اطلبوا النزاهة بابتعادكم عن البول، فالنزاهة: هي البعد عما يستكره.
– وفي حكم الاستنجاء لما خرج من السبيلين للعلماء قولين:
الأول: أنه واجب وهو شرط في صحة الصلاة، وهذا قول جمهور العلماء وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وداود ومالك في روايةٍ.
الثاني: أنه سنة وبه قال أبو حنيفة، وهو رواية عن مالك وحكاه القاضي أبو الطيب وابن الصباغ والعبدري وغيرهم عن المزني. ونقل صاحب المغني من قول ابن سيرين فيمن صلى بقوم ولم يستنج، قال: لا أعلم به بأسا. قال الموفق: يحتمل أنه لم ير وجوب الاستنجاء.
انظر: تحفة المحتاج (1/ 11،64)، الحاوي (1/ 159)، بداية (1/ 155)، المغني (1/ 112)، وحاشية الدسوقي (1/ 111)، ونهاية المحتاج وحواشيه (1/ 128،129)، حاشية القليوبي (1/ 42)، الذخيرة (1/ 35)، البحر الرائق وحاشية ابن عابدين عليه (1/ 252).
ادلة الجمهور على القول بالوجوب:
– قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار، يستطيب بهن، فإنها تجزي عنه. رواه أبو داود والنسائي عن عائشة.
– وقوله: لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار رواه مسلم (1/ 224) وفي لفظ له: لقد نهانا أن نستنجي بدون ثلاثة أحجار.
قالوا: والحديث الأول أمر، والأمر يقتضي الوجوب. وقال: فإنها تجزي عنه والإجزاء إنما يستعمل في الواجب، ونهى عن الاقتصار على أقل من ثلاثة، والنهي يقتضي التحريم، وإذا حرم ترك بعض النجاسة فجميعها أولى.
– أدلة من قال بالسنية:
– قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج”.
أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والبيهقي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا. قال الشوكاني: ومداره على أبي سعيد الحبراني الحمصي وفيه اختلاف: قيل إنه صحابي، قال الحافظ: ولا يصح، والراوي عنه حصين الحبراني وهو مجهول. وقال أبو زرعة: شيخ. وذكره ابن حبان في الثقات، وذكر الدارقطني (نيل الأوطار 1/ 116، 117، والمستدرك 1/ 158).
قال في مجمع الأنهر: لأنه لو كان واجبا لما انتفى الحرج عن تاركه.
– واحتجوا أيضا بأنه نجاسة قليلة، والنجاسة القليلة عفو.
وفي السراج الوهاج للحنفية: الاستنجاء خمسة أنواع. أربعة فريضة: من الحيض والنفاس والجنابة، وإذا تجاوزت النجاسة مخرجها. وواحد سنة، وهو ما إذا كانت النجاسة قدر المخرج.
وقد رفض ابن نجيم هذا التقسيم، وقرر أن الثلاثة هي من باب إزالة الحدث، والرابع من باب إزالة النجاسة العينية عن البدن، وليس ذلك من باب الاستنجاء، فلم يبق إلا القسم المسنون. وأقر ابن عابدين التقرير.
وقال القرافي في الذخيرة (1/ 205) بعد أن ذكر أن من ترك الاستنجاء وصلى بالنجاسة أعاد، قال: ولمالك رحمه الله في العتبية: لا إعادة عليه، ثم ذكر الحديث المتقدم: من استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج وقال: الوتر يتناول المرة الواحدة، فإذا نفاها لم يبق شيء، ولأنه محل تعم به البلوى فيعفى عنه، وهذا يقتضي أن عند مالك قولا بعدم الوجوب. انتهى
ثم هو عند الحنفية سنة مؤكدة لمواظبته صلى الله عليه وسلم.
وبنى ابن عابدين على ذلك كراهة تركه، ونقله أيضا عن البدائع. ونقل عن الخلاصة والحلية نفي الكراهة، بناء على أنه مستحب لا سنة، بخلاف النجاسة المعفو عنها في غير موضع الحدث فتركها يكره.
– * قال النووي وحاصل المذهب أن الانقاء واجب واستيفاء ثلاث مسحات واجب فان حصل الانقاء بثلاث فلا زيادة وإن لم يحصل وجب الزيادة ثم إن حصل بوتر فلا زيادة وإن حصل بشفع كأربع أو ست أستحب الإيتار وقال بعض أصحابنا يجب الإيتار مطلقا لظاهر هذا الحديث وحجة الجمهور الحديث الصحيح في السنن أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ويحملون حديث الباب على الثلاث وعلى الندب فيما زاد والله أعلم
– قال الموفق ابن قدامة في المغني (1/ 111):
والقول بوجوب الاستنجاء في الجملة قول أكثر أهل العلم، وحكي عن ابن سيرين فيمن صلى بقوم ولم يستنج: لا أعلم به بأسا. وهذا يحتمل أن يكون فيمن لم يلزمه الاستنجاء، كمن لزمه الوضوء لنوم أو خروج ريح، أو من ترك الاستنجاء ناسيا، فيكون موافقا لقول الجماعة. ويحتمل أنه لم ير وجوب الاستنجاء. وهذا قول أبي حنيفة لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «من استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج». رواه أبو داود؛
ولأنها نجاسة يكتفى فيها بالمسح، فلم تجب إزالتها كيسير الدم. ولنا قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار، فإنها تجزئ عنه». رواه أبو داود، وقال: «لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار». رواه مسلم، وفي لفظ لمسلم: «لقد نهانا أن نستنجي بدون ثلاثة أحجار.» فأمر، والأمر يقتضي الوجوب. وقال: فإنها تجزئ عنه. والإجزاء إنما يستعمل في الواجب، ونهى عن الاقتصار على أقل من ثلاثة، والنهي يقتضي التحريم، وإذا حرم ترك بعض النجاسة فترك جميعها أولى.
وقال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «لا يكفي أحدكم دون ثلاثة أحجار.» وأمر بالعدد في أخبار كثيرة، وقوله: (لا حرج) يعني في ترك الوتر، لا في ترك الاستجمار؛ لأن المأمور به في الخبر الوتر، فيعود نفي الحرج إليه، وأما الاجتزاء بالمسح فيه فلمشقة الغسل، لكثرة تكرره في محل الاستنجاء. انتهى
– وهل البول في الحديث خاص ببول الأدمي أم أنه يعم جميع الأبوال فيدخل فيه الحيوان؟
قال الصنعاني في سبل السلام (1/ 120):
“والحديث نص في بول الإنسان؛ لأن الألف واللام في البول في حديث الباب عوض عن المضاف، أي عن بوله، بدليل لفظ البخاري في صاحب القبرين فإنها بلفظ [كان لا يستنزه عن بوله] ومن حمله في جميع الأبوال، وأدخل فيه أبوال الإبل كالمصنف في فتح الباري فقد تعسف، وقد بينا وجه التعسف في هوامش فتح الباري”. انتهى
قال الشيخ ابن عثيمين في فتح ذي الجلال والإكرام (1/ 310):
“”استنزهوا” أي: اطلبوا النزاهة من البول، يعني: التنظيف منه، وقوله: “من البول” “أل” للعهد الذهني، يعني: البول المعهود الذي هو بول الآدمي؛ وليست للعموم”. انتهى
– هل عدم الاستنزاه من البول من الكبائر أو من الصغائر؟
قال الصنعاني في سبل السلام (1/ 120):
“واختلف في عدم الاستنزاه هل هو من الكبائر أو من الصغائر؟ وسبب الاختلاف حديث صاحبي القبرين، فإن فيه ” وما يعذبان في كبير، بلى إنه لكبير ” بعد أن ذكر أن أحدهما عذب بسبب عدم الاستبراء من البول، فقيل: إن نفيه – صلى الله عليه وسلم – أكبر ما يعذبان فيه يدل على أنه من الصغائر، ورد هذا بأن قوله [بلى إنه لكبير] يرد هذا، وقيل بل أراد أنه ليس بكبير في اعتقادهما، أو في اعتقاد المخاطبين، وهو عند الله كبير، وقال: ليس بكبير في مشقة الاحتراز، وجزم بهذا البغوي، ورجحه ابن دقيق العيد، وقيل غير ذلك وعلى هذا فهو من الكبائر”. انتهى
والله أعلم …