: 234 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————‘———‘——–
مسند أحمد:
1162 – حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن إسماعيل بن سميع، حدثني مالك بن عمير قال: جاء زيد بن صوحان إلى علي، فقال: حدثني ما نهاك عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ” نهاني عن الحنتم، والدباء، والنقير، والجعة، وعن خاتم الذهب – أو قال: حلقة الذهب – وعن الحرير والقسي، والميثرة الحمراء ”
قال: ” وأهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة حرير فكسانيها، فخرجت فيها، فأخذها فأعطاها فاطمة – أو عمته – “، إسماعيل يقول ذلك،
1163 – حدثناه يونس، حدثنا عبد الواحد، فذكره بإسناده ومعناه إلا أنه قال: جاء صعصعة بن صوحان إلى علي رضي الله عنه
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
(قسم الزيادات على الصحيحين) فعند أحمد زيادة
أخرج البخاري معلقا: وقال: قلت لعلي: ما القسية؟ قال: ثياب أتتنا من الشام أو من مصر مضلعة فيها حرير وفيها أمثال الاترج والميثرة كانت النساء تصنعه لبعولتهن مثل القطائف يصفرنها.
وأخرج مسلم 2071 عن أبي صالح عن علي قال: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء فبعث بها إلي فلبستها فعرفت الغضب في وجهه فقال: إني لم أبعث بها إليك لتلبسها إنما بعثت بها إليك لتشققها خمرا بين النساء.
وأخرج البخاري 5849 ومسلم 2066 ونقلت لفظ البخاري عن البراء أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: عيادة المريض وأتباع الجنائز وتشميت العاطس ونهانا عن سبع: عن لبس الحرير والديباج والقسي والاستبرق والمياثر الحمر
وفي تعليق لنا آخر:
1163 سبق تكلمنا عليه تحت حديث 1162 فهو على الشرط
وتحت حديث 1162 قلنا:
عمار بن زريق انفرد بقوله عن مالك بن عمير كنت جالسا مع علي.
وخالفه عباد بن العوام ومروان بن معاوية وخالد بن عبدالله الواسطي وعبدالواحد بن زياد لا يقولون كنت جالسا وراجع تاريخ ابن عساكر 24/ 80
اضف الى ذلك قول ابي حاتم ان مالك بن عمير عن علي مرسل
كل هذا يوقع في النفس ريبة
فليس على الشرط
ثم تراجعنا فقلنا:
فيه زيادات على ما في صحيح مسلم وقد وقفت أن خالد بن عبدالله الواسطي ذكر في روايته أن مالك بن عمير كان قاعدا عند علي بن ابي طالب كما في تاريخ دمشق
فهو على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
———‘——-‘——
قال الطيبي في المشكاة: و (الحنتم) الجرة الخضراء، و (الدباء) (بضم الدال وتشديد الباء) القرع، و (النقير) أصل خشبة ينقر فينبذ فيه، و (المزفت) المطلى بالزفت، وتحريم الانتباذ في هذه الظروف كان في صدر الإسلام ثم نسخ، وهو المذهب. وقال البعض: التحريم باق، وإليه ذهب مالك وأحمد.
والمقصود بالنهى ليس استعماله مطلقا، بل التنقيع فيها، والرب منها ما يسكر، وإضافة الحكم إليها إما لاعتيادهم استعمالها في المسكرات، أو لأنها أوعية تسرع بالاشتداد فيما يستنقع، فلعلها تغير النقيع في زمان قريب، ويتناوله صاحبه على غفلة بخلاف السقاء فإن التغير إنما يحدث فيه على مهل ومرور زمان.
قلت سيف: في الغالب أن هذه الاسقية لا تكون باردة فيسرع الاشتداد فيما يستنقع فيها، أما السقاء فيكون ما يستنقع فيها بارد فلا يسرع إليه الاشتداد.
قال الشوكاني في النيل (8/ 210): قوله: (في الدباء) بضم الدال المهملة وتشديد الباء: وهو القرع وهو من الآنية التي يسرع الشراب في الشدة إذا وضع فيها قوله: (والنقير) هو فعيل بمعنى مفعول من نقر ينقر، وكانوا يأخذون أصل النخلة فينقرونه في جوفه ويجعلونه إناء ينتبذون فيه لأن له تأثيرا في شدة الشراب قوله: (والمزفت) اسم مفعول وهو الإناء المطلي بالزفت وهو نوع من القار قوله: (والحنتم) بفتح الحاء المهملة جرار خضر مدهونة كانت تحمل الخمر فيها إلى المدينة ثم اتسع فيها فقيل للخزف كله حنتم واحدها حنتمة، وهي أيضا مما تسرع فيه الشدة قوله: (عن نبيذ الجر) بفتح الجيم وتشديد الراء جمع جرة كتمر جمع تمرة وهو بمعنى الجرار الواحدة جرة ويدخل فيه جميع أنواع الجرار من الحنتم وغيره.
قال العلامة العباد: النهي عن الانتباذ في الحنتم والمقير أو المزفت كان في أول الأمر ونسخ كما مر في الدرس الماضي في الطرق المتعددة عن ابن عباس و ابن عمر وغيرهما، وقد جاء حديث بريدة بن حصيب الذي فيه الناسخ والمنسوخ وفيه قوله: (كنت نهيتكم عن الانتباذ في الأوعية فانتبذوا في أي وعاء ولا تشربوا مسكراً)، والأحاديث جاءت مطلقة في النهي عن الجمع بينهما فتبقى على ما هي عليه دالة على الحرمة إلا إن ثبت شيء ينقلها من كراهة التحريم إلى كراهة التنزيه، وكثير من الفقهاء والمحدثين قالوا: الجمع منهي منه ولو لم يسكر، وإن حصل الإسكار صار منهياً عنه من الجهتين، ويأثم لو شربه وهو لم يسكر؛ لأنه داخل تحت ما نهي عنه، لكن أنا أقول: إن هذه الأحاديث الصحيحة إن وجد من النصوص شيء يدل على الجواز فيكون له وجه في نقله من التحريم إلى التنزيه.
قوله (وعن المياثر) فهو بالثاء المثلثة قبل الراء قال العلماء هو جمع مئثرة بكسر الميم وهي وطاء كانت النساء يضعنه لأزواجهن على السروج وكان من مراكب العجم ويكون من الحرير ويكون من الصوف وغيره وقيل أغشية للسروج تتخذ من الحرير وقيل هي سروج من الديباج وقيل هي شيء كالفراش الصغير تتخذ من حرير تحشى بقطن أو صوف يجعلها الراكب على البعير تحته فوق الرحل والمئثرة مهموزة وهي مفعلة بكسر الميم من الوثارة يقال وثر بضم الثاء وثارة بفتح الواو فهو وثير أي وطيء لين وأصلها موثرة فقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها كما فى ميزان وميقات وميعاد من الوزن والوقت والوعد. النووي على مسلم.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: فالميثرة وإن كانت من حرير فالنهي فيها كالنهي عن الجلوس على الحرير وقد تقدم القول فيه ولكن تقييدها بالأحمر أخص من مطلق الحرير فيمتنع إن كانت حريرا ويتأكد المنع إن كانت مع ذلك حمراء وإن كانت من غير حرير فالنهي فيها للزجر عن التشبه بالأعاجم قال بن بطال: كلام الطبري يقتضي التسوية في المنع من الركوب عليه سواء كانت من حرير أم من غيره فكان النهي عنها إذا لم يكن من حرير للتشبه أو للسرف أو التزين وبحسب ذلك تفصيل الكراهة بين التحريم والتنزيه.
القَسى: بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة، ثياب خز، تنسب إلى (القس) قرية في مصر.
وبعض المحدثين، يكسر القاف، ويخفف السين.
قال الخطابي: وهو غلط لأنه جمع قوس، وإنما هي ثياب مضلعة، يؤتى بها من مصر والشام. أنظر ” تيسير العلام”
وقال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: أما المياثر الحمر: فهي مثل المخدة، يجعل في حشوها قطن ويجعل على هذا القطن خرقة من الحرير، وتربط في سرج الفرس أو في كور البعير من أجل أن يجلس عليها الراكب فيستريح.
وكذلك القسي وغيرها، فإنها كلها من أنواع الحرير، وهي حرامٌ على الرجال؛ لأنه لا يجوز للرجل أن يلبس الحرير، ولا أن يجلس عليه، ولا أن يفترشه، ولا أن يلتحفه.
وأما المرأة فيجوز لها لبس الحرير؛ لأنها محتاجة إلى الزينة والتجمل كما قال الله تعالى (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) (الزخرف: 18)، يعني: أو من يرفه في الحلية وهو في الخصام غير مبين كمن ليس كذلك وهم الرجال، فالرجال لا يرفهون في الحلية ولا ينشئون فيها؛ لأنهم مستغنون ببطولتهم ورجولتهم عن التزين والتجمل بهذه الأشياء.
وأما افتراش المرأة للحرير والتحافها به وجلوسها عليه، فقد اختلف فيه العلماء، منهم من منع وحرم واستدل بعموم هذا الحديث؛ وأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن المياثر الحمر وشبهها، وقال: إن المرأة يباح لها أن تلبس الحرير لاحتياجها إليه، أما أن تفترشه فلا حاجة لها إلى أن تفترش الحرير، وهذا القول اقرب من القول بالحل مطلقاً أي يحلّ الحرير للنساء مطلقاً؛ لأن الحكم يدور مع علته وجواد وعدماً.
و قال أيضا في نفس المصدر (4/ 323): وهذا في الحرير الطبيعي الذي يخرج من دود القز وأما الحرير الصناعي فليس حراما لكن لا ينبغي للرجل أن يلبسه لما فيه من الميوعة والتنزل بحال الرجل الذي ينبغي أن يكون فيها خشنا يلبس ثياب الرجولة لا ثياب النعومة لكن الفائدة من قولنا: إن الحرير الصناعي ليس حراما يعني لو لبس طاقية من الحرير الصناعي أو سروالا لا يرى فهذا لا بأس به وأما القميص والغترة فلا ينبغي وإن كان حلالا لا ينبغي أن يلبسه الرجل لما فيه من الميوعة والتدني ولأن الجاهل إذا رآه يظنه حريرا طبيعيا فيظن أن ذلك سائغ للرجل وربما يقتدي به؛ السلامة أسلم للإنسان.
(وَعَنِ الْجِعَةِ) بكسر الجيم، وتخفيف العين المهملة: هي النبيذ المتّخذ منْ الشعير. قَالَ الجوهريّ عن أبي عُبيد: الجِعة نبيذ الشعير، قَالَ: ولست أدري ما نُقصانه؟ قَالَ ابن بَرّيّ: الجِعَة لامها واو، منْ جعوت: أي جمعتُ، كأنها سمّيت بذلك لكونها تجعو النَّاس عَلَى شربها: أي تجمعهم. قاله فِي “اللسان” فِي حرف العين. وَقَالَ فِي حرف الواو: والْجِعْو -بالكسر-: الجِعَةُ، والفتح أكثر: نبيذ الشعير، وفي الْحَدِيث: شرابٌ يُتّخذ منْ الشعير، والحنطة، حَتَّى يُسكر. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان. ” شرح المجتبى ”
قال ابن دقيق العيد: فيه دليل على منع لباس خاتم الذهب وأن لبسه كان أولا وتجنبه كان متأخرا وفيه دليل على إطلاق لفظ اللبس على التختم.
واستدل به الأصوليون على مسألة التأسي بأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الناس نبذوا خواتيمهم لما رأوه نبذ خاتمه وهذا عندي لا يقوى في جميع الصور التي تمكن في هذه المسألة فإن الأفعال التي يطلب فيها التأسي على قسمين: أحدهما: ما كان الأصل أن يمتنع لولا التأسي لقيام المانع منه فهذا يقوي الاستدلال به في محله والثاني: ما لا يمنع فعله لولا التأسي كما نحن فيه فإن أقصى ما في الباب أن يكون لبسه حراما على رسول الله صلى الله عليه وسلم دون الأمة ولا يمتنع حينئذ أن يطرحه من أبيح له لبسه فمن أراد أن يستدل بمثل هذا على التأسي فيما الأصل منعه لولا التأسي فلم يفعل جيدا لما ذكرته من الفرق الواقع.
وفيه دليل على التختم في اليد اليمنى ولا يقال: إن هذا فعل منسوخ لأن المنسوخ منه جواز اللبس بخصوص كونه ذهبا ولا يلزم من ذلك نسخ الوصف وهو التختم في اليمنى بخاتم غير الذهب. ” أحكام الأحكام”
—-
لا يصح شيء من الأحاديث في النهي عن لباس الأحمر
قال الإمام الألباني رحمه الله:
وكان صلى الله عليه وسلم يدخل في الصلاة بما تيسر عليه من الثياب، فلم يكن يتخذ
لها ثوبا خاصا؛ إلا صلاة الجمعة – كما سيأتي -؛ فكان تارة ” يصلي في حلة حمراء ” (وهي ثوبان: إزار، ورداء)، وكان يأمر بهما فيقول: … فذكره
ثم قال الألباني: كما قال أبو جحيفة:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء مشمرا، فصلى إلى العنزة بالناس ركعتين، ورأيت الناس والدواب يمرون بين يدي العنزة.
أخرجه البخاري ((1) / (386) و (10) / (210))، ومسلم ((2) / (56))، وأبو داود ((1) / (86))،
والنسائي ((1) / (125)) وترجم له: (الصلاة في الثياب الحمر)، والترمذي ((1) / (375))
وصححه، وأحمد ((4) / (308)) عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه به.
وفي الحديث دلالة على جواز لبس الثياب الحمراء، وهو مذهب الشافعية وغيرهم،
وهو الصواب إن شاء الله تعالى، ولا يصح شيء من الأحاديث في النهي عن لباس
الأحمر، وتأويل الحلة الحمراء بأنها ذات خطوط حمر – كما فعل ابن القيم في ” الزاد ”
((1) / (48) و (172)) وفي غيره – خلاف الظاهر – كما بينه الشوكاني -.
على أنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على الحسن والحسين قميصين أحمرين؛ فلم ينكر ذلك، وليس هذا موضع تفصيل ذلك، وإنما أردنا الإشارة إليه، فمن شاء التوسع فيه؛ فليراجع ” نيل الأوطار ” ((2) / (80) – (83))، وكذا ” التعليقات الجياد “.
أصل صفة الصلاة للألباني (ج (1) / (145))