230 جامع الأجوبة الفقهية ص 271
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
ووضعت أمام مشاركتي علامة ( * )
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسألة : الاستجمار بأقل من ثلاثة أحجار
♢- جواب ناصر الريسي:
♢- تعريف الاستجمار:
الاستجمار: مأخوذ من الجمار: هي الصغار من الأحجار، جمع جمرة، ومنها سموا المواضع التي ترمى جماراً وجمرات لما بينهما من الملابسة.
واستجمر: أي استنجى بالجمار: وهي الأحجار الصغار. انظر: تاج العروس (6/213)، المغرب (ص: 88، 89)
وفي اللسان (4/147): قيل: الاستجمار هو الاستنجاء، واستجمر واستنجى واحد.
♢- اجمع العلماء على جواز الاستجمار بالحجارة، وقد نقل هذا الاجماع عدد من العلماء منهم:
♢- ابن حزم في مراتب الإجماع (40) حيث يقول: “واتفقوا على أن الاستنجاء بالحجارة، وبكل طاهر، ما لم يكن طعامًا، أو رجيعًا، أو نجسًا، أو جلدًا، أو عظمًا، أو فحمًا، أو حُمَمَة جائز”. انتهى
♢-ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 214) حيث يقول: “وأيُّ الأمرين كان، فإن الفقهاء اليوم مجمعون على أن الاستنجاء بالماء أطهر وأطيب، وأن الأحجار رخصة وتوسعة، وأن الاستنجاء بها جائز في السفر والحضر”. انتهى
♢- ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22/ 167) حيث يقول: “وقد أجمع المسلمون على جواز الاستجمار”. انتهى
♢- ابن عابدين حاشيته (1/ 317) حيث يقول: “ولنا أن القليل عفو إجماعًا؛ إذ الاستنجاء بالحجر كاف بالإجماع”. انتهى
♢- وقد اختلف العلماء في شروط الاستجمار والتي منها هذه المسألة على قولين:
♢- الأول: وجوب ثلاث مسحات، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور واختاره ابن حزم.
♢- الثاني: الواجب هو الإنقاء وإن حصل بأقل من ثلاثة أحجار، وهو قول مالك وأبوحنيفة وداوود.
انظر: شرح معاني الآثار (1/121)، بدائع الصنائع (1/19)، الكافي في فقه أهل المدينة (ص: 17)، مواهب الجليل (1/290)،المجموع (2/120)، مغني المحتاج (1/45)، المغني (1/102)، المبدع (1/94)، المحلى (1/108).
♢- ادلة القول الأول: وهو وجوب الثلاثة أحجار.
الدليل الأول: عن سلمان قال: قيل له: قد علمكم نبيكم – صلى الله عليه وسلم – كل شيء حتى الخراءة، قال: فقال: أجل، لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم. رواه مسلم (262)
وجه الاستدلال:
قوله: ” نهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار” والأصل في النهي التحريم، ولا صارف له عنه.
الدليل الثاني: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنا لكم مثل الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الخلاء فلا تستقبلوها ولا تستدبروها، ولا يستنجي بيمينه، وكان يأمر بثلاثة أحجار، وينهى عن الروث والرمة. مسند الإمام أحمد (2/250)
وجه الاستدلال:
قوله: ” وكان يأمر بثلاثة أحجار” والأصل في الأمر الوجوب، ولا صارف له عنه.
الدليل الثالث: عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن، فإنهن تجزئ عنه. مسند الإمام أحمد (6/133).
وجه الاستدلال:
قوله – صلى الله عليه وسلم -: فليذهب معه بثلاثة أحجار. فهذا أمر، والأصل فيه الوجوب.
* والحديث وإن كان فيه كلام فله شواهد :
قال الألباني: حسن.
قال الدارقطني وذكر هذا الاسناد : هذا الإسناد أرجح
وقال : هو متصل صحيح عن أبي حازم العلل 3559
له شواهد منها حديث ابن مسعود في الصحيح وفيه أإتني بثلاثة أحجار فأتيته بحجرين وروثة فأخذ الحجرين وألقى الروثة . وهو حديث مختلف فيه أيضا حيث رجح ابوزرعة والترمذي طريق أبي عبيدة عن أبيه بينما رجح البخاري رواية عبدالرحمن بن الأسود عن أبيه . راجع نصب الراية حيث جعلهما كلاهما محفوظين
والدارقطني قال في حديث ابن مسعود : في النفس منه شئ لكثرة الاختلاف على أبي اسحاق وذكر عشرة اقاويل يعني اختلاف اسانيد عليه .
ومن شواهده حديث سلمان وحديث أبي هريرة
لكن ليس فيه ( تجزئ عنه) لكن هي في معناها
الدليل الرابع: عن جابر قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثاً. مسند الإمام أحمد (3/400).
* الدليل الخامس :
أخرج أبو داود في سننه :
41 – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ الاِسْتِطَابَةِ فَقَالَ « بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ كَذَا رَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ يَعْنِى ابْنَ عُرْوَةَ.
قال الألباني: صحيح.
وهو على شرط المتمم على الذيل
قال الدارقطني اسناد صحيح فهذا يعتبر توثيق لعمرو بن خزيمة خلافا لمن جهله
الدليل السادس : من النظر، قالوا: ليس الحجر كالماء، إذا أنقى كفى؛ لأن الماء يزيل العين والأثر فدلالته قطعية، فلم يحتج إلى الاستظهار بالعدد، وأما الحجر فلا يزيل الأثر، وإنما يفيد الطهارة ظاهراً لا قطعاً، فاشترط فيه العدد. انظر: معالم السنن (1/ 11، 12)، المجموع (2/ 122).
♢- جواب من قال بالقول الثاني من الحنفية والمالكية عن أدلة الشافعية والحنابلة:
أجابوا عن الأحاديث السابقة بأن ذكر الأحجار الثلاثة خرجت مخرج الغالب والعادة؛ لأن النقاء يحصل بها غالباً، أو أن الثلاثة تحمل على الكمال والاستحباب.
وقال ابن الهمام في شرح فتح القدير (1/214): “وما رووه من الأحاديث متروك ظاهرها، فإنه لو استنجى بحجر واحد له ثلاثة أحرف جاز بالإجماع”. انتهى
وأجيب عن هذا:
بأن حمل الأحاديث على الاستحباب خلاف الأصل، لإن الأصل في الأمر الوجوب، وفي النهي التحريم.
كما أن القول بأنها خرجت مخرج الغالب يحتاج إلى دليل، ولما كان الماء يطهر طهارة كاملة، لم يشترط عدد، ولما كانت الحجارة يبقى منها أثر معفو عنه، اشترط لحصول العفو عن هذا النجاسة عدد معين، وهو ثلاثة أحجار.
أما قولكم: إن الأحاديث التي تنص على ثلاثة أحجار متروك ظاهرها بالإجماع كما لو استنجى بحجر واحد له ثلاث شعب.
فيقال: حكاية الإجماع ليست دقيقة، فإن ابن المنذر وابن حزم يريان وجوب ثلاثة أحجار، ولا يكفي ثلاث مسحات بحجر واحد له شعب.
♢- ادلة القول الثاني: وهو وجوب الإنقاء ولو بأقل من الثلاثة أحجار
الدليل الأول: عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، أنه سمع عبد الله يقول: أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ الحجرين، وألقى الروثة وقال: هذا ركس. صحيح البخاري (156)
وجه الاستدلال:
قال الطحاوي: ففي هذا الحديث ما يدل أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قعد للغائط في مكان ليس فيه أحجار، لقوله لعبد الله: ناولني ثلاثة أحجار، ولو كان بحضرته من ذلك شيء لما احتاج إلى أن يناوله من غير ذلك المكان، فلما أتاه عبد الله بحجرين وروثة، فألقى الروثة، وأخذ الحجرين، دل ذلك على استعماله الحجرين، وعلى أنه قد رأى أن الاستجمار بهما يجزيء، ولو كان لا يجزيء الاستجمار بما دون الثلاث لما اكتفى بالحجرين، ولأمر عبد الله أن يبغيه ثالثاً، ففي تركه ذلك دليل على اكتفائه بالحجرين.
وأجيب عن هذا الدليل:
قالوا: كون الرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يطلب حجراً ثالثاً لاحتمال أن يكون اكتفى بالأمر الأول في طلب ثلاثة أحجار، فلم يجدد الأمر بطلب الثالث، أو اكتفى بطرف أحدهما عن الثالث؛ لأن المقصود بالثلاث أن يمسح بها ثلاث مسحات، وذلك حاصل ولو بواحد.
قال ابن حزم رحمه الله: وليس في الحديث أنه عليه السلام اكتفى بالحجرين، وقد صح أمره – صلى الله عليه وسلم – له أن يأتيه بثلاثة أحجار، فالأمر باق لازم، لابد من إبقائه.
أما قولكم: إنه استعمل في الموضعين ثلاثة، فحصل لكل منهما أقل من ثلاثة، فيحتمل أن يكون لم يخرج منه شيء إلا من سبيل واحد، خاصة إذا علمنا أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – من عادته إذا أراد الغائط أبعد، حتى يستتر عن أعين الناس، بحيث لا يراه أحد، ولم يكن يفعل هذا في البول، فقد بال – صلى الله عليه وسلم – قائماً، وحذيفة عند عقبه، فقول ابن مسعود: ” أتى الغائط، فأمرني ” ظاهره أنه لم يأمره حتى أتى مكان قضاء الحاجة، وهذا يرجح أنه كان للبول فقط.
وقال الحافظ: وعلى تقدير أن يكون خرج منهما، فيحتمل أن يكون اكتفى للقبل بالمسح في الأرض، وللدبر بالثلاثة، أو مسح من كل منهما بطرفين.
وأجاب ابن حزم بجواب آخر، وقصر وجوب ثلاثة أحجار للغائط فقط دون البول.
قال رحمه الله: فإن قيل: أمره عليه السلام بثلاثة أحجار، هو للغائط والبول معاً، فوقع لكل منهما أقل من ثلاثة أحجار.
قلنا: هذا باطل؛ لأن النص ورد بأن لا يستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، ومسح البول لا يسمى استنجاء.
وقال ابن حزم أيضاً: فإن بدأ بمخرج البول، أجزأت تلك الأحجار بأعيانها لمخرج الغائط، وإن بدأ بمخرج الغائط لم يجزه من تلك الأحجار إلا ما كان لا رجيع عليه فقط، والله أعلم.
الدليل الثاني: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا استجمر أحدكم فليستجمر وترا وإذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر. صحيح مسلم (237)
واجيب عنه:
أن هذا الحديث مجمل مبين بحديث سلمان بأن هذا الوتر لا يقل عن ثلاث.
الدليل الثالث: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا، فلا حرج عليه. ومن استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا، فلا حرج، ومن أكل فما تخلل فليلفظ، ومن أكل بلسانه فليبتلع، من فعل فقد أحسن، ومن لا، فلا حرج، ومن أتى الغائط فليستتر، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيباً فليستدبره، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن، ومن لا، فلا حرج. مسند الإمام أحمد (3/400).
واجيب عنه:
بأن الحديث ضعيف في إسناده مجهولان،حصين الحميري، وأبو سعد،ويقال سعيد الحبراني الحمصي.
♢- قال العيني في عمدة القاري: “لأن التطهير غالبا إنما يحصل بالثلاث، ونحن أيضا نقول: إذا تحقق شخص أنه لا يطهر إلا بالثلاث يتعين عليه الثلاث، والتعيين ليس لأجل التوفية فيه، وإنما هو للانقاء الحاصل فيه حتى إذا احتاج إلى رابع وخامس وهلم جرا يتعين عليه ذلك. فافهم”.
♢- قال ابن المنذر في الأوسط: “قال أبو بكر: دلت الأخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم على أن ثلاثة أحجار تجزي من الاستنجاء، وبذلك قال كل من نحفظ عنه من أهل العلم، إذا أنقى ودل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الاستنجاء لا يجزي بأقل من ثلاثة أحجار”. انتهى
♢- قال النووي وحاصل المذهب أن الانقاء واجب واستيفاء ثلاث مسحات واجب فان حصل الانقاء بثلاث فلا زيادة وإن لم يحصل وجب الزيادة ثم إن حصل بوتر فلا زيادة وإن حصل بشفع كأربع أو ست أستحب الإيتار وقال بعض أصحابنا يجب الإيتار مطلقا لظاهر هذا الحديث وحجة الجمهور الحديث الصحيح في السنن أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ويحملون حديث الباب على الثلاث وعلى الندب فيما زاد والله أعلم .
♢- قال ابن قدامة في المغني (1/113):
“إذا لم يتجاوز المخرج بما لم تجر العادة به، فإن اليسير لا يمكن التحرز منه، والعادة جارية به، وإذا كان كذلك فإنه يجزئه ثلاثة أحجار منقية. ومعنى الإنقاء إزالة عين النجاسة وبلتها، بحيث يخرج الحجر نقيا وليس عليه أثر إلا شيئا يسيرا. ويشترط الأمران جميعا؛ الإنقاء، وإكمال الثلاثة، أيهما وجد دون صاحبه لم يكف”. انتهى
♢- قال الشيخ ابن باز رحمه الله في الفتاوى:
“والاستجمار يقوم مقام الاستنجاء بالماء ويكون بالحجارة أو ما يقوم مقامها، ولا بد فيه من ثلاثة أحجار طاهرة فأكثر، لما ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: «من استجمر فليوتر »، ولقوله ﷺ أيضا: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن فإنها تجزئ عنه » رواه أبو داود. ولنهيه ﷺ عن الاستجمار بأقل من ثلاثة أحجار، رواه مسلم.” انتهى
♢- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح المختصر على بلوغ المرام (2/ 129):
“نهى الرسول أن يستجمر الإنسان بأقل من ثلاثة أحجار حتى ولو انقي يعني انه لو إنسان مسح ذكره بعد انتهاء البول مرة ثم الثانية وأنقى ما بقي فيه رطوبة إطلاقا قلنا لابد أن يمسح الثالثة لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستجمر بأقل من ثلاثة أحجار فإذا مسح الثالثة ولم ينقي زاد الرابعة فإذا أنقى في الرابعة قلنا له زد خامسة لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاستجمار أن يكون على وتر فقال إذا استجمر أحدكم فليوتر إذا أنقى بأربع يزيد خامسة وإذا أنقى بست مثلا يزيد سابعة ولا ينقص عن ثلاثة أحجار”. انتهى
♢- قال البسام في توضيح الأحكام (1/345):
“النهي عن الاستجمار باقل من ثلاثة أحجار، ويقيد هذا النهي بما إذا لم يرد إتباع الحجارة الماء، أما إذا أراد إتباعها، فلا بأس من الاقتصار على أقل من ثلاثة؛ لأن القصد هنا هو تخفيف النجاسة عن المكان فقط، لا التطهر الكامل”. انتهى
♢* – قال العلامة العباد : وأنه لا يستنجى بأقل من ثلاثة أحجار، إلا إذا كان الحجر كبيراً وله ثلاث شعب فإن كل شعبة بمنزلة الحجر، كما قال بعض أهل العلم: إذا استنجى بحجر كبير له ثلاث شعب فإن ذلك يقوم مقام الثلاثة الأحجار.
♢* – قال الأتيوبي:
قال الخطابي: في حديث سلمان “أمرنا أن نستنجي بثلاثة أحجار” في هذه البيانُ الواضحُ أن الاقتصار على أقل من ثلاثة أحجار لا يجوز، وإن حصل الإنقاء بدونها، ولو كفى الإنقاء لم يكن لاشتراط العدد معنى، فإنا نعلم أن الإنقاء قد يحصل بواحد. وليس هذا كالماء إذا أنقى كفى، لأنه يزيل الين، والأثر، فدلالته قطعية فلم يحتج إلى الاستظهار بالعدد، وأما الحجر فلا يزيل الأثر، وإنما يفيد الطهارة ظاهرا لا قطعا فاشترط فيه العدد كالعدة بالأقراء لما كانت دلالتها ظنا اشترط فيها العدد، وإن كان قد تحصل براءة الرحم بقرء، ولهذا اكتُفي بقرء في استبراء الأمة، ولو كانت العدة الولادة لم يشترط العدد، لأن دلالتها قطعية هذا مختصر كلام الخطابي.
فإن قيل: التقييد بثلاثة أحجار إنما كان لأن الإنقاء لا يحصل بدونها غالبا، فخرج مخرج الغالب، قلنا: لا يجوز حمل الحديث على هذا، لأن الإنقاء شرط بالاتفاق، فكيف يُخلُّ به، ويذكر ما ليس بشرط مع
كونه موهما للاشتراط.
فإن قيل: فقد ترك ذكر الإنقاء، قلنا: ذلك من المعلوم الذي يستغنى بظهوره عن ذكره بخلاف العدد، فإنه لا يعرف إلا بتوقيف، فنص على ما يخفى وترك ما لا يخفى، ولو حمل على ما قالوه، لكان إخلالا
بالشرطين معا، وتعرضا لما لا فائدة فيه، بل فيه إيهام.
والجواب عن الحديث الذي احتجوا به أن الوتر الذي لا حرج في تركه هو الزائد على ثلاثة، جمعا بين الأحاديث، والجواب عن الدليلين الآخرين سبق في كلام الخطابي، والله أعلم قاله الإمام النووي رحمه الله في المجموع، جـ 2/ ص 104.
وقال العلامة الشوكاني: وقد عارضت الحنفية هذا الحديثَ الدالّ على وجوب الثلاث يعني حديث سلمان بحديث ابن مسعود الآتي في الباب التالي، وفيه “فأخذ الحجرين وألقى الروثة”، قال الطحاوي: هو دليل على أن عدد الأحجار ليس بشرط، لأنه قعد للغائط في مكان ليس فيه أحجار، لقوله: “ناولني” فلما ألقى الروثة دل على أن الاستنجاء بالحجرين يجزئ، إذ لو لم يكن ذلك لقال: ابغني ثالثا، وردّه الحافظ، وقال قد روى أحمد فيه هذه الزيادة بإسناد رجاله ثقات، قال في آخره فألقى الروثة وقال: “إنها ركس ائتني بحجر” قال: مع أنه ليس فيما ذكر استدلال لأنه مجرد احتمال وحديث سلمان نص في عدم الاقتصار على ما دونها، ثم حديث سلمان قول، وحديث ابن مسعود فعل، وإذا تعارضا قدم القول. اهـ. وأيضا في سائر الأحاديث الناصة على وجوب الثلاث زيادة يجب المصير إليها مع عدم منافاتها بالاتفاق، ولم تقع هنا منافية فالأخذ بها متحتم. اهـ نيل الأوطار، جـ 1/ ص 149.
قال الجامع عفا الله عنه: المذهب الحق هو ما ذهب إليه المشترطون للثلاث، لقوة دليله. والله أعلم. انتهى من ذخيرة العقبى في شرح المجتبى
* تنبيه: لفظة( ائتني بحجر ) قال محققو المسند ٤٢٩٩ : حديث صحيح دون قوله: «ائتني بحجر»، وهذه الزيادة تصح إن ثبت سماع أبي إسحاق – وهو السَبيعي – لهذا الحديث من علقمة بن قيس – وهو النخعي -، وقد أثبته الكرابيسي فيما نقله الحافظ ابن حجر في «الفتح» ١/٢٥٧، وقال أبو حاتم وأبو زرعة: أبو إسحاق لم يسمع من علقمة شيئًا.
وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» ١/١٢٢ من طريق زهير بن عباد الرؤاسي، عن يزيد بن عطاء، عن أبي إسحاق، عن علقمة والأسود قالا: قال ابن مسعود، فذكر نحوه. قلنا: علقمة هنا قد توبع بالأسود، وقد سمع منه أبو إسحاق السبيعي، لكن يزيد بن عطاء الوارد في إسناد الحديث مختلف فيه، وقال الحافظ في «التقريب»: لين الحديث، ثم إن الطحاوي لم يذكر لفظ الحديث، ليعلم هل فيه زيادة: «ائتني بحجر» أم لا، بل قال: فذكر نحوه.
وقال السندي: ولا يخفى أن هذه الزيادة إن ثبتت يبطل استدلالهم قطعا، لدلالتها على أنه ما اكتفى بحجرين، وقد اعتنى الحافظ ابن حجر في إثباتها. ثم ذكر كلامه المتقدم انتهى من تحقيق المسند
وابن المديني أيضا ممن لم يثبت سماع أبي إسحاق من علقمة ففي جامع التحصيل :
٥٧٦ – عمرو بن عبد الله السبيعي أبو إسحاق مشهور بالكنية تقدم أنه مكثر من التدليس قال أحمد بن حنبل لم يسمع من سراقة بن مالك وقال بن المديني لم يلق علقمة .
والله أعلم…