23 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
”””””””””””””””””””’
• 1055 حدثنا عبد الله، حدثني سريج بن يونس، حدثنا مروان الفزاري، أخبرنا عبد الملك بن سلع، عن عبد خير، قال: سمعته يقول: قام علي على المنبر، فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ” قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر رضي الله عنه فعمل بعمله، وسار بسيرته، حتى قبضه الله عز وجل على ذلك. ثم استخلف عمر فعمل بعملهما، وسار بسيرتهما، حتى قبضه الله عز وجل على ذلك ”
إسناده حسن. وسيأتي برقم (1059)
هذا الحديث رقم 1059
• 1059 حدثنا عبد الله، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا ابن نمير، عن عبد الملك بن سلع، عن عبد خير، قال: سمعت عليا، يقول: ” قبض الله نبيه صلى الله عليه وسلم على خير ما قبض عليه نبي من الأنبياء عليهم السلام، ثم استخلف أبو بكر فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة نبيه، وعمر كذلك ”
إسناده حسن. وانظر (1055).
الجواب:
كنا قلنا ليس على الشرط لكن اوقفني احد الاخوة على كلام للدارقطني
قال الدارقطني: عبد الملك بن سلع،
وخالد بن علقمه، أثبت ممن خالفهما. (يعني من إسماعيل السدي، والمسيب بن عبد خير، وأبي السوداء النهدي). «العلل» 4/ 52. موسوعة أقوال الدراقطني 2/ 422 برقم2227.
والمسيب ثقه وأبو السوداء ثقه
فتعتبر قرينة لتحسين حديثه
فهو على الشرط
___________
استخلاف أبي بكر و عمر:
الحديث يبين استخلاف أبي بكر رضي الله عنه وقد جاء ت النصوص التي تشير ان من يتولى الخلافة بعد النبي أبو بكر وعمل بسنة النبي وسار على هديه، وبين الحديث الطريقة الشرعية في تولى الإمامة (الاستخلاف)، وسياتي تفصيل ذلك لاحقا، و عندما مرض ابو بكر استخلف عمر رضي الله عنهم، و قد أجمع أهل السنة و الجماعة على فضلهما و إمامتهما، و فيه رد على الروافض الذين يبغضون أبا بكر و عمر ونالوا من بنتيهما بابشع الأوصاف القبيحة، فعليهم من الله ما يستحقون.
قد ذكر الحافظ أبو عمر بن عبد البر رحمه الله تعالى في كتابه “التمهيد” بحثاً نفيساً في بيان استخلاف أبي بكر رضي الله عنه، أحببت إيراده هنا لنفاسته، قال رحمه الله تعالى:
لَمّا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مروا أبا بكر يصلي بالناس”، في مرضه الذي توفي فيه، واستخلفه على الصلاة، وهي عُظْمُ الدين، وكانت إليه لا يجوز أن يتقدم إليها أحد بحضرته صلى الله عليه وسلم، فلما مرض استخلف عليها أبا بكر، والصحابة متوافرون، منهم علي، وعمر، وعثمان، رضي الله عنهم، استدل المسلمون بذلك على فضل أبي بكر، وعلى أنه أحق بالخلافة بعدُ، وعلموا ذلك، فارتضوا لدنياهم، وإمامتهم، وخلافتهم من ارتضاه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلملأجل دينهم؛ وذلك إمامتهم في صلاتهم، ولم يكن يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلممن أن يصرح بخلافة أبي بكر بعده والله أعلمإلا أنه كان لا ينطق في دين الله بهواه، ولا ينطق إلا بما يوحى إليه فيه.
قال الله عز وجل: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4] ولم يكن يوحى إليه في الخلافة شيء، وكان لا يتقدم بين يدي ربه في شيء، وكان يحب أن يكون أبو بكر الخليفة بعده، فلما لم ينزل عليه في ذلك وحي، ونعني لم يؤمر بذلك، أراهم موضع الاختيار، وموضع إرادته، فعرف المسلمون ذلك منه، فبايعوا أبا بكر بعده، فخير لهم في ذلك، ونفعهم الله به، وبارك لهم فيه، فقاتل أهل الردة حتى أقام الدين كما كان، وعَدَل في الرعية، وقسم بالسوية، وسار بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلمحتى توفاه الله حميداً، رضي الله عنه.
قال ابن أبي مليكة رحمه الله في حديث: “مروا أبا بكر، فليصل بالناس”: وأيّ خلافة أبين من هذا؟
قال أبو عمر رحمه الله: وقد جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلمآثار تدلّ على أن رسول الله صلى الله عليه وسلمكان يسره، ويعلم أن الخليفة أبو بكر والله أعلم:
منها: حديث حذيفة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اقتدوا باللذين من بعدي، أبي بكر وعمر”.
ومنها: حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه: أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته عن شيء، فأمرها أن ترجع، قالت: يا رسول الله، إن رجعت، فلم أجدك؟ قال: كأنها تعني الموتقال: “فأتِ أبا بكر”. قال الشافعي رحمه الله: وفي هذا دليل على خلافة أبي بكر رضي الله عنه. ….
وكان أبو بكر أوّل الناس؛ عزّر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونصره، وآمن به، وصدقه، وصابر على الأذى فيه، فاستحق بذلك الفضل العظيم؛ لأن كل ما صنعه غيره بعده قد شاركه فيه، وفاتهم، وسبقهم بما تقدم إليه، فلفضله ذلك استحق الإمامة؛ إذ شأنها أن تكون في الفاضل أبداً ما وُجِدَ إليه سبيل، والآثار في فضائله ليس هذا موضعَ ذكرها، وإنما ذكرنا استحقاقه للخلافة بدليل الكتاب والسنة. التمهيد بتصرف (22/ 125 – 130).
قال ابن تيمية: والتحقيق أن النبي صلى الله عليه وسلم دل المسلمين على استخلاف أبي بكر، وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله، وأخبر بخلافته إخبار راض بذلك حامد له، وعزم على أن يكتب بذلك عهدا، ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه فترك الكتاب اكتفاء بذلك، ثم عزم على ذلك في مرضه يوم الخميس، ثم لما حصل لبعضهم شك: هل ذلك القول من جهة المرض، أو هو قول يجب اتباعه؟ ترك الكتابة اكتفاء بما علم أن الله يختاره والمؤمنون من خلافة أبي بكر [رضي الله عنه].
فلو كان التعيين مما يشتبه على الأمة، لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بيانا قاطعا للعذر، لكن لما دلتهم دلالات متعددة على أن أبا بكر هو المتعين وفهموا ذلك، حصل المقصود (والأحكام يبينها صلى الله عليه وسلم تارة بصيغة عامة وتارة بصيغة خاصة ) ولهذا قال عمر [بن الخطاب] في خطبته التي خطبها بمحضر من المهاجرين والأنصار: ” وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر ” رواه البخاري ومسلم. منهاج السنة النبوية (1/ 516 – 517).
و قال ايضا: فخلافة أبي بكر الصديق دلت النصوص الصحيحة على صحتها وثبوتها ورضا الله ورسول [الله صلى الله عليه وسلم] له بها، وانعقدت بمبايعة المسلمين له واختيارهم إياه اختيارا استندوا فيه إلى ما علموه من تفضيل الله ورسوله، وأنه أحقهم بهذا الأمر عند الله ورسوله، فصارت ثابتة بالنص والإجماع جميعا. المنهاج (1/ 523)
قال النووي في شرح مسلم حاصله أن المسلمين أجمعوا على أن الخليفة إذا حضره مقدمات الموت وقبل ذلك يجوز له الاستخلاف ويجوز له تركه فإن تركه فقد اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا وإلا فقد اقتدى بأبي بكر وأجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف وعلى انعقادها بعقد أهل الحل والعقد لإنسان إذا لم يستخلف الخليفة وأجمعوا على جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين جماعة كما فعل عمر بالستة وأجمعوا على أنه يجب على المسلمين نصب خليفة ووجوبه بالشرع لا بالعقل وأما ما حكي عن الأصم أنه قال لا يجب وعن غيره أنه يجب بالعقل لا بالشرع فباطلان أما الأصم فمحجوج بإجماع من قبله ولا حجة له في بقاء الصحابة بلا خليفة في مدة التشاور يوم السقيفة وأيام الشورى بعد وفاة عمر رضي الله عنه لأنهم لم يكونوا تاركين لنصب الخليفة بل كانوا ساعين في النظر في أمر من يعقد له. تحفة الاحوذي (6/ 397).
استخلاف عمر
قال العلامة العثيمين في شرح العقيدة الاصفهانية:
وأن أبا بكر أفضل من عمر، عمر رضي الله عنه يلي أبا بكرٍ في الخلافة بتعيينٍ من أبي بكر فإنه عينه وتحمل أبو بكرٍ رضي الله عنه المسؤولية في هذه الأمة حياً وميتاً،
لكنه رضي الله عنه أدى الأمانة وَوُفِّق فصار من فضائله على الأمة أن استخلف عمر ابن الخطاب،
ولا يخفى على أحدٍ منصف فضل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا قرأ سيرته.
عمر رضي الله عنه تولى الخلافة بعد أبي بكر وقام بأعباء الخلافة خير قيام وكثرت الفتوحات على يده وصار له من الهيبة والعظمة ما خذل الله به أعداءه ومع ذلك كان متواضعاً يقبل الحق من أي شخصِ كان وكان متواضعاً لا يأخذ من بيت المال إلا مثل ما يأخذه واحد من الناس ولا يعطي أحداً من أولاده إلا مثل ما يعطي واحداًَ من الناس بل ربما نَقَصَهُم وكان رضي الله عنه لم يتخذ لنفسه بوَّاباً ولا قصراً بل كان ينام في المسجد فيجمع الحصى ثم ينام عليها وِسادةً له وكان عليه رداءٌ مُرَقَّع وسيرته عجيبة لا تكاد تصدق بما يُنقل عنه.
قال العباد:
والحاصل أن الخليفة له أن يستخلف، وهذه طريقة شرعية، والطرق الشرعية في الوصول إلى الولاية ثلاث: هذه واحدة منها.
والثانية: اتفاق أهل الحل والعقد، ومثالها: بيعة أبي بكر، فإنها تمت باتفاق أهل الحل والعقد من كبار المهاجرين والأنصار.
والطريقة الثالثة: التغلب والقهر يعني: كون الإنسان يصل إلى السلطة بالقوة والغلبة، كما حصل من انتقال السلطة من الأمويين إلى العباسيين، فإن تولي أبي العباس السفاح إنما كان بالقهر والغلبة، وانتزاع الملك من بني أمية، ومع ذلك اعتبر ذلك ولاية شرعية، والناس سمعوا له وأطاعوا.
فهذه هي الطرق الثلاث الشرعية التي يكون بها الوصول إلى السلطة.
تنبيه: من أراد معرفة فضل الخلفاء الراشدين و من طعن فيهم و الرد على من نال من الخلفاء فليقرأ منهاج السنة النبوية للامام ابن تيمية رحمه الله فقد أجاد و افاد