23 – بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ
119 – (2465) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: ” جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ “. قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: أَحَدُ عُمُومَتِي
120 – (2465) حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: ” مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا زَيْدٍ ”
121 – (799) حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِأُبَيٍّ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ» قَالَ: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: «اللهُ سَمَّاكَ لِي» قَالَ فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي
122 – (799) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: ” إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: 1] قَالَ: وَسَمَّانِي؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَبَكَى.
122 – حَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِأُبَيٍّ بِمِثْلِهِ
الفوائد
==========
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته:
قَوْلُهُ: (جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبِيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ).
قَوْلُهُ: (قُلْتُ لِأَنَسٍ: مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: أَحَدُ عُمُومَتِي) أَبُو زَيْدٍ هَذَا هُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ النُّعْمَانَ الْأَوْسِيُّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، بَدْرِيٌّ يُعْرَفُ بِسَعْدٍ الْقَارِيُّ، اسْتُشْهِدَ بِالْقَادِسِيَّةِ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَخَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ، فَقَالُوا: هُوَ قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ الْخَزْرَجِيُّ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ بَدْرِيٌّ.
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: اسْتُشْهِدَ يَوْمَ جَيْشِ أَبِي عُبَيْدٍ بِالْعِرَاقِ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ أَيْضًا.
(جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة) أي جمعه حفظا في الصدور. قال المازري: ليس فيه تصريح بأن غير الأربعة لم يجمعه.
قَوْلُهُ (قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بْنِ كَعْبٍ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَاب) ِ زَادَ الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ وَقَرَأَ فِيهَا إِنَّ ذَاتَ الدِّينِ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ لَا الْيَهُودِيَّةُ وَلَا النَّصْرَانِيَّةُ وَلَا الْمَجُوسِيَّةُ مَنْ يَفْعَلْ خَيْرًا فَلَمْ يُكْفَرْهُ.
قلت سيف بن دورة: هو الصحيح المسند
وعزاه مقبل للترمذي وفيه زيادة (إِنَّ الدِّينِ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ لَا الْيَهُودِيَّةُ وَلَا النَّصْرَانِيَّةُ وَلَا الْمَجُوسِيَّةُ مَنْ يَفْعَلْ خَيْرًا فَلَمْ يُكْفَرْهُ. وقرأ عليه ولو أن لابن آدم واديا من مال لابتغى إليه ثانيا ولو كان له ثانيا لابتغى إليه ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب.
قَوْلُهُ (قَالَ وَسَمَّانِي) أَيْ هَلْ نَصَّ عَلَيَّ بِاسْمِي أَوْ قَالَ اقْرَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابك فاخترتني أَنْتَ فَلَمَّا قَالَ لَهُ: نَعَمْ؛ بَكَى، إِمَّا فَرَحًا وَسُرُورًا بِذَلِكَ، وَإِمَّا خُشُوعًا وَخَوْفًا مِنَ التَّقْصِيرِ فِي شُكْرِ تِلْكَ النِّعْمَةِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ نَعَمْ بِاسْمِكَ وَنَسَبِكَ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ تَعَجَّبَ أُبَيٌّ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ اللَّهِ لَهُ وَنَصَّهُ عَلَيْهِ لِيَقْرَأَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْرِيفٌ عَظِيمٌ فَلِذَلِكَ بَكَى إِمَّا فَرَحًا وَإِمَّا خُشُوعًا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْمُرَادُ بِالْعَرْضِ عَلَى أُبَيٍّ لِيَتَعَلَّمَ أُبَيٌّ مِنْهُ الْقِرَاءَةَ وَيَتَثَبَّتَ فِيهَا وَلِيَكُونَ عَرْضُ الْقُرْآنِ سُنَّةً وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى فَضِيلَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَتَقَدُّمِهِ فِي حِفْظِ الْقُرْآنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَسْتَذْكِرَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا بِذَلِكَ الْعَرْضِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ التَّوَاضُعِ فِي أَخْذِ الْإِنْسَانِ الْعِلْمَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ خَصَّ هَذِهِ السُّورَةَ بِالذِّكْرِ لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ وَالْإِخْلَاصِ وَالصُّحُفِ وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَذِكْرِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْمَعَادِ وَبَيَان أهل الْجنَّة وَالنَّار مَعَ وجازتها
وراجع شرح النووي نقل مثل هذه المعاني والتوجيهات.
تنبيه: قلت سيف بن دورة: رواية (بِاسْمِكَ وَنَسَبِكَ) التي أخرجها الطبراني
أخرجها من عساكر من طريق الطبراني 7/ 321. وذكره الذهبي معلقا من نفس الطريق عن معاذ بن محمد بن معاذ بن أبي بن كعب عن أبيه عن جده عن أبي.
وبعضهم مجاهيل
قال النووي: والنعمة فيها من وجهين:
أحدهما: كونه منصوصا عليه بعينه، والثاني: قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فإنها منقبة عظيمة له، لم يشاركه فيها أحد من الناس، وقيل: إنما بكى خوفا من تقصيره في شكر هذه النعمة. [انظر: المنهاج للنووي، وفتح المنعم]
وأبي بن كعب سيأتي ترجمته إن شاء الله تعالى.
وزيد بن ثابت بن الضحاك، الأنصاري الخزرجي. وستأتي ترجمته إن شاء الله.
(وأبو زيد) قلت لأنس: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي. قال النووي: أبو زيد هذا هو سعد بن عبيد بن النعمان الأوسي، بدري يعرف بسعد القارئ.
– استشهد بالقادسية سنة خمس عشرة، في أول خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قال ابن عبد البر: هذا هو قول أهل الكوفة، وخالفهم غيرهم فقالوا: هو قيس بن السكن الخزرجي من بني عدي بن النجار بدري وقال موسى بن عقبة: استشهد يوم جيش أبي عبيد بالعراق سنة خمس عشرة. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: قال ابن نمير في تاريخه: مات سعد بن عبيد القارئ بالقادسية شهيدا، وهو أبو زيد الذي جمع القرآن، روي أنه كان يؤم في مسجد قباء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر.
ثانياً: المسائل المتعلقة بالحديث:
1 – يؤخذ من الحديث:
– فضيلة ظاهرة لأبي بن كعب رضي الله عنه.
– مشروعية التواضع في أخذ الإنسان العلم من أهله.
– استحباب عرض القرآن على حفاظه البارعين فيه، المجيدين لأدائه.
– وفيه حث للصحابة على الأخذ من أبي رضي الله عنه، قال النووي: وكان كذلك فكان بعد النبي صلى الله عليه وسلم رأسا وإماما مقصودا في ذلك، مشهورا به. والله أعلم. [انظر: فتح المنعم]
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم،
قَوْلُهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ) فِيهِ مَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ لِأُبَيٍّ وَدَلِيلٌ عَلَى كَثْرَةِ عِلْمِهِ.
وَفِيهِ تَبْجِيلُ الْعَالِمِ فُضَلَاءَ أَصْحَابِهِ وَتَكْنِيَتُهُمْ، وَجَوَازُ مَدْحِ الْإِنْسَانِ فِي وَجْهِهِ إِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ إِعْجَابٌ وَنَحْوُهُ؛ لِكَمَالِ نَفْسِهِ وَرُسُوخِهِ فِي التَّقْوَى.
=====
تراجم الصحابة المذكورين في الحديث:
أ –
أُبيّ بن كعب الأنصاري – رضي الله عنه –
– اسمه ونسبه:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح:*
(قَولُهُ بَابُ مَنَاقِبِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ)
أَيِ بن قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ الْأَنْصَارِيِّ الْخَزْرَجِيِّ النَّجَّارِيِّ يُكَنَّى أَبَا الْمُنْذِرِ وَأَبَا الطُّفَيْلِ كَانَ مِنَ السَّابِقِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَبَدْرًا وَمَا بَعْدَهُمَا مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمُتَقَدِّمَ قَرِيبًا فِي مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
هو: أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي، سيد القراء
له كنيتان: أبو المنذر كناه بها النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو الطفيل كناه بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
– ولادته ونشأته:
من أعلام القرن الأول، لم تحدد المصادر تاريخ ولادته ولا مكانها إلا أنه نشأ بالمدينة على اعتبار أنه مدني.
– شيوخه:
تلقى القرآن من رسول الله وهو رطب فكان هو معلمه صلى الله عليه وسلم.
– تلاميذه:
تتلمذ على يديه خلق كثير من الصحابة والتابعين، فقد روى عنه بنوه محمد والطفيل، وابن عباس وزر بن حبيش وأبو أيوب وعبادة بن الصامت، وأبو العالية الرياحي وسعيد بن المسيب وغيرهم.
– صفاته:
عن عيسى بن طلحة قال: كان أبيّ دحداحاً –يعني ربعه – ليس بالقصير ولا بالطويل. وعن عباس بن سهل: كان أبيض الرأس واللحية
– فضله ومناقبه:
شهد العقبة الثانية وشهد بدراً والمشاهد كلها. وجمع القرآن في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – واعتنى به أتم الاعتناء فعرض على النبي – عليه السلام – وحفظ عنه علماً مباركا، وكان رأسا في العلم والعمل رضي الله عنه.
وقال ابن عباس: قال أبيّ لعمر: إني تلقيت القرآن ممن تلقاه من جبريل وهو رطب.
– أقوال العلماء فيه:
كان عمر بن الخطاب يقول: وفيه اعتراض أبي على (جويبر) تحقيره الدنيا وقال الدنيا فيها بلاغنا وفيها أعمالنا التي نجزى بها في الاخرة. فقال عمر: أبيّ سيد المسلمين
قلت سيف بن دورة: ضعفه الألباني في ضعيف الأدب.
أما لفظ أبي سيد المسلمين فمشهورة بينهم. من ذلك قصة جندب لما قدم ….. فقيل مات سيد المسلمين أبي بن كعب. مستدرك الحاكم.
وقال أبو نضرة العبدي: قال رجل منا يقال له جابر أو جويبر: طلبت حاجة الى عمر رضى الله عنه والى جنبه رجل أبيض الثياب والشعر فقال: إن الدنيا فيها بلاغنا وزادنا الى الآخرة وفيها أعمالنا التي نجزى بها في الآخرة. فقلت: يا أمير المؤمنين من هذا؟ فقال: هذا سيد المسلمين أبيّ بن كعب.
وقال معمر: عامة علم ابن عباس من ثلاثة: عمر، وعلي، وأبيّ.
وعده مسروق من أصحاب الفتيا فعن مسروق أنه قال: كان أصحاب القضاء من رسول الله ستة: عمر، وعلي، وعبدالله، وأبيّ، وزيد وأبو موسى
عن أبي العالية قال: كان أبي صاحب عبادة، فلما احتاج الناس إليه، ترك العبادة وجلس للقوم.
– طلبه للعلم:
عن أبي المهلب، عن أبي قال: إنا لنقرأه في ثمان ليال – يعني القرآن -.
وفي سنن أبي داود أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه – جمع الناس على أبي بن كعب في قيام رمضان، فكان يصلي بهم عشرين ركعة، وقد كان أبي التقط صرة فيها مائة دينار فعرفها حولاً وتملكها. وذلك في ” الصحيحين.
ولأبي في الكتب الستة نيف وستون حديثاً .. وله- رضي الله عنه – عند بقي بن مخلد مئة وأربعة وستون حديثاً، منها في البخاري ومسلم ثلاثة أحاديث، وانفرد البخاري بثلاثة، ومسلم بسبعة.
وقال ابن عباس: قال أبي لعمر بن الخطاب: إني تلقيت القرآن ممن تلقاه من جبريل – عليه السلام – وهو رطب. وقال ابن عباس: قال عمر أقضانا علي، وأقرأنا أبي، وإنا لندع من قراءة أبي، وهو يقول: لا أدع شيئاً سمعته من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وقد قال الله -تعالى-: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَاتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (106) سورة البقرة.
وروى أبو قلابة عن أنس -رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (أقرأ أمتي أبي).
قلت سيف بن دورة: أخرجه أحمد وفيه ارحم أمتي أبوبكر ….. وصححه محققو المسند. لكن نقل الشيخ مقبل أن البيهقي وابن حجر رجحوا الإرسال وكذلك البخاري ومسلم حيث اقتصروا منه على أن أبا عبيدة أمين هذه الأمة. أحاديث معلة ظاهرها الصحة 44.
وعن أبي سعيد قال: قال أبي يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما جزاء الحمى؟ قال: (تجري الحسنات على صاحبها). فقال: “اللهم إني أسألك حمى لا تمنعني خروجاً في سبيلك، فلم يمس أبي قط إلا وبه الحمى.
قلت سيف بن دورة: ضعفه الألباني في الضعيفة 3387. لكن قال في صحيح الترغيب حسن لغيره. فالله أعلم
– نبذة من أخباره:
عن أبيّ بن كعب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا المنذر أي آية معك في كتاب الله عزوجل أعظم؟ فقلت: الله لا اله الا هو الحي القيوم. قال: فضرب على صدري وقال: ليهنك العلم أبا المنذر.
عن أبي العالية قال: قال رجل لأبي بن كعب: أوصني، قال: اتخذ كتاب الله إماما، وارض به قاضيا وحكما، فإنه الذي استخلف فيكم رسولكم، شفيع، مطاع، وشاهد لا يُتهم، فيه ذكركم وذكر من قبلكم، وحكم ما بينكم، وخبركم وخبر ما بعدكم.
– آثاره:
عن عبد الله بن عمرو مرفوعا: استقرئوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأبي، ومعاذ، وسالم مولى أبي حذيفة.
كما أنه رُوي عنه في التفسير، ورُوي أيضا عنه في الحديث، فروى عنه ابن عباس قصة موسى والخضر وذلك في ” الصحيحين “. وله في الكتب الستة نيف وستون حديثا
– نماذج من تفسيره:
كان رضي الله عنه من المفسرين رواية ودراية، ويتضح ذلك مما روي عنه في التفسير، فعن الطفيل عن أبيه يعني أبيّ بن كعب قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: (وألزمهم كلمة التقوى) قال: شهادة أن لا اله الا الله.
وعن أبي العالية، عن أبي في قوله تعالى: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) قال: هن أربع، كلهن عذاب، وكلهن واقع لا محالة، فمضت اثنتان بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بخمس وعشرين سنة، فألبسوا شيعا، وذاق بعضهم بأس بعض، وبقي ثنتان واقعتان لا محالة: الخسف والرجم
قلت سيف بن دورة: أخرجه أحمد 21227 وضعفه محققو المسند بضعف أبي جعفر الرازي والمخالفة فقد روي أنه من تفسير أبي العالية. وقالوا: أبي بن كعب مات في خلافة عثمان ولم يشهد الفتن
– وفاته:
اختلف في تاريخ وفاته رضي الله عنه: فقيل أنه توفي سنة 22 من خلافة عمر. وقيل أنه توفي سنة 30 من خلافة عثمان رضي الله عنه
وراجع سير أعلام النبلاء / ج 1 ص390
و- الإصابة لابن حجر /ج 1ص 26
و الاستيعاب ص68 – الإصابة ج1 ص26
و اسد الغابة / ج1 ص 17
………..
====
سبق التوسع في فضائل الأنصار في شرحنا على:
1460 الصحيح المسند
عن عبدالله بن كعب بن مالك الأنصاري وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، أنه أخبره بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما عاصبا رأسه فقال في خطبته: أما بعد: يا معشر المهاجرين، فإنكم قد أصبحتم تزيدون، وأصبحت الأنصار لا تزيد على هيئتها التي هي عليها اليوم وإن الأنصار عيبتي التي اويت اليها، فاكرموا كريمهم، وتجاوزوا عن مسيئهم.
فليراجع
—————————————————-
ب – زيد بن ثابت رضي الله عنه:
– اسمه ونسبه:
زيد بن ثابت بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه يكنى بأبي سعيد، وأبي خارجة.
وأمه النوار بنت مالك بن صرمة بن عدي، وزوجته أم العلاء الأنصارية والدة خارجة بن زيد. [المناقب، باب فضل دور الأنصار. فتح الباري 7/ 115].
– مولده ونشأته:
ولد زيد رضي الله عنه في المدينة المنورة سنة 11 قبل الهجرة، وحين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وازينت له قدم عليه الأنصار مسلمين مهنئين وكان زيد رضي الله عنه من جملة من جاءه وعمره إذ ذاك 11سنة، وفي ذلك يقول زيد بن ثابت رضي الله عنه: أتي بي النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة
فقالوا: يا رسول الله هذا غلام من بني النجار، وقد قرأ مما أنزل عليك سبع عشرة سورة، فقرأت عليه فأعجبه ذلك، وقال: يا زيد تعلّم لي كتاب يهود فإني والله ما امنهم على كتابي، فقال: فتعلمته فما مضى لي نصف شهر حتى حذقته وكنت اكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كتب لهم [الحديث أخرجه البخاري في الأحكام مختصرا، باب ترجمة الحكام].
– أخذه القرآن:
يقول أبو عبد الرحمن السلمى: قرأ زيد بن ثابتً على رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في العام الذى توفاه الله فيه مرتين .. وإنَّما سمِّيَت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت لأنه قرأها عليه وشهد العرضة الأخيرة .. وكان يقرئ الناس بِها حتى مات .. ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمعه .. وولاه عثمان كتبة المصاحف” .. ويقول أيضاً: “كانت قراءة أبى بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة .. كانوا يقرءون القراءة العامة .. وهى القراءة التي قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبريل مرتين فى العام الذى قبض فيه” .. [شرح السنة للإمام البغوي]
– تلاميذه:
كبار الصحابة والأئمة حيث أن زيد بن ثابت من الراسخين في العلم رجع إليه الخلفاء الراشدون في القضاء والفرائض وجمع القرآن، وأشهرهم حبر هذه الأمة عبدالله ابن عباس “وذكر أن زيد ذهب ليركب، فأمسك ابن عباس بالركاب، فقال له زيد: ” تنح يا ابن عم رسول الله! ” فأجابه ابن عباس: ” لا، فهكذا نصنع بعلمائنا “. [الإصابة]
قال الذهبي: حَدَّثَ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَنْ صَاحِبَيْهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ القُرْآنَ بَعْضَهُ أَوْ كُلَّهُ، وَمَنَاقِبُهُ جَمَّةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ – وَقَرَأَى عَلَيْهِ – وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَسَهْلُ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الخَطْمِيُّ، وَمَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَقَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ، وَابْنَاهُ؛ الفَقِيْهُ خَارِجَةُ، وَسُلَيْمَانُ، وَأَبَانُ بنُ عُثْمَانَ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَأَخُوْهُ؛ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَعُبَيْدُ بنُ السَّبَّاقِ، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعُرْوَةُ، وَحُجْرُ المَدَرِيُّ، وَطَاوُوْسٌ، وَبُسْرُ بنُ سَعِيْدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
– أقوال العلماء فيه:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من أحب أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت.
قال عنه ترجمان القران ابن عباس رضي الله عنه: لقد علم المحفوظون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن زيد بن ثابت من الراسخين في العلم.
قال الشعبي عنه: غلب زيد الناس على اثنين: الفرائض القرآن، وقال القضاة أربعة: عمر وعلي وزيد وابن مسعود.
قال الزهري عنه: لوهلك عثمان وزيد في بعض الزمان لهلك علم الفرائض لقد أتى على الناس زمان ما يعلمها غيرهما.
قال أحمد بن عبدالله العجلي: الناس على قراءة زيد وعلى فرض زيد. [تهذيب ابن عساكر].
– نبذة من أخباره:
*خرج مع قوم من الأنصار إلى غزوة بدر، لكن رسول الله رده لصغر سنه وجسمه، وفي غزوة أحد. قبل رافع بن خديج و سمرة بن جندب
وإنما قبله النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق، سنة خمس من الهجرة. وشهد أيضاً غزوة تبوك مع الرسول صلى الله عليه وسلم [سير أعلام النبلاء – الصحابة رضوان الله عليهم – زيد بن ثابت- الجزء رقم2]
*بعد وفاة الرسول اجتمع الناس في سقيفة بني ساعدة, اجتمع المهاجرون والأنصار لاختيار خليفة منهما, فقد قال الأنصار للمهاجرين رجل منا ورجل منكم, ولكن زيد بن ثابت كاتب الوحي قال رأياً سديداً جعل الناس جميعاً ترضى بحكمه, قال: ((إن رسول الله كان من المهاجرين ونحن أنصاره, وإني أرى أن يكون الإمام من المهاجرين ونحن نكون أيضا أنصاره [المصدر السابق].
– وهو أحد أصحاب الفتوى وهم ستة: عمر وعلي وابن مسعود وأُبَيَّ وأبو موسى وزيد بن ثابت، بل كان رأسًا في المدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض [الإصابة 594/ 2]
ولم يكن هذا الصحابي الجليل بعيدًا عن الولاية والحكم، بل تقلَّد مناصب قام بها خير قيام كما هو شأن الرعيل الأول، فقد استخلفه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المدينة ثلاث مرات في الحجتين، وفي خروجه إلى الشام، وولّاه القضاء، وفرض له على ذلك رزقًا، وكان يستخلفه أيضًا عثمان رضي الله عنه، وولّاه على بيت مال المسلمين.
*موقف زيد مما شجر بين الصحابة: قال ابن عبد البر: “كان عثمان يحب زيد بن ثابت، ولم يكن فيمن شهد شيئًا من مشاهد علي مع الأنصار، وكان مع ذلك يفضل عليًّا، ويظهر حبه” [الاستيعاب 160/ 1]
– آثاره:
وبعد حروب الردة دعا أبوبكر الصديق زيد بن ثابت وقال له: ” إنك شاب عاقل لا نتهمك قد كنت تكتب الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتَتَبَّع القرآنَ فاجْمَعْهُ “. فقلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم! فقال: هو والله خير. وقال زيد بن ثابت، فلم يزل أبو بكر يراجعني، حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر.
ونهض زيد بالمهمة وأبلى بلاء عظيما فيها، يقابل ويعارض ويتحرى مكانه، وقال زيد بن ثابت كلمته المشهورة في جمع القرآن قال: «والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن». كما قال: «فكنتُ أتبع القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال».
وفي خلافة عثمان بن عفان كان الإسلام يستقبل كل يوم أناسا جددا عليه، فأصبح جليا ما يمكن أن يفضي إليه تعدد المصاحف من خطر حين بدأت الألسنة تختلف على القرآن حتى بين الصحابة الأقدمين الأولين، فقرر عثمان والصحابة وعلى رأسهم حذيفة بن اليمان ضرورة توحيد المصحف، فقال عثمان: ” مَنْ أكتب الناس؟ “. قالوا: ” كاتب رسول الله زيد بن ثابت “. قال: ” فأي الناس أعربُ؟ “. قالوا: ” سعيد بن العاص “. وكان سعيد بن العاص أشبه لهجة برسول الله، فقال عثمان: ” فليُملِ سعيد وليكتب زيدٌ “.
– نماذج من تفسيره:
كان زيد بن ثابت يرى أن القرء المذكور في الآية الكريمة في سورة البقرة (228) (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) هو: الطهر [مجلة البحوث الإسلامية / الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء]
– وفاته:
تُوفّي رضي الله عنه سنة خمس وأربعين وقيل: اثنتان، وقيل: ثلاث وأربعون وقيل: سنة إحدى وخمسين وقيل: اثنتان وقيل: خمس وخمسون، وصلى عليه مروان بن الحكم.
وقد أثنى عليه الصحابة ثناءً عطرًا؛ قال ابن عباس -لما دفن زيد بن ثابت-: “هكذا يذهب العلم! -وأشار بيده إلى قبره- يموت الرجل الذي يعلم الشيء لا يعلمه غيره، فيذهب ما كان معه”.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: “اليوم مات حبر هذه الأمة، وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفًا”. وقال ابن عمر رضي الله عنهما: “يرحمه الله اليوم، فقد كان عالم الناس في خلافة عمر وحبرها”.
ورثاه حسان رضي الله عنه بقوله: (فمن للقوافي بعد حسان وابنه *** ومن للمعاني بعد زيد بن ثابت) [الطبقات الكبرى 362/ 2 /الاستيعاب (160/ 1) /الإصابة (592/ 2)]. [كاتب الوحي وجامع القران وإمام علم الفرائض الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه-].
2 – مسألة جمع القرآن:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: كتابة القرآن وجمعه
لكتابة القرآن وجمعه ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الاعتماد في هذه المرحلة على الحفظ أكثر من الاعتماد على الكتابة. .. ثم ذكر جمعه في خلافة أبي بكر الصديق ثم في خلافة عثمان وقال:
وأم الغرض من جمعه في عهد عثمان رضي الله عنه فهو تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف واحد، يحمل الناس على الاجتماع عليه لظهور الأثر المخيف باختلاف القراءات.
وقد بقي على ما كان عليه حتى الآن متفقا عليه بين المسلمين متواترا بينهم، يتلقاه الصغير عن الكبير، لم تعبث به أيدي المفسدين، ولم تطمسه أهواء الزائغين. فلله الحمد لله رب السماوات ورب الأرض رب العالمين. [انتهى كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من أصول التفسير باختصار].
– وممن كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان والزبير بن العوام وخالد وأبان ابنا سعيد بن العاص وحنظلة الأسيدي والعلاء ابن الحضرمي، وخالد بن الوليد، وعبد الله بن رواحة، ومحمد بن مسلمة، وعبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول، والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وجهيم بن الصلت ومعيقيب بن أبي فاطمة وشرحبيل بن حسنة. [فتح المنعم]
3 – شبه والرد عليها: شبهة بعض الملاحدة في عدم تواتر القرآن.
قال النووي في شرح مسلم:
” قَالَ الْمَازِرِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ بَعْضُ الْمَلَاحِدَةِ فِي تَوَاتُرِ الْقُرْآنِ، وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ غَيْرَ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يَجْمَعْهُ؛
– فَقَدْ يَكُونُ مُرَادُهُ الَّذِينَ عَلِمَهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةٌ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُهُمْ فَلَمْ يَنْفِهِمْ، وَلَوْ نَفَاهُمْ كَانَ الْمُرَادُ نَفْيَ عِلْمِهِ،
– وَمَعَ هَذَا فَقَدْ رَوَى غَيْرُ مُسْلِمٍ حِفْظَ جَمَاعَاتٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ مِنْهُمُ الْمَازِرِيُّ خَمْسَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ مِمَّنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ، وَكَانَتِ الْيَمَامَةُ قَرِيبًا مِنْ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ جَامِعِيهِ يَوْمئِذٍ، فَكَيْفَ الظَّنُّ بِمَنْ لَمْ يُقْتَلْ مِمَّنْ حَضَرَهَا، وَمَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا وَبَقِيَ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَنَحْوُهُمْ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ يَبْعُدُ كُلُّ الْبُعْدِ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوهُ، مَعَ كَثْرَةِ رَغْبَتِهِمْ فِي الْخَيْرِ، وَحِرْصِهِمْ عَلَى مَا دُونَ ذَلِكَ مِنَ الطَّاعَاتِ.
وَكَيْفَ نَظُنُّ هَذَا بِهِمْ، وَنَحْنُ نَرَى أَهْلَ عَصْرِنَا حَفِظَهُ مِنْهُمْ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ أُلُوفٌ مَعَ بُعْدِ رَغْبَتِهِمْ فِي الْخَيْرِ عَنْ دَرَجَةِ الصَّحَابَةِ، مَعَ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَحْكَامٌ مُقَرَّرَةٌ يَعْتَمِدُونَهَا فِي سَفَرِهِمْ وَحَضَرِهِمْ إِلَّا الْقُرْآنَ، وَمَا سَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَيْفَ نَظُنُّ بِهِمْ إِهْمَالِهِ؟ فَكُلُّ هَذَا وَشِبْهُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَحَدٌ يَجْمَعُ الْقُرْآنَ إِلَّا الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورُونَ.
الْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْهُ إِلَّا الْأَرْبَعَةُ لَمْ يَقْدَحْ فِي تَوَاتُرِهِ; فَإِنَّ أَجْزَاءَهُ حَفِظَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ، يَحْصُلُ التَّوَاتُرُ بِبَعْضِهِمْ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ التَّوَاتُرِ أَنْ يَنْقُلَ جَمِيعُهُمْ جَمِيعَهُ، بَلْ إِذَا نَقَلَ كُلَّ جُزْءٍ عَدَدُ التَّوَاتُرِ صَارَتِ الْجُمْلَةُ مُتَوَاتِرَةً بِلَا شَكٍّ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا مُسْلِمٌ وَلَا مُلْحِدٌ. وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ”. انتهى المراد.
وهناك
إشكال آخر: زيد بن ثابت قال آية لم أجدها إلا عند خزيمة
فكيف الرد على من يقول أن القرآن ليس متواتر والدليل أن هذه الآية لم يجدوها إلا عند خزيمة
قال صاحبنا عبدالله البلوشي أبو عيسى:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح:
قوله: لم أجدها مع أحد غيره أي مكتوبة لما تقدم من أنه كان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة ولا يلزم من عدم وجدانه إياها حينئذ أن لا تكون تواترت عند من لم يتلقها من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان زيد يطلب التثبت عمن تلقاها بغير واسطة ولعلهم لما وجدها زيد عند أبي خزيمة تذكروها كما تذكرها زيد وفائدة التتبع المبالغة في الاستظهار والوقوف عندما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم
قال الخطابي: هذا مما يخفى معناه ويوهم أنه كان يكتفي في إثبات الآية بخبر الشخص الواحد وليس كذلك فقد اجتمع في هذه الآية زيد بن ثابت وأبو خزيمة وعمر وحكى بن التين عن الداودي قال لم يتفرد بها أبو خزيمة بل شاركه زيد بن ثابت فعلى هذا تثبت برجلين اه
وكأنه ظن أن قولهم لا يثبت القرآن بخبر الواحد أي الشخص الواحد وليس كما ظن بل المراد بخبر الواحد خلاف الخبر المتواتر فلو بلغت رواة الخبر عددا كثيرا وفقد شيئا من شروط المتواتر لم يخرج عن كونه خبر الواحد
والحق أن المراد بالنفي نفي وجودها مكتوبة لا نفي كونها محفوظة
——‘——‘——-
مشاركة عبدالله البلوشي أبي عيسى:
هذه فوائد جمعتها مفيدة:
ترجم البخاري رحمه الله في صحيحه،
بَابُ مَنَاقِبِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وأورد تحته حديثا واحدا:
# عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ.
وترجم رحمه الله،
بَابُ مَنَاقِبِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وأورد تحته حديثين:
# حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه الذي سبق
# حديث أنس رضي الله عنه في تسمية الله له بأن يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم عليه القرآن.
وترجم رحمه الله،
بَابُ مَنَاقِبِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وأعاد حديث أنس رضي الله عنه
وفي صحيحه،
# عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ اليَمَامَةِ …..
# عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: أُبَيٌّ أَقْرَؤُنَا، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ لَحَنِ أُبَيٍّ، وَأُبَيٌّ يَقُولُ: أَخَذْتُهُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَ أَتْرُكُهُ لِشَيْءٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَاتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}.