229 جامع الأجوبة الفقهية ص 270
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
ووضعت أمام مشاركتي علامة ( * )
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
92 – وَعَنْ سَلْمَانَ – رضي الله عنه – قَالَ: لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
93 – وَلِلسَّبْعَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ – رضي الله عنه: «لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ, وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا».
مسألة : استقبال، واستدبار بيت المقدس.
♢- جواب ناصر الريسي:
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
♢- الأول: التحريم، وهو قول إبراهيم النخعي، ومحمد بن سيرين، وعطاء، والزهري، وبه قال ابن عقيل من الحنابلة.
♢- الثاني: عدم التحريم وهو قول جمهور أهل العلم.
انظر: العناية (1/420)، الذخيرة (1/ 205)، مواهب الجليل (1/ 281)،المجموع (2/81)، الفروع وحاشيته (1/112)، الإنصاف (1/100)، فتح الباري (1/ 246)، نيل الأوطار (1/ 105)
♢- ادلة القول الأول: وهو التحريم
الدليل الأول: ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 139) رقم 1603، 1610، من طريق سليمان بن بلال، ووهيب، فرقهما، قالا: حدثنا عمرو بن يحيى المازني، عن أبي زيد، عن معقل الأسدي، وقد صحب النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: نهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن نستقبل القبلتين بغائط أو بول.
وأجيب: بأن الحديث ضعيف لا يصح الاستدلال به، وعلى تقدير صحته فالمراد بذلك أهل المدينة ومن على سمتها لأن استقبالهم بيت المقدس يستلزم استدبارهم الكعبة فالعلة استدبار الكعبة لا استقبال بيت المقدس قال ابن حجر في فتح الباري (1/246) وهو حديث ضعيف لأن فيه راويا مجهول الحال.
الدليل الثاني: روى ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 139) ، قال: حدثنا هشيم، عن ابن عون، عن ابن سيرين، قال: كانوا يكرهون أن يستقبلوا واحدة من القبلتين.
واجيب: بأن قول التابعي: كانوا يكرهون يقصد به الصحابة رضوان الله عليهم، ولعل الصحابة كانوا يكرهون ذلك؛ لأن استقبالهم بيت المقدس يستلزم استدبار الكعبة، فالعلة استدبار القبلة، لا استقبال بيت المقدس، فقد ثبت أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – استقبل بيت المقدس حال قضاء الحاجة، كما في حديث ابن عمر.
♢- ادلة القول الثاني: وهو عدم التحريم
الدليل الأول: قول الله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144]
• وجه الدلالة: حيث نسخ في هذه الآية كون بيت المقدس قبلة للمسلمين، ولهذا لا يكره استقباله بالتخلي؛ لكونه ليس قبلة.
الدليل الثاني: الإجماع
نقل الإجماع: الخطابي، حيث نقل عنه الشوكاني في نيل الأوطار (1/105) حكايته الإجماع في هذه المسألة.
ورد هذا الاجماع حيث قال ابن حجر رحمه الله في الفتح: “وفيه نظر –أي الاجماع- لما ذكرناه عن إبراهيم وبن سيرين وقد قال به بعض الشافعية” انتهى
أيضاً ممن قال بالإجماع النووي في المجموع شرح المهذب (2/81): حيث يقول -في معرض حديثه عن حديث النهي عن استقبال بيت المقدس بالتخلي -: “فإن قيل: لم حملتموه في بيت المقدس على التنزيه -أي: النهي-؟ قلنا: للإجماع، فلا نعلم من يعتد به حرمه”. انتهى
♢- فتح الباري لابن حجر (1/ 246)
ومنها التحريم مطلقا حتى في القبلة المنسوخة وهي بيت المقدس وهو محكي عن إبراهيم وبن سيرين عملا بحديث معقل الأسدي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلتين ببول أو بغائط رواه أبو داود وغيره وهو حديث ضعيف لأن فيه راويا مجهول الحال وعلى تقدير صحته فالمراد بذلك أهل المدينة ومن على سمتها لأن استقبالهم بيت المقدس يستلزم استدبارهم الكعبة فالعلة استدبار الكعبة لا استقبال بيت المقدس وقد ادعى الخطابي الإجماع على عدم تحريم استقبال بيت المقدس لمن لا يستدبر في استقباله الكعبة وفيه نظر لما ذكرناه عن إبراهيم وبن سيرين وقد قال به بعض الشافعية أيضا حكاه بن أبي الدم. انتهى
♢- وجاء في ناسخ الحديث ومنسوخه (ص: 85)
“وسئل احمد بن حنبل عن استقبال القبلة بالخلاء قال اما بيت المقدس فليس في نفسي منه شئ ولا بأس أن يستقبله”. انتهى
♢- قال ابن بطال في شرح صحيح البخارى (1/ 237):
“وقال أحمد بن حنبل : حديث ابن عمر ناسخ للنهى عن استقبال بيت المقدس ، واستدباره بالغائط والبول ، والدليل على هذا ما روى مروان الأصفر ، عن ابن عمر ، أنه أناخ راحلته مستقبل بيت المقدس ، ثم جلس يبول إليها ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، أليس قد نهى عن هذا ؟ قال : إنما نهى عن هذا فى الفضاء ، وأما إذا كان بينك وبين القبلة شىء يسترك فلا بأس”. انتهى
* تنبيه : لفظة (بيت المقدس) في قوله ( أناخ راحلته مستقبل بيت المقدس) لم أجدها إلا عند الشراح ابن بطال وابن عبدالبر وابن الملقن أما في الكتب المسندة كلها التي أخرجت الحديث أخرجته بلفظ ( أناخ راحلته مستقبل القبلة) ابوداود وابن خزيمة وابن الجارود والحاكم والبيهقي وغيرهم
قال محققو المسند:
وأخرج له أبو داود (١١)، والدارقطني في«السنن»١/٥٨ من طريق صفوان بن عيسى، عن الحسن بن ذكوان، عن مروان الأصفر، قال: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، أليس قد نُهى عن هذا؟ قال: بلى، إنما نُهي عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس.
وقال الدارقطني: هذا صحيح، كلهم ثقات.
وقال الحازمي في«الاعتبار»ص ٣٨: هذا حديث حسن.
قلنا: الحسن بن ذكوان البصري: مدلس، وقد عنعن.
ويشهد له حديث جابر الذي سيرد عند أحمد ٣/٣٦٠ بإسناد حسن.
ولفظه: كان رسول الله ﷺ ينهانا أن نستدبر القبلة أو نستقبلها بفروجنا إذا هرقنا
الماء، قال: ثم رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة.
قال الحافظ في«الفتح» ١/٢٤٥: والحق أنه- يعني هذا الحديث- ليس بناسخ لحديث النهي خلافًا لمن زعمه، بل هو محمول على أنه رآه في بناء أو نحوه، لأن ذلك هو المعهود من حاله ﷺ لمبالغته في التستر.
♢- قال الإمام النووي في المجموع شرح المهذب (2/ 80)
“قال أصحابنا لا يحرم استقبال بيت المقدس ببول ولا غائط ولا استدباره لا في البناء ولا في الصحراء …فأجاب عنه أصحابنا بجوابين لمتقدمي أصحابنا أحدهما أنه نهى عن استقبال بيت المقدس حيث كان قبلة ثم نهى عن الكعبة حين صارت قبلة فجمعهما الراوي قال صاحب الحاوي هذا تأويل أبي اسحق المروزي وأبي علي بن أبي هريرة: والثاني المراد بالنهي أهل المدينة لأن من استقبل بيت المقدس وهو في المدينة استدبر الكعبة وإن استدبره استقبلها والمراد بالنهي عن استقبالهما النهي عن استقبال الكعبة واستدبارها … والظاهر المختار أن النهي وقع في وقت واحد وأنه عام لكلتيهما في كل مكان ولكنه في الكعبة نهي تحريم في بعض الأحوال على ما سبق وفي بيت المقدس نهي تنزيه ولا يمتنع جمعهما في النهي وإن اختلف معناه وسبب النهي عن بيت المقدس كونه كان قبلة فبقيت له حرمة الكعبة. انتهى
♢- قال الشيخ عبدالمحسن العباد في شرح سنن أبي داود – (ص: 2):
“ولكن الإشكال هو أن بيت المقدس يعامل معاملة القبلة، وهذا لم يأت إلا في هذا الحديث فلا يعول عليه؛ لأنه ليس بثابت، أما إذا كان المقصود به أنه لا يستدبر القبلة حيث يكون من جهة الشمال؛ لأنه يكون بذلك جمع بين الأمرين مستقبلاً لبيت المقدس ومستدبراً للكعبة فهذا مستقيم من جهة استدبار الكعبة، والنهي عن الاستدبار قد جاءت فيه أحاديث صحيحة. لكن إذا عمل بالحديث فمعناه: أن من كان شرق بيت المقدس لا يستقبل جهة الغرب، ومن كان غرب بيت المقدس لا يستقبل جهة الشرق فيكون بذلك معاملاً معاملة الكعبة، وذلك لم يأت إلا في هذا الحديث، والحديث غير ثابت”. انتهى