225 جامع الأجوبة الفقهية ص 267
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
ومشاركتي وضعت بجوارها(* )
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسألة 2: هل تختص الحرمة اثناء البول فقط؟
♢- جواب ناصر الريسي:
بحثنا في المسألة السابقة حكم مس الذكر باليمين، وذكرنا حكم المسألة عند اهل العلم وأنه يدور بين التحريم والكراهة، وفي هذا البحث هل هذا الحكم مختص اثناء البول فقط؟
♢- اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
الأول: لا يجوز مس الذكر باليمين مطلقاً حال البول وغيره
الثاني: لا يجوز حال البول فقط
♢- قال ابن قاسم في الإحكام شرح أصول الأحكام (1/ 34):
“وفيه النهي عن مس الذكر باليمين حالة البول والتمسح بها من الغائط. وكذا من البول كما يأتي، وهذا مجمع عليه، فلا يجوز استعمال اليمين في الأمرين والجمهور على أنه نهي تنزيه، ولا صارف له عن الحرمة”. انتهى
♢- حجة من أصحاب القول الأول بأن الكراهة مطلقة في حال البول وغيره:
قالوا: إذا نهي عن مس الذكر حال البول، مع مظنة الحاجة في تلك الحالة، فيكون النهي في غيرها مع عدم الحاجة من باب أولى.
♢- دليل القول الثاني بأن الكراهة مقيدة بحال البول فقط:
استدلوا بحديث أبي قتادة المتفق عليه كما في الباب: فقوله: وهو يبول: أي حالة كونه يبول، فلا يتعدى النهي إلى غيرها؛ لأن الأصل الحل، فلا يكره شيء، ولا يحرم إلا بيقين.
♢- يرى البخاري رحمه الله أن النهي مقيد في الحديث بحال البول ، فيفيد الإباحة فيما عدا ذلك .
كما بوب رحمه الله في صحيحه: ” باب لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال” .
قال الحافظ رحمه الله في الفتح (1/254): ” أشار بهذه الترجمة إلى أن النهي المطلق عن مس الذكر باليمين كما في الباب قبله محمول على المقيد بحالة البول، فيكون ما عداه مباحاً ” انتهى
♢- وبوب أبو داود رحمه الله في سننه باب : ” كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء ”
♢- قال في الفروع (1/ 124): ” أكره أن يمس فرجه بيمينه، فظاهره مطلقاً، وذكر صاحب المحرر، وهو ظاهر كلام الشيخ، وحمله أبو البركات ابن منجا على وقت الحاجة، لسياقه فيها، وترجم الخلال رواية صالح كذلك”. اهـ
♢- قال ابن الملقن في الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (1/ 492):
“ظاهر النهي عن مس الذكر باليمين في هذا الحديث خصوصية بحال البول، وورد في حديث آخر النهي عن مس الذكر باليمين مطلقًا، لكن في تقييده بحالة البول تنبيه على رواية الإِطلاق، وأولى؛ لأنه إذا كان النهي عن المس باليمين حالة الاستنجاء مع مظنة الحاجة إليها فغيره من الحالات أولى، ومن العلماء مَن خصَّ النهي عن مس الذكر باليمين بحالة البول أخذًا بظاهر الحديث كما ذكرنا، ومنهم من أخذ بالنهي عن مسه مطلقًا أخذًا بالرواية المطلقة، وقد يسبق إلى الفهم أن المطلق يحمل على المقيد أو العام على الخاص فيخُص النهي بهذه الحالة وفيه بحث أصولي نبه عليه الشيخ تقي الدين وهو: أن القاعدة أن حمل العام على الخاص أو المطلق على المقيد ليس هو في باب المناهي وإنما في باب الأمر والإثبات؛ لما يلزم منه [من] الإِخلال باللفظ الدال على الخصوص أو المقيد، وأما في باب النهي فيلزم منه الإِخلال باللفظ الدال على الإِطلاق أو العموم مع تناول النهي وهو غيرُ سائغ، وهذا أيضًا بعد مراعاة النظر في روايتي الإِطلاق والتقييد أو العموم والخصوص: هل هما حديثان أو حديث مخرجه واحد؟ فإن كانا حديثين فالأمر على ما ذكرناه أولًا، وإن كان حديثًا واحدًا مخرجه واحد، اختلف عليه الرواة فينبغي حمل المطلق على المقيد، ويكون زيادةً مِن عَدْل وهي مقبولة عند الأصوليين والمحدثين، وهذا يكون أيضًا بعد النظر في دلالة المفهوم وما يعمل به منه وما لا يعمل به وبعد أن ينظر في تقديم المفهوم على ظاهر العموم”. انتهى
♢- قال الشيخ عبدالمحسن العباد في شرح سنن أبي داود (ص: 2):
“أن الحديث جاء في قضاء الحاجة، وأبو داود إنما عقد الترجمة في حال قضاء الحاجة، فقال: في الاستبراء، وبعض أهل العلم يقول: إن ذلك يكون عاماً في جميع الأحوال، ومنهم من يقول: إنه إذا حصل هذا في حال الاستبراء فغيره من باب أولى، ولكن هذا ليس بصحيح؛ لأن كونه يمسه وليس فيه نجاسة ولا فيه شيء يستقذر ليس من باب أولى مما إذا كان في حال وجود النجاسة عليه وإزالة القذر منه، بل الذي جاء في هذا الحديث والذي جاء هذا النص هو لأن فيه إزالة أذى، واليمين إنما تستعمل في الأمور التي هي بعيدة عن تلك الأماكن، فلا يظهر المنع في غير حال الاستبراء”. انتهى
♢- قال الشيخ عبدالعزيز الراجحي في شرح عمدة الفقه (2/ 23):
“فَقَيَّدَه هنا بمسه وهو يبول، وهذا هو المعروف في الحديث، وهو مقيد بحديث: (ولا يمس ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء)؛ لأنه قد يصيب اليد اليمنى شيء من البول وهي مكرمة, لكن في غير البول لو مسه فلا يصيب اليد شيء، لكن الأولى في مثل هذا ألا يمسها، وأما التحريم فقد جاء وهو يبول: (لا يمس ذكره بيمينه وهو يبول) هكذا قيد في الحديث، والمؤلف ما قيدها هنا، وجميع المنهيات السابقة للتحريم: البول في الطريق، وفي ظل الناس، فهذا محرم، وأما البول في شق فهذا لأنه قد يخرج إليه شيء من الحشرات فيؤذيه.
وهذا حديث متفق عليه، وهو قوله: (لا يمسن أحدكم ذكره بيمينه، ولا يتمسح بيمينه)، لكنه مقيد بالحديث الآخر: (وهو يبول)، فالمطلق يحمل على المقيد”. انتهى
والله أعلم…
* ذكر ابن القيم ضوابط في حمل المطلق على المقيد وذكر أمثلة ومن ضمن ذلك مسألتنا:
فائدة:
وعلى هذا فلا ينبغي أن يقال يحمل المطلق على المقيد مطلقا بل يفرق بين الأمر والنهي فإن المطلق إذا كان في الأمر لم يكن عاما فحمله على المقيد لا يكون مخالفة لظاهره ولا تخصيصا، وإذا كان الإطلاق في النهي فإنه يعم ضرورة عموم النكرة في سياق النهي، وإذا حمل عليه مقيد آخر كان تخصيصا ومثاله قوله ﷺ: «لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه» فهذا عام في الإمساك وقت البول ووقت الجماع وغيرهما وقال: «لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول» فهذا مقيد بحالة البول فحمل الأول عليه تخصيص محض. بدائع الفوائد وراجع لبقية الضوابط الفائدة السابقة واللاحقة.