2241 ‘ 2242 ‘ 2243 – تحضير سنن أبي داود
مجموعة: أحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بَابٌ فِي مَنْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ أُخْتَانِ
2241 – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، ح وحَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ حُمَيْضَةَ بْنِ الشَّمَرْدَلِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ مُسَدَّدٌ: ابْنِ عُمَيْرَةَ وَقَالَ وَهْبٌ: الْأَسَدِيِّ قَالَ: أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي ثَمَانُ نِسْوَةٍ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وحَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: قَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ، مَكَانَ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: «هَذَا هُوَ الصَّوَابُ يَعْنِي قَيْسَ بْنَ الْحَارِثِ»،
[حكم الألباني] : صحيح
2242 – حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَاضِي الْكُوفَةِ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ حُمَيْضَةَ بْنِ الشَّمَرْدَلِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ بِمَعْنَاهُ
[حكم الألباني] : صحيحة ة
2243 – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ، يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ؟، قَالَ: «طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ»
[حكم الألباني] : حسن
——
قال البخاري في حميضة فيه نظر . والحديث ذكره العقيلي في الضعفاء ثم ذكره من طريق الزهري عن ابن عمر وذكر الخلتف في وصله وإرساله
٣٧٣ – حُمَيْضَةُ بْنُ الشَّمَرْدَلِ كُوفِيٌّ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ حُمَيْضَةَ بْنِ الشَّمَرْدَلِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ: أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا» آدَمُ بْنُ مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ قَالَ: حُمَيْضُ بْنُ الشَّمَرْدَلِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ فِيهِ نَظَرٌ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ ﵇ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعةً»
وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ غَيْلَانُ بْنُ سَلَمَةَ وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَهُ لِرَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ» وَرَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَقِيلٍ، وَيُونُسَ، وَغَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِغَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ فَذَكَرَهُ انتهى
قال صاحب فتح العلام شرح بلوغ المرام : الحديث ثابت من غير طريق الزهري كما في الصحيح المسند 753 . انتهى وعزاه للبيهقي
قال البيهقي : تفرد سرار بن مجشر وهو بصري ثقة .
فقال في معرفة السنن :
١٣٩٦٢ – وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ جِهَةٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، وَسَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ عِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ، «فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا»
١٣٩٦٣ – أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرَيْدٍ عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سِرَارُ بْنُ مُجَشِّرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، وَسَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ
١٣٩٦٤ – قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: تَفَرَّدَ بِهِ سِرَارُ بْنُ مُجَشِّرٍ وَهُوَ بَصْرِيُّ ثِقَةٌ،
١٣٩٦٥ – وَكَذَلِكَ رَوَاهُ السُّمَيْدَعُ بْنُ وَاهِبِ، عَنْ سِرَارٍ،
١٣٩٦٦ – أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ الدُّورِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، وَسُئِلَ عَنْ سِرَارِ بْنِ مُجَشِّرٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ
– أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ أَبِي الزِّنَادِ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيِّ قَالَ: أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي خَمْسُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَمْسِكْ أَرْبَعًا أَيَّتَهُنَّ شِئْتَ وَفَارِقِ الْأُخْرَى»، فَعَمَدْتُ إِلَى أَقْدَمِهِنَّ صُحْبَةً عَجُوزٍ عَاقِرٍ مَعِي مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً فَطَلَّقْتُهَا ⦗١٣٨⦘
١٣٩٦٨ – وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ
١٣٩٦٩ – أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِيِّ، عَنْ أَبِي خِرَاشٍ، عَنِ الدَّيْلَمِيِّ، أَوْ عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ؟ «فَأَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَ أَيَّتَهُمَا شِئْتُ وَأُفَارِقُ الْأُخْرَى»
١٣٩٧٠ – قَالَ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ قَالَ: «طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ»،
١٣٩٧١ – أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، فَذَكَرَهُ،
١٣٩٧٢ – وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَتَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِيِّ ⦗١٣٩⦘،
١٣٩٧٣ – وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ، أَوْ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ، وَعُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، مَعْنَى حَدِيثِ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ،
١٣٩٧٤ – وَهَذَا الْحُكْمُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامٌ فِيمَا بَيَّنَ أَهْلُ الْمَغَازِي وَالتَّفسِيرِ،
١٣٩٧٥ – وَذَهَبَ بَعْضُ مَنْ خَالَفَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنَّ عُقُودَهُمْ كَانَتْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَعُقُودُ الْمُشْرِكِينَ الْآنَ كُلُّهَا بَعْدَ التَّحْرِيمِ وَهَذَا إِقْرَارٌ مِنَ الْحَدِيثِ وَهُوَ يُنْقَضُ بِالْوَلِيِّ وَالشُّهُوَدِ وَالْخُلُوِّ مِنَ الْعِدَّةِ، فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ وَجَبَ بِالشَّرْعِ وَعُقُودُ الْمُشْرِكِينَ قَدْ تَخْلُوَ مِنْهُ بَعْدَ وَجَوبِهِ وَلَا يُحْكَمُ بِبُطْلَانِهَا إِذَا أَسْلَمُوا،
١٣٩٧٦ – وَنَقُولُ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ أَنَّ فِي الْعَقْدِ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا: الْعَقْدُ الْفَائِتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَالْآخَرُ: الْمَرْأَةُ الَّتِي تَبْقَى بِالْعَقْدِ وَالْفَائِتُ لَا يُرَدُّ إِذَا كَانَ الْبَاقِي بِالْفَائِتِ يَصْلُحُ بِحَالٍ وَكَانَ ذَلِكَ كَحُكْمِ اللَّهِ فِي الرِّبَا قَالَ اللَّهُ : ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٧٨]
١٣٩٧٧ – وَقَالَ أَحْمَدُ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا إِبَاحَةَ الْجَمْعِ بَيْنَ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ مُثْبَتَةٌ فِي شَرْعِنَا، ثُمَّ لَوْ كَانَتْ فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَفْصَلَ حَالَ عُقُودِهِمْ أَكَانَتْ قَبْلَ التَّحْرِيمِ أَوْ بَعْدَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
معرفة السنن والآثار ١٠/١٣٧ — أبو بكر البيهقي (ت ٤٥٨)
اما ابن القيم فنقل ان الدارقطني قال في العلل تفرد به سيف بن عبد الله الجرمي عن سرار . وسرار ثقة من أهل البصرة . قال ابن القيم : ومعلوم أن تفرد سيف بهذا مانع من الحكم بصحته بل لو تفرد به من هو أجل من سيف لكان تفرده علة . تهذيب السنن لابن القيم
ففي علل الدارقطني :
٢٩٩٧- وسئل عن حديث سالم، عن أبيه؛ أن غيلان أسلم، وتحته عشر نسوة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: خذ منهن أربعا، وفارق سائرهن.
فقال: يرويه الزهري، واختلف عنه؛
يرويه الزهري، واختلف عنه؛
فرواه معمر بالبصرة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.
حَدَّثَ بِهِ ابن علية، ومروان بن معاوية، وابن أبي عروبة.
وقيل: عن سفيان الثوري، ويزيد بن زريع، والفضل بن موسى، ويحيى بن أبي كثير، وغندر، عن معمر كذلك.
وخالفهم عَبْدُ الرَّزَّاقِ، رَوَاهُ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مرسلا.
ورواه بحر السقاء، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه.
وكذلك رواه يحيى بن سلام، عن مالك، عن الزهري.
ورواه يونس، عن الزهري: أنه بلغه عن عثمان بن محمد بن أبي سويد، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مُرْسَلًا.
وقول يونس أشبهها بالصواب.
ورواه سرار بن مجشر، وهو أبو عبيدة، ثقة، من أهل البصرة، عن أيوب، عن نافع، وسالم، عن ابن عمر؛ «أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم، وعنده عشر نسوة، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ، أَنْ يمسك منهن أربعا».
تفرد به سيف بن عبيد الله الجرمي، عن سرار.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سعيد، وقال: حدثنا أحمد بن يوسف التغلبي، قال: حدثنا أبو عبيد، القاسم بن سلام، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، قال: حدثني مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النبي ﷺ؛ “أسلم غيلان، وتحته عشر نسوة، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، إن يختار منهن أربعا.
تفرد به أبو عبيد، عن يحيى القطان، عن الثوري.
وكذلك نقل ابن القيم تعليل للبخاري لحديث ابي وهب الجيشاني عن الضحاك بن فيروز عن أبيه . قال البخاري : في اسناد هذا الحديث نظر . ووجه قوله أن ابا وهب والصحاك مجهول حالهما وفيه بحي بن أيوب ضعيف . انتهى من تهذيب السنن
وقال البخاري مرة : الضحاك عن أبيه روى عنه ابووهب الجيشاني لا يعرف سماع بعضهم من بعض .
قال صاحب منهج الإمام أحمد في اعلال الحديث ونقل تعليل الإمام أحمد لحديث معمر ونقل تعليل ابن القيم : قال الحافظ ابن حجر: استنكره أبو نعيم وقال: الأثبات رووه عن عبد الرزاق مرسلًا. ا. هـ. ويؤيده ما ذكره ابن عبد البر عن يعقوب بن شيبة عن أحمد بن شبويه، عن عبد الرزاق قال: لم يسند لنا معمر حديث غيلان بن سلمة أنه أسلم وعنده عشر نسوة. ا. هـ (٢). وسماع عبد الرزاق من معمر كان باليمن.
وتابع عبدَ الرزاق ابنُ عيينة عن معمر به (٣). وهكذا رواه مالك عن الزهري (٤).
ورواه يونس بن يزيد، وعقيل بن خالد، وشعيب بن أبي حمزة، كلهم عن الزهري: بلغني عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن النبي ﷺ قال لغيلان … الحديث (٥) وروايتهم وكذلك رواية مالك تؤيد الرواية المرسلة عن معمر.
وجه إعلال الإمام أحمد لهذا الحديث:
أعل الإمام أحمد الرواية الموصولة عن معمر بأنها مما أخطأ معمر فيها بالبصرة، وحكم للرواية المرسلة لأنها هي التي رجع إليها باليمن، بدليل أن عبد الرزاق ذكر أن معمرًا لم يكن يسند لهم هذا الحديث، ومعلوم أن سماعه من معمر كان باليمن. وهذا مثال لما ذكره الإمام أحمد أن معمرًا كان يحدث بخطأ بالبصرة،
وحديثه باليمن كان أحب إليه لأنه كان يتعاهد كتبه وينظر فيها.
وقد وافق الإمام أحمد على إعلال هذا الحديث بهذه العلة عدد من الحفاظ، منهم: الإمام البخاري، قال: هذا حديث غير محفوظ، إنما روى هذا معمر بالعراق، وقد روي عن معمر، عن الزهري، هذا الحديث مرسلًا، ثم ذكر رواية شعيب بن أبي حمزة المرسلة عن الزهري وقال: وهذا أصح (١). وكذلك رجح أبو زرعة وأبو حاتم الرواية المرسلة (٢).
وقال الإمام مسلم فيما رواه البيهقي بإسناده عنه من كتابه «التمييز»: «أهل اليمن أعرف بحديث معمر من غيرهم، فإنه حدث بهذا الحديث عن الزهري، عن سالم، عن أبيه بالبصرة، وقد تفرد بروايته عنه البصريون، فإن حدث به ثقة من غير أهل البصرة صار الحديث صحيحًا، وإلا فالإرسال أولى» (٣). وذكر الحافظ ابن حجر أن ابن حبان، والحاكم، والبيهقي بنوا على قول الإمام مسلم فأخرجوا الحديث من طرق عن معمر من حديث أهل الكوفة، وأهل خراسان، وأهل اليمامة، ثم رده بقوله: «ولا يفيد ذلك شيئًا، فإن هؤلاء كلهم إنما سمعوا منه بالبصرة، وإن كانوا من غير أهلها، وعلى تقدير تسليم أنهم سمعوا منه بغيرها، فحديثه الذي حدّث به في غير بلده مضطرب، لأنه كان يحدث في بلده من كتبه على الصحة، وأما إذا رحل فحدّث من حفظه بأشياء وهم فيها …» (٤).
قال الخطابي:
قوله اختر منهن أربعاً، ظاهره يدل على أن الاختيار في ذلك إليه يمسك من شاء منهن سواء كان عقد عليهن في عقد واحد أو متفرقات لا يعتبر المتقدمة في العقد ولا المتأخرة منهن لأن الأمر قد فوض إليه في الاختيار من غير استفصال، وإلى هذا ذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأراه قول محمد بن الحسن، وقد روي ذلك عن الحسن البصري.
وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري إن نكحهن في عقد واحد فرق بينه وبينهن وإن كان نكح واحدة بعد الأخرى حبس أربعا منهن الأولى فالأولى وترك سائرهن.
قال الشيخ معنى الاختيار المذكور في الحديث يبطل إذا لم يكن له إلاّ حبس الأوليات فدل ذلك على أنه يختار من شاء منهن الأولى والأخرى في ذلك سواء ومن اعتبر فيهن هذا المعنى لزمه أن يعتبر أوصاف عقودهن فيما مضى فلا يجيز منه العقود التي خلت عن الشهود والأولياء ولا العقود التي وقعت في أيام العدة من الزوج الأول فإذا لم يكن هذا معتبراً فيها لأنه حكم ثابت من أحكام الجاهلية وقد لقيه الإسلام بالعفو، فكذلك التقديم والتأخير لا فرق بين الأمرين في ذلك فأما الأعيان فإنها قائمة غير فائتة وليست كالأوصاف التى قد فاتت بفوات الزمان الذي قد وقع فيه العقد فلا يقر الزوج على نكاح امرأة من ذوات المحارم اللاتي لو أراد ابتداء العقد عليهن في حال الإسلام لم يحللن.
قال أبو داود: حدثنا يحيى بن معين، قال: حَدَّثنا وهب بن جرير عن أبيه قال سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أيى حبيب، عَن أبي وهب الجيشاني عن الضحاك بن فيروز عن أبيه قال: قلت يا رسول الله إني أسلمت وتحتي أختان قال طلق أيتهما شئت.
قال الشيخ في هذا بيان أن الاختيار إليه في إمساك من شاء منهن من المتقدمة والمتأخرة. وفيه حجة لمن ذهب إلى أن اختيار إحداهما لا يكون فسخاً لنكاح الأخرى حتى يطلقها.
[معالم السنن 3/ 260]
قال ابن بطال:
قال ابن القصار: لا يجوز لأحد أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة فى النكاح، وهو عندنا إجماع. وقال قوم، لا يعدون خلافًا: إنه يجوز الجمع بين تسع، واحتجوا أن معنى قوله تعالى: (مثنى وثلاث ورباع) [النساء: 3] ، يفيد الجمع بين العدد، بدليل أنه عليه السلام مات عن تسع، ولنا فيه الأسوة الحسنة.
وحجة الجماعة أن أهل التفسير اتفقوا فى تأويل قوله: (مثنى وثلاث ورباع) [النساء: 3] ، أنه أراد التخيير بين الأعداد الثلاثة لا الجمع من وجهين: أحدهما: أنه لو أراد الجمع بين تسع لم يعدل عن لفظ الاختصار، وكان يقول: فانكحوا تسعًا، والعرب لا تعدل أن تقول: تسعة، وتقول: اثنان وثلاثة وأربعة، فلما قال: (مثنى وثلاث ورباع (صار تقديره: مثنى مثنى، وثلاث ثلاث، ورباع رباع، فيفيد التخيير كقوله تعالى: (أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع) [فاطر: 1] . والوجه الثانى أنه قال: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) [النساء: 3] ، واللغة لا تدفع التخيير بين متباعدين يكون بينهما تفاوت، ولا يجوز أن يقال: فإن خفتم ألا تعدلوا فى التسع فواحدة؛ لأنه يصير بمنزلة من يقول: إن خفت أن تخرج إلى مكة على طريق الكوفة فامض إليها على طريق الأندلس أو الصعيد، وبالقرب من مكة طرق كثيرة لا يخاف منها، فعلم أنه أراد التخيير بين الواحدة والاثنين، وبين الثنتين والثلاث. وأما قولهم: إنه عليه السلام مات عن تسع، ولنا أن نتأسى به، فإننا نقول: إنه كان مخصوصًا بالزيادة عن الأربع كما خص بأن ينكح بغير صداق، وكما خص ألا ينكح أزواجه من بعده وأنه اتفق أن مات عن تسع، وروى أن غيلان بن سلمة أسلم وتحته عشر نسوة، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم : (اختر منهن أربعًا وفارق سائرهن) ، فسقط قولهم.
[شرح صحيح البخاري لابن بطال 7/ 190]
قال القاضي عبد الوهاب البغدادي:
فصل [6 – إذا أسلم المشرك وعنده أكثر من أربع]:
إذا أسلم المشرك وعنده أكثر من أربع اختار منهن أربعًا، وفارق البواقي وسواء جمع بينهن في عقد واحد أو في عقود متفرقة، وسواء اختار الأوائل أو الأواخر، خلافًا لأبي حنيفة في قوله: أنه ليس له أن يختار الأواخر ولا من جمع بينهن في عقد، لما روي: أن غيلان أسلم وكان تحته عشر نسوة فأسلمن معه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعًا، وعند المخالف ليس له الخيار لأن عقود الأوائل صحيحة وعقود الأواخر فاسدة، ولأنه لم يسأله هل عقد عليهن عقدًا واحدًا أو عقودًا مفترقة، وقال لفيروز الديلمي لما أسلم وتحته أختان: “اختر أيهما شئت”، ولأن كل امرأة جاز له ابتداء العقد عليها في الإِسلام جاز له المقام معها على نكاح الشرك أصله الأوائل، ولأن أنكحتهم عندنا فاسدة وإنما تصح لهم بالإِسلام عقودهم، ويعفى عما بنوها عليه من التحريم إذا كانت المرأة ممن يجوز ابتداء العقد عليها في الإِسلام، فلو منعنا التمسك بالأواخر لمنعناه بالأوائل.
[المعونة على مذهب عالم المدينة 2/ 810]
قال ابن قدامة:
1167 – مسألة؛ قال: (وَلَوْ نَكَحَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، فِى عَقْدٍ وَاحِدٍ (1)، أو فِى عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ، ثُمَّ أصَابَهُنَّ، ثُمَّ أَسْلَم، ثُمَّ أسْلَمَتْ كُلُّ واحِدةٍ مِنْهُنَّ فِى عِدَّتِهَا، اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ، وفَارَقَ مَا سِوَاهُنَّ، سَوَاءٌ كَانَ مَنْ أمْسَك مِنْهُنَّ أَوَّلَ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهِنَّ (2) أو آخِرَهُنَّ)
وجملةُ ذلك أنَّ الكافرَ إذا أسْلَم، ومعه أكْثرُ من أرْبعِ نِسْوةٍ، فأسْلَمْنَ فى عِدَّتِهِنَ، أو كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ، لم يَكُنْ له إمْساكُهُنَّ كُلِّهنَّ. بغير خلافٍ نَعْلَمُه. ولا يَمْلِكُ إمْساكَ أكثَر من أربعٍ. فإذا أحَبَّ ذلك، اختارَ أرْبعًا منهنَّ، وفارَقَ سائِرَهُنَّ، سواءٌ تَزَوَّجَهُنَّ (3) فى عَقْدٍ أو فى عُقُودٍ، وسواءٌ اخْتارَ الأوَائِلَ أو الأَواخِرَ. نَصَّ عليه أحمدُ. وبه قال الحسنُ، ومالكٌ، واللَّيْثُ، والأوْزاعىُّ، والثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، وإسحاقُ، ومحمدُ بن الحسنِ. وقال أبو حنيفةَ، وأبو يوسفَ: إن كان تزَوّجَهُنَّ فى عَقْدٍ، انْفَسخَ نِكاحُ جَمِيعِهِنَّ،ؤ يسر ضةوإن كان فى عُقُودٍ، فنكاحُ الأوائِلِ صحيحٌ، ونكاحُ ما زادَ على أرْبَعٍ باطلٌ؛ لأنَّ العَقْدَ إذا تناوَلَ أكثرَ من أرْبَعٍ، فتَحْرِيمُه من طَرِيقِ الجَمْعِ، فلا يكونُ فيه مُخَيَّرًا بعدَ الإِسلامِ، كما لو تزَوَّجَتِ المرأةُ زَوْجَيْنِ فى حالِ الكُفْرِ، ثم أسْلَمُوا. ولَنا، ما رَوَى قَيْسُ بن الحارثِ، قال: أسْلَمْتُ وَتَحْتِى ثَمانِ نِسْوَةٍ، فأتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ له ذلك، فقال: “اخْتَرْ مِنْهنَّ أرْبعًا”. روَاه أحمدُ، وأبو داودَ (4). وروى محمدُ ابن سويدٍ الثَّقَفِىُّ، أَنَّ غَيْلانَ بن سَلَمةَ أسْلَمَ وتحته عَشْرُ نِسْوةٍ، فأسْلَمْنَ معه، فأمَرَه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يتَخَيَّر منهنَّ أرْبعًا (5). روَاه التِّرمِذِىُّ، ورَواه مالكٌ فى “مُوَطّإِهِ”، عن الزُّهْرِىِّ مُرْسلًا، وروَاه الشافعىُّ فى “مُسْنَدِه” عن ابن عُلَيَّةَ، عن مَعْمرٍ، عن الزُّهْرِىِّ، عن سالمٍ، عن أبِيه، إلَّا أنَّه غيرُ مَحْفُوظٍ، غَلِطَ فيه مَعْمَرٌ، وخالَف فيه أصحابَ الزُّهْرِىِّ. كذلك قال الحُفّاظُ؛ الإمامُ أحمدُ، والتِّرمِذِىُّ، وغيرُهما. ولأنَّ كُلَّ عددٍ جازَ له ابْتداءُ العَقْدِ عليه، جاز له إمْساكُه بنِكاحٍ مُطْلَقٍ فى حالِ الشِّرْكِ، كما لو تَزَوَّجَهُنَّ (6) بغيرِ شُهُودٍ. وأمَّا إذا تزَوَّجَتْ بزَوْجَيْنِ، فنِكاحُ الثانى باطِلٌ؛ لأنَّها مَلَّكَتْه مِلْكَ غيرِها. وإن جَمَعَتْ بينهما، لم يَصِحَّ؛ لأنَّها لم تُمَلِّكْه جميعَ بُضْعِها (7)، ولأنَّ ذلك ليس بشائعٍ عندَ أحدٍ من أهلِ الأدْيانِ، ولأنَّ المرأةَ ليس لها اخْتِيارُ النِّكاحِ وفَسْخُه، بخِلافِ الرَّجُلِ.
فصل: ويجبُ عليه أن يختارَ أربعًا فما دُونَ، ويُفارِقَ سائِرَهُنَّ، أو يُفارقَ الجميعَ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أمرَ غَيلانَ وقَيْسًا بالاختيارِ، وأمْرُه يقْتَضِى الوُجُوبَ، ولأنَّ المُسْلِمَ لا يجُوزُ إقْرارُه على نكاحِ أكثرَ من أربعٍ، فإن أَبى، أُجْبِرَ بالحَبْس والتَّعْزِيرِ إلى أن يَخْتارَ؛ لأنَّ هذا حَقٌّ عليه، يُمْكِنُه إيفاؤُه (8)، وهو مُمْتَنِعٌ منه، فأُجْبِرَ عليه، كإيفاءِ الدَّيْنِ. وليس للحاكمِ أن يخْتارَ عنه، كما يُطَلِّقُ على المُولِى إذا امْتَنَعَ من الطَّلَاقِ؛ لأنَّ الحَقَّ ههُنا لغيرِ مُعيَّنٍ، وإنَّما تَتَعَيّنُ الزَّوْجاتُ بِاخْتِيارِه وشَهْوَتِه، وذلك لا يَعْرِفُه الحاكمُ فينَوُبُ عنه فيه (9)، بخلافِ المُولِى، فإنَّ الحَقَّ المُعَيَّنَ يُمْكِنُ الحاكمَ إيفاؤه، والنِّيابةُ عن المُسْتَحِقِّ فيه. فإن جُنَّ خُلِّىَ حتى يَعُودَ عَقْلُه، ثم يُجْبَرُ على الاخْتيارِ، وعليه نَفَقةُ الجميعِ إلى أن يَخْتارَ؛ لأنَّهنَّ مَحْبُوساتٌ عليه، ولأنَّهنَّ فى حُكْمِ الزَّوْجاتِ أيَّتهُنَّ اختارَ جازَ.
فصل: ولو زَوَّجَ الكافرُ ابْنَه الصَّغيرَ أكثرَ من أرْبعٍ، ثم أسْلَمُوا جميعًا، لم يَكُنْ له الاختيارُ قبلَ بُلُوغِه، فإنَّه لا حُكْمَ لقَوْلِه، وليس لأِبيه الاخْتيارُ عنه؛ لأنَّ ذلك حَقٌّ يتَعَلَّقُ بالشَّهْوةِ، فلا يقومُ غيرُه مَقامَه فيه، فإذا بَلَغ الصبىُّ، كان له أن يَخْتارَ حِينَئذٍ، وعليه النَّفَقةُ إلى أن يَخْتارَ.
فصل: فإن مات قبلَ أن يخْتارَ، لم يَقُمْ وارِثُه مَقامَه؛ لما ذكرْنا فى الحاكمِ، وعلى جَمِيعِهِنَ العِدَّةُ؛ لأنَّ الزَّوْجاتِ لم يَتَعَيَّنَّ منهنَّ، فمن كانت مِنْهُنَّ حامِلًا فعِدَّتُها بوَضْعِه، ومَنْ كانت آيِسَةً أو صغيرةً فعِدَّتُها أرْبَعةُ أشْهُرٍ وعَشْرٌ؛ لأنَّها أطْوَلُ العِدَّتَيْنِ فى حَقِّها، ومَن (10) كانت من ذواتِ القُرُوءِ، فعِدَّتُها أطْوَلُ الأجَلَيْنِ، من ثلاثةِ قُرُوءٍ أو أرْبعةِ أشْهُرٍ وعَشْرٍ، لتَقْضِىَ العِدَّةِ بِيَقينٍ؛ لأنَّ كلَّ واحدةٍ منهنَّ يَحْتَمِلُ أن تكونَ مُخْتارةً أو مُفارَقة، وعِدّةُ المُخْتارةِ عِدَّةُ الوَفاةِ، وعِدَّةُ المُفارقةِ ثلاثةُ قروءٍ، فأوْجَبْنا أطْوَلَهما، لِتَقْضِىَ (11) العِدَّةَ بيَقِينٍ، كما قُلْنا فى مَن نَسِىَ صلاةً من يومٍ، لا يَعْلَمُ عَيْنَها: عليه خَمْسُ صَلَواتٍ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ، فأمَّا المِيراثُ، فإن اصْطَلَحْنَ عليه، فهو جائزٌ كيفما اصْطَلَحْنَ؛ لأنَّ الحَقَّ لهنَّ، لا يَخْرُجُ عنهنَّ، وإن أَبَيْنَ الصُّلْحَ، فقياسُ المَذْهَبِ أن يُقْرَعَ بينهنَّ، فتكونَ الأرْبَعُ منهنَّ بالقُرْعةِ. وعند الشافعىِّ، يُوقَفُ المِيراثُ حتى يَصْطَلِحْنَ. وأصلُ هذا يُذْكَرُ فى [موضع آخَرَ] (12)، إن شاءَ اللَّهُ تعالى.
فصل: وصِفَةُ الاخْتيارِ أن يقولَ: اخْتَرْتُ نِكاحَ هؤلاءِ، [أو اخْترتُ هؤلاء] (13)، أو أمْسَكْتُهُنَّ، أو اخْتَرْتُ حَبْسَهُنَّ، أو إمْساكَهُنَّ، أو نِكاحَهُنَّ، أو أمْسَكْتُ نِكاحَهُنَّ، أو ثَبَّتُّ نِكاحَهُنَّ، أو أثْبَتُّهُنَّ. وإن قال لما زاد على الأرْبَعِ (14):
فَسَخْتُ نِكاحَهُن. كان اخْتِيارًا للأرْبعِ. وإن طَلَّقَ إحْداهُنَّ، كان اختيارًا لها؛ لأنَّ الطَّلَاقَ لا يكونُ إلَّا فى زَوْجةٍ. وإن قال: قد (15) فارَقْتُ هؤلاء، أو اخْتَرْتُ فِراقَ هؤلاء. فإن لم يَنْوِ به (16) الطَّلاقَ، كان اخْتِيارًا لغيرِهِنَّ؛ لقولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم لِغَيْلانَ: “اخْتَرْ مِنْهُنَّ أرْبعًا، وفَارِقْ سَائِرَهُنَّ”. وهذا يقتضِى أن يكونَ لَفْظُ (17) الفِرَاقِ صَرِيحًا فيه، [كما كان لفظُ الطَّلاقِ صَرِيحًا فيه] (18)، وكذا فى حديثِ فَيْرُوز الدَّيْلَمِىِّ (19) قال: فعَمَدْتُ إلى أقْدَمِهِنَّ صُحْبةً، ففارَقْتُها. وهذا الموضعُ أخَصُّ [بهذا اللفظِ] (20). فيَجِبُ أن يتَخَصَّصَ (21) فيه بالفَسْخِ. وإن نَوَى به الطَّلاقَ، كان اخْتيارًا لهنَّ دُونَ غيرِهِنَّ. وذكر القاضى فيه عند الإطْلاقِ وَجْهَيْنِ؛ أحدهما، أنَّه يكونُ اختيارًا للمُفَارَقاتِ؛ لأنَّ لَفْظَ الفِرَاقِ صريحٌ فى الطَّلاقِ، والأوْلَى ما ذكرْناه. وإن وَطِىءَ إحْداهُنَّ، كان اختيارًا لها، فى قِياسِ المذهبِ؛ لأنَّه لا يجوزُ إلَّا فى مِلْكٍ، فيَدُلُّ على الاخْتيارِ، كوَطْءِ الجاريةِ المَبِيعةِ بشَرْطِ الخِيارِ، ووَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ أيضًا اختيارًا (22) لها. وإن آلَى من واحدةٍ منهنَّ، أو ظاهَرَ فها، لم يكُن اخْتِيارًا لها؛ لأنَّه يَصِحُّ فى غيرِ زَوْجةٍ، فى أحدِ الوَجْهينِ، وفى الآخَرِ، يكونُ اخْتِيارًا لها؛ لأنَّ حُكْمَه لا يَثْبُتُ فى غيرِ زَوْجةٍ.
وإن قَذَفَها، لم يَكُنِ اخْتيارًا لها؛ لأنَّه يَقَعُ فى غيرِ زَوْجةٍ.
فصل: وإذا اخْتارَ منهنَّ أرْبعًا، وفارَقَ البَواقِىَ، فعِدَّتُهُنَّ من حينَ اخْتارَ؛ لأنَّهُنَّ بِنَّ منه بالاخْتيارِ. ويَحْتَمِلُ أن تكونَ عِدّتُهن من حِينَ أسْلَمَ؛ لأنَّهنَّ بِنَّ بإسْلامِه، وإنما يَتَبَيَّنُ ذلك باخْتِيارِه، فيَثْبُتُ (23) حُكْمُه من حينِ الإِسْلامِ، كما إذا أَسْلَمَ أحدُ الزَّوْجَيْنِ ولم يُسْلِمِ الآخَرُ حتى انْقَضَتْ عِدَّتُها. وفُرْقتهُنَّ فَسْخٌ؛ لأنَّها تَثْبُتُ بإسْلامِه من غير لَفْظٍ فِيهنَّ (24)، وعِدّتُهنَّ كعِدَّةِ المُطَلَّقاتِ؛ لأنَّ عِدَّةَ مَن انْفَسَخَ نِكاحُها كذلك.
وذكر تفريعات اخرى
1168 – مسألة؛ قال: (ولَوْ أسْلَمَ وتَحْتَهُ أُخْتَانِ، اخْتَارَ مِنْهُمَا وَاحِدةٌ)
هذا قولُ الحسنِ، والأوْزَاعىِّ، والشافعىِّ، وإسحاقَ، وأبى عُبَيْدٍ. وقال أبو حنيفةَ فى هذه، كقولِه فى عَشْرِ نِسْوةٍ. ولَنا، ما رَوَى الضَّحَّاكُ بن فَيْرُوز، عن أبِيه، قال: قلتُ: يا رسولَ اللَّه، إنِّى أسْلَمْتُ وَتَحْتِىَ أُخْتانِ. قال: “طَلِّقْ أَيِّتهُمَا شِئْتَ”. روَاه أبو داودَ، وابنُ ماجَه، وغيرُهما (1). ولأنَّ أنْكِحةَ الكُفَّارِ صحيحةٌ، وإنَّما حُرِّمَ الجَمْعُ فى الإِسلامِ، وقد أزالَه، فصَحَّ، كما لو طَلَّقَ إحداهما قبلَ إسْلامِه، ثم أسْلَمَ والأُخْرَى فى حِبَالِه. وهكذا الحكمُ فى المرأةِ وعَمَّتِها أو خالَتِها؛ لأنَّ المعنى فى الجميعِ واحدٌ.
فصل: وإن تزوَّجَ أُخْتَيْنِ، ودَخَلَ بهما، ثم أسْلَمَ وأسْلَمَتا معه، فاخْتارَ إحْداهُما، لم يَطَأْها حتى تَنْقَضِىَ عدةُ أخْتِها لئلَّا يكونَ واطِئًا لإِحْدَى الأُخْتَيْنِ فى عِدَّةِ الأُخْرَى. وكذلك إذا أسْلَم وتحتَه أكثرُ من أرْبعٍ، قد دَخَلَ بهِنَّ، فأسْلَمْنَ معه، وكُنّ ثَمانِيًا، فاختارَ أرْبَعًا منهنَّ، وفارَقَ أرْبعًا، لم يَطَأُ واحدةً من المُختاراتِ حتى تَنْقَضِىَ عِدَّةُ المُفارقاتِ، لئَلَّا يكونَ واطِئًا لأَكثرَ من أربعٍ. فإن كُنَّ خَمْسًا، ففارَقَ إحْداهُنَّ، فله وَطْءُ ثَلاثٍ من المُخْتاراتِ، ولا يَطَأُ الرَّابعةَ حتى تنْقَضِىَ عِدَّةُ المُفارَقةِ. وإن كُنَّ سِتًّا، ففارَقَ اثنتَيْنِ، فله وَطْءُ اثْنَتَيْنِ من المُخْتاراتِ. وإن كُنَّ سَبْعًا، ففارقَ ثلاثًا، فله وَطْءُ واحدةٍ من المُخْتاراتِ، [ولا يَطَأُ الباقياتِ حتى تنْقَضِىَ عِدَّةُ المُفارَقاتِ، فكلَّما انْقَضتْ عِدَّةُ واحدةٍ من المُفارَقاتِ، فله وَطْءُ واحدةٍ من المُخْتاراتِ] (3). هذا قياسُ المَذْهَبِ.
فصل: وإذا تزوَّجَ أُخْتَيْنِ فى حالِ كُفْرِه، فأسْلَمَ وأسْلَمَتا معًا قبلَ الدُّخولِ، فاختارَ إحداهُما، فلا مَهْرَ للأُخْرَى؛ لأنَّنا تبيَّنَّا أَنَّ الفُرْقةَ وقَعَتْ بإِسْلامِهِم جميعًا، فلا تَسْتَحِقُّ مَهْرًا، كما لو فَسَخَ النِّكاحَ لِعَيْبٍ فى إحداهما، ولأنَّه نكاحٌ لا يُقَرُّ عليه فى الإِسْلامِ، فلا يجبُ به مَهْرٌ إذا لم يَدْخُلْ بها، كما لو تزوَّجَ المَجوسِىُّ أخْتَه، ثم أسْلَما قبلَ الدُّخولِ. وهكذا الحكمُ فيما زاد على الأرْبَعِ إذا أسْلَمُوا جميعًا قبلَ الدُّخولِ، فاختارَ أرْبعًا، وانْفَسخَ نِكاحُ البواقِى، فلا مَهْرَ لهنَّ؛ لما ذكَرْنا. واللَّهُ أعلمُ.
1169 – مسألة؛ قال: (وَإِنْ كَانَتَا أُمًّا وبِنْتًا، فأَسْلَمَ وأَسْلَمَتا مَعًا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَسَدَ نِكَاحُ الأُمِّ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بالأُمِّ فَسَدَ نِكاحُهُمَا)
الكلامُ فى هذه المسألة فى فصلين:
وذكر تفريعات كثيرة
[المغني لابن قدامة 10/ 14]
قال ابن كثير:
1171 – مسألة؛ قال: (وإِذَا تَزَوَّجَهَا، وهُمَا كِتَابِيَّانِ، فَأَسْلَمَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ بَعْدَهُ، فَهِىَ زَوْجَتُهُ، وَإِنْ كَانْتْ هِىَ المُسْلِمةَ قَبْلَهُ وقَبْلَ الدُّخُولِ، انْفَسَخ النِّكَاحُ، وَلَا مَهْرَ لَهَا) .
وقد روينا عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج بخمس عشرة امرأة، ودخل منهن بثلاث عشرة، واجتمع عنده إحدى عشرة، ومات عن تسع.
وهذا عند العلماء من [خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم] دون غيره من الأمة؛ لما سنذكره من الأحاديث الدالة على الحصر في أربع.
[ولنذكر] الأحاديث في ذلك.
قال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا إسماعيل، ومحمد بن جعفر قالا: حَدَّثَنَا معمر، عن الزهري -قال ابن جعفر في حديثه- أنبأنا ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة، فقال [له النبي صلى الله عليه وسلم]: “اختر منهن أربعًا”. فلما كان في عهد عمر طلق نساءه، وقسم ماله بين بنيه، فبلغ ذلك عمر فقال: إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك، ولعلك لا تمكث إلا قليلًا، وايم الله لتراجعن نساءك، [ولترجعن في] مالك، [أو لأورثهن منك]، ولآمرنّ بقبرك فيرجم، كما رجم قبر أبي رغال.
وهكذا رواه الشافعي والترمذي وابن ماجه والدارقطني والبيهقي وغيرهم من طرق، عن إسماعيل بن علية، وغندر، ويزيد بن زريع، وسعيد بن أبي عروبة، وسفيان الثوري، وعيسى ابن يونس، وعبد الرحمن بن محمَّد المحاربي، والفضل بن موسى، وغيرهم من الحفاظ، عن معمر بإسناده مثله إلى قوله: “اختر مهن أربعًا”.
وباقي الحديث في قصة عمر من أفراد أحمد؛ وهي زيادة حسنة، وهي مضعفة لما علل به البخاري هذا الحديث فيما حكاه عنه الترمذي، حيث قال بعد روايته له: سمعت البخاري يقول: هذا الحديث غير محفوظ، والصحيح ما روى شعيب وغيره عن الزهريّ، حُدّثت عن محمَّد بن سويد الثقفي، أن غيلان بن سلمة … فذكره.
قال البخاري: وإنما حديث الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، أن رجلًا من ثقيف طلق نساءه فقال له عمر: لتراجعن نساءك أو لأرجمنّ قبرك كما رجم قبر أبي رغال.
وهذا التعليل فيه نظر، والله أعلم.
وقد رواه [عبد الرزاق]، عن معمر، عن الزهريّ، مرسلًا، وهكذا رواه مالك عن الزهري مرسلًا، وقال أبو زرعة: هو أصح.
قال البيهقي: ورواه عقيل، عن الزهريّ: بلغنا عن عثمان بن محمَّد بن أبي سويد.
قال أبو حاتم: وهذا وهم، إنما هو الزهريّ، عن محمَّد بن أبي سويد، بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره.
قال البيهقي: ورواه يونس وابن عيينة عن الزهريّ عن محمَّد بن أبي سويد.
وهذا كما علَّله البخاري.
وهذا الإِسناد الذي قدّمناه من مسند الإِمام أحمد رجاله ثقات على شرط الشيخين.
ثم رُوي من غير طريق معمر بل والزهري.
[وقال الحافظ أبو بكر] البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حَدَّثَنَا أبو علي الحافظ، حَدَّثَنَا أبو عبد الرحمن النسائي، حَدَّثَنَا أبو بُريد عمرو بن يزيد الجرمي، أخبرنا سيف بن عبيد الله، حَدَّثَنَا سرَّار بن مُجشِّر، عن أيوب، عن نافع وسالم، عن ابن عمر: أن غيلان بن سلمة كان عنده عشر نسوة، فأسلم وأسلمن معه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهنّ أربعًا.
هكذا أخرجه النسائي في سننه.
قال أبو علي بن السكن: تفرد به سرار بن مجشر وهو ثقة. وكذا وثقه ابن معين.
قال أبو علي: وكذلك رواه السَّميدعُ بن واهب، عن سرار.
قال البيهقي: وروينا من حديث [قيس بن الحارث، أو الحارث بن قيس]، وعروة بن مسعود الثقفي، وصفوان بن أمية -يعني حديث غيلان بن سلمة-.
فوجه الدلالة أنه لو كان يجوز الجمع بين أكثر من أربعٍ لسوّغ له رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرهنّ في بقاء العشرة، وقد أسلمن، فلما أمره بإمساك أربع، وفراق سائرهنّ، دل على أنه لا يجوز الجمع بين أكثر من أربع بحال، فإذا كان هذا في الدوام، ففي الاستئناف بطريق الأولين والأحرى، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
(حديث آخر في ذلك) روى أبو داود وابن ماجه في سننهما، من طريق محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حُميضة بن الشمردل -وعند ابن ماجه بنت الشمردل، وحكى أبو داود أن منهم من يقول: الشمرذل بالذال المعجمة -عن قيس بن الحارث- وعند أبي داود في رواية: الحارث بن قيس بن عميرة الأسدي قال: أسلمت وعندي ثمان نسوة، فذكرتُ للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: “اختر منهنّ أربعًا”.
وهذا الإِسناد حسن. ومجرد هذا الاختلاف لا يضر مثله، لما للحديث من الشواهد.
(حديث آخر في ذلك) قال [الإِمام محمَّد بن إدريس الشافعي رحمه الله، في مسنده: أخبرني من سمع ابن أبي الزناد، يقول: أخبرني عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن، عن عوف بن الحارث، عن نوفل بن معاوية الديلي رضي الله عنه قال: أسلمت وعندي خمس نسوة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اختر أربعًا أيتهن شئت، وفارق الأخرى”. فعمدت إلى أقدمهنّ صحبة، عجوز عاقر معي منذ ستين سنة فطلقتها.
فهذه كلها شواهد [بصحة ما تقدم من حديث] غيلان كما قاله [الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله].
[تفسير ابن كثير – ط أولاد الشيخ 3/ 340]
قال ابن رسلان:
وقد استدل بهذا الحديث وحديث غيلان على أن الكافر إذا أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة فأسلمن قبل الدخول أو أسلمن بعد الدخول في عدتهن أو كن كتابيات لم يكن له (1) إمساكهن كلهن بلا خلاف، ولا يملك إمساك أكثر من أربع؛ لقوله: “اختر أربعًا”، فإذا أحب ذلك اختار منهن أربعًا، والأصحاب كالمجتمعين على وجوب الاختيار حملًا للأمر في قوله: “اختر” للوجوب؛ فإن بعضهم أفهم من قوله: “اختر” للإباحة، وقوله: “فارق سائرهن” للوجوب، ولا فرق في ذلك عند مالك والشافعي وأحمد بين أن يتزوجهن في الشرك في عقد أو عقود، وسواء اختار الأوائل أو الأواخر (2).
وقال أبو حنيفة: إن كان تزوجهن في عقد انفسخ نكاحهن جميعهن، وإن كان في عقود فنكاح الأول صحيح، ونكاح ما زاد على أربع باطل (3).
وقد استدل به على جواز أن الكافر إذا أسلم وتحته أختان اختار منهما واحدة للحديث، ولأن أنكحة الكفار صحيحة، وإنما حرم الجمع في الإسلام، وقد أزاله بطلاق إحداهما، وصح النكاح كما لو طلق إحداهما قبل إسلامه (4)، ثم أسلم والأخرى في حياله، وهكذا الحكم في المرأة وعمتها أو خالتها، وبهذا قال الجمهور.
وقال أبو حنيفة في هذِه كما (5) تقدم في أكثر من أربع نسوة. كما تقدم (6).
[شرح سنن أبي داود لابن رسلان 10/ 36]
قال العباد:
أورد أبو داود هذه الترجمة: [باب فيمن أسلم وعنده نساء أكثر من أربع أو أختان] يعني: ما الحكم؟ الحكم هو: أنه يختار أربعاً ويفارق الباقيات، والأمر يرجع إلى اختياره، فقد يختار الأخيرات وقد يختار من أولهن ومن آخرهن، ولا يكون الأمر مبنياً على أن الأُوَل هُن اللاتي يكنّ معه، ومن كان بعدهن هن اللاتي يتركن، بل الأمر راجع إليه وإلى اختياره، وكذلك من تحته أختان فإنه يختار واحدة منهما ويطلق الثانية؛ لأنه لا يجمع بين الأختين، وسواءً اختار الأولى التي تزوجها أولاً أو الثانية التي تزوجها آخراً فإن الأمر يرجع إليه، وأكثر العلماء على هذا، وهو أن الاختيار إنما يرجع إلى الزوج كما هو مقتضى الحديث.
وبعض أهل العلم قال: إن الحكم أن يختار الأربع الأول، أو الأخت الأولى التي تزوجها، والأخيرات هن اللاتي يتم فراقهن.
ومقتضى الحديث: أن الأمر يرجع إليه في أن يختار، وسواء اختار من الأول أو من الأخيرات، أو من الأول ومن الأخيرات معاً، أو اختار من الأختين الأولى التي تزوجها أولاً أو التي تزوجها ثانياً.
[شرح سنن أبي داود للعباد 257/ 10 بترقيم الشاملة آليا]
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
رابعا: من أسلم على أكثر من أربع نسوة:
15 – ذهب الشافعية والحنابلة والمالكية ومحمد بن الحسن إلى تخيير من أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة، أو أختان، أو من لا يحل له الجمع بينهن بنسب أو رضاع، فيخير في إمساك من أراد منهن، بأن يمسك أربعا أو أقل، أو أن يمسك إحدى الأختين، وهكذا. ويفسخ نكاحه ممن سوى من اختارهن. (1) وذلك لحديث قيس بن الحارث قال: أسلمت وتحتي ثمان نسوة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك، فقال: اختر منهن أربعا (2) .
ولحديث محمد بن سويد الثقفي: أن غيلان بن سلمة أسلم وتحته عشر نسوة، فأسلمن معه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعا (3) . وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أن الكافر إذا أسلم وتحته خمس نسوة فصاعدا أو أختان بطل نكاحهن، إن كان قد تزوجهن بعقد واحد، فإن كان قد رتب فالآخر هو الذي يبطل. (1)
ودليلهم على ما ذهبوا إليه أن هذه العقود فاسدة، ولكنا لا نتعرض لهم؛ لأنا أمرنا بتركهم وما يدينون، فإذا أسلموا بطلت الأنكحة الفاسدة.
16 – ومن أحكام التخيير في هذا الباب وآثاره: أن الاختيار يحصل باللفظ الصريح (2) كأن يقول: اخترت نكاح هؤلاء، أو اخترت إمساكهن، كما يحصل بأن يطلق بعضهن؛ لأن الطلاق لا يكون إلا لزوجة.
كما يحصل إذا وطئها، وإذا وطئ الكل يتعين الأربع الأول للإمساك، وما عداهن يتعين للترك.
وخالف الشافعية (3) في اعتبار الوطء اختيارا؛ لأن الاختيار هنا كالابتداء، ولا يصح ابتداء النكاح واستدامته إلا بالقول.
وإذا لم يختر أجبر على الاختيار بالحبس أو بالتعزير بالضرب وغيره؛ لأن الاختيار حق عليه، فألزم بالخروج منه إن امتنع كسائر الحقوق.
وعن ابن أبي هريرة من الشافعية أنه لا يضرب مع الحبس، بل يشدد عليه الحبس، فإن أصر عزر ثانيا وثالثا إلى أن يختار. وإذا حبس لا يعزر على الفور. فلعله يؤخر ليفكر فيتخير بعد روية وإمعان نظر. ومدة الإمهال ثلاثة أيام. وليس للحاكم أن يختار على الممتنع؛ لأن الحق لغير معين، وهو اختيار رغبة، فكان من حق الزوج. (1)
ومن الأحكام كذلك: أنه إذا أسلم بعض زوجاته، وليس البواقي كتابيات، فينحصر تخييره في المسلمات فقط، وليس له أن يختار من لم يسلمن؛ لعدم حلهن له. (2)
ومن الأحكام أنه يلزم الزوج النفقة لجميعهن في مدة التخيير إلى أن يختار؛ لأنهن محبوسات لأجله، وهن في حكم الزوجات. (3)
[الموسوعة الفقهية الكويتية 11/ 72]