224 جامع الأجوبة الفقهية ص 265
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
ومشاركتي وضعت بجوارها(* )
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
94 – وعَنْ جابِرٍ – رضي الله عنه – قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ – ﷺ: «إذا تَغَوَّطَ الرَّجُلانِ فَلْيَتَوارَ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما عَنْ صاحِبِهِ، ولا يَتَحَدَّثا، فَإنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلى ذَلِكَ». رَواهُ. وصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وابْنُ القَطّانِ، وهُوَ مَعْلُولٌ.
——————-
* قال الشلاحي في التبيان:
قلت: كذا. قال: «رواه» ولم يذكر من خرجه كما في نسخة الزهيري، ووقع في نسخه محمد حامد فقي: رواه أحمد. ولم أجده من حديث جابر بهذا اللفظ، والمشهور أنه من حديث أبي سعيد الخدري. كما سيأتي.
وفي الباب عن المغيرة بن شعبة وعبد الله بن جعفر وأبي سعيد الخدري وجابر وعبد الرحمن بن أبي قراد وابن عمر وأنس ويعلى بن مرة ….. ثم ذكرها وهي شاهد للإبتعاد والتستر عند قضاء الحاجة
أما حديث أبي سعيد :
بين الدارقطني في العلل 2294 حيث ذكر أوجه الخلاف ورجح حديث عياض بن هلال أو هلال بن عياض عن أبي سعيد. وحديث عياض أعله أبوحاتم بأن الصواب أنه عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا .
وكذلك ذكر ابوداود هنا تعليل الرواية المسندة
مسألة1: الكلام أثناء قضاء الحاجة
♢- جواب ناصر الريسي:
♢- اختلف الفقهاء في مسألة الكلام أثناء قضاء الحاجة على أقوال:
الأول: أنه يكره إلا لحاجة، وهو مذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
الثاني: أنه يحرم، اختاره ابن عبيدان من الحنابلة ذكره صاحب الإنصاف.
الثالث: أنه لا يكره
♢- انظر: شرح فتح القدير (1/ 213)، درر الحكام (1/ 49)، التاج والإكليل (1/ 397)، المجموع (2/ 103)، الفروع (1/ 114)، الإنصاف (1/ 96).
♢- استدل أصحاب القول الأول بحديث أبي سعيد المتقدم في الباب والحديث لو صح لدل على التحريم، وليس على الكراهة، لكن قالوا: إن التحريم خاص بمن جمع كل أوصاف الحديث، رجلان يمشيان إلى الغائط كاشفين عن عورتيهما، يتكلمان، فمن فعل بعض موجبات المقت، فقد ارتكب مكروهاً.
قال الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 100): القرينة الصارفة إلى معنى الكراهة الإجماع على أن هذا الكلام غير محرم في هذه الحالة. انتهى
واستدلوا بحديث عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما-: “أن رجلا مر ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه” اخرجه مسلم (ح 370)، (1/ 281)
وجه الدلالة: سلم الرجل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم يرد عليه، ولم يتحدث معه، مما يدل على الكراهه للكلام وقت التخلي، والكراهة مأخوذة من مجرد الفعل، إذ هي غاية ما يدل عليه الفعل.
♢- وحجة من قال أنه لا يكره بأن الكراهة حكم شرعي، يفتقر إلى دليل شرعي، ولا دليل على الكراهة، والأصل في مثل هذا الإباحة حتى يثبت النهي من الشارع، ولم يثبت نهي.
♢- قال في مراقي الفلاح (ص: 22): ” ولا يتكلم إلا لضرورة”. انتهى
♢- قال النووي في المجموع (2/ 103): “وهذا الذي ذكره المصنف، من كراهة الكلام على قضاء الحاجة متفق عليه”. انتهى
♢- قال في تحفة المحتاج (1/ 171): والأقرب أن مثل التنحنح عند طرق باب الخلاء من الغير ليعلم هل فيه أحد أم لا؟ لا يسمى كلاماً، وبتقديره فهو لحاجة، وهي دفع دخول الغير عليه. انتهى
♢- قال الصنعاني في سبل السلام (1/ 111): “والحديث –حديث أبي سعيد- دليل على وجوب ستر العورة، والنهي عن التحدث حال قضاء الحاجة، والأصل فيه التحريم، وتعليله بمقت اللَّه عليه، أي: شدة بغضه لفاعل ذلك؛ زيادة في بيان التحريم، ولكنه ادعى في “البحر”: أنه لا يحرم إجماعًا، وأن النهي للكراهة، فإن صح الإجماع، وإلا فإن الأصل هو التحريم”. انتهى
♢- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (1/ 119):
“أنه لا ينبغي أن يتكلم حال قضاء الحاجة، إلا لحاجة كما قال الفقهاء رحمهم الله، كأن يرشد أحدا، أو كلمه أحد لا بد أن يرد عليه، أو كان له حاجة في شخص وخاف أن ينصرف، أو طلب ماء ليستنجي، فلا بأس”. انتهى
وسئل الشيخ عبد العزيز الراجحي كما في الفتاوى (4/8):
ما حكم الكلام أثناء قضاء الحاجة؟ وهل يفهم من حديث أبي هريرة جوازه؟
فقال: لا ينبغي للإنسان أن يتكلم أثناء قضاء الحاجة، وهناك حديث للنهي ما معناه: (لا يتناجى اثنان وهما على الغائط، فإن الله يمقت على ذلك)، والحديث يدل على التحريم، إلا للضرورة كأن يقضي حاجته ثم يرى أعمى سوف يسقط في الحفرة فهنا يتكلم، أما لغير ذلك فلا يجوز، أما حديث أبي هريرة فليس فيه أن النبي ﷺ تكلم وهو يقضي حاجته أو بعد قضاء الحاجة، لما أتى قال: (ائتني بغيرها).
* وفي فتوى لبعض لجان الفتوى:
فلا مانع من قراءة تلك المجلات أو الكتب داخل الحمام إذا كانت القراءة بدون كلام ولم يترتب على ذلك طول المكث في الحمام زيادة على قدر الحاجة. أما إذا كانت القراءة مصحوبة بكلام فالأولى تركها لأن الشخص أثناء قضاء الحاجة مشروع له الصمت وعدم الكلام. قال الحطاب في مواهب الجليل متحدثا عن حالة الشخص أثناء قضاء حاجة الإنسان: لأن الصمت حينئذ مشروع في حقه ولذلك لا يرد على من سلم عليه. انتهى.
كما ينبغي ترك تلك القراءة إذا ترتب عليها المكث في الحمام فوق الحاجة، لأن ذلك يجلب الضرر للشخص ففي الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي: وطول المكث على قضاء الحاجة يولد الداء الدوي. انتهى.
* وكذلك منعوا الاكل في دورات المياه:
فأما الأكل في دورات المياه والكلام فيها فإنهما مكروهان. لأن الآكل ينبغي له أن يسمي الله قبل أكله وأن يحمده بعده والدورات لا تصلح لأن يذكر فيها اسم الله. والله سبحانه أعلم.
*وكذلك لجنة الفتاوى المصرية قرروا الكراهة وقالوا:
ومحل كراهة الكلام إذا لم تكن هناك ضرورة أو حاجة تدعو إليه، كالتنبيه على خطر أو الرد على من ينادى ونحو ذلك، فإن وجدت فلا كراهة، والضرورة تقدر بقدرها
وفي سؤال لابن باز :
٣٦ – حكم رد السلام أثناء الوضوء
س: يقول السائل: هل الرد على المسلم، والرد على الأسئلة أثناء الوضوء جائز؟ (١)
ج: لا حرج إذا كان في غير محل قضاء الحاجة، إذا كان في محل غير محل قضاء الحاجة يسلم ويسلم عليه، ويجيب على الأسئلة وهو في محل الوضوء، لا في محل قضاء الحاجة
مسألة 2: ذكر الله أثناء قضاء الحاجة.
♢- اختلف العلماء في مسألة ذكر الله أثناء قضاء الحاجة على قولين:
الأول: أنه يكره ذكر الله تعالى حال قضاء الحاجة وهذا مذهب الجمهور.
الثاني: الإباحة والجواز وهو قول مالك ورجحه القرطبي وهذا المذهب منسوب إلى عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، والنخعي، وابن سيرين والشعبي.
♢- انظر: مراقي الفلاح (ص: 23)، البحر الرائق (1/ 256)، حاشية الدسوقي (1/ 106)، الخرشي (1/ 145)، المجموع (2/ 103،104)، المبدع (1/ 79)، الفروع (1/ 83)، الأوسط لابن المنذر (1/ 339)، تفسير القرطبي (4/ 311)، شرح مسلم للنووي (4/ 65)، وفتح الباري (ح142).
♢- استدل من قال بالكراهة بالتالي:
الأول: حديث أنس، قال: كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا أراد أن يدخل الخلاء قال: اللهم إني أعو بك من الخبث والخبائث. اخرجه البخاري في الأدب المفرد (692).
وجه الدلالة: أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان يتعوذ قبل دخول الخلاء، ولو كان الأمر غير مكروه لكان التعوذ مصاحباً للفعل عند الشروع في قضاء الحاجة، فلما قدمه على سببه علم كراهيته له فيه.
الثاني: حديث ابن عمر، أن رجلا مرَّ، ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – يبول، فسلم، فلم يرد عليه. صحيح مسلم (375).
وأجيب:
بأنه يحتمل أنه لم يرد عليه؛ لأنه على غير طهر، كما جاء في المهاجر بن قنفذ. فالحديث ظاهر بأنه لم يترك السلام بناء على أنه في حال البول، وإنما ترك السلام؛ لأنه ليس على طهارة؛ لأنه لو سلم بعد الفراغ من البول لم يرد عليه أيضاً؛ لأنه يصدق عليه أنه ليس على طهارة.
الثالث: من النظر، قالوا: إن في ذلك تكريماً لاسم الله سبحانه وتعالى، وتكريم
اسماء الله تعالى، وإبعادها عن الأماكن الخبيثة، وصونها عن ذلك من تعظيم الله سبحانه وتعالى، فإذا كان الإنسان يستحب له أن لا يذكر الله تعالى إلا على طهارة، كما تقدم من حديث ابن عمر تعظيماً لله سبحانه، وهي طهارة من الحدث، فتعظيم الله عن نجاسة الخبث من باب أولى.
♢- ادلة من قال بالجواز:
الأول: حديث عائشة قالت كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يذكر الله على كل أحيانه. اخرجه مسلم في صحيحه (373).
وجه الاستدلال: قوله – صلى الله عليه وسلم – في الحديث:: ” كل ” وكل من ألفاظ العموم. وقوله: ” أحيانه” أي أوقاته، وهي نكرة مضافة، فتعم كل وقت، ومنه حال قضاء الحاجة.
وأجيب:
بأن المقصود يذكر الله متطهراً ومحدثاً، وجنباً، وفي حال القعود والمشي، والقيام والاضطجاع، وليس المقصود أنه يذكر الله حال قضاء الحاجة، فهذه الحال مخصوصة من الحديث.
الثاني: قالوا: لا يوجد نص صريح في النهي عن ذكر الله، وقد شرع الله لنا ذكره في كل حال، وأمرنا أن نذكره ذكراً كثيراً، وحذر من نسيان ذكره، فلا نترك هذه النصوص إلا لنص صريح لا نزاع فيه.
الثالث: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا؛ فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً. متفق عليه اخرجه البخاري (6388)، ومسلم (1434)
وجه الاستدلال:
ترجم له البخاري في صحيحه بقوله: باب التسمية على كل حال، وعند الوقاع.
قال الحافظ في فتح الباري (1/ 242): فيه إشارة إلى تضعيف ما ورد من كراهية ذكر الله في حالين: الخلاء والوقاع . اهـ
قالوا: فإذا كان الإنسان يذكر الله حال كشف العورة في الجماع، فلا مانع من ذكر الله حال البول والغائط.
الرابع: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يقرأ القرآن، ورأسه في حجري، وأنا حائض. متفق عليه اخرجه البخاري (7549)، ومسلم (301).
وجه الدلالة: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقرأ القرآن، ورأسه في حجر عائشة، وهي حائض، فإذا كان قربه من النجاسة لا يمنعه أن يقرأ القرآن، لم يمنع حال قضاء الحاجة.
♢- وفي مواهب الجليل (1/ 275): روى عن مالك في العتبية: لا بأس أن يستنجي بالخاتم فيه ذكر الله. اه
♢- وجاء في البيان والتحصيل (1/ 71): ” وسألت مالكاً عن لبس الخاتم فيه ذكر الله، أيلبس في الشمال، وهو يستنجي به؟ قال مالك: أرجو أن يكون خفيفاً.
قال محمد بن رشد: قوله: أرجو أن يكون خفيفاً يدل على أنه عنده مكروه، وإن نزعه أحسن. الخ كلامه.
* وفي فتوي لبعض لجان الفتوى:
فبشأن قراءة آيات من القرآن في الحمام فإنه لا ينبغي ذلك تعظيمًا لكلام الله تعالى، قال الله تعالى: ذَلِكَ ومَن يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإنَّها مِن تَقْوى القُلُوبِ (الحج:٣٢).
وروى المهاجر بن قنفذ قال: رأيت النبي ﷺ وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى توضأ، ثم اعتذر إلي فقال: إني كرهت أن أذكر الله تعالى إلا على طهر.. أو قال على طهارة. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، قال النووي: وأسانيده صحيحة، قال البغوي في شرح السنة: فإن عطس على الخلاء حمد الله تعالى في نفسه، قاله الحسن والشعبي والنخعي وابن المبارك.
وقد اختلف أهل العلم في حكم قراءة القرآن حال قضاء الحاجة هل تحرم أم تكره فقط؟ والذي يظهر أنها تحرم، لأن ذلك يتنافى مع ما يجب من تعظيم الله وتعظيم أسمائه وصفاته وكلامه الكريم، وهو مذهب الحنابلة وقول للمالكية؛ لكن من قرأ شيئًا من القرآن بلا شعور في الحمام فلا إثم عليه، إلا أنه ينبغي أن يعود نفسه السكوت، بأن يستحضر عند دخوله الموضع الذي هو فيه، وأنه ليس موضع ذكر.
أما إذا كان المكان لمجرد الاستحمام فقط وليس لقضاء الحاجة، فلا حرج في ذكر الله تعالى فيه إن شاء الله تعالى
وفي المستدرك على الفتاوى 3/22 : نقل روايات عن أحمد في العاطس هل يحمد الله في الخلاء: قال القاضي: وفي هذا إذا عطس في الخلاء فقد نقل صالح وابن منصور يحمد في نفسه، ونقل بكر بن محمد يحرك به شفتيه في الخلاء…
قال ابوالعباس : ويحتمل أن تكون الروايتان معناهما الذكر الخفي عن غيره كما في الصلاة، ويحتمل أن يكون في المسألة روايتان: إحداهما في نفسه بلا لفظ، والثانية باللفظ
والله أعلم.
وراجع الفتاوى الكبرى 5/ 301
قال ابن القيم في زاد المعاد 1/136 :
وكانَ يَجْعَلُ فَصَّ خاتَمِهِ مِمّا يَلِي باطِنَ كَفِّهِ. وذَكَرَ الترمذي «أنَّهُ كانَ إذا دَخَلَ الخَلاءَ نَزَعَ خاتَمَهُ» وصَحَّحَهُ، وأنْكَرَهُ أبو داود.